Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البابا تاودروس البطريرك رقم45

ذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
خلفاء بنى أميه الفرع السفيانى
البابا أغاثون الـ39
أم معاوية آكلة الأكباد
المقريزى ومقتل عثمان
القديس يوحنا الدمشقى
الجامع الأموى كان كنيسة
البابا يوحنا3 الـ 40
البابا إسحق الـ 41
البابا سيمون الـ 42
البابا ألكستدروس 2 الـ 43
البابا قزما 1 الـ 44
زخارياس أسقف سخا
البابا تاودروس الـ 45
جرائم الأمويين ضد الشيعة
البابا شنودة والخلفاء الأمويين
ال
New Page 1205
New Page 1206
ولاة الأموين على مصر
البابا خائيل2 البابا الـ46
خلفاء بنى أمية - الفرع المروانى

 

الحكام المعاصرون
عاصر الخليفه هشام عبد الملك الذى عين الوالى عبد الرحمن خالد واليا على مصر وتولى جبايه الخراج

عبيد الله المتولى

 ثم الحر بن يوسف

ثم عبيد الله المتولى مره أخرى

 ثم القاسم ثم حنظله بن صفوان 119 هجريه 736م (وهذه ثانى مره يتولى على مصر)

ثم القاسم مره أخرى0

ثيؤودورس البابا رقم ( 45)
بعد أن توفى البابا قزمان عاد الأراخنه لينتخبوا من يجلس على كرسى مرقس الرسول ، ولما كانت سيره الراهب ثيؤودوروس العطره فقد كان رجلا صالحا وديعاً محباً لكل أحد حسن الصورة مثل ملاك الرب وقد سمع الأقباط بأوصافه فأحضروه من دير ابى يحنس الى الإسكندريه وصلوا ورشموة ووضعا الأيادي عليه وأصبح ثيؤودورس البابا رقم 45 أول أبيب 446 ش التى توافق 25 يونية 730 م ومما يذكر أن الكنيسة فى أيامه عادت إلى مجدها السابق كما لو كانت لم تنهب من المسلمين
نهاية والى مسلم شرير
وكان المتولى على جبايه الخراج عبيد الله يجمع الأموال بلا شفقه ولا رحمه وحدث غلاء وقل الدينار وعلت الأسعار وضاعف الخراج على الناس فثار عليه المسلمون ومضوا إلى الخليفه هشام وعرفوه ما فعل من الشرور فى أهل مصر أقباطا ومسلمين وما أحدثه من بلايا فغضب الخليفه عليه فعزله وأرسل أميراً ومعه جنود ومعه أمر بنفيه إلى بلاد البربر وينفى منها إلى مغرب الشمس فنفى عبيد الله ومعه إبنه إسماعيل ، وقد عزله الخليفه بعد إنتخاب البابا بمده قصيره ، وولى إبن عبيد الله الأكبر وإسمه القاسم مكان أبيه والياً على مصر .
وحدث أن عبيد الله بعد أن أقام مده فى المغرب كتب إلى هشام يستعطفه ويتوب إليه عما حدث منه وسأله أن يوليه على تلك البلاد فأرسل إليه أمراً أن يتولى على بلاد البربر بأفريقيا ورجع الظالم إلى ظلمه فكان يفعل أفعال الشر فأخذ بنات الناس الجمال وبنات أمراء البربر وأرسلهن إلى الخليفه هشام كسرارى ومعهن كتاب يقول فيه : " أنهم جوارى إشتراهن له سرارى " وكان يشق بطون النعاج إذا إقتربت من ميعاد ولادتها ويخرج منها الخراف بعد أن يجزهم ويأخذ صوفهم ثم يأخذ جلودهن ويعمل منهم فراء ويرسلها إلى الخليفه هشام مع كتاب يقول فيه : " أنه إبتاع هذه الأشياء "
وكانت النتيجه أنه أفنى نعاج هذه البلاد فتشاور عليه أهل البلاد من البربر وأعدوا خطه لقتله وقتل إبنه إسماعيل فقبضوا على إبنه إسماعيل أولا هو وسراريه ونساؤه وأولاده وكل ذريته وقتلوهم جميعاً قدامه وهو ينظرهم يشقون بطون نساؤه الحوامل قدامه ويخرجون الأجنه وفعلوا كذلك مع أولاده وإبنه شقوا بطنه قدامه وبعد أن شقوا بطن إمرأته وأخرجوا إبنه من رحمها ضربوا به أباه إسماعيل ثم أخرجوا إسماعيل الوالى من ديارهم وهم يشتمونه ويلعنوه ثم قتلوه أمام أبيه عبيد الله ثم قتلوا أبيه وكل من له بالطريقه السابقة.

والى مسلم مستبد
ثم تولى الحر بن يوسف جبايه الخراج ، وكان مثالا للحاكم المستبد وكان ظالما على الأقباط والمسلميين إلا ان ظلمه للأقباط كان أضعاف ظلمه للمسلميين ، وحدث أن حصل الأقباط على إذن ببناء كنيسه ، فقاموا ببنائها فى مصر القديمه على إسم مار مينا فغضب المسلمون وثاروا 0
لأنهم لا يرضوا ولا يسمحوا ولا يتنازلوا للأقباط المصريين الوطنيين أن يبنوا مكان للعباده (كنيسه) تدعوا للحب والتسامح والأخاء والسلام فى وطنهم وعلى أرضهم ، وليس مكان عباده الشيطان والشر، الكنيسه مكان لا تقال فيه كلمه واحده عن العداء للآخرين ولم يقتل فيه أحدا منذ إنشائه ، هذه الكنيسه يبنيها المواطن المصرى القبطى الذي إستوطن الأرض منذ فجر التاريخ ، منذ أيام مصرايم بن حام بن نوح صاحب الفلك الشهير ، والسؤال العجيب الذى يدور فى رأس العربى أوالمسلم كيف يحق للمصريين (الأقباط) أن يبنوا كنيسه فى مصر ؟ ولا يستطيع عاقل أن يذكر سببا واحدا للمنع لأنه إذا قال محمدا صاحب الدعوه الإسلاميه إستوصوا بالقبط خيرا فلا بد أن يكون هناك قبط والقبط لا يكونون قبط إلا بالكنائس لأنهم قوم مسيحيين فإذا منعوا من بناء كنائس فهذا مخالف لصميم الدين الإسلامى وقواعده فإذا لم يتقوا الله فى الأقباط بإباحه تشييد الكنائس، فالله سميع لدعاوى المظلوميين وهم القوم الخاسريين الظالمين ومحمدا نفسه حذر أن من يحيد عن الطريق المستقيم الذى رسمه لهم انه فى يوم القيامه سوف يتبرأ ممن يفعل ذلك ويقول لهم : سحقا .
وبعد أن ثاروا بسبب الكنيسه أصروا أن يذلوا الأقباط أكثر وبإضطهاد أفظع ، وهنا أعلنت السماء غضبها على أرض مصر فأسكتت الناقميين وهدئ الساخطيين المسلميين فقد حدث جوع شديد وقحط فى البلاد ، وضرب الله مصر بالوباء الذى تفشى بين السكان فمات من الجوع والوباء عشرات الألوف من السكان ، وخلت الشوارع من الماره وقضت الضربتين على قري بأكملها حتى أنه لم يستطيعوا دفن الجثث من كثرتها، وجاء نقل الحر الى ولايه أسبانيا وتولى عبيد مره ثانيه مصر وإستمر على سياسته فى تصفيه أهل البلاد الأقباط ، إلا أنه كان مندهشا من تمسك المسيحيين بالمسيح ، فبالرغم من إستبداده لم ينكروا الإيمان والأقباط معروفين بحبهم للأفضل ، وبالرغم من إستبداده كانت عندهم صلابه وقوه فى الإيمان .
والى مسلم يريد زيادة عدد المسلمين على عدد الأقباط بمصر
وكان عبيد يريد ان يزيد عدد المسلمين عن عدد الأقباط فى البلاد ، حتى ولو كان دخولهم الى دينه مظهريا بسبب الجزيه أو بالإرهاب والإضطهاد أما الدخول فى الإيمان المسيحى فيشترط فتره إختبار قبل الموافقه على الإنضمام للمسيحيه ، للتأكد تماما من محبته لسيدنا المسيح ، ولم يتزايد عدد المسلمين بل خيب الله آماله ، فقد نقص عدد المسلميين بشكل ملحوظ بعد الوباء والقحط ولما رأى ذلك إستقدم ما بين 5000 - 20000 من العرب معظمهم من قبيله القيس وإستقر العرب فى منطقه الحوف فى الشمال الشرقى من الفسطاط وأذن لهم بنهب البلاد وسلب ما تصل إليه أيديهم الطماعة الخطافة على الطريقه القبليه ، هذا غير أعداد الجنود وأسرهم الذين كان يحضرهم كل والى من الولآه الذين حكموا مصر وكان عدد الجنود يتراوح ما بين 3000 - 10000 جندى وكانوا يستوطنون مصر بقصد زياده عدد المسلمين فيها ، وقد توهم الوالى أن العرب الذين أحضرهم سيكونون عزوه له على أهل البلاد ، وأنه قوى مركزه بهم ، إلا أن العرب الذين أحضرهم تمردوا عليه وثاروا ضده فى كل مناسبه ، وكان مقيدا فلا يستطيع إتخاذ إجراء وحشى معهم ، للشعور العربى بالتفوق على سائر الجنسيات ، كما أن الحياه فى الوادى لا تتوافق مع أسلوبهم فى الحياه ، فلم يتخذ أساليب الردع المتاحه ، فصارت البلاد فى حاله فوضى .

مما أغضب الشعب بكل طوائفه أقباط ومسلميين ، فرفع المسلمون شكواهم الى الخليفه ، فنقله الخليفه الى بلاد البربر فى شمال أفريقيا ، ثم عين الخليفه القاسم إبنه الأكبر واليا على مصر فعم السلام ربوع الوادى ، ثم عزله وعين الخليفه هشام على مصر حنظله ابن صفوان واليا للمره الثانيه سنه 119 هجريه 736 ، ومن الطريف ان المؤرخين قالوا عنه أنه إسم على مسمى، اى ان أفعاله تشابهت مع إسمه ، وكان تولى هذا المنصب من قبل فى عهد الخليفه يزيد ، ولم يتتبع حنظله الخط العادل الذى سار عليه الخليفه ، بل رفع الضرائب ولم يقتصر أن يجبى الضرائب من الآدميين، بل فرض ضرائب على الحيوانات بعد ان قام بإحصائها ، وفرض أيضا ضريبه دمغه على الإيصالات ثم أمر بوسم كل قبطى بميسم من نار كما تكوى الحيوانات علامه لها0 وأرد حنظله أن يبنى قصرا بالفسطاط فإستخدم الأقباط لما لهم من مهاره وخبره فى البناء ، وضغط عليهم ضغطا شديدا وأضاف هذا العمل الى ما فعله سابقا فثار الأقباط عليه فى مدن ، بناوصا ، وسمنود ، وما يجاورها وفى الصعيد قبضوا على جباه الخراج وطردوهم ، وحدث قتال بين جنود الوالى والأقباط قتل فيه كثيرون 0

ومن المعتقد أن القاسم إبن الخليفه الكبير تولى مره ثانيه بعد حنظله ، وكان قد حكم البلاد بالعدل فتره حكمه الأولى إلا ان هذا لم يكن مسموحا به فى الغالب كسياسه عامه للولاه ، فقد كان الخليفه يحكم على سياسه الولاه ويراقبهم من بعد ، فكان تقديره لهم أو غضبه عليهم مبنى على شقيين ، الأول هو مدى قدرة الوالىعلى إدخال أكبر مبلغ الى بيت المال ، هذا بجانب ما كان يجبيه الوالى من مال لنفسه بسرعه لعدم ضمان إستمراره فى منصبه ، والشق الثانى مدى تنكيل الوالى للأقباط أهل البلاد ووحشيته معهم ، ولا يوجد أدنى شك فى مدى بربريه هؤلاء الولاه كما لا يوجد سبب واحد مقنع أورده كتاب التاريخ المحدثين لتبرير ما فعله هؤلاء الهمجفى شعبنا القبطى ، وهذا كان واضحا فى إختلاف معامله شخص مثل القاسم تولى مرتين كان فى المره الأولى عادلا فلم يرضى عدله جهات الحكم الديكتاتوريه ثم أظهر وحشيته فى مده رئاسته الثانيه فنال رضاء الحكم ، ويقول المؤرخين أن قسوه هذا الوالى لم تظهر إلا بعد موت البابا ثيؤودورس الذى تنيح فى 7 أمشير 444 ش 738م وقال المؤرخون أن القاسم كان يحكم بالجلد علنا على كل من لا يؤدى الضرائب والجزيه والخراج المفروض عليه ، ويذكر المؤرخيين أن هشام كانت سياسته حكيمه على خلاف سياسه عماله(الولاه الذين عينهم ) وقد كان يحاول كسب ود الأقباط ولما ظلوا بدون بطريرك فتره من الزمن، أمر الخليفه بتنصيب رئيس دينى (قائم مقام) عليهم ، وأمر أيضا بتسليم كل شخص سدد ضرائبه حجه أو شهده رسميه بإسمه تفيد بتسديده الضرائب ويقول عنه ساويرس المؤرخ حتى: " لا يظلم أحد ولا يكون فى مملكته ظلم " وقال عنه أيضا: " كان هشام رجلا خائفا من الله على طريق الإسلام وكان محب لسائر الناس0(أقباط ومسلمون ص95)
ويل للأمة التى يحكمها صبى
وكان الوالى صبياً حديث العمر غروراً إسمه قاسم هو إبن عبيد الله الوالى السابق فالشجرة الردية لا تصنع ثمراً حسناً فقد شابه أباه فى الشر ومن أعمال هذا الوالى الصبى المسلم , أنه كان محبا للنساء جداً فجعل له سرارى من كل جنس وكل لون ليس لهن عدد ولا يمكن حصرهن وكان قلبه ملتهبا بالشهوه وكان يرسل لإحضار البابا تاودروس إليه مرات عديدة فيذهب هو والأنبا مويسيس وكان القاسم يحب البابا جداً ولكن ما يفعله بدعوى أنه مسكين مثل خروف كان أفعاله فى الحقيقة ذئب فى ثياب حمل وكان فى كل مرة يحضر الصغار من السرارى ليبارك عليهن البابا ويقول له : " هن أولادك ضع يدك عليهن وباركهن وأعطهن البركة لأنى إشتريتهن جدداً "

وفى إحدى المرات كان الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والأرصينوبتس مجتمعاً مع البابا لأجل أمراً مهماً فدعاهما إلى قصرة ولما وصلا إلى القصر أدخل واحدة من سراريه وكانت مغربية وقال لأبينا الأنبا إبرآم وقال له : " هذه إبنتك " وجعل يده فى يدها ويقول عنه إبن المقفع أن قلبه كان مثل قلب الأطفال وقال له : " أنت تعلم إننى أحبك جداً منذ زمان أبى وكل ما كنت تطلبه من أبى أفعله لك " فقال الأسقف الأنبا أبرآم : " نعم " فقال له : " أريد منك 300 دينار " فذهب الأنبا ابرآم إلى تلميذه الإرشدياكون سمعان ( تسلم الأسقفيه من بعده ) فقال سلمه 300 دينار فأحضرها وسلمها للقاسم وكان عنده مال كثير لأن كرسية كان يمتلك خمسة وثلاثون فداناً وهو المتولى عليهم وخراج الأرض 500 دينار وكان تجار مصر يبيعون ويشترون منه وقال له القاسم : " لقد أكرمتك بأن جعلت زوجتى لك إبنه ألا تدفع لها شيئاً تكرمها به " فأعطاها مائه دينار فى يدها " وحسبها من الخراج الذى عليه .

ولجهله وصغر سنه وحماقته تضاعف الظلم على الناس فى أيامه وولى ولاه فى القرى والمدن أشر منه وكانوا يجمعون أموال الغرباء من الإسكندرية إلى أسوان وقال ابن المقفع يصف الحالة التى وصلت إليها مصر : " وألقى على الناس بلايا عظيمة فى كل المدن والقرى الصغار والكبار , وكان الكبير يأكل الصغير والقوى يأكل الضعيف , وأصبح الناس مثل سمك البحر , وكانوا يأكلون المستورين ويأخذون أموال الناس حتى ضاق المصريين " سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس1904 ج2 ص 140
وأمر بصناعه مراكب ملكية مثل قصور الملوك وزينها ووضع فيها الأثاث الفاخر وجهزها بالرياش والأمتعة وكان يركب فيها هو وعبيده ونساؤه وجنوده ويبحر إلى الأسكندريه وتنيس ودمياط فيأخذ أموال التجار والناس فيها ثم يبحر إلى الصعيد حتى أسوان وكان يسير وبصحبته الجند والحاشية وذهب إلى ملعب أنصنا

وحدث وهو فى قمة مجده أنه وصل إلى دير الأنبا شنودة فذهب إليه ومعه سرية واحدة كان يحبها أكثر من جميع سراريه ومماليكه وكانت تركب فرساً وكان هو يركب فرساً آخر وكان بصحبتهما شيخ كبير المسلمين إسمه ريان بن عبد العزيز فلما وصلوا إلى بابا الدير خرج للقائهم شيخاً راهباً هو رئيس الدير , فقال إنزل : " أيها الأمير لا تدخل إلى بيت الله بهذه الكبرياء , وخاصه هذه المرأه التى معك لأنه لم تدخل إمرأه وخرجت حية بل تموت فى الحال " فلم يلتفت إلى كلامه ولم يسمع له ودخل ومعه جيشة وكانت الكنيسه والأرض كبيره جدا تسع ألافا فلما وقف فى وسط الأرض وهو راكب فرسه فى عظمه وكبرياء , ضربهما الرب فنفرت الفرسه التى كانت تركبها المرأة فوقعت على الأرض على المرأة وماتت هى والفرس , أما القاسم فنزل عليه روح شيطانى نجس رماه وخنقه وحيطه حتى خرج الزبد من فمه وصر بأسنانه مثل خنزير برى , وإستمر على هذا الحال فترة من الوقت حتى هدأ ورجع إلى طبيعته , ولما فاق وعلم بما حدث نظر إلى الشيخ رئيس الدير أخرج من كيسه 400 ديناراً أعطاه لرئيس الدير 0

أما ريان شيخ المسلمين وكبيرهم رأى تابوت خشب ( كانوا فى القديم يصنعون هذه الصناديق لحفظ أشيائهم الثمينة ) مصنوع من خشب الياج مطعم بالعاج عليه رسم جسد الأنبا شنودة وكانوا يضعون فيه الكتب وكان قطعه فنية تجذب النظر , وكان فيما يبدوا أن راهبا يدعى شنودة صرف لصناعته أموالا كثيرة , فقالوا : " لن تستطيع أخذه , لأن الذى نذره هنا منع خروجه " فقال : " لا بد أن أخرج من هنا بثمن أو هدية " فأمر عشرة رجال أن يحملوه فلم يقدروا ثم أمر بعدد من الرجال الأشداء أكبر فلم يستطيعوا تحريكه وكان عددهم 30 رجلاً , فلم تأكد أنها أعجوبه دفع لهم 300 ديناراً
وخرجوا بخوف أما الروح النجس فلم يفارق قاسم الوالى إلى يوم وفاته 0
ولم تكن نكبه مصر فى صغر سن واليها وعربدته وظلمه للأقباط بل أنه نكبت أيضاً من غلاء عظيم فلم يفيض النيل كالمعتاد فجفت الأرض ولم يستطيعوا زراعتها لعدم وجود ماء وعم الناس غلاء شديد فقل القمح حتى كاد يختفلا ولم يجدوه ليشتروه فمات عدد كبير من الناس من شده الجوع , وجاء فى أثر الوباء فى السنة التالية وباء لم تواجه مصر مثله من قبل , وأثناء هذه النكبات لم يرحم القاسم الأقباط بل كان يزداد فى ظلمه ويفرح بشره وضاعف الخراج على الأراضى فى الوقت الذى لا يستطيع الناس زراعتها ويقول ابن المقفع يصف حاله الناس وما آلت إليه أوضاعهم المعيشية فقال : " وكان الناس إذا ناموا ليلاً يخاف من ضوء الصبح ويريدوا أن يمتد الليل حتى لا يواجهون بلايا جديدة " سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس1904 ج2 ص 141
وفى السنه التاليه إنخفض النيل ولم يستطع الناس زراعة محاصيلهم ولم يرى الناس فى أيام قاسم الوالى خلاصاً سنة وباء وأخرى جوع وغلاء
وفى السنة السابعة كان الوباء من أول هاتور كل سنة إلى الثانى والعشرين من بؤونة 00 ولما كان ثامن يوم من بشنس حتى أول يوم من بؤونة حل على الناس الموت ولم يستطع أحد إحصاء من ماتوا ففى مصر والجيزه فقط كان يموت كل يوم ما بين ألفان إلى ألفان وأربعمائه ولم يستطيعوا دفن هذه الأعداد الكبيرة من الناس يومياً ولم يكفى الناس الموت بل ضايق الخليفة الناس فقد أصدر أمراً بأن لا يدفن إنسان حتى يسجل إسمه وإسم والده حتى ولو كان طفلا يرضع من أمه
ولم يكن أمام شعبنا القبطى إلا أن يرفع قديسيه فى البرارى والقفار وكل أرض مصر صلواتهم إلى الرب أن يرفع عنهم الوباء والغلاء ويرحمهم0

أخبار الكنيسة الملكية

ع
ندما توفى البابا ثيؤودوروس 45 لم ينتخب الأقباط بطريركا غيره لحدوث خلاف بين إكليروس مدينة الإسكندرية وباقى كهنة القطر المصرى .

وكانت الكنيسة الملكية البيزنطية ( اليونان والصرب ) قد فقدت تقريبا مصر فقد إنضم كثير من تابيعيها إلى الأقباط , وتقول مسز بوتشر : " فسعى رجالها إلى إسترجاع ما فقدوه من سلطة بوضع اليد على إيراد الكنيسة القبطية الذى كاموا يأخذونه قبل أن تزول دولتهم البيزنطية ويهرب بطريركهم بطرس منذ ستين سنة مضت ومن قبله يوحنا الملقب بالرحيم , اما الكنيسه الملكيه (الأروام )عرفوا بطريقه ما بمغادره الوالى فعقدوا مجمعا بمصر (بابليون) وأحضروا ثلاثه أشخاص ليختاروا واحدا منهم ، ليجعلوه بطريركا لهم ، وفى النهايه إستقروا على واحدا منهم يدعى قزمان كان يعمل خياطا لا يعرف الكتابه ولا القراءه ليكون بطريركا لهم وقال مؤرخوا الكنيسه الملكيه البيزنطيه ( الأروام اليونانيين): " أن الأفكار والرشاوى وغيرها من الألاعيب كانت السبب فى إنحطاط وتدهور الكنيسه الملكيه فى مصر " (تاريخ الأمه القبطيه ص181)، فجمع الملكيين مالا وقدموه للقاسم الوالى قبل سفره ليأمر بإقامه قزمان بطريركا لهم ووسموه مفتخرين على الأقباط بسرعه حيلتهم وتصرفهم ، مع أن قوانين الرسل تقضى بعدم وضع اليد على أحد بعجله ( بسرعه)

ودليل على إنحطاط أفكارهم هو تقهقر كنيستهم وتدهورها كما شهد بذلك مؤرخوا الأروام أنفسهم فقد قالوا : " أنهم بحثوا وقتئذ على رجل يعينونه بطريركاً لهم فلم يجدوا أحداً يبيق غير خياط إسمه قزما لا يعرف الكتابة ولا القراءة , ولما تمت رسامة هذا البطريرك الأمى أرسل وفداً إلى الخليفة هشام وهو يعتقد أن الخليفة ميال إلى جانبهم , وقال فى شكواه : " أن الأقباط إعتدوا على كنيستة (على حسب زعمه ) فى زمن الفتح العربى الإسلامى وأن الأقباط جردوهم من إيراداتهم وكنائسهم ومقتنياتهم وحتى وطنيتهم ولقبوا أنفسهم بالكنيسة الوطنية وهو لقب لا يحل لهم " وطلبوا من الخليفه إعادة هذه الحقوق

وحدث فى هذا الوقت أن أرسل قزمان بطريرك الملكيين ( الأروام) وفدا الى الخليفه هشام شكوى يقول فيها: " ان الأقباط إعتدوا على كنيسته فى زمن الفتح العربى الإسلامى ولقبوا أنفسهم بالكنيسه الوطنيه وهو لقب لا يحل لهم ، وإدعوا أن البابا بنيامين القبطى وخلفائه جردوهم من إيرادات الكنائس التى إستولوا عليها ومقتنياتها كما أن الأقباط سلبوا حقهم فى وطنهم ، وأولويتهم فى المواطنه وطلبوا من الخليفه إعاده حقوقهم المسلوبه0" ( من المعروف تاريخيا أن خسارتهم راجعه الى هروب بطاركتهم يوحنا الرحيم وهو قبرسى المولد ومعين من القيصر وكذلك البطريرك من بعده بطرس مع الجيوش البيزنطيه المنسحبه من الأسكندريه ، ومعروف أيضا أنهم الطبقه الوسطى بين المصريين والمحتليين الأروام والطبقه الوسطى تدين بديانه المحتل وإنتمائها لا يكون لمصر لأنهم يونانين أو من الصرب بل إنهم يعبرون عن أراء وأفكار غريبه عن مصر ، كما أنهم خليط من اليونانيين الذين تزاوجوا مع الأقباط ) فصادف طلبهم رضاء الخليفه ، للأنه وجد قوه مسيحيه تقف أمام الكنيسه القبطيه ، فإتبع الحاكم فلسفه الحكم فرق تسد ، فاكرم قزمان الملكى وأصدر أمرا الى والى فى مصر بتسليم كنايس الأقباط الى الملكيين وتنفيذ الأمر حرفيا ، إلا أن الوالى لم ينفذ الأمر حرفيا بل أخذ الكنائس الهامه ذات الإيرد العالى والكبيره فى الحجم مثل الكنيسه القيصريه الكبرى وكنيسه الملائكه بالإسكندريه اللذان بناها الأقباط ، عندما أخرجهم الأباطره الرومانيون من قيصريه0 صادف هذا الطلب قبولا فى نفس الخليفة هشام فقد كان يترقب الفرصة لينقض على الأقباط وتفتيت قوتهم وضرب المسيحيه بالمسيحية ولا شك أن الأروام وشدة كرههم للأقباط كان السوط الذى كان يستخدمه المسلمين لتقطيع قوه الأقباط وكسرها وإذا كان الأقباط فد قاموا بالثورة عليه فلا شك أن طلب قزما البطريرك كان فرصة لا تعوض , فأصدر الخليفة أمراً لوالى مصر بوضع جميع كنائس نصر وكل متعلقاتها وأملاكها وأراضيها فى قبضة هذا البطريرك الجاهل .

ولما تسلم الوالى هذا الأمر لم يستطع تنفيذ هذه الأوامر الجائرة حرفياً وبالكامل , ولكنه تحايل على الأمر بإعطاء أكثر الكنائس ثروة وأكبر الكنائس عنوة من أيدى الأقباط وأعطاها إلى الأروام فلم تكن يد المسلمين على الأقباط فحسب بل أن الأروام كانوا ينتهزون الفرصة لأخذ ممتلكاتهم , فأخذ الأروام الكنيسة القيصرية الكبرى , وكنيسة الملائكة بالأسكندرية والتى كان الأقباط قد بنوها عندما أخرجهم الأباطرة الأروام من الكنيسة القيصرية فى زمن مجدهم وعتوهم وجبروتهم .
وعزل الخليفة هشام حنظلة من ولاية مصر ونقله إلى ولايه شمال أفريقيا وتولى حفص بن الوليد ولاية مصر فكان أول ما فعله أنه أمر بإلتئام مجمع الأساقفة الأقباط فى بابليون لأنتخاب بطريركا وكان الخلاف بين إكليروس الأسكندرية وأساقفه بابليون لم يزال مستحكماً
بشاعة أعمال السحر
إن الشرير يبحث عن الشر فيعذب الناس , والشيطان يجذب الشرير الذى يسهل إغراؤه , وما كان من السهل أن يدخل إلى يهوذا تلميذ المسيح الذى قيل عنه بعد أنه بعد أخذ اللقمه من المسيح دخله الشيطان , والسحر هو أعمال شيطانية , وما حدث فى هذا العصر إنما يقشعر من معرفته الإنسان , ويشمئز من خبر سماعه .
حدث أنه بعد سابع سنة من سنين الجوع والغلاء والوباء أنه بعد أن إشترى التجار القمح كثر القمح فى الأسواق , فمضى التجار إلى شماس ساحر يستخدم الشيطان فى أعمال السحر وكان غنياً جداً , ودفعوا له مالا كثيراً ليعمل عملاً ويصنع سحراً ( يعمل بيحراً ) يرفع سعر القمح فيغلى وتدر عليهم أرباح طائله من المخزون الذى إشتروه بسعر عالى .
وكانت هناك أرملة فقيرة لها إبن يتردد على كتاب ( فصل لتعليم الأطفال الكتابة والقراءة ) ومن شدة وطأة الجوع لم تعد قادرة على توفير الأكل والشرب لها ولإبنها ومن الظاهر أن زوجها كان قد مات فى سبع سنين المجاعه والوباء فقال لها : " أنت لست قادرة على إطعام إبنك إعطية للشماس يجعله له ولداً ويعلمة صنعته " فأعطته إليه على أن يزورها إبنها كل يومين مرة أخذ الساحر الولد إلى بيته وأغلق الباب عليهما ووضعه فى خزانة ( حجرة مغلقة ليس لها نوافذ ) وعلقه بيديه ورجليه بعيداً عن الأرض وكان يسلخ كل يوم جزء من جلده غير ملتفت إلى صراخ المسكين وآلامه المبرحه , وقد إبتدئ من وجهه حتى رأسه ووصل إلى قطع جلد أكتافه , وقال إبن المقفع سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس1904 ج2 ص 124
أنه بعد أن كثر القمح قل توفره وكاد يختفى من الأسواق وإبتدئ التجار بيع المخزون عندهم , ومضى صبى من الكتاب إلى المرأة وقال لها : " إن إبنك لم يحضر لعدة أيام فأين هو ؟ " فقالت أنه لم يأتينى أيضاً لعده أيام " فقامت وذهبت إلى الشماس الساحر لتسأل عنه فلم تجده عنده فقال لها الساحر : " أنه خرج من عندى ومضى إليك ولم أعلم عنه شيئأً , فلما سمعت الأم هذا ذهبت تبحث عنه وهى حزينه فى الطرقات وظنت أن معلم الكتاب حجزه عنده فذهبت إليه فلم تجده 0 ولم يعد لها رجاء فى أن يرجع إليها 0
وكان الصبى لا يزال معلقا ولم يمت وقد سلخ كثيراً من جلدة داخل الخزانة وكان للساحر صبياً آخر وكان زكياً وكان الصبى يرى معلمه يدخل فى أوقاتاً معينه يدخل إلى الخزانه ثم يخرج , فتحرك فضول الصبى فقال فى قلبه : " ماذا يصنع معلمى فى هذه الأيام , يدخل الخزانة ثم يخرج ؟ " ودخل الساحر للخزانه وتبعه الصبى بمكر , فسمع إبن الأرملة يبكى بدموع غزيره ويتضرع إلى الساحر أن يتركه وهو لا يرحم , وكان ينوح على نفسه ويقول كلاما يحزن القلب قائلا: " الويل لك يا أمى الحزينة الأرملة , لأنك لا تعرفين ماذا حل بى ؟ - الويل لبطنك التى حملتنى وثدياك اللذين أرضعانى , أين أنت تنظرين عذاب إبنك اليتيم ؟ - ليتنى مت وأنت حاملة لى ولم تلدينى على الأرض - فأنا لم ألاقى إلا هذا العذاب الشديد - أين عيناك تنظراننى ؟ - هل تستطيعى أن تشاهدانى فى هذا العذاب الشديد ؟
فخرج الصبى مسرعا وخائفاً على حياته هو الآخر من هذا الساحر الشرير , وذهب إلى الأرملة يخبرها بما رآه وقال لها : " لقد وجدت إبنك " فذهبت مسرعه إلى الوالى وعرضت عليه قضيتها وكل ما حدث , فأرسل معها قوما من المسلمين ومعهم كتيبه من الجند وذهبوا إلى بيت الساحر , فوجدوه داخل الخزانه التى فيها الصبى معلقاً مسلوخاً من رقبته إلى كتفيه lh ما بين حى وميت فحملوه وقبضوا على الساحر وربطوا يديه ورجليه وذهبوا به إلى الوالى وسألوه فلم ينطق وحاول أن يلقى التبعه على التجار وإدعى أنهم أغروه ورشوه على فعل ذلك لكى يزداد الغلاء وترتفع الأسعار فقطعوا أذنيه أمام الوالى فإعترف بكل ما حدث , فكتبوا إلى القاسم الوالى بما حدث فأمر برجمه وحرقه بالنارحيا 0

أميراً عربياً مسلماً يحتل ديراً ويبصق على الصليب

ظل والى مصر القاسم على طريقته فى إدارة أمور البلاد من سئ إلى أسوأ وكان محباً لجمع الذهب وحدث فى أيام حكمه أن قبيلة من العرب المسلمين الذين جلبهم الولاه السابقين بعد خلو مناطق كاملة من أرض مصر, كانت تستوطن منطقة من الجبل الشرقى من مصر حتى بلبيس وبسطت يدها إلى القلزم والبحر وكانوا يكونون قوة حربية فمنهم يتكون ثلاثين ألف فارس منتشرين فى تلك البرارى وينقسمون إلى أمراء ورؤساء وولى القاسم عليهم رجلا إسمه أبا جراح , وأقام جنوده خيامهم فى منطقة تانيس وكان بالقرب من خيامهم دير على إسم السيدة العذراء كريم , وكان يقطن هذا الدير فى ذلك الوقت رهباناً قديسين الذى منهم آفا مينا الذى صار فيما بعد أسقف مدينة منف ةآفا يعقوب القس أما الأغومنس ( رئيس الدير ) إسمه أبيماخس وكان لـ أبا الجراح أخوان فأخذهما وإقتحم الدير ودخل الكنيسة وطرد الرهبان منه ونهبوا كل ما فى الدير من قماش وقمح ومخزون الطعام وأثاث , وكان أخوه الصغير أشر منه , وحدث أنه كان فى حجرة الأغومنس صليب منصوب فى الشرق يستعين به على الشياطين المقابلين له فى كل وقت فقال الصبى للأغومنس : " ما فائدة هذا الصليب ؟ " فقال : " هذا صليب المسيح إلهى " فقال: " أنت تعبد المسيح " فقال له : " نعم "... فبصق على الصليب !! وإستهزأ بالأنبا أبيماخس وشتمة وعيرة فخرج من الدير وهو حزين وقال : " إن لم يأخذ الرب حقه وحقى من هذا الصبى فلن أعود إلى الكنيسة كل أيام حياتى ثم ذهب إلى مكان آخر وأقام فيه وقال فى نفسه إنى أصبر عشرة أيام وأنظر ماذا سيفعل الرب وبعدها أمضى ولا أرجع , وفى اليوم الثامن دخل إلى الحمام فنزلت أحشاؤه منه وخرجت أمعاؤه من بطنه , فلما شاهده أخوه خاف وخرج من الدير ولحق الخوف كل من سمع بإنتقام الرب منهم , أما أبا الجراح فبحث عن القديس أبيماخس وأعاده إلى ديرة ممجدا وأعاد إلى الرهبان جميع ما أخذوه منهم ووقع خوف الرب على المسلمين لمدة طويله 0

This site was last updated 12/23/11