*******************************************************************************************************************************
الجزء التالى منقول (أ. هـ ) من كتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الناشر : مطبعة السعادة - مصر الطبعة الأولى ، 1371هـ - 1952م تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد عدد الأجزاء : 1
*************************************************
فوائد منثورة تقع في التراجم و رأى المؤلف ذكرها مجتمعة أنفع
قال ابن الجوزي : ذكر الصولي أن الناس يقولون : إن كل سادس يقوم للناس يخلع
قال : فتأملت هذا فرأيته عجبا أعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه و سلم ثم قام به بعده أبو بكر و عمر و عثمان و علي و الحسن فخلع ثم معاوية و يزيد بن معاوية و معاوية بن يزيد و مروان و عبد الملك بن مروان و ابن الزبير فخلع ثم الوليد و سليمان و عمر بن عبد العزيز و يزيد و هشام و الوليد فخلع ثم لم ينتظم لبني أمية أمر فولي السفاح و المنصور و المهدي و الهادي و الرشيد و الأمين فخلع ثم المأمون و المعتصم و الواثق و المتوكل والمنتصر و المستعين فخلع ثم المعتز و المهتدي و المعتمد و المعتضد و المكتفي و المقتدر فخلع مرتين ثم قتل ثم القاهر و الراضي و المتقي و المستكفي و المطيع و الطائع فخلع ثم القادر و القائم و المقتدي و المستظهر و المسترشد و الراشد فخلع هذا آخر كلام ابن الجوزي قال الذهبي : و ما ذكره ينخرم بأشياء :
أحدهما : قوله : و عبد الملك و ابن الزبير و ليس الأمر كذلك بل ابن الزبير خامس و بعده عبد الملك أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة و الآخر خارج لأن ابن الزبير سابق البيعة عليه و إنما صحت خلافة عبد الملك من حين قتل ابن الزبير
و الثاني : تركه لعد يزيد الناقص و أخيه إبراهيم الذي خلع و مروان فيكون الأمين باعتبار عددهم تاسعا
قلت : قد تقدم أن مروان ساقط من العدد لأنه باغ و معاوية بن يزيد كذلك لأن ابن الزبير بويع له بعد موت يزيد و خالف عليه معاوية بالشام فهما واحد و إبراهيم الذي بعد يزيد الناقص لم يتم له أمر فإن قوما بايعوه بالخلافة و آخرين لم يبايعوه و قوم كانوا يدعونه بالإمارة دون الخلافة و لم يقم سوى أربعين يوما أو سبعين يوما فعلى هذا مروان الحمار سادس لأنه الثاني عشر من معاوية و الأمين بعده سادس
و الثالث : أن الخلع ليس مقتصرا على كل سادس فإن المعتز خلع و كذا القاهر و المتقي و المستكفي
قلت : لا انخرام بهذا فإن المقصود أن السادس لابد من خلعه و لا ينافي هذا كون غيره أيضا يخلع و يقال زيادة على ما ذكره ابن الجوزي : ولي بعد الراشد المقتفي و المستنجد و المستضيء و الناصر و الظاهر و المستنصر و هو السادس فلم يخلع ثم المستعصم و هو الذي قتله التتار و كان آخر دولة الخلفاء و انقطعت الخلافة بعده إلى ثلاث سنين و نصف ثم أقيم بعده المستنصر فلم يقم في الخلافة بل بويع بمصر و سار إلى العراق فصادف التتار فقتل أيضا و تعطلت الخلافة بعده سنة ثم أقيمت الخلافة بمصر فأولهم الحاكم ثم المستكفي ثم الواثق ثم الحاكم ثم المعتضد ثم المتوكل و هو السادس فخلع و ولي المعتصم ثم خلع بعده بخمسة عشر يوما و أعيد المتوكل ثم خلع و بويع الواثق ثم المعتصم ثم خلع و أعيد المتوكل فاستمر إلى أن مات ثم المستعين ثم المعتضد ثم المستكفي ثم القائم و هو السادس من المعتصم الأول و من المعتصم الثاني فخلع ثم المستنجد خليفة العصر و هو الحادي و الخمسون من خلفاء بني العباس
فوائد
يقال : لبني العباس فاتحة و واسطة و خاتمة : فالفاتحة المنصور و الواسطة المأمون و الخاتمة المعتضد خلفاء بني العباس كلهم أبناء سراري إلا السفاح و المهدي و الأمين
و لم يل الخلافة هاشمي ابن هاشمية إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و ابنه الحسن و الأمين قال الصولي
و لم يل الخلافة من اسمه علي إلا علي بن أبي طالب وعلي المكتفي
قال الذهبي : قلت : غالب أسماء الخلفاء أفراد و المثنى منهم قليل و المتكرر كثير : عبد الله و أحمد و محمد و جميع ألقاب الخلفاء أفراد إلى المستعصم آخر خلفاء العراقيين ثم كررت الألقاب في الخلفاء المصرين فكرر المستنصر و المستكفي و الواثق و الحاكم و المعتضد و المتوكل و المستعصم و المستعين و القائم و المستنجد و كلها لم يتكرر غير مرة واحدة إلا المستكفي و المعتضد فكررا مرة أخرى فتلقب بها من الخلفاء العباسيين ثلاثة و لم يتلقب أحد من خلفاء بني العباس بلقب أحد من بني عبيد إلا القائم و الحاكم و الظاهر و المستنصر و أما المهدي و المنصور فسبق التلقب به لبني العباس قبل وجود بني عبيد
قال بعضهم : و ما تلقب أحد بالقاهر فأفلح لا من الخلفاء و لا من الملوك
قلت : و كذا المستكفي و المستعين لقب بكل منهما اثنان من بني العباس فخلعا و نفيا و المعتضد من أجل الألقاب و أبركها لمن يلقب به
و لم يل الخلافة أحد بعد ابن أخيه إلا المقتفي بعد الراشد و المستنصر بعد المعتصم قاله الذهبي
قال : و لم يل الخلافة ثلاثة إخوة إلا أولاد الرشيد : الأمين و المأمون و المعتصم و أولاد المتوكل : المستنصر و المعتز و المعتمد و أولاد المقتدر : الراضي و المقتفي و المطيع
قال : و ولي الأمر من أولاد عبد الملك أربعة و لا نظير لذلك إلا في الملوك
قلت : بل له نظير في الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه و سلم فولي الخلافة من أولاد المتوكل محمد أربعة بل خمسة : المستعين و المعتضد و المستكفي و القائم و المستنجد خليفة العصر
و لم يل الخلافة أحد في حياة أبيه إلا أبو بكر الصديق و أبو بكر الطائع بن المطيع حصل لأبيه فالج فنزل لابنه عنها طوعا
قال العلماء : أول من ولي الخلافة و أبوه حي : أبو بكر و هو أول من عهد بها
و أول من اتخذ بيت المال و أول من سمى المصحف مصحفا
و أول من سمي بأمير المؤمنين : عمر بن الخطاب و هو أول من اتخذ الدرة و أول من أرخ من الهجرة و أول من أمر بصلاة التراويح و أول من وضع الديوان
و أول من حمى الحمى : عثمان و هو أول من أقطع الإقطاعات أي أكثر من ذلك و أول من زاد الآذان في الجمعة و أول من رزق المؤذنين و أول من أرتج عليه في الخطبة و أول من اتخذ صاحب شرطة
و أول من استخلف ولي العهد في حياته : معاوية و هو أول من اتخذ الخصيان لخدمته
و أول من حملت إليه الرؤوس : عبد الله بن الزبير
و أول من ضرب اسمه على السكة : عبد الملك بن مروان
و أول من منع من ندائه باسمه : الوليد بن عبد الملك و أول ما حدثت الألقاب لبني العباس
و قال ابن فضل الله : زعم بعضهم أن لبني أمية ألقابا مثل ألقاب بني العباس
قلت : و كذا ذكر بعض المؤرخين أن لقب معاوية : الناصر لدين الله و لقب يزيد المستنصر و لقب معاوية ابنه : الراجع إلى الحق و لقب مروان : المؤتمن بالله و لقب عبد الملك : الموفق لأمر الله و لقب ابنه الوليد : المنتقم بالله و لقب عمر بن عبد العزيز : المعصوم بالله و لقب يزيد بن عبد الملك : القادر بصنع الله و لقب يزيد الناقص : الشاكر لأنعم الله
أول ما تفرقت الكلمة في دولة السفاح
أول خليفة قرب المنجمين و عمل بأحكام النجوم : المنصور و هو أول خليفة استعمل مواليه في الأعمال و قدمهم على العرب
أول من أمر بتصنيف الكتب في الرد على المخالفين : المهدي
أول من مشت الرجال بين يديه بالسيوف و الأعمدة : الهادي
أول من لعب بالصوالجة في الميدان : الرشيد
أول من دعي و كتب للخليفة بلقبه في أيامه : الأمين
و أول من أدخل الأتراك الديوان : المعتصم
و أول من أمر بتغيير أهل الذمة زيهم : المتوكل
و أول من تحكمت الأتراك في قتله : المتوكل و ظهر بذلك تصديق الحديث النبوي كما أخرج الطبراني بسند جيد [ عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اتركوا الترك ما تركوكم فإن أول من يسلب أمتي ملكهم و ما خولهم الله بنو قنطوراء ]
أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة و صغر القلانس : المستعين
أول خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب : المعتز
أول خليفة قهر و حجر عليه و وكل به : المعتمد
أول من ولي الخلافة من الصبيان : المقتدر
آخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش و الأموال : الراضي و هو آخر خليفة له شعر مدون و آخر خليفة خطب و صلى بالناس دائما و آخر خليفة جالس الندماء و آخر خليفة كانت نفقته و جوائزه و عطاياه و خدمه و جراياته و خزائنه و مطابخه و مشاربه و مجالسه و حجابه و أموره جارية على ترتيب الخلافة الأولية و هو آخر خليفة سافر بزي الخلفاء القدماء
أول ما كررت الألقاب من المستنصر الذي تولى بعد المستعصم
في الأوائل للعسكري : أول خليفة ولي في حياة أمه عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم الهادي ثم الرشيد ثم الأمين ثم المتوكل ثم المنتصر ثم المستعين ثم المعتز ثم المعتضد ثم المطيع و لم يل الخلافة في حياة أبيه غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه و زيد عليه الطائع
و قال الصولي : لا نعرف امرأة ولدت خليفتين إلا ولادة أم الوليد و سليمان ابني عبد الملك و شاهين أم يزيد الناقص و إبراهيم ابني الوليد و الخيزران أم الهادي و الرشيد
قلت : و يزاد أم العباس و حمزة و أم داود و سليمان أولاد المتوكل الأخير
فائدة : المتسمون بالخلافة من العبيديين أربعة عشر : ثلاثة بالمغرب : المهدي و القائم و المنصور و أحد عشر بمصر : المعز و العزيز و الحاكم و الظاهر و المستنصر و المستعلي و الآمر و الحافظ و الظافر و الفائز و العاضد و كان ابتداء أمر مملكتهم سنة بضع و تسعين و مائتين و انقراضها في سنة سبع و ستون و خمسمائة قال الذهبي : و هي الدولة المجوسية و اليهودية لا العلوية و الباطنية لا الفاطمية و كانوا أربعة عشر متخلفا لا مستخلفا انتهى
فائدة : المتسمون بالخلافة من الأمويين بالمغرب كانوا أحسن حالا من العبديين بكثير إسلاما و سنة و عدلا و فضلا و علما و جهادا و غزوا و هم كثير حتى إنه اجتمع بالأندلس في عصر واحد ستة كلهم تسمى بالخلافة
فائدة : أفرد تواريخ الخلفاء بالتأليف جماعة من المتقدمين : منها تاريخ الخلفاء لنفطويه النحوي مجلدان انتهى إلى أيام القاهر و الأوراق للصولي ذكر فيه العباسيين فقط و انتهى إليه
قلت : و قد وقفت عليه و تاريخ خلفاء بني العباس لابن الجوزي رأيته أيضا انتهى إلى أيام الناصر و تاريخ الخلفاء لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المروزي الكاتب أحد فحول الشعراء مات في سنة ثمانين و مائتين و تاريخ خلفاء بني العباس للأمير أبي موسى هرون بن محمد العباسي
فائدة : أخرج الخطيب في التاريخ بسنده عن محمد بن عبادة قال : لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه و المأمون
قلت : و هذا الحصر ممنوع بل حفظه أيضا الصديق رضي الله عنه على الصحيح و صرح به جماعة منهم النووي في تهذيبه و علي رضي الله عنه ورد من طريق أنه حفظه كله بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم
فائدة : قال ابن الساعي حضرت مبايعة الخليفة الظاهر فكان جالسا في شباك القبة بثياب بيض و عليه الطرحة و على كتفه بردة النبي صلى الله عليه و سلم و الوزير قائم بين يديه على منبر و أستاذ الدار دونه بمرقاة و هو يأخذ البيعة على الناس
و لفظ المبايعة : أبايع سيدنا و مولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبا نصر محمدا الظاهر بأمر الله على كتاب الله و سنة نبيه و اجتهاد أمير المؤمنين و أن لا خليفة سواه انتهى