Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 السلطان الملك العادل الصغير على مصر - 161

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
صلاح الدين الأيوبى156
العزيز عثمان 157
الملك منصور على 158
الملك العادل 159
الملك الكامل 160
الملك العادل الصغير161
الملك الصالح 162
السلطان توران شاه 163
السلطانة شجرة الدر 164

Hit Counter

 

****************************************************************************************

 الجزء التالى عن الأسرة الأيوبية الذين حكموا مصر بعد إحتلالهم مصر وهم يدينون لخلافة الأسرة العباسية السنية الإسلامية من مرجع - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

 

 السلطان الملك العادل الصغير على مصر سنة  635 هـ

 سلطنة الملك العادل الصغير على مصر هو السلطان الملك العادل أبو بكر ابن السلطان الملك الكامل محمد ابن السلطان الملك العادل أبي بكر ابن الأمير نجم الدين أيوب الأيوبي المصري‏.‏
وسبب تسلطنه وتقدمه على أخيه الأكبر نجم الدين أيوب أنه لما مات أبوه الملك الكامل محمد بقلعة دمشق في رجب - حسب ما ذكرناه في أواخر ترجمته - كان ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب - وهو الأكبر - نائب أبيه الملك الكامل على الشرق وإقليم ديار بكر وكان ابنه الملك العادل أبو بكر هذا - وهو الأصغر - نائب أبيه بديار مصر فلما مات الكامل قعد الأمراء يشتورون فيمن يولون من أولاده فوقع الاتفاق بعد اختلاف كبير - نذكره من قول صاحب المرآة - على إقامة العادل هذا في سلطنة مصر والشام وأن يكون نائبه بدمشق ابن عمه الملك الجواد يونس وأن يكون أخوه الملك الصالح نجم الدين أيوب على ممالك الشرق على حاله فتم ذلك وتسلطن الملك العادل هذا في أواخر سنة خمس وثلاثين وستمائة وتم أمره ونعت بالعادل سيف الدين على لقب جده‏.‏
ومولد العادل هذا بالمنصورة ووالده الملك الكامل على قتال الفرنج بدمياط في ذي الحجة سنة سبع عشرة وستمائة‏.‏
وقال العلامة شمس الدين يوسف بن قزأوغلي في مرآة الزمان‏:‏ ذكر ما جرى بعد وفاة الملك الكامل‏:‏ اجتمع الأمراء وفيهم سيف الدين علي بن قليج وعز الدين أيبك والركن الهيجاوي وعماد الدين وفخر الدين ابنا الشيخ وتشاوروا وانفصلوا على غير شيء وكان الناصر داود يعني ابن الملك المعظم عيسى بدار أسامة فجاءه الهيجاوي وأرسل إليه عز الدين أيبك يقول‏:‏ أخرج المال وفرقه في مماليك أبيك المعظم والعوام معك وتملك البلد ويبقوا في القلعة محصورين فما اتفق ذلك‏.‏
وأصبحوا يوم الجمعة في القلعة فحضر من سمينا بالأمس وذكروا الناصر والجواد - قلت‏:‏ والناصر داود هو ابن المعظم عيسى والجواد مظفر الدين يونس هو ابن شمس الدين مودود بن العادل ‏"‏ أعني هما أولاد عم ‏"‏ انتهى -‏.‏
قال‏:‏ وكان أضر ما على الناصر عماد الدين ابن الشيخ لأنه كان يجري في مجالس الكامل مباحثًا فيخطئه فيها ويستجهله فبقي في قلبه وكان أخوه فخر الدين يميل إلى الناصر فأشار عماد الدين بالجواد ووافقوا أمره وأرسلوا الهيجاوي في يوم الجمعة إلى الناصر وهو في دار أسامة فدخل عليه وقال له‏:‏ إيش قعودك في بلد القوم‏.‏
قم فاخرج فقام وركب وجميع من في دمشق من دار أسامة إلى القلعة وما شك أحد أن الناصر لما ركب من دار أسامة إلا أنه طالع إلى القلعة فلما تعدى مدرسة العماد الكاتب وخرج من باب الترب عرج إلى باب الفرج فصاحت العامة لا لا لا وانقلبت دمشق وخرج الناصر من باب الفرج إلى القابون فوقع بهاء الدين بن بركيسو وغلمانه في الناس بالدبابيس فأنكوا فيهم فهربوا‏.‏
وأما الجواد فإنه فتح الخزائن وأخرج المال وفرق ستة آلاف ألف دينار وخلع خمسة آلاف خلعة وأبطل المكوس والخمور ونفى الخواطئ‏.‏
وأقام الناصر بالقابون أيامًا فعزموا على قبضه فرحل وبات بقصر أم حكيم وخرج خلفه أيبك الأشرفي ليمسكه وعرف عماد الدين بن موسك فبعث إليه في السر فسار في الليل إلى عجلون ووصل أيبك إلى قصر أم حكيم وعاد إلى دمشق‏.‏
وسار الناصر إلى غزة فاستولى على الساحل فخرج إليه الجواد في عسكر مصر والشام وقال للأشرفية‏:‏ كاتبوه وأطمعوه فكاتبوه وأطمعوه فاغتر بهم وساق من غزة في سبعمائة فارس إلى نابلس بأثقاله وخزائنه وأمواله وكانت على سبعمائة جمل وترك العساكر منقطعة خلفه وضرب دهليزه على سبسطية والجواد على جيتين فساقوا عليه وأحاطوا به فساق في نفر قليل إلى نابلس وأخذوا الجمال بأحمالها والخزائن والجواهر والجنائب واستغنوا غنى الأبد وافتقر هو فقرًا ما افتقره أحد ووقع عماد الدين بسفط صغير فيه اثنتا عشرة قطعة من الجوهر وفصوص ليس لها قيمة فدخل على الجواد فطلبه منه فأعطاه إياه‏.‏
وسار الناصر لا يلوي على شيء إلى الكرك‏.‏ ثم وقع له أمور نذكر بعضها في حوادث العادل والصالح وغيرهما‏.‏ انتهى‏.‏

ولما تم أمر العادل وتسلطن بمصر واستقر الجواد بدمشق على أنه نائب العادل وبلغ هذا الخبر الملك الصالح نجم الدين أيوب عظم عليه ذلك كونه كان هو الأكبر فقصد الشام بعد أمور وقعت له مع الخوارزمية ومع لؤلؤ صاحب الموصل ثم سار الملك الصالح بعساكر الشرق حتى وافى دمشق ودخلها في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة فخرج إليه الملك الجواد والتقاه واتفق معه على مقايضة دمشق بسنجار وعانة وسببه ضيق عطن الجواد وعجزه عن القيام بمملكة الشام فإنه كان يظهر أنه نائب العادل بدمشق في مدة إقامته ثم خاف الجواد أيضًا من العادل وظن أنه يأخذ دمشق منه فخرج الجواد إلى البرية وكاتب الملك الصالح المذكور حتى حضر فلما حضر استأنس به وقايضه ودخلا دمشق ومشى الجواد بين يدي الصالح وحمل الغاشية من تحت القلعة ثم حملها بعده الملك المظفر صاحب حماة من باب الحديد ونزل الملك الصالح أيوب بقلعة دمشق والجواد في دار فرخشاه ثم ندم الجواد على مقايضة دمشق بسنجار واستدعى المقدمين والجند واستحلفهم وجمع الصالح أصحابه عنده في القلعة وأراد الصالح أن يحرق دار فرخشاه فدخل ابن جرير في الوسط وأصلح الحال‏.‏
ثم خرج الجواد إلى النيرب واجتمع الخلق عند باب النصر يدعون عليه ويسبونه في وجهه وكان قد أساء السيرة في أهل دمشق‏.‏
ثم خرج الصالح من دمشق وتوجه إلى خربة الفصوص على عزم الديار المصرية فكاتب عمه صاحب بعلبك الملك الصالح إسماعيل بن العادل وسار الملك الصالح نجم الدين إلى نابلس فاستولى عليها وعلى بلاد الناصر داود فتوجه الناصر داود إلى مصر داخلًا في طاعة الملك العادل فأكرمه العادل وأقام الصالح بنابلس ينتظر مجيء عمه الصالح إسماعيل فلم يلتفت الملك الصالح إسماعيل إلى ابن أخيه الصالح نجم الدين أيوب هذا وتوجه نحو دمشق وهجم عليها ومعه أسد الدين شيركوه صاحب حمص فدخلوها يوم الثلاثاء سابع عشرين صفر من سنة سبع وثلاثين كل ذلك والصالح نجم الدين مقيم بنابلس واتفق الملك الصالح إسماعيل صاحب بعلبك وأسد الدين شيركوه صاحب حمص على أن تكون البلاد بينهما مناصفة‏.‏
ونزل الصالح إسماعيل في دمشق بداره بحرب الشعارين ونزل صاحب حمص بداره أيضًا وأصبحوا يوم الأربعاء فزحفوا على القلعة ونقبوها من ناحية باب الفرج وهتكوا حرمتها ودخلوها وبها الملك المغيث وبلغ الملك الصالح نجم الدين أيوب ما جرى وقيل له في العود إلى دمشق فخلع الصالح أيوب على عميه مجير الدين وتقي الدين وعلى غيرهم وأعطاهم الأموال وقال لهم‏:‏ ما الرأي قالوا‏:‏ نسوق إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعة‏.‏
فخرجوا من نابلس فنزلوا القصير فبلغهم أخذ القلعة فنفر بنو أيوب بأسرهم وخافوا على أولادهم وأهليهم بدمشق وكان الفساد قد لعب فيهم فتركوا الصالح أيوب وتوجهوا إلى دمشق وبقي الصالح في مماليكه وغلمانه لا غير ومعه جاريته شجرة الدر أم خليل فرحل من القصير يريد نابلس فطمع فيه أهل الغور والقبائل وكان مقدمهم شيخًا جاهلًا يقال له مسبل من أهل بيسان قد سفك الدماء فتقاتل عسكر الصالح معه حتى كسروه‏.‏
ثم اتفق بعد ذلك الملك الناصر داود من مصر بغير رضًا من الملك العادل صاحب مصر ووصل إلى الكرك وكتب الوزيري إلى الناصر يخبره الخبر فلما بلغ الناصر ذلك أرسل عماد الدين بن موسك والظهير بن سنقر الحلبي في ثلاثمائة فارس إلى نابلس‏.‏
فركب الصالح أيوب والتقاهم فخدموه وسقموا عليه بالسلطنة وقالوا له‏:‏ طيب قلبك إلى بيتك جئت فقال الصالح‏:‏ لا ينظر ابن عمي فيما فعلت فلا زال الملوك على هذا وقد جئت إليه أستجير به فقالوا‏:‏ قد أجارك وما عليك بأس وأقاموا عنده أياما حول الدار‏.‏
فلما كان في بعض الليالي ضربوا بوق النفير وقالوا‏:‏ جاءت الفرنج فركب الناس ومماليك الصالح ووصلوا سبسطية وجاء عماد الدين والظهير بالعسكر إلى الدار وقالوا للصالح‏:‏ تطلع إلى الكرك فإن ابن عمك له بك اجتماع وأخذ سيفه‏.‏
وكانت شجرة الدر حاملًا فسقطت وأخذوه وتوجهوا به إلى الكرك‏.‏
واستفحل أمر أخيه الملك العادل صاحب مصر بالقبض على الصالح هذا وأخذ وأعطى وأمر ونهى فتغذر عليه بعض أمراء مصر ولكن ما أمكنهم يومئذ إلا السكات‏.‏
وأما الصالح قال أبو المظفر‏:‏ ولما اجتمعت به يعني الصالح في سنة تسع وثلاثين وستمائة بالقاهرة حكى لي صورة الحال قال‏:‏ أركبوني بغلة بغير مهماز ولا مقرعة وساروا إلى البرية في ثلاثة أيام والله ما كلمت أحدًا منهم كلمة ولا أكلت لهم طعامًا حتى جاءني خطيب الموتة ومعه بردة عليها دجاجة فأكلت منها وأقاموا بي في الموتة يومين وما أعلم إيش كان المقصود فإذا بهم‏.‏
يريدون أن يأخذوا طالعًا خبيثًا يقتضي ألا أخرج من حبس الكرك ثم أدخلوني إلى الكرك ليلًا على الطالع الذي كان سبب سعادتي ونحوسهم‏.‏
قلت‏:‏ وأنا ممن ينكر على أرباب التقاويم أفعالهم وأقوالهم لأني من عمري أصحب عيانهم فلم أر لما يقولونه صحة بل الكذب الصريح المحض‏.‏
ويعجبني قول الإمام الرباني عبد المؤمن بن هبة الله الجرجاني في كتابه ‏"‏ أطباق الذهب ‏"‏ الذي يشتمل على مائة مقالة واثنتين والذي أعجبني من ذلك هي المقالة الثالثة والعشرون وهي مما نحن فيه من علم الفلك والنجوم قال‏:‏ ‏"‏ أهل التسبيح والتقديس لا يؤمنون بالتربيع والتسديس والإنسان بعد علو النفس يجل عن ملاحظة السعد والنحس وإن في الدين القويم استغناء عن الزيج والتقويم والإيمان بالكهانة باب من أبواب المهانة فأعرض عن الفلاسفة وغلق بصرك عن تلك الوجوه الكاسفة فأكثرهم عبدة الطبع وحرسة الكواكب السبع ما للمنجم الغبي والعلم الغيبي وما للكاهن الأجنبي وسر حجب عن النبي وهل ينخدع بالفال إلا قلوب الأطفال وإن امرأ جهل حال قومه وما الذي يجري عليه في يومه كيف يعرف علم الغد وبعده ونحس الفلك وسعده‏!‏ وإن قومًا يأكلون من قرصة الشمس لمهزولون وإنهم عن السمع لمعزولون ما السموات إلا مجاهل خالية والكواكب سواها والنجوم إلا هياكل عالية ومن الله قواها سبعة سيرة نيرة خمسة منها متحيرة شرارة وخيرة طباعها متغايرة كل يسري لأمر معمى وكل يجري لأجل مسمى‏!‏ ‏"‏ انتهت المقالة بتمامها وكمالها‏.‏
قال‏:‏ ووكلوا بي مملوكًا لهم يقال له‏:‏ زريق وكان أضر علي من كل ما جرى فأقمت عندهم إلى شهر رمضان سبعة أشهر ولقد كان عندي خادم صغير فاتفق أن أكل ليلة كثيرًا فاتخم وبال على البساط فأخذت البساط بيدي والخادم وقمت من الإيوان إلى قرب الدهليز وفي الدهليز ثمانون رجلًا يحفظوني وقلت‏:‏ يا مقدمون هذا الخادم قد أتلف هذا البساط فاذهبوا به إلى الوادي واغسلوه فنفر في زريق وقال‏:‏ إيش جاء بك إلى هاهنا‏!‏ وصاحوا علي فعدت إلى موضعي‏.‏ انتهى‏.‏
قلت‏:‏ وأما مماليكه وخزائنه فإن الوزيري توجه بهم إلى قلعة الصلت‏.‏
وأقام مماليكه بنابلس واستمر الحال على ذلك إلى أن بلغ الملك العادل صاحب الترجمة ما جرى على أخيه الصالح فأظهر الفرح ودقت الكوسات وزينت القاهرة ثم أرسل الملك العادل المذكور العلاء بن النابلسي إلى الملك الناصر داود صاحب الكرك يطلب الملك الصالح نجم الدين المذكور منه ويعطيه مائة ألف دينار فما أجاب‏.‏

الملك الصالح
ثم كاتبه الملك الصالح صاحب بعلبك وصاحب حمص أسد الدين شيركوه في إرساله إلى الملك العادل إلى مصر كل ذلك والعادل في قلق من جهة الصالح فلم يلتفت الملك الناصر داود لكلامهم وأقام الصالح مدة في الحبس حتى أشار عماد الدين وابن قليج والظهير على الملك الناصر بالاتفاق مع الصالح نجم الدين أيوب وإخراجه فأخرجه الناصر وتحالفا واتفقا وذلك في آخر شهر رمضان وكان تحليف الناصر داود للصالح أيوب على شيء ما يقوم به أحد من الملوك وهو أنه يأخذ له دمشق وحمص وحماة وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر ونصف ديار مصر ونصف ما في الخزائن من المال والجواهر والخيل ولما علم الملك العادل صاحب الترجمة بخلاص أخيه الصالح اتفق مع عمه الملك الصالح إسماعيل صاحب بعلبك الذي ملك دمشق فسار الملك العادل من مصر والملك الصالح من دمشق ومعه أسد الدين صاحب حمص ثم عزموا على قصد الناصر والصالح فأول من برز لهم الملك العادل صاحب الترجمة بعساكر مصر وخرج وسار حتى وصل إلى بلبيس وكان قد أساء السيرة في أمرائه وحواشيه فوقع الخلف بينهم وتزايد الأمر حتى قبضوا عليه وأرسلوا إلى الصالح نجم الدين أيوب يعرفونه ويسألونه الإسراع في المجيء إلى الديار المصرية‏.‏
فسار ومعه الملك الناصر داود صاحب الكرك وجماعة من أمرائه ابن موسك وغيره فكان وصول الصالح إلى بلبيس في يوم الأحد رابع عشرين في القعدة فنزل في خيمة العادل والعادل معتقل في خركاه‏.‏
قال أبو المظفر‏:‏ حكى لي الصالح واقعات جرت له في مسيره إلى مصر منها أنه قال‏:‏ ما قصدت بمجيء الناصر معي إلا خوفًا أن تكون معمولة علي ومنذ فارقنا غزة تغير علي ولا شك أن بعض أعدائي أطمعه في الملك فذكر لي جماعة من مماليكي أنه تحدث معهم في قتلي‏.‏
قال‏:‏ ومنها أنه لما أخرجني يعني الناصر ندم وعزم على حبسي فرميت روحي على ابن قليج فقال‏:‏ ما كان قصده إلا أن يتوجه إلى دمشق أولًا فإذا أخذنا دمشق عدنا إلى مصر‏.‏
قال‏:‏ ومنها أنه ليلة وصل إلى بلبيس شرب وشطح إلى العادل فخرج له من الخركاه فقبل الأرض بين يديه فقال له‏:‏ كيف رأيت ما أشرت عليك ولم تقبل مني‏!‏ فقال‏:‏ يا خوند التوبة فقال‏:‏ طيب قلبك الساعة أطلقك وجاء فدخل علينا الخيمة ووقف فقلت‏:‏ باسم الله اجلس فقال‏:‏ ما أجلس حتى تطلق العادل فقلت‏:‏ اقعد وهو يكرر الحديث ثم سكت ونام فما صدقت بنومه وقمت في باقي الفيل فأخذت العادل في محفة ورحلت به إلى القاهره‏.‏
ولما دخلنا القاهرة بعثت إليه بعشرين ألف دينار فعادت إلى مع غلماني وغضب وأراد نصف ما في خزائن مصر‏.‏
قلت‏:‏ واستولى الصالح على ملك مصر وقبض على أخيه العادل صاحب الترجمة في يوم الاثنين خامس عشرين ذي الحجة وحبسه عنده بالقلعة سنين‏.‏

الملك الصالح يقتل أخاه الملك العادل
قال سعد الدين مسعود بن حمويه‏:‏ وفي خامس شوال سنة ست وأربعين وستمائة جهز الصالح أخاه أبا بكر العادل ونفاه إلى الشوبك وبعث إليه الخادم محسنًا يكلمه في السفر فدخل عليه المحسن وقال له‏:‏ السلطان يقول لك‏:‏ لا بد من رواحك إلى الشوبك فقال‏:‏ إن أردتم أن تقتلوني في الشوبك فهاهنا أولى ولا أروح أبدًا فعذله محسن فرماه بدواة كانت عنده فخرج وعرف الصالح أيوب بقوله فقال‏:‏ دبر أمره فأخذ المحسن ثلاث مماليك ودخلوا عليه ليلة الاثنين ثاني عشر شوال فخنقوه بشاش وعلقوه به وأظهروا أنه شنق نفسه وأخرجوا جنازته مثل بعض الغرباء ولم يتجاسر أحد أن يترحم عليه أو يبكي حول نعشه وعاش بعده الملك الصالح عشرة أشهر رأى في نفسه العبر من مرض تمادى به وما نفعه الاحتراز كما سيأتي ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى‏.‏
وزاد ابن خلكان في وفاته بأن قال‏:‏ ودفن في تربة شمس الدولة خارج باب النصر - رحمه الله تعالى -‏.‏
وكان للعادل المذكور ولد صغير يقال له الملك المغيث مقيم بالقلعة فلا زال بها إلى أن وصل ابن عمه الملك المعظم توران شاه بعد موت أبيه الصالح نجم الدين إلى المنصورة وسير المغيث المذكور من هناك ونقله إلى الشوبك فلما جرت الكائنة على المعظم ملك المغيث الكرك وتلك النواحي‏.‏

قلت‏:‏ وكانت ولاية الملك العادل على مصر سنة واحدة ونحو شهرين وأيامًا مع ما وقع له فيها من الفتن والأنكاد ولم يعرف حاله فيها لصغر سنه وقصر مدته - رحمه الله تعالى - والعادل هذا يعرف بالعادل الصغير والعادل الكبير هو جده

‏السنة الأولى من سلطنة الملك العادل الصغير أبي بكر ابن الملك الكامل محمد على مصر وهي سنة ست وثلاثين وستمائة‏.‏ على أنه ولي السلطنة في شهر رجب منها‏.‏
وفيها توفى عماد الدين عمر ابن شيخ الشيوخ محمد المنعوت بالصاحب وهو الذي كان السبب في عطاء دمشق الجواد فلما مضى إلى مصر لامه العادل على ذلك وتهدده فقال‏:‏ أنا أمضي إلى دمشق وأنزل بالقلعة وأبعث بالجواد إليك وإن امتنع قمنا عليه فسار إلى دمشق فوصلها قبل مجيء الملك الصالح نجم الدين أيوب ونزل بقلعة دمشق وأمر ونهى وقال‏:‏ أنا نائب العادل وأمر الجواد بالمسير إلى مصر‏.‏
وكان أسد الدين صاحب حمص بدمشق فاتفق مع الجواد على قتل عماد الدين فاستدعى صاحب حمص بعض نصارى قارة وأمره بقتله فركب ابن الشيخ يومًا من القلعة بعد العصر فوثب عليه النصراني وضربه بالسكاكين حتى قتله وذلك في جمادى الأولى‏.‏
ودخل الصالح أيوب دمشق فحبس النصراني أيامًا ثم أطلقه ومات عماد الدين وله ست وخمسون سنة‏.‏
الماء القديم أربع أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏ مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإحدى عشرة إصبعًا‏.‏ السنة الثانية من سلطنة الملك العادل الصغير ابن الملك الكامل على مصر وهي سنة سبع وثلاثين وستمائة‏.‏
*****************************************************************************
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 139 من 167 ) : " السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر‏:‏ فاشتغل باللهو عن التدبير خرجت عنه حلب واستوحش منه الأمراء لتقريبه الشباب وسار أخوه الملك الصالح نجم الدين أيوب من بلاد الشرق إلى دمشق وأخذها في أوّل جمادى الأولى سنة ست وثلاثين جرت له أمور آخرها أنها سار إلى مصر فقبض الأمراء على العادل وخلعوه يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة فكانت سلطنته سنتين وثلاثة أشهر وتسعة‏.‏ وقام بعده بالسلطنة أخوه‏

This site was last updated 03/19/10