Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة خمس وخمسمائة سنة ست وخمسمائة 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة487 وسنة488
سنة489 وسنة490
سنة491 وسنة 492
سنة493
سنة494
سنة485
سنة496 وسنة497 وسنة498
سنة499
سنة500 وسنة501
سنة502
سنة503 وسنة504
سنة505 وسنة506
سنة507 وسنة508
سنة509 وسنة510
سنة511 وسنة512

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة خمس وخمسمائة
ذكر مسير العساكر إلى قتال الفرنج
(4/428)
في هذه السنة اجتمعت العساكر التي أمرها السلطان بالمسير إلى قتال الفرنج، فكانوا: الأمير مودود، صاحب الموصل، والأمير سكمان القطبي، صاحب تبريز وبعض ديار بكر، والأميرين إيلبكي وزنكي ابني برسق، ولهما همذان وما جاورها، والأمير أحمديل، وله مراغة، وكوتب الأمير أبو الهيجاء، صاحب إربل، والأمير إيلغازي، صاحب ماردين، والأمراء البكجية، باللحاق بالملك مسعود، ومودود، فاجتمعوا، ما عدا الأمير إيلغازي فإنه سير ولده إياز وأقام هو، فلما اجتمعوا ساروا إلى بلدة سنجار، ففتحوا عدة حصون للفرنج، وقتل من بها منهم، وحصروا مدينة الرها مدة، ثم رحلوا عنها من غير أن يملكوها.
وكان سبب رحيلهم عنها أن الفرنج اجتمعت جميعها، فارسها وراجلها، وساروا إلى الفرات ليعبروه ليمنعوا الرها من المسلمين، فلما وصلوا إلى الفرات بلغهم كثرة المسلمين، فلم يقدموا عليه، وأقاموا على الفرات، فلما رأى المسلمون ذلك رحلوا عن الرها إلى حران ليطمع الفرنج ويعبروا الفرات إليهم ويقاتلوهم. فلما رحلوا عنها جاء الفرنج، ومعهم الميرة والذخائر، إلى الرها، فجعلوا فيها كل من فيه عجز وضعف وفقر، وعادوا إلى الفرات فعبروه إلى الجانب الشامي، وطرقوا أعمال حلب، فأفسدوا ما فيها، ونهبوها، وقتلوا فيها وأسروا، وسبوا خلقاً كثيراً.
وكان سبب ذلك أن الفرنج لما عبروا إلى الجزيرة خرج الملك رضوان، صاحب حلب، إلى ما أخذه الفرنج من أعمالها، فاستعاد بعضه، ونهب منهم وقتل، فلما عادوا وعبروا الفرات فعلوا بأعماله ما فعلوا.
وأما العسكر السلطاني فلما سمعوا بعود الفرنج وعبورهم الفرات، رحلوا إلى الرها وحصروها، فرأوا أمراً محكماً، قد قويت نفوس أهلها بالذخائر التي تركت عندهم، وبكثرة المقاتلين عنهم، ولم يجدوا فيهم مطمعاً، فرحلوا عنها، وعبروا الفرات، فحصروا قلعة تل باشر خمسة وأربعين يوماً، ورحلوا عنها ولم يبلغوا غرضاً.
ووصلوا إلى حلب، فأغلق الملك رضوان أبواب البلد، ولم يجتمع بهم، ثم مرض هناك الأمير سكمان القطبي، فعاد مريضاً، فتوفي في بالس، فجعله أصحابه في تابوت، وحملوه عائدين إلى بلاده، فقصدهم إيلغازي ليأخذهم، ويغنم ما معهم، فجعلوا تابوته في القلب، وقاتلوا بين يديه، فانهزم إيلغازي، وغنموا ما معه، وساروا إلى بلادهم.
ولما أغلق الملك رضوان أبواب حلب، ولم يجتمع بالعساكر السلطانية، رحلوا إلى معرة النعمان، واجتمع بهم طغتكين، صاحب دمشق، ونزل على الأمير مودود، فاطلع من الأمراء على نيات فاسدة في حقه، فخاف أن تؤخذ منه دمشق، فشرع في مهادنة الفرنج سراً وكانوا قد نكلوا عن قتال المسلمين، فلم يتم ذلك، وتفرقت العساكر.
وكان سبب تفرقهم أن الأمير برسق بن برسق الذي هو أكبر الأمراء كان به نقرس، فهو يحمل في محفة، ومات سكمان القطبي، كما ذكرنا، وأراد الأمير أحمديل، صاحب مراغة، العود، ليطلب من السلطان أن يقطعه ما كان لسكمان من البلاد، وأتابك طغتكين، صاحب دمشق، خاف الأمراء على نفسه، فلم ينصحهم، إلا أنه حصل بنيه وبين مودود، صاحب الموصل، مودة وصداقة، فتفرقوا لهذه الأسباب، وبقي مودود وطغتكين بالمعرة، فساروا منها، ونزلوا على نهر العاصي.
ولما سمع الفرنج بتفرق عساكر الإسلام طمعوا، وكانوا قد اجتمعوا كلهم، بعد الاختلاف والتباين، وساروا إلى أفامية، فسمع بهم سلطان بن منقذ، صاحب شيزر، فسار إلى مودود وطغتكين، وهون عليهما أمر الفرنج، وحرضهما على الجهاد، فرحلوا إلى شيزر، ونزلوا عليها، ونزل الفرنج بالقرب منهم، فضيق عليهم عسكر المسلمين الميرة، ولزوهم بالقتال، والفرنج يحفظون نفوسهم، ولا يعطون مصافاً، فلما رأوا قوة المسلمين عادوا إلى أفامية وتبعهم المسلمون، فتخطفوا من أدركوه في ساقتهم وعادوا إلى شيزر في ربيع الأول.
ذكر حصر الفرنج مدينة صور
لما تفرقت العساكر اجتمعت الفرنج على قصد مدينة صور وحصرها، فساروا إليها مع الملك بغدوين، صاحب القدس، وحشدوا، وجمعوا، ونازلوها وحصروها في الخامس والعشرين من جمادى الأولى، وعملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، علو البرج سبعون ذراعاً، وفي كل برج ألف رجل، ونصبوا عليها المجانيق، وألصقوا أحدها إلى سور البلد، وأخلوه من الرجال. (4/429)
وكانت صور للآمر بأحكام الله العلوي ونائبه بها عز الملك الأعز، فأحضر أهل البلد، واستشارهم في حيلة يدفعون بها شر الأبراج عنهم، فقام شيخ من أهل طرابلس وضمن على نفسه إحراقها، وأخذ معه ألف رجل بالسلاح التام، ومع كل رجل منهم حزمة حطب، فقاتلوا الفرنج إلى أن وصلوا إلى البرج الملتصق بالمدينة، فألقى الحطب من جهاته، وألقى فيه النار، ثم خاف أن يشتغل الفرنج الذين في البرج بإطفاء النار، ويتخلصوا، فرماهم بجرب كان قد أعدها، مملوءة من العذرة، فلما سقطت عليهم اشتغلوا بها وبما نالهم من سوء الرائحة والتلويث، فتمكنت النار منه، فهلك كل من به، إلا القليل، وأخذ منه المسلمون ما قدروا عليه بالكلاليب، ثم أخذ سلال العنب الكبار، وترك فيها الحطب الذي قد سقاه بالنفط، والزفث، والكتان، والكبريت، ورماهم بسبعين سلة، وأحرق البرجين الآخرين.
ثم إن أهل صور حفروا سراديب تحت الأرض ليسقط فيها الفرنج إذا زحفوا إليهم، ولينخسف برج إن عملوه وسيروه إليهم، فاستأمن نفر من المسلمين إلى الفرنج، وأعلموهم بما عملوه، فحذروا منها.
وأرسل أهل البلد إلى أتابك طغتكين، صاحب دمشق، يستنجدونه، ويطلبونه ليسلموا البلد إليه، فسار في عساكره إلى نواحي بانياس، وسير إليهم نجدة مائتي فارس، فدخلوا البلد، فامتنع من في بهم، واشتد قتال الفرنج خوفاً من اتصال النجدات، ففني نشاب الأتراك، فقاتلوا بالخشب، وفني النفط، فظفروا بسرب تحت الأرض فيه نفط لا يعلم من خزنه.
ثم إن عز الملك، صاحب صور، أرسل الأموال إلى طغتكين ليكثر من الرجال، ويقصدهم ليملك البلد، فأرسل طغتكين طائراً فيه رقعة ليعلمه وصول المال، ويأمره أن يقيم مركباً بمكان ذكره لتجيء الرجال إليه، فسقط الطائر على مركب الفرنج، فأخذه رجلان: مسلم وفرنجي، فقال الفرنجي: نطلقه لعل فيه فرجاً لهم، فلم يمكنه المسلم، وحمله إلى الملك بغدوين، فلما وقف عليه سير مركباً إلى المكان الذي ذكره طغتكين، وفيه جماعة من المسلمين الذين استأمنوا إليه من صور، فوصل إليهم العسكر، فكلموهم بالعربية، فلم ينكرونهم، وركبوا معهم، فأخذوهم أسرى، وحملوهم إلى الفرنج، فقتلوهم وطمعوا في أهل صور، فكان طغتكين يغير على أعمال الفرنج من جميع جهاتها، وقصد حصن الحبيس في السواد، من أعمال دمشق، وهو للفرنج، فحصره، وملكه بالسيف، وقتل كل من فيه، وعاد إلى الفرنج الذين على صور.
وكان يقطع الميرة عنهم في البر، فأحضروها في البحر، وخندقوا عليهم، ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا، وأغار على ظاهرها، فقتل جماعة من البحرية، وأحرق نحو عشرين مركباً على الساحل، وهو مع ذلك يواصل أهل صور بالكتب يأمرهم بالصبر والفرنج يلازمون قتالهم، وقاتل أهل صور قتال من أيس من الحياة، فدام القتال إلى أوان إدراك الغلات، فخاف الفرنج أن طغتكين يستولي على غلات بلادهم، فساروا عن البلد، عاشر شوال، إلى عكة، وعاد عسكر طغتكين إليه، وأعطاهم أهل صور الأموال وغيرها، ثم أصلحوا ما تشعث من سورها وخندقها، وكان الفرنج قد طموه.
ذكر انهزام الفرنج بالأندلس
في هذه السنة خرج أذفونش الفرنجي، صاحب طليطلة بالأندلس، إلى بلاد الإسلام بها، يطلب ملكها، والاستيلاء عليها، وجمع وحشد فأكثر، وكان قد قوي طمعه فيها بسبب موت أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، فسمع أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين الخبر، فسار إليه في عساكره وجموعه، فلقيه، فاقتتلوا، واشتد القتال، وكان الظفر للمسلمين، وانهزم الفرنج، وقتلوا قتلاً ذريعاً، وأسر منهم بشر كثير، وسبى منهم، وغنم من أموالهم ما يخرج من الأحصاء، فخرج الفرنج، بعد ذلك، وامتنعوا من قصد بلاده، وذل أذفونش حينئذ وعلم أن في البلاد حامياً لها، وذاباً عنها.
وفي هذه السنة، في جمادى الآخرة، توفي الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي، الإمام المشهور.


ثم دخلت سنة ست وخمسمائة
في هذه السنة، في المحرم، سار مودود، صاحب الموصل، إلى الرها، فنزل عليها، ورعى عسكره زروعها، ورحل عنها إلى سروج، وفعل بها كذلك وأهمل الفرنج، ولم يحترز منهم، فلم يشعر إلا وجوسلين، صاحب تل باشر، قد كبسهم، وكانت دواب العسكر منتشرة في المرعى، فأخذ الفرنج كثيراً منها، وقتلوا كثيراً من العسكر، فلما تأهب المسلمون للقائه، عاد عنهم إلى سروج. (4/430)
وفيها رحل السلطان محمد من بغداد، وكان مقامه هذه المرة خمسة أشهر، فلما وصل إلى أصبهان قبض على زي الملك أبي سعد القمي، وسلمه إلى الأمير كاميار لعداوة بينهما، فلما وصل إلى الري أركبه كاميار على ردابة بمركب ذهب، وأظهر أن السلطان خلع عليه على مال قرره عليه، فحصل بذلك مالاً كثيراً من أهل القمي، ثم صلبه، وكان سبب قبضه أنه كان يكثر الطعن على الخليفة والسلطان.
وفيها كان ببغداد رجل مغربي يعمل الكيمياء، بزعمه، اسمه أبو علي، فحمل إلى دار الخلافة، وكان آخر العهد به.
وفيها ورد إلى بغداد يوسف بن أيوب الهمذاني، الواعظ، وكان من الزهاد العابدين، فوعظ الناس بها، فقام إليه رجل متفقه، يقال له ابن السقاء، فآذاه في مسألة، وعاوده، فقال له: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك تموت على غير دين الإسلام، فاتفق بعد مديدة أن ابن السقاء خرج إلى بلاد الروم، وتنصر.
وفيها، في ذي القعدة، سمع ببغداد صوت هدة عظيمة، ولم يكن بالسماء غيم حتى يظن أنه صوت رعد، ولم يعلم أحد أي صوت كان.
وفيها توفي بسيل الأرمني، صاحب الدروب، ببلاد ابن لاون، فسار طنكري، صاحب أنطاكية، أول جمادى الآخرة، إلى بلاده طمعاً في أن يملكها، فمرض في طريقه، فعاد إلى أنطاكية، فمات ثامن جمادى الآخرة، وملكها بعده ابن أخته سرخالة، واستقام الأمر فيها، بعد أن جرى بين الفرنج خلف بسببه، فأصلح بينهم القسوس والرهبان.
وفيها توفي قراجة، صاحب حمص، وكان ظالماً، وقام ولده قرجان مكانه، وكان مثله في قبح السيرة.
وفي هذه السنة توفي المعمر بن علي أبو سعد بن أبي عمامة الواعظ البغدادي، ومولده سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وكان له خاطر حاد، ومجون حسن، وكان الغالب على وعظه أخبار الصالحين.
وتوفي أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري، والد شهدة، وكان يروي عن أبي يعلى بن الفراء، وابن المأمون، وابن المهتدي، وابن النقور، وغيرهم، وكان حسن السيرة متزهداً.
وتوفي أبو العلاء صاعد بن منصور بن إسماعيل بن صاعد، الخطيب النيسابوري، وكان من أعيان الفقهاء، وولي قضاء خوارزم، وكان يروي الحديث.

This site was last updated 07/27/11