Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ثلاث وخمسمائة سنة أربع وخمسمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة487 وسنة488
سنة489 وسنة490
سنة491 وسنة 492
سنة493
سنة494
سنة485
سنة496 وسنة497 وسنة498
سنة499
سنة500 وسنة501
سنة502
سنة503 وسنة504
سنة505 وسنة506
سنة507 وسنة508
سنة509 وسنة510
سنة511 وسنة512

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة ثلاث وخمسمائة
ذكر ملك الفرنج طرابلس وبيروت من الشام

في هذه السنة، حادي عشر ذي الحجة، ملك الفرنج طرابلس.
وسبب ذلك أن طرابلس كانت قد صارت في حكم صاحب مصر ونائبه فيها، والمدد يأتي إليها منه، وقد ذكرنا ذلك سنة إحدى وخمسمائة. فلما كانت هذه السنة، أول شعبان، وصل أسطول كبير من بلد الفرنج في البحر، ومقدمهم قمص كبير اسمه ريمند بن صنجيل ومراكبه مشحونة بالرجال، والسلاح، والميرة، فنزل على طرابلس، وكان نازلاً عليها قبله السرداني ابن أخت صنجيل، وليس بابن أخت ريمند هذا، بل هو قمص آخر، فجرى بينهما فتنة أدت إلى الشر والقتال، فوصل طنكري صاحب أنطاكية إليها، معونة للسرداني، ووصل الملك بغدوين، صاحب القدس، في عسكره، فأصلح بينهم، ونزل الفرنج جميعهم على طرابلس، وشرعوا في قتالها، ومضايقة أهلها، من أول شعبان، وألصقوا أبراجهم بسورها، فلما رأى الجند وأهل البلد ذلك سقط في أيديهم، وذلت نفوسهم، وزادهم ضعفاً تأخر الأسطول المصري عنهم بالميرة والنجدة.
وكان سبب تاخره: أنه فرغ منه، والحث عليه، واختلفوا فيه أكثر من سنة، وسار، فردته الريح، فتعذر عليهم الوصول إلى طرابلس ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ومد الفرنج القتال عليها من الأبراج والزحف، فهجموا على البلد وملكوه عنوة وقهراً يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من السنة، ونهبوا ما فيها، وأسروا الرجال، وسبوا النساء والأطفال، ونهبوا الأموال، وغنموا من أهلها من الأموال، والأمتعة، وكتب دور العلم الموقوفة، ما لا يحد ولا يحصى، فإن أهلها كانوا من أكثر أهل البلاد أموالاً وتجارة، وسلم الوالي الذي كان بها، وجماعة من جندها كانوا التمسوا الأمان قبل فتحها، فوصلوا إلى دمشق، وعاقب الفرنج أهلها بأنواع العقوبات، وأخذت دفائنهم وذخائرهم في مكامنهم.
ذكر ملك الفرنج جبيل وبانياس
لما فرغ الفرنج من طرابلس سار طنكري، صاحب أنطاكية، إلى بانياس، وحصرها، وافتتحها، وأمن أهلها، ونزل مدينة جبيل، وفيها فخر الملك بن عمار، الذي كان صاحب طرابلس، وكان القوت فيها قليلاً، فقاتلها إلى أن ملكها في الثاني والعشرين من ذي الحجة من السنة بالأمان، وخرج فخر الملك بن عمار سالماً.
ووصل، عقيب ملك طرابلس، الأسطول المصري بالرجال، والمال، والغلال، وغيرها، ما يكفيهم سنة، فوصل إلى صور بعد أخذها بثمانية أيام للقضاء النازل بأهلها، وفرقت الغلال التي فيه والذخائر في الجهات المنفذة إليها صور، وصيدا، وبيروت.
وأما فخر الملك بن عمار فإنه قصد شيزر، فأكرمه صاحبها الأمير سلطان بن علي بن منقذ الكناني، واحترمه، وسأله أن يقيم عنده، فلم يفعل، وسار إلى دمشق، فأنزله طغتكين صاحبها، وأجزل له في الحمل والعطية، وأقطعه أعمال الزبداني، وهو عمل كبير من أعمال دمشق، وكان ذلك في المحرم سنة اثنتين وخمسمائة.
ذكر الحرب بين محمد خان وساغربك
في هذه السنة عاد ساغربك وجمع العساكر الكثيرة من الأتراك وغيرهم وقصد أعمال محمد خان بسمرقند وغيرها، فأرسل محمد إلى سنجر يستنجده، فسير إليه الجنود، واجتمع معه أيضاً كثير من العساكر، وسار إلى ساغربك فالتقوا بنواحي الخشب واقتتلوا فانهزم ساغربك وعساكره وأخذت السيوف منهم مأخذها وكثر الأسر فيهم والنهب، فلما فرغوا من حربهم وأمن محمد خان من شر ساغربك عاد العسكر السنجري إلى خراسان فعبروا النهر إلى بلخ.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة، في المحرم، سير السلطان وزيره نظام الملك أحمد بن نظام الملك إلى قلعة ألموت لقتال الحسن بن الصباح ومن معه من الإسماعيلية، فحصروهم، وهجم الشتاء عليهم فعادوا ولم يبلغوا منه غرضاً.
وفيها، في ربيع الآخر، قدم السلطان إلى بغداد، وعاد عنها في شوال من السنة أيضاً.
وفيها، في شعبان، توجه الوزير نظام الملك إلى الجامع، فوثب به الباطنية، فضربوه بالسكاكين، وجرح في رقبته، فبقي مريضاً مدة، ثم برأ، وأخذ الباطني الذي جرحه فسقي الخمر حتى سكر، ثم سئل عن أصحابه، فأقر على جماعة بمسجد المأمونية، فأخذوا وقتلوا. (4/426)
وفيها عزل وزير الخليفة، وهو أبو المعالي بن المطلب، ووزر بعده الزعيم أبو القاسم بن جهير، فخرج ابن المطلب من دار الخليفة مستتراً هو وأولاده واستجار بدار السلطان.
وفيها جهز يحيى بن تميم، صاحب إفريقية، خمسة عشر شينياً وسيرها إلى بلاد الروم، فلقيها أسطول الروم، وهو كبير، فقاتلوهم، وأخذوا ست قطع من شواني المسلمين، ولم ينهزم بعد ذلك ليحيى جيش في البحر والبر.
وسير ابنه أبا الفتوح إلى مدينة سفاقس والياً عليها، فثار به أهلها، فنهبوا قصره، وهموا بقتله، فلم يزل يحيى يعمل الحيلة عليهم، حتى فرق كلمتهم، وبدد شملهم، وملك رقابهم فسجنهم، وعفا عن دمائهم وذنوبهم.
وفيها توفي الأمير إبراهيم ينال، صاحب آمد، وكان قبيح السيرة، مشهوراً بالظلام، فجلا كثير من أهلها لجوره، وملك بعده ولده، وكان أصلح حالاً منه.
وفيها، في ثامن ذي القعدة، ظهر في السماء كوكب من الشرق له ذؤابة ممتدة إلى القبلة، وبقي يطلع إلى آخر ذي الحجة، ثم غاب.


ثم دخلت سنة أربع وخمسمائة
ذكر ملك الفرنج مدينة صيدا

في هذه السنة، في ربيع الآخر، ملك الفرنج مدينة صيدا، من ساحل الشام.
وسبب ذلك: أنه وصل في البحر إلى الشام ستون مركباً للفرنج مشحونة بالرجال والذخائر مع بعض ملوكهم ليحج البيت المقدس وليغزو بزعمه المسلمين، فاجتمع بهم بغدوين ملك القدس، وتقررت القاعدة بينهم أن يقصدوا بلاد الإسلام، فرحلوا من القدس، ونزلوا مدينة صيدا ثالث ربيع الآخر من هذه السنة، وضايقوها براً وبحراً.
وكان الأسطول المصري مقيماً على صور، فلم يقدر على إنجاد صيدا، فعمل الفرنج برجاً من الخشب، وأحكموه، وجعلوا عليه ما يمنع النار عنه والحجارة، وزحفوا به، فلما عاين أهل صيدا ذلك ضعفت نفوسهم، وأشفقوا أن يصيبهم مثل ما أصاب أهل بيروت، فأرسلوا قاضيها ومعه جماعة من شيوخها إلى الفرنج، وطلبوا من ملكهم الأمان فأمنهم على أنفسهم، وأموالهم، والعسكر الذي عندهم، ومن أراد المقام بها عندهم أمنوه، ومن أراد المسير عنهم لم يمنعوه، وحلف لهم على ذلك، فخرج الوالي، وجماعة كثيرة من أعيان أهل البلد، في العشرين من جمادى الأولى إلى دمشق، وأقام بالبلد خلق كثير تحت الأمان، وكانت مدة الحصار سبعة وأربعين يوماً.
ورحل بغدوين عنها إلى القدس، ثم عاد إلى صيدا، بعد مدة يسيرة، فقرر على المسلمين الذين أقاموا بها عشرين ألف دينار، فأفقرهم، واستغرق أموالهم.
ذكر استيلاء المصريين على عسقلان
كانت عسقلان للعلويين المصريين، ثم إن الخليفة الآمر بأحكام الله استعمل عليها إنساناً يعرف بشمس الخلافة، فراسل بغدوين ملك الفرنج بالشام، وهادنه، وأدى إليه مالاً وعروضاً، فامتنع به من أحكام المصريين عليه، إلا فيما يريد من غير مجاهدة بذلك.
فوصلت الأخبار بذلك إلى الآمر بأحكام الله، صاحب مصر، وإلى وزيره الأفضل، أمير الجيوش، فعظم الأمر عليهما، وجهزا عسكراً وسيراه إلى عسقلان مع قائد كبير من قواده، وأظهرا أنه يريد الغزاة، ونفذا إلى القائد سراً أن يقبض على شمس الخلافة إذا حضر عندهم، ويقيم هو عوضه بعسقلان أميراً. فسار العسكر، فعرف شمس الخلافة الحال، فامتنع من الحضور عند العسكر المصري، وجاهر بالعصيان، وأخرج من كان عنده من عسكر مصر خوفاً منهم.
فلما عرف الأفضل ذلك خاف أن يسلم عسقلان إلى الفرنج، فأرسل إليه وطيب قلبه، وسكنه، وأقره على عمله، وأعاد عليه إقطاعه بمصر.
ثم إن شمس الخلافة خاف أهل عسقلان، فأحضر جماعة من الأرمن واتخذهم جنداً، ولم يزل على هذه الحال إلى آخر سنة أربع وخمسمائة، فأنكر الأمر أهل البلد، فوثب به قوم من أعيانه، وهو راكب، فجرجروه، فانهزم منهم إلى داره، فتبعوه وقتلوه، ونهبوا داره وجميع ما فيها، ونهبوا بعض دور غيره من أرباب الأموال بهذه الحجة، وأرسلوا إلى مصر بجلية الحال إلى الآمر والأفضل، فسرا بذلك، وأحسنا إلى الواصلين بالبشارة، وأرسلا إليه والياً يقيم به، ويستعمل مع أهل البلد الإحسان وحسن السيرة، فتم ذلك، وزال ما كانوا يخافونه.
ذكر ملك الفرنج حصن الأثارب (4/427)
في هذه السنة جمع صاحب أنطاكية عساكره من الفرنج، وحشد الفارس والراجل، وسار نحو حصن الأثارب، وهو بالقرب من مدينة حلب بينهما ثلاثة فراسخ، وحصره، ومنع عنه الميرة، فضاق الأمر على من به من المسلمين، فنقبوا من القلعة نقباً، قصدوا أن يخرجوا منه إلى خيمة صاحب أنطاكية فيقتلوه، فلما فعلوا ذلك وقربوا من خيمته استأمن إليه صبي أرمني، فعرفه الحال، فاحتاط، واحترز منهم، وجد في قتالهم، حتى ملك الحصن قهراً وعنوة، وقتل من أهله ألفي رجل، وسبى وأسر الباقين.
ثم سار إلى حصن زردنا، فحصره، ففتحه، وفعل بأهله مثل الأثارب، فلما سمع أهل منبج بذلك فارقوها خوفاً من الفرنج، وكذلك أهل بالس، وقصد الفرنج البلدين فرأوهما وليس بهما أنيس، فعادوا عنهما.
وسار عسكر من الفرنج إلى مدينة صيدا، فطلب أهلها منهم الأمان، فأمنوهم وتسلموا البلد، فعظم خوف المسلمين منهم، وبلغت القلوب الحناجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج على سائر الشام لعدم الحامي له والمانع عنه، فشرع أصحاب البلاد الإسلامية بالشام في الهدنة معهم، فامتنع الفرنج من الإجابة إلا على قطيعة يأخذونها إلى مدة يسيرة، فصالحهم الملك رضوان، صاحب حلب، على اثنين وثلاثين ألف دينار، وغيرها من الخيول والثياب، وصالحهم صاحب صور على سبعة آلاف دينار، وصالحهم ابن منقذ، صاحب شيزر، على أربعة آلاف دينار، وصالحهم علي الكردي، صاحب حماة، على ألفي دينار، وكانت مدة الهدنة إلى وقت إدراك الغلة وحصادها.
ثم إن مراكب أقلعت من ديار مصر، فيها التجار ومعهم الأمتعة الكثيرة، فوقع عليها مراكب الفرنج، فأخذوها، وغنموا ما مع التجار، وأسروهم، فسار جماعة من أهل حلب إلى بغداد، مستنفرين على الفرنج. فلما وردوا بغداد اجتمع معهم خلق كثير من الفقهاء وغيرهم فقصدوا جامع السلطان، واستغاثوا، ومنعوا من الصلاة، وكسروا المنبر، فوعدهم السلطان بإنفاذ العساكر للجهاد، وسير من دار الخلافة منبراً إلى جامع السلطان. فلما كان الجمعة الثانية قصدوا جامع القصر بدار الخلافة، ومعهم أهل بغداد، فمنعهم حاجب الباب من الدخول، فغلبوه على ذلك، ودخلوا الجامع، وكسروا شباك المقصورة، وهجموا إلى المنبر فكسروه، وبطلت الجمعة أيضاً، فأرسل الخليفة إلى السلطان في المعنى يأمره بالاهتمام بهذا الفتق ورتقه، فتقدم حينئذ إلى من معه من الأمراء بالمسير إلى بلادهم، والتجهز للجهاد، وسير ولده الملك مسعوداً مع الأمير مودود، صاحب الموصل، وتقدموا إلى الموصل ليلحق بهم الأمراء ويسيروا إلى قتال الفرنج، وانقضت السنة، وساروا في سنة خمس وخمسمائة، وكان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة عزل نظام الملك أحمد من وزارة السلطان، ووزر بعده الخطير محمد بن الحسين الميبذي.
وفيها ورد رسول ملك الروم إلى السلطان يستنفره على الفرنج، ويحثه على قتالهم ودفعهم عن البلاد، وكان وصول أهل حلب، وكان أهل حلب يقولون للسلطان: أما تتقي الله تعالى أن يكون ملك الروم أكثر حمية منك للإسلام، حتى قد أرسل إليك في جهادهم.
وفيها، في رمضان، زفت ابنة السلطان ملكشاه إلى الخليفة، وزينت بغداد، وغلقت، وكان بها فرحة عظيمة لم يشاهد الناس مثلها.
وفيها هبت بمصر ريح سوداء أظلمت بها الدنيا، وأخذت بأنفاس الناس، ولم يقدر أحد أن يفتح عينيه، ومن فتحهما لا يبصر يده، ونزل على الناس رمل، ويئس الناس من الحياة، وأيقنوا بالهلاك، ثم تجلى قليلاً، وعاد إلى الصفوة، وكان ذلك من أول وقت العصر إلى بعد المغرب.
وفيها، في المحرم، توفي الكيا الهراس الطبري واسمه أبو الحسن علي بن محمد بن علي، وكان من أعيان الفقهاء الشافعية، أخذ الفقه عن إمام الحرمين الجويني، ودرس بعده في النظامية ببغداد، وتوفي بها، ودفن عند تربة الشيخ أبي إسحاق، ودرس بعده في النظامية الإمام أبو بكر الشاشي.
وفيها توفي أبو الحسين إدريس بن حمزة بن علي الرملي الفقيه الشافعي من أهل الرملة بفلسطين، تفقه على أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وعلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ودخل خراسان، وولي التدريس بسمرقند، فتوفي بها.

This site was last updated 07/27/11