Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة خمس وتسعين وثلاثمائة سنة ست وتسعين وثلاثمائة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة381
سنة382 وسنة383
سنة384 وسنة385
سنة486
سنة387 وسنة388
سنة389
سنة390 وسنة391
سنة392 وسنة393 وسنة394
سنة395 وسنة397 وسنة398
سنة 398 وسنة399 وسنة400
سنة401 وسنة402
سنة403 سنة404 وسنة405
سنة406
سنة407
سنة408 وسنة409
سنة410 وسنة411
سنة412 وسنة413 وسنة414
سنة415 وسنة416
سنة417 وسنة418
سنة419 وسنة420
سنة421 وسنة422

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلاثمائة
ذكر عود مهذب الدولة إلى البطيحة

قد ذكرنا انهزام عميد الجيوش من أبي العباس بن واصل، فلما انهزم أقام بواسط، وجمع العساكر عازماً على العود إلى البطائح، وكان أبو العباس قد ترك بها نائباً له، فلم يتمكن من المقام بها، ففارقها إلى صاحبه، فأرسل عميد الجيوش إليها نائباً من أهل البطائح، فعسف الناس، وأخذ الأموال، ولم يلتفت إلى عميد الجيوش، فأرسل إلى بغداد وأحضر مهذب الدولة، وسلموا إليه جميع الولايات، واستقر عليه بهاء الدولة كل سنة خمسين ألف دينار، ولم يعترض عليه ابن واصل، فاشتغل عنه بالتجهيز إلى خوزستان، وحفر نهراً إلى جانب النهر العضدي، بين البصرة والأهواز، وكثر ماؤه، وكان قد اجتمع عنده جمع كثير من الديلم وأنواع الأجناد.
ولما كثر ماله وذخائره، وما استولى عليه من البطيحة، قوي طمعه في الملك، وسار هو وعسكره إلى الأهواز في ذي القعدة، فجهز إليه بهاء الدولة جيشاً في الماء، فالتقوا بنهر السدرة، فاقتتلوا، وخاتلهم أبو العباس، وسار إلى الأهواز وتبعه من كان قد لقيه من العسكر، فالتقوا بظاهر الأهواز، وانضاف إلى عسكر بهاء الدولة العساكر التي بالأهواز، فاستظهر أبو العباس عليهم.
ورحل بهاء الدولة إلى قنطرة أربق، عازماً على المسير إلى فارس، ودخل أبو العباس إلى دار المملكة وأخذ ما فيها من الأمتعة والأثاث المتخلف عن بهاء الدولة، إلا أنه لم يمكنه المقام لأن بهاء الدولة كان قد جهز عسكراً ليسير في البحر إلى البصرة، فخاف أبو العباس من ذلك، وراسل بهاء الدولة، وصالحه، وزاد في إقطاعه، وحلف كل واحد منهما لصاحبه، وعاد إلى البصرة، وحمل معه كل ما أخذه من دار بهاء الدولة ودور الأكابر والقواد والتجار.
ذكر غزوة بهاطية
في هذه السنة غزا يمين الدولة بهاطية من أعمال الهند، وهي وراء المولتان، ، وصاحبها يعرف ببحيرا، وهي مدينة حصينة، عالية السور، يحيط بها خندق عميق، فامتنع صاحبها بها، ثم إنه خرج إلى ظاهرها، فقاتل المسلمين ثلاثة أيام ثم انهزم في الرابع، وطلب المدينة ليدخلها، فسبقهم المسلمون إلى باب البلد فملكوه عليهم، وأخذتهم السيوف من بين أيديهم ومن خلفهم، فقتل المقاتلة وسبيت الذرية وأخذت الأموال.(4/137)
وأما بحيرا فإنه لما عاين الهلاك أخذ جماعة من ثقاته وسار إلى رؤوس تلك الجبال، فسير إليه يمين الدولة سرية، فلم يشعر بهم بحيرا إلا وقد أحاطوا به، وحكموا السيوف في أصحابه، فلما أيقن بالعطب أخذ خنجراً معه فقتل به نفسه، وأقام يمين الدولة ببهاطية حتى أصلح أمرها، ورتب قواعدها، وعاد عنها إلى غزنة، واستخلف بها من يعلم من أسلم من أهلها ما يجب عليهم تعلمه، ولقي في عوده شدة شديدة من الأمطار وكثرتها، وزيادة الأنهار، فغرق منه ومن عسكره شيء عظيم.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة كان بإفريقية غلاء شديد بحيث تعطلت المخابز والحمامات، وهلك الناس، وذهبت الأموال من الأغنياء، وكثر الوباء، فكان يموت كل يوم ما بين خمسمائة إلى سبعمائة.
وفيها وصل قرواش وأبو جعفر الحجاج إلى الكوفة، فقبضا على أبي علي عمر بن محمد بن عمر العلوي، وأخذ منه قرواش مائة ألف دينار، وحمله معه إلى الأنبار.
وفيها توفي إسحاق بن محمد بن حمدان بن محمد بن نوح أبو إبراهيم المهلبي.
وفيها توفي محمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن أبي إسماعيل العلوي الهمذاني، الفقيه الشافعي، رحمه الله تعالى.


ثم دخلت سنة ست وتسعين وثلاثمائة
ذكر غزوة المولتان

في هذه السنة غزا السلطان يمين الدولة المولتان.
وكان سبب ذلك أن واليها أبا الفتوح نقل عنه خبث اعتقاده، ونسب إلى الإلحاد، وأنه قد دعا أهل ولايته إلى ما هو عليه، فأجابوه. فرأى يمين الدولة أن يجاهده ويستنزله عما هو عليه، فسار نحوه، فرأى الأنهار التي في طريقه كثيرة الزيادة، عظيمة المد، وخاصة سيحون، فإنه منع جانبه من العبور، فأرسل إلى أندبال يطلب إليه أن يأذن له في العبور، ببلاده إلى المولتان، فلم يجبه إلى ذلك، فابتدأ به قبل المولتان، وقال: نجمع بين غزوتين، لأنه لا غزو إلا التعقيب؛ فدخل بلاده، وجاسها، وأكثر القتل فيها، والنهب لأموال أهلها، والإحراق لأبنيتها، ففر أندبال من بين يديه وهو في أثره كالشهاب في أثر الشيطان، من مضيق إلى مضيق، إلى أن وصل إلى قشمير.
ولما سمع أبو الفتوح بخبر إقباله إليه علم عجزه عن الوقوف بين يديه والعصيان عليه، فنقل أمواله إلى سرنديب، وأخلى المولتان، فوصل يمين الدولة إليها ونازلها، فإذا أهلها في ضلالهم يعمهون، فحصرهم، وضيق عليهم، وتابع القتال حتى افتتحها عنوةً، وألزم أهلها عشرين ألف درهم عقوبةً لعصيانهم.
ذكر عزوة كواكير
ثم سار عنها إلى قلعة كواكير، وكان صاحبها يعرف ببيدا، وكان بها ستمائة صنم، فافتتحها وأحرق الأصنام، فهرب صاحبها إلى قلعته المعروفة بكالنجار، فسار خلفه إليها، وهو حصن كبير يسع خمسمائة ألف إنسان، وفيه خمسمائة فيل، وعشرون ألف دابة، وفي الحصن ما يكفي الجميع مدة. فلما قاربها يمين الدولة وبقي بينهما سبعة فراسخ رأى من الغياض المانعة من سلوك الطريق ما لا حد عليه، فأمر بقطعها، ورأى في الطريق وادياً عظيم العمق، بعيد القعر، فأمر أن يطم منه مقدار ما يسع عشرين فارساً، فطموه بالجلود المملوءة تراباً، ووصل إلى القلعة فحصرها ثلاثة وأربعين يوماً، وراسله صاحبها في الصلح فلم يجبه.
ثم بلغه عن خراسان اختلاف بسبب قصد ايلك الخان لها، فصالح ملك الهند على خمسمائة فيل، وثلاثة آلاف من فضة، ولبس خلعه يمين الدولة بعد أن استعفى من شد المنطقة، فإنه اشتد عليه، فلم يجبه يمين الدولة إلى ذلك، فشد المنطقة، وقطع إصبعه الخنصر وأنفذها إلى يمين الدولة توثقةً فيما يعتقدونه، وعاد يمين الدولة إلى خراسان لإصلاح ما اختلف فيها، وكان عازماً على الوغول في بلاد الهند.
ذكر عبور عسكر ايلك الخان إلى خراسان
كان يمين الدولة لما استقر له ملك خراسان، وملك ايلك الخان ما وراء النهر، قد راسله ووافقه وتزوج ابنته، وانعقدت بينهما مصاهرة ومصالحة، فلم تزل السعاة حتى أفسدوا ذات بينهما، وكتم ايلك الخان ما في نفسه، فلما سار يمين الدولة إلى المولتان اغتنم ايلك الخان خلو خراسان، فسير سباشي تكين، صاحب جيشه في هذه السنة، إلى خراسان في معظم جنده، وسير أخاه جعفر تكين إلى بلخ في عدة من الأمراء. (4/138)
وكان يمين الدولة قد جعل بهراة أميراً من أكابر أمرائه يقال له: أرسلان الجاذب، فأمره إذا ظهر عليه مخالف أن ينحاز إلى غزنة. فلما عبر سباشي تكين إلى خراسان سار أرسلان إلى غزنة، وملك سباشي هراة وأقام بها، وأرسل إلى نيسابور من استولى عليها.
واتصلت الأخبار بيمين الدولة، وهو بالهند، فرجع إلى غزنة لا يلوي على دار، ولا يركن إلى قرار، فلما بلغها فرق في عساكره الأموال، وقواهم، وأصلح ما أراد إصلاحه، واستمد الأتراك الخلجية، فجاءه منه خلق كثير، وسار بهم نحو بلخ، وبها جعفر تكين أخو ايلك الخان، فعبر إلى ترمذ، ونزل يمين الدولة ببلخ، وسير العساكر إلى سباشي تكين بهراة، فلما قاربوه سار نحو مرو ليعبر النهر، فلقيه التركمان الغزية، فقاتلوه فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة.
ثم سار نحو أبيورد لتعذر العبور عليه، فتبعه عسكر يمين الدولة، كلما رحل نزلوا، حتى ساقه الخوف من الطلب إلى جرجان فأخرج عنها، ثم عاد إلى خراسان، فعارضه يمين الدولة، فمنعه عن مقصده، وأسر أخو سباشي تكين وجماعة من قواده، ونجا هو في خف من أصحابه، فعبر النهر.
وكان ايلك الخان قد عبر أخاه جعفر تكين إلى بلخ ليلفت يمين الدولة عن طلب سباشي، فلم يرجع، وجعل دأبه إخراج سباشي من خراسان، فلما أخرجه عنها عاد إلى بلخ، فانهزم من كان بها مع جعفر تكين، وسلمت خراسان ليمين الدولة.
ذكر الحرب بين عسكر بهاء الدولة والأكراد
في هذه السنة سير عميد الجيوش عسكراً إلى البندنيجين، وجعل المقدم عليهم قائداً كبيراً من الديلم، فلما وصلوا إليها سار إليهم جمع كثير من الأكراد، فاقتتلوا، فانهزم الديلم، وغنم الأكراد رحلهم ودوابهم، وجرد المقدم عليهم من ثيابه، فأخذ قميصاً من رجل سوادي، وعاد راجلاً حافياً، ولم يكن مقامهم غير أيام قليلة.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قلد الشريف الرضي نقالة الطالبيين بالعراق، ولقب بالرضي ذي الحسبين، ولقب أخوه المرتضى ذا المجدين، فعل ذلك بهاء الدولة.
وفيها توفي أبو أحمد عبد الرحيم بن علي بن المرزبان الأصبهاني، قاضي خراسان، وكان إليه أمر البيمارستان ببغداد.
وفيها، مستهل شعبان، طلع كوكب كبير يشب الزهرة عن يسرة قبلة العراق، له شعاع على الأرض كشعاع القمر، وبقي إلى منتصف ذي القعدة وغاب.
وفيها توفي أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الإسماعيلي الإمام، الفقيه الشافعي، بجرجان في ربيع الآخر، ومحمد بن إسحاق بن محمد ابن يحيى بن مندة أبو عبدالله الحافظ الأصبهاني المشهور، له التصانيف المعروفة.


ثم دخلت سنة سبع وتسعين وثلاثمائة
ذكر هزيمة ايلك الخان

لما أخرج يمين الدولة عساكر ايلك الخان من خراسان، راسل ايلك الخان قدر خان بن بغراخان ملك الختل لقرابة بينهما، وذكر له حاله، واستعان به، واستنصره، واستنفر الترك من أقاصي بلادها، وسار نحو خراسان، واجتمع هو وايلك الخان، فعبرا النهر.
وبلغ الخبر يمين الدولة، وهو بطخارستان، فسار وسبقهما إلى بلخ، واستعد للحرب، وجمع الترك الغزية، والخلج، والهند، والأفغانية، والغزنوية، وخرج عن بلخ، فعسكر على فرسخين بمكان فسيح يصلح للحرب، وتقدم ايلك الخان، وقدرخان في عساكرهما، فنزلوا بإزائه، واقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل.
فلما كان الغد برز بعضهم إلى بعض واقتتلوا، واعتزل يمين الدولة إلى نشز مرتفع ينظر إلى الحرب، ونزل عن دابته وعفر وجهه على الصعيد تواضعاً لله تعالى، وسأله النصر والظفر، ثم نزل وحمل في فيلته على قلب ايلك الخان، فأزاله عن مكانه، ووقعت الهزيمة فيهم، وتبعهم أصحاب يمين الدولة يقتلون، ويأسرون، ويغنمون إلى أن عبروا بهم النهر، وأكثر الشعراء تهنئة يمين لدولة بهذا الفتح.
ذكر غزوه إلى الهند
فلما فرغ يمين لدولة من الترك سار نحو الهند للغزاة.
وسبب ذلك أن بعض أولاد ملوك الهند، يعرف بنواسه شاه وكان قد أسلم على يده، واستخلفه على بعض ما افتتحه من بلادهم.
فلما كان الآن بلغه أنه ارتد عن الإسلام، ومالأ أهل الكفر والطغيان، فسار إليه مجداً، فحين قاربه فر الهندي من بين يديه، واستعاد يمين الدولة تلك الولاية، وأعادها إلى حكم الإسلام، واستخلف عليها بعض أصحابه، وعاد إلى غزنة.
ذكر حصر أبي جعفر الحجاج بغداد (4/139)
في هذه السنة جمع أبو جعفر الحجاج جمعاً كثيراً، وأمده بدر بن حسنويه بجيش كثير، فسار بالجميع وحصر بغداد.
وسبب ذلك أن أبا جعفر كان نازلاً على قلج حامي طريق خراسان، وكان قلج مبايناً لعميد الجيوش، فاجتمعا لذلك. فتوفي قلج هذه السنة، فجعل عميد الجيوش على حماية الطريق أبا الفتح بن عناز، وكان عدواً لبدر بن حسنويه، فحقد ذلك بدر، فاستدعى أبا جعفر الحجاج، وجمع له جمعاً كثيراً، منهم الأمير هندي بن سعدي، وأبو عيسى شاذي بن محمد، وورام بن محمد، وغيرهم، وسيرهم إلى بغداد.
وكان الأمير أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي قد عاد من عند بهاء الدولة بخوزستان مغضباً، فاجتمع معهم، فزادت عدتهم على عشرة آلاف فارس.
وكان عميد الجيوش عند بهاء الدولة لقتال أبي العباس بن واصل، فسار أبو جعفر ومن اجتمع معه إلى بغداد، ونزلوا على فرسخ منها، وأقاموا شهراً، وببغداد جمعٌ من الأتراك، ومعهم أبو الفتح بن عناز، فحفظوا البلد، فبينما هم كذلك أتاهم خبر انهزام أبي العباس، وقوة بهاء الدولة، ففت ذلك في أعضاد أبي جعفر ومن معه، فتفرقوا، فعاد ابن مزيد إلى بلده، وسار أبو جعفر وأبو عيسى إلى حلوان، وراسل أبو جعفر في إصلاح حاله مع بهاء الدولة، فأجابه إلى ذلك، فحضر عنده بتستر، فلم يلتفت إليه لئلا يستوحش عميد الجيوش.
ذكر قصد بدر ولاية رافع بن مقن
كان أبو الفتح بن عناز التجأ إلى رافع بن محمد بن مقن، ونزل عليه، حين أخذ بدر بن حسنويه منه حلوان وقرميسين، فأرسل بدر إلى رافع يذكر مودة أبيه، وحقوقه عليه، ويعتب عليه حيث آوى خصمه، ويطلب إليه أن يبعده ليدوم له على العهد والود القديم. فلم يفعل رافع ذلك، فأرسل بدر جيشاً إلى أعمال رافع بالجانب الشرقي من دجلة فنهبها، وقصدوا داره بالمطيرة فنهبوها، وأحرقوها، وساروا إلى قلعة البردان، وهي لرافع أيضاً، ففتحوها قهراً، وأحرقوا ما كان بها من الغلات، وطموا بئرها، فسار أبو الفتح إلى عميد الجيوش ببغداد، فخلع عليه وأكرمه ووعده نصره.
ذكر قتل أبي العباس بن واصل
في هذه السنة قتل أبو العباس بن واصل، صاحب البصرة، وقد تقدم ذكر ابتداء حاله، وارتفاعه، واستيلائه على البطيحة، وما أخذه من الأموال، وما هزم من جيوش السلطان، وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه.
فلما عظم أمره سار بهاء الدولة من فارس إلى الأهواز ليحفظ خوزستان منه، وكان في البطائح مقابل عميد الجيوش، فلما فرغ منه سار إلى الأهواز، وبها بهاء الدولة، فملكها على ما ذكرناه وعاد منها على صلح مع بهاء الدولة إلى البصرة، وقد ذكرناه أيضاً.
ثم تجدد ما أوجب عوده إلى الأهواز، فعاد إليها في جيشه، وبهاء الدولة مقيم بها، فلما قاربها رحل بهاء الدولة عنها لقلة عسكره، وتفرقهم: بعضهم بفارس، وبعضهم بالعراق، وقطع قنطرة أربق، وبقي النهر يحجز بين الفريقين، فاستولى أبو العباس على الأهواز، وأتاه مدد من بدر بن حسنويه ثلاثة آلاف فارس، فقوي بهم.
وعزم بهاء الدولة على العود إلى فارس، فمنعه أصحابه، فأصلح أبو العباس القنطرة، وجرى بين العسكرين قتال شديد دام إلى السحر، ثم عبر أبو العباس على القنطرة بعد أن أصلحها، والتقى العسكران واشتد القتال، فانهزم أبو العباس، وقتل من أصحابه كثير، وعاد إلى البصرة مهزوماً منتصف رمضان سنة ست وتسعين وثلاثمائة. فلما عاد منهزماً جهز بهاء الدولة إليه العساكر مع وزيره أبي غالب، فسار إليه، ونزل عليه محاصراً له، وجرى بين العسكرين القتال، وضاق الأمر على الوزير، وقل المال عنده، واستمد بهاء الدولة فلم يمده.
ثم إن أبا لعباس جمع سفنه وعساكره، وأصعد إلى عسكر الوزير، وهجم عليه، فانهزم الوزير، وكاد يتم على الهزيكة، فاستوقفه بعض الديلم وثبته، وحملوا على أبي العباس فانهزم هو وأصحابه، وأخذ الوزير سفنه، فاستأمن إليه كثير من أصحابه.
ومضى، أبو العباس منهزماً، وركب مع حسان بن ثمان الخفاجي هارباً إلى الكوفة، ودخل الوزير البصرة، وكتب إلى بهاء الدولة بالفتح. (4/140)
ثم إن أبا العباس سار من الكوفة، وقطع دجلة، ومضى عازماً على اللحاق ببدر بن حسنويه، فبلغ خانقين، وبها جعفر بن العوام في طاعة بدر، فأنزله وأكرمه، وأشار عليه بالمسير في وقته، وحذره الطلب، فاعتل بالتعب، وطلب الاستراحة، ونام، وبلغ خبره إلى أبي الفتح بن عناز وهو في طاعا بهاء الدولة، وكان قريباً منهم، فسار إليهم بخانقين، وهو بها، فحصره وأخذه وسار به إلى بغداد، فسيره عميد الجيوش إلى بهاء الدولة، فلقيهم في الطريق قاصدٌ من بهاء الدولة يأمره بقتله، فقتل وحمل رأسه إلى بهاء الدولة، وطيف به بخوزستان وفارس، وكان بواسط عاشر صفر.
ذكر مسير عميد الجيوش إلى حرب بدر وصلحه معه
كان في نفس بهاء الدولة على بدر بن حسنويه حقدٌ لما اعتمده في بلاده لاشتغاله عنه بأبي العباس بن واصل، فلما قتل أبو العباس أمر بهاء الدولة عميد الجيوش بالمسير إلى بلاده، وأعطاه مالاً أنفقه في الجند، فجمع عسكراً وسار يريد بلاده، فنزل جنديسابور. فأرسل إليه بدر: إنك لم تقدر على أن تأخذ ما تغلب عليه بنو عقيل من أعمالكم، وبينهم وبين بغداد فرسخ، حتى صالحتهم، فكيف تقدر على أخذ بلادي وحصوني مني، ومعي من الأموال ما ليس معك مثلها ؟ وأنا معك بين أمرين إن حاربتك، فالحرب سجال، ولا نعلم لمن العاقبة، فإن انهزمت أنا لم ينفعك ذلك لأنني أ؛تمي بقلاعي ومعاقلي، وأنفق أموالي، وإذا عجزت فأنا رجلٌ صحراوي، صاحب عمد، أبعد ثم أقرب، وإن انهزمت أنت لم تجتمع، وتلقى من صاحبك العتب؛ والرأي أن أحمل إليك مالاً ترضي به صاحبك، ونصطلح. فأجابه إلى ذلك، وصالحه، وأخذ منه ما كان أخرجه على تجهيز الجيش وعاد عنه.
ذكر الحرب بين قرواش وأبي علي بن ثمال الخفاجي
في المحرم جرت وقعة بين معتمد الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلد العقيلي، وبين أبي علي بن ثمال الخفاجي، وكان سببها أن قرواشاً جمع جمعاً كثيراً وسار إلى الكوفة، وأبو علي غائب عنها، فدخلها ونزل بها، وعرف أبو علي الخبر، فسار إليه، فالتقوا واقتتلوا، فانهزم قرواش وعاد إلى الأنبار مفلولاً؛ وملك أبو علي الكوفة، وأخذ أصحاب قرواش فصادرهم.
ذكر خروج أبي ركوة على الحاكم بمصر
في هذه السنة ظفر الحاكم بأبي ركوة، ونحن نذكر ها هنا خبره أجمع.
كان أبو ركوة اسمه الوليد، وإنما كني أبا ركوة لركوةٍ كان يحملها في أسفاره، سنة الصوفية، وهو من ولد هشام بن عبد الملك بن مروان، ويقرب في النسب من المؤيد هشام بن الحاكم الأموي، صاحب الأندلس، وإن المنصور ابن أبي عامر لما استولى على المؤيد هشام بن الحاكم الأموي، صاحب الأندلس، وإن المنصور ابن أبي عامر لما استولى على المؤيد وأخفاه عن الناس، تتبع أهله ومن يصلح منهم للملك، فطلبه، فقتل البعض وهرب البعض.
وكان أبو ركوة ممن هرب، وعمره حينئذ قد زاد على العشرين سنة، وقصد مصر، وكتب الحديث، ثم سار إلى مكة واليمن، وعاد إلى مصر ودعا بها إلى القائم، فأجابه بنو قرة وغيرهم.
وسبب استجابتهم أن الحاكم بأمر الله كان قد أسرف في مصر في قتل القواد، وحبسهم، وأخذ أموالهم، وسائر القبائل معه في ضنكٍ وضيقٍ، ويودون خروج الملك عن يده؛ وكان الحاكم في الوقت الذي دعا أبو ركوة بني قرة قد آذاهم، وحبس منهم جماعة من أعيانهم، وقتل بعضهم، فلما دعاهم أبو ركوة انقادوا له.
وكان بين بني قرة وبين زناته حروب ودماء، فاتفقوا على الصلح، ومنع أنفسهم من الحاكم، فقصد بني قرة، وفتح يعلم الصبيان الخط، وتظاهر بالدين والنسك، وآمهم في صلواتهم، فشرع في دعوتهم إلى ما يريد، فأجابوه وبايعوه، واتفقوا عليه، وعرفهم حينئذ نفسه، وذكر لهم أن عندهم في الكتب أنه يملك مصر وغيرها، ووعدهم ومناهم، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً. فاجتمعت بنو قرة وزناتة على بيعته، وخاطبوه بالإمامة، وكانوا بنواحي برقة. فلما سمع الوالي ببرقة خبره كتب إلى الحاكم ينهيه إليه، ويستأذنه في قصدهم وإصلاحهم، فأمره بالكف عنهم وأطراحهم.
ثم إن أبا ركوة جمعهم وسار إلى برقة، واستقر بينهم أن يكون الثلث من الغنائم له، والثلثان لبني قرة وزناتة، فلما قاربها خرج إليه واليها، فالتقوا، فانهزم عسكر الحاكم، وملك أبو ركوة برقة، وقوي هو ومن معه بما أخذوا من الأموال والسلاح وغيره، ونادى بالكف عن الرعية والنهب، وأظهر العدل وأمر بالمعروف.(4/141)
فلما وصل المنهزمون إلى الحاكم عظم عليه الأمر، وأهمته نفسه وملكه، وعاود الإحسان إلى الناس، والكف عن أذاهم، وندب عسكراً نحو خمسة آلاف فارس وسيرهم، وقدم عليهم قائداً يعرف بينال الطويل، وسيره، فبلغ ذات الحمام، وبينها وبين برقة مفازة فيها منزلان، لا يلقى السالك الماء إلا في آبار عميقة بصعوبة وشدة. فسير أبو ركوة قائداً في ألف فارس، وأمرهم بالمسير إلى ينال ومن معه ومطاردتهم قبل الوصول إلى المنزلين المذكورين، وأمرهم، إذا عادوا، أن يغوروا الآبار، ففعلوا ذلك وعادوا، فحينئذ سار أبو ركوة في عساكره ولقيهم وقد خرجوا من المفازة على ضعفٍ وعطش، فقاتلهم، فاشتد القتال، فحمل ينال على عسكر أبي ركوة، فقتل منهم خلقاً كثيراً، وأبو ركوة واقف لم يحمل هو ولا عسكره، فاستأمن إليه جماعة كثيرة من كتامة لما نالهم من الأذى والقتل من الحاكم، وأخذوا الأمان لمن بقي من أصحابهم، ولحقهم الباقون، فحمل حينئذ بهم على عساكر الحاكم، فانهزمت وأسر ينال وقتل، وأسر أكثر عسكره، وقتل منهم خلق كثير، وعاد إلى برقة وقد امتلأت أيديهم من الغنائم.
وانتشر ذكره، وعظمت هيبته، وأقام ببرقة، وترددت سراياه إلى الصعيد وأرض مصر، وقام الحاكم من ذلك وقعد، وسقط في يده، وندم على ما فرط، وفرح جند مصر وأعيانها، وعلم الحاكم ذلك، فاشتد قلقه، وأظهر الاعتذار عن الذي فعله.
وكتب الناس إلى أبي ركوة يستدعونه، وممن كتب إليه الحسين بن جوهر المعروف بقائد القواد، فسار حينئذ عن برقة إلى الصعيد، وعلم الحاكم، فاشتد خوفه، وبلغ الأمر به كل مبلغ، وجمع عساكره واستشارهم، وكتب إلى الشام يستدعي العساكر، فجاءته، وفرق الأموال، والدواب، والسلاح، وسيرهم وهم اثنا عشر ألف رجل بين فارس وراجل، سوى العرب، واستعمل عليهم الفضل بن عبدالله. فلما قاربوا أبا ركوة لقيهم في عساكره، ورام مناجزة المصريين، والفضل يحاجزه، ويدافع، ويراسل أصحاب أبي ركوة يستميلهم ويبذل لهم الرغائب، فأجابه قائد كبير من بني قرة يعرف بالماضي، وكان يطالعه بأخبار القوم وما هم عازمون، فيدبر الفضل أمره على حسب ما يعلمه منه..
وضاقت الميرة على العساكر، فاضطر الفضل إلى اللقاء، فالتقوا واقتتلوا بكوم شريك، فقتل بين الفريقين قتلى كثيرة، ورأى الفضل من جمع أبي ركوة ما هاله، وخاف المناجزة فعاد إلى عسكره.
وراسل بنو قرة العرب الذين في عسكر الحاكم يستدعونهم إليهم ويذكرونهم أعمال الحاكم بهم، فأجابوهم، واستقر الأمر أن يكون الشام للعرب ويصير لأبي ركوة معه مصر، وتواعدوا ليلة يسير فيها أبو ركوة إلى الفضل، فإذا وصل إليه انهزمت العرب، ولا يبقى دون مصر مانع. فكتب الماضي إلى الفضل بذلك، فلما كان ليلة الميعاد جمع الفضل رؤساء العرب ليفطروا عنده، وأظهر أنه صائم، وطاولهم الحديث، وتركهم في خيمة واعتزلهم، ووصى أصحابه بالحذر، ورام العرب العود إلى خيامهم، فعللهم وطاولهم، ثم أحضر الطعام وأحضرهم، فأكلوا وتحدثوا.
وسير الفضل سرية إلى طريق أبي ركوة، فلقوا العسكر الوارد من عنده، فاقتتلوا، ووصل الخبر إلى العسكر وارتج، وأراد العرب الركوب، فمنعهم، وأرسل إلى أصحابهم من العرب فأمرهم بالركوب والقتال، ولم يكن عندهم علم بما فعل رؤساؤهم، فركبوا واشتد القتال، ورأى بنو قرة الأمر على خلاف ما قرروه.
ثم ركب الفضل ومعه رؤساء العرب، وقد فاتهم ما عزموا عليه، فباشروا الحرب وغاصوا فيها، وورد أبو ركوة مدداً لأصحابه، فلما رآه الفضل رد أصحابه وعاد إلى المدافعة.
وجهز الحاكم عسكراً آخر، أربعة آلاف فارس، وعبروا إلى الجيزة، فسمع أبو ركوة بهم، فسار مجداً في عسكره ليوافقهم عند مصر، وضبط الطرق لئلا يسمع الفضل، ولم يكن الماضي يكاتبه، فساروا، وأرسل إليه من الطريق يعرفه الخبر، وقطع أبو ركوة مسيره خمس ليالٍ في ليلتين، وكبسوا عسكر الحاكم بالجيزة، وقتلوا نحو ألف فارس، وخاف أهل مصر، ولم يبرز الحاكم من قصره، وأمر الحاكم من عنده من العساكر بالعبور إلى الجيزة، ورجع أبو ركوة فنزل عند الهرمين، ثم انصرف من يومه، وكتب الحاكم إلى الفضل كتاباً ظاهراً يقول فيه: إن أبا ركوة انهزم من عساكرنا، ليقرأه على القواد وكتب إليه سراً يعلمه الحال. فأظهر الفضل البشارة بانهزام أبي ركوة تسكيناً للناس.(4/142)
ثم سار أبو ركوة إلى موضع يعرف بالسبخة، كثير الأشجار، وتبعه الفضل، وكمن أبو ركوة بين الأشجار، وطارد عسكر الفضل، ورجع عسكره القهقري ليستجروا عسكر الفضل ويخرج الكمين عليهم، فلما رأى الكمناء رجوع عسكر أبي ركوة ظنوها الهزيمة لا شك فيها، فولوا يتبعونهم، وركبهم أصحاب الفضل، وعلوهم بالسيوف فقتل منهم ألوف كثيرة، وانهزم أبو ركوة ومعه بنو قرة وساروا إلى حللهم، فلما بلغوها ثبطهم الماضي عنه، فقالوا له: قد قاتلنا معك، ولم يبق فينا قتال، فخذ لنفسك وانج؛ فسار إلى بلد النوبة، فلما بلغ إلى حصن يعرف بحصن الجبل للنوبة أظهر أنه رسول من الحاكم إلى ملكهم، فقال له صاحب الحصن: الملك عليل، ولا بد من استخراج أمره في مسيرك إليه.
وبلغ الفضل الخبر، فأرسل إلى صاحب القلعة بالخبر على حقيقته، فوكل به من يحفظه، وأرسل إلى الملك بالحال، وكان ملك النوبة قد توفي وملك ولده، فأمر بأن يسلم إلى نائب الحاكم، فتسلمه رسول الفضل وسار به، فلقيه الفضل وأكرمه وأنزله في مضاربه، وحمله إلى مصر فأشهر بها، وطيف به.
وكتب أبو ركوة إلى الحاكم رقعة يقول فيها: يا مولانا الذنوب عظيمة، وأعظم منها عفوك، والدماء حرام ما لم يحللها سخطك، وقد أحسنت وأسأت وما ظلمت إلا نفسي، وسوء عملي أوبقني، وأقول:
فررت فلم يغن الفرار، ومن يكن ... مع الله لم يعجزه في الأرض هارب
ووالله ما كان الفرار لحاجةٍ، ... سوى فزع الموت الذي أنا شارب
وقد قادني جرمي إليك برمّتي، ... كما خرّ ميتٌ في رحا الموت سارب
وأجمع كلّ الناس أنّك قاتلي، ... فيما ربّ ظنّ ربّه فيك كاذب
وما هو إلاّ الانتقام، وينتهي، ... وأخذك منه واجباً لك واجب
ولما طيف به ألبس طرطوراً، وجعل خلفه قرد يصفعه، كان معلماً بذلك، ثم حمل إلى ظاهر القاهرة ليقتل ويصلب، فتوفي قبل وصوله، فقطع رأسه وصلب، وبالغ الحاكم في إكرام الفضل إلى حد أنه عاده في مرضةٍ مرضها دفعتين، فاستعظم الناس ذلك، ثم إنه عمل في قتل الفضل لما عوفي فقتله.
ذكر القبض على مجد الدولة وعوده إلى ملكه
في هذه السنة قبضت والدة مجد الدولة بن فخر الدولة بن بويه، صاحب الري وبلد الجبل، عليه.
وكان سبب ذلك أن الحكم كان إليها في جميع، أعمال ابنها، فلما وزر له الخطير أبو علي بن علي بن القاسم استمال الأمراء، ووضعهم عليها، والشكوى عليها، وخوف ابنها منها، فصار كالمحجور عليه. فخرجت من الري إلى القلعة فوضع عليها من يحفظها، فعملت الحيلة حتى هربت إلى بدر بن حسنويه، واستعانت به في ردها إلى الري.
وجاءها ولدها شمس الدولة، وعساكر همذان، وسار معها بدر إلى الري فحصروها، وجرى بين الفرقين قتال كثير مدةً، ثم استظهر بدر، ودخل البلد، وأسر مجد الدولة، فقيدته والدته وسجنته بالقلعة، وأجلست أخاه شمس الدولة في الملك وصار الأمر إليها.
وعاد بدر إلى بلده، وبقي شمس الدولة في الملك نحو سنة، فرأت والدته منه تنكراً وتغيراً، وأن أخاه مجد الدولة ألين عريكةً، وأسلم جانباً، فأعادته إلى الملك، وسار شمس الدولة إلى همذان، وكره بدر هذه الحالة إلا أنه اشتغل بولده هلال عن الحركة فيها، وصارت هي تدبر الأمر، وتسمع رسائل الملوك، وتعطي الأجوبة.
وأرسل شمس الدولة إلى بدر يستمده، فسير إليه جنداً، فأخذهم وسار بهم إلى قم، فحصروها، فمنعها أهلها. ثم إن العساكر دخلوا طرفاً منها واشتغلوا بالنهب، فأكب عليهم العامة وقتلوا منهم نحو سبعمائة رجل، وانهزم الباقون إلى معسكرهم، ثم قبض هلال بن بدر على أبيه، فتفرق ذلك الجمع كله.

ذكر عدة حوادث
في هذه السنة اشتد الغلاء بالعراق، فضج العامة، وشغب الجند وكانت فتنة.
وفيها توفي عبد الصمد الزاهد، ودفن عند قبر أحمد، وكان غاية في الزهد والورع.
وفيها هب على الحجاج ريح سوداء بالثعلبية أظلمت لها الأرض، ولم ير الناس بعضهم بعضاً، وأصابهم عطش شديد، ومنعهم ابن الجراح الطائي من المسير ليأخذ منهم مالاً، فضاق الوقت عليهم، فعادوا ولم يحجوا.
وفيها مات علي بن أحمد أبو الحسن الفقيه المالكي، المعروف بابن القصار.

This site was last updated 07/25/11