فى كتابها المتميز "الأقباط فى الحياة السياسية"، تقول الدكتورة سميرة بحر :"إنه فى أواخر عام 1961 قام النظام بالدعاية الصاخبة للاشتراكية وتطويعها لتعاليم القرآن، وقام رجال الدين المسيحى بتفسير العلاقة بين الاشتراكية والمسيحية، وقد تمت هذه التفسيرات على الرغم من أن التأميمات التى قامت بها الحكومة قد قضت على عدد كبير من الأعمال والصناعات التى كانت للأقباط سيطرة فيها،
ففى قطاع النقل شركات الأتوبيس داخل القاهرة وبين الأقاليم كانت خسارة الأقباط خمسة وسبعين بالمائة.
حيث أممت شركات إخوان مقار والأسيوطى وأبو رجيلة وحكيم مرجان، كذلك أممت مصانع وبنوك عديدة ونزعت قوانين الإصلاح الزراعى ملكية آلاف الأفدنة من عائلات قبطية مثل عائلات دوس وأندراوس وويصا وخياط .
وكان لارتكاز الرئيس عبد الناصر على الخطاب الدينى وحشو خطبه بالآيات القرآنية أثر كبير فى ازدياد المد الدينى، فهو لم يرجع القرارات التأميمة لماركس، بل أعلن أن الرسول محمد هو أبو أول اشتراكية ومسيارة للنزاعة الدينية،
بدا الاعتراض على الوظائف العليا التى كان الأقباط يشغلون تسعون فى المائة منها، وأصبح عامل الدين يأخذ فى الاعتبار عند التعيين فى الوظائف المدنية حتى لا تطغى الأقلية على الأغلبية، وبناء على ذلك أصبح هناك وظائف ومواقع لا يقترب منها الأقباط، ومثال على ذلك كانت نسبة الأساتذة فى كلية الطب من الأقباط تصل إلى أربعين فى المائة تدهورت حتى وصلت إلى أربعة فى المائة،
وإلى جانب ذلك جعل عبد الناصر الدين مادة أساسية فى مختلف مراحل التعليم، وجعل الجامع الأزهر جامعة
وادى إلغاء عبد الناصر للأحزاب إلى اختفاء حزب الوفد، فانتهى بذلك دور الأقباط فى الحياة النيابية وتبنى عبد الناصر سياسة التعيين، وفى مجال الوزراء أصبح للأقباط عدد محدود من وزرات التكنوقراط أى الموظفين بعيدا عن الوزرات ذات السيادة".
وقال قداسة البابا شنودة فى حوار مع الأستاذ عادل حمودة نشر بمجلة روز اليوسف 28 أكتوبر عام 1996 :"إنه فى عهد عبد الناصر كانت ظروف الأقباط صعبة وحوادث حرق الكنائس لم يكن يعلن عنها".
ومن جهة أخرى أن الرئيس عبد الناصر قدم إيجابيات استفاد منها الأقباط مثل تبرعه لبناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، كذلك كان صديقا للبابا كيرلس السادس، وأن العدالة الاجتماعية قد استفاد منها جميع المصريين، كذلك فإن ضربة عبد الناصر للإخوان المسلمين ووضعهم فى المعتقلات هدأت من نشرهم لحالات التعصب فى المجتمع المصرى.
*****************************
من التاريخ .. وطنية الاقباط .. سقوط شبكة الجاسوسية .. 1961
وطنية الاقباط .. سقوط شبكة الجاسوسية .. 1961
البداية كانت عام 1956 عندما سافر جان ليون توماس إلى ألمانيا بحثا عن عمل جديد ، وهناك وبعد فترة إستطاعت المخابرات الإسرائيلية تجنيده وتدريبة مستغلة فقره ، وكان التجنيد والتدريب تم بواسطة شخص إسمه " إميل " يتحدث بلهجة لبنانية ، ثم أعادته إلى القاهرة لتكوين شبكة جاسوسية تعمل على جمع معلومات عسكرية .. بالإضافة إلى جمع معلومات عن مشاريع قناة السويس ، والمشروعات الإقتصادية الجديدة ، والعلاقات التجارية مع الكتلة الشرقية ، والرأى العام فى القاهرة .
عاد توماس إلى القاهرة 1958 بعد أن تزوج الألمانية " كاتى بادروف " والتى عاونته فى تكوين شبكة الجاسوسية ، وكانت البداية بـ محمد أحمد حسن الموظف بوزارة الحربية ، والذى قام بإعداد بعض الوثائق مقابل راتب شهرى .. سافر توماس وبادروف وحسن فى رحلة إلى القنال ، وصوروا بعض المناطق العسكرية ، ونجح توماس فى تجنيد " جربيس يعقوب تانليان " ، وكان يعمل بإستديو كافوك بشبرا ، وكان دوره تحميض وطباعة الأفلام .
الرائد أديب حنا كيرلس ..
عندما زار الرائد أديب حنا إستديو كافوك لإلتقاط صورة تذكارية له ولزوجته .. قام جربيس بالتودد إلى الرائد أديب ، حيث كانت الشبكة تبحث عن ضابط عسكرى تجنده لحسابها ، وظنوا أنهم وجدوا بغيتهم فى الضابط الشاب ، فدعوه إلى حفل خطبة شقيقة جربيس ، وقبل أديب الدعوة .. فى الحفل تعرف أديب على توماس وزوجته الإلمانية ، وحاول الجميع أن يقدموا له الود السريع والصداقة المفتعلة .
ولوحوا لـ أديب أنهم يودون زيارته فى منزله لكى يشاهدوا الكرم العربى الذى طالما سمعوا عنه وعرفوه ، وأمام رغبتهم التى أعلنوها إضطر إلى دعوتهم فى منزله لتناول العشاء ، وشملت الدعوة جربيس وشققته وخطيبته وتوماس وزوجته ، ولم يستطع أديب وقف تيار الصداقة التى فرضت عليه ..
وفى أحد سهراتهم صرح توماس لـ أديب أن حالته المادية لا تعجبه ، والطرق أمامه كثيرة لجمع المال دون مجهود يذكر ، وسأل أديب عن هذه الطرق ، فقال توماس القليل من المعلومات العسكرية التى يعرفها بحكم عمله فى سلاح المشاة يمكن أن تتحول إلى مئات الجنيهات .. أظهر أديب إهتمامه وترحيبه بالفكرة .
إتجه الرائد أديب إلى المخابرات العامة وإلتقى بأحد المسئولين ، وألقى أمامه بكل العبء الذى يحمله وحده ، فقال له الضابط : إطمئن .. إن توماس تحت المراقبة ، وكل نشاطه معروف لدينا ، وفى إستطاعتك أن تمضى فى تمثيل الدور إلى آخره .. ومضى أديب ونفذ كل طلبات توماس ، وكانت المخابرات المصرية تحضر معهم جلساتهم وتسجل أحاديثهم أول بأول ..
كتب له توماس ذات مرة ورقة بها 33 سؤالا عن القوات المسلحة ليجيب عليها ، وحمل الرائد أديب ورقة الأسئلة ، وتولت المخابرات الإجابة عنها ، وفرح توماس وتأكد من إخلاص أديب ، وأطلقت عليه مخابرات إسرائيل إسم " كونرادوا " ، وكانت تدفع لـ أديب 10 آلاف جنية مقابل معلومات عن سلاح المشاة دون أن تعلم أن المعلومات ليس لها قيمة .
قبل القبض على الشبكة عرض توماس على أديب مبلغ مليون جنية تدفع له إذا تمكن من إغراء طيار ليهرب بطائرة ميج ويهبط بها فى قبرص أو تل أبيب على أن يدفع له مبلغ ربع مليون فى القاهرة والباقى فى الخارج .. وفى هذه الفترة وجدت المخابرات العامة أن الوقت قد حان لإسقاط الشبكة ، فتم القبض على الجميع ، وعثروا مع توماس على صندوق صغير مكتوب عليه " ألبوم الذكريات " وفيه مجموعة وثائق وصور أعدها توماس لتسليمها إلى إسرائيل .تم سقوط شبكة الجاسوسية بفضل الرائد أديب حنا كيرلس
المصدر ..مجلة المصور 5 مايو 1961
وحتى الان لم نسمع عن قبطى واحد قام بخيانة وطنة
تاريخ النشر : 22/06/2013