الأنبا يوساب الـ 115

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سيرة البابا يوساب الثانى البطريرك الـ 115

+إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الأنبا كيرلس المطران القبطى لأثيوبيا
سيرة البابا يوساب الـ 115
القمص أقلاديوس الأنطونى أسقفاً
الأنبا يوساب قائمقام ثم بابا
بالتزوير أصبح المطران بابا
إنتخاب البطريرك والتراث القبطى الديموقراطى
أعمال البابا يوساب2
الأب متى المسكين وألأنبا يوساب
معلومات عامة
وزير الداخلية يعين محلس ملى
البابا والإسلام
البابا يوساب والثورة
البابا وخادمه / ملك
المجلس الملى والبابا يوساب
البدء بإستغلال أرض الأنبا رويس
مرتبات الكهنة وشكواهم للبابا
الأقباط وتحرير مصر من الإنجليز
المجمع المقدس الأثيوبى وعزل البابا
مجمع مقدس بالدير المحرق
جماعة الأمة القبطية
الثورة والتساوى فى المواطنة
حقبة من تاريخ الكلية الإكليريكية
الإكليريكية ومادة الدين المسيحى
الكلية الإكليريكية فى أرض الأنبا رويس
معهد الدراسات القبطية بالأنبا رويس
إفتتاح مبنى القاعة اليوسابية
إجتماع المجمع والمجلس الملى
قرارات المجمع المقدس
مشهورين : الفنان مفيد جيد115
الأنبا توماس سكرتير المجمع
بيان المجمع المقدس بعزل البابا
الجرد / والإجتماع بالطوائف
عودة الأنبا يوساب المعزول ونياحته
الأنبا ياكوبوس مطران  الأورشليمى

 

نشأته ورهبنته

فى سنة 1876م ولد أقلاديوس فى قرية دير الشهيد فيلوتاس النغاميش (1) من قرى مركز البلينا وكان أبواه متواضعين وخائفى الرب ويعملون على طاعته فلما ولد لهما ولد هذباه منذ طفولته على محبة المسيح  وطاعته ، فنشأ  فى هذا الجو الروحى فحفظ المزامير حيث كان آباؤنا يعلموننا " أحفظ المزامير تحفظك" وكان نهما للمعرفة المسيحية والتعليم فكان يتعلم ويقرأ كل ما ما تقع عليه يداه من كتب الكنيسة وطقوسها وأستطاع أن يستوعب الكثير من العلوم الكنسية وهو لم يبلغ سن الخامسة عشرة من عمره ، وعندما أصبح شاباً كان محباً للفضيلة ميالاً للهدوء والعزلة عن العالم وكان يشتاق لحياة الرهبنة .

وفى سن التاسعة عشرة ذهب إلى دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان فذهب إلى عزبة تابعة للدير (مزرعة)  فى بوش (مركز ناصر حالياً ) وهناك خدم فترة تحت رعاية الشيوخ فوجدوه يتميز بالغيرة والذكاء والعمل الشاق والروحانية العالية وبعد سنتين من هذه الحياة ألبسوه ألأسكيم بأسمه الأصلى فأخذوه للدير فى الصحراء الشرقية وهناك بدأ رحلته مع الرب يسوع فنمى فى الفضيلة وطاعة الآباء .

حياته فى الدير

 ورسم راهبا بأسم أقلاديوس فكان ينموا فى المعرفة وعكف على الدراسة والقراءة فكان يتردد على مكتبة الدير ويستعير منها الكتب المطبوعة كتب تاريخية أو تعاليم آباء  منها والمخطوطات وكان يقضى وقته فى العمل وإعادة كتابة مخطوطات قديمة أما عن علاقاته فقد أحبه الرهبان وكان فى منزلة قريبة من قلوبهم وأحبه جميعهم . 

سفره للدراسة فى أثينا

وفى أثناء حبرية البابا كيرلس الخامس (1874 - 1927 ) الذى كان محباً للعلم وتعليم الرهبان وفتح آفاق جديده لهم وحدث أن تناقلت الألسن ذكاء الراهب أقلاديوس الأنطونى وشغفه للتعلم فأرسل فى طلبه وتناقش معه فى العديد من الموضوعات فتيقن من بقظته وسرعة إدراكه .

وكان الأنبا يوأنس مطران البحيرة وكيل الكرازة المرقسية يهتم  بتعلم الرهبان ويقرب المثقفين منهم فأنشأ فى مقره بالأسكندرية مدرسة لاهوتية متواضعة كان يرسل فى طلب الرهبان الشغوفين بالعلم من الأديرة المختلفة ليثقفهم بالعلوم الدينية المختلفة فى هذه المدرسة فلما وصلته أخبار الراهب الأنطونى أقلاديوس أستدعاه وألحقة بمدرسة الرهبان وكان يراقب نشاطه عن قرب فأيقن أنه جاد ومجتهد فى تحصيل العلوم والدراسة فأوفدة على نفقته الخاصة هو ورهبان آخرين معه إلى مدرسة ريزاريدس فى أثينا ليتلقى مزيداً من العلم .

وفى سنة 1902 وصل الراهب أقلاديوس إلى أثينا  وألتحق فور وصوله بالمدرسة وظل مثابراً مجتهداً حتى تخرج منها سنة 1905م وأستطاع أن يتقن اللغتين اليونانية والفرنسية وتفوق فى العلوم اللاهوتية وعند رجوعة حمل معه شهادة تخرجة العلمية كما حمل معها رسالة تقدير من مدير مدرسة ريزاريدس أثنى فيها على أدبه الجم وإجتهاده وحسن سيرته .  

فى أورشليم

وعند عودته إلى دير الأنبا أنطونيوس حتى عينه لوقته وكيلاً لأوقاف الدير بالقاهرة ولم يلبس أن أستدعاه الأنبا تيموثاوس مطران القدس وقلده منصباً آخر وهو رئيساً لدير الأقباط فى يافا لتمتعه بالعلم الغزير وأتقانه لغتين فخدم فى تلك المدينة بأمانه وصبر خمسة سنين ولما نجح فى رعاية القليل رأى الأنبا تيموثاوس بعدها أن يجعله رئيساً عاماً على أديرة القبط بالقدس وسائر بلاد فلسطين ، ونمت علاقته بالكنائس الأخرى وأستخدم موهبته فى اللغات التى أتقنها وخاصة اللغة اليونانية فراح يوثق العلاقة بين الكنيسة الأم والكنيسة التى تلقى منها العلم (الروم الأرثوذكس) وكانوا يتوددون إليه لمعرفتهم أنه درس فى غحدى كلياتهم ويقدرون نشاطه ، وكان يستخدم اللغة الفرنسية فى التفاهم مع رؤساء الكنائس الأخرى  وبهذا أستطاع عن طريق مواهبه وعلاقات المحبة مع الآخرين أن يحل كثير من المشاكل التى كانت تظهر بين حين وآخر وتعترض طريقه مع كافة الكنائس التقليدية التى تشترك فى كنيسة القيامة ولها تقاليدهات الخاصة حول القبر المقدس فنال أعجاب الجنرال ستورس حاكم مدينة القدس فكتب إلى صديقه مرقس سميكة باشا (كان مرقس سميكة باشا (2) عضو بالمجلس الملى ومديراً للمتحف القبطى) رسالة أشاد فيها بأعمل القمص أقلاديوس ومجهوداته وأشار إلى حسن تصرفه فى معالجة الأمور .

,وباء الكوليرا

أصيب سكان مصر بالأوبئة المختلفة وسجلت فى التاريخ ولكن لم يتم حصر الذين ماتوا من هذه الأوبئة

بمرض الطاعون (الوياء الذى تسبب عام 1835 في وفاة 500 ألف شخص)

وبالكوليرا عام 1831 ظهرت الكوليرا في مصر ثلاث مرات: المرة الأولى كانت في عام 1883 (مات بوباء الكوليرا180ألف متوفى ) والمرة الثانية في عام 1902 وأنتشر كوباء مرض الكوليرا فى سبتمبر سنة 1947م فى أيام الأنبا يوساب وعم القلق الكنيسة ومصر كلها وكان المصريون قد نجحوا من تطهير بلادهم لمدة 45 سنة حتى ظهرت فى منطقة القناة حيث يعتقد أنه الوباء وصل مصر عن طريق الهنود العاملين فى الجيش الإنجليزى .

نجيب ميخائيل محفوظ وكوليرا  1902 م

وهي المرة التي مات فيها شقيق الدكتور طه حسين ، وجاء ذكرها في كتابه "الأيام" . كانت بداية ظهورها في قرية "موشى" من أعمال مديرية أسيوط .

جاءت من خارج البلاد، إذ كان عمدة القرية مسافرا إلى الخارج يعتقد كان فى الحج فى مكة، ولما عاد كان معه صفيحة بها ماء ، ألقاها في بئر ارتوازية كانت محفورة في داخل منزله ، وكانت هذه الصفيحة موبوءة بميكروب الكوليرا، فانتشرت في المياه الجوفية تحت الأرض ، ووصلت إلى باقي الآبار في القرية.

ولما انتشر الوباء بين الناس ، فرضت الحكومة حصارا شديدا على القرية ، ومنعت الدخول أو الخروج منها . ولكن أحد الأهالي استطاع أن يخترق الحصار وخرج من القرية بعد أن دفع رشوة إلى أحد الجنود عبارة عن بيضة دجاجة ، ووصل الوباء إلى ديروط ثم انتشر بشكل خطير في أرجاء مصر. وقد عوقب هذا الجندي المرتشي بالحبس ستة أشهر، مع ضربه أربعين جلدة. ويرجع الفضل في مقاومة الكوليرا هذه المرة إلى الأطباء المصريين الذين تطوعوا لمقاومتها غير مبالين بالخطر، وفي مقدمتهم الدكتور "نجيب ميخائيل محفوظ". تطوع الدكتور نجيب محفوظ للسفر إلى قرية "موشى"، وذلك قبل تخرجه في كلية الطب بعام ، ووافقوا على طلبه بعد أن مات أحد الأطباء الذين كانوا يقاومون الكوليرا في قرية "موشى".

وعندما وصل الدكتور نجيب إلى القرية قال له زملاؤه إن في القرية بئرا موبوءة هي منبع الوباء ، ولا أحد يعرف مكانها، ثم سألوه ماذا يقترح؟،

وكان رأيه أنه لابد أولا من معرفة مكان هذه البئر. وطلب الدكتور نجيب قائمة بالوفيات ومكان إقامتهم ، وتواريخ حدوث الوفاة وخريطة للقرية ، ورسما بيانيا بسير الوفيات ، كذلك طلب إذنا بدخول بيوت القرية ومناقشة سكانها ، فحذروه من أن الأهالي سوف يقتلوه لا محالة، ولكنه لم يبال. استطاع الدكتور نجيب بعد دراسة مضنية أن يحدد مكان البئر التي انبعث منها الوباء ، واستمر في ممارسة عمله بكل عزيمة، حتى انقشع الوباء عن القرية، ثم انتقل إلى مدن أخرى كافح فيها الكوليرا بالاشتراك مع زملائه الأطباء المصريين الذين أغلقوا عياداتهم وتطوعوا وتصدوا للكوليرا بكل شجاعة وإصرار، إلى أن زال الوباء تماما من مصر .

الكوليرا فى مصر سنة 1947

وفي يوم من أيام الخريف عام 1947 عادت الكوليرا إلى مصر في عام 1947. نشرت إحدى الصحف يقول: إن رجلا من أهل مدينة "القرين" بمحافظة الشرقية أصيب فجأة بقىء حاد وإسهال شديد ، ثم مات بعد ساعات . وظنَّ مدير مستشفى القرين الدكتور "سامي لبيب"  أنه تسَمُّمٌ غذائي ، وفي اليوم التالي أصيب عشرة رجال وتوفوا بنفس الأعراض وسارَعَ الدكتور لبيب بإرسال عينة من الموتى للتحليل فجاءه النتيجة في المساء بأنها الكوليرا .

انزعج الناس فى هذه المنطقة التي ظهر فيها الوباء هي من أكبر المناطق المنتجة للبلح ، وهنا مكمن الخطر فهي توزع إنتاجها منه في كل أنحاء مصر . والأخطر من ذلك .. مَوْقِع مدينة القرين وطبيعة السكان فيها . فهي قريبة من أكبر قاعدة عسكرية للجيش البريطاني .. قاعدة "التل الكبير". يخرج منها في الصباح الباكر كلَّ يومٍ نحو اثنى عشر ألف رجلٍ متجهين إلى القاعدة العسكرية ، يعملون فيها ويعودون في المساء ، نِصْفهم من مدينة القرين ، والنصف الآخر من مديريات مختلفة في مصر .. من الوجه البحري والصعيد ، جذبهم إليها ارتفاع الأجور التي يدفعها الإنجليز . سافر وزير الصحة على الفور إلى مدينة القرين ، ومعه وكيل الوزارة ، ومدير الطب الوقائي ، وكبار المسؤولين . ولما عاد عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه أن عدد المصابين في مدينة القرين والقرى المجاورة لها ، وَصَلَ إلى خمسة وثلاثين شخصا ، ولكن الصحف لم تصَدِّق الرقم وأعلنت أن الإصابات أكثر من ذلك بكثير . نشرت جريدة "روز اليوسف" رَسْماً كاريكاتيريا تَسْخَر فيه من هذا التصريح ، يُصَوِّر رئيس الوزراء في زيارته لمدينة القرين ، فوَجَدَ رجلا يجلس تحت شجرة ويحيط به عّدَدٌ من الجنود ، فاتجهَ إلى الضابط وسألَه : هل هذا الرجل مريض بالكوليرا؟. فأجابه الضابط : لا يا دولة الرئيس، إنه الرجل الوحيد الذي لم يُصَبْ بها حتى الآن . اجتمَعَ مجلس الوزراء اجتماعا طارئا .. طالب وزير الصحة باعتماد مائة ألف جنيه لمقاومة الكوليرا . فإذا بالمجلس يعتمد له خمسة أضعاف هذا المبلغ . فقد قرر الوزراء أن يكون هجومُهم على الوباء قويّاً حاسما وهو لم يزل في بدايته . أمَرَ وزير الداخلية بفرْضَ "كردون" يحاصر المدينة ، يَسد منافذها ويمنع الخروج منها ، أو الدخول إليها بأية حال من الأحوال . قرَّرَ وزير المعارف إغلاق جميع المدارس في مدينة القرين والقرى المجاورة "إلى أجَلٍ غير مسمى" ، وكذلك الكتاتيب . لكن الكارثة كشَّرتْ عن أنيابها ، وأطل الوباء بوجهه المخيف على البلاد . فقد قبضت الشرطة في أحد شوارع القاهرة على بائع خضار متجول يدفع أمامه عربة محملة "بالقرنبيط" ، قاموا بتفتيشها فعثروا تحت الخضار على جثة رجل مات بالكوليرا فألقوا بها على الأرض وسكبوا عليها البنزين وأشعلوا فيها النار . أشارت التحريات في مدينة القرين إلى هروب عدَدٍ كبير من الأهالي. لا أحد يعرف متى خرجوا ، وأيَّ طريق سلكوا ، وكيف تسربوا من "الكردون" الذي يحاصر البلد؟ ، وأهم من ذلك كله وأخطر .. أين ذهبوا؟. أعلن رجال البوليس عن اختفاء عشرين شاحنة من منطقة القرين، ورجحوا أنها كانت محملة بالبلح المصاب.

**********************************************

المراجع

(1) فى هذه القرية الصغيرة  ولد ثلاثة من أحبار الكنيسة فى أواخر القرن 19 وهم 1 - الأنبا يوساب البطريرك 2 - الأنبا كيرلس مطران المبراطورية الأثيوبية 3 - الأنبا إيساك مطران كرسى القيوم وقد ترهبن ثلاثتهم فى دير الأنبا أنطونيوس أبى الرهبان .

(2) أشتهر مرقس سميكة باشا يأنه كان الذى فكر فى إنشاء المتحف القبطى وأصبح مديراً له كما أنه شغل عدة مناصب حكومية هامة وكان أيضاً عضو فى المجلس الملى .

(3) جريدة المصريون ,موضوع الكوليرا في مصر (2 - 3) ـ د. سمير محمد خواسك

(4) قصة الكنيسة القبطية وهى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى أسسها مار مرقس البشير - الكتاب السادس أيريس حبيب المصرى - مكتبة المحبة طبعة 1985م

 

This site was last updated 03/25/13