هل الخليفة الحاكم بأمر الله مجنون .. أم أنه أدعى الجنون .. أم مدعى النبوة
لم يفعل ملك أو خليفة من قبله أفعال مثلما فعل هذا الخليفة من قبل , فهو لم يثبت على رأى واحد أو إعتقاد واحد بل انه كان يتردد بين النقيضين فى بعض الأحيان – وكان غريب الأطوار فكان يتسلق الجبل الشرقى ( الجبل المقطم ) فى جنح الظلام ويرصد النجوم لمعرفة الغيب والحكمه العاليه وكان يدرس كوكب زحل على حد زعمه ويقال أنه كان يذبح قرابين للشيطان ويقدم له ذبائح فيتشبه له الشيطان ويخاطبه فترك لبس الملوك ولبس صوف أسود وترك ركوب الخيل والمركبات وطاف راكباً حماراً أسود اللون وترك شعره يسترسل حتى نزل على كتفيه فأصبح منظره كأسد وعيناه واسعة شهل حتى أن كثيرون كانوا يرتعدون منه لعظم هيبته وصوته الجهورى
ولأنه كان له حب وولع بالظلام فكان يمشى وحده فى كل موضع وربما كان يأخذ معه واحد او إثنين يتسمع على الناس فى بيوتهم ما يقولونه عنه وكان كثيراً ما يخرج على محفة من قصرة محمول فى محفة على أكتاف أربعة من الرجال الأقوياء ولم يتنعم مثل الملوك وكان سائحا بالجبال والبرارى ليلاً ونهاراً وقال د/ جمال سرور د/ كمال سرور – الدولة الفاطمية فى مصر ص 94, 95 : " وكان متقشفاً فمنع الناس من ذكر عبارة " سيدنا ومولانا " التى كان الناس يخاطبونه بها فى الشكاوى والمكاتبات العامة وألا يقبل أحد الأرض بين يدية كما كان من المعتاد أن يصلى الخطيب على الخليفة كما يصلى على النبى فى خطبة الجمعة فأمر ألا يصلى عليه أحد فى الخطب الدينية والمكاتبات , ونهى أيضاً عن إقامة الزينات فى طريقة وهو ذاهب إلى الصلاة "------------
( فى الصورة المقابلة جامع الخليفة الفاطى الحاكم بأمر الله العجيب )
وقد بدأ فى بنائة الخليفة الفاطمى الشيعى العزيز بالله سنة 380 هجرية = 990م وأكمل بناؤه الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله الفاطمى 380-403 هجرية = 990- 1013م وسمى باسمه وقد تم تشيده على غرار جامع أحمد بن طولون الذى بناه قبطى عام 263 م وكان موقعه فى بادئ الأمر خارج أسوارها الأولى إلى أن جاء بدر الجمالى فأدخله فى حدود المدينة وأقام سورها الشمالى بين بابى النصر والفتوح - ملاصقا لوجهته الشمالية ولوحظ أن هناك تشابه فى التصميم الأولى بالجهة الشمالية والثانية بالجهة الغربية .. ويتميز هذا الجامع ببدء حقبة من التطور فى البناء حيث تظهر فى القبة التى تقع فى الجانب الشرقى من رواق الفيلة فهذه القبة تمثل الإنتقال من المربع إلى الدائرة وهى محمولة على رافية مثمنة ..
الإصلاح الذى تم فى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون والأمير بيبرس الجاشنكير
وفى سنة 702 هجرية = 1302/ 3م حدث زلزال أدى إلى سقوط قمتى مئذنتى الجامع وقد تم ترميم الجزء العلوى من المأزنتين فى عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون والأمير بيبرس الجاشنكير عام 703 م وقد تم ترميمة عدة مرات بعد ذلك
. والتجديد متميز عن العقود الأصلية بأنها على شكل - حدوة الفرس - على حين أن الأخرى عقود مدببة ، وموجود فى الشبابيك الجصية التى بقاعدة القبة فى أعلى المحراب كتابة تسجل تاريخ هذا التجديد فى أعلى وجهة المدخل الرئيس.
طراز الكتابة الكوفية المحفورة فى الجص أسفل السقف وبمربع قاعدة القبة وفى الشبابيك الجصية المفرغة بأشكال زخرفية جميلة تتخللها كتابة كوفية ورسومات هندسية. وهناك زخارف أخرى محفورة بالأوتار الخشبية التى تربط أرجل العقود بعضها ببعض.
من صحن مكشوف تكتنفه أربعة أروقة مسقوفة يشتمل رواق القبلة على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استدارت أركانها على هيئة أعمدة ملتصقة ويشتمل كل من الرواقين الجانبيين على ثلاثة صفوف أما رواق المؤخرة فيشتمل على صفين فقط ويتوسط رواق القبلة مجاز مرتفع ينتهى بقبة أمام المحراب وفى طرفى جدار القبلة أقيمت قبتان جددت رقبة الجنوبية منهما ولم يبق من الأخرى سوى ركن واحد من أركانها ،
والمحراب الأصلى لم يبق منه غير تجويفه ، وتبلغ مساحة الجامع من الداخل 113 فى 120 مترا تقريبا، وكان له عدة أبواب عدا المدخل الرئيس الواقع فى منتصف الوجهة الغربية أهمها بابان على يمين هذا المدخل وآخران على يساره وباب يتوسط كلا من الجدارين البحرى والقبلى كما كان له زيادة تقع أمام الوجهة القبلية أقيم فيها أبنية حديثة .
****************************************************************************************
وصار يشجع الفلكيين والمنجمين ويغدق عليهم الأموال فإستطاع المنجمون أن يسيطروا على عقول كثيرين من عامة الشعب حتى إضطر سنة 1014 إلى تحريم مهنة التنجيم لكنه ظل حريصاً أن يتابع رصد النجوم وأنشأ مرصداً فى جبل المقطم وسفك فى أيامه دما كثيراً
وكان يتجول ليلاً فيجد فى بعض الأحيان الباعة الشوايين ( يبيعون اللحوم المشوية ) يحملون التنانير ليشووا فيها اللحوم فأمر برمى بعضهم فى تنور النار فإحترقوا – ومر يوماً فوجد إنساناً يقلى لحم فى طاجن فأمر بأن تقطع يديه ورجليه وترمى فى الطاجن فقال له الرجل : " متى تعلم أمير المؤمنين القلى فإنما كنا نعرفه مشوياً شوا متى صار قلا " فضحك منه وأمر بإخلاء سبيله وهكذا كان يقتل الناس فى عصره سواء أن قاموا بشواء اللحم أو قليه 0
وقبض على لص سرق صدر فضة فى السوق من يد صاحبة فأحضروا اللص أمامه والصدر الفضه فى يده فقال له الخليفه الحاكم : " أرينى كيف جريت عندما خطفته من يد صاحبه " فجرى اللص ولم يستطع أحد أن يتبعه 0
ومر يوما على شون فيها حبوب وحطب وبوص وأمر بحرقها ليلاً فإحترقت وضاعت أثمانها على أصحابها – أما هو فمضى يستمتع بالنار المشتعله وهو راكب على دابته 0
وخرج عليه يوماً عشره من قطاع الطرق اللصوص مدججين بالسلاح ولم يكن معه غير إثنين من حراسه وسألوه أن يعطيهم ما معه من مال فقال : " إقتسموا فرقتين وتحاربوا قدامى فمن غلب دفعت كل ما معى من مال إليهم لأن من ينتصر يستحق أن يأخذ كل المال " ففعلوا كما قال لأجل حبهم للمال حتى مات منهم تسعة وبقى واحد فقال له : " الآن تستحق أن تأخذ المال " ورما له دنانير كثيرة من كمه كانت عاده أهل هذا الزمان أن يحتفظوا بالنقود فى مكان خاص بأكمامهم فسقطت الدنانير على الأرض فإنحنى على الأرض يجمع الدنانير فأومأ إلى حراسه فوثبوا على اللص فقتلوه وجمعوا تلك الدنانير فأعادها إلى كمه 0
وأمر بأن يبنى المهندسين بحرا مرخم ( حمام سباحه مبطن بالرخام ) يستمد ماؤه بواسطة ساقية ماكينة مصنوعة من الخشب أو الحديد تحركها وتديرها الدواب ترفع الماء من النيل تصب فى قناه تجرى المياه فيها إلى الحمام وعلى جانبى الحمام رخام وعليه سائر الطيور وأمر ببناء حائط عال يبرز منه خشبه ( سهم من الخشب ) رفيعة أفقية ( مثل التى يقفز منها السباحون هذه الأيام ) بحيث تنتهى حافتها على حافه الحمام – ثم أمر منادى ينادى فى شوارع مصر : أن من يمشى على هذه الخشبه وقفز إلى الحمام ووقع فى الماء دفع له ستمائه درهم , فطمع البعض من محبى الدراهم فتسلقوا الحائط ومشوا على الخشبة ( السهم ) وقفزوا وسقطوا على البلاط الرخام فماتوا
الخليفة الحاكم بأمر الله يدعى الألوهية والنبوة
وكان له جواسيس كثيرين ومخبرين يطوفون ليلاً ونهاراً يجمعون له الأخبار لهذا كان لا يخفى عليه شيئاً مما كان يجرى فى مصر , ويقول إبن المقفع " ظن العامه والبسطاء أن فيه قوة الله وزاد فى إعتقادهم حينما ظهر شخص إسمه الهادى من المشايخ وكان معه إثنى عشر تلميذاً من الرجال الذين تتلمذوا له وكان يدعون الناس له وكان يعظون الناس قائلين : " أن الحاكم بأمر الله هو المسيح ! " وألف رجل منهم كتاباً فى ذلك فثار عليه المصرين فذهب هو وأتباعه إلى الشام وقيل إلى جبل الدروز ولا يزال أتباعه يؤمنون به حتى الآن
وظهر رجل آخر فى عهده إسمه ضرار صار أمره مشهوراً فى مصر إبتدع بدعه جديده هى أنه منع المسلمين من حفظ يوم الجمعة وأيام عيدى الفطر والأضحى – تحريم الحج إلى مكة والذهاب إلى مقام طالب باليمن – وأباح زيجة الأخ وأخته وبين الأب وبناته وبين الأم وأبنائها من الذكور –
ووفد إلى مصر بعض الفرس وإعتنقوا المذهب الشيعى الفاطمى وتطرفوا إلى الدعوه لتأليه الحاكم سراً , وقادهم شخص يدعى حمزه بن على الزورنى الذى وفد إلى مصر سنة 1015م إلا أنهم فى سنة 1018 م جاهر بدعوتهم فإلتف حوله متطرفى الشيعة وغلاتهم فإحتضنه الحاكم بأمر الله وشجعه .. ولكن مسلمى مصر السنيين عندما رأوا نجاح دعوته أعلنوا غضبهم علناً وثار بعضهم عندما سمعوا بتأليه الحاكم فى جامع عمروا بن العاص فإنتهى الأمر بقتل الداعية ويعتبر أن قتل الداعيه كان سببا فى تدمير الحاكم جامع عمرو بن العاص أول جامع أقيم فى الإسلام بعد هذه الحادثة.
ولما كثر الدعاه لنبوته وأتم الحاكم جامعه المعروف بإسمه فى القاهرة ( كان جامع الحاكم بأمر الله مستودعاً لحفظ الآثار العربية حتى سنة 1864 ) فصدق أنه نبى وأنه يناجى ربه من جبل المقطم وأعلن أنه أعظم من عيسى وكان يريد من الناس أن يعتقدوا أنه كعيسى المتجسد بروح الله ومحمد ونادى المسلمين والمسيحين أن يعترفوا به فإنقسمت آراء المصريين فقال البعض : " أنه تجاوز الحد "
ولما سعى فى إزاله الديانه السنية ففى سنة 395هـ 1004 م كتب على المساجد عبارات مهينه للنيل من الخليفة أبى بكر والخليفة عمر بن الخطاب وعائشة وأخذ الحاكم يحرق المصاحف التى كتبت فى عهد الحكام السنيين إحتقره المسلمين وهم غالبية الشعب أما المسيحيون فقالوا:" أنه المسيح الدجال "
وترى أيريس حبيب المصرى أن : " الحاكم كان ذا نزعة عنيفة للخفاء والتعلق بالخفاء شيم من شيم الفاطميين جميعاً منذ عهد المعز لأنهم إدعوا معرفة الغيب الخطط للمقريزى ج1 ص 458 وأحاطوا أنفسهم بالكثير من الغموض ليكتسبوا نوعاً من القدسية والمهابة , حتى بلغ الأمر أنه إذا رأى أحد المغاربة سحابة عابرة ترجل وإنحنى لها بحجة أن الخليفة الفاطمى مستتر خلفها نظم الحكم بمصر فى عهد الفاطميين د/ عطية مصطفى مشرفة – الطبعة الثانية ص 36 وقد ظهرت هذه النزعة على أشدها عند الحاكم بأمر الله , وفى هذا الصدد يقول الأستاذ محمد عبدالله عنان فى وصف الحاكم : " كانت شخصية الحاكم لغزاً مدهشاً , وكانت خلاله مزيجاً من الأهواء والنزعات المتناقضة فى معظم الأحوال .. وقد رأينا أن أن هذا الذهن الهائم , كما أنه يهبط فى تصرفاته أحياناً إلى ضروب مثيره من التطرف والتناقض والهوس , فإنه يرتفع كذلك إلى ضروب من الحكمة والسمو تحمل على التقدير والتأمل , ولعل التاريخ الإسلامى لم يعرف شخصية يحيط بها الخفاء كتلك الشخصية العجيبة التى تثير من حولها الدهشة والروع فى كل تصرفاتها الخاصة والعامة , والتى يلازمها الخفاء لا فى هذه الحياة الدنيا وحدها ولكن فى الحياة الأخرى أيضاً , حيث تغادر هذا العالم فى ظروف الأساطير وتبقى هذه الظروف لغزاً على التاريخ حتى يومنا هذا راجع مقاله " عصر الخلفاء فى مصر الإسلامية " الذى نشر فى مجلة الهلال عدد ديسمبر 1936 ص 153 - 156
ومنع الشعب المصرى من تناول بعض الأطعمة التى كان يفضلها الخلفاء العرب السنيين مثل الملوخية 0
وقد وضع الحاكم دفاتر فى مراكز الحكومة الأربع فى القاهرة ومصر القديمة والفسطاط وبابليون لتسجيل أسماء الذين يعترفون بأوامرة الكفرية وقيل أن الذين سجلوا أسمائهم 16 ألفا ولم يطعه أحد المسيحيين لهذا السبب إغتاظ من الأقباط ونقم على النصارى جميعاً وأمعن فى التنكيل بهم – فأحرق بابليون المنطقة التى يكثر فيها الأقباط وسلبت جنوده أمتعتها ووقع كبار الأقباط فى شدة قوية وأمر الخليفة بقطع عنق إثنين منهم وإستمرت فترة الإضهاد 9 سنين كاملة وكانت فترة الثلاث سنين الأخيرة أشد وأقسى عصور الإضطهاد التى واجهت الأقباط بعد الإحتلال الإسلامى لمصر – ويقول جاك تاجر فى أسفل صفحة 127 لما أخذ الخليفة يبشر بألوهيته عام 408هـ غضب الشعب وثار وعاد يهاجم قصر الخليفة طالباً درازى فإنتقم لذلك بإحراقة القاهرة ولكن ما قاله المؤرخ السابق ليس له أى سند تاريخى لأن المنطقة التى أحرقت هى منطقة مصر القديمة ( بابليون) وهناك سبب منطقى لحرقة هذه المنطقة وهو عدم إعتراف الأقباط به كإله .
وعندما كان الحاكم يبشر بدينه الجديد فى الخفاء وكان جميع أعضاؤه من الشباب صغيرى السن وقد تم القضاء عليهم بضربة واحده .. ولكن شاباً واحداً إستطاع الإفلات وتسلل من مصر هرباً تحت جنح الظلام وإجتاز صحراء سيناء إلى بر الشام وراح يبشر فى بداية الشام .. وأعلن أن الخليفة الحاكم بأمر الله رفع إلى السماء وأنه المهدى المنتظر الى أن يعود فى آخر الزمان ليصلح الأرض من الشرور ويقيم العدل قبل يوم الموقف العظيم هذا الشاب إسمه " عبد الرحمن الدرزى " وكان الحاكم إحتضنه وقربه إليه وذهب هذا الدرزى إلى الجامع الأزهر وهو جامع شيعى وأعلن مذهبه على منبره فأثار سخط المصريين السنيين والشيعة المعتدلين , فافتوا بقتله وظلوا يتعقبونه حتى علموا أنه مختبئ فى قصر الخليفة فذهبوا إليه وطالبوا بتسليمه إليهم فظل الخليفة يماطلهم حتى دبر له أمر الفرار إلى الشام وأمده بأموال كثيرة فأخذ ينشر دعوته بتأليه الحاكم بأمر الله هناك فإستمال إليه أنصار وأصبحوا يعرفون بإسم الدروز حتى هذا اليوم وإلى إسمه إنتسب معتنقوا الدين الجديد " الدروز "(1)
وأصبح الخليفة الحاكم أسطورة دينية يؤمن به الدروز
وبالرغم من تشكك المؤرخين حول شخصية هذا الخليفة فقد أنشأ هيئه علمية إحتفل بإفتتاحها سنة 1005 م 395 هـ وأسس مكتبة عظيمة فيها الكثير من المؤلفات المتنوعه فى العلوم والفنون وعين لها كتبة ماهرون للنسخ غير أنه قاومها بعض الرجعيين لأنهم إعتقدوا بشذوذها وإنحراف بعض ما فيها من كتب عن الدين الحنيف ,وقد ابطلت هذه الهيئه من الوجود سنة 1112 م أبطلها رجل إسمه الفضل لما رأى ما فيها من تعاليم مخالفة للعقيدة السنية ولكن المسلمين أعادوها بعد ذلك إلى سابق مجدها وأسسوها على قواعد متينة وظلت تقوم بأعمالها إلى أن تلاشت بتقلص حكم الدولة الفاطمية فى مصر (2)
وتجمع كل المراجع أنه إدعى الألوهية وأمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس على أقدامهم صفوفا، تعظيما لذكره واحتراما لاسمه، وفعل ذلك فى سائر ممالكه حتى فى الحرمين الشريفين، وأمر أهل مصر على وجه الخصوص إذا قاموا عند ذكر اسمه يخروا له سجدا، حتى أنه ليسجد بسجودهم من فى الأسواق من العامة وغيرهم ممن كان لا يصلى الجمعة، فكانوا يتركون السجود لله فى المساجد ويسجدون للحاكم فى الشوارع!!
أوامر الخليفة فى بداية حكمه التى أدت إلى فساد الناس
ذكر المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 116 من 167 ) : " وفي ثالث ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة أمر أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله الناس بأن يقدوا القناديل في سائر البلد على جميع الحوانيت وأبواب الدور والمحال والسك الشارعة.
وغير الشارعة ففُعل ذلك ولازم الحاك بأمر الله الركوب في الليل وكان ينزل كل ليلة إلى موضع موضع وإلى شارع شارع وإلى زقاق زقاق وكان قد ألزم الناس بالوقيد فتناظر وافية واستكثروا منه في الشوارع والأزقة وزينت القياسر والأسواق بأنواع الزينة وصار الناس في القاهرة ومصر طول الليل في بيع وشراء وأكثروا أيضا من وقود الشموع العظيمة وأنفقوا في ذلك أموالًا عظيمة جللة لأجل التلاهي وتبسطوا في المآكل والمشارب وسماع الأغاني ومنع الحاكم الرجال المشاة بين يديه من المشي بقربة وزجرهم وانتهرهم وقال: لا تمنعوا أحدًا مني فأحدق الناس به وأكثروا من الدعاء له وزينت الصاغة وخرج سائر الناس بالليل للتفرّج وغلب الناس الرجال على الخروج بالليل وعظم الازدحام في الشوارع والطرقات وأظهر الناس اللهو والغناء وشرب المسكرات في الحوانيت وبالشوارع من أوّل المحرّم سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وكان معظم ذلك من ليلة الأربعاء تاسع عشرة إلى ليلة الإثنين رابع عشرية فلما تزايد الأمر وشنع أمر الحاكم بأمر الله أن لا تخرج امرأة من العشاء ومتى ظهرت امرأة بعد العشاء نُكّل بها ثم منع الناس من الجلوس في الحوانيت فامتنعوا ولم يزل الحاكم على الركوب في الليل إلى آخر شهر رجب ثم نودي في شهر رجب سنة خمس وتسعين وثلاثمائة أن لايخرج أحد بعد عشاء الآخرة ولا يظهر لبيع ولا شراء فامتنع الناس.
وفي سنة خمس وأربعمائة تزايد في المحرّم منها وقوع النار في البلد وكثر الحريق في عدّة أماكن فأمر الحاكم بأمر الناس باتخاذ القناديل على الحوانيت وأزيار الماء مملوءة ماء وبطرح السقائف التي على أبواب الحوانيت والرواشن التي تُظِلُّ الباعة فأزيل جميع ذلك من مصر والقاهرة.
إضطهاد الخليفة الحاكم بأمر الله للمسيحين عامة والأقباط خاصة
وفى عام 399 هـ 1008 م فرض قيوداً أخرى على زى النصارى ومنعهم من إمتلاك العبيد وإستخدام المسلميين وصدر أمره فى هذه السنة بهدم كنائس القاهرة ونهب كل ما فيها
وقال المقريزى المؤرخ المسلم (3) يصف الأهوال التى واجهها الأقباط فى عصر هذا الحاكم بأمر الله : " وقد إشتد الحاكم على أقباط مصر - وألزمهم بشد الزنار على أحقائهم ( حبل من ليف النخل يلف على الوسط ) – فى سنة 1009 م نهاهم عن الإحتفال بعيد الميلاد والغطاس والفصح (4) "– حرق الصلبان والأخشاب التى تعمل منها – ومنع ضرب النواقيس ( الأجراس) – ثم أمر بنزع الصلبان من قباب ومنارات الكنائس – أمر المسيحيين بمحو علامة الصليب من على أيديهم – وفى بداية إضطهاده أمر بأن كل مسيحى يذهب إلى الحمام يعلق صليباً فى رقبته وكل يهودى يعلق جرساً – حظر عليهم شراء العبيد والإماء – وهدم كنائس شادح وكنائس الرشيد وكنائس مصر العتيقة وخرب كنائس المكس التى كانت خارج الإسكندرية – نهب أوانى الكنيسة وعرضها للبيع – أمر بهدم دير القيصر وصرح لعامة المسلمين ورعاعهم بسلبه – حظر على القبط الإحتفال بعيد النيروز الذى إعتادوا أن يقيموه على شاطئ النيل عند الخليج فى القاهرة منعا لهم من السرور والفرح بعيد شهدائهم – أجبر كل قبطى أن يعلق فى رقبته صليباً خشبياً لا يقل وزنه عن 5 أرطال
حظر عليهم ركوب الخيل ولا يركبون إلا البغال والحمير بسروج عادية غير مموهه بالذهب - أن تكون ركائب السروج من خشب الجميز – أصدر أمراً عاماً بتدمير كنائس مصر قاطبة وجعلها غنيمة للمسلمين أمر أصحاب الإصطبلات (5) بعدم إعطاء الأقباط خيولاً بعد الغروب لركوبها (6) - أن يلزم كل نوتى أن يسمح للأقباط الذين يلبسون العمائم السوداء فقط بالسفر أما اليهود
فأمرهم بأن يعلقواحجراً مستديراً وزنه 5 أرطال فى أعناقهم وبصبغ أطراف عمائمهم ويلبسوا الزنانير ويصنعوا شكلاً خشبياً على شكل العجل الذى عبدوه فى البريه يضعوه على طرف العمامه من الأمام .
أصدر امراً عاماً بتدمير كنائس مصر قاطبه كل هذا حل بالأقباط المساكين ولم يشف له غليلاً فأمر بسلب أمتعة الكنائس وأوانيها وتحويلها إلى جوامع أو إقامة جوامع على أنقاضها وأمر أن يؤذن فى كنيسة القديس شنودة فى مصر القديمة حالاً وبنى المسلمين سوراً حول كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالمعلقة ( فى قصر الشمع ) (7) "
وذكر ابو صالح المؤرخ : " أن الكنائس الشهيرة التى تخربت بأمر الحاكم والتى تحولت إلى جوامع ما عدا كنائس القاهرة كنيسة النسطوريين قرب العدوية أو منية السودان وتبعد نحو 18 ميلاً من القاهرة وكنيسة السيدة العذراء فى أسوان وكنيسة العذراء بالشمونيين ودير القصير الشهير وقد أعيد بناؤه بعد زمن الإضطهاد ومما يستحق الذكر كنيسة القديس باخوميوس بمدينة فاو بغقليم دشنا وكان طولها 150 ذراعاً وعرضها 75 ذراعاً وكانت حيطانها مرصعة بالفسيفساء والأحجار الكريمة وأعمدتها من أجود أنواع الرخام هذا عدا جملة كنائس فى بلاد النوبة هدمتها حملة الإسلام بعثها الحاكم بأمر الله خصيصاًُ لإبطال العبادة وكان الملك الذى يحكم النوبة حينئذ يدعى رفائيل حكى عنه أبو صالح المؤرخ أنه أقام فى دنقلة عاصمة ملكه قصوراً تناطح السحاب فى قبابها من الطوب الأحمر الجميل الصنع وكانت شوارع المدينة متسعة وكنائسها فاخرة(8)
ومنع أهل الذمة الذى يدعوهم المسلمين كفرة أى الذين لا يؤمنون بدينهم ألا يدخلوا حمام مع المسلمين – وأمر بأن تكون لهم حمامات خاصة وأن توضع علامة صليب خشب على حمام النصارى – وقرمة خشب على باب حمامات اليهود .
سبب تسمية الأقباط العضمه الزرقاء
فى سنة 1011م أجبر كل قبطى أن يعلق صليباً خشبياً وأمر فى البدايه أن يكون طول الصليب فى البدايه شبر ثم أصدرا أمراً آخر بأن يكون طوله ذراع ونصف ولا يقل وزنه عن 5 أرطال مختوم بخاتم رصاص عليه إسمه ويعلقوه فى رقابهم بحبل من الليف أما اليهود فقد أصدر أمراً أن يعلقوا حجرا
مستديراً وزنه 5 أرطال فى أعناقهم فجحد كثيرمن النصارى واليهود إيمانهم من رؤسائهم إلى عامتهم – ومن كثرة لبسهم للصليب وثقله إزرقت عظمة الترقوة فراح المسلمين يذلون الأقباط وأطلقوا عليهم إسم " العظمه الزرقاء " وما زال هذا الإسم يستعمل حتى الآن حيث يغيظ به المسلمون الأقباط ولكنهم لا يعرفون أن له معنى ما زال أيضاً حتى الآن قصه هذا الإضطهاد يحكيه آباء الأقباط لأبناؤهم جيلاً بعد جيل وكيف واجه آباؤنا ذل المسلمين وق
سوة إضطهادهم حتى أنهم كانوا يريدون طردنا من بلادنا وأراضينا التى إحتلوها ولا يزال ما حدث يفسره آباء الأقباط لأبنائهم حتى فى القرى البعيدة عن الحضارة ولا يعرف أهلها القراءة أو الكتابة عندما يغيظ أولاد المسلمين الأقباط وينادونهم بالعضمة الزرقاء .
ثم أمر بحرق الزبيب ويقول إبن المقفع (9): " فأحصى ما أحرق منه فى مصر والشام فكان ستمائه ألف ساطرة – وإستولى على العسل فى مصر وكسر أوعيته (10) وطرح كثيراً منه فى البحر – وخسر تاجر ثمن العسل وزبيب فرفع شكواه عند قاضى القضاة الذى كان إسمه إبن النعمان وكان التاجر غير مصرياً فقال : " أنه وصل إلى مصر ببضاعته وهى زبيب وعسل للأكل وعمل الحلاوة وقام الحاكم بإتلاف بضاعته وكسرها ورمى الباقى فى البحر " فأحضرهما القاضى أمامه وطلب التاجر أن يدفع الحاكم ألف دينار وهذه قيمة ما خسرة مما فعله ببضاعته فقال الحاكم : " أنت جلبت هذه البضاعة لعمل المنكر وإلا فإحلف أنك جلبتها لعمل الحلاوة والأكل وخذ ثمنها " فطلب التاجر من القاضى أن يحضر الخليفة الحاكم ألف دينار قبل أن يحلف فأمر الحاكم بإحضار المال – فحلف التاجر وتسلم ماله ثم كتب الحاكم عليه أنه تسلم ماله وقبضه وإستوفاه وإلتمس أن يكتب له التاجر سجل برعايته وحفظه – أى أن الحاكم حفظ المال عنده بعد أن كتب التاجر أنه تسلم ماله – وعندما إنتهت هذه القضية وقف القاضى أمام الحاكم وحياة تحية الخلافة فإزدادت مكانة القاضى عند الحاكم 0
وأمر بعدم ذبح الماشية إلا فى العيد .
ست الملك أخت الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمى
ذكر القصر الصغير الغربي وكان تجاه القصر الكبير الشرقي الذي تقدم ذكره في غريبه قصر آخر صغير يعرف بالقصر الغربي ومكانه الآن حيث المارستان المنصوري وما في صفه من المدارس ودار الأمير بيسري وباب قبو الخرنشف وربع الملك الكامل المطل على سوق الدجاجين اليوم المعروف قديمًا بالتبانين وما يجاوره من الدرب المعروف اليوم بدرب الخضيري تجاه الجامع الأقمر وما وراء هذه الأماكن إلى الخليج وكان هذا القصر الغربي يعرف أيضًا بقصر البحر والذي بناه العزيز بالله نزار بن المعز.
قال المسبحي: ولم يبن مثله في شرق ولا في غرب.
وقال ابن أبي طي في أخبار سنة سبع وخمسين وأربعمائة ففيها تمم الخليفة المستنصر بناء القصر الغربي وسكنه وغرم عليه ألفي ألف دينار وكان ابتداء بنيانه في سنة خمسين وأربعمائة وكان سبب بنائه أنه غرم على أن يجعله منزلًا للخليفة القائم بأمر الله صاحب بغداد ويجمع بني العباس إليه ويجعله كالمجلس لهم فخانه أمله وتممه في هذه السنة وجعله لنفسه وسكنه.
وقال ابن ميسر: إن ست الملك أخت الحاكم كانت أكبر من أخيها الحاكم وإن والدها العزيز بالله كان قد أفردها بسكنى القصر الغربي وجعل لها طائفة برسمها كانوا يسمون: بالقصرية وهذا يدلك على أن القصر الغربي كان قد بنى قبل المستنصر وهو الصحيح وكان هذا القصر يشتمل أيضًا على عدة أماكن: الميدان: وكان بجوار القصر الغربي ومن حقوقه الميدان ويعرف هذا الميدان اليوم بالخرنشف البستان الكافوري: وكان من حقوق القصر الصغير الغربي: البستان الكافوري وكان بستانًا أنشأه الأمير أبو بكر محمد بن طفج بن جف الإخشيد أمير مصر وكان مطلًا على الخليج فاعتنى به الإخشيد وجعل له أبوابًا من حديد وكان ينزل به ويقيم فيه الأيام واهتم بشأنه من بعد الإخشيد ابناه: الأمير أبو القاسم أونوجور بن الإخشيد والأمير أبو الحسن علي بن الإخشيد في أيام إمارتهما بعد أبيهما فلما استبد من بعدهما الأستاذ أبو المسك كافور الإخشيدي بإمارة مصر كان كثيرًا ما يتنزه به ويواصل الركوب إلى الميدان الذي كان فيه وكانت خيوله بهذا الميدان.
فلما قدم القائد جوهر من المغرب بجيوش مولاه المعز لدين الله لأخذ ديار مصر أناخ بجوار هذا البستان وجعله من جملة القاهرة وكان منتهزًا للخلفاء الفاطميين مدة أيامهم وكانوا يتوصلون إليه من سراديب مبنية تحت الأرض ينزلون إليها من القصر الكبير الشرقي ويسيرون فيها بالدواب إلى البستان الكافوري ومناظر اللؤلؤة بحيث لا تراهم الأعين وما زال البستان عامرًا إلى أن زالت الدولة فحكر وبنى فيه في سنة إحدى وخمسين وستمائة كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى عند ذكر الحارات والخطط من هذا الكتاب وأما الأقباء والسراديب فإنها عملت أسربة للمراحيض وهي باقية إلى يومنا هذا تصب في الخليج.
القاعة: وكان من جملة القصر الغربي قاعة كبيرة هي الآن المارستان المنصوري حيث المرضى كانت سكن ست الملك أخت الحاكم بأمر الله وكانت أحوالها متسعة جدًا.
قال في كتاب الذخائر والتحف: وأهدت السيدة الشريفة ست الملك أخت الحاكم بأمر الله إلى أخيها يوم الثلاثاء التاسع من شعبان سنة سبع وثمان وثلثمائة: هدايا من جملتها: ثلاثون فرسًا بمركبها ذهبًا منها: مركب واحد مرصع ومركب من حجر البلور وعشرون بغلة بسروحها ولحمها وخمسون خادمًا منهم عشرة صقالبة ومائة تخت من أنواع الثياب وفاخرها وتاج مرصع بنفيس الجوهر وبديعه وشاشية مرصعة وأسفاط كثيرة من طيب من سائر أنواعه وبستان من الفضة مزروع من أنواع الشجر.
قال: وخلفت حين ماتت في مستهل جمادى الآخرة من سنة خمس وعشرين وأربعمائة ما لا يحصى كثرة وكان إقطاعها في كل سنة يغل خمسين ألف دينار ووجد لها بعد وفاتها ثمانية آلاف جارية منها بنيات ألف وخمسمائة وكانت سمحة نبيلة كريمة الأخلاق والفعل وكان في جملة موجودها نيف وثلاثون زيرًا صينيًا مملوءًا جميعها مسكًا مسحوقًا ووجد لها جوهر نفيس من جملته قطعة ياقوت ذكر أن فيها عشرة مثاقيل.
قال المسبحي: ولدت بالمغرب في ذي القعدة سنة خمس وثلثمائة ولما زالت الدولة عرفت هذه الدار: بالأمير فخر الدين جهاركس.
الــــــخليفة الــــــــــــــحاكم والنساء
ذكر المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 115 من 167 ) : " سوق المحايريين (نسيج الحرير) هذا السوق فيما بين الجامع الأقمر وبين جملون ابن صيرم يشلك فيه من سوق حارة برجوان ومن سوق الشماعين إلى الركن المخلق ورحبة باب العيد وهو من شوارع القاهرة المسلوكة وفيه عدّة حوانيت لعمل المحاير التي يسافر فيها إلى الحجاز وغيره وكان فيه تاجران قد تراضيا على ما يشتريانه من المحاير المعرّضة للبيع ولهذا السوق موسم عظيم عند سفر الحاج وعند سفر الناس إلى القدس.
وبلغني عن شيخ كان بهذا السوق أنه أوصى بعض صبيانه فقال له: يا بنيّ لا تراعِ أحدًا في بيع فإنه لا يحتاج إليك إلاّ مرّة في عمره فخذ عدلك في ثمن المحارة فإنَك لا تخشى من عوده مرّة أخرى إليك وسوف إذا عاد من سفره إما إلى الحجاز أو القدس فإنه يحتاج إلى بيعها فتراقد عليه في ثمنها واشتراها بالرخيص.
وكذلك يفعل أهل هذا السوق إلى اليوم فإنهم لا يراعون بائعًا ولا مشتريًا إلا أن سوقهم لم يبق كما أدركناه فإنه حدث سوق آخر يباع فيه المحاير بسوق الجامع الطولوني وصار بسوق الخيميين أيضًا صناع للمحاير وبلغني أنّ بالمحايريين هذا أوقف هل مصر امرأة من جريد مؤتزرة بيدها ورقة فيها سب الخليفة الحاكم بأمر الله ولعنه عندما منع النساء من الخروج في الطرقات فعندما مرّ من هناك حسبها امرأة تسأله حاجة.
فأمر بأخذ الورقة منها فإذا فيها من السب ما أغضب فأمر بها أن تؤخذ فإذا هي من جريد قد ألبس ثيابًا وعمل كهيئة امرأة فاشتدّ عند ذلك غضبه وأمر العبيد بإحراق مدينة مصر فأضرموا فيها النار.
ولم أقف على هذا الخبر مسطورًا وقد ذكر المسبحيّ حريق الحاكم بأمر الله لمصر ولم يذكر قصة المرأة. "
****
وذات يوم إجتاز بحمام خاص بالنساء فسمعهم يرقصون ويلقلقون فرحين ربما لأجل زواج إحداهن فأمر بأن يسد باب الحمام عليهن بجدار فسد منافذ الهواء وزادت الحرارة داخل الحمام فتحولت أصواتهن لإستغاثة وصراخ وذعر وماتت النساء جميعاً فى الداخل وليس من ينقذ أو يعين , ومن أوامره الغريبة أنه
وفى سنة 1005 م أصدر أمراً بمنع النساء الظهور سافرات ومن السير خلف الجنازات –
وفى سنة 1006م أصدر أمراً آخر بمنع خروج النساء إلى الأسواق والحمامات وحرم على النسوة التطلع من النوافذ أوالجلوس على أسطح المنازل- وقتل منهن عدداً كبيراً أمر نساء مصر بعدم الخروج بالنهار بتاتاً ولكى يضمن تنفيذ ذلك أمر بمصادرة أحذيتهن كما أمر صانعى الأحذية بعدم صناعة الأخفاف ( أحذية النساء ) – وكان من أثر سياستة أن أصبحت الشوارع لا يسير فيها إلا الرجال وخلت الطرق من النساء وإعتكفن البيوت - فكاد له النساء فكانوا يخرجون ليلاً ويوقفون تماثيل جير وجبس من النساء فى الطرق التى يسلكها وفى يدها رقاع ( كتابات على أوراق) كأنها للشكوى فكان ينزل من على حماره معتقداً أنها شكوى أو طلب فيجدها شتميمه فيه ويسبون أخته ست الملك ويقول إبن المقفع (11) : " لأجل ذلك أمر بإحراق مصر ( بابليون ) ونهبها " (12) أما جاك تاجر فقد كان له رأى آخر عن حرق العاصمة فقال (13): " لما أخذ الحاكم يبشر بألوهيته عام 408 هـ غضب الشعب وثار وعاد يهاجم قصر الخليفة طالبا ًدرازى , فإنتقم الحاكم لذلك بإحراق القاهرة " وبحرق الفسطاط القديمة التى كان غالبيتها من الأقباط فقد القبط معظم ثروتهم ومساكنهم لأنه سمح للمسلمين بنهبهم قبل حرق مساكنهم وأصبح الأقباط بلا مأوى أو عمل أو ثروة .
وكانت هذه الأوامر مشددة إلى حد أن كل من تجاسر على عصيانها كان جزاؤه الجلد وأحياناً الإعدام (14)
وحاول أحد كتاب التاريخ المسلمين فى سذاجه أن يدافع عن تصرفات الحاكم بإضفاء صفة دينية على أعمال الحاكم بأمر الله الفاطمى فقال د/ جمال سرور (15): " أنها كانت بدافع الشعور الدينى وإصلاح الأخلاق وتطهير نفوس المجتمع من الرذائل " وعلى القارئ أن يحكم بنفسه على هذا القول .
الحاكم بأمر الله يقضى على اللغة القبطية
إن الضربة القاضية التى تلقتها اللغة القبطية فى عهده كانت بمثابة نهاية للغة الفراعنة فقد أصدر أوامر مشدده بإبطال إستخدام اللغة القبطية فى التعامل
الشعبى نهائياً فأصدر الأوامر المشددة بإبطال التكلم أو التلفظ باللغة القبطية فى الشوارع والأسواق وغيرها من الأماكن العامة ومعاقبة كل من يتكلم بها بقطع لسانه , ثم ضيق على الأولاد والبنات والسيدات فى بيوتهم فأمر
بأن تقطع لسان كل سيده تتكلم مع أولادها باللغة القبطية –
ومن المعروف تقليدياً أن كل حاكم عربى يخرج فكره من قريحته وينفذها يحذو حذوه الطغاة الذين يجيئوا بعده ولم تمضى مائة سنة من هذا العهد حتى إختفت اللغة القبطية من القرى والنجوع وظلت كلمات غير مفهومه يصلى بها القداس الذى ترجم إلى العربية حتى يستطيع الأقباط الصلاة إلى ربهم – ( أما دواوين الدولة فقد حدث منذ سنة 705م او سنة 706م فى خلافة الوليد عبد الملك الأموى وولاية واليه على مصر عبدالله بن عبد الملك الذى كان يمقت المسيحين عامه والأقباط خاصة مقتاً شديداً أنه أمر بإستخدام اللغة العربية لغة رسمية فى الدواوين الحكومية ) ثم إكتشفت الحملة الفرنسية حجر فى رشيد مكتوب عليه فقرة واحده بعده لغات منها اللغة اليونانية والقبطية والكتابة الفرعونية القديمة وأمكن للعلامة الفرنسى شامبليون مضاهاة إسم كيلوباترا باللغات الثلاثة فعرف باقى الحروف وبهذا الإكتشاف أمكن لعلماء الآثار قراءة الكتابات الهيروغليفية على معابد الفراعنة وهكذا إنحصرت اللغة القبطية فى الأديرة ولكن تقوم الكليات اللاهوتية والمدارس القبطية فى سيدنى بتدريسها وقام أحد المهاجرون فى أمريكا بطبع كتاب ضخم فيه مفردات اللغة وقواعدها ويوجد عده كتب طبعت فى مصر عنها إلا أن الأمل فى إحيائها لتصبح لغة التخاطب لا زال بعيداً .
أكتشاف خبيئة قبطية خبأها الحاكم بأمر الله تحت باب البحر
ذكر المقريزىعن أكتشاف خبيئة قبطية تحت باب البحر فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 84 من 167 ) : "باب البحر: هو من إنشاء الحاكم بأمر الله أبي علي منصور وهدم في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري وشوهد فيه أمر عجيب.
قال جامع السيرة الظاهرية: لما كان يوم عاشوراء يعني من سنة اثنتين وسبعين وستمائة رسم بنقض علو أحد أبواب القصر المسمى بباب البحر قبالة المدرسة دار الحديث الكاملية لأجل نقل عمدة فيه لبعض العمائر السلطانية فظهر صندوق في حائط مبني عليه فللوقت أحضرت الشهود وجماعة كثيرة وفتح الصندوق فوجد فيه صورة من نحاس أصفر مفرغ على كرسي شبه الهرام ارتفاعه قدر شبر له أربعة أرجل تحمل الكرسي والصنم جالس متوركًا وله يدان مرفوعتان ارتفاعًا جيدًا يحمل صحيفة دورها: قدر ثلاثة أشبار وفي هذه الصحيفة أشكال ثابتة وفي الوسط صورة رأس بغير جسد ودائرة مكتوب كتابة بالقبطي والقلفطيريات وإلى جانبها في الصحيفة شكل له قرنان يشبه شكل السنبلة وإلى الجانب الآخر شكل آخر وعلى رأسه صليب والآخر في يده عكاز وعلى رأسه صليب وتحت أرجلهم أشكال طيور وفوق رؤوس الأشكال كتابة ووجد مع هذا الصنام في الصندوق لوح من ألواح الصبيان التي يكتبون فيها بالمكاتب مدهون وجهه الواحد أبيض ووجهه الواحد أحمر وفيه كتابة قد تكشط أكثرها من طول المدة وقد بلي اللوح وما بقيت الكتابة تلتئم ولا الخط يفهم.
وهذا نص ما فيه وأخليت مكان كتابته التي تكشطت وأما الوجه الأبيض: فهو مكتوب بقلم الصحيفة القبطي والمكتوب في الوجه الأحمر على هذه الصورة: السطر الأول بقي منه مكتوبًا الإسكندر. .
السطر الثاني: الأرض وهبها له السطر الثالث: وجرب لكل السطر الرابع: أصحاب.
السطر الخامس: وهو يحرس السطر السادس: واحترازه بقوة السطر السابع: الملك مرجو وأبواب السطر الثامن غير بيته سبعة السطر التاسع: عالم حكيم عالم في عقله السطر العاشر: وصفها فلا تفسد السطر الحادي عشر: طارد كل سوء والذي صاغها النساء السطر الثاني: عشر سد أيضًا كل آثار أسدية بيبرس وهي أحد السطر الثالث عشر: بيبرس ملك الزمان والحكمة كلمة الله عز وجل هذا صورة ما وجد في اللوح مما بقي منن الكتابة والبقية قد تكشط.
وقيل: إن هذا اللوح بخط الخليفة الحاكم وأعجب ما يه اسم السلطان وهو بيبرس ولما شاهد السلطان ذلك: أمر بقراءته فعرض على قراء الأقلام فقرئ وذلك بالقلم القبطي ومضمونه طلسم عمل للظاهر بن الحاكم واسم أمه رصد وفيه أسماء الملائكة وعزائم ورقي وأسماء روحانية وصور ملائكة أكثره حرس لديار مصر وثغورها وصرف الأعداء عنها وكفهم عن طروقهم إليها وابتهال إلى الله تعالى بأقسام كثيرة لحماية الديار المصرية وصونها من الأعداء وحفظها من كل طارق من جميع الأجناس وتضمن هذا الطلسم: كتابة بالقلفطيريات وأوفاقًا وصورًا وخواص لا يعلمها إلا الله تعالى وحمل هذا الطلسم إلى السلطان وبقي في ذخائره.
قال: ورأيت في كتاب عتيق رث سماه مصنفه: وصية الإمام العزيز بالله والد الإمام الحاكم بأمر الله لولده المذكور وقد ذكر فيه الطلسمات التي على أبواب القصر ومن جملتها: إن أول البروج: الحمل وهو بيت المريخ وشرف الشمس وله القوة على جميع سلطان الفلك لأنه صاحب السيف واسفهسلارية العسكر بين يدي الشمس الملك وله الأمر والحرب والسلطان والقوة والمستولي لقوة روحانيته على مدينتنا وقد أقمنا طلسمًا لساعته ويومه لقهر الأعداء وذل المنافقين في مكان أحكمناه على إشرافه عليه والحصن الجامع لقصر مجاور الأول باب بنيناه هذا نص ما رأيته انتهى.
ولعل معنى كتابة بيبرس في هذا اللوح إشارة إلى أن هدم هذا الباب يكون على زمان بيبرس فإن القوم كانت لهم معارف كثيرة وعنايتهم بهذا الفن وافرة كبيرة والله أعلم وموضع باب البحر هذا اليوم يعرف: بباب قصر بشتاك قبالة المدرسة الكاملية.
الخليفة الحاكم واليهود
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الثالث ( 97 من 167 ) : " ووقعت في هذه الحارة ( الحارة المحمودية ) نكتة قال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة أربع وتسعين وخمسمائة والسلطان يومئذٍ بمصر الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين وكان في شعبان قد تتابع أهل مصر والقاهرة في إظهار المنكرات وترك الإنكار لها وإباحة أهل الأمر والنهي فعلها وتفاحش الأمر فيها إلى أن غلا سعر العنب لكثرة من يعصره وأقيمت طاحون بالمحموديّة لطحن حشيشة للبزر وأفردت برسمه وحميت بيوت المِزْر وأقيمت عليها الضرائب الثقيلة فمنها ما انتهاى أمره في كلّ يوم إلى ستّة عشر دينارًا ومنع المِزْر البيوتي ليتوفر الشراء من مواضع الحَمي وحُملت أواني الخمر على رؤوس الأشهاد وفي الأسواق من غير منكر وظهر من عاجل عقوبة حارة الجودرية هذه الحارة عرفت أيضًا بالطائفة الجودرية إحدى طوائف العسكر في أيام الحاكم بأمر الله على ما ذكره المسبّحي وقال ابن عبد الظاهر: الجودريّة منسوبة إلى جماعة تعرف بالجودريّة اختطّوها وكانوا أربعمائة منهم أبو علي منصور الجودريّ الذي كان في أيام العزيز بالله وزادت مكانته في الأيام الحاكمية فأضيفت إليه مع الأحباس الحِسْبة وسوق الرقيق والسواحل وغير ذلك ولها حكاية سمعت جماعة يحكونها وهي أنّها كانت سكن اليهود والمعروفة بهم فبلغ الخليفة الحاكم أنّهم يجتمعون بها في أوقات خلواتها ويغنّون: وأمّة قد ضلّوا ودينهم معتلّ قال لهم نبيّهم: نِعْمَ الأدامُ الخلُّ ويسخرون من هذا القول ويتعرّضون إلى ما لا ينبغي سماعه فأتى إلى أبوابها وسدّها عليهم ليلًا وأحرقها فإلى هذا الوقت لايبيت بها يهوديّ ولا يسكنها أبدًا
الخليفة الحاكم يصدر أمرا بغلق النوافذ على الخليج وعدم ركوب المراكب
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الثالث ( 101 من 167 ) : " خط بين السورين هذا الخط من حدّ باب الكافوري في الغرب إلى باب سعادة وبه الآن صفان من الأملاك أحدهما مشرف على الخليج والآخر مشرف على الشارع المسلوك فيه منا باب القنطرة إلى باب سعادة ويقال لهذا الشارع بين السورين تسمية للعامة بها فاشتهر بذلك وكان في القديم بهذا الخط البستان الكافوري يشرف عليه بحده الغربي ثمة مناظر اللؤلؤة وقد بقيت دار الذهب وموضعها الآن دار تعرف بدار بهادر الأعسر وعلى بابها بئر يستقي منها الماء في حوض منه الدواب ويجاورها قبو معقود يعرف بقبو الذهب وهو من بقية مناظر دار الذهب ويحدّ دار الذهب منظرة الغزالة وهي بجوار قنطرة الموسكي وقد بُني في مكانها ربع يعرف إلى اليوم بربع غزالة ودار ابن قرفة وقد صار موضعها جامع ابن المغربي وحمام ابن قرفة وبقي منها البئر التي يستقي منها إلى اليوم بحمام السلطان وعدّة دور كلها فيما يلي شقة القاهرة من صف باب الخوخة وكان ما بين المناظر والخليج براحا ولم يكن شيء من هذه العمائر التي بحافة الخليج اليوم البتة وكان الحاكم بأمر الله في سنة إحدى وأربعمائة منع من الركوب في المراكب بالخليج وسدّ أبواب القاهرة التي تلي الخليج وأبواب الدور التي هناك والطاقات المطلة عليها على ما حكاه المسبحيّ
سبب أمر الخليفة الحاكم بقفل كل النوافذ التى تطل على الخليج
ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 123 من 167 ) : " قال المسبحيّ: وفي هذا الشهر يعني المحرّم سنة إحدى وأربعمائة منع الحاكم بأمر الله من الركوب في القوارب إلى القاهرة في الخليج وشدّد في المنع وسدّت أبواب القاهرة التي يتطرّق منها إلى الخليج وأبواب الطاقات من الدور التي تشرف على الخليج وكذلك أبواب الدور قال القاضي الفاضل في متجدّدات حوادث سنة أربع وتسعين وخمسائة: ونهى عن ركوب المتفرّجين في المراكب في الخليج وعن إظهار المنكر وعن ركوب النساء مع الرجال وعلّق جماعة من رؤساء المراكب بأيديهم.
***********************************
الخليفة الحاكم يقتل حامل مظلة الخليفة أبيه
ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 122 من 167 ) : "الريدانية كانت بستانًا لريدان الصقلبيّ أحد خدّم العزيز بالله نزار بن المعز كان يحمل المظلة على رأس الخليفة واختص بالحاكم ثم قتله في يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وريدان إن كان إسمًا عربيًا فإنه من قولهم ريحٌ ريدةٌ واردةٌ وريدانةٌ أي لينة الهبوب وقيل ريحٌ ريدة كثيرةُ الهبوب.
---------------------------------------------------------------
(1) مصر من تانى – صدر بالقاهرة - محمود السعدنى – دار كتاب صدر عن دار أخبار اليوم ص 35
(2) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج2 ص 35
(3) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج3 ص 30
(4) ( عيد القيامه المجيد) (3) ( التى تؤجر خيولاً )
(5) ( قد يكون سمع بركوب الأقباط خيولاً بعد الغروب )
(6) ( صاحب مركب )
(7) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج3 ص 29- 30.
(8) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج3 ص 32- 33
(9) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس1904 ج2 ص 105
(10) يعتقد أنه كان معبى فى أوانى خزفية أو فخارية
(11) ) سيره الأباء البطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس190 ص 106
(12) وهذه ثانى مره يحرق فيها المسلمين عاصمة مصر فقد كانت المرة الأولى على يد الخليفة الأموى مروان
(13) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951أنظر حاشية ص 127
(14) تاريخ مصر فىالعصور الوسطى - ستانلى لاين بول ص 135 – 136 وراجع أيضا مصر.. من مينا إلى فؤاد الأول بالفرنسية لـ بول دى هنو ص 234 – تاريخ الأمةالقبطية ليعقوب نخلة روفيلة ص 115- 116
(15) دكتور جمال سرور – الدولة الفاطمية فى مصر ص 92