وفى عام 400 هـ 1009 م أصدر الأوامر المشددة بإلغاء الإحتفالات الدينية (7) التى يقيمها المسيحين فى أنحاء البلاد وحرم الخليفة الحاكم بأمر الله أشطة اللهو على شواطئ الخليج المصرى بالقاهرة – فأمر بسد أبوب الدور التى تقع علي الخليج والطاقات المطلة عليه بحيث ينقطع النور المنبعث منها وينعكس على صفحة المياه فتبتهج الناس أثناء الإحتفالات الدينية القبطية المسيحية وصودرت أوقاف الكنائس لحساب بيت المال – ومنع ضرب النواقيس – وأمر بنزع الصلبان من على قباب الكنائس ووصل الأمر به إلى أن أمر أن يمحو الأقباط وشم الصليب من أيديهم وأذرعتهم أما عن تعليق الصلبان الخشب الذى طوله ذراع ووزنه 5 أرطال فقد أصدره الحاكم هذا الأمر سنة 402هـ 1011م ونفذ أمر الخليفة بحذافيره خاصة بالنسبة للكتاب المسيحين الذين لم يتيسر له الإستغناء عنهم " لمضايقتهم "
فى ربيع سنة 403 شـ - 1013م أصدر أمراً عاماً بتدمير جميع الكنائس الموجودة فى أرض مصر وجعلها غنيمة للمسلمين كما أمر بإقامة الجوامع مكانها – وأمر أن يؤذن فى كنيسة القديس الأنبا شنودة بمصر القديمة – وبنى المسلمين سوراً حول الكنيسة المعلقة ( فى حصن بابليون الرومانى المسمى بقصر الشمع ) وكان على ولاة الأمر فى أنحاءالخلافة الإسلامية أن يتأكد من هدم أبنية المسيحية من كنائس وأديرة وخلافة الموجودة فىالمنطقةالتابعة له هدماً تاماً لئلا يتعرض لبطش خليفة بالشكل الذى وصفه المؤرخون به كما أنه الأدوات التى تستعمل فى الكنائس فى ذلك الوقت كانت من المعادن الثمينة فكانت هدفاً للطامعين لكل طبقة من الطبقات الإجتماعية الإسلامية بدءاً من الولاة حتى الرعاع والسوقة 0
وزاد الأمر سوءاً وحشية السوقة ورعاع المسلمين فقد طلبوا تصريحا من النهب المنظم لأملاك لمقتنيات النصارى وكنائسهم ليحققوا إرادة مولاهم فأعطاهم الأمر بذلك بل أنه أصدر الأمر إلى حكام الأقاليم بمساعدتهم فى هدمهم وسلب الكنائس فطافوا يتلفون ويخربون ويسلبون أوانى الكنائس ومقتنياتها وباعوها علناً فى الأسواق وفى هذا الإضطهاد المريع هدم العامة دير القصير وهو أحد الأديرة الكبيرة التى تغنى بها شعراء المسلمين أنفسهم , ثم قام بدور خاص بأن هدم كنائس خط راشدة والمقس (8) " وإستولى على الأراضى التى كانت مقامة عليها كما إستولى على كل ما وجده فيها من أوانى وملابس ووضعوا أيديهم على الأوقاف وهى الأراضى المخصصه للصرف على الفقراء والكنائس وفقراء الشعب القبطى ووجدوا فى كنيستى القديس الأنبا شنودة والمعلقة غنائم لا تقدر بثمن وملابس حريرية وأشياء لا تحصى ولا تعد وذكر المقريزى المؤرخ المسلم أن عدد الكنائس التى خربت بلغ 30 ألف كنيسة بما فى ذلك الهياكل والكنائس التى بناها البيزنطيون ( التابعه للأروام فى مصر) وكانت أبنية جميله وقصور الأديرة شاهقه وأوانيها نفيسة وبديعة فى صناعتها . ويذكر الأنطاكى (9) أنهم : " محوا الكنائس محواً ووصلت بهم ثورة الإنتقام إلى نبش القبور وإستخراج عظام الموتى لإستعمالها وقوداً للحمامات "
وقد أوردت كاتبة تاريخ الأمة القبطية (10) الفقرة التى كتبها المؤرخ المسلم المقريزى تبين تعسف الحاكم بأمر الله ضد الأقباط فقال : " وقد إشتد
الحاكم على أقباط مصر وألزمهم بشد الزنار على أحقائهم , ونهاهم عن الإحتفال بعيد الميلاد والغطاس والفصح وحظر عليهم بعدم الإحتفال بعيد النيروز الذى إعتادوا أن يقيموه على شاطئ النيل فى كل عام ووضع لهم هذا الأمر تنكيلاً بهم ومنعاً لهم من الفرح والسرور , وحرق الصلبان والأخشاب التى تعمل فيها , وحظر عليهم شراء العبيد والإماء , وهدم كنائس شادح الرشيد فى مصر العتيقة , وخرب كنائس المكس التى كانت خارج الإسكندرية ونهب أوانيها وعرضها للبيع ,امر بهدم دير القيصر (11) وصرح لرعاع المسلمين بسلبه وأجبر كل قبطى أن يعلق صليباً خشبياً فى رقبته لا يقل وزنه عن خمسة أرطال , وحظر عليهم ركوب الخيل إلا البغال والحمير بسروج ولجم عادية غير مزينة بالذهب , وأمر أصحاب الإصطبلات أن لا يخرجوا جواداً ليركبه الأقباط بعد الغروب , وأن يلزم كل نوتى (بحار) مسلم يقدم قبول قبطى للسفر فى مركبه , وأن يلبسوا العمائم السوداء وان تكون ركائب سروجهم من خشب الجميز , وأن يعلق اليهود حجراً مستديراً وزنه خمسة أرطال فى أعناقهم وأصدر أمراً عاماً بتدمير كنائس مصر قاطبه وحعلها غنيمه للمسلمين كل هذا حل بالأقباط المساكين ولم يشف له غليلاً فامر بسلب أمتعة الكنائس وأوانيها وإقامة الجوامع على أنقاضها وامر أن يؤذن فى كنيسة الأنبا شنودة بمصر القديمة على الفور , وبنى المسلمين سوراً حول كنيسة المعلقة ( بقصر الشمع) وهو حصن بابليون الرومانى وإلتمس المسلمين من الخليفة يأمرهم بالتجوال فى أنحاء القطر لتخريب ما بقى من كنائس فأجابهم إلى ذلك وأصدر أمره إلى حكام الأقاليم بمساعدتهم فى غرضهم فطافوا يتلفون ويخربون كل سنة 403 للشهداء الموافقة 1013 م فسلبوا الكنائس واخذوا أوانيها وأمتعتها النفيسة وصاروا يبيعونها جهاراً فى الأسواق , ووضعوا أيديهم على جميع الأوقاف القبطية التى تمتلكها الكنيسة فلم يبقوا لها عيناً ولا أثراً ووجدوا فى كنيستى القديس الأنبا شنودة والمعلقة غنائم عظيمة من الأوانى الذهبية والملابس الحريرية وغيرها مما لا يعد ولا يحصى ويؤخذ من التقارير الرسمية أنه تخرب فى تلك السنة ما يقرب من ثلاثين ألف كنيسة فى مصر والشام وباقى بلاد الخلافة "
وقد ذكر أبو صالح الأرمنى (12) أن من الكنائس الشهيرة التى تخربت بأمر الحاكم وتحولت إلى جوامع ما عدا كنائس القاهرة – كنيسة النسطوريين قرب العدوية أو منية السودان وتبعد عن القاهرة نحو 18 ميلاً – وكنيسة السيدة العذراء فى أسوان – وكنيسة العذراء فى الأشمونين – ودير القصير الشهير – وقد أعيد بناؤه بعد ومن الإضطهاد – ومما يستحق الذكر كنيسة القديس باخوميوس بمدينة فاو بغقليم دشنا كان طولها 150 ذراعاً وعرضها 75 ذراعاً وكانت حوائطها مرصعة بالفسيفساء والأحجار الكريمة واعمدتها من أجود أنواع الرخام هذا عدا الكثير من الكنائس فى بلاد النوبة هدمتها حملة من غلاة المسلمين بعثها الحاكم خصيصاً لهذا الغرض , وكان الملك الذى يحكم النوبة حينئذ يدعى رفائييل قال عنه أبو صالح المؤرخ أنه أقام فى دنقلة عاصمة ملكه قصوراً قبابها تناطح السحاب من الطوب الأحمر الجميل الصنع كانت تنافس مبانى العراق الجميلة وشوارع المدينة كانت متسعة وكنائسها شاهقة فاخرة
وقد أرسل الخليفة الحاكم أميراً ومعه فعله وعمال ومساحين فى مراكب وجالوا يهدموا الكنائس الباقية فلما وصلوا إلى ترنوط ليهدموا الكنائس الموجودة فى برارى مصر وصحاريها وخاصة بريه وادى النطرون فقال الجنود : " نحن نخاف من العرب الذين فى الجبال لكثرتهم " وبهذا أبطل الرب الإله مؤامرتهم كما أبطل مشورة أخيتوفل , وقال مؤرخ آخر أن مار جرجس ظهر لهم وردهم وأخافهم حتى عادوا 0
وقال المقرزى أيضاً فى خطط المقريزى تاريخ ابوالمكارم عن ما كتبه الأجانب والمؤرخون عن الكنائس والديرة الجزء الرابع أعداد الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طبع سنه 1999 ص 36 : " فكان بالمقس خارج القاهرة من بحريها عدة كنائس هدمها الحاكم بأمر الله أبو على منصور فى 19 ذى الحجة سنة 399 هجرية واباح ما كان فيها فنهب منها شئ كثير جداً بعد ما أمر فى شهر ربيع ألول منها بهدم كنائس راشدة خارج مدينة مصر من شرقيها وجعل مكانها الجامع المعروف براشدة , وهدم أيضاً فى سنة 394 كنيستين هناك وألزم النصارى بلبس السواد وشد الزنار وأستولى على أملاك الكنائس والأديرة وجعلها ضمن أملاك ديوان الخليفة
وفى هذه الضيقة ظهرت رأفة الآب السماوى على فئة صغيره من شعبه وهم طبقة الصناع والفنانين الذين توقفوا عن العمل بسبب الإضطهاد فقد كان ملك الحبشة وإسمه لاليبالا رغب فى تشييد عدد من الكنائس فبعث إلى مصر برجاء إلى البابا المرقسى أن يرسل أخصائيين فى البناء والزخرفة فسارع البابا بإرسال أكبر عدد منهم وأسرهم فنحتوا له مجموعة من الكنائس فى الصخور الطبيعية لا تزال للآن باقية تشهد على مهارة الفنانين الأقباط وذكر زاهر رياض أنها آية من آيات الفن المسيحى (13) وذكر بعض المؤرخين أن عدد الذين هاجروا إلى أثيوبيا فى هذا الوقت بلغ 10 الاف نسمة .
وفى تلك الأوقات العصيبة لم يقدر على الثبات فى الديانه المسيحية إلا الذين عندهم إيمان قوى وترك المسيحية خلق كثير ويقول إبن المقفع (14)
: " أن أكثر النصارى المصريين (يقصد الأقباط ) نزعوا عنهم الغيار والصليب والزنار والركب الخشب , وتشبهوا بالمسلمين فلم يكشفهم أحد ويظن كل من يراهم أنهم قد أسلموا " ويقول إبن المقفع (15) : " أن أكثر الأقباط كانوا يذهبون إلى البرية فى الأديره مرتين فى السنة مرة فى عيد الغطاس وأخرى فى عيد القيامة وكانوا يشتهون القربان والتناول كما يشتهى الطفل اللبن من ثدى أمه وكان النصارى فى هذه التسع سنين فى ضيق عظيم وشتم ولعن من المسلمين ويبصقوا فى وجوههم وكان أكثر الأماكن إضطهاداً فى مدينة تنيس وما حولها فإذا مر قبطى عليهم يشتموه ويقولوا : " إكسر الصليب وإدخل فى الدين الواسع" .. وإن نسى قبطى صليبه ومشى بدونه لقى من الهوان والذل الكثير " وكتب إبن المقفع فى موضع آخر (16) :
" وهذه التسع سنين كان فيها الأدب من الرب منها ثلاثة سنين لا يقدر أحد أن يعمل طورون فى جميع مدن مصر إلا فى الأديرة فقط ولم يصبر الأقباط الأبرار على البعد عن الصلوات والقداسات الإلهية والإقتراب من السرائر المقدسة فكانوا يسألون الولاه فى الأقاليم يبرطلوهم ( ويرشوهم ) بالدنانير ويعطونهم الكثير من الهدايا حتى يغمضوا أعينهم ويقيموا القداسات والصلوات ويتناولوا ليلاً وذلك فى الكنائس المهدمة , وكان الأقباط يخبئون كسوة الكنائس وأدوات المذبح فى بيوتهم أما الكتب الكنسية فقد أحرقها الخليفة الحاكم بأمر الله , وبعد ثلاث سنين أخرى بدأوا يدشنون كنائس فى البيوت ويكرزونها سراً ويصلون فيها ويتقربون للسرائر الإلهيه بها ثم بدا الوشاه والحاقدين من الولاة أن يرسلوا إلى الخليفة قائلين : أن النصارى قد بنوا الكنائس فى مصر والريف وكان هو يتغافل عنهم "
السجل التاريخى الأسود لأضطهاد الإسلام للمسيحية والمسيحيين
الجزء التالى من كتاب الكنز المخفى على شبكة الإنترنت والموقع أسفل هذا الجزء
و دائماً كان رد المسلمين أجدادنا على أحسانات النصارى هو القتل و السرقة و هدم الكنائس و مضاعفة الجزية عليهم إلى غيرها من الأعمال العظيمة .. و نجد مثلاً عظيماً من التاريخ مذكور فى كتاب اتعاظ الحنفا لـ أحمد بن علي المقريزي - الجزء الثانى - فصل : سنة سبع وأربعين وأربعمائة : "فيها سير المستنصر إلى كنيسة قمامة فأحتاط بجميع ما فيها.
وذلك أن القاضي أبا عبد الله القضاعي كان قد توجه من عند الخليفة برسالة إلى متملك الروم فقدم وهو بالقسطنطينية رسول السلطان طغرلبك بن سلجوق يلتمس من الملكة تيودورا أن تمكن رسوله من الصلاة في جامع قسطنطينية فأذنت له في ذلك فدخل إليه وصلى به وخطب للخليفة القائم بأمر الله العباسي.
فبعث القضاعي بذلك إلى المستنصر فأحاط بما في قمامة(كنيسة القيامة) وأخذه وأخرج البطرك منها إلى دار مفردة وأغلق أبواب كنائس مصر والشام وطالب الرهبان بالجزية لأربع سنين وزاد على النصارى في الجزية."
و فى نفس الكتاب فصل : سنة ثمان وتسعين وثلثمائة : "فلما كان ليلة عيد الشعانين منع النصارى من تزيين كنائسهم على ما هي عادتهم وقبض على جماعة منهم في رجب وأمر باحضار ما هو معلق على الكنائس وإثباته في دواوين السلطان وكتب إلى سائر الأعمال بذلك.
وأحرق صلبان كثيرة على باب الجامع .."
يا سلام على عظمة أجدادنا .. يا سلام على الحب و الرحمة .. ، حتى أنهم كانوا يأخذوا صلبان النصارى منهم و يجمعوها و يحرقوها عند الجامع .
و هناك كنيسة القيامة فى القدس ، و الذى أطلق عليها كاتب الكتاب و المسلمون اسم "قمامة" من فرط محبتهم للنصارى، و كانوا أولى بالنصارى أن يطلقوا على الكعبة المشرفة نفس الاسم و لكن منعتهم محبتهم لأعداءهم من فعل ذلك .. و يروى التاريخ العديد و العديد من الأحداث و التى أقوم بالرد عليها لأعلاء اسم الإسلام عالياً ، و لقطع الطريق على النصارى ممن يستخدمون هذه الأحداث التاريخية الحقيقية كحُجة على ماضينا الأسود وفضائحنا المخزية ..
http://www.geocities.com/christianity_truth/TRK_4.htm كتاب الكنز المخفى
الأ قباط يسيرون فى موكباً حزيناً
ولما لم يقدر الحاكم بأمر الله على القضاء على المسيحية فى أرض مصر أصدر أمراً بطرد الأقباط والمسيحيين واليهود إلى بلاد الروم وذكر المقريزى المؤرخ المسلم (17) هذا القرار فقال أنه : " أمر بنفى النصارى إلى أراضى الروم " وعندما سمع الأقباط بهذا الأمر دب فى قلوبهم اليأس من هذا الخليفة عديم الرحمه ووصف لنا الأنطاكى (18) الموكب الحزين الذى قام به الأقباط سنة 404هـ 1013 م
ويقول جاك تاجر (19): " لم يتحمل نصارى مصر من الإضطهاد منذ إحتلال العرب لأرض مصر أكثر مما تحملوه فى عصر هذا الخليفة , ولم يحاول مؤرخ مسلم واحد أن يبرر هذه الأفعال الوحشية , ولقد أراد بعض الذين دونوا التاريخ فى هذه الفترة أن يخففوا من مسؤلية الخليفة بحجة ضعف قواة العقلية غير أن لا يوجد ما يؤكد أنه كان مجنوناً , لعله كان شرس الطباع فكان يجد لذة فى تعذيب غيره " كما نقل جاك تاجر ما قاله المؤرخ يحى بن سعيد الأنطاكى المتوفى سنة 1066 م
وبدأ بكتابة تاريخه بعد إختفاء الحاكم بفترة وجيزه – مشهداً وقع بالقاهرة سنة 1012م ويدل على مدى اليأس الذى ملك قلوب الأقباط إزاء إضطهادات الحاكم الوحشية الجنونية فقال : " إجتع سائر من بمصر من الكتاب والعمال والأطباء وغيرهم مع أساقفتهم وكهنتهم , وتوجهوا إلى قصره ( يعنى قصر الحاكم) وكشفوا عن رؤوسهم فى باب القاهرة ومشوا حفاة باكيين مستغيثين يسألونه العفو والصفح , ولم يزالوا فى طريقهم يقبلون التراب إلى أن وصلوا إلى مقرة وهم فى تلك الحال فأنفذ إليهم أحد أصحابه وأخذ منهم ورقه كانوا قد كتبوها يلتمسون عفوه عنهم وإزاله سخطه , فأعاد إليهم الرسول ورد عليهم رداً جميلاً " (20) يعتبر معظم المؤرخون فى العصر الحديث أن رأى جاك تاجر هو الرأى المرجح لأنه بتحليل رد فعله فى كل حدث فى عصرة يمكن القول أنه كان لسبب منطقى منذ قتل برجوان حتى إدعاؤه الألوهيه وإغلاق الأماكن العامة ومنع النساء من الخروج والعبارات المهينة التى كتبها على مساجد السنيين فى مصر وإضطهاده الأقباط لأنه كان يبغى نتيجه سريعه وحاسمه ومؤثرة بغض النظر عن الوسائل المتبعه لأنه يملك وسائل السلطة القوية من أمر وردع بصورة وحشية لم يسبق لها مثيل وهذا ما يسميه مؤرخوا التاريخ الديكتاتوريه الدينية العنصريه الإجرامية ويحاول أنصار الديمقراطية التحذير من هذا النوع من الحكم منذ سقوط الحكم النازى العنصرى
ويقول محمود السعدنى عن الحاكم بأمر الله : " هو واحد من أغرب شخصيات مصر على الإطلاق شيخ المذهب الفاطمى الشيعى وأمه شقيقه بطريك الروم فى أورشليم وبطريرك الروم فى مصر , جن جنونه فجأه وهو يقبع وحيداً فى مغاره على جبل المقطم وشعر بأن هناك صوتاً يناديه ويدعوه إلى التوفيق بين دين النصارى ودين المسلمين وإستخراج دين جديد ولقد بدأ الصبى فى البحث عن هذا الدين الجديد على الفور , وهداه تفكيره إلى أنه ما دام الله واحد أحداً فلماذا لا يتوحد جميع الأنبياء فى واحد فقط ؟ ولماذا لا يكون
الحاكم بأمر الله هو النبى الواحد ؟ ولكن كان القلق ينهش قلوب كل أفراد الأسرة الحاكمة خوفاً من هذا الإنقلاب الذى يوشك الحاكم بأمره أن يقوده ! وكان أكثر أفراد الأسرة قلقاً هى ست الملك عمته وقال بعض المؤرخين إنها ليست ست الملك ولكنها ست النصر أخته وقد إنضم إلى المؤامرة قائد الجيش سيف الدين إبن رواش (21) " .
وإستمر الخليفة الحاكم يعبث بالأديان ويلعب كما يشاء بخضوع شعبه إلى أن جاء أحد المغامرين من الأندلس إسمه " أبو ركوة " وكان يدعى أنه من بنى أمية , فرفع علم الثورة ضده , فإجتمع حوله عدد غفير من المسلمين السنين وكذلك الناقمين على أفعاله – فما كان من الحاكم بأمر الله وهو الخليفة الحقيقى والواقعى والذى يعى تماما خطورة الموقف إلا أنه كف عن تحدى السنين , بل أنه كف عن إيذاء الناس , بل أنه ذهب إلى خطوة أبعد من ذلك هو أنه ألغى بعض الطقوس الخاصة بالطائفة الإسماعيلية التى ينتمى إليها كما أدخل بعض التقاليد السنية 0
وناقش جاك تاجر (22) رأى المستشرقين فى أن : " سبب تسامح الخليفة الحاكم هو إدعاؤه الألوهية "... فقال : " أنه لم يكن إدعاء الحاكم الألوهية إلا نتيجة منطقية لتعاليم مذهب الطائفة الإسماعيلية الشيعى وهذه التعاليم لم تكن جديدة على الفاطميين التى كانوا يستوحونها فى كل وقت وقد وضعت موضع الإعتبار والتنفيذ حين أعلن الحاكم دعوته بإدعاؤه الألوهية " لا مظهر من مظاهر جنونه كما أنه لم يؤدى إعتقاده هذا إلى التسامح لأنه هناك فترة غير قصيره بين إعتقاده بالألوهيه وتسامحه تقدر بأربع سنوات إذا فليس هناك دليلاً على قوه حجه هذا الرأى وخرج جاك تاجر برأى فقال : " يخيل إلينا أن حادثاً خطيراً حدث فى ذلك الحين , فأجبره على التسامح "
أما إبن المقفع الذى عاصر هذه الأحداث فقد قال أنه بعد أن خرج الشماس بقيرة الرشيدى من سجن الدم (23): " طمأن الأقباط الخائفين وحلف لهم أنه بعد ثلاثة أيام يزول عنهم كل ما فيه من ضرر وكان يبتاع لهم كل ما يحتاجونه من خبز وطعام وماء ويرسله مع خدمه ففعل هذا ثلاثة أيام وفى صباح اليوم الرابع خرج أمر من الحاكم بأمر الله بأن تبايع ( تعامل) النصارى ويشاروا كما جرت عادتهم وكتب سجل بذلك – وكتب أيضاً بأنه من أراد من النصارى أن يمضى إلى بلاد الروم أو بلاد الحبشة والنوبة لا يمنعهم أحداً وكانوا قبلا ممنوعين "
الخليفة الحاكم بأمر الله يتحول لمحبة المسيحيين
وتسامح الحاكم فى آخر خلافته فسمح للذميين من نصارى ويهود أن يتعبدوا علانية بل ذهب إلى حثهم على إعادة بناء كنائسهم وأديرتهم وزيادة رهبانهم !!
ويذكر الأنطاكى أنه فى عام 411هـ 1028 م توجه الأنبا " صلمون" رئيس دير طور سينا إلى الحاكم وبسط إليه حالة فقر رهبان الدير المذكور وإلتمس منه إعادة الأراضى الوقوفة التى صادرها – فلبى الخليفة الحاكم طلب رئيس الدير , وفى نفس السنة إستأذن الأنبا صلمون بعمارة ديرالقصير وبإعادة الرهبان إليه وإقامة الصلوات فيه , فأجابه أيضاً إلى طلبه وأصدر " سجل " بهذا الأمر إلى " صلمون بن إبراهيم " وصدر هذا الأمر فى شهر ربيع الآخر سنة 411هـ (24) وفى جمادى الآخرة من هذه السنة أيضاً أصدر " سجل " آخر بإعادة بناء كنيسة القيامة !!
وتبع هذا الأمر أوامر أخرى لبناء الكنائس والأديرة التى دمرت من جديد وتشجع النصارى وطالبوا بإمتيازات أخرى ويقول سعيد الأنطاكى : { لما تسامح الحاكم بعمارة الكنائس وتجديدها ورد أوقافها لقيه جماعة من النصارى الذين كانوا قد أسلموا وطرحوا أنفسهم عليه وهم مسترسلون للموت .. وقالوا له : " إن الذى دخلنا فيه من التظاهر بدين الإسلام , لم يكن برغبتنا أو بإختيارنا فنحن نسأل أن تأمرنا بالعودة إلى ديننا إن رأيت ذلك أو تأمر بقتلنا " } " فأمرهم للوقت بلباس الزنار ولباس السواد وحمل الصلبان وكان كل منهم قد أعد عدة غيار ثيابه " (25).. وقال الأنطاكى أن عدداً قليلاً من الناس لم يحذوا حذوهم خوفاً من أن يكون الحاكم يريدون الإيقاع بهم وقتلهم حيث أن الديانه الإسلامية تأمر بذلك فى قانون الردة حسب الشريعة الإسلامية , ولكن بناء على إقتراح الأنبا صلمون أكد الحاكم حسن معاملته للنصارى 0
وقال إبن المقفع (26) : " كان هدم الكنائس فى سنة 727 شهداء وفتحت وأمر ببنائها سنة 736 شهداء 0"
حصير الرهبان
وكان من عاده الرهبان صناعة الحصير وهو عباره عن نبات برى ينمو فى التلال والأكمة حول الأديره يجمعه الرهبان ويجدلونه بخيوط ليصبح مثل سجاد وموكيت اليوم وكان الحصير يفرش به المنازل والمساجد فى ذلك العصر وقال ابو المكارم فى مخطوطه (27): " وعادة الرهبان بهذه الأديرة عمل حصر من البردى الذى ينبت فى الوادى بهذه البرية خاصة للجوامع والمساجد بمصر وجزيرتها وتحمل إلى الباب فى المراكب إلى المقسم وتحمل منه على الجمال ويحضر لإستلامه قاضى قضاة المسلمين وجماعة الفقهاء والعدل ويجلس الخليفة فى المنظرة فى علو باب الذهب لمشاهدتها ثم تقسم بعد أن تعتبر جميعها وحينئذ يفرقها قاضى القضاة ويدفع لهم الثمن عنها من بيت المال وهو عن كل ألف ذراع سبعة دنانير وثلث وربع وهى فى السنة مائتى حصير طوال كل حصير 25 ذراع فى عرض 5 أذرع مما كان رتبه الحاكم بأمر الله وهو الثالث من الخلفاء بمصر والسادس فى الغرب . "
الحاكم بأمر الله يؤسس مكتبة ضخمه وهيئة علمية
أنشأ الخليفة الحاكم بأمر الله (28) هيئة علمية إحتفل بإفتتاحها سنة 1005 م – 395 هجرية كما أسس مكتبة كبيرة فيها الكثير من المؤلفات العلمية والفنية المختلفة ووضع فيها كتبة ماهرون ينسخون العديد من الكتب , غير انها لم تلاقى قبولاً لمن ينشدون التمسك بالقديم , ولما كان المسلمين المصريين يدينون بالسنية ويختلفون عن الشيعة فقد إبتعد غالبيتهم عن الإسهام أو الإستفاده بهذه الطفرة العلمية التى أحدثها هذا الحاكم .
وقد أبطلت هذه الهيئة من الوجود سنة 1112 م أبطلها رجل يقال له الفضل لما رأى فيها تعاليم مخالفة لعقائد الإسلام ولكن المسلمين أعادوها إلى سابق مجدها واسسوها على قواعد متينة وإستمرت فى فى القيام بهدفها حتى تلاشت بتقلص حكم الدولة الفاطمية فى مصر.
---------------------------------------------------------------------------
المـــــــراجـــــع
(7) تاريخ سعيد بن البطريق- نشره الأب شيخو طبع ببيروت 1909 تاريخ سعيد بن يحى الأنطاكى تابع تاريخ سعيد بن بطريق ص 195
(8) شرحه المقريزى فى ج2 ص 287 = 295 – وخط راشدة والمقس كانا من الأحياء الواقعة خارج مدينة القاهرة , كما أن المقريزى علق على السلب والنهب الذى حدث إذ ذاك فقال " فإنتهبوا منها ما يجل عن الوصف
(9) تاريخ سعيد بن البطريق- نشره الأب شيخو طبع ببيروت 1909 تاريخ سعيد بن يحى الأنطاكى تابع تاريخ سعيد بن بطريق ص 195
(10) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 الجزء الثالث ص 29-31
(11) بنى هذا الدير الإمبراطور أركاديوس الرومانى على سفح المقطم شرقى طره تذكار لأرسانيوس معلم أولاده الذى كان مدرساً له وإعتكف عن الحياة العامة فى الثلاثة سنين الأخيرة من حياته داخل كهف كما ذكرت بعض الكتب وتوفى فيه وعلى هذا الكهف بنى الإمبراطور الكنيسة التى صارت بعدئذ أشهر الأديرة المصرية فى التاريخ , ودعى كنيسة القيصر أو دير القيصر بإسم يوحنا القيصر القديس المشهور عند الأقباط وقد هدمت الكنيسة والدير بأمر الحاكم أسوه بغيرها أثناء الإضطهاد العام وأعيدت بعد ذلك ودعى بدير البغل ولذلك سبب عجيب هو أن لهذا الدير بغله يضعون على ظهرها القرب كل صباح ويطلقونها فتذهب إلى النيل بغير قائد لعدم خروج الرهبان من باب الدير وصرامه القوانين وتقف هناك حتى يأتى الفعله أو أى أحد يمر بقربها فيملأ القرب ويضعها على ظهرها فتعود إلى الدير فكان الناس يعرفون هذه البغله أنها بغله الدير وإسم الدير يدير البغلة وهكذا تذكر الناس والتاريخ هذا الدير على صفحات المؤرخين ولا تزال خرائب هذا الدير باقية حتى الآن
(12) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 الجزء الثالث ص 31-33
(13) كنيسة الأسكندرية فى أفريقيا – زاهر رياض ص 98-99
(14) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 ج2 108:
(15) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 ج2 ص 112
(16) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 ج2 ص113
(17) المواعظ والإعتبار فى ذكر الخطط والآثار للمقريزى 0 طبع بولاق 1272هجريه الجزءالثانى ص 496
(18) تاريخ سعيد بن البطريق- نشره الأب شيخو طبع ببيروت 1909 تاريخ سعيد بن يحى الأنطاكى تابع تاريخ سعيد بن بطريق ص188
(19) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951ص 131
(20) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951ص 131
(21) راجع مصر من تانى – محمود السعدنى – دار كتاب صدر عن دار أخبار اليوم ص 34
(22) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951ص 132-133
(23) ) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 ج2 ص 108
(24) تاريخ سعيد بن البطريق- نشره الأب شيخو طبع ببيروت 1909 تاريخ سعيد بن يحى الأنطاكى تابع تاريخ سعيد بن بطريق ص 299
(25) تاريخ سعيد بن البطريق- نشره الأب شيخو طبع ببيروت 1909 تاريخ سعيد بن يحى الأنطاكى تابع تاريخ سعيد بن بطريق ص230- 232
(26) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 ج2 ص 115
(27) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 الجزء الثالث ص 25
(28) تاريخ ابوالمكارم تاريخ الكنائس والأديره فىالقرن 12 بالوجه البحرى طبع سنه 1999 ج1ص 107
(29) تاريخ الآباء البطاركة – للأنبا يوساب أسقف فوةه وهو من آباء القرن الثالث عشر – أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القمص صمؤيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 98