جريدة الأهرام 26/3/2008م السنة 132 العدد 44305 عن مقالة بعنوان [ الحكم القضائي ونطاق تطبيقه كنسيا ] بقلم: مستشار د. عوني برسوم
رئيس محكمة استئناف
إن القول القانون1 لسنة2000 الخاص باصدار قانون تنظيم بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية بانه جاء دون ان ينص علي إلغاء لائحة الاحوال الشخصية التي أقرها المجلس الملي في1938/5/9 وبذلك تكون هذه اللائحة سارية, قول جانبه الصواب فرغم أن اللائحة غير مختصة بإجراءات التقاضي, غير أن الثابت أن المجلس الملي العام والمجالس الملية الفرعية قد ألغيت قانونا وإلغي معها كل ماصدر عن المجلس الملي مع كل اختصاصاته وماقدمه من لوائح وذلك بالقانون46 لسنة1955, وللأسف لعدم وجود قانون للاحوال الشخصية للاقباط يوثق قانونا صادرا من الدولة فقد درجت المحاكم علي الأخذ بهذه اللائحة خاصة محكمة النقض التي لم يكن أمامها سوي هذه اللائحة الساقطة لتأخذ بها.
ولما كان حكم محكمة القضاء الإداري الذي تأيد استئنافيا من المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار السيد نوفل وقد تضمن منظومة تأييد إلغاء قرار الكنيسة بالامتناع عن إعطاء الزوج المطلق تصريحا بالزواج من آخر, والأمر هنا يعطي كل العذر للزميل المستشار في حكمه لأنه لايعرف طبيعة انعقاد الزيجة كنسيا ومسيحيا وبينها وبين الأمر الإداري بالتصريح بالزواج واقع الأمر وفقا لاحكام الحريات العامة وأحكام الدستور ان لكل شخص الحق في أن يتزوج بمن يشاء وقتما يشاء دون قيد أو شرط أو تصريح.
إن واقع الأمر أن الكنيسة لاتمنع أي شخص من أن يذهب إلي أي مكان سواء الإدارة المدنية والشهر العقاري أو إلي جميع أنواع الكنائس الأخري سواء بروتستانتية أو إنجيلية أو معمدانية أو لوثرية أو أسقفية.. الخ دون أي قيد عليه من أحد.
اما إذا قضي الحكم بإلزام الكنيسة القبطية الارثوذكسية بإعطاء تصريح زواج فليس هذا مقصورا علي ورقة أو صك بل الأمر مختلف تماما, ان انعقاد الزيجة وفقا للايمان المسيحي يتعلق بطقوس ومراسم وصلوات وتقديسات معينة يقوم الكاهن بعد اعداد نفسه روحيا لها بأدائها, فهل كان الحكم يطلب إقرار وإجبار الكاهن للقيام بهذا بأداء طقوس وصلوات معينة لاتمام سر الزيجة المقدس هذا هو جوهر الأمر كله فلايمكن لحكم مهما كان مصدره ان يجبر الكاهن علي الصلاة والتقديس والاداء بالصلاة إيمانيا وهذا أمر مرفوض ومخالف لتدخله في تطبيقات الإيمان المسيحي.
فالحكم في طبيعته صدر بغير طائل إزاء الثابت عقائديا في الكنيسة وحسب الايضاح السابق فإن صدور الحكم باعطاء الزوج تصريحا بالزواج فقد جاء هابط الأثر لأن الحرية في الزواج مكفولة له في أن يذهب ويتزوج كيفما يشاء, اما ان يذهب الحكم بالزام الكاهن أو الأسقف باجراء صلوات معينة وطقوس مقدسة ايضا فهذا مخالف للروح الداخلية للانسان وحرية إيمانه, فلا أظن أن الحكم قد قصد ذلك التدخل في روح الإنسان, حيث لاقيد علي الحرية المعطاة للإنسان في أن يتزوج من يشاء.
ان الكنيسة خاضعة في كل أعمالها المادية والادارية لرقابة وولاية السلطة القضائية الطبيعية والمدنية التي لها كل الاعتبار والتقدير.
*******************************