Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الاعراب والعربية

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

 

Home
Up
القرآن قبل موت محمد وبعده
من أين أتى اسم مصحف؟
على يجمع القرآن
الحجاج يشكل وينقط القرآن
الدؤلى وتعديلات القرآن
لهجات العرب ولغتهم
العربية الفصحى
اللسان العربي
المعربات
اللحن فى القرآن
الاعراب والعربية
النحو
محمد يجمع القرآن
Untitled 3325
Untitled 3326
Untitled 3327
Untitled 3328
Untitled 3329
تعدد المصاحف

Hit Counter

*******************************************************************************************************

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل الرابع والاربعون بعد المئة - الاعراب والعربية واللحن - ص 1142- 1148 نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان

*******************************************************************************************************

 

و لابد لنا وقد تحدثنا عن لغات العرب وعن العربية الفصحى من التحدث عن "الإعراب" لما له من صلة بها. فأقول الإعراب في تعريف علماء اللغة: الإبانة والافصاح عن الشئ. يقال للعربي: أعرب لي أي بين لي كلامك. وأعرب الكلام وأعرب به بينّه. روي عن النبي أنه قال: "الثيب تعرب عن نفسها"، وإنما سُمي الإعراب إعراباً لتبيينه و إيضاحه. ومن هنا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام: أعرب. ويقال أعرب الأعجمي إعراباً، أي أفصح وأبان. وعَرّبه: علَّمه العربية. "وفي حديث الحسن أنه قال له البَتيُّ: ما تقول في رجل رعُفَ في الصلاة ? فقال الحسن: إن هذا يُعرّب الناس، وهو يقول رِعُفَ، أي يعلمهم العربية، إنما هو رَعُفَ". وتعرب واستعرب أفصح، قال الشاعر: ماذا لقينا من المُستعربين ومن قياسِ نحوِهِمُ هذا الذي ابتدعوا
وعرف الإعراب، بأنه أن لا تلحن في الكلام. يقال أعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب. فربطوا بين الإعراب واللحن. وذكروا أيضاً "أن الإعراب الذي هو النحو، انما هو الإبانة عن المعاني والألفاظ"، "وانما سمي الإعراب إعراباً، لتبيينه وإيضاحه"، "وعرب منطقه أي هذبه من اللحن". وروي عن "أبي هريرة" قوله: "أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه"، والمراد بالغريب أن تكون اللفظة حسنة مستغربة في التأويل، لا يتساوى في العلم بها أهلها وسائر الناس. وقد عدّوا من ذلك في القرآن كله سبعمائة لفظة أو تزيد قليلاً.
ورد في تأريخ "الطبري" ان رجلاً من العباديين مرّ بجمع من المسلمين أصابوا جراباً من "كافور" فحسبوه ملحاً، فأخذوا يلقون منه في طعامهم، فقال لهم: "يا معشر المعربين، لا تفسدوا طعامكم، فإن ملح هذه الأرض لا خير فيه"، فاستعمل المعربين في معنى العرب، ولعل العباديين، وهم نصارى الحيرة كانوا يطلقون على العرب الخلص معربين، لوضوح لسانهم بالنسبة لغيرهم ممن كان لا يعرب على طريقة العرب الخلص من أهل البوادي.
وقد ذهب "ابن فارس" إلى وجود "الإعراب" عند العرب العاربة، إذ يقول: "وزعم قومُ أن العرب العاربة لم تعرف هذه الحروف بأسمائها، وانهم لم يعرفوا نحواً و لا إعراباً و لا نصباً و لا همزاً". وقد رد على من أنكر وجود الإعراب عند العرب قبل الإسلام، وأورد حديثاً في ذلك، إذ قال: "وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، انه قال: اعربوا القرآن". وقد ورد ان "عمر بن الخطاب"، وجه كتاباً إلى "أبي موسى" الأشعري، عامله على البصرة فيه: "أما بعد، فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن، فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم معديون"، ووجه إليه كتاباً آخر فيه "أما بعد، فتفقهوا في الدين، وتعلموا السنة، وتفقهوا في العربية، وتعلموا طعن الدرية، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب". غير ان العلماء من فسّر الإعراب في القرآن بأن المراد به معرفة اللحن.
وعرف الإعراب، بأنه: "الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما ميّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت، و لا تعجب من استفهام، و لا صدر من مصدر، و لا نعت من تأكيد. وذكر بعض أصحابنا أن الإعراب يختص بالإخبار. وقد يكون الإعراب في غير الخبر أيضاً، لأنا نقول: أزيدُ عندك ? وأزيداً ضربت ? فقد عمل الإعراب وليس هو من باب الخبر"، فبالإعراب تميز المعاني ويوقف على أغرض المتكلمين. وأنواع الإعراب رفع، ونصب، وجر، وجزم، فالإعراب عبارة عن الحركات. وقد جعل الإعراب من العلوم الجليلة التي اختصت بها العرب. والإعراب في الواقع، هو التعرب، أي التكلم بالعربية وفق طريقة العرب الخلص في مراعاة أواخر الكلم، ومراعاة التصرف الإعرابي.
والإعراب في نظري، أن يتكلم الإنسان بطريقة العرب في كلامهم، وذلك بأن يبين وفقاً لقواعد لسانهم، وقد عرفنا ورود لفظة "عرب"و "عربية "في النصوص الآشورية واليونانية والسريانية، فالإعراب إذن من هذا الأصل، أي من العربية، ثم اطلق على النطق وفقاً لأساليب العرب في كلامهم ووفقاً لقواعد لسانهم.
وللوقوف على معنى: "العربية"، يجب الرجوع إلى ما ورد عنها في الأخبار. فقد ورد أن الرسول "دخل المسجد فرأى جمعاً من الناس على رجلٍ، فقال: ما هذا ? قالوا: يا رسول الله، رجل علاّمة، قال: وما العلاّمة ? قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب، وأعلم الناس بعربية، وأعلم الناس بشعر، وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر". وهو خبر يرجع سنده إلى "أبي هريرة".
ووردت اللفظة في روايات أخرى يرجع الرواة زمانها إلى أيام الخليفة "عمر بن الخطاب". فقد روي عن "عثمان المهرّي"، انه قال: "أتانا كتاب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، ونحن بأذربيجان يأمرنا بأشياء، ويذكر فيها: تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المرؤة". "وقد روي أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ: إن الله برئً من المشركين ورسوله، بجرّ رسوله، فتوهم عطفه على المشركين. فقال: أو برئ الله من رسوله ? فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأمر أن لا يقرأ القرآن إلا من يحسن العربية". وروي أن الخليفة المذكور، كتب إلى "أبي موسى الأشعري"، يوصيه، فكان مما قاله له: "خذ الناس بالعربية، فإنه يزيد في العقل ويثبت المروءة". ونسبت إلى "عمر"رسائل أخرى، ذكر انه وجهها إلى عامله المذكور فيها: "أما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، واعربوا القرآن فإنه عربي وتمعددوا فإنكم معديون"، و "أما بعد: فتفقهوا في الدين، وتعلموا السنة، وتفهموا العربية، وتعلموا طعن الدرية، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب"، أو انه قال: "تفقهوا في الدين، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وتعلموا العربية". وفسّر "الحسن"العربية، بأنها التنقيط، أي أن ينقط المصحف بالنحو، وذكر ان النبي قال: "عليكم بتعلم العربية، فإنها تدل على المرؤة وتزيد في المودة. وروي أن عمر كتب: "أما بعد: فإني آمركم بما أمركم به القرآن، وأنهاكم عما نهاكم عنه محمد، وآمر باتباع الفقه والسنة والتفهم في العربية"، و "مُر من قبلك بتعلم العربية، فإنها تدل على صواب الكلام، ومرهم برواية الشعر، فإنه يدل على معالم الأخلاق".
وورد أن "عبد الله بن مسعود "كان يتعاطى العربية والشعر، وقد كان يسأل في ذلك "زر بن حُبيش"، وكان من أعراب الناس. "قال عاصم: كان من أعرب الناس. وكان ابن مسعود يساأله عن العربية". وورد: "كان بعض اليهود قد علم كتاب بالعربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول". وورد أن أهل الحيرة كانوا يتعلمون "العربية" في الكتاتيب، وان لهم ديواناً يكتب بالعربية، كما كان للفرس ديوان يدون الرسائل إلى العرب بالعربية، وأن أهل الأنبار كانوا يكتبون بالعربية ويتعلمونها.
وبعد، فما هي تلك العربية التي كان "العلامة ? "المزعوم يعلمها في المسجد وكان من أعلم الناس بها ? وما هي تلك العربية التي كان الخليفة يوصي حكامه وأصحابه بأخذ الناس بها ? أو العربية التي علمها اليهود بيثرب ? عربية بمعنى الإبانة والافصاح وتحريك الفم تحريكاً كفيلاً بإخراج الحروف من مخارجها إخراجاً واضحاً ? أم عربية أخرى ? أم عربية الكتابة. أي تقليم الخط، أم بالمعنى الذي دفع "أبا الأسود" على وضع العلأمات لضبط الحركات ولصيانة الألسنة من الوقوع في اللحن. ولو سألتني رأيي، لقلت لك حالاً: أنها العربية الثانية. العربية الكفيلة بضبط الألسنة وتعليمها كيفية النطق الصحيح وفقاً لقواعد العربية، أي الإعراب وتفسير معاني الألفاظ، أي اللغة، وأوضح دليل على ما أقوله، ما جاء في الرواية المتقدمة من أن "عمر بن الخطاب "لما سمع خطأ الأعرابي الفاحش في قراءة الآية أمر "أن لا يقرأ القرآن إلا من يحسن العربية"، ومن وصيته بأخذ الناس بالعربية، ومن قوله أيضاً: "تعلموا الفرائض والسنن واللَحٌن كما تعلمون القرآن"، و "تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه، يريد تعلموا لغة العرب في القرآن"، أو: "تعلموا اللحن والفرائض فإنه من دينكم". فلم يكن خطأ "الإعرابي" هو خطأ في كيفية اخراج الحروف من مخارجها، و لا في كيفية الإفصاح وإبانة الكلم، وإنما في جره رسوله، وتوهمه عطفها على المشركين، مما أخرج الآية إلى عكس ما أراد الله منها. أي غلطه في اللغة، ولهذا فزع الخليفة فحث الناس على تعلم العربية، لتكون دليلاً لمن يتعلمها وهادياً له في صون لسانه من الوقوع في الخطأ، وفي هذا الحث دلالة على وجود علم سابق عند العرب بكيفية حفظ الألسنة من الوقوع في الخطأ ومجانبة القواعد العامة. ويعود هذا العلم إلى ما قبل الإسلام.
أضف إلى ذلك ما ذكرته سابقاً من قول عمر: "أما بعد: فتفقهوا في الدين، وتعلموا السنة، وتفهموا العربية، وتعلموا طعن الدرية، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب". فإذا صح هذا الخبر دل على وجود الإعراب في زمن عمر، وعلى ان المراد من الإعراب الذي كلّف "أبا الأسود" أن تعلم أهل البصرة به، هو النحو، أي قواعد صيانة اللسان من الوقوع في الخطأ في الكلام.
ولو تساهلنا فأخذنا "العربية "الواردة في قول "عمر" وغيره بالمعنى اللغوي الظاهر من اللفظة، وهو الإفصاح والإبانة وإخراج الكلم حسب أصول النطق عند العرب، فإن هذا المحمل يحملنا على الذهاب إلى وجود علم سابق، كان الناس يراعونه ويسيرون بمقتضى اعتباراته وقواعده في كيفية النطق بالكلم، ويسمونه: العربية.
ويتبين مما ذكره أهل الأخبار من أن "أبا الأسود" "كان أول من وضع العربية"، أن مرادهم من العربية المذكورة هذه العلأمات التي تدل على الرفع والنصب والجر والجزم والضم والفتح والكسر والسكون، تلك العلأمات التي استعملها في المصحف، وأن هذه الأمور لما توسع العلماء فيها بعدُ وسمّوا كلامهم نحواً سحبوا اسم النحو على ما كان قبل من أبي الأسود. وبهذا المعنى نستطيع فهم ما ورد في الحديث والأخبار من وجوب الإعراب في القرآن. أي إظهار حركات الكلم عند القراءة. فالعربية، تعنى النحو. "ولما وضع أبو الأسود النحو وأطلق عليه لفظ العربية ..."، كان يقصد منه صيانة اللسان من الخطأ، والنطق بصحة. فقد ورد ان الرسول قال: اعربوا القرآن، أو اعربوا القرآن فإنه عربي، وأن "عمر بن الخطاب: "قال: تعلموا إعراب القرآن كما تتعلمون حفظه"، وروى انه قال: "تعلموا النحو كما تعلمون السنن والفرائض".
وبهذا المعنى وردت "العربية" في حديثهم عن الشاعر "عدي بن زيد " العبادي، فقد ذكروا انه تعلم "العربية" في كتاب بالحيرة حتى غدا من أكتب الناس بها، فلما حذق ومهر فنه بالعربية، أرسل إلى كتّاب الفارسية، فتعلم مع أولاد المرازبة. وذكروا انه "قرأ كتب العرب والفرس"، إذ لا يعقل أن يكون مرادهم تعلم حروف الهجاء وحدها، أو الخط، أو مجرد معاني الألفاظ.
وقد تحدثت عن التنقيط عند أهل الكتاب في أثناء حديثي عن نشأة الخط العربي. ويظهر أن كتاب المصاحف، لم يكونوا على أتفاق في موضوع العواشر، أي تعشير القرآن، والتنقيط والخواتم، والفواتح، والألفاظ المفسرة في المصحف، بدليل ما ورد عنهم من اختلاف رأي في هذا الموضوع، فمنهم من كان يأمر بتجريد القرآن من كل ذلك ومنهم من جوّز، ومنهم من كره نقط القرآن بالنحو.
وقد اختلف العلماء في تفسير معنى جملة "يريد أن يعربه فيعجمه" الواردة في شعر ينسب لرؤبة ويقال للحطيئة، هو: الشعر صعب وطويل سلمـه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمـه
زلت به إلى الحضيض قدمه
وقوله: والشعر لا يسطيعه من يظلمه يريد أن يعربه فيعـجـمـه
فذهب بعضهم إلى أن مراد الشاعر أنه يأتي به أعجمياً، يعني يلحن فيه، وقيل يريد أن يبينه فيجعله مشكلاً لا بيان له، وقيل أزال عجمته بالنقط.
والذي أراه أن قول العلماء: "العجم النقط بالسواد مثل التاء عليها نقطتان، يقال: أعجمت الحرف والتعجيم مثله"، وقولهم: "معجم الخط هو الذي أعجمه كاتبه بالنقط، تقول: أعجمت الكتاب أعجمه إعجأما"، هو تعريف يجب أن يكون قد وضع بعد وضع الإعجام، أي التنقيط، فإذا كان الإعجام من وضع "أبي الأسود الدؤلي"، فيجب أن يكون ظهوره منذ أيامه فما بعد، أما إذا كان قبله فيجب أن يكون من مصطلحات الجاهليين.
ويذكر علماء اللغة أن "أعجم الكتاب خلاف أعربه، أي نقطه" فأزال الكاتب عجمة الكتاب بالنقط. ومعنى هذا أن النقط قد أزال الغشاوة عن الحروف المعجمة، أي المتشابهة في الشكل، بوضع النقط فوقها، فصارت حروفاً معربة واضحة. و لولا الإعجام لما استبان الكلام، ولوقع سوء الفهم واللبس في كثير من الألفاظ التي ترد فيها الحروف المعجمة، ففي الإعجام لبس ووقوع في خطأ، وفي اللحن مثل ذلك أيضاً، ولهذا أرى وجود صلة كبيرة بين اللحن، الذي هو الخطأ في الكلام، بسبب الجهل بالاعراب. وقد رأيت قول العلماء: "أعجم الكتاب خلاف أعربه"، أي وضحه وصححه بالنقط. فبين الاثنين ترابط في الأصل، فالاعجام خلاف الاعراب، واللحن خلاف الإعراب كذلك.
وقد صار النقط، أو وضع الحركات على الحروف لإرشاد القارئ إلى القراءة الفصيحة الصحيحة، ضرورة لازمة، بدونها قد يخطئ الإنسان فهم المعنى، وقد يقع في أخطاء جسيمة لو أخليت الكتابة من النقط والإعجام. وقد ضرب العلماء الأمثال على أخطاء وقع بها الناس بسبب طريقة الكتابة القديمة التي لم تكن تنقط الحروف و لا تعجمها، فكان القارئ يقع في أخطاء.
والإعراب بعد، لا يختص بالعربية وحدها، بل نجد آثاره في لغات سامية أخرى، وانما ظهر وعرف في عربيتنا، لأن اللغات الأخرى قد ماتت في الغالب، فلم يبق أحد من الناطقين بها، لنتبين كلامه، ولأن نصوصها غير مشكلة، وهي خالية من الحروف التي تدل على الشكل والحركات، لذلك لا نستطيع التحدث عن وجود الإعراب بها. ولكن بعض النصوص البابلية تشير إلى وجود الإعراب بها. واللاتينية مع أنها من اللغات الآرية فهي لغة معربة كذلك. ويخيل لي ان معظم العامة، ولتكون اللسان الرفيع الذي يخاطب الإنسان به أربابه، ثم خفت حدة الحاضر، تبسط لغتها وتختزل لغتها قواعدها وجمل كلامها ليتناسب الكلام مع عقلية السرعة التي أخذت تسيطر على الإنسان الحاضر.
وما قلته عن اللغات الأخرى من صعوبة التكلم عن إعرابها، بسبب عدم وجود نصوص مشكلة عندنا تشير إلى طرق اإعراب بها، ينطبق كذلك على اللغات العربية الجنوبية، وعلى اللغات الأخرى، مثل الصفوية، والثمودية واللحيانية، لعدم وجود الحركات بها أو العلأمات الدالة على الإعراب. وخلو هذه اللغات من العلأمات التي تقوّم الإعراب، هو بالنطق في اللسان، وهو ما لا يمكن استخراجه من الكتابة العربية الجنوبية، فاللسان هو الذي يشكل ويحرك الألفاظ وفق مقتضيات قواعد الألسنة: أما النبطية، وهي من اللهجات العربية الشمالية، ففيها ظواهر بالرزة تشير إلى انها كانت لغة معربة، وهي في نظري أقرب اللغات العربية الجاهلية إلى عربية القرآن الكريم، فالأسماء في النبطية، معروفة في عربيتنا قليلة في العربيات الأخرى، وهي قريبة من هذه العربية في أمور أخرى نحوية وصرفية 

This site was last updated 02/15/11