Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ست وعشرين وخمسمائة 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
باقى سنة512
سنة513
سنة514
سنة515
سنة516 وسنة517
سنة518 وسنة519
سنة520 وسنة521
سنة522 وسنة523
سنة524 وسنة525
سنة526
سنة527 وسنة528
سنة529

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة
ذكر قتل أبي علي وزير الحافظ ووزارة يانس وموته

في هذه السنة، في المحرم، قتل الأفضل أبو علي بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي، صاحب مصر.
وسبب قتله: أنه كان قد حجر على الحافظ، ومنعه أن يحكم في شيء من الأمور، قليل أو جليل، وأخذ ما في قصر الخلافة إلى داره، وأسقط من الدعاء ذكر إسماعيل الذي هو جدهم، وإليه تنسب الإسماعيلية، وهو ابن جعفر بن محمد الصادق، وأسقط من الأذان حي على خير العمل، ولم يخطب للحافظ، وأمر الخطباء أن يخطبوا له بألقاب كتبها لهم، وهي: السيد الأفضل الأجل، سيد مماليك أرباب الدول، والمحامي عن حوزة الدين، وناشر جناح العدل على المسلمين الأقربين والأبعدين، ناصر إمام الحق في حالتي غيبته وحضوره، والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النعم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد بن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش.
وكان إمامي المذهب، يكثر ذم الآمر، والتناقص به، فنفرت منه شيعة العلويين ومماليكهم، وكرهوه، وعزموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم من هذه السنة إلى الميدان يلعب بالكرة مع أصحابه، فكمن له جماعة منهم مملوك فرنجي كان للحافظ، فخرجوا عليه، فحمل الفرنجي عليه، فطعنه فقتله، وحزوا رأسه، وخرج الحافظ من الخزانة التي كان فيها، ونهب الناس دار أبي علي، وأخذ منها ما لا يحصى، وركب الناس والحافظ إلى داره، فأخذ ما بقي فيها وحمله إلى القصر. (4/489)
وبويع يومئذ الحافظ بالخلافة، وكان قد بويع له بولاية العهد، وأن يكون كافلاً لحمل إن كان للآمر، فلما بويع بالخلافة استوزر أبا الفتح يانس الحافظي في ذلك اليوم بعينه، ولقب أمير الجيوش، وكان عظيم الهيبة، بعيد الغور، كثير الشر، فخافه الحافظ على نفسه، وتخيل منه أنس، فاحتاط، ولم يأكل عنده شيئاً، ولا شرب، فاحتال عليه الحافظ بأن وضع له فراشه في بيت الطهارة ماء مسموماً، فاغتسل به، فوقع الدود في سفله، وقيل له: متى قمت من مكانك هلكت، فكان يعالج بأن يجعل اللحم الطري في المحل، فيعلق به الدود فيخرج ويجعل عوضه، فقارب الشفاء، فقيل للحافظ: إنه قد صلح، وإن تحرك هلك، فركب إليه الحافظ كأنه يعوده، فقام له ومشى إلى بين يديه، وقعد الحافظ عنده، ثم خرج من عنده، فتوفي من ليلته، وكان موته في السادس والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة.
ولما مات يانس استوزر الحافظ ابنه حسناً، وخطبه له بولاية العهد، وسيرد ذكر قتله سنة تسع وعشرين.
وإنما ذكرت ألقاب أبي علي تعجباً منها، ومن حماقة ذلك الرجل، فإن وزير صاحب مصر وحدها إذا كان هكذا فينبغي أن يكون وزير السلاطين السلجوقية كنظام الملك وغيره يدعون الربوبية، على أن تربة مصر هكذا تولد، ألا ترى إلى فرعون يقول: " أنا ربكم الأعلى " ، وإلى أشياء أخر لا نطيل ذكرها.
ذكر حال السلطان مسعود والملكين سلجوقشاه وداود واستقرار السلطنة بالعراق لمسعود
لما توفي السلطان محمود ابن السلطان محمد، وخطب، ببلاد الجبل وأذربيجان، لولده الملك داود، على ما ذكرناه، سار الملك داود من همذان في ذي القعدة من سنة خمس وعشرين إلى زنجان، فأتاه الخبر أن عمه السلطان مسعوداً قد سار من جرجان ووصل إلى تبريز واستولى عليها، فسار الملك داود إليه وحصره بها، وجرى بينهما قتال، إلى سلخ المحرم سنة ست وعشرين ثم اصطلحا.
وتأخر الملك داود مرحلة، وخرج السلطان مسعود من تبريز، واجتمع عليه العساكر، وسار إلى همذان، وأرسل يطلب الخطبة ببغداد، وكانت رسل الملك داود قد تقدمت في طلب الخطبة، فأجاب المسترشد بالله أن الحكم في الخطبة إلى السلطان سنجر من أراد خطب له، وأرسل إلى السلطان سنجر أن لا يأذن لأحد في الخطبة، فإن الخطبة ينبغي أن تكون له وحده، فوقع ذلك منه موقعاً حسناً.
ثم إن السلطان مسعوداً كاتب عماد الدين زنكي، صاحب الموصل وغيرها، يستنجده، ويطلب مساعدته، فوعده النصر، فقويت بذلك نفس مسعود على طلب السلطنة.
ثم إن الملك سلجوقشاه ابن السلطان محمد سار أتابكه قراجة الساقي، صابح فارس وخوزستان، في عسكر كثير إلى بغداد، فوصل إليها قبل وصول السلطان مسعود، ونزل في دار السلطان، وأكرمه الخليفة، واستحلفه لنفسه.
ثم وصل رسول السلطان مسعود يطلب الخطبة، ويتهدد إن منعها، فلم يجب إلى ما طلبه، فسار حتى نزل عباسية الخالص، وبرز عسكر الخليفة وعسكر سلجوقشاه وقراجة الساقي نحو مسعود إلى أن يفرغ من حرب أتابك عماد الدين زنكي، وسار يوماً وليلة إلى المعشوق، وواقع عماد الدين زنكي فهزمه، وأسر كثيراً من أصحابه، وسار زنكي منهزماً إلى تكريت، فعبر فيها دجلة، وكان الدزدار بها حينئذ نجم الدين أيوب، فأقام له المعابر، فلما عبر أمن الطلب، وسار إلى بلاده لإصلاح حاله وحال رجاله، وهذا الفعل من نجم الدين أيوب كان سبباً لاتصاله به والمصير في جملته، حتى آل بهم الأمر إلى ملك مصر والشام وغيرهما على ما نذكره.
وأما السلطان مسعود فإنه سار من العباسية إلى الملكية، ووقعت الطلائع بعضها على بعض، ثم لم تزل المناوشة تجري بينه وبين أخيه سلجوقشاه يومين.
وأرسل سلجوقشاه إلى قراجة يستحثه على المبادرة، فعاد سريعاً وعبر دجلة إلى الجانب الشرقي، فلما علم السلطان مسعود بانهزام عماد الدين زنكي رجع إلى ورائه، وأرسل إلى الخليفة يعرفه وصول السلطان سنجر إلى الري، وأنه عازم على قصد الخليفة وغيره، وإن رأيتم أن نتفق على قتاله ودفعه عن العراق، ويكون العراق لوكيل الخليفة، فأنا موافق على ذلك. فأعاد الخليفة الجواب يستوقفه. (4/490)
وترددت الرسل في الصلح، فاصطلحوا على أن يكون العراق لوكيل الخليفة، وتكون السلطنة لمسعود، ويكون سلجوقشاه ولي عهده، وتحالفوا على ذلك، وعاد السلطان مسعود إلى بغداد، فنزل بدار السلطان، ونزل سلجوقشاه في دار الشحنكية، وكان اجتماعهم في جمادى الأولى.
ذكر الحرب بين السلطان مسعود وعمه السلطان سنجر
لما توفي السلطان محمود سار السلطان سنجر إلى بلاد الجبال، ومعه الملك طغرل ابن السلطان محمد، وكان عنده قد لازمه، فوصل إلى الري، ثم سار منها إلى همذان، فوصل الخبر إلى الخليفة المسترشد بالله والسلطان مسعود بوصوله إلى همذان، فاستقرت القاعدة بينهما على قتاله، وأن يكون الخليفة معهم، وتجهز الخليفة، فتقدم قراجة الساقي، والسلطان مسعود، وسلجوقشاه نحو السلطان سنجر، وتأخر المسترشد بالله عن المسير معهم، فأرسل إلى قراجة، وألزمه، وقال: إن الذي تخاف من سنجر آجلاً أنا أفعله عاجلاً. فبرز حينئذ وسار على تريث، وتوقف إلى أن بلغ إلى خانقين وأقام بها.
وقطعت خطبة سنجر من العراق جميعه، ووصلت الأخبار بوصول عماد الدين زنكي ودبيس بن صدقة إلى قريب بغداد، فأما دبيس فإنه ذكر أن السلطان سنجر أقطعه الحلة، وأرسل إلى المسترشد بالله يضرع ويسأل الرضا عنه، فامتنع من إجابته إلى ذلك.
وأما عماد الدين زنكي فإنه ذكر أن السلطان سنجر قد أعطاه شحنكية بغداد، فعاد المسترشد بالله إلى بغداد، وأمر أهلها بالاستعداد للمدافعة عنها، وجند أجناداً جعلهم معهم.
ثم إن السلطان مسعوداً وصل إلى دادمرج، فلقيهم طلائع السلطان سنجر في خلق كثير، فتأخر السلطان مسعود إلى كرمانشاهان، ونزل السلطان سنجر في أسداباذ في مائة ألف فارس، فسار مسعود وأخوه سلجوقشاه إلى جبلين يقال لهما: كاو، وماهي، فنزلا بينهما، ونزل السلطان سنجر وكنكور، فلما سمع بانحرافهم أسرع في طلبهم، فرجعوا إلى ورائهم مسيرة أربعة أيام في يوم وليلة، فالتقى العسكران بعولان، عند الدينور، وكان مسعود يدافع الحرب انتظاراً لقدوم المسترشد، فلما نازله السلطان سنجر لم يجدا من المصاف، وجعل سنجر على ميمنته طغرل ابن أخيه محمد، وقماج، وأمير أميران، وعلى ميسرته خوارزمشاه أتسز بن محمد مع جمع من الأمراء، وجعل مسعود على ميمنته قراجة الساقي، والأمير قزل، وعلى ميسرته يرنقش بازدار، ويوسف جاووش، وغيرهما، وكان قزل قد واطأ سنجر على الانهزام.
ووقعت الحرب، وقامت على ساق، وكان يوماً مشهوداً، فحمل قراجة الساقي على القلب، وفيه السلطان سنجر في عشرة آلاف فارس من شجعان العسكر، وبين يديه الفيلة، فلما حمل قراجة على القلب، رجع الملك طغرل، وخوارزمشاه إلى وراء ظهره، فصار قراجة في الوسط، فقاتل إلى أن جرح عدة جراحات، وقتل كثير من أصحابه وأخذ هو أسيراً وبه جراحات كثيرة، فلما رأى السلطان مسعود ذلك انهزم وسلم من المعركة، وقتل يوسف جاووش، وحسنين أزبك، وهما من أكابر الأمراء، وكانت الوقعة ثامن رجب من هذه السنة.
فلما تمت الهزيمة على مسعود نزل سنجر وأحضر قراجة، فلما حضر قراجة سبه وقال له: يا مفسد أي شيء كنت ترجو بقتالي؟ قال: كنت أرجو أن أقتلك وأقيم سلطاناً أحكم عليه. فقتله صبراً، وأرسل إلى السلطان مسعود يستدعيه، فحضر عنده، وكان قد بلغ خونج، فلما رآه قبله، وأكرمه، وعاتبه على العصيان عليه، ومخالفته، وأعاده إلى كنجة، وأجلس الملك طغرل ابن أخيه محمد في السلطنة، وخطب له في جميع البلاد، وجعل في وزارته أبا القاسم الأنساباذي، وزير السلطان محمود، وعاد إلى خراسان، فوصل إلى نيسابور في العشرين من رمضان سنة ست وعشرين.
وأما المسترشد بالله فكان منه ما نذكره.
ذكر مسير عماد الدين إلى بغداد (4/491)
لما سار المسترشد بالله من بغداد، وبلغه انهزام السلطان مسعود، عزم على العود إلى بغداد، فأتاه الخبر بوصول عماد الدين زنكي إلى بغداد، ومعه دبيس بن صدقة، وكان السلطان سنجر قد كاتبهما، وأمرهما بقصد العراق، والاستيلاء عليه فلما علم الخليفة بذلك أسرع العود إليها، وعبر إلى الجانب الغربي، وسار فنزل بالعباسية، ونزل عماد الدين بالمنارية من دجيل، والتقيا بحصن البرامكة في السابع والعشرين من رجب، فابتدأ زنكي فحمل على ميمنة الخليفة، وبها جمال الدولة إقبال، فانهزموا منه، وحمل نظر الخادم من ميسرة الخليفة على ميمنة عماد الدين ودبيس، وحمل الخليفة بنفسه، واشتد القتال، فانهزم دبيس، وأراد عماد الدين الصبر، فرأى الناس قد تفرقوا عنه، فانهزم أيضاً، وقتل من العسكر جماعة، وأسر جماعة، وبات الخليفة هناك ليلته، وعاد من الغد إلى بغداد.
ذكر حال دبيس بعد الهزيمة
وفيها عاد دبيس، بعد انهزامه المذكور، يلوذ ببلاد الحلة وتلك النواحي، وجمع جمعاً، وكانت تلك الولاية بيد إقبال المسترشدي، فأمد بعسكر من بغداد، فالتقى هو ودبيس، فانهزم دبيس واختفى في أجمة هناك، وبقي ثلاثة أيام لم يطعم شيئاً، ولم يقدر على التخلص منها، حتى أخرجه حمّاس على ظهره.
ثم جمع جمعاً وقصد واسط، وانضم إليه عسكرها، وبختيار وشاق، وابن أبي الجبر، ولم يزل فيها إلى أن دخلت سنة سبع وعشرين، فنفذ إليهم يرنقش بازدار، وأقبال الخادم المسترشدي، في عسكر، فاقتتلوا في الماء والبر، فانهزم الواسطيون ودبيس، وأسر بختيار وشاق وغيره من الأمراء.
ذكر وفاة تاج الملوك صاحب دمشق
في هذه السنة، في رجب، توفي تاج الملوك بوري بن طغتكين، صاحب دمشق.
وسبب موته أن الجرح الذي كان به من الباطنية، وقد ذكرناه، اشتد عليه الآن، وأضعفه، وأسقط قوته، فتوفي في الحادي والعشرين من رجب، ووصى بالملك بعده لولده شمس الملوك إسماعيل، ووصى بمدينة بعلبك وأعمالها لولده شمس الدولة محمد.
وكان بوري كثير الجهاد، شجاعاً، مقدماً، سد مسد أبيه، وفاق عليه، وكان ممدحاً، أكثر الشعراء مدائحه، لا سيما ابن الخياط، وملك بعده ابنه شمس الملوك، وقام بتدبير الأمر بني يديه الحاجب يوسف بن فيروز، شحنة دمشق، وهو حاجب أبيه، واعتمد عليه، وابتدأ أمره بالرفق بالرعية، والإحسان إليهم، فكثر الدعاء له والقصاد عليه.
ذكر ملك شمس الملوك حصن اللبوة وحصن رأس وحصره بعلبك
في هذه السنة ملك شمس الملوك إسماعيل، صاحب دمشق، حصن اللبوة، حصن راس.
وسبب ذلك: أنهما كانا لأبيه تاج الملوك، وفي كل واحد منهما مستحفظ يحفظه، فلما ملك شمس الملوك بلغه أن أخاه شمس الدولة محمداً، صاحب بعلبك، قد راسلهما، واستمالهما إليه، فسلما الحصنين إليه، وجعل فيهما من الجند ما يكفيهما، فلم يظهر بذلك أثر بل راسل أخاه بلطف يقبح هذه الحال، ويطلب أن يعيدهما إليه، فلم يفعل، فأغضى على ذلك، وتجهز من غير أن يعلم أحداً.
وسار هو وعسكره، آخر ذي القعدة، فطلب جهة الشمال، ثم عاد مغرباً، فلم يشعر من بحصن اللبوة إلا وقد نزل عليهم، وزحف لوقته، فلم يتمكنوا من نصب منجنيق ولا غيره، فطلبوا الأمان، فبذله لهم، وتسلم الحصن من يومه، وسار من آخر النهار إلى حصن راس، فبغتهم، وجرى الأمر فيه على تلك القضية، وتسلمه، وجعل فيهما من يحفظهما.
ثم رحل إلى بعلبك وحصرها، وفيها أخوه شمس الدولة محمد، وقد استعد، وجمع في الحصن ما يحتاج إليه من رجال وذخائر، فحصرهم شمس الملوك، وزحف في الفارس والراجل، وقاتله أهل البلد على السور، ثم زحف عدة مرات، فملك البلد بعد قتال شديد، وقتلى كثيرة، وبقي الحصن، فقاتله، وفيه أخوه، ونصب المجانيق، ولازم القتال، فلما رأى أخوه شمس الدولة شدة الأمر أرسل يبذل الطاعة، ويسأل أن يقر على ما بيده، وجعله أبوه باسمه، فأجابه إلى مطلوبه، وأقر عليه بعلبك وأعمالها، وتحالفوا وعاد شمس الملوك إلى دمشق وقد استقامت له الأمور.
ذكر الحرب بين السلطان طغرل والملك داود (4/492)
في هذه السنة، في رمضان، كانت الحرب بين الملك طغرل وبين أخيه الملك داود بن محمود، وكان سببها: أن السلطان سنجر أجلس الملك طغرل في السلطنة، كما ذكرناه، وعاد إلى خراسان لأنه بلغه أن صاحب ما وراء النهر أحمد خان قد عصى عليه، فبادر إلى العود لتلافي ذلك الخرق، فلما عاد إلى خراسان عصى الملك داود على عمه طغرل، وخالفه، وجمع العساكر بأذربيجان، وبلاد كنجة، وسار إلى همذان، فنزل، مستهل رمضان، عند قرية يقال لها وهان، بقرب همذان.
وخرج إليه طغرل، وعبأ كل واحد منهما أصحابه ميمنة وميسرة، وكان على ميمنة السلطان طغرل ابن برسق، وعلى ميسرته قزل، وعلى مقدمته قراسنقر، وكان على ميمنة داود يرنقش الزكوي، ولم يقاتل، فلما رأى التركمان ذلك نهبوا خيمه وبركه جميعه، ووقع الخلف في عسكر داود، فلما رأى أتابكه آقسنقر الأحمديلي ذلك ولى هرباً، وتبعه الناس في الهزيمة، وقبض طغرل على يرنقش الزكوي، وعلى جماعة من الأمراء.
وأما الملك داود فإنه لما انهزم بقي متحيزاً إلى أوائل ذي القعدة، فقدم بغداد ومعه أتابكه آقسنقر الأحمديلي، فأكرمه الخليفة وأنزله بدار السلطان، وكان الملك مسعود بكنجة، فلما سمع بانهزام الملك داود توجه نحو بغداد، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قبض المسترشد بالله على وزيره شرف الدين علي بن طراد الزينبي، واستوزر أنوشروان بن خالد، بعد أن امتنع، وسأل الإقالة.
وفي هذه السنة قتل أحمد بن حامد بن محمد أبو نصر مستوفي السلطان محمود، الملقب بالعزيز، بقلعة تكريت، وقد تقدم سبب ذلك سنة خمس وعشرين.
وفي المحرم منها قتل محمد بن محمد بن الحسين أبو الحسين بن أبي يعلى بن الفراء الحنبلي، مولده في شعبان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وسمع الحديث من الخطيب أبي بكر، وابن الحسين بن المهتدي، وغيرهما، وتفقه، قتله أصحابه غيلة، وأخذوا ماله.
وفي جمادى الأولى توفي أحمد بن عبيد الله بن كادش أبو العز العكبري، وكان محدثاً مكثراً.
وتوفي فيها أبو الفضل عبد الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء، وكان أديباً، وله شعر حسن، فمنه ما كتبه إلى جلال الدين بن صدقة الوزير:
أمولانا جلال الدين، يا من ... أذكّره بخدمتي القديمة
ألم تك قد عزمت على اصطناعي، ... فماذا صدقة عن تلك العزيمة؟

This site was last updated 07/27/11