Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة خمس عشرة وخمسمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
باقى سنة512
سنة513
سنة514
سنة515
سنة516 وسنة517
سنة518 وسنة519
سنة520 وسنة521
سنة522 وسنة523
سنة524 وسنة525
سنة526
سنة527 وسنة528
سنة529

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة
ذكر إقطاع البرسقي الموصل

في هذه السنة، في صفر، أقطع السلطان محمود مدينة الموصل وأعمالها، وما ينضاف إليها، كالجزيرة، وسنجار، وغيرهما، الأمير آقسنقر البرسقي.
وسبب ذلك: أنه كان في خدمة السلطان محمود، ناصحاً له، ملازماً له في حروبه كلها، وكان له الأثر الحسن في الحرب المذكورة بين السلطان محمود وأخيه الملك مسعود، وهو الذي أحضر الملك مسعوداً عند أخيه السلطان محمود، فعظم ذلك عند السلطان محمود، ولما حضر جيوش بك عند السلطان محمود وبقيت الموصل بغير أمير ولي عليها البرسقي، وتقدم إلى سائر الأمراء بطاعته، وأمره بمجاهدة الفرنج وأخذ البلاد منهم، فسار إليها في عسكر كثير وملكها، وأقام بطاعته، وأمره بمجاهدة الفرنج وأخذ البلاد منهم، فسار إليها في عسكر كثير وملكها، وأقام يدبر أمورها، ويصلح أحوالها.
ذكر وفاة الأمير علي وولاية ابنه الحسن إفريقية (4/462)
في هذه السنة توفي الأمير علي بن يحيى بن تميم، صاحب إفريقية، في العشر الأخير من ربيع الآخر، وكان مولده بالمهدية، وقد تقدم من حروبه وأعماله ما يستدل به على علو همته، ولما توفي ولي الملك بعده ابنه الحسن، بعهد أبيه، وقام بأمر دولته صندل الخصي، لأنه كان عمره حينئذ اثنتي عشرة سنة لا يستقل بتدبير الملك، فقام صندل في الحفظ والاحتياط، فلم تطل أيامه حتى توفي، فوقع الاختلاف بين أصحابه وقواده، كل منهم يقول: أنا المقدم على الجميع، وبيدي الحل والشد، فلم يزالوا كذلك إلى أن فوض أمور دولته إلى قائد من أصحاب أبيه يقال له أبو عزيز موفق، فصلحت الأمور.
ذكر قتل أمير الجيوش
في هذه السنة، في الثالث والعشرين من رمضان، قتل أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي، وهو صاحب الأمر والحكم بمصر، وكان ركب إلى خزانة السلاح ليفرقه على الأجناد، على جاري العادة في الأعياد، فسار معه عالم كثير من الرجالة والخيالة، فتأذى بالغبار، فأمر بالبعد عنه، وسار منفرداً، معه رجلان، فصادفه رجلان بسوق الصياقلة، فضرباه بالسكاكين فجرحاه، وجاء الثالث من ورائه، فضربه بسكين في خاصرته، فسقط عن دابته، ورجع أصحابه فقتلوا الثلاثة، وحملوه إلى دار الأفضل، فدخل عليه الخليفة، وتوجع له، وسأله عن الأموال، فقال: أما الظاهر منها فأبو الحسن بن أسامة الكاتب يعرفه، وكان من أهل حلب، وتولى أبوه قضاء القاهرة، وأما الباطن فابن البطائحي يعرفه، فقالا: صدق.
فلما توفي الأفضل نقل من أمواله ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وبقي الخليفة في داره نحو أربعين يوماً، والكتاب بين يديه، والدواب تحمل وتنقل ليلاً ونهاراً، ووجد له من الأعلاق النفيسة، والأشياء الغريبة القليلة الوجود، ما لا يوجد مثله لغيره، واعتقل أولاده، وكان عمره سبعاً وخمسين سنة، وكانت ولايته بعد أبيه ثمانياً وعشرين سنة، منها: آخر أيام المستنصر، وجميع أيام المستعلي، إلى هذه السنة من أيام الآمر.
وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسباب منها: تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، ومنها ترك معارضة أهل السنة في اعتقدهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقداتهم والمناظرة عليها، فكثر الغرباء ببلاد مصر.
وكان حسن السيرة، عادلاً، حكي أنه لما قتل، وظهر الظلم بعده، اجتمع جماعة واستغاثوا بالخليفة، وكان من جملة قولهم: إنهم لعنوا الأفضل، فسألهم عن سبب لعنهم إياه، فقالوا: إنه عدل، وأحسن السيرة، ففارقنا بلادنا وأوطاننا، وقصدنا بلده لعدله، فقد أصابنا بعده هذا الظلم، فهو كان سبب ظلمنا. فأحسن الخليفة إليهم، وأمر بالإحسان إلى الناس.
ومنها أن صاحبه الآمر بأحكام الله، صاحب مصر، وضع منه، وسبب ذلك ما ذكرناه قبل، ففسد الأمر بينهما، فأراد الآمر أن يضع عليه من يقتله إذا دخل عليه قصره للسلام، أو في أيام الأعياد، فمنعه من ذلك ابن عمه أبو الميمون عبد المجيد، وهو الذي ولي الأمر بعده بمصر، وقال له: في هذا الفعل شناعة، وسوء سمعة، لأنه قد خدم دولتنا هو وأبوه خمسين سنة، ولم يعلم الناس منهما إلا النصح لنا، والمحبة لدولتنا، وقد سار ذلك في أقطار البلاد، فلا يجوز أن يظهر منا هذه المكافأة الشنيعة، ومع هذا فلا بد وأن نقيم غيره مكانه ونعتمد عليه في منصبه، متمكن مثله، وأو ما يقاربه، فيخاف أن نفعل به مثل فعلنا بهذا، فيحذر من الدخول إلينا خوفاً على نفسه، وإن دخل علينا كان خائفاً مستعداً للامتناع، وفي هذا الفعل منهم ما يسقط المنزلة، والرأي أن تراسل أبا عبد الله البطائحي، فإنه الغالب على أمر الأفضل، والمطلع على سره، وتعده أن توليه منصبه، وتطلب منه أن يدبر الأمر في قتله لمن يقاتله، إذا ركب، فإذا ظفرنا بمن قتله قتلناه، وأظهرنا الطلب بدمه، والحزن عليه، فنبلغ غرضنا، ويزول عنا قبح الأحدوثة. ففعلوا ذلك فقتل كما ذكرناه.
ولما قتل ولي بعده أبو عبد الله بن البطائحي الأمر، ولقب المأمون، وتحكم في الدولة، فبقي كذلك حاكماً في البلاد إلى سنة تسع عشرة، فصلب كما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر عصيان سليمان بن إيلغازي على أبيه (4/463)
في هذه السنة عصى سليمان بن إيلغازي بن أرتق على أبيه بحلب، وقد جاوز عمره عشرين سنة، حمله على ذلك جماعة من عنده، فسمع والده الخبر، فسار مجداً لوقته، فلم يشعر به سليمان حتى هجم عليه، فخرج إليه معتذراً، فأمسك عنه، وقبض على من كان أشار عليه بذلك، منهم: أمير كان قد التقطه أرتق، والد إيلغازي، ورباه، اسمه ناصر، فقلع عينيه، وقطع لسانه، ومنهم: إنسان من أهل حماة من بيت قرناص، كان قد قدمه إيلغازي على أهل حلب، وجعل إليه الرئاسة، فجزاه بذلك، وقطع يديه ورجليه، وسمل عينيه، فمات.
وأحضر ولده، وهو، سكران، فأراد قتله، فمنعه رقة الوالد، فاستبقاه، فهرب إلى دمشق، فأرسل طغتكين يشفع فيه، فلم يجبه إلى ذلك، واستناب بحلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار بن أرتق، ولقبه بدر الدولة، وعاد إلى ماردين.
ذكر إقطاع ميافارقين إيلغازي
في هذه السنة أقطع السلطان محمود مدينة ميافارقين للأمير إيلغازي.
وسبب ذلك أنه أرسل ولده حسام الدين تمرتاش، وعمره سبع عشرة سنة، إلى السلطان ليشفع في دبيس بن صدقة، ويبذل عنه الطاعة، وحمل الأموال، والخيل، وغيرها، وأن يضمن الحلة كل يوم بألف دينار وفرس، وكان المتحدث عنه القاضي بهاء الدين أبو الحسن علي بن القاسم بن الشهرزوري، فتردد الخطاب في ذلك، ولم ينفصل حال، فلما أراد العود أقطع السلطان أباه مدينة ميافارقين، وكانت مع الأمير سكمان، صاحب خلاط، فتسلمها إيلغازي، وبقيت في يده، ويد أولاده، إلى أن ملكها صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة ثمانين وخمسمائة، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
ذكر حصر بلك بن بهرام الرها وأسر صاحبها
في هذه السنة سار بلك بن بهرام، ولد أخي إيلغازي، إلى مدينة الرها، فحصرها وبها الفرنج، وبقي على حصرها مدة، فلم يظفر بها، فرحل عنها، فجاءه إنسان تركماني وأعلمه أن جوسلين، صاحب الرها وسروج، قد جمع من عنده من الفرنج، وهو عازم على كبسه، وكان قد تفرق عن بلك أصحابه، وبقي في أربعمائة فارس، فوقف مستعداً لقتالهم.
وأقبل الفرنج، فمن لطف الله تعالى بالمسلمين أن الفرنج وصلوا إلى أرض قد نضب عنها الماء، فصارت وحلاً غاصت خيولهم فيه فلم تتمكن، مع ثقل السلاح والفرسان، من الإسراع والجري، فرماهم أصحاب بلك بالنشاب، فلم يفلت منهم أحد، وأسر جوسلين وجعل في جلد جمل، وخيط عليه، وطلب منه أن يسلم الرها، فلم يفعل، وبذل في فداء نفسه أموالاً جزيلة، وأسرى كثيرة، فلم يجبه إلى ذلك، وحمله إلى قلعة خرتبرت فسجنه بها، وأسر معه ابن خالته، واسمه كليام، وكان من شياطين الكفار، وأسر أيضاً جماعة من فرسانه المشهورين، فسجنهم معه.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة توفيت جدة السلطان محمود لأبيه، والدة السلطان سنجر، وكانت تركية تعرف بخاتون السفرية، وكان موتها بمرو، فجلس محمود ببغداد للعزاء بها، وكان عزاء لم يشاهد مثله الناس.
وفيها توفي الخطير محمد بن الحسين الميبذي ببلاد فارس، وهو في وزارة الملك سلجوق ابن السلطان محمد، وكان قديماً وزر للسلطانين بركيارق ومحمد، وكان جواداً حليماً، سمع أن الأبيوردي هجاه، فلما سمع الهجو مضه، فعض على إبهامه، وصفح عنه، وخلع عليه ووصله.
وفيها توفي الشهاب أبو المحاسن عبد الرزاق بن عبد الله وزير السلطان سنجر، وهو ابن أخي نظام الملك، وكان يتفقه قديماً على إمام الحرمين الجويني فكان يفتي ويوقع، ووزر بعده أبو طاهر سعد بن علي بن عيسى القمي، وتوفي بعد شهور، فوزر بعده عثمان القمي.
وفيها، في جمادى الأولى، أوقع أتابك طغتكين بطائفة من الفرنج، فقتل منهم وأسر وأرسل الأسرى والغنيمة للسلطان وللخليفة.
وفيها تضعضع الركن اليماني من البيت الحرام، زاده الله شرفاً، من زلزلة، وانهدم بعضه، وتشعث بعض حرم النبي صلى الله عليه وسلم، وتشعث غيرها من البلاد، وكان بالموصل كثير منها.
وفيها احترقت دار السلطان، كان قد بناها مجاهد الدين بهروز للسلطان محمد، ففرغت قبل وفاته بيسير، فلما كان الآن احترقت. (4/464)
وسبب الحريق أن جارية كانت تختضب ليلاً، فأسندت شمعة إلى الخيش فاحترق، وعلقت النار منه في الدار، واحترق فيها من زوجة السلطان محمود بنت السلطان سنجر ما لا حد له من الجواهر، والحلى، والفرش، والثياب، وأقيم الغسالون يخلصون الذهب وما أمكن تخليصه، وكان الجوهر جميعه قد هلك إلا الياقوت الأحمر.
وترك السلطان الدار لم تجدد عمارتها، وتطير منها، لأن أباه لم يتمتع بها، ثم احترق فيها، من أموالهم، الشيء العظيم، واحترق قبلها بأسبوع جامع أصبهان، وهو من أعظم الجوامع وأحسنها، وأحرقه قوم من الباطنية ليلاً، وكان السلطان قد عزم على أخذ حق البيع، وتجديد المكوس بالعراق، بإشارة الوزير السميرمي عليه بذلك، فتجدد من هذين الحريقين ما هاله، واتعظ فأعرض عنه.
وفيها، في ربيع الآخر، انقض كوكب عشاء، وصار له نور عظيم، وتفرق منه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذلك صوت هدة عظيمة كالزلزلة.
وفيها ظهر بمكة إنسان علوي، وأمر بالمعروف، فكثر جمعه، ونازع أمير مكة ابن أبي هاشم، وقوي أمره، وعزم على أن يخطب لنفسه، فعاد بان أبي هاشم وظفر به، ونفاه عن الحجاز إلى البحرين، وكان هذا العلوي من فقهاء النظامية ببغداد.
وفيها ألزم السلطان أهل الذمة ببغداد بالغيار، فجرى فيه مراجعات انتهت إلى أن قرر عليهم للسلطان عشرون ألف دينار، وللخليفة أربعة آلاف دينار.
وفيها حضر السلطان محمود وأخوه الملك مسعود عند الخليفة، فخلع عليهما، وعلى جماعة من أصحاب السلطان، منهم: وزيره أبو طالب السميرمي، وشمس الملك عثمان بن نظام الملك، والوزير أبو نصر أحمد بن محمد بن حامد المستوفي، وعلى غيرهم من الأمراء.
وفيها، في ذي القعدة، وهو الحادي والعشرون من كانون الثاني، سقط بالعراق جميعه من البصرة إلى تكريت ثلج كبير، وبقي على الأرض خمسة عشر يوماً، وسمكه ذراع، وهلكت أشجار النارنج، والأترج، والليمون، فقال فيه بعض الشعراء:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنما عماد الملك ظلمكم سائر الخل ... ق، فشابت ذوائب الآفاق
وفيها هبت بمصر ريح سوداء ثلاثة أيام، فأهلكت كثيراً من الناس، وغيرهم من الحيوانات.
وفيها توفي أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، صاحب المقامات المشهورة، وهزارسب بن عوض الهروي، وكان قد سمع الحديث كثيراً.

This site was last updated 07/27/11