Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة سبع وأربعين وأربعمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة422
سنة423 وسنة424 وسنة425
سنة426 وسنة427
سنة428 وسنة429
سنة430 سنة431
سنة432
سنة433
سنة434
سنة435
سنة436 وسنة437 وسنة438
سنة439
سنة440
سنة441
سنة442
سنة443 وسنة444
سنة445 وسنة446
سنة447
سنة448
سنة449 وسنة450
سنة451 وسنة452
سنة453 وسنة454 وسنة455
سنة456
سنة457 وسنة458
من سنة459 إلى سنة462
سنة463 وسنة464 وسنة465
Untitled 4980

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة سبع وأربعين وأربعمائة
ذكر استيلاء الملك الرحيم على شيراز وقطع خطبة طغرلبك فيها
(4/265)
في هذه السنة، في المحرم، سار قائد كبير من الديلم، يسمى فولاذ، وهو صاحب قلعة إصطخر، إلى شيراز، فدخلها وأخرج عنها الأمير أبا منصور فولاستون، ابن الملك أبي كاليجار، فقصد فيروزاباذ وأقام بها.
وقطع فولاذ خطبة السلطان طغرلبك في شيراز، وخطب للملك الرحيم، ولأخيه أبي سعد، وكاتبهما يظهر لهما الطاعة، فعلما أنه يخدعهما بذلك، فسار إليه أبو سعد، وكان بأرجان، ومعه عساكر كثيرة، واجتمع هو وأخوه الأمير أبو منصور على قصد شيراز ومحاصرتها على قاعدة استقرت بينهما في طاعة أخيهما الملك الرحيم، فتوجها نحوها فيمن معهما من العساكر، وحصرا فولاذ فيها.
وطال الحصار إلى أن عدم القوت فيها، وبلغ السعر سبعة أرطال حنطة بدينار ومات أهلها جوعاً، وكان من بقي فيها نحو ألف إنسان، وتعذر المقام في البلد على فولاذ، فخرج هارباً مع من في صحبته من الديلم إلى نواحي البيضاء وقلعة إصطخر، ودخل الأمير أبو سعد، والأمير أبو منصور شيراز، وعساكرهما، وملكوها، وأقاموا بها.
ذكر قتل أبي حرب بن مروان صاحب الجزيرة
في هذه السنة قتل الأمير أبو حرب سليمان بن نصر الدولة بن مروان، وكان والده قد سلم إليه الجزيرة وتلك النواحي ليقيم بها ويحفظها، وكان شجاعاً، مقداماً، فاستبد بالأمر، واستولى عليه، فجرى بينه وبين الأمير موسك ابن المجلى ابن زعيم الأكراد البختية، وله حصون منيعة شرقي الجزيرة، نفرة.
ثم راسله أبو حرب واستماله، وسعى أن يزوجه ابنه الأمير أبي طاهر البشنوي، صاحب قلعة فنك وغيرها من الحصون، وكان أبو طاهر هذا ابن أخت نصر الدولة بن مروان، فلم يخالف أبو طاهر، صاحب فنك، أبا حرب في الذي أشار به من تزويج الأمير موسك، فزوجه ابنته ونقلها إليه، فاطمأن حينئذ موسك، وسار إلى سليمان، فغدر به، وقبض عليه وحبسه.
ووصل السلطان طغرلبك إلى تلك الأعمال لما توجه إلى غزو الروم، على ما ذكرناه فأرسل إلى نصر الدولة يشفع في موسك، فأظهر أنه توفي، فشق ذلك علي حميه أبي طاهر البشنوي، وأرسل إلى نصر الدولة وابنه سليمان فقال لهما: حيث أردتما قتله، فلم جعلتما ابنتي طريقاً إلى ذلك، وقلدتموني العار؟ وتنكر لهما، وخافه أبو حرب، فوضع عليه من سقاه سماً فقتله.
وولي بعده ابنه عبيد الله، فأظهر له أبو حرب المودة استصلاحاً له، وتبرؤاً إليه من كل ما قيل عنه، واستقر الأمر بينهما على الاجتماع وتجديد الأيمان، فنزلوا من فنك، وخرج إليهم أبو حرب من الجزيرة في نفر قليل فقتلوه.
وعرف والده ذلك، فأقلقه وأزعجه، وأرسل ابنه نصراً إلى الجزيرة ليحفظ تلك النواحي، ويأخذ بثأر أخيه، وسير معه جيشاً كثيفاً.
وكان الأمير قريش بن بدران، صاحب الموصل، لما سمع قتل أبي حرب انتهز الفرصة وسار إلى الجزيرة ليملكها، وكاتب البختية والبشنوية، واستمالهم، فنزلوا إليه واجتمعوا معه على قتال نصر بن مروان، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً كثر فيه القتلى، وصبر الفريقان، فكانت الغلبة أخيراً لابن مروان، وجرح قريش جراحة قوية بزوبين رمي به، وعاد عنه، وثبت أمر ابن مروان بالجزيرة، وعاود مراسلة البشنوية والبختية، واستمالهم لعله يجد فيهم طمعاً، فلم يطيعوه.
ذكر وثوب الأتراك ببغداد بأهل البساسيري
والقبض عليه ونهب دوره وأملاكه وتأكد الوحشة بينه وبين رئيس الرؤساء
في هذه السنة ثارت فتنة ببغداد بالجانب الشرقي بين العامة، وثار جماعة من أهل السنة، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحضروا الديوان، وطلبوا أن يؤذن لهم في ذلك، وأن يتقدم إلى أصحاب الديوان بمساعدتهم، فأجيبوا إلى ذلك، وحدث من ذلك شر كثير.
ثم إن أبا سعد النصراني، صاحب البساسيري، حمل في سفينة ستمائة جرة خمراً ليحدرها إلى البساسيري بواسط، في ربيع الآخر، فحضر ابن سكرة الهاشمي وغيره من الأعيان في هذا الباب، وتبعهم خلق كثير، وحاجب باب المراتب من قبل الديوان، وقصدوا السفينة، وكسروا جرار الخمر وأراقوها. (4/266)
وبلغ ذلك البساسيري، فعظم عليه، ونسبه إلى رئيس الرؤساء، وتجددت الوحشة، فكتب فتاوى أخذ فيها خطوط الفقهاء الحنفية بأن الذي فعل من كسر الجرار وإراقة الخمر تعد غير واجب، وهي ملك رجل نصراني، لا يجوز، وتردد القول في هذا المعنى، فتأكدت الوحشة من الجانبين، ووضع رئيس الرؤساء الأتراك البغداديين على ثبل البساسيري والذم له، ونسب كل ما يجري عليهم من نقض إليه، فطمعوا فيه، وسلكوا في هذا المعنى زيادة على ما أراد رئيس الرؤساء، وتمادت الأيام إلى رمضان، فحضروا دار الخليفة، واستأذنوا في قصد دور البساسيري ونهبها، فأذن لهم في ذلك، فقصدوها ونهبوها وأحرقوها، ونكلوا بنسائه وأهله ونوابه، ونهبوا دوابه وجميع ما يملكه ببغداد.
وأطلق رئيس الرؤساء لسانه في البساسيري وذمه، ونسبه إلى مكاتبة المستنصر، صاحب مصر، وأفسد الحال مع الخليفة إلى حد لا يرجى صلاحه، وأرسل إلى الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيري، فأبعده، وكانت هذه الحالة من أعظم الأسباب في ملك السلطان طغرلبك العراق، وقبض الملك الرحيم، وسيرد من ذلك ما تراه إن شاء الله تعالى.
ذكر وصول طغرلبك إلى بغداد والخطبة له بها
قد ذكرنا قبل مسير طغرلبك إلى الري، بعد عوده من غزو الروم، للنظر في ذلك الطرف، فلما فرغ من الري عاد إلى همذان في المحرم من هذه السنة، وأظهر أنه يريد الحج، وإصلاح طريق مكة، والمسير إلى الشام ومصر، وإزالة المستنصر العلوي صاحبها.
وكاتب أصحابه بالدينور وقرميسين وحلوان وغيرها، فأمرهم بإعداد الأقوات والعلوفات. فعظم الإرجاف ببغداد، وفت في أعضاد الناس، وشغب الأتراك ببغداد، وقصدوا ديوان الخلافة.
ووصل السلطان طغرلبك إلى حلوان، وانتشر أصحابه في طريق خراسان، فأجفل الناس إلى غربي بغداد، وأخرج الأتراك خيامهم إلى ظاهر بغداد.
وسمع الملك الرحيم بقرب طغرلبك من بغداد، فأصعد من واسط إليها، وفارقه البساسيري في الطريق لمراسلة وردت من القائم في معناه إلى الملك الرحيم أن البساسيري خلع الطاعة، وكاتب الأعداء، يعني المصريين، وأن الخليفة له على الملك عهود، وله على الخليفة مثلها، فإن آثره فقد قطع ما بينهما، وإن أبعده وأصعد إلى بغداد تولى الديوان تدبير أمره، فقال الملك الرحيم ومن معه: نحن لأوامر الديوان متبعون، وعنه منفصلون.
وكان سبب ذلك ما ذكر. وسار البساسيري إلى بلد نور الدولة دبيس بن مزيد المصاهرة بينهما، وأصعد الملك الرحيم إلى بغداد. وأرسل طغرلبك رسولاً إلى الخليفة يبالغ في إظهار الطاعة والعبودية، وإلى الأتراك البغداديين يعدهم الجميل والإحسان. فأنكر الأتراك ذلك، وراسلوا الخليفة في المعنى، وقالوا: إننا فعلنا بالبساسيري ما فعلناه، وهو كبيرنا، ومقدمنا، بتقدم أمير المؤمنين، ووعدنا أمير المؤمنين بإبعاد هذا الخصم عنا، ونراه قد قرب منا، ولم يمنع من المجيء. وسألوا التقدم عليه في العود، فغولطوا في الجواب، وكان رئيس الرؤساء يؤثر مجيئه، ويختار انقراض الدولة الديلمية.
ثم إن الملك الرحيم وصل بغداد منتصف رمضان، وأرسل إلى الخليفة يظهر العبودية، وأنه قد سلم أمره إليه ليفعل ما تقتضيه العواطف معه في تقرير القواعد مع السلطان طغرلبك، وكذلك قال من مع الرحيم من الأمراء، فأجيبوا بأن المصلحة أن يدخل الأجناد خيامهم من ظاهر بغداد، وينصبوها بالحريم، ويرسلوا رسولاً إلى طغرلبك يبذلون له الطاعة والخطبة، فأجابوا إلى ذلك وفعلوه، وأرسلوا رسلاً إليه، فأجابهم إلى ما طلبوا، ووعدهم الإحسان إليهم.
وتقدم الخليفة إلى الخطباء بالخطبة لطغرلبك بجوامع بغداد، فخطب له يوم الجمعة لثمان بقين من رمضان من السنة، وأرسل طغرلبك يستأذن الخليفة في دخول بغداد، فأذن له، فوصل إلى النهروان، وخرج الوزير رئيس الرؤساء إلى لقائه في موكب عظيم من القضاة، والنقباء، والأشراف، والشهود، والخدم، وأعيان الدولة، وصحبه أعيان الأمراء من عسكر الرحيم. فلما علم طغرلبك بهم أرسل إلى طريقهم الأمراء، ووزيره أبا نصر الكندري، فلما وصل رئيس الرؤساء إلى السلطان أبلغه رسالة الخليفة، واستخلفه للخليفة، وللملك الرحيم، وأمراء الأجناد، وسار طغرلبك ودخل بغداد يوم الاثنين لخمس بقين من الشهر، ونزل بباب الشماسية، ووصل إليه قريش بن بدران، صاحب الموصل، وكان في طاعته قبل هذا الوقت على ما ذكرناه. (4/267)
ذكر وثوب العامة ببغداد بعسكر طغرلبك وقبض الملك الرحيم
لما وصل السلطان طغرلبك بغداد دخل عسكره البلد للامتيار، وشراء ما يريدونه من أهلها، وأحسنوا معاملتهم، فلما كان الغد، وهو يوم الثلاثاء، جاء بعض العسكر إلى باب الأزج، وأخذ واحداً من أهله ليطلب منه تبناً، وهو لا يفهم ما يريدون، فاستغاث عليهم، وصاح العامة بهم ورجموهم، وهاجموا عليهم.
وسمع الناس الصياح، فظنوا أن الملك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال طغرلبك، فارتج البلد من أقطاره، وأقبلوا من كل حدب ينسلون، يقتلون من الغز من وجد في محال بغداد، إلا أهل الكرخ فإنهم لم يتعرضوا إلى الغز، بل جمعوهم وحفظوهم.
وبلغ السلطان طغرلبك ما فعله أهل الكرخ من حماية أصحابه، فأمر بإحسان معاملتهم. فأرسل عميد الملك، الوزير، إلى عدنان بن الرضي، نقيب العلويين، يأمره بالحضور، فحضر، فشكره عن السلطان، وترك عنده خيلاً بأمر السلطان تحرسه وتحرس المحلة.
وأما عامة بغداد فلم يقنعوا بما عملوا، حتى خرجوا ومعهم جماعة من العسكر إلى ظاهر بغداد، يقصدون العسكر السلطاني، فلو تبعهم الملك الرحيم وعسكره لبلغوا ما أرادوا، لكن تخلفوا، ودخل أعيان أصحابه إلى دار الخلافة، وأقاموا بها نفياً للتهمة عن أنفسهم، ظناً منهم أن ذلك ينفعهم.
وأما عسكر طغرلبك فلما رأوا فعل العامة وظهورهم من البلد قاتلوهم فقتل بين الفريقين جمع كثير، وانهزمت العامة، وجرح فيهم وأسر كثير، ونهب الغز درب يحيى، ودرب سليم، وبه دور رئيس الرؤساء ودور أهله، فنهب الجميع، ونهب الرصافة، وترب الخلفاء، وأخذ منها من الأموال ما لا يحصى، لأن أهل تلك الأصقاع نقلوا إليها أموالهم اعتقاداً منهم أنها محترمة. ووصل النهب إلى أطراف نهر المعلى واشتد البلاء على الناس وعظم الخوف، ونقل الناس أموالهم إلى باب النوبي، وباب العامة، وجامع القصر، فتعطلت الجمعات لكثرة الزحمة.
وأرسل طغرلبك من الغد إلى الخليفة يعتب، وينسب ما جرى إلى الملك الرحيم وأجناده، ويقول: إن حضروا برئت ساحتهم، وإن تأخروا عن الحضور أيقنت أن ما جرى إنما كان بوضع منهم.
وأرسل للملك الرحيم وأعيان أصحابه أماناً لهم، فتقدم إليهم الخليفة بقصده، فركبوا إليه، وأرسل الخليفة معهم رسولاً يبرئهم مما خامر خاطر السلطان، فلما وصلوا إلى خيامه نهبهم الغز، ونهبوا رسل الخليفة معهم، وأخذوا دوابهم وثيابهم.
ولما دخل الملك الرحيم إلى خيمة السلطان أمر بالقبض عليه وعلى من معه، فقبضوا كلهم آخر شهر رمضان، وحبسوا، ثم حمل الرحيم إلى قلعو السيروان، وكانت ولاية الملك الرحيم على بغداد ست سنين وعشرة أيام، ونهب أيضاً قريش بن بدران، صاحب الموصل، ومن معه من العرب، ونجا مسلوباً، فاحتمى بخيمة بدر بن المهلهل، فألقوا عليه الزلالي حتى أخفوه بها عن الغز.
ثم علم السلطان ذلك، فأرسل إليه، وخلع عليه، وأمره بالعود إلى أصحابه وحلله تسكيناً له.
وأرسل الخليفة إلى السلطان ينكر ما جرى من قبض الرحيم وأصحابه، ونهب بغداد، ويقول: إنهم إنما خرجوا إليك بأمري وأماني، فإن أطلقتهم، وإلا فأنا أفارق بغداد، فإني إنما اخترتك واستدعيتك اعتقاداً مني أن تعظيم الأوامر الشريفة يزداد، وحرمه الحريم تعظم، وأرى الأمر بالضد. فأطلق بعضهم، وأخذ جميع إقطاعات عسكر الرحيم، وأمرهم بالسعي في أرزاق يحصلونها لأنفسهم. فتوجه كثير منهم إلى البساسيري ولزموه، فكثر جمعه ونفق سوقه.
وأمر طغرلبك بأخذ أموال الأتراك البغداديين، وأرسل إلى نور الدولة دبيس يأمره بإبعاد البساسيري عنه، ففعل، فسار إلى رحبة مالك الشام، على ما نذكره، وكاتب المستنصر، صاحب مصر، بالدخول في طاعته. وخطب نور الدولة طغرلبك في بلاده، وانتشر الغز السلجوقية في سواد بغداد، فنهبوا من الجانب الغربي من تكريت إلى النيل ومن الشرقي إلى النهروان وأسافل الأعمال، وأسرفوا في النهب، حتى بلغ ثمن الثور ببغداد خمسة قراريط إلى عشرة، والحمار بقيراطين إلى خمسة، وخرب السواد، وأجلى أهله عنه. (4/268)
وضمن السلطان طغرلبك البصرة والأهواز من هزارسب بن بنكير بن عياض بثلاثمائة ألف وستين ألف دينار، وأقطعه أرجان، وأمره أن يخطب لنفسه بالأهواز، دون الأعمال التي ضمنها، وأقطع الأمير أبا علي بن أبي كاليجار الملك قرميسين وأعمالها، وأمر أهل الكرخ أن يؤذنوا في مساجدهم سحراً: الصلاة خير من النوم، وأمر بعمارة دار المملكة، فعمرت، وزيد فيها، وانتقل إليها في شوال.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة وقعت الفتنة بين الفقهاء الشافعية والحنابلة ببغداد، ومقدم الحنابلة أبو علي بن الفراء، وابن التميمي، وتبعهم من العامة الجم الغفير، وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ومنعوا من الترجيع في الأذان، والقنوت في الفجر، ووصلوا إلى ديوان الخليفة، ولم ينفصل حال، وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير، فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة، فأخرج مصحفاً وقال: أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها.
وفيها كان بمكة غلاء شديد، وبلغ الخبز عشرة أرطال بدينار مغربي، ثم تعذر وجوده، فأشرف الناس والحجاج على الهلاك، فأرسل الله تعالى عليهم من الجراد ما ملأ الأرض فتعوض الناس به، ثم عاد الحاج فسهل الأمر على أهل مكة، وكان سبب هذا الغلاء عدم زيادة النيل بمصر عن العادة، فلم يحمل منها الطعام إلى مكة.
وفيها ظهر باليمن إنسان يعرف بأبي كامل علي بن محمد الصليحي، واستولى على اليمن، وكان معلماً، فجمع إلى نفسه جمعاً، وانتمى إلى صاحب مصر، وتظاهر بطاعته، فكثر جمعه وتبعه، واستولى على البلاد، وقوي على ابن سادل وابن الكريدي المقيمين بها على طاعة القائم بأمر الله، وكان يتظاهر بمذهب الباطنية.
وفيها خطب محمود الخفاجي للمستنصر العلوي، صاحب مصر، بشفاثا والعين، وصار في طاعته.
وفيها، في شوال، توفي قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا، ومولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وبقي في القضاء سبعاً وعشرين سنة، وكان شافعياً، ورعاً، نزهاً، أميناً، وولي بعده أبو عبد الله محمد بن علي بن الدامغاني الحنفي.
وفيها، في ذي القعدة، توفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد ابن أمير المؤمنين، ومولده في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وفيها قبض الملك الرحيم قبل وصول طغرلبك إلى بغداد على الوزير أبي عبد الله عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحيم، وطرح في بئر في دار المملكة، وطم عليه، وكان وزيراً متحكماً في دولته.
وفيها، في المحرم، توفي القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، ومولده بالبصرة سنة خمس وستين وثلاثمائة، وخلف ولداً صغيراً، وهو أبو الحسن محمد بن علي، ثم توفي في شوال سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وانقرض بيته بموته، قال القاضي أبو عبد الله بن الدامغاني: دخلت على أبي القاسم قبل موته بقليل، فأخرج إلي ولده هذا من جاريته وبكى فقلت: تعيش إن شاء الله وتربيه، فقال: هيهات! والله ما يتربى إلا يتيماً، وأنشد:
أرى ولد الفنى كلاً عليه، ... لقد سعد الذي أمسى عقيما
فإما أن تربيه عدواً، ... وإما أن تخلفه يتيما
فتربى يتيماً كما قال.
وفي جمادى الأولى توفي أبو محمد الحسن بن رجاء الدهان اللغوي.
وفي جمادى الآخرة فيها توفي أبو القاسم منصور بن حمزة بن إبراهيم الكرخي من كرخ جدان، الفقيه الشافعي.
وفي رجب توفي أبو نصر أحمد بن محمد الثابتي، الفقيه الشافعي، وهما من شيوخ أصحاب أبي حامد الأسفراييني.
وفي شعبان توفي أبو البركات حسين بن علي بن عيسى الربعي النحوي، وكان ينوب عن الوزراء ببغداد.وضمن السلطان طغرلبك البصرة والأهواز من هزارسب بن بنكير بن عياض بثلاثمائة ألف وستين ألف دينار، وأقطعه أرجان، وأمره أن يخطب لنفسه بالأهواز، دون الأعمال التي ضمنها، وأقطع الأمير أبا علي بن أبي كاليجار الملك قرميسين وأعمالها، وأمر أهل الكرخ أن يؤذنوا في مساجدهم سحراً: الصلاة خير من النوم، وأمر بعمارة دار المملكة، فعمرت، وزيد فيها، وانتقل إليها في شوال.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة وقعت الفتنة بين الفقهاء الشافعية والحنابلة ببغداد، ومقدم الحنابلة أبو علي بن الفراء، وابن التميمي، وتبعهم من العامة الجم الغفير، وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ومنعوا من الترجيع في الأذان، والقنوت في الفجر، ووصلوا إلى ديوان الخليفة، ولم ينفصل حال، وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير، فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة، فأخرج مصحفاً وقال: أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها.
وفيها كان بمكة غلاء شديد، وبلغ الخبز عشرة أرطال بدينار مغربي، ثم تعذر وجوده، فأشرف الناس والحجاج على الهلاك، فأرسل الله تعالى عليهم من الجراد ما ملأ الأرض فتعوض الناس به، ثم عاد الحاج فسهل الأمر على أهل مكة، وكان سبب هذا الغلاء عدم زيادة النيل بمصر عن العادة، فلم يحمل منها الطعام إلى مكة.
وفيها ظهر باليمن إنسان يعرف بأبي كامل علي بن محمد الصليحي، واستولى على اليمن، وكان معلماً، فجمع إلى نفسه جمعاً، وانتمى إلى صاحب مصر، وتظاهر بطاعته، فكثر جمعه وتبعه، واستولى على البلاد، وقوي على ابن سادل وابن الكريدي المقيمين بها على طاعة القائم بأمر الله، وكان يتظاهر بمذهب الباطنية.
وفيها خطب محمود الخفاجي للمستنصر العلوي، صاحب مصر، بشفاثا والعين، وصار في طاعته.
وفيها، في شوال، توفي قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا، ومولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وبقي في القضاء سبعاً وعشرين سنة، وكان شافعياً، ورعاً، نزهاً، أميناً، وولي بعده أبو عبد الله محمد بن علي بن الدامغاني الحنفي.
وفيها، في ذي القعدة، توفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد ابن أمير المؤمنين، ومولده في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وفيها قبض الملك الرحيم قبل وصول طغرلبك إلى بغداد على الوزير أبي عبد الله عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحيم، وطرح في بئر في دار المملكة، وطم عليه، وكان وزيراً متحكماً في دولته.
وفيها، في المحرم، توفي القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، ومولده بالبصرة سنة خمس وستين وثلاثمائة، وخلف ولداً صغيراً، وهو أبو الحسن محمد بن علي، ثم توفي في شوال سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وانقرض بيته بموته، قال القاضي أبو عبد الله بن الدامغاني: دخلت على أبي القاسم قبل موته بقليل، فأخرج إلي ولده هذا من جاريته وبكى فقلت: تعيش إن شاء الله وتربيه، فقال: هيهات! والله ما يتربى إلا يتيماً، وأنشد:
أرى ولد الفنى كلاً عليه، ... لقد سعد الذي أمسى عقيما
فإما أن تربيه عدواً، ... وإما أن تخلفه يتيما
فتربى يتيماً كما قال.
وفي جمادى الأولى توفي أبو محمد الحسن بن رجاء الدهان اللغوي.
وفي جمادى الآخرة فيها توفي أبو القاسم منصور بن حمزة بن إبراهيم الكرخي من كرخ جدان، الفقيه الشافعي.
وفي رجب توفي أبو نصر أحمد بن محمد الثابتي، الفقيه الشافعي، وهما من شيوخ أصحاب أبي حامد الأسفراييني.
وفي شعبان توفي أبو البركات حسين بن علي بن عيسى الربعي النحوي، وكان ينوب عن الوزراء ببغداد.

This site was last updated 07/26/11