Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة ست وسبعين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الخليفة عبد الملك بن مروان والبذخ
الخوارج والخليفة عبد الملك
سنة ست وستين
سنة سبع وستين
سنة ثمان وستين
سنة تسع وستين
سنة سبعين
سنة إحدى وسبعين
سنة اثنتين وسبعين
سنة ثلاث وسبعين
سنة أربع وسبعين
سنة خمس وسبعين
سنة ست وسبعين
سنة سبع وسبعين
سنة 78 و 79
سنة ثمانين
سنة إحدى وثمانين
سنة اثنتين وثمانين
سنة ثلاث وثمانين
سنة أربع وثمانين
سنة 86 وفاة عبد الملك

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ست وسبعين
ذكر خروج صالح بن مسرح

كان صالح بن مسرح التميمي رجلاً ناسكاً مصفر الوجه عبادة، وكان بداراً وأرض الموصل والجزيرة، وله أصحاب يقرأ بهم القرآن والفقه ويقص عليهم، فدعاهم إلى الخروج وإنكار الظلم وجهاد المخالفين لهم، فأجابوه، وحثهم عليهم، فراسل أصحابه بذلك وقلاقوا به، فبينا هم في ذلك إذ قدم عليه كتاب شبيب يقول له: غنك كنت تريد الخروج فإن كان ذلك من شأنك اليوم فأنت شيخ المسلمين ولن نعدل بك أحداً، وإن أردت تأخير ذلك اليوم أعلمني فإن الآجال غادية ورائحة ولا آمن أن تختر مني المنية ولم أجاهد الظالمين.
فكتب إليه صالح: إنه لم يمنعني من الخروج إلا انتظارك، فأقبل إلينا فإنك ممن لا يستغنى عن رأيه ولا تقضى دونه الأمور. فلما قرأ شبيب كتابه دعا نفراً من أصحابه، منهم: أخوه مصاد بن يزيد بن نعيم الشيباني والمحلل بن وائل اليشكري وغيرهما، وخرج بهم حتى قدم على صالح بدارا، فلما لقيه قال: اخرج بنا رحمك الله، فوالله ما تزداد السنة إلا دروساً ولا يزداد المجرمون إلا طغياناً. [ج3 (2/286)]
وبعث الحجاج إلى عسكر عبد الرحمن عتاب بن ورقاء وأمره أن يسمع للمهلب، فساءه ذلك ولم يجد بداً من طاعته، فجاء إلى العسكر وقاتل الخوارج وأمره إلى المهلب وهو يقضي أموره ولا يكاد يستشير المهلب. فوضع عليه المهلب رجالاً اصطنعهم وأغراهم به، منهم بسطام بن مصقلة بن هبيرة. وجرى بين عتاب والمهلب ذات يوم كلام أغلظ كل منهما لصاحبه، ورفع المهلب القضيب على عتاب، فوثب إليه ابنه المغيرة بن المهلب فقبض القضيب وقال: أصلح الله الأمير! شيخ من أشياخ العرب وشريف من أشرافهم، إن سمعت منه بعض ما تكره فاحتمله له فإنه لذلك أهل. ففعل، فافترقا، فأرسل عتاب إلى الحجاج يشكو المهلب ويسأله أن يأمره بالعود إليه، فوافق ذلك حاجةً من الحجاج إليه فيما لقي أشراف الكفة من شبيب، فاستقدمه وأمره أن يترك ذلك الجيش مع المهلب، فجعل المهلب عليهم ابنه حبيباً.
وقال سراقة بن مرداس البارقي يرثي عبد الرمن بن مخنف:
ثوى سيد الأزدين أزد شنوءةٍ ... وأزاد عمان رهن رمسٍ بكازر
وضارب حتى مات أكرم ميتةٍ ... بأبيض صافٍ كالعقيقة باتر
وصرع حول التل تحت لوائه ... كرام المساعي من كرام المعاشر
قضى نحبه يوم اللقاء ابن مخنفٍ ... وأدبر عنه كل ألوث داثر
أمد ولم يمدد فراح مشمراً ... إلى الله لم يذهب بأثواب غادر
وأقام المهلب بسابور يقاتلهم نحواً من سنة.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة تحرك صالح بن مسرح أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة من تميم، وكان يرى رأي الصفرية، وهو أول من خرج فيهم، وحج هذه السنة ومعه شبيب بن يزيد وسويد والبطين وأشباههم؛ وحج في هذه السنة عبد الملك بن مروان، فهم شبيب أن يفتك به فبلغه ذلك من خبرهم، فكتب إلى الحجاج بن يوسف بعد انصرافه يأمره بطلبهم، وكان شيخاً صالحاً يأتي الكوفة فيقيم بها الشهر ونحوه فيلقى أصحابه ويعد ما يحتاج إليه، فلما طلبه الحجاج نبت به الكوفة فتركها.
وفيها غزا محمد بن مروان الصائفة عند خروج الروم إلى الغنيق من ناحية مرعش.
وحج بالناس عبد الملك فخطب الناس بالمدينة فقال بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد فإني لست بالخليفة المستضعف، يعني عثمان، ولا بالخليفة المداهن، يعني معاوية، ولا بالخليفة المأفون، يعني يزيد، ألا وإني لا أدواي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم، وإنكم تحفظوننا أعمال المهاجرين الأولين ولا تعلمون مثل أعمالهم، وإنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه. ثم نزل.
وفي هذه السنة مات العرباض بن سارية السلمي، وهو من أهل الصفة، وقيل: بل مات بالشام في فتنة ابن الزبير. وفيها توفي الأسود بن يزيد النخعي، وهو ابن أخي علقمة بن قيس.

 

الجزء الثالث
ثم دخلت سنة ست وسبعين
ذكر خروج صالح بن مسرح

كان صالح بن مسرح التميمي رجلاً ناسكاً مصفر الوجه عبادة، وكان بداراً وأرض الموصل والجزيرة، وله أصحاب يقرأ بهم القرآن والفقه ويقص عليهم، فدعاهم إلى الخروج وإنكار الظلم وجهاد المخالفين لهم، فأجابوه، وحثهم عليهم، فراسل أصحابه بذلك وقلاقوا به، فبينا هم في ذلك إذ قدم عليه كتاب شبيب يقول له: غنك كنت تريد الخروج فإن كان ذلك من شأنك اليوم فأنت شيخ المسلمين ولن نعدل بك أحداً، وإن أردت تأخير ذلك اليوم أعلمني فإن الآجال غادية ورائحة ولا آمن أن تختر مني المنية ولم أجاهد الظالمين.
فكتب إليه صالح: إنه لم يمنعني من الخروج إلا انتظارك، فأقبل إلينا فإنك ممن لا يستغنى عن رأيه ولا تقضى دونه الأمور. فلما قرأ شبيب كتابه دعا نفراً من أصحابه، منهم: أخوه مصاد بن يزيد بن نعيم الشيباني والمحلل بن وائل اليشكري وغيرهما، وخرج بهم حتى قدم على صالح بدارا، فلما لقيه قال: اخرج بنا رحمك الله، فوالله ما تزداد السنة إلا دروساً ولا يزداد المجرمون إلا طغياناً.  [ج3 (2/286) ]
فبث صالح رسله وواعد أصحابه الخروج إلى ذلك هلال صفر سنة ست وسبعين فاجتمعوا عنده تلك الليلة، فسأله بعضهم عن القتال قبل الدعاء أم بعده؟ فقال: بل ندعوهم فإنه أقطع لحجتهم. فقال له: كيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا به، ما تقول في دمائهم وأموالهم؟ فقال لهم: إن قتلنا وغنمنا فلنا وإن عفونا فموسع علينا.
ثم وعظ أصحابه وأمرهم بأمره وقال لهم: عن أكثركم رجالة وهذه دواب لمحمد بن مروان فابدأوا بها فاحملوا عليها رجالكم وتقورابها على عدوكم.
فخرجوا تلك الليلة فأخذوا الدواب فاحتملوا عليها وأقاموا بأرض دارا ثلاث عشرة ليلة.
وتحصن منهم أهلها وأهل نصيبين وسنجار، وكان خروجه وهو في مائة وعشرين، وقيل وعشرة.
وبلغ محمداً مخرجهم، وهو أمير الجزيرة، فأرسل عدي الكندي إليهم في ألف فارس. فسار من حران فنزل دوغان، وكانوا أول جيش سار إلى صالح، وسار عدي وكأنه يساق إلى الموت. وأرسل إلى صالح: إن كنت ترى رأينا خرجنا عنك، وإلا فنرى رأينا. فأرسل إليه عدي: إني لا أرى رأيك ولكني أكره قتالك وقتال غيك. فقال صالح لأصحابه: اركبوا، فركبوا، وحبس الرسول عنده ومضى بأصحابه فأتى عدياً وهو يصلي الضحى، فلم يشعروا إلا والخيل طالعة عليهم، فلما رأوها تنادوا، وجعل صالح شبيباً في ميمنته، وسويد بن سليم في ميسرته، ووقف في القلب، فأتاهم وهم على غير تعبية وبعضهم يجول في بعض، فحمل عليهم شبيب وسويد فانهزموا، وأتي عدي بن عدي بدابته فركبها وانهزم، وجاء صالح ونزل في معسكره وأخذوا ما فيه.
ودخل أصحاب عدي على محمد بن مروان، فغضب على عدي ثم دعا خالد بن جزء السلمي فبعثه في ألف وخمسمائة، ودعا الحارث بن جعونة العامري فبعثه في ألف وخمسمائة، وقال: اخرجا إلى هذه المارقة وأغذا السير فأيكما سبق فهو الأمير على صاحبه. فخرجا متساندين يسألان عن صالح، فقيل لهما: إنه نحو آمد، فقصداه، فوجه صالح شبيباً في شطر من أصحابه إلى الحارث بن جعونة، وتوجه هو نحو خالد، فاقتتلوا من وقت العصر أشد قتال، فلم تثبت خيل محمد لخيل صالح، فلما رأى أميراهم ذلك ترجلا وترجل معهما أكثر أصحابهما، فلم يقدر أصحاب صالح حينئذٍ عليهم، وكانوا إذا حملوا استقبلتهم الرجالة بالرماح ورماهم الرماة بالنبل وطاردهم خيالتهم، فقاتلوهم إلى المساء، فكثرت الجراح في الفريقين، وقتل من أصحاب صالح نحو ثلاثين رجلاً، ومن أصحاب محمد أكثر من سبعين.
فلما أمسوا تراجعوا، فاستشار صالح أصحابه، فقال شبيب: إن القوم قد اعتصموا بخندقهم فلا أرى أن نقيم عليهم. فقال صالح: وأنا أرى ذلك. فخرجوا من ليلتهم سائرين فقطعوا أرض الجزيرة وأرض الموصل وانتهوا إلى الدسكرة، وخرج صالح بن مسرح حتى أتى قرية يقال لها مدبج على تخوم ما بين الموصل وجوخى، وصالح في تسعين رجلاً، فلقيهم الحارث لثلاث عشرة بقين من جمادى، فاقتتلوا فانهزم سويد بن سليم في ميسرة صالح، وثبت صالح، فقتل وقاتل شبيب حتى صرع عن فرسه، فحمل عليهم راجلاً، فانكشفوا عنه، فجاء إلى موقف صالح فأصابه قتيلاً، فنادى: إلي يا معشر المسلمين، فلاذوا به. فقال لأصحابه: ليجعل كل واحد منكم ظهره إلى ظهر صاحبه وليطاعن عدوه حتى يدخل هذا الحصين ونرى رأينا، ففعلوا ذلك ودخلوا الحصين جميعهم، وهم سبعون رجلاً، وأحاط بهم الحارث وأحرق عليهم الباب، وقال: إنهم لا يقدرون على الخروج منه.
مسرح بضم الميم، وفتح السين المهملة، وتشديد الراء وكسرها، وبالحاء المهملة. وجعونة بفتح الجيم، وسكون العين المهملة، وفتح الواو، وآخره نون.
ذكر بيعة شبيب الخارجي
ومحاربة الحارث بن عميرة
فلما أحرق الحارث الباب على شبيب ومن معه وقال: إنهم لا يقدرون على الخروج منه ونصبحهم غداً فنقتلهم، وانصرف إلى عسكره، قال شبيب لأصحابه: ما تنظرون؟ فوالله لئن صبحكم هؤلاء غدوة إنه لهلاككم فقالوا: مرنا بأمرك. فقال: بايعوني أو من شئتم من أصحابكم واخرجوا بنا حتى نشد عليهم في عسكرهم فإنهم آمنون.
فبايعوا شبيباً، وهو شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني، وأتوا باللبود فبلوها وجعلوها على جمر الباب وخرجوا، فلم يشعر الحارث إلا وشبيب وأصحابه يضاربونهم بالسيوف في جوف العسكر، فصرع الحارث، فاحتمله أصحابه وانهزموا نحو المدائن، وحوى شبيب عسكرهم، وكان ذلك الجيش أول جيش هزمه شبيب.  [ج3 (2/287)]
ذكر الحرب بين أصحاب شبيب وغيره
ثم إن شبيباً لقي سلامة بن سنان التيمي، تيم شيبان، بأرض الموصل، فدعاه إلى الخروج معه، فشرط عليه سلامة أن ينتخب ثلاثين فارساً ينطلق بهم نحو عنزة فيشفي نفسه منهم، فإنهم كانوا قتلوا أخاه فضالة، وذلك أن فضالة كان خرج في ثمانية عشر رجلاً حتى نزل ماء يقال له الشجرة عليه أثلة عظيمة وعليه عنزة نازلون، فلما رأوه قالوا نقتل هؤلاء ونغدو على أميرنا فيعطينا شيئاً، فقال أخواله من بني نصر: لا نساعدكم على قتل ابن أخينا، فنهضت عنزة فقتلوهم وأتوا برؤوسهم عبد الملك بن مروان، فلذلك أنزلهم بانقيا وفرض لهم، ولم يكن لهم قبل ذلك فرائض إلا قليلة، فقال سلامة أخو فضالة يذكر قتل أخيه وخذلان أخواله إياه:
وما خلت أخوال الفتى يسلمونه ... لوقع السلاح قبل ما فعلت نصر
وكان خروج فضالة قبل خروج صالح. فأجابه شبيب، فخرج حتى انتهى إلى عنزة، فجعل يقتل محلة بعد محلة حتى انتهى إلى فريق منهم فيهم خالته قد أكبت على ابن لها، وهو غلام حين احتلم، فأخرجت ثديها وقالت: أنشدك برحم هذا يا سلامة! فقال: والله ما رأيت فضالة مذ أناخ بأصل الشجرة، يعني أخاه، لتقومن عنه أو لأجمعنكم بالرمح! فقامت عنه فقتله.
ذكر مسير شبيب إلى بني شيبان
وإيقاعه بهم
ثن أقبل شبيب في خيله نحو راذان، فهرب منه طائفة من بني شيبان ومعهم ناس من غيرهم قليل حتى نزلوا ديراً خرباً إلى جنب حولايا، وهم نحو ثلاثة آلاف، وشبيب في نحو سبعين رجلاً أو يزيدون قليلاً، فنزل بهم فتحصنوا منه ثم إن شبيباً سرى في اثني عشر رجلاً إلى أمة، وكانت في سفح جبل ساتيدما، فقال: لآتين بها تكون في عسكري لا تفارقني حتى تموت أو أموت. فسار بهم ساعةً، وإذا هو بجماعة من بني شيبان في أموالهم مقيمين لا يرون أن شبيباً يمر بهم ولا يشعر بهم، فحمل عليهم فقتل ثلاثين شيخاً فيهم حوثرة بن أسد، ومضى شبيب إلى أمه فحملها، وأشرف رجل من الدير على أصحاب شبيب، وكان قد استخلف شبيب عليهم أخاه مصاد بن يزيد، وهم قد حصروا من في الدير، فقال: يا قوم بيننا وبينكم القرآن، قال الله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " التوبة:6، فكفوا عنا حتى نخرج إليكم على أمان وتعرضوا علينا رأيكم، فإن قبلناه حرمت عليكم دماؤنا وأموالنا، وإن نحن لم نقبله رددتمونا إلى مأمننا ثم رأيتكم رأيكم. فأجابوهم، فخرجوا إليهم، فعرض عليهم أصحاب شبيب قولهم فقبلوه كله ثم خالطوه ونزلوا إليهم، وجاء شبيب فأخبر بذلك، فقال: أصبتم ووفقتم.
ذكر الوقعة بين شبيب وسفيان الخثعمي
ثم إن شبيباً ارتحل فخرج معه طائفة وأقامت طائفة، وسار في أرض الموصل نحو أذربيجان، وكتب الحجاج إلى سفيان بن أبي العالية الخثعي يأمره بالقفول، وكان معه ألف فارس، يريد أن يدخل بها طبرستان. فلما أتاه كتاب الحجاج صالح صاحب طبرستان ورجع، فأمره الحجاج بنزول الدسكرة حتى يأتيه جيش الحارث بن عميرة الهمداني، وهو الذي قتل صالحاً، وحتى تأتيه خيل المناظر ثم يسير إلى شبيب. فأقام بالدسكرة ونودي في جيش الحارث: الحرب بالكوفة والمدائن، فخرجوا حتى أتوا سفيان وأتته خيل المناظر عليهم سورة بن الحر التميمي، فكتب إليه سورة بالتوقف حتى يلحقه، فعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين، وارتفع شبيب عنهم حتى كأنه يكره قتالهم، وأكمن أخاه مصاداً في هزم من الأرض في خمسين رجلاً فارساً، ومضى في سفح الجبل، فقالوا: هرب عدو الله، فاتبعوه، فقال لهم عدي بن عميرة الشيباني: لا تعجلوا حتى نبصر الأرض لئلا يكون قد كمن فيها كميناً.
فلم يلتفتوا، فاتبعوه، فلما جازوا الكمين رجع عليهم شبيب وخرج أخوه في الكمين فانهزم الناس بغير قتال وثبت سفيان في نحو من مائتي رجل، فقاتلهم قتالاً شديداً، وحمل سويد بن سليم على سفيان فطاعنه، ثم تضاربا بالسيوف واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فوقعا إلى الأرض. ثم تحاجزوا وحمل عليهم شبيب فانكشفوا، وأتى سفيان غلام له فنزل عن دابته وأركبه وقاتل دونه، فقتل الغلام ونجا سفيان حتى انتهى إلى بابل مهروذ، وكتب إلى الحجاج بالخبر ويعرفه وصول الجند إلا سورة بن الحر فإنه لم يشهد معي القتال، فلما قرأ الحجاج الكتاب أثنى عليه.
ذكر الوقعة بين شبيب وسورة بن الحر  [ج3 (2/288) ]
فلما وصل كتاب سفيان إلى الحجاج كتب إلى سورة بن الحر يلومه ويتهدده ويأمره أن ينتخب من المدائن خمسمائة فارس ويسير بهم وبمن معه إلى شبيب. ففعل ذلك سورة وسار نحو شبيب، وشبيب يجول في جوخى، وسورة في طلبه، حتى انتهى إلى المدائن، فتحصنوا منه، وأخذ منها دواب وقتل من ظهر له، فأتى فقيل له: هذا سورة قد أقبل، فخرج حتى أتى النهروان، فصلوا وترحموا على أصحابهم الذين قتلهم علي وتبرأوا من علي وأصحابه. وأخبرت سورة عيونه بمنزل شبيب، فدعا أصحابه فقال: إن شبيباً لا يزيد على مائة رجل، وقد رأيت أن أنتخبكم فأسير في ثلاثمائة رجل من شجعانكم فآتيه وهو آمن بياتكم، فإني أرجو من الله أن يصرعهم. فأجابوه إلى ذلك، فانتخب ثلاثمائة وسار بهم نحو النهروان، وبات شبيب وقد أذكى الحرس، فلما دنا أصحاب سورة علموا بهم فاستووا على خيولهم وتعبوا تعبيتهم للحرب، فلما انتهى إليهم سورة رآهم قد حذروا، فحمل عليهم، فثبتوا له وضاربوهم، وصاح شبيب بأصحابه فحملوا عليهم حتى تركوا العرصة، وشبيب يقول:
من ينك العير ينك نياكا ... جندلتان اصطكتا اصطكاكا
فرجع سورة إلى عسكره وقد هزم الفرسان وأهل القوة، فتحمل بهم وأقبل نحو المدائن واتبعه شبيب يرجو أن يدركه فيصيب عسكره. فوصل إليهم وقد دخل الناس المدائن، وخرج ابن أبي العصيفر أمير المدائن في أهل المدائن فرموا أصحاب شبيب بالنبل والحجارة، فارتفع شبيب عن المدائن فمر على كلواذى فأصاب بها دواب كثرةً للحجاج، فأخذها ومضى إلى تكريت وأرجف الناس بالمدائن بوصول شبيب إليهم، فهرب من بها من الجند نحو الكوفة، وكان شبيب بتكريت، ولام الحجاج سورة وحبسه ثم أطلقه.
ذكر الحرب بين شبيب والجزل بن سعيد
وقتل سعيد بن مجالد

فلما قدم الفل الكوفة سير الحجاج الجزل بن سعيد بن شر حبيل الكندي، وأسمه عثمان، نحو شبيب، وأوصاه بالاحتياط وترك العجلة، فقال له: لا تبعث معي من الجند المهزوم أحداً فإنهم قد دخلهم الرعب ولا ينتفع بهم المسلمون. قال: قد أحسنت. فأخرج معه أربعة آلاف، فساروا معه، فقدم الجزل بين يديه عياض بن أبي لبنة الكندي، فساروا في طلب شبيب، وجعل شبيب يريه الهيبة له فيخرج من رستاق إلى رستاق ولا يقيم إرادة أن يفرق الجزل أصحابه فيلقاه وهو على غير تعبية. فجعل الجزل لا يسير إلا على تعبية ولا ينزل إلا خندق على نفسه.
فلما طال ذلك على شبيب دعة أصحابه وكانوا مائة وستين رجلاً، ففرقهم أربع فرق، على كل أربعين رجل من أصحابه، فجعل أخاه مصاداً في أربعين، وسويد بن سليم في أربعين، والمحلل بن وائل في أربعين، وبقي هو في أربعين، وأتته عيونه فأخبروه أن الجزل بدير يزدجرد، فأمر شبيب أصحابه فعلقوا على دوابهم، ثم سار بهم وأمر كل رأس من أصحابه أن يأتي الجزل من جهة ذكرها له، وقال: إني أريد أن أبيته، فحمل عليهم مصاد في أربعين رجلاً، فقاتلوه ساعةً ثم اندفعوا بين يديه، وقد أدركهم شبيب، فقال: اركبوا أكتافهم لتدخلوا عليهم عسكرهم إن استطعتم.
واتبعوهم ملحين فانتهوا إلى عسكرهم، فمنعهم أصحابه من دخول خندقهم، وكان للجزل مسالح أخرى، فرجعت فمنعتهم من دخول الخندق، وقال: انضحوا عنكم بالنبل.
وجعل شبيب يحمل على المسالح حتى اضطرهم إلى الخندق، ورشقهم أهل العسكر بالنبل. فلما رأى شبيب أنه لا يصل إليه قال لأصحابه: سيروا ودعوهم. فمضى على الطريق ثم نزل هو وأصحابه فاستراحوا، ثم أقبل بهم راجعاً إلى الجزل أيضاً على التعبية الأولى وقال: أطيفوا بعسكرهم. فأقبلوا وقد أدخل أهل العسكر مسالحهم إليهم وقد أمنوا، فما شعروا إلا بوقع حوافر الخيل، فانتهوا إليهم قبل الصبح وأحاطوا بعسكرهم من جهاته الأربع فقاتلوهم.
ثم إن شبيباً أرسل إلى أخيه مصاد، وهو يقاتلهم من نحو الكوفة، أن أقبل إلينا وخل لهم الطريق، ففعل، وقاتلوهم من الوجوه الثلاثة حتى أصبحوا، فسار شبيب وتركهم ولم يظفر بهم فنزل على ميل ونصف ثم صلى الغداة ثم سار إلى جرجرايا.
وأقبل الجزل في طلبهم على تعبية ولا ينزل إلا في خندق. وسار شبيب في أرض جوخى وغيرها يكسر الخراج، فطال ذلك على الحجاج، فكتب إلى الجزل ينكر عليه إبطاءه ويأمره بمناهضتهم، فجد في طلبهم، وبعث الحجاج سعيد بن مجالد على جيش الجزل وأمره بالجد في قتال شبيب وترك المطاولة.  [ج3 (2/289) ]
فوصل سعيد إلى الجزل، وهو بالنهروان قد خندق عليه، وقام في العسكر ووبخهم وعجزهم، ثم خرج وأخرج معه الناس وضم إليه خيول أهل العسكر ليسير بهم جريدةً إلى شبيبٍ ويترك الباقين مكانهم، فقال له الجزل: ما تريد أن تصنع؟ قال: أقدم على شبيب في هذه الخيل. فقال له الجزل: أقم أنت في جماعة الناس فارسهم وراجلهم وأبرز لهم، فوالله ليقدمن عليك، ولا تفرق أصحابك. فقال: قف أنت في الصف. فقال الجزل: يا سعيد ليس لي في ما صنعت رأي، أنا بريء منه.
ووقف الجزل فصف أهل الكوفة وقد أخرجهم من الخندق. وتقدم سعيد بن مجالد ومعه الناس، وقد أخذ شبيب إلى قطيطيا فدخلها، وأمر دهاقاً أن يصلح لهم غداء، ففعل وأغلق الباب، يفرغ من الغداء حتى أتاه سعيد في ذلك العسكر، فأقبل الدهقان فأعلم شبيباً بهم، فقال: لا بأس، قرب الغداء، فقربه، فأكل وتوضأ وصلى ركعتين وركب بغلاً له وخرج عليه، وسعيد على باب المدينة، فحمل عليهم فقال: لا حكم إلا للحكم الحكيم، أنا أبو مدله، اثبتوا إن شئتم.
وجعل سعيد يقول: هؤلاء إنما هم أكلة رأس، وجعل يجمع خليه ويرسلها في أثر شبيب، فلما رأى شبيب تفرقهم جمع أصحابه وقال: استعرضوهم فوالله لأقتلن أميرهم أو ليقتلني. وحمل عليهم مستعرضاً، فهزمهم، وثبت سعيد ونادى أصحابه، فحمل عليه شبيب فضربه بالسيف فقتله، وانهزم ذلك الجيش وقتلوا حتى انتهوا إلى الجزل، فناداهم: أيها الناس إلي إلي وقاتل قتالاً شديداً حتى حمل من بين القتلى جريحا، وقدم المنهزمون الكوفة، وكتب الجزل إلى الحجاج بالخبر ويخبره بقتل سعيد وأقام بالمدائن، وكتب إليه الحجاج يثني عليه ويشكره، وأرسل إليه حيان بن أبهر ليداوي جراحه وألفي درهم لينفقها، وبعث إليه عبد الله بن أبي عصيفر بألف درهم، فكان يعوده ويتعاهده بالهدية.
وسار سبيب نحو المدائن، فعلم أنه لا سبيل له إلى أهلها مع المدينة، فأقبل حتى انتهى إلى الكرخ فعبر دجلة إليها، فأرسل إلى السوق بغداد فآمنهم، وكان يوم سوقهم، وبلغه أنهم يخافونه، واسترى أصحابه دواب وأشياء يريدونها.
ذكر مسير شبيب إلى الكوفة
ثم سار إلى الكوفة فنزل عند حمام عمير بن سعد، فلما بلغ الحجاج مكانه بعث سويد بن عبد الرحمن السعدي في ألفي رجل إليه، وقال له: الق شبيباً فإن استطرد لك فلا تتبعه.
فخرج وعسكر بالسبخة، فبلغه أن شبيباً قد أقبل فسار نحوه، فكأنما يساقون إلى الموت، فأمر الحجاج عثمان بن قطن فعسكر بالناس في السبخة، وسار سويد إلى زرارة فهو يعبئ أصحابه إذ قيل قد أتاك شبيب، فنزل ونزل معه جل أصحابه، فأخبر أن شبيباً قد تركك وعبر الفرات وهو يريد الكوفة من وجه آخر، فنادى في أصحابه فركبوا في آثارهم، وبلغ من بالسبخة مع عثمان إقبال شبيب إليهم، فصاح بعضهم ببعض وهموا أن يدخلوا الكوفة حتى قيل لهم: إن سويداً في آثارهم قد لحقهم وهو يقاتلهم، وحمل شبيب على سويد ومن معه حملةً منكرة، فلم يقدر منهم على شيء، وأخذ على بيوت الكوفة نحو الحيرة، وذلك عند المساء، وتبعه سويد إلى الحيرة، فرآه قد ترك الحيرة وذهب، فتركه سويد وأقام حتى أصبح، وأرسل إلى الحجاج يعلمه بمسير شبيب.
ذكر محاربة شبيب أهل البادية
وكتب الحجاج إلى سويد يأمره باتباعه، فاتبعه، ومضى شبيب حتى أغار أسفل الفرات على من وجد من قومه وارتفع في البر وراء خفان فأصاب رجالاً من بني الورثة، فقتل منهم ثلاثة عشر رجلاً، منهم حنظلة بن مالك، ومضى شبيب حتى أتى بني أبيه على اللصف، وعلى ذلك الماء الفزر بن الأسود، وهو أحد بني الصلت، وكان ينهى شبيباً عن رأيه، وكان شبيب يقول: لئن ملكت وانهزم منه الرجال ورجع وقد أخاف أهل البادية فأخذ على القطقطانة ثم على قصر بني مقاتل ثم على الحصاصة ثم على الأنبار، ومضى حتى دخل دقوقاء، ثم ارتفع إلى أداني أذربيجان.
فلما أبعد سار الحجاج إلى البصرة واستخلف على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة. فما شعر الناس إلا وقد أتاهم كتاب دهقان بابل مهروذ إلى عروة يذكر له أن بعض جباة الخراج أخبره أن شبيباً قد نزل خانيجار، وهو على قصد الكوفة، فأرسل عروة الكتاب إلى الحجاج بالبصرة فأقبل مجداً نحو الكوفة يسابق شبيباً إليها.
ذكر دخول شبيب الكوفة
 [ج3 (2/290)]
وأقبل شبيب إلى قرية اسمها حربى، فقال: حرب يصلى بها عدوكم، ثم سار فنزل عقر قوف، فقال له سويد بن سليم: يا أمير المؤمنين لو تحولت من هذه القرية المشؤومة الاسم.
قال: وقد تطيرت أيضاً! والله لا أسير إلى عدوي إلا منها، وإنما شؤمها على عدونا والعقر لهم، إن شاء الله.
ثم سار منها يبادر الحجاج إلى الكوفة، وكانت كتب عروة ترد عليه، أعني الحجاج، يحثه على العجل إليهم، فطوى الحجاج المنازل، فنزلها الحجاج صلاة العصر، ونزل شبيب بالسبخة صلاة المغرب، فأكلوا شيئاً ثم ركبوا خيولهم فدخلوا الكوفة وبلغوا السوق، وضرب شبيب باب القصر بعموده فأثر فيه أثراً عظيماً، ثم وقف عند المصطبة وقال:
عبد دعي من ثمودٍ أصله ... لابل يقال أبو أبيهم يقدم
يعني الحجاج؛ فإن بعض الناس يقول: إن شقيقاً بقايا ثمود، وبعضهم يقول: هم من نسل يقدم الإيادي.
ثم اقتحموا المسجد الأعظم، وكان لا يزال فيه قوم يصلون، فقتلوا عقيل بن مصعب الوادعي وعدي بن عمرو الثقفي وأبا ليث بن أبي سليم ومروا بدار حوشب، وهو على الشرط، فقالوا: إن الأمير يطلبه، فأراد الركوب ثم أنكرهم فلم يخرج إليهم، فقتلوا غلامه، ثم أتى الجحاف بن نبيط الشيباني فقال له: انزل لنقضيك ثمن البكرة التي اشتريت منك بالبادية. فقال الجحاف: أما ذكرت أمانتك إلا والليل أظلم وأنت على فرسك يا سويد؟ قبح الله ديناً لا يصلح إلا بإراقة الدماء وقتل القرابة.
ثم مروا بمسجد ذهل فرأوا ذهل بن الحارث، وكان يطيل الصلاة فيه، فقتلوه، ثم خرجوا من الكوفة فاستقبلهم النضر بن قعقاع بن شور الذهلي، فقال له: السلام عليك أيها الأمير.
فقال له سويد: أمير المؤمنين ويلك! فقال: أمير المؤمنين. فقال له شبيب: يا نضر لاحكم إلا لله، وأراد يلعنه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فشد أصحاب شبيب عليه فقتلوه، وكان قد أقبل مع الحجاج من البصرة فتخلف عنه وكانت أم النضر ناجية بنت هانئ بن قبصة الشيباني فأحب شبيب نجاته.
ثم خرجوا نحو المردمة وأمر الحجاج منادياً فنادى: يا خيل الله اركبي، وهو فوق باب القصر، وعنده مصباح، فكان أول من أتاه عثمان بن قطن بن عبد الله بن الحصين ذي القصة، فقال: أعلموا الأمير بمكاني. فقال له غلام للحجاج: قف بمكانك. وجاء الناس من كل جانب.
ثم إن الحجاج بعث بشر بن غالب الأسدي في ألفي رجل، وزائدة بن قدامة الثقفي في ألفي رجل، وأبا الضريس مولى بني تميم في ألفي رجل، وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وزياد بن عمرو العتكي.
وكان عبد الملك بن مروان قد استعمل محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله على سجستان، وكتب إلى الحجاج ليجهزه ويسيره سريعاً في ألف رجل إلى عمله، فأقام يتجهز، وحدث من أمر شبيب ما حدث، فقال له الحجاج: تلقى شبيباً وهذه الخارجة فتجاهدهم ويكون الظفر لك ويطير اسمك ثم تمضي إلى عملك. فسيره معهم، وقال لهؤلاء الأمراء: إن كان حرب فأميركم زائدة بن قدامة. فسار هؤلاء الأمراء فنزلوا أسفل الفرات، فترك شبيب الوجه الذي هم فيه وأخذ نحو القادسية.
ذكر محاربة شبيب زحر بن قيس
ووجه الحجاج جريدة خيلٍ نقاوة ألف وثمانمائة فارس مع زحر بن قيس، وقال له: اتبع شبيباً حتى تواقعه أين أدركته إلا أن يكون ذاهباً فاتركه ما لم يعطف عليك أو يقيم. فخرج زحر حتى انتهى إلى السيلحين، وأقبل شبيب نحوه، فالتقيا، فجمع شبيب خيله ثم اعترض بهم الصف حتى انتهى إلى زحر، فقاتل زحر حتى صرع وانهزم أصحابه وظنوا أنهم قتلوه، فلما كان السحر وأصابه البرد قام يتمشى حتى دخل قرية فبات بها وحمل منها إلى الكوفة وبوجهه وبرأسه بضع عشرة جراحة، فمكث أياماً ثم أتى الحجاج فأجلسه معه على السرير، وقال لمن حوله: من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين الناس وهو شهيد فلينظر إلى هذا.
ذكر محاربة الأمراء المقدم ذكرهم وقتل محمد بن موسى بن طلحة
فلما هزم أصحاب زحر قال أصحاب شبيب لشبيب: قد هزمنا لهم جنداً، انصرف بنا الآن وافرين. فقال لهم: هذه الهزيمة قد أرعبت هؤلاء الأمراء والجنود الذين في طلبكم، فاقصدوا بنا نحوهم فوالله لئن قاتلناهم فما دون الحجاج مانع ونأخذ الكوفة إن شاء الله تعالى. فقالوا: نحن لرأيك تبع.  [ج3 (2/291)]
فسار وسأل عن الأمراء فأخبر أنهم بروذبار على أربعة وعشرين فرسخاً من الكوفة، فقصدهم، فأرسل إليهم الحجاج يعلمهم بمسيره ويقول لهم: إن أمير الجماعة زائدة بن قدامة.
وانتهى إليهم شبيب وقد تعبأوا للحرب، فكان على ميمنة أهل الكوفة زياد بن عمرو العتكي، وفي ميسرتهم بشر بن غالب الأسدي، وكل أمير واقف في أصحابه، وأقبل شبيب على فرس كميت أغر في ثلاث كتائب، كتيبة فيها سويد بن سليم، فوقف بإزاء الميمنة، وكتبة فيها مصاد، أخو شبيب، فوقف بإزاء الميسرة، ووقف شبيب مقابل القلب.
فخرج زائدة بن قدامة يسير في الناس ويحثهم على الجهاد لعدوهم والقتال ويطمعهم في عدوهم لقلته وباطله وكثرتهم وأنهم على الحق، ثم انصرف إلى موقفه، فحمل سويد بن سليم على زياد بن عمرو، فانكشفوا وثبت زياد في نحو من نصف أصحابه، ثم ارتفع عنهم سويد قليلاً ثم حمل عليهم ثانيةً، فتطاعنوا ساعةً وصبر زياد ساعةً وقاتل زياد قتالاً شديداً وقاتل سويد أيضاً قتالاً شديداً، وإنه لأشجع العرب، ثم ارتفع سويد عنهم وإذا أصحاب زياد يتفرقون، فقال لسويد أصحابه: ألا تراهم يتفرقون؟ احمل عليهم. فقال لهم شبيب: خلوهم حتى يخفوا؛ فتركهم قليلاً ثم حمل الثالثة فانهزموا، وأخذت زياد بن عمرو السيوف من كل جانب، فما ضره منها شيء للبسة التي عليه، ثم إنه انهزم وقد جرح جراحةً يسيرة، وذلك عند المساء.
ثم حملوا على عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فهزموه، ولم يقاتل كثيراً، ولحق بزياد بن عمرو، فمضيا منهزمين، وحملت الخوارج حتى انتهت إلى محمد بن موسى بن طلحة عند المغرب فقاتلوه قتالاً شديداً وصبر لهم، ثم إن مصاداً أخا شبيب حمل على بشر بن غالب وهو في ميسرة أهل الكوفة، فصبر بشر ونزل معه نحو خمسين رجلاً، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم وانهزم أصحابه.
وحملت الخوارج على أبي الضريس مولى بني تميم، وهو يلي بشر بن غالب، فهزموه، حتى انتهى إلى موقف أعين فهزموهما، حتى انتهوا بهما إلى زائدة ابن قدامة، فلما انتهوا إليه نادى: يا أهل الإسلام! الأرض الأرض، لا يكونوا على كفرهم أصبر منكم على إيمانكم. فقاتلهم عامة الليل حتى كان السحر.
ثم إن شبيباً حمل عليه في جماعة من أصحابه فقتله وقتل أصحابه وتركهم ربضة حوله.
ولما قتل زائدة دخل أبو الضريس وأعين جوسقاً عظيماً، وقال شبيب لأصحابه: ارفعوا السيف عن الناس وادعوهم إلى البيعة. فدعوهم إلى البيعة عند الفجر فبايعوه. وكان فيمن بايعه أبو بردة بن أبي موسى، فقال شبيب لأصحابه: هذا ابن أحد الحكمين. فأرادوا قتله، فقال شبيب: ما ذنب هذا؟ وتركه، وسلموا على شبيب بإمرة المؤمنين وخلى سبيلهم، فبقوا كذلك حتى انفجر الفجر، فلما ظهر الفجر أمر محمد بن موسى مؤذنه فأذن، وكان لم ينهزم، فسمع شبيب الأذان فقال: ما هذا؟ قالوا: محمد بن موسى بن طلحة لم يبرح. فقال: قد ظننت أن حمقه وخيلاءه يحمله على هذا. ثم نزل شبيب فأذن هو وصلى بأصحابه الصبح ثم ركبوا فحملوا على محمد وأصحابه، فانهزمت طائفة منهم وثبتت معه طائفة، فقتل حتى قتل، وأخذت الخوارج ما كان في العسكر وانهزم الذين كانوا بايعوا شبيباً فلم يبق منهم أحد.
ثم أتى شبيب الجوسق الذي فيه أعين وأبو الضريس فتحصنوا منه، فأقام عليهم ذلك اليوم وسار عنهم. فقال أصحابه: ما دون الكوفة أحد يمنع، فنظر وإذا أصحابه قد جرحوا، فقال لهم: ما عليكم أكثر مما فعلتم. فخرج بهم على نفر ثم على الصراة فأتى خانيجار فأقام بها. فبلغ الحجاج ميسره نحو نفر فظن أنه يريد المدائن، وهي باب الكوفة، ومن أخذها كان في يده من السواد أكثره، فهال ذلك الحجاج فبعث عثمان بن قطن أميراً على المدائن وجوخى والأنبار وعزل عنها عبد الله بن أبي عصيفر، وكان بها الجزل يداوي جراحته، فلم يتعهده عثمان كما كان ابن أبي عصيفر يفعل، فقال الجزل: اللهم زد ابن أبي عصيفر جوداً وفضلاً، وزد عثمان بن قطن بخلاً وضيقاً.  [ج3 (2/292) ]
وقد قيل في مقتل محمد بن موسى غير هذا، والذي ذكر من ذلك أن محمد بن موسى كان قد شهد مع عمر بن عبيد الله بن معمر قتال أبي فديك، وكان شجاعاً ذا بأس، فزوجه عمر ابنته، وكانت أخته تحت عبد الملك بن مروان، فولاه سجستان، فمر بالكوفة وفيها الحجاج فقيل له: إن صار هذا بسجستان مع صهره، لعبد الملك، فلجأ إليه أحد ممن تطلب منعك منه. فقال: وما الحيلة؟ قال: تأتيه وتسلم عليه وتذكر نجدته وبأسه، وأن شبيباً في طريقه وأنه قد أعياك وترجو أن يريح الله منه على يده فيكون له ذكره وفخره.
ففعل الحجاج ذلك، فأجابه محمد وعدل إلى شبيب، فأرسل إليه شبيب: غنك مخدوع وإن الحجاج قد اتقى بك وأنت جار لك حق فانطلق لما أمرت به ولك الله لا أؤذيك. فأبى إلا محاربته، فواقفه شبيب وأعاد إليه الرسول، فأبى وطلب البراز، فبرز إليه البطين بن قعنب وسويد بن سليم، فأبى إلا شبيباً - فقالوا ذلك لشبيب، فبرز شبيب إليه وقال له: أنشدك الله في دمك فإن لك جواراً، فأبى، فحمل شبيب عليه فضربه بعمود حديد وزنه اثنا عشر رطلاً بالشامي، فهشم البيضة ورأسه، فسقط ميتاً، ثم كفنه ودفنه وابتاع ما غنموا من عسكره فبعثه إلى أهله واعتذر إلى أصحابه، وقال: هو جاري ولي أن أهب ما غنمت لأهل الردة.
ذكر محاربة شبيب وقتل عثمان بن قطن
ذكر محاربة شبيب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وقتل عثمان بن قطن
ثم إن الحجاج دعا عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وأمره أن ينتخب من الناس ستة آلاف فارس ويسير في طلب شبيب أين كان، ففعل ذلك وسار نحوه، وكتب الحجاج إليه وإلى أصحابه يتهددهم بالقتل والتنكيد إن انهزموا. فوصل عبد الرحمن إلى المدائن، فأتى الجزل يعوده من جراحته، فأوصاه الجزل بالاحتياط وحذره من شبيب وأصحابه وأعطاه فرساً كانت له تسمى الفسيفساء، وكانت لا تجارى، ثم ودعه عبد الرحمن وسار إلى شبيب.
فسار شبيب إلى دقوقاء وشهرزور، فخرج عبد الرحمن في طلبه حتى إذا كان بالتخوم وقف وقال: هذه أرض الموصل فليقاتلوا عنها. فكتب إليه الحجاج: أما بعد فاطلب شبيباً واسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فتقتله أو تنفيه، فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين والجند جنده والسلام.
فخرج عبد الرحمن في أثر شبيب، فكان شبيب يدعه حتى يدنو منه فيبيته فيجده قد خندق على نفسه وحذر، فيتركه ويسير، فيتبعه عبد الرحمن. فإذا بلغ شبيباً مسيره أتاهم وهم سائرون فيجدهم على تعبية فلا يصيب منه غرة، ثم جعل إذا دنا منه عبد الرحمن يسير عشرين فرسخاً أو ما يقاربها فينزل في أرض خشنة غليظة ويتبعه عبد الرحمن، فإذا دنا منه فعل مثل ذلك حتى عذب ذلك الجيش وشق عليه وأحفى دوابهم ولقوا منه كل بلاء، ولم يزل عبد الرحمن يتبعه حتى مر به على خانقين وجلولاء وسامراً، ثم أقبل إلى البيت، وهي من قرى الموصل، ليس بينها وبين سواد الكوفة إلا نهر حولايا، وهو في راذان الأعلى من أرض جوخى، ونزل عبد الرحمن في عواقيل من النهر لأنها مثل الخندق.
فأرسل شبيب إلى عبد الرحمن يقول: إن هذه الأيام عيد لنا ولكم، يعني عيد النحر، فهل لك في الموادعة حتى تمضي هذه الأيام؟ فأجابه إلى ذلك، وكان يحب المطاولة، وكتب عثمان بن قطن إلى الحجاج: أما بعد فإن عبد الرحمن قد حفر جوخى كلها خندقاً واحداً وكسر خراجها وخلى شبيباً يأكل أهلها، والسلام. فكتب إليه الحجاج يأمره بالمسير إلى الجيش وجعله أميرهم وعزل عنهم عبد الرحمن، وبعث الحجاج إلى المدائن مطرف بن المغيرة بن شعبة، وسار عثمان حتى قدم على عبد الرحمن وعسكر الكوفة، فوصل عشية الثلاثاء يوم التروية، فنادى الناس وهو على بغلة: أيها الناس اخرجوا إلى عدوكم. فوثب إليه الناس وقالوا: هذا المساء قد غشينا والناس لم يوطنوا أنفسهم على الحرب، فبت الليلة ثم اخرج على تعبية، وهو يقول: لأناجزنهم فلتكونن الفرصة لي أو لهم. فأتاه عبد الرحمن فأنزله.
وكان شبيب قد نزل ببيعة البت، فأتاه أهلها فقالوا له: أنت ترحم الضعفاء وأهل الذمة ويكلمك من تلي عليه ويشكون إليك فتنظر إليهم، وإن هؤلاء جبابرة لا يكلمون ولا يقبلون العذر، والله لئن بلغهم أنك مقيم في بيعتنا ليقتلننا إذا ارتحلت عنا، فإن رأيت أن تنزل جانب القرية ولا تجعل علينا مقالاً فافعل. فخرج عن البيعة فنزل جانب القرية.  [ج3 (2/293) ]
وبات عثمان ليلته كلها يحرض أصحابه، فلما أصبح يوم الأربعاء خرج بالناس كلهم، فاستقبلهم ريح شديدة وغبرة شديدة، فصاح الناس وقالوا له: ننشدك الله أن تخرج بنا والريح علينا. فأقام بهم ذلك اليوم، ثم خرج بهم يوم الخميس وقد عبأ الناس، فجعل في الميمنة خالد بن نهيك بن قيس، وعلى الميسرة عقيل بن شداد السلولي، ونزل هو في الرجالة، وعبر شبيب النهر إليهم، وهو يومئذٍ في مائة وأحد وثمانين رجلاً، فوقف هو في الميمنة وجعل أخاه مصاداً في القلب، وجعل سويد بن سليم في الميسرة، وزحف بعضهم إلى بعض.
وقال شبيب لأصحابه: إني حامل على ميسرتهم مما يلي النهر فإذا هزمتها فليحمل صاحب ميسرتي على ميمنتهم ولا يبرح صاحب القلب حتى يأتيه أمري.
وحمل على ميسرة عثمان فانهزموا، ونزل عقيل بن شداد فقاتل حتى قتل، وقتل أيضاً مالك بن عبد الله الهمداني عم عياش بن عبد الله المنتوف، ودخل شبيب عسكرهم، وحمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها وعليها خالد بن نهيك، فقاتله قتالاً شديداً، وحمل شبيب من ورائه فقتله.
وتقدم عثمان بن قطن وقد نزل معه العرفاء وأشراف الناس والفرسان نحو القلب، وفيه مصاد أخو شبيب في نحو من ستين رجلاً، فلما دنا منهم عثمان شد عليهم فيمن معه فضاربوهم حتى فرقوا بينهم، وحمل شبيب بالخيل من ورائهم، فما شعر عثمان ومن معه إلا والرماح في أكتافهم تكبهم لوجوههم، وعطف عليهم سويد بن سليم أيضاً في خيله، ورجع مصاد وأصحابه فاضطربوا ساعةً، وقاتل عثمان بن قطن أحسن قتال، ثم إنهم أحاطوا به وضربه مصاد أخو شبيب ضربة بالسيف استدار لها وقال: " وكان أمر الله مفعولاً " الأحزاب:37، ثم إن الناس قتلوه ووقع عبد الرحمن، فاتاه ابن أبي سبرة الجعفي، وهو على بغله، فعرفه فأركبه معه ونادى في الناس: الحقوا بدير أبي مريم؛ ثم انطلقا ذاهبين.
ورأى واصل السكوني فرس عبد الرحمن التي أعطاه الجزل تجول في العسكر، فأخذها بعض أصحاب شبيب، فظن أنه قتل فطلبه في القتلى فلم يجده، فسأل عنه فأعطي خبره، فاتبعه واصل على برذونه ومعه غلامه على بغل، فلما دنا منهما نزل عبد الرحمن وابن أبي سبرة ليقاتلا، فلما رآهما واصل عرفهما وقال: إنكما تركتما النزول في موضعه فلا تنزلا الآن! وحسر عمامته عن وجهه فعرفاه، وقال لابن الأشعث: قد أتيتك بهذا البرذون لتركبه، فركبه وسار حتى نزل دير البقار.
وأمر شبيب أصحابه فرفعوا السيف عن الناس ودعاهم إلى البيعة فبايعوه وقتل من كندة يومئذٍ مائة وعشرون، وقتل معظم العرفاء.
وبات عبد الرحمن بدير البقار، فأتاه فارسان فصعدا إليه، فخلا أحدهما بعبد الرحمن طويلاً ثم نزل فتبين أن ذلك الرجل كان شبيباً، وقد كان بينه وبين عبد الرحمن مكاتبة، وسار عبد الرحمن حتى أتى دير أبي مريم، فاجتمع الناس إليه وقالوا له: إن سمع شبيب بمكانك أتاك فكنت له غنيمة. فخرج إلى الكوفة واختفى من الحجاج حتى أخذ له الأمان منه.
ذكر ضرب الدراهم والدنانير الإسلامية
وفي هذه السنة ضرب عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم، وهو أول من أحدث ضربها في الإسلام، فانتفع الناس بذلك.
وكان سبب ضربها أنه كتب في صدور الكتب إلى الروم: " قل هو الله أحد " الإخلاص: 1، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، مع التاريخ، فكتب إليه ملك الروم: إنكم قد أحدثتم كذا وكذا فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكرنا نبيكم ما تكرهون. فعظم ذلك عليه. فأحضر خالد بن يزيد بن معاوية فاستشاره فيه، فقال: حرم دنانيرهم واضرب للناس سكةً فيها ذكر الله تعالى. فضرب الدنانير والدراهم.
ثم إن الحجاج ضرب الدراهم ونقش فيها: " قل هو الله أحد " ، فكره الناس ذلك لمكان القرآن لأن الجنب والحائض يمسها، ونهى أن يضرب أحد غيره، فضرب سمير اليهودي، فأخذه ليقتله، فقال له: عيار درهمي أجود من دراهمك فلم تقتلني؟ فلم يتركه، فوضع للناس سنج الأوزان ليتركه فلم يفعل، وكان الناس لا يعرفون الوزن إنا يزنون بعضها ببعض، فلما وضع لهم سيمر السنج كف بعضهم عن غبن بعض.  [ج3 (2/294)]
وأول من شدد في أمر الوزن وخلس الفضة أبلغ من تخليص من قبله عمر بن هبيرة أيام يزيد بن عبد الملك، وجود الدراهم، وخلص العيار واشتد فيه. ثم كان خالد بن عبد الله القسري أيام هشام بن عبد الملك فاشتد أكثر من ابن هبيرة. ثم ولي يوسف بن عمر فأفرط في الشدة، فامتحن يوماً العيار فوجد درهماً ينقص حبة فضرب كل صانع ألف سوط. وكانوا مائة صانع، فضرب في حبة مائة ألف سوط. وكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية، ولم يكن المنصور يقبل في الخراج غيرها، فسميت الدراهم الأولى مكروهة.
وقيل: إن المكروهة الدراهم التي ضربها الحجاج ونقش عليها: " قل هو الله أحد " ، فكرهها العلماء لأجل مس الجنب والحائض.
وكانت دراهم الأعجام مختلفة كباراً وصارا، وكانوا يضربون مثقالاً، وهو وزن عشرين قيرطاً، ومنها وزن اثني عشر قيراطاً، ومنها وزن عشرة قراريط، وهي أصناف المثاقيل، فلما ضرب الدراهم في الإسلام أخذوا عشرين قيراطاً واثني عشر قيراطاً وعشرة قراريط فوجدوا ذلك اثنين وأربعين قيراطاً فضربوا على الثلث من ذلك، وهو أربعة عشر قيراطاً، فوزن الدرهم العربي أربعة عشر قيراطاً، فصار وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل.
وقيل: إن مصعب بن الزبير ضرب دراهم قليلة أيام أخيه عبد الله بن الزبير، ثم كسرت بعد ذلك أيام عبد الملك.
والأول أصح في أن عبد الملك أول من ضرب الدراهم والدنانير.

ذكر عدة حوادث
في هذه السنة وفد يحيى بن الحكم على عبد الملك. وفيها ولى عبد الملك المدينة أبان بن عثمان. وفيها ولد مروان بن محمد بن مروان. وأقام الحج للناس هذه السنة أبان بن عثمان، وهو أمير المدينة. وكان على العراق الحجاج، وعلى خراسان أمية بن عبد الله بن خالد، وعلى قضاء الكوفة شريح، وعلى قضاء البصرة زرارة بن أوفى. وفيها غزا محمد بن مروان الروم من ناحية ملطية. وفيها مات حبة بن جوين العرني صاحب علي.
حبة بالحاء المهملة، وبالباء الموحدة، وهو منسوب إلى عرنة، بالعين المهملة المضمومة، والراء المهملة، والنون. [ج3 (2/295)]

 

This site was last updated 06/17/11