Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

الخليفة الخامس لبنى أمية : أبو الوليد / عبد الملك بن مروان بن الحكم

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الخليفة عبد الملك بن مروان والبذخ
الخوارج والخليفة عبد الملك
سنة ست وستين
سنة سبع وستين
سنة ثمان وستين
سنة تسع وستين
سنة سبعين
سنة إحدى وسبعين
سنة اثنتين وسبعين
سنة ثلاث وسبعين
سنة أربع وسبعين
سنة خمس وسبعين
سنة ست وسبعين
سنة سبع وسبعين
سنة 78 و 79
سنة ثمانين
سنة إحدى وثمانين
سنة اثنتين وثمانين
سنة ثلاث وثمانين
سنة أربع وثمانين
سنة 86 وفاة عبد الملك

*******************************************************************************

فى سنة 24 للهجره ولد عبد الملك بن مروان نشأ وتربى في المدينة المنورة فقد كان أبوه مروان بن الحكم واليًا عليها في عهد معاوية بن أبي سفيان، فدرس "عبد الملك" العلوم الإسلامية وانتقل إلى دمشق مع أبية وتكونت شخصيته القيادية في دمشق  التى أصبحت فيما بعد عاصمة خلافة الأسرة الأموية وكان شاعرا وأديبا وخطيبا. وكان يقود جيشه بنفسه  وكانت دولة الخلافة الإسلامية مقسمة بين خلافتين . كانت اسرة الخلافة الأموية تحكم مصر والشام بينما العراق والحجاز تحت خلافة عبد الله ابن الزبير الذي كان يدير خلافته من مكة. بعث عبد الملك بن مروان بالحجاج بن يوسف الثقفي لكي يبسط نفوذ الأمويين  ونجح فى ضم  كامل أراضي الدول المحتلة إلى خلافة ألأسرة ألأموية 
 لقب بـ"أب الملوك" إذ أن 4 من ابنائه تولوا الخلافة من بعده (الوليد - سليمان - يزيد الثاني وهشام).

الخليفة الخامس لبنى أمية : أبو الوليد / عبد الملك بن مروان بن الحكم  (حكم: 65 هـ-86 هـ/685-705م)

وكان عبد الملك صاحب الخطيئة التى طبقت الأرض وشملت , وهى توليته الحجاج بن يوسف الثقفى فاتك العباد , وقاتل العباد , ومبيد الأوتاد , ومخرب البلاد , وخيبت أمة محمد الذى جاءت به النذر ورد فيه الأثر

وفي سنة 64 هـ وثب مروان بن الحكم على الأمر وبويع له بالخلافة‏.‏

فبينما هم في ذلك وصل الخبر من الشأم ببيعة مروان بن الحكم بالخلافة وأن أمره تم فصارت مصر معه في الباطن وفي الظاهر لابن الزبير حتى جهز مروان بن الحكم جيشًا مع ابنه عبد العزيز إلى أيلة ليدخل مصر من هناك‏.‏
ثم ركب مروان بن الحكم في جيوشه وجموعه وقصد مصر فلما بلغ عبد الرحمن بن جحدم ذلك استعذ لحربه وحفر خندقًا في شهر أو قريب من شهر وهو الذي بالقرافة‏.‏
وسار مروان حتى نزل مدينة عين شمس أعني المطرية خارج القاهرة فخرج إليه عبد الرحمن فتحاربوا يومًا أو يومين فكانت بين الفريقين مقتلة كبيرة‏.‏
ثم آل الأمر بينهما إلى الصلح واصطلحا على أن مروان يقر عبد الرحمن ويدفع إليه مالًا وكسوة ودخل مروان مصر في غرة جمادى الأولى سنة خمس وستين‏

قال ابن الأثير‏:‏ لما احترقت الكعبة حين غزا أهل الشأم عبد الله بن الزبير أيام يزيد بن معاوية تركها ابن الزبير يشنع بذلك على أهل الشأم‏.‏
فلما مات يزيد واستقر الأمر لابن الزبير شرع في بنائها فأمر بهدمها حتى التحقت بالأرض وكانت قد مالت حيطانها من حجارة المنجنيق وجعل الحجر الأسود عنده وكان الناس يطوفون من وراء الأساس وضرب عليها السور وأدخل فيها الحجر واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏"‏ لولا حدثان عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم - عليه السلام - وأزيد فيها من الحجر ‏"‏‏.‏
فحفر ابن الزبير فوجد أساسا أمثال الجبال فحركوا منها صخرة فبرقت بارقة فقال‏:‏ أقروها على أساسها وبنائها‏.‏
وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر وقيل كانت عمارتها سنة أربع وستين‏.‏
وفيها وجه مروان بن الحكم الخليفة حبيش بن دلجة في أربعة آلاف إلى المدينة وقال له‏:‏ أنت على ما كان عليه مسلم بن عقبة‏.‏
فسار حبيش ومعه عبيد الله بن الحكم أخو مروان وأبو الحجاج يوسف الثقفي وابنه الحجاج وهو شاب فجهز متولي البصرة من جهة ابن الزبير وهو عبيد الله التيمي جيشًا من البصرة فالتقوا مع حبيش بن دلجة في أول شهر رمضان فقتل حبيش بن دلجة وعبيد الله بن الحكم وأكثر الجيش وهرب من بقي وهرب يوسف وابنه الحجاج وفيها دعا عبد الله بن الزبير محمد بن الحنفية إلى بيعته فأبى محمد فحصره في شعب بني هاشم في جماعته وتوعدهم‏.‏
وفيها دخل المهلب بن أبي صفرة إلى خراسان أميرًا عليها من قبل ابن الزبير وحارب الأزارقة أصحاب ابن الأزرق وقاتلهم حتى كسرهم وقتل منهم أربعة آلاف وثمانمائة‏.‏
وفيها توفي الخليفة مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أبو عبد الملك القرشي الأموي

إلى أن وثب على الأمر بعد أولاد يزيد بن معاوية أعني معاوية وخالدًا وبويع بالخلافة فلم تطل مدته ومات في أول شهر رمضان‏.‏
وفي سبب موته خلاف كثير وعهد بالخلافة من بعده إلى ابنه عبد الملك ثم من بعده إلى ابنه عبد العزيز أمير مصر وكان أولًا أراد أن يعهد لخالد بن يزيد بن معاوية فإنه كان خلعه من الخلافة وتزوج بأمه ثم بدا له أن يعهد لولديه عبد الملك وعبد العزيز ثم ما كفاه فزبره وقال‏:‏ تنح يا بن رطبة الإست‏!‏ والله ما لك عقل وبلغ أم خالد ذلك فأضمرت له السوء فدخل مروان عليها وقال لها‏:‏ هل قال لك خالد شيئًا فأنكرت فنام عندها فوثبت هي وجواريها فعمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه وغمرته هي والجواري حتى مات ثم صرخن وقلن‏:‏ مات فجأة‏.‏
وقال الهيثم‏:‏ إنه مات مطعونًا بدمشق‏.‏
والله أعلم‏.‏

إلى أن وثب على الأمر بعد أولاد يزيد بن معاوية أعني معاوية وخالدًا وبويع بالخلافة فلم تطل مدته ومات في أول شهر رمضان‏.‏

وعبد الله هذا أمه أم ولد لأن أكبر إخوته الوليد ثم سليمان ثم مروان الأكبر - عرج - وعائشة وأمهم ولادة بنت العباس بن جزء بن الحارث بن زهير بن خزيمة ثم يزيد ومروان الأصغر ومعاوية وأم كلثوم وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثم هشام وأمه أم هشام بنت إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومية واسمها عائشة ثم أبو بكر وكان يعرف ببكار وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله ثم الحكم وأمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان ثم فاطمة وأمها أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ثم عبد الله هذا ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج لأمهات الأولاد‏.‏

وكان الوليد عند أهل الشأم من أفضل خلفائهم وكان صاحب بناء واتخاذ للمصانع والضياع فكان الناس يلتقون في زمانه فيسأل بعضهم بعضًا عن البناء ‏.‏
وكان سليمان بن عبد الملك صاحب طعام ونكاح فكان الناس يسأل بعضهم بعضًا عن النكاح والطعام‏.‏
وكان عمر بن عبد العزيز صاحب عبادة فكان الناس يسأل بعضهم بعضًا قلت‏:‏ ولم أذكر هذا كله إلا لما قدمناه من الحط على الوليد من أقوال المؤرخين فأردت أن أذكر من محاسنه أيضًا ما نقله غيرهم‏.‏

وفي سبب موته خلاف كثير وعهد بالخلافة من بعده إلى ابنه عبد الملك ثم من بعده إلى ابنه عبد العزيز أمير مصر وكان أولًا أراد أن يعهد لخالد بن يزيد بن معاوية فإنه كان خلعه من الخلافة وتزوج بأمه ثم بدا له أن يعهد لولديه عبد الملك وعبد العزيز ثم ما كفاه فزبره وقال‏:‏ تنح يا بن رطبة الإست‏!‏ والله ما لك عقل وبلغ أم خالد ذلك فأضمرت له السوء فدخل مروان عليها وقال لها‏:‏ هل قال لك خالد شيئًا فأنكرت فنام عندها فوثبت هي وجواريها فعمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه وغمرته هي والجواري حتى مات ثم صرخن وقلن‏:‏ مات فجأة‏.‏
وقال الهيثم‏:‏ إنه مات مطعونًا بدمشق‏.‏

وفي سنة 90 هـ توفي خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أبو هاشم الأموي الدمشقي أخو معاوية الرجل الصالح وعبد الله‏.‏  إن خالدًا هذا بويع بالخلافة بعد أخيه معاوية بن يزيد بن معاوية فلم يتم أمره ووثب مروان بن الحكم على الأمر وخلع خالدًا هذا وتزوج بأمه وقد مر ذكر قتلها له في ترجمة مروان ‏.‏
وكان خالد المذكور موصوفًا بالعلم والعقل والشجاعة وكان مولعًا بالكيمياء‏

 بموت الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في شهر رجب سنة إحدى ومائة وتولية يزيد بن عبد الملك بن مران الخلافة

واتفق المؤرخون والمحدثون على أنه: ( لما أراد معاوية أن يعقد ليزيد قال لأهل الشام: إن أمير المؤمنين قد كبر ودنا من أجله فما ترون ، وقد أردتم أن أولي رجلاً بعدي؟ فقالوا: عليك عبد الرحمن بن خالد ! فأضمرها ! واشتكى عبد الرحمن فأمر ابن أثال طبيباً كان له من عظماء الروم ، فسقاه شربة فمات). انتهى .
(الأوائل للعسكري ص132، وأنساب الأشراف ص1164، وتقدم من جمهرة الأمثال:2/376 وغيره

الجزء التالى من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء الثامن ( 123 من 239 ) وضعنا له فقط رؤوس مواضيع .

خلافة عبد الملك بن مروان
بويع له بالخلافة في حياة أبيه، فلما مات أبوه في ثالث رمضان منها جددت له البيعة بدمشق ومصر وأعمالهما، فاستقرت يده على ما كانت يد أبيه عليه، وقد كان أبوه قبل وفاته بعث بعثين‏:‏
أحدهما‏:‏ مع عبيد الله بن زياد إلى العراق لينتزعها من نواب ابن الزبير، فلقي في طريقه جيش التوابين مع سليمان بن صرد عند عين الوردة، فكان من أمرهم ما تقدم، من ظفره بهم، وقتله أميرهم وأكثرهم‏.‏
والبعث الآخر‏:‏ مع جيش بن دلجة إلى المدينة ليرتجعها من نائب ابن الزبير، فسار نحوها، فلما انتهى إليها هرب نائبها جابر بن الأسود بن عوف، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، فجهز نائب البصرة من قبل ابن الزبير وهو الحارث بن عبد الله بن ربيعة، جيشاً من البصرة إلى ابن دلجة بالمدينة، فلما سمع بهم حُبيش بن دلجة سار إليهم‏.‏
وبعث ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد نائباً عن المدينة، وأمره أن يسير في طلب حُبيش، فسار في طلبهم حتى لحقهم بالربذة، فرمى يزيد بن سياه حُبيشاً بسهم فقتله، وقتل بعض أصحابه وهزم الباقون، وتحصن منهم خمسمائة في المدينة، ثم نزلوا على حكم عباس بن سهل فقتلهم صبراً، ورجع فلُّهم إلى الشام‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ ولما دخل يزيد بن سياه الأسواري قاتل حبيش بن دلجة إلى المدنية مع عباس بن سهل كان عليه ثياب بياض وهو راكب برذوناً أشهب، فما لبث أن اسودت ثيابه ودابته مما يتمسح الناس به ومن كثرة ما صبوا عليه من الطيب و المسك‏.‏
وقال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة اشتدت شوكة الخوارج بالبصرة‏.‏
وفيها‏:‏ قتل نافع بن الأزرق وهو رأس الخوارج ورأس أهل البصرة، مسلم بن عبيس فارس أهل البصرة، ثم قتله ربيعة السلوطي وقتل بينهما نحو خمسة أمراء، وقتل في وقعة الخوارج قرة بن إياس المزني أبو معاوية، وهو من الصحابة‏.‏
ولما قتل نافع بن الأزرق رأست الخوارج عليهم عبيد الله بن ماحوز، فسار بهم إلى المدائن فقتلوا أهلها، ثم غلبوا على الأهواز وغيرها، وجبوا الأموال وأتتهم الأمداد من اليمامة والبحرين، ثم ساروا إلى أصفهان وعليها عتاب بن ورقاء الرياحي، فالتقاهم فهزمهم، ولما قتل أمير الخوارج ابن ماحوز كما سنذكر، أقاموا عليهم قطري بن الفجاءة أميراً‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/287‏)‏
ثم أورد ابن جرير قصة قتالهم مع أهل البصرة بمكان يقال له‏:‏ دولاب، وكانت الدولة للخوارج على أهل البصرة، وخاف أهل البصرة من الخوارج أن يدخلوا البصرة، فبعث ابن الزبير فعزل نائبها عبد الله بن الحارث المعروف‏:‏ بببّة، بالحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف‏:‏ بالقباع‏.‏
وأرسل ابن الزبير المهلب بن أبي صفرة الأزدي على عمل خراسان، فلما وصل إلى البصرة قالوا له‏:‏ إن قتال الخوارج لا يصلح إلا لك‏.‏
فقال‏:‏ إن أمير المؤمنين قد بعثني إلى خراسان، ولست أعصي أمره‏.‏
فاتفق أهل البصرة مع أميرهم الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على أن كتبوا كتاباً على لسان ابن الزبير إلى المهلب يأمره فيه بالمسير للخوارج ليكفهم عن الدخول إلى البصرة، فلما قرىء عليه الكتاب اشترط على أهل البصرة أن يقوي جيشه من بيت مالهم، وأن يكون له ما غلب عليه من أموال الخوارج، فأجابوه إلى ذلك‏.‏
ويقال‏:‏ إنهم كتبوا بذلك إلى ابن الزبير فأمضى لهم ذلك وسوّغه، فسار إليهم المهلب‏.‏
وكان شجاعاً بطلاً صنديداً، فلما أراد قتال الخوارج أقبلوا إليه يزفون في عدة لم ير مثلها من الدروع والزرود والخيول والسلاح، وذلك أن لهم مدة يأكلون تلك النواحي، وقد صار لهم تحمل عظيم مع شجاعة لا تدانا، وإقدام لا يسامى، وقوة لا تجارى، وسبق إلى حومة الوغى‏.‏
فلما تواقف الناس بمكان يقال له‏:‏ سل وسل أبرى اقتتلوا قتالاً شديداً عظيماً، وصبر كل من الفريقين صبراً باهراً، وكان في نحو من ثلاثين ألفاً، ثم إن الخوارج حملوا حملة منكرة، فانهزم أصحاب المهلب لا يلوي والد على ولد، ولا يلتفت أحد إلى أحد، ووصل إلى البصرة فُلاًّ لهم‏.‏
وأما المهلب فإنه سبق المنهزمين فوقف لهم بمكان مرتفع، وجعل ينادي‏:‏ إلى عباد الله، فاجتمع إليه من جيشه ثلاثة آلاف من الفرسان الشجعان، فقام فيهم خطيباً فقال في خطبته‏:‏
أما بعد، أيها الناس، فإن الله تعالى ربما يكل الجمع الكثير إلى أنفسهم فيهزمون، وينزل النصر على الجمع اليسير فيظهرون، ولعمري ما بكم الآن من قلة، وأنتم فرسان الصبر وأهل النصر، وما أحب أن أحداً ممن انهزموا معكم الآن‏:‏ ‏{‏لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً‏}‏‏[‏التوبة‏:‏ 47‏]‏‏.‏
ثم قال‏:‏ عزمت على كل رجل منكم إلا أخذ عشرة أحجار معه، ثم امشوا بنا إلى عسكرهم فإنهم الآن آمنون، وقد خرجت خيولهم في طلب إخوانكم، فوالله إني لأرجو أن لا ترجع خيولهم إلا وقد استبحتم عسكرهم، وتقتلوا أميرهم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/288‏)‏
ففعل الناس ذلك، فزحف بهم المهلب بن أبي صفرة على معشر الخوارج فقتل منهم خلقاً كثيراً نحواً من سبعة آلاف، وقتل عبيد الله بن الماحوز في جماعة كثيرة من الأزارقة، واحتاز من أموالهم شيئاً كثيراً‏.‏
وقد أرصد المهلب خيولاً بينه وبين الذين يرجعون من طلب المنهزمين، فجعلوا يقتطعون دون قومهم، وانهزم فلهم إلى كرمان وأرض أصبهان، وأقام المهلب بالأهواز حتى قدم مصعب بن الزبير إلى البصرة، وعزل عنها الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة كما سيأتي قريباً‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة وجّه مروان بن الحكم قبل مهلكه ابنه محمداً إلى الجزيرة، وذلك قبل مسيره إلى مصر‏.‏
قلت‏:‏ محمد بن مروان هذا هو والد مروان الحمار وهو مروان بن محمد بن مروان، وهو آخر خلفاء بني أمية، ومن يده استلبت الخلافة العباسيون كما سيأتي‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة عزل ابن الزبير أخاه عبيد الله عن إمرة المدينة وولاها أخاه مصعباً، وذلك أن عبيد الله خطب الناس فقال في خطبته‏:‏ وقد رأيتم ما صنع الله بقوم صالح في ناقة قيمتها خمسمائة درهم‏.‏
فلما بلغت أخاه قال‏:‏ إن هذا لهو التكلف، وعزله‏.‏
ويسمى عبيد الله مقِّوم الناقة لذلك‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي آخرها عزل ابن الزبير عن الكوفة عبد الله بن يزيد الخطمي، وولى عليها عبد الله بن مطيع الذي كان أمير المهاجرين يوم الحرة، لما خلعوا يزيد‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة كان الطاعون الجارف بالبصرة‏.‏
وقال ابن الجوزي في ‏(‏المنتظم‏)‏‏:‏ كان في سنة أربع وستين‏.‏
وقد قيل‏:‏ إنما كان في سنة تسع وستين، وهذا هو المشهور الذي ذكره شيخنا الذهبي وغيره، وكان معظم ذلك بالبصرة، وكان ذلك في ثلاثة أيام، فمات في أول يوم من الثلاثة من أهل البصرة سبعون ألفاً، وفي اليوم الثاني منها‏:‏ إحدى وسبعون ألفاً، وفي اليوم الثالث منه ثلاثة وسبعون ألفاً‏.‏
وأصبح الناس في اليوم الرابع موتى إلا قليل من آحاد الناس، حتى ذكر أن أم الأمير بها ماتت فلم يوجد لها من يحملها، حتى استأجروا لها أربعة أنفس‏.‏
وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني‏:‏ حدثنا عبيد الله، ثنا أحمد بن عصام، حدثني معدي، عن رجل، يكنى أبا النفيد، وكان قد أدرك من هذا الطاعون، قال‏:‏ كنا نطوف بالقبائل، وندفن الموتى، فلما كثروا لم نقو على الدفن، فكنا ندخل الدار وقد مات أهلها فنسد بابها عليهم‏.‏
قال‏:‏ فدخلنا داراً ففتشناها فلم نجد فيها أحداً حياً فسددنا بابها، فلما مضت الطواعين كنا نطوف فنفتح تلك السدد عن الأبواب، ففتحنا سدة الباب الذي كنا فتشناه - أو قال الدار التي كنا سددناه - وفتشناها فإذا نحن بغلام في وسط الدار طري دهين، كأنما أخذ ساعتئذ من حجر أمه‏.‏
قال‏:‏ فبينما نحن وقوف على الغلام نتعجب منه إذ دخلت كلبة من شق في الحائط فجعلت تلوذ بالغلام والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها‏.‏
قال معدي‏:‏ وأنا رأيت ذلك الغلام في مسجد البصرة وقد قبض على لحيته‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/289‏)‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة بنى عبد الله بن الزبير الكعبة البيت الحرام، يعني‏:‏ أكمل بناءها وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثني عبد العزيز بن خالد بن رستم الصنعاني، أبو محمد، حدثني زياد بن جبل‏:‏ أنه كان بمكة يوم كان عليها ابن الزبير، فسمعته يقول‏:‏
حدثتني أمي أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة‏:‏ ‏(‏‏(‏لولا قرب عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم فأزيد في الكعبة من الحجر‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فأمر ابن الزبير فحفروا فوجدوا تلاعاً أمثال الإبل، فحركوا منها تلعة - أو قال صخرة - فبرقت برقة فقال‏:‏ أقروها على أساسها، فبناها ابن الزبير وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر‏.‏
قلت‏:‏ هذا الحديث له طرق متعددة عن عائشة في ‏(‏الصحاح‏)‏، و‏(‏الحسان‏)‏، و‏(‏المسانيد‏)‏، وموضوع سياق طرق ذلك في كتاب ‏(‏الأحكام‏)‏ إن شاء الله تعالى‏.‏
وذكر ابن جرير في هذه السنة حروباً جرت بين عبد الله بن خازم بخراسان، وبين الحرشي ابن هلال القزيعي يطول تفصيلها‏.‏
قال‏:‏ وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن الزبير، وكان على المدينة مصعب بن الزبير، وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع، وعلى البصرة الحارث بن عبد الله ابن أبي ربيعة المخزومي‏.‏
وممن توفي فيها من الأعيان‏:‏ عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل أبو محمد السهمي، كان من خيار الصحابة وعلمائهم وعبادهم، وكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، أسلم قبل أبيه، ولم يكن أصغر من أبيه إلا باثني عشرة سنة‏.‏
وكان واسع العلم مجتهداً في العبادة، عاقلاً، وكان يلوم أباه في القيام مع معاوية، وكان سميناً، وكان يقرأ الكتابين القرآن والتوراة‏.‏
وقيل‏:‏ إنه بكى حتى عمي، وكان يقوم الليل ويصوم يوماً ويفطر يوماً ويصوم يوماً‏.‏
استنابه معاوية على الكوفة، ثم عزله عنها بالمغيرة بن شعبة، توفي في هذه السنة بمصر‏.‏
وقتل بمكة عبد الله بن سعدة الفزاري، له صحبة، نزل دمشق‏.‏
وقيل‏:‏ إنه من سبي فزارة‏.‏
 

 
 

This site was last updated 06/17/11