لحمامات الشعبية خرابة في حاجة للاستحمام
وطنى 15/5/2010م تحقيق: وسام عبد العليم-كاترين فرج الله
ظهرت الحمامات في القاهرة لتخدم المجتمع بالدرجة الأولي ومع مرور الوقت أصبحت الحمامات ضرورة لكل الشعب نظرا لقلة المياه النظيفة داخل المنازل.
مع الاهتمام بالعمران أقيمت الحمامات بقصور السلاطين والأمراء وكبار رجال الدولة والأغنياء من التجار,وتحولت الحمامات إلي أماكن تاريخية ذات طابع تجاري بعيدا عن الفكرة الأصلية,ومن أهم تلك الحمامات التجارية حمام التلات التي أصبحت سوقا تجارية لبيع المستلزمات المنزلية.
حول هذا التغيير تجولتوطني بمنطقة حمام التلات للتعرف عن قرب بما يحدث بها الآن.
حمامات الراحة!
قال الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة حلوان إن هناك عددا من الحمامات الشعبية في القاهرة لايزال يحمل نبضا قديما مصرا علي البقاء. حيث تم إنشاؤها في عهد عمرو بن العاص في الفسطاط,فالعهد الذهبي للحمامات الشعبية يرجع إلي عهد العثمانيين حيث كان الأتراك يطلقون عليها اسمالطيب الأبكم لوجود بعض المعالجين بطريقة الأعشاب الطبية والزيوت العطرية لعلاج المفاصل.
أشار الدكتور الدسوقي إلي أن السبب في إنشاء هذه الحمامات قديما نظرا لسفر التجار لمسافات طويلة عبر البحار والصحراء فكانت فكرة إنشاء الحمامات للاسترخاء والراحة والتخلص من عناء ومشقة السفر,حتي ذاع صيت تلك الحمامات,التي باتت ملتقي الحكام والتجار وعامة الشعب علي حد سواء.
أضاف الدكتور الدسوقي بقوله: من بين الحمامات الشعبية حمام التلات ومنها مازال يعمل وهوحمام الأربعاء في منطقة بولاق الدكرور,ويقدر عمره بنحو 500 عام وحمام الملاطيلي في حي باب الشعرية ويعود عمره لأكثر من 580 عاما,وحمام السلطان وحمام العباسية وحمام المرجرشي بحي الحسين.
حمام بخار الزفاف
قالت السيدة إنعام سلامة وهي إحدي السيدات المترددات علي حمام الأربعاء:لايزال الكثير من السيدات والفتيات يفضلن الحمامات الشعبية علي مراكز وصالونات التجميل خاصة الفتيات اللاتي يستعدن لليلة الزفاف لعمل حمام البخار,وهناك اثنتان تعملان داخل الحمام تسمي إحداهماالبلانة وهي من تقوم بتحضير الأعشاب للسيدات للتدليك,والأخري يطلق عليهاالماشطة وتعمل علي تصفيف الشعر وتجميل البشرة والوجه.
من جانبه قال محمد جمال حسن سكرتير حي باب الشعرية إن سوق حمام التلات تعد منفذا مهما لبيع الاحتياجات الأساسية والملابس والأدوات المنزلية خاصة للفتيات المقبلات علي الزواج,وكان الحي سابقا يحاول علي قدر المستطاع حماية المستهلكين من غش الباعة الجائلين وذلك طبقا لقانون حماية المستهلك,الذي يلعب دورا كبيرا في تقنين العلاقة بين التاجر والمستهلك بخلاف الدور الذي تقوم به الجمعيات الأهلية لحماية المستهلك بجانب دور الشرطة والتموين للسيطرة علي وضع السوق ذلك لفض الزحام وإزالة المخلفات ومنع السرقات بالحمام.
أشار سكرتير حي باب الشعرية إلي أن جميع الحمامات آلت إلي الهيئة العامة للآثار وليس للحي أية رقابة عليها الآن كما يوجد في حي باب الشعرية حمام الصبانوهو حاليا مغلق ومهمتنا كحي هي المحافظة علي نظافة المكان من الخارج فقط.
أين اشتراطات الأمن؟!
وقال صاحب أحد المحال إن منطقة سوق حمام التلات وسوق غزة وبين السورين من أكثر الأماكن ارتفاعا في الأسعار لأهميتها التجارية حيث يصل سعر المتر في أي محل إلي500ألف جنيه بالرغم من أنها منطقة سكنية وليست تجارية,نظرا لموقع الحمام الذي يتوسط منطقة باب الشعرية والأزهر وشارع عبد العزيز بالموسكي,ويجب الآن إعادة النظر في تراخيص تلك المحال بالإضافة إلي ضرورة توافر اشتراطات الأمن بها,وذلك لسلامة الأملاك والأرواح.
أما الدكتور عدلي شاكر رئيس جمعية مشروعات تطوير الأحياء الشعبية وحلمي حسين صاحب أحد محال المنطقة قالا: إن منطقة حمام التلات تعد كارثة موقوتة فمنذ عامين تقريبا قضي علي40 محلا تجاريا و30 مخزنا نتيجة حدوث حريق كبير,وبسبب ضيق المكان عجزت سيارات الإطفاء عن دخول المكان وبالتالي شب الحريق في أكثر من محل.
ضرورة تطوير المباني الأثرية!
من جانبه قال خالد مصطفي مدير العلاقات العامة والإعلام بمحافظة القاهرة إن المحافظة تتولي تطوير معظم أماكن وشوارع القاهرة التاريخية وذلك للحفاظ علي الموروثات التاريخية فهناك بعض المباني الأثرية تحتاج إلي إعادة تطوير,ولكن دون المساس بشكلها الأثري,ومنطقة حمام التلات من المناطق التي تولي اهتماما من المحافظة بالتطوير طبقا لخطة شاملة للتطوير.
وأشار الدكتور صلاح مصطفي رئيس مجلس الدراسات الطبية بالطب الوقائي إلي أهمية رفع درجة الوعي بالنسبة للمتردين علي تلك الحمامات في إزالة خلايا الجلد الميتة من الجسم سواء عن طريق حجر يستخدم لذلك أو بأية وسيلة أخري, لأنه من السهل أن يكون ذلك ناقلا للعدوي ولا يستطيع البخار كما يظن البعض أنه قادر علي قتل الميكروبات أو الفيروسات مع الحذر في استخدام البخار في درجات حرارة معينة حتي لا تحدث بالجلد حروقا والتي تصل إلي 50 : 60 درجة مئوية!!.