Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

صفحة فهرس الإذاعى /الراديو والتليفزيوني في مصر

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
اليوبيل الماسى للأذاعة المصرية
السنة الأولى للتلفزيون
الإذاعية آمال فهمى
بداية الإذاعة المصرية رسميا
الإعلام وفكر المخابرات
New Page 6722
New Page 6723

 

 

http://www.coptichistory.org/new_page_5909.htm التلفزيون المصرى فى السنة الأولى من بدء الإرسال

http://www.coptichistory.org/new_page_6719.htm الإذاعية آمال فهمى صاحبة برنامج "على الناصية" أشهر برنامج إذاعى فى القرن العشرين

 

 

بدء الإرسال الإذاعى /الراديو والتليفزيوني في مصر

جريدة المصرى اليوم٢١/٧/٢٠٠٧ م عن مقالة بعنوان "  بدء الإرسال التليفزيوني في مصر " كتب ماهر حسن

عرفت مصر الإرسال الإذاعي في عشرينيات القرن العشرين في شكل محطات إذاعية أهلية ذات طابع تجاري إعلاني في الأساس وكان بثها محدود المجال، وفي ٣١ مايو انطلقت أول محطة إذاعية حكومية في مصر، إلي أن بدأت مرحلة جديدة في أعقاب ثورة يوليو، إذ شهدت توسعات وتوجهات جديدة.
أما عن التليفزيون، فبعد محاولات تجريبية ناجحة تم البث التليفزيوني رسمياً لأول مرة «زي النهارده» من عام ١٩٦٠م، عبر قناة واحدة والتي كان يستمر إرسالها لعدد من الساعات يومياً وبعد عام واحد بدأ إرسال القناة الثانية في يوليو أيضاً، ولكن عام ١٩٦١، ومنذ ذلك التاريخ تلاحقت التطويرات، وفي عام ١٩٧٩، أنشئ اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي حول المحطات الإذاعية إلي شبكات إذاعية وصلت الآن إلي سبع شبكات، ما بين محطات رئيسية وأخري محلية وإقليمية، وتنوعت ما بين ناطقة بالعربية وأخري ناطقة باللغات الأجنبية.
أما التليفزيون فمع بداية الثمانينيات بدأ بث عدد كبير من المحطات التليفزيونية ذات الطابع المحلي، لخدمة أقاليم ومناطق مصر، «٦ قنوات» وفي عام ١٩٩٠م، بدأ بث القناة الفضائية المصرية كأول قناة فضائية عربية، ثم توالي إطلاق المزيد من القنوات الفضائية المصرية منها مجموعة قنواة النيل المتخصصة، بين أخبار ودراما ومنوعات ورياضة وأسرة ومعلومات، فضلاً عن سبع قنوات تعليمية.
وبعد ذلك بسبع سنوات، تحديداً في ١٩٩٧، تم إطلاق أول قمر صناعي متخصص للاتصالات الفضائية وهو «نايل سات ١٠١»، والقمران يبثان أكثر من ٢٠٠ قناة تليفزيونية، فضلاً عن خدمتهما نحو ٨٠٠ محطة إذاعية كما يخدمان الاتصالات والإنترنت.

************************

جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠٠٨ عدد ١٤٧٥ عن مقالة بعنوان "  عاماً علي إنشاء الإذاعة المصرية : من محطات الشتائم والإعلانات والغراميات.. إلي العصر الذهبي " أعد الملف ماهر حسن
[ محمد سعيد لطفى «رئيس الإذاعة الأسبق»] ---------------------->
كتبت:أميرة طلعت
«ليكن في علم الجمهور أنه لن يسمح ابتداءً من ٢٩ مايو ١٩٣٤ ببقاء التراكيب الكهربائية اللاسلكية التي بالرغم من مخالفتها أحكام الأمر العالي الصادر في ١٠ مايو ١٩٢٦ تركت حتي الآن تسامحاً ويجب فك التراكيب قبل ذلك التاريخ وإلا طبقت الجزاءات المنصوص عليها في ذلك القانون».
كان هذا بمثابة الإنذار الأخير الذي وجهته الحكومة المصرية إلي الإذاعات الأهلية المصرية التي عرفت طريقها إلي آذان المصريين في العشرينيات من القرن الماضي، وبالرغم من اختلاف الروايات حول قصة أول بث إذاعي فإن هذه الإذاعات انتشرت بسرعة كبيرة واستغلها أصحاب المحال التجارية في الترويج لبضائعهم كما استغلها البعض في بث رسائل الغزل والغرام وكانت وسيلة للمنافسة بين المحال التجارية وبين المطربين في ذلك الوقت فاتسم أغلب مضمونها بالسوقية والابتذال والخروج علي الذوق العام، ولم يكن بغريب علي الأسماع في ذلك الوقت أن يخرج شخص بصوت عالٍ فينادي «ألو ألو الحق يا أخينا أنت وهو في قنبلة انفجرت في الموسكي» ثم يأتي مرة ثانية «القنبلة التي انفجرت الآن هي الأسعار المذهلة التي تبيع بها محال الضبع للعب الأطفال».
استمرت الإذاعات الأهلية علي مدار عشر سنوات وحملت أسماء مميزة مثل «راديو فاروق»، «راديو سابو»، «راديو الأميرة فوزية»، «راديو أمير الصعيد»، «راديو مصر الملكية»، إلي أن جاء القرار بتوقفها وإنشاء إذاعة مصرية حكومية بعد أن زادت حدة السخرية بين هذه الإذاعات إلي درجة غير معقولة وآلت إلي شركة «ماركوني» البريطانية، مهمة إدخال الإذاعة المركزية التي تغطي جميع أنحاء البلاد وتولت مسؤولية تشغيل محطات الإذاعة لمدة عشر سنوات وفقاً للعقد المبرم بينها وبين الحكومة المصرية،
وفي مساء الخميس ٣١ مايو ١٩٣٤ استمع المصريون إلي صوت أحمد سالم أول مذيع للإذاعة المصرية يقول: «ألو.. ألو.. هنا الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية»، ثم كانت البداية بتلاوة قرآنية بصوت القارئ الشيخ محمد رفعت ليكون بذلك أول من تلا القرآن الكريم عبر ميكروفون الإذاعة المصرية، ثم يعود صوت المذيع الشاب أحمد سالم ليعلن عن أول فاصل غنائي بصوت أم كلثوم «هنا القاهرة.. سيداتي وسادتي أولي سهرات الإذاعة المصرية في أول يوم من عمرها تحييها الآنسة أم كلثوم»، وتخللت ساعات الإرسال التي امتدت من السادسة مساءً، وحتي الحادية عشرة فواصل موسيقية وزجلية وقصيدة شعر ومونولوج فكاهي ثم كان الختام بفاصل موسيقي لمحمد عبدالوهاب مع التخت الخاص به.
ومنذ اليوم الأول حرصت الإذاعة المصرية علي استقطاب نجوم ذوي شهرة ومكانة رفيعة بين الجمهور حتي تنال بذلك ثقة واحترام المستمعين فكان من بين نجومها أم كلثوم وصالح عبدالحي ومحمد عبدالوهاب وزكريا أحمد والسنباطي وكتبت شهادات ميلاد نجوم كبار مثل فريد الأطرش الذي كانت بدايته مع الإذاعة كعازف عود، واحتل الفكر والأدب حيزاً لا بأس به أمام ميكرفون الإذاعة فخرجت للمستمعين أحاديث طه حسين ومحمد حسين هيكل والعقاد والآنسة مي وسهير القلماوي وفكري أباظة الذي كان من أوائل المتحدثين في الإذاعة عقب افتتاحها.
وكان نشر الثقافة والتسلية هو الهدف الأول والمعلن للإذاعة المصرية منذ إنشائها إلا أن ثمة دوراً أساسياً آخر فرض علي الإذاعة ممارسته بشكل تلقائي وهو الدور السياسي فكان ميكروفون الإذاعة هو الأداة التي تنقل المستمعين إلي قلب الحدث والمنبر الذي خطب من خلاله زعماء الأمة والشاهد علي قرارات غيرت في تاريخ هذه الأمة وهو ما يرصده الكتاب التذكاري «الإذاعة المصرية.. شاهدة علي العصر»
حيث كان الاختبار الأول والحقيقي للإذاعة المصرية ومدي أهميتها عقب وفاة الملك فؤاد الأول الذي جاء في ظروف صعبة فولي العهد «فاروق» خارج البلاد والبرلمان غير منعقد والدولة في يد علي ماهر الذي سارع بالمناداة بالملك فاروق ملكاً لمصر واستدعاه من الخارج وكان القرار أن يتوجه الملك الجديد إلي شعبه بخطابه عبر ميكروفون الإذاعة المصرية فينعي فيه والده ويؤكد للمصريين أنه يستطيع الإمساك بالأمور ويطمئنهم علي مستقبل البلاد في عهده، ونجحت الإذاعة في الاختبار الأول واستطاعت أن تجذب إليها الجمهور ثم جاء الاختبار الثاني عند توقيع معاهدة ١٩٣٦ التي قدمت عنها الإذاعة رسائل متتالية من إنجلترا،
وخلال سنوات قليلة اتخذت الإذاعة مكاناً في قلب وعقل المستمع المصري وأصبحت وسيلة مهمة من وسائل التأثير في الرأي العام وهو ما أدركته إيطاليا وهي علي مشارف الحرب العالمية الثانية فسعت الإذاعة الإيطالية إلي توقيع عقد مع «أم كلثوم» لإذاعة أغان لها عبر الأثير الإيطالي لضمان اتجاه مؤشر المصريين إليها وبعدها تذيع هجوماً علي الإنجليز والحكومة المصرية وتوجه دعوتها إليهم بالثورة وتأييد إيطاليا وألمانيا،
وهو ما رفضته أم كلثوم رفضاً تاماً، وفي عام ١٩٤٢ وبسبب دقة الموقف في البلاد أثناء الحرب العالمية الثانية قرر مصطفي النحاس باشا أن تنتقل تبعية الإذاعة المصرية إلي وزارة الداخلية بعد أن كانت تتبع وزارة المواصلات ووزارة الشؤون الاجتماعية،
وفي عام ١٩٤٨ أعلنت الإذاعة المصرية قرار مصر بتقدم قواتها نحو الحدود الفلسطينية وسعت إلي وضع الشعب المصري في حالة تأهب فكثفت من الأخبار العسكرية ونقلت ما يجري في الجبهة إلي جانب إذاعة الأغاني الوطنية والحماسية وكلمة شيخ الجامع الأزهر الذي حث فيها الجنود علي القتال الأمر الذي زاد من حدة الاستعداد في نفوس المصريين إلي الذهاب إلي الحرب والانضمام لفرق الفدائيين.
ومنذ اللحظة الأولي أدركت حركة الضباط الأحرار جدوي وخطورة هذا الجهاز الخطير الذي يشغل مكاناً أساسياً في معظم البيوت المصرية، وبالفعل كانت أولي الكلمات التي عبر بها الضباط الأحرار عن حركتهم عبر موجات الأثير الإذاعي فخرج صوت الرئيس الراحل محمد أنور السادات في صباح ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ليعلن بداية عهد جديد بعد أن عاشت مصر سنوات طويلة في ظلمات الرشوة والفساد. وفي عام ١٩٥٦ جاء قرار جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس.
قصفت بريطانيا الإذاعة المصرية ورغم أن راديو بريطانيا قال إنه سيتم ضرب محطات الإذاعة بالقنابل إلا أن رجال الإذاعة في ذلك الوقت آثروا الموت علي ألا ينقطع صوت مصر وتحولوا إلي كتيبة فدائية حتي يستمر صوت الإذاعة المصرية واتخذت هندسة الإذاعة قراراً يقضي بإنشاء محطة طوارئ عاجلة في مدينة القاهرة، ووصل صوت مصر إلي المستمعين عبر محطات احتياطية أعدها مهندسون في القاهرة بصفة مؤقتة واستمر العمل ولم يمر ٤٨ ساعة من القصف حتي كانت المحطات الرئيسية للإذاعة المصرية تبث علي الهواء.
في منتصف مايو ١٩٦٧ تطورت الأوضاع في الشرق الأوسط وأدرك الجميع أن مواجهة عسكرية قادمة بين مصر وسوريا وبين إسرائيل من ناحية أخري.
وانطلقت الأغاني والنداءات الوطنية عبر موجات الإذاعة المصرية إلا أن أزمة حقيقية عاشتها الإذاعة المصرية بسبب تضارب البيانات التي أذاعتها مع بيانات الإذاعات الأخري في أعقاب ٥ يونيو وسرعان ما انكشف الأمر واتضح كذب البيانات وتم تحميل الإذاعة جزءاً من المسؤولية في الواقع المؤلم الذي حدث في ١٩٦٧ إلا أنها لم تقف عند ذلك كثيراً وسرعان ما تماسكت وبدأت في إذاعة البيانات العسكرية عن حرب الاستنزاف ومواجهة الإعلام المعادي وخرجت إلي الجمهور المصري بالبيانات العسكرية الصحيحة خلال حرب ١٩٧٣ وكانت حلقة الوصل بين الشعب المصري وجنودنا علي الجبهة.
وفي عام ١٩٨١ كانت مصر علي موعد مع حدث خطير حيث اغتيل الرئيس السادات وجاء خطاب الرئيس محمد حسني مبارك عبر الإذاعة والذي نعي خلاله الرئيس السادات وطمأن فيه المواطنين أن البلاد تحت السيطرة ولا داعي للخوف أو الهلع، وكانت رسالة مهمة للمصريين في ذلك الوقت وكان يجب لنجاحها هي أن تصل لكل مواطن علي أرض مصر وهو ما تم عبر ميكروفون الإذاعة المصرية.
٧٤ عاماً هي رحلة الإذاعة المصرية الشاهدة علي العصر التي انطلقت من دور واحد ثم لعبت كل الأدوار وكانت مرآة عاكسة يري من خلالها الشعب المصري تطورات الأحداث، كما حرصت علي تطوير برامجها وزيادة ساعات إرسالها فبعد أن كانت البداية من خلال شبكتين فقط هما شبكة البرنامج العام وشبكة الشرق الأوسط التجارية بلغت فيما بعد ثماني شبكات منها الشباب والرياضة، الإذاعات الموجهة، وشبكة المحليات والشبكة الثقافية، وصوت العرب والشبكة الدينية وتضم إذاعة القرآن الكريم
وبالرغم من ظهور التليفزيون في يوليو ١٩٦٠ إلا أن مكانة الإذاعة لم تتراجع وجذبت إليها الجمهور ببرامج وفقرات مازالت تمثل بصمة في تاريخ الإذاعة المصرية فلا أحد ينسي حفلات أعياد الربيع أو الحفل الشهري لكوكب الشرق في الخميس الأول من كل شهر ولا تضل الآذان عن أصوات بابا شارو وأبلة فضيلة والإذاعية آمال فهمي، وأحمد سالم ومحمد فتحي وجلال معوض حيث نجح كل هؤلاء في تجسيد الصورة المفقودة بصوتهم المعبر.
شهادة تاريخية بقلم واحد من أبنائها
هنا القاهرة.. مشاهد يوم الافتتاح
انتظر المصريون، بفارغ الصبر، يوم الخميس ٣١ مايو سنة ١٩٣٤، وهو يوم افتتاح الإذاعة المصرية الرسمية، فقد كانت الأسماع قد ملت من سماع الإذاعات الأهلية الكثيرة المتشابهة في سطحيتها وتفاهاتها، حيث كانت الإذاعة الواحدة تضم مجموعة من الأغاني الهابطة إلي جانب الإعلانات الصارخة التي تجنح إلي التشهير بالخصوم بألوان من السباب المقذع، بل «الردح» الذي يملأ الأثير.
كانت الإذاعة في أول عهدها تابعة لمصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية، التي كانت تابعة بدورها لوزارة المواصلات، وكان الافتتاح في الخامسة والنصف مساء، بكلمة حضرة صاحب المعالي إبراهيم فهمي كريم باشا وزير المواصلات، وبعده كلمة حضرة صاحب السعادة محمود شاكر محمد بك المدير العام لمصلحة سكك حديد وتلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية، وفي الختام تأتي كلمة الإذاعة، ويمثلها حضرة صاحب السعادة علي إبراهيم باشا، رئيس لجنة برامج الإذاعة وقد اختير هذا الرجل، وهو نابغة الطب في عصره، لكونه من أهل الفكر المشهود لهم بالثقافة الواسعة في شتي المجالات، وهو صاحب النظرية التأسيسية التي تقول: «الإذاعة ثقافة مسلية، وتسلية مثقفة».
وفي تمام السادسة مساء تتعطر أمواج الأثير بآيات الذكر الحكيم يتلوها أشهر قراء العصر الشيخ محمد رفعت، وتعاقدت معه الإذاعة في تلاوة ربع ساعة نظير ٣ جنيهات، وكان الشيخ متردداً في بداية الأمر، خوفاً من أن تكون الإذاعة بدعة ضالة، لكن أقنعه بعض علماء الدين بأن الإذاعة ستحمل صوته إلي أنحاء المملكة بل خارجها إلي ملايين قد لا يستطيعون الذهاب يوم الجمعة إلي مسجد فاضل لسماع صوته الرخيم.
وهكذا كان صوت الشيخ رفعت أول صوت لقارئ قرآن تحمله الإذاعة إلي العالم العربي ثم العالم الإسلامي.
وكان كبير المذيعين الشاب أحمد سالم أول من قال «هنا القاهرة»، كان أحمد سالم نجما من نجوم المجتمع المصري، وقد أسندت إليه بطولة بعض الأفلام السينمائية، قال هنا القاهرة: سيداتي سادتي «هنا الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية»، وقد تأخر ظهوره أمام الميكروفون ليقدم «لأول مرة آنسة الشرق أم كلثوم في أولي حفلاتها بالإذاعة» وقد تعاقدت الإذاعة مع أم كلثوم بمبلغ ٢٥ جنيهاً في الحفل الواحد، وهو مبلغ كبير لو قيس بالأزمة الاقتصادية التي شملت العالم منذ عام ٣١، ولكن أم كلثوم طلبت زيادة المبلغ إلي ٣٠ جنيهاً فوافقت الإذاعة، وكانت هذه بداية تعاقد الإذاعة شهرياً مع أم كلثوم لإحياء حفلها في الخميس الأول من كل شهر بعد الخميس الأخير من مايو سنة ١٩٣٤.
وقد تعاقدت الإذاعة مع المطرب الكبير صالح عبدالحي علي المشاركة في إحياء ليلة افتتاح الإذاعة مقابل ١٢ جنيهاً، وبعد ٢٦ عاماً كان صالح عبدالحي وحده نجم افتتاح التليفزيون في ٢١ يوليو ١٩٦٠، حيث أذيع له علي الهواء من استوديو رقم ١ رائعة بيرم والسنباطي «ليه يا بنفسج» من تقديم عباس أحمد وإخراج حسن حلمي.
وفي العاشرة والربع مساء جاء دور الأستاذ محمد عبدالوهاب ليختم السهرة بإحدي روائع أمير الشعراء أحمد شوقي، غني عبدالوهاب أمام الميكروفون «آه يا ذكري الغرام» ولم يكن شوقي غائباً عن ليلة الافتتاح، رغم انتقاله إلي الرفيق الأعلي قبل ذلك بعامين، فقد ألقي ابنه حسين شوقي قصيدته في المناسبة، وكان للشعر دور بارز في ليلة الافتتاح حيث قدم علي الجارم قصيدته في مدح الملك فؤاد الأول.
وقدم أمير الكمان سامي الشوا مقطوعة من تأليفه، أما مدحت عاصم، وهو مدير الموسيقي بالإذاعة وابن إسماعيل باشا عاصم، فقد التحق بالإذاعة وعمره ٢٥ عاماً وظل بها يباشر التسجيلات الموسيقية والغنائية ويرأس لجنة الاستماع إلي سن المعاش، وقدم في ليلة الافتتاح فواصل من الموسيقي الشرقية، ولم تكن الفكاهة غائبة، فقد قدم الأستاذ محمد عبدالقدوس فاصلاً من المونولوجات الفكاهية.
ووراء هذا المجهود الكبير في تأسيس الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية، يختفي وراء الستار، أول رئيس للإذاعة محمد سعيد باشا لطفي، شقيق فيلسوف الجيل أحمد لطفي السيد.
وبدأ محمد سعيد باشا لطفي حياته فلاحاً يباشر بالرعاية والاهتمام الزراعات في أراضيه، وأراضي أسرته فاكتسب من الزراعة صفة الصبر والأناة وهما ضرورتان لبناء رجال الإذاعة، ثم عين بعد ذلك مأموراً لأحد المراكز فاكتسب الضبط، والربط، وهذا ما يفسر إحكام إدارته لهذا الصرح العظيم، تحية لأول رئيس للإذاعة المصرية في عيدها الرابع والسبعين، وتحية لكل من احترم وقدر أثير الأجواء المصرية.
شوقي جمعة
المستشار الأسبق للإذاعة المصرية
إذاعات : الأهلية وصلة من الردح المتبادل
كتب:أحمد رياض أبوهميلة
لكي نتفهم ما يحدث من فوضي وعشوائية بل ممارسات إذاعية كوميدية علينا أن نعود بالذاكرة إلي ثلاثينيات القرن الماضي، وعلينا أيضاً أن نتخيل فرحة الناس بذلك الاختراع الجديد الوافد عليهم من الخارج، ليؤنس لياليهم، ويقدم لهم الخدمات والنصائح المجانية، وليس هذا الاختراع سوي الراديو الذي لم يكن بمقدور البسطاء ومحدودي الدخل اقتناؤه، فكانوا يلتمسون الاستمتاع بما يبثه من فقرات لدي المقاهي أو المعارف من ذوي الإمكانات أو من أولاد الذوات، علينا أن نتخيل الناس في ذلك الوقت حيث هدوء البال و«الروقان»، فتلتف حلقات المسامرة حول هذا الجهاز السحري الذي يمكنه أن يستوعب البشر بداخله «بأصواتهم طبعاً»،
وبينما يخيم الهدوء وقليل من الثرثرة المتبادلة، يترقب المتسامرون موعد البث وها هم ينتظرون ملتصقين بهذا الجهاز، فإذا بالأثير ينتفض، ويصرخ شخص ما من داخل هذا الصندوق الخشبي الضخم الموشي بالزخارف النحاسية، وهو يصيح «ألو... ألو.. ألو اسمع يا أخينا إنت وهو: فيه قنبلة انفجرت في شارع الموسكي دلوقت» ويتوقف الصوت ليعود مستأنفاً ما قاله بعد أن ترك الناس «علي جمر النار» فيقول: «لقد تبين أن هذه القنبلة هي قنبلة الأسعار التي تبيع بها محال الضبع لعب الأطفال».
هذه كانت عينة مبدئية لما تبثه هذه الإذاعات الأهلية في ذلك الحين قبل تأميمها وسنعرض المزيد، أما سبب لجوء الإذاعات لهذا الطابع، فلأنها أخذت شعار «إذاعة لكل مواطن»، كما أنها كانت تحت قبضة التجار الذين يسيطرون عليها بأموالهم وتمويلهم، فجعلوها أداة ترويج لتجاراتهم وصاحب هذا - بطبيعة الأمر - فقر الخبرة الفنية لملاك هذه الإذاعات، وابتذال وانحطاط المواد التي يقدمونها، بما في ذلك الأغاني، مما حمل المواطنين علي الشكوي مما يذاع ويخدش الحياء العام،
ومن مظاهر تدني المستوي لهذه الإذاعات «أن العشاق كانوا يبثون غرامهم علي الأثير وعلي الهواء مباشرة كأن يحددوا مواعيدهم الغرامية مثلاً، وفي مقابل المنافسة التجارية الإعلانية التي أخذت طابع «الردح البلدي»، كانت هناك منافسة غنائية أخذت نفس الطابع، فكان المطرب «محمد صبح»، مثلاً قبل أن يستهل فقرته الغنائية، يبدأ بعبارات التحدي لكل الملحنين والمطربين كأن يقول مثلاً: «اسمع ياسي عبدالوهاب وشوف العجب في اللحن والغناء»، ثم يغني.. ويعود - قاطعاً غناءه - بقوله سامع يا عبدالوهاب؟ فين انت من الفن ده؟
ولما كانت مجلة «روزاليوسف» تخوض حرباً ضد الابتذال الإذاعي تعرضت لهذا المطرب وهاجمته علي صفحاتها.. فأغاظه ذلك وصمم علي أن يرد الصاع صاعين «بالبلدي طبعاً» فنالها بهجومه بين وصلاته الغنائية.. بمجرد انتهائه من أغنية أو حتي بين فقرات الأغنية يبدأ في «الزعيق» قائلاً: سامعة ياست روزا ولا فيش كده أبداً.. وبعد مقطع غنائي آخر يستأنف قائلاً: «ياوليه افهمي بقي دانا الشيخ صبح».
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما في سياق تنافس هذه الإذاعات مع بعضها البعض كانت تدخل في فقرات من الردح المتبادل الذي يصل لحد الشتائم علي الهواء. أما عن الإعلانات الإذاعية، فنجد أن هذه الإذاعة، تصيح قائلة «ألو ألو.. اسمع يا أخينا أنت وهو حصلت حريقة كبيرة في شارع شبرا»، ثم يتوقف ليذيع أي فقرة إذاعية ويعود بعدما ترك الناس علي قلق مستأنفاً وهو يقول: لقد تبين أن الحريقة الكبيرة لم تكن سوي افتتاح خمارة الخواجة «بنايوتي» لبيع أصناف الخمور خصوصا «الطَّافية»، وهي أرخص الخمور.
ولأن دقائق البث كانت للبيع والشراء بشكل شخصي وفردي جداً فلقد استثمرت عصابات المخدرات هذه الميزة الإذاعية «بفلوسها» أيضاً لإعلان الزبون بمكان وموعد التسليم، وإذا كان المناخ مواتياً أم لا، وكل ذلك كان يتم بالشفرة الغنائية المتفق عليها بين البائع والمشتري، فإذا ما بثت الإذاعة أغنية «الجو رايق» يعني الظروف مواتية لتسلم البضاعة، وإذا ما أذاعت أغنية «الجو غيم»، لصالح عبدالحي يعني الظروف غير مناسبة.
ومع وجود الأغاني الهابطة ورواج سوق «العوالم»، فإن ذلك تضافر مع هبوط مستوي فقرات الإذاعة التي تجدها تبث أغاني العوالم في الموالد والأفراح مثل أغنية «بيني وبينك كلام مين وَصَّله لامك يا عبده». أو أغنية «شفتي بتكلني أنا في عرضك / خليها تسلم علي خدك» أو أغنية: «ارخي الستارة اللي في ريحنا لحسن جيرانك تجرحنا»
وظل المستوي يأخذ في التدني والانحطاط فتجد نفسك وسط خناقة إذاعية، هابطة المستوي وكأنك في مولد مالوش صاحب، وقد انتهي الأمر بتأميم هذه الإذاعات لتكون إذاعة «ماركوني» الحكومية أول خطة نحو إذاعة محترمة!!

 

 

This site was last updated 06/01/11