Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

حادثة تدمير وهدم معبد الالهة الوثنية سيرابيس بالأسكندرية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
بداية فناء الوثنية
تدمير معبد الأله سيرابيس
العنخ الصليب مقياس النيل
التاريخ والبابا ثاؤفيلس
الفكر الأوريجانى بالعالم القديم
الفكر الأوريجانى فى مصر
مجمع السنديان وذهبى الفم
إيسيذوروس والبابا ثاؤفيلس
الأقباط وتمجيد يوحنا
السنكسار والبابا ثاؤفيلس
البابا ثاؤفيلس ومكتبة الأسكندية
New Page 1695

 

وقيل أنه لما خيم الظلام مر أحد المسيحيين على الهيكل فوجده فوجده خالياً من الناس بالرغم من أنه لم يفرغ من المتعبدين للوثن ، ولما اقترب من مزار الهيكل الذى فيه الزخائر المقدسة سمع صوتاً من الداخل يقول : " لا يوجد أحد هنا " ثم تلا هذا الصوت لغة تسبيح ختمت بكلمة " هلليلويا " فتعجب الرجل لهذا الأمر الذى لم يعرف له سببا ولكن ستعرفه انت ايها القارئ فى السطور التالية :

وفى اليوم التالى أستيقظ سكان الأسكندرية فى الصباح الباكر عند إنقشاع الظلام وبدأ هرج الناس وتزايدت جموعهم وتوافد أهل مدينة الإسكندرية من المسيحيين ، وبدأت الجموع تتحرك ، وكان فى المقدمة البابا ثاؤفيلس 2 البطريرك والوالى راكبين جنباً لجنب وتبعهم جمهور الكهنة يرتلون ويسبحون ثم العساكر يسيرون عابسين وفى أيديهم الحراب والبلط والفئوس واسلحة الحرب ، وبينما الجموع تسير كان يقول الواحد منهم للآخر : ألا تذكر تلك النبوءة القديمة التى فاه بها بعضهم وقال : أنه فى اليوم الذى تتلاشى فيه هذه الأصنام وتضمحل الأرض وتتساقط السموات وتتقوض دعائم العالم بأسره ويعم الفناءكل متحرك وجماد فيه ، وكان كثيرون من المسيحيين كانوا يؤمنون بهذه الخرافة حتى خافوا من إتمام هذا العمل لئلا تصح النبوءة وتخرب النيا فلما اقترب ذلك الموكب من الهيكل صعد حوالى مائة رجل على المدرج حتى وصلوا على المنصة التى كان صعد إليها الشاب اوريجانوس ( العلامة) وحده ووقف يخطب منها والخطر يهدد حياته وكان ينادى بالمسيح يسوع مصلوباً ، وفى هذا العصر حضر خدامه (السيد المسيح) ألآن فى ابهة الرئاسة وفى قوة وسلطة تحيط بهم ليهدموا الهياكل الوثنية التى كانت تطلق أتباعها ليقتلوا المسيحيين ويذيقوهم من العذاب ألواناً ، أتوا ليهدموا هيكلاً يمثل العقيدة الوثنية ، وليبرهن السيد المسيح على قوة تأثيره فى النفوس وسرعة الإيمان به ملكاً وإلهاً على قلوبهم .

وكان كثيرون من المسيحيين الذين يحيطون بالبابا ثاؤفيلس 2 البطريرك وإيفاجريوس والى مصر تخفق قلوبهم بين دفات الفرح والخوف ، ولم يكونوا قد رأوا من قبل هذا الإله الوثنى الذى جائوا ليحطموه ، هذا الإله الذى سيطر على عقول المصريين لمدة حوالى 600 عام وسيطر على عقولهم بخرافات واباطيل وفلسفة وثنية وطقوس عقيدة عبادة الأصنام ، وكان منبعها ذلك المزار المقدس الذى كانت تخرج منه أصوات لا يفهم الناس مصدرها فكانوا يعدونها أسراراً لا يقدرون على فهمها أو إدراكها ، وعندما وصلوا إلى مكان التمثال فوقفوا فى سكون تام كأن على رؤوسهم الطير ، من عظمة وهول منظر التمثال وضخامته وروعة صناعته ، بينما كانت آمال أتباعه الوثنيين تذبل وتضيع أمام هجوم المسيحيين على هيكلهم ، ولم يصد إلههم عن نفسه الخراب والتدمير الذى حدثت له فقد كان يعتم على قوة أتباعه البدنية والسياسية ولما إنهارت إنهار هو لأنه حجر أصم وقد صمم هذا التمثال ونفذه الفنان الأثينى (أى من أثينا باليونان) برياكسيس   Bryaxis .

 

شهداء الوثن - هيباشا الفيلسوفة الوثنية

ويغلب الظن ان والد هيباشا ( الفيلسوفة الوثنية ) كان من بين هؤلاء الحاضرين وهو الذى صار فيما بعد شهيد هذه العقيدة الوثنية الفانية ، وكذلك هيباشا كانت فى ذلك الوقت يطفح وجهها بالجمال الناضر مع أنها لم تكن فى عنفوان الشباب وكانت تنظر إلى الإحتفال الغريب نظرة المعجب الغاضب

وصف اللإله سيرابيس

كان سيرابيس إلهاً جديداً استحدث من الإله أوزير-أبيس لتوحيد سكان الإسكندرية من الإغريق والمصريين وفي العصر اليوناني أدخل بطليموس الأول عبادة سيرابيس إلى مصر حتى يكون لكل من المصريين واليونانيين إله رئيسي واحد. وكان سيرابيس هذا جامعاً للعديد من الآلهة المصرية والهيلينستية خاصة أوزوريس والثور آبيس. وقد أقيم معبداً لهذا الإله في منطقة كوم الدكة بالإسكندرية وظل مقدساً حتى فى أواخر عصر الإحتلال الرومانى الذى سمى بالعصر البيزنطى .

رأس الأله سيرابيس التى أكتشفت تحت مياة البحر تجاة مدينة الأسكندرية وهو رأس من الرخام لسيرابيس، الأرجح انه كان ينتمى لتمثال مكتمل، صور سيرابيس بشكله المعتاد بشعر طويل كثيف ملتوى ولحية كثة ملتوية وشارب طويل يتصل باللحية،صور الفم نصف مفتوح ، والأنف طويل له فتحتان ضيقتا ن، والأرجح أن التمثال ينتمى لطرز تصوير سيرابيس فى العصر الروماني

http://www.coptichistory.org/new_page_1937.htm  لمزيد من المعلومات أفتح هذه الصفحة عن إكتشاف تماثيل الإله سيرابيس تحت مياة البحر أمام شواطئ الإسكندرية

 وتقول مسز بوتشر : " وقد عثرنا فى كتاب على وصف لتمثال الإله سيرابيس كما يلى : كان للإله سيرابيس تمثال هائل جالس القرفصاء وله يدان تمتدان فى عرض المكان وتتصلان بجدارين على جانبين ، والتمثال سيرابيس مصنوع من معادن مختلفة إغبر لونه وتحول غلى لون غامق بمرور زمن طويل على صنعة ، ولكنه كان مرصعاً بأحجار كريمة ثمينة تتألق وتضئ حتى تكاد تخطف الأبصار بلمعانها عند إنعكاس الضوء عليها ، وكان تمثال الإله سيرابيس على صورة رجل هرم وضع على رأسه إكليلاً للغلال رمز الخصب وجودة الحاصلات ، وإلى جانبة صورة رأس أسد ورأس ذئب  ، وكانت إحدى يديه على شكل أفعى وذلك رمز للخلود ،

ولا غرو أن البابا ثاؤفيلس 2 البطريرك عندما نظر إلى التمثال الذى يدل على عظمة الديانة المصرية القديمة تذكر النبوءات التى ذكرت فى الكتاب المقدس عن زوال هذه العبادة الوثنية بعد أن سادت فى الأزمنة القديمة سيادة لم تكن تنتهى لولا مجئ الوقت الذى فيه ملك الملوك وأعطى أمرا سمائيا بأن يصبح  ثيؤودوسيوس 2 إمبراطوراً على ولايات الإمبراطورية الشرقية فقامت كنيسة الرب بقيادة البابا ثاؤفيلس 2 بإستئصال عبادة الأوثان من العالم  حينئذ ووضعت أعدائه تحت موضع قدميها  .

ولما رأوا ضخامة مبنى هيكل الإله سيرابيس وقف الناس حيارى لأنه أمر الهدم كان صعباً عليهم ، ولكنهم كانوا مصممين على هدمة لما لاقوه من قسوة أتباع هذا الإله وقسوته وتقدمتهم ذبائح بشرية على مذبح هذا الإله فكانت نار الغضب من هذا الإله قد تأجج سعيرها ، ورأى البابا ثاؤفيلس 2 البطريرك أن الحكمة تقضى بإتمام هذا العمل فى اسرع وقت لأن التأخير سينتج عنه ضرراً لأرواح المسيحيين إذا ترك هذا المعبد وكهنته الوثنيين يمارسون عبادتهم لأن العبادة الوثنية تقضى تقديم ذبائح بشرية وطبعاً يخطفون المسيحيين ويقدمونهم لآلهتهم .

إلتفت البابا ثاؤفيلس نحو رجل من حاملى الفؤوس وآخر حاملاً معولاً وأمر بضرب التمثال ، فرفع احدهما يده بفاسه وضرب التمثال الضربة القاضية أزعجت الحاضرين مما كانوا يسمعونه عن قوة هذه الالهة ، ثم أثنى الضارب مرة أخرى فإنقلب خوفهم إلى ضحك عندما رأوا رأس إله التمثال تتدحرج على الأرض كالكرة وخرج من جوفه رهط من الفئران والجراذان المذعورة فذهبت إلى كل ناحية من الهيكل لأن حماها ومسكنها التمثال قد إنكسر ، وما أن رأى أهل الإسكندرية ذلك حتى أمسكوا بمعاولهم وفؤوسهم يدمرون المعبد فى فرح هستري وبدأوا بالتماثيل وحطموها تحطيماً ولم يتركوا البناء أيضاً حتى نقضوه وتساوت جدرانه بالأرض الواطئة المقام عليها  ، ولكن السور الخارجى لم يهدم وظل قائماً مكانه إلى أن صار فيما بعد مكان يقيم فيه بابا الإسكندرية وبطريركية الأقباط الأرثوذكس .

أما قادة الوثنيين وأغنيائهم الذين تسببوا فى هذا التمرد الذى قضى على ديانتهم الوثنية بالإعتداء على المسيحيين وخطفهم وتقديمهم ذبائح بشرية لالهتهم ، لم يجدوا مفراً أمامهم إلا أن يتركوا الإسكندرية ويفروا هاربين إلى بلاد ومدن أخرى ولم يمد واحداً من المسيحيين بسوء لواحد منهم مع أن هيلاديوس كاهن الإله جوبيتر صرح أمام الملأ أنه ذبح مرة بيده تسع ذبائح آدمية على مذبح ألصنام الآلهة الكاذبة !!

ويقول الأنبا أيسذورس (3) أنه بعد تحطم التمثال : " أصلح البابا ثاؤفيلس 2 البطريرك هذا الهيكل وجعله كنيستين وقد شاد خلافهما كنيسة فخمة على أسم يوحنا المعمدان وإليشع النبى - وأنشئ الرهبان دير العذراء (الدير المحرق ) فى الصعيد بمحافظة أسيوط على أسم السيدة العذراء ، وقيل أن الذى ساعده على إتمام هذه المشروعات الكبيرة أنه وجد فى الثغر (الأسكندرية ) كنزاً تحت كوم من الأتربة .

********************************

المــــــــــــــــراجع

(1)  تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل

(2)  تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء ا

(3) الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 و ج2 للأسقف الأنبا أيسذورس ص 403

(4)  تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1983 م

********************************

كـــــيف تــــم تعمــــيد المــــعابد المصــــرية ؟.....
لماذا يستفز الصليب الأثري المنقوش على جدران بعض المعابد مشاعر بعض الأخوة غير المسيحيين الآن ويثيروا الجدل حولها وكأنها جريمة، رغم أنها نقوش أثرية قبل دخول أي أديان أخرى لمصر القبطية. أم لأن الصليب بيفكرهم بأصل هذا البلد وبسلالة المصريين النقية اللي أصلهم فراعنة وبديانة المصريين قبل غزو أجدادهم البدو ؟!
هل تحويل بعض المعابد لكنائس حدث في بداية القرن الأول مع دخول المسيحية كما حدث التحويل عن المسيحية منذ بداية الغزو العربي لمصر ، أم حدث بعد أربعة قرون على الأقل من إنتشار المسيحية ؟!
سأذكر أحداث معبدين تحديد هما معبد إيزيس بفيلة ومعبد السرابيوم بالأسكندرية .
ــــ ظل معبد إيزيس يؤدى دوره في العبادة الوثنية حتى عهد الملك البيزنطى الروماني جستنيان الأول(527 – 565 م) ولكنه أمر بإغلاق كل المعابد الوثنية في مصر في القرن السادس. و أغلق معبد إيزيس بفيلة بين عامي 535 و 537 ، إيذانا بنهاية آخر بقايا الثقافة المصرية القديمة. إذ يشير نقش كاهن يدعى ( إسمت-أخوم) لآخر نص هيروغليفي تم كتابته في معبد إيزيس، ويرجع هذا النقش المؤرخ إلى القرن الرابع الميلادي 394 ميلادي وهذا النقش يدل على إستمرارية الوثنية حتى بعد هذا التاريخ و لم يعترضهم ويحاربهم المسيحيين في معابدهم ولم يسرقوها منهم ولم يدمروها كما يدعي بعض المسلمين. يعني لما الملك جستنيان يأمر بغلق المعابد في(منتصف القرن السادس) وبعد إنتشار المسيحية في ربوع مصر فهذا يقول أن حقبة الوثنية إنتهت فعلياً من مصر بعد إنتشار المسيحية لأكثر من خمسمائة سنة! وبعد أن صارت الإمبراطورية الرومانية بأكملها مسيحية !
ــــ مايدل على أن التغيير حدث نتيجة تحولات تدريجية حتى إنحسرت الوثنية كثقافة مجتمعية وإستنار المصريين بنور المسيحية. و شيء طبيعي لما تصير المعابد مهجورة أن يتم إستغلالها وتحويلها لديانة المصريين، والمعابد التي تركت على حالها ظلت تراث أثري للمصريين لأنهم عرفوا قيمة تاريخهم ولن يدمروه كما إدعى كاتب إسلامي عين نفسه وبني جلدته أوصياء على حقبة تاريخية قبل أن يدخل دينه إلى مصر ! . إذن التحول تم ( بالإحلال وليس بالإحتلال) لأن المصريين إستحالة يدمروا تاريخهم وتراثهم أو يخجلوا منه إلا لو كان الفكر الإحتلالي وارداً من الخارج كما حدث في الغزو العربي . فالغازي يهدم الحضارات ويحرق ويسرق ليطمس المعالم التاريخية للشعوب التي إحتلها ، فمن يدّعون اليوم خوفهم على الآثار هم من يسرقونها ويحطمونها على أنها أصنام كما تركوا معبد فيلة غرقان في الماء لمدة سبعين سنة ومازالت بقايا أثار المعبد غارقة حتى اليوم !
ــــ إغلاق المعابد بأمر الإمبراطور الروماني كان إيذاناً بإنتهاء حقبة وثنية من ثقافة لم يعد للمصريين بحاجة لها. وليس كما يدعي المتعصبين أمثال العزازيلي يوسف زيدان الذي إدعى بهدم معبد السرابيوم على رؤوس الوثنيين وتهليل المسيحيين لهدم الأوثان! فيقول زيدان: ( كان العمال يرددون خلف رجال الكنيسة: بإسم يسوع الإله الحق، سنهدم بيوت الأوثان ونبني بيتاً جديداً للرب) ! ليظهر الوثنيين بأنهم الضحايا المغدور بهم ، في تلفيق تاريخي سافر وحقير ! رغم علمه بأنه ليس لدى المسيحيين شعار الهدم الله أكبر لتهليلهم وإنتشاءتهم بالتدمير كأنهم أعداء محتلين من الخارج كما فعلوا أجداده من السلف الصالح !
كعادته زيدان في تلفيق الأحداث ، ربط تدمير السيربيوم بسنة 391م. وهي السنة التي أُعلنتْ فيها المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية، وكأن هذه السنة هي سنة الكوارث التي حلت على الوثنيين!
ــــ أمر الإمبراطور بهدم معبد السيربيوم وما تم هدمه فعليا هو محراب سيرابيس أي هيكل المعبد فقط ، ويقول المؤرخ روفينوس الذي كان فى القصر الإمبراطورى فى كتابه ( التاريخ الإكليرى) جزء2، فقرة 23: ( إن الإمبراطور قد أصدر قراراً بهدم معبد السيرابيوم إلا أن إعتقاد الوثنيين بأنه إذا ما لمست يد إنسان التمثال بعنف ستنشق الأرض وتسقط السماء فهذه القصة جعلتهم يتوافدون إلى المعبد... )
والحقيقة أن تحويل بعض المعابد الوثنية لكنائس كان أيضاً بأمر ملكي من الإمبراطور الروماني ثيؤدوسيوس ، ما أثار بعض الوثنيين مع بداية إعتماد المسيحية كدين للأمبراطورية سنة 391-392م. فقاموا بحشد مجموعة منهم وإحتلوا السيربيوم كقلعة تحصنوا بها فترة طويلة ضد مسيحي الإسكندرية وقتلوا عدد كبير من المسيحيين الذين كانوا يخطفونهم من الشوارع على دفعات وأجبروهم على التبخير الأوثان ثم تقديمهم قرابين حيّة يتم ذبحها في هذه القلعة المرعبة والتي كانت من الحصانة لإرتفاعها أكثر من ثلاثين متراً عن سطح الأرض.
ــــ كذلك حادثة بشعة إكتشافها البابا ثاؤفيلس أثناء بنائه لكنيسة في الإسكندرية وقد أرخ لهذه الأحداث الدموية الأمريكي إدوارد روتشى هاردى سنة 1951م في كتابه" مصر المسيحية كنيسة وشعب".. حيث وجد البابا خنادق وثنية وكشف للشعب على طريقة عبادة سرية للوثنيين التى كانت مظاهرها الدم والفجور، فتحول كثير من الوثنيين إلى المسيحية حين رأوا دموية الوثنيين . فإستغل هذه الحادثة الفيلسوف الوثنى أوليمبيوس Olympius وأضرم ثورته ليحشد الوثنيين لقتل المسيحيين فى الشوارع وإختطافهم لداخل معبد سيرابيس وذبحوهم قرابين للإلهة. وظلوا هكذا يخرجون من المعبد ليختطفون الأقباط متحصنين فى قلعة معبدهم المحصّنة والتي يصعب إقتحامها . ولم يكفوا عن ذبح الأقباط الشهداء في معبدهم حتى أرسل البابا ثاؤفيلس إلى الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني يخبره بالعدد الضخم من الشهداء الأقباط الذين ذبحوا فى المعبد، فأصدر الإمبراطور أمراً بهدم معبد الإله سيرابيس" أي محراب سيرابيس" بالسيربيوم وليس مكتبة السيربيوم كما يدعي بعض المسلمين، حيث أن السيربيوم كان يحتوي على عدة مبانٍ متلاصقة، منها مبنى للكهنة الوثنيين، ومبنى لمكتبة الإسكندرية التي أحرقها عمرو أبن العاص بأمر من إبن الخطاب لدى إقتحامهم لمدينة الإسكندرية، لأن أمنيوس الفيلسوف الإسكندرى الذى عاش بالقرن السادس أرّخ لوجود مكتبة السيرابيوم بالإسكندرية في زمنه وأنها تحوى كتباً وصفها بالاسم. فهذه المكتبة كانت تخدم مدرسة الإسكندرية اللاهوتية.
ــــ أعود لأحداث السيربيوم كما سردها هاردي في كتابه ، فرغم القتل الذي مورس ضد المسيحيين فقد جاء إيفاجروس (Evagrius) (391م) حاكم الإسكندرية و رومانوس (Romanus) قائد الكتائب بمصر، وكتب إيفاجروس كتاباً إلى الأمبراطور ثيؤودوسيوس، وقام بعمل هدنة مع الوثنيين والصفح عن جريمتهم في قتلهم للمسيحيين ليصير السيرابيوم مِلك للوثنيين وأعلن عفواً عاماً بناء على أمر الإمبراطور بأن الأقباط المسيحيين الذين قتلهم الوثنيين في مرتبة الشهداء ، جاء العفو عن الوثنيين بشرط تخليهم عن تحصينهم بقلعتهم. ولكن بعد عدة سنوات من ذلك التاريخ وتلك الحادثة البشعة سمع طلاب القنسطنطينية أحد معلميهم للفلسفة وقد هالهم تصريحه،حين أخبرهم كيف قتل تسعة مسيحيين بيديه في شبابه. و كانت ردة الفعل لهذا التصريح فى الإسكندرية هى سقوط السيرابيوم وتحُطمت إسطورة قلعة السيربيوم الحصينة الإجرامية، وأصدر الإمبراطور أوامره بهدم القلعة التي شهدت ذبح المسيحيين وأمر بإقامة كنيسة مكانها تحمل إسم إبنه أركاديوس ، كما أمر بأغلاق المعابد الأخرى التى كانت قد بقيت فى الإسكندرية حتى هذا الزمن المتأخر للوثنية، كأحد تشريعاته التي صدرت سنة 391-392م، والتي حُرمت الإمبراطورية للشعائر الوثنية. ورغم هذا إستمرت تلك الشعائر الوثنية في معابد صعيد مصر مثل معبد إيزيس في فيلة، مايعني أن سبب غلقها بالإسكندرية يعود للجرائم التي أرتكبوها ضد المسيحيين ، وليس كما روّج زيدان ومن على شاكلته أن المسيحيين هللوا وكبروا لتحطيم الأوثان ! وليس كما إدعى أحد الكتبة المسلمين مستشهداً بالمؤرخ الإسلامي المسعودي من أن ( بقيادة الرهبان والقساوسة) قاموا بالتدمير والتحطيم، و بمعاولهم ساووا المعابد بالأرض، ونقلوا أعمدة المعابد لإقامة كنائسهم ! ، ثم يواصل : "ثم فعل المسلمين هذا وهدموا ونقلوا أعمدة الكنايس لبناء المساجد!! ، كان هذا مبررا للمسلمين للزحف على المعابد وإقامة أضرحة الأولياء فى وسطها أو نقل أعمدتها وأعمدة الكنائس ، وإعادة إستعمالها فى المساجد" ! .
ــــ لم يهدم الأقباط معابد آبائهم الفراعنة بل مارس الأقباط صلواتهم ببعض معابد الآلهة الفرعونية ولم يهدموها بعد أن إنحسر زمن الوثنية كصحن معبد دندرة وكنيستي معبد الأقصر وكنيستي معبد الكرنك ، و معبد الملكة حتشبسوت الذي سكنه رهبان و تحول إلى دير حتى تسمته للآن بالدير البحري. و معبد دندور بالنوبة، الذي أصبح كنيسة في القرن السادس الميلادي سنة 577م. والذي تم إهدائه أخيراً لمتحف المتروبوليتان في العصر الحديث! ؛ و معبد بيت الوالي الذي شيده رمسيس. ومعبد الأقصر الذي به إشارات مسيحية من القرن السادس. وحين نقول القرن السادس يعني أن هذه المعابد لم تتحول لكنايس إلا بعد أن خلت مصر من ثقافة الوثنية في ظل الإمبراطورية الرومانية ولم ينهبها المسيحيين من الوثنيين كما يزعم بعض الكتاب المسلمين لتبريرهم تحويل الكنائس لمساجد كما يحدث لكنيسة آيا صوفيا اليوم.مما يؤكد إحترام الأقباط لتاريخهم وحضارة أجدادهم القديمة.
ــــ أما تحويل المعابد لكنائس عن طريق ( تعميد المعابد والآثار) برشم الصلبان علي المعابد مع تدشينها لأن في إعتقاد المسيحيين في هذه الحقبة التحولية أن ( بتعميد المعابد) هكذا أصبحت مسيحية. فلم يهدمون المعابد بعد خلوّها من العبادة الوثنية ، لأنها تحمل ثقافتهم وحضارتهم الأصلية. تماماً كما قاموا بتعميد الألحان الفرعونية الوثنية بجعلها ألحاناً مسيحية في صلوات الكنيسة.
ــــ أحد المؤرخين ذكر عن معبد فيّلة وعلاقته بالمسيحية ، وأنه آخر المعابد الدينية التي مارست فيه الطقوس المصرية الوثنية القديمة خلال الفترة الرومانیة عن باقى مصر ولهذا هناك علاقة بين إشارة الصليب المنقوشة على الجدران لتعميد معبد إيزيس بفيّلة أثناء عملية تحويل معاصرة له تم فيها تحويل معبد إيزيس إلى كنيسة. بعد معاناة المصريين تحت الحكم الروماني الوثني الأربعة قرون الأولى من عمليات قتل ممنهجة بوحشية ضد المسيحيين، أزهقوا خلالها الوثنيين أرواح آلاف الآلاف من المسيحيين. وبدخول الإمبراطورية الرومانية للمسيحية إعتنق المصريين المسيحية وأصبحت المعابد الوثنية خالية، فكان من الطبيعي أن يتم تحولها لكنائس بعد أن هجرها الوثنيين وقاموا بتحريمها. سنلاحظ من خلال الأحداث الكبرى التي حدثت أن هناك فرق في الأسلوب والطريقة التي تمت بها مرحلة الإحلال وفرق بين ما مارسه العرب لهدمهم للكنائس المصرية عبر تاريخهم الإسلامي. فكل المعابد المحولة لكنائس كانت بعد إعتماد الإمبراطورية الرومانية للمسيحية كدين رسمي. والإنتقال للمسيحية تم تدريجياً من ثقافة وثنية لثقافة مسيحية وهذا الإحلال والتحول الفكري التدريجي نتيجة طبيعية للتطور الفكري للمجتمع، وليس بالتصفية العرقية وبالقتل كما فعل العرب بالمصريين.

المصدر : الفيس بوك /  Faridaa Ramzyy

This site was last updated 12/01/24