Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

نشأة الرهبنة

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الأنبا بيشوى
الرهبنة الحالية
الرهبنة للبابا شنودة الثالث
يوم مع الرهبان الأقباط
التعهد الذي يتلوه طالب الرهبنه
Untitled 1876
Untitled 1877
Untitled 1878
Untitled 1879
Untitled 1880
الأنبا بولا
الأنبا أنطون
الأنبا شنودة1
الأنبا باخوم
الأنبا يحنس القصير
الأنبا موسى الأسود
القديس مقاريوس

تعليق من الموقع : الرهبنة القبطية تغيرت بعد أن دخلت إلى الأديرة وسائل الإتصال بالعالم الخارجى والأصل هو الإنعزال والنسك ولكن إحقاقا للحق هناك أديرة ظلت على القليد القويم منها دير الأنبا مقار وأديرة أخرى كما أن بعض الرهبان تمسكوا بالتقليد القديم فى وسط إتصال الأديرة بالعالم وهم لا يتعدون أصابع اليد الواحدة فى هذه الأديرة كما فى دير الأنبا انطونيوس أبو الرهبان !!!وبالرغم من هذا التطور فما زال فى أديرتنا وكنائسنا القبطية قديسين وقديسات إنها الكنيسة الوحيدة اليوم التى مازال بها روح ألاباء القديم

هذه صورة رسمها فنان مسيحي بيزنطى في الصورة رسم سلم واصل من الأرض للسماء، والمسيح واقف فاتح ذراعيه في آخر السلم. وهناك مَنْ الرهبان يصعدون السلم، ومنهم من هم في بدايته أو منتصفه أو آخره .. ولكن المنظر الصعب أن أحدهم في ثلث السلم في البداية ضربه الشيطان بسهم فسقط. والمنظر الأصعب هو من كان في آخر السلم في الثلث الأخير ولا ينقص له إلا درجات بسيطة ويدخل في حضن المسيح والشيطان أصابه بسهم أسقطه.! شيء مر جداً أن يكون الإنسان على خطوات ويرث الملكوت ثم يستطيع الشيطان أن يسقطه. فوصية المسيح أنه لا يهم مستوى الفضيلة الذي أنت عليه، ولكن المهم أن تستمر للنهاية. "كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة". (الرؤيا 2: 10).
**************

نشأة الرهبنة

نشأت الرهبنة المسيحية فى مصر حيث بدأت فكرة العبادة النسكية فى البرارى والقفار منذ زمن سحيق فى تاريخها , ونحن  لانعلم كثيراً عن الرهبنه فى مصر قبل أنتشار المسيحية فيها , ولكن لنبدأ بالمسيحية , أنه من المعروف أن الذى بشر مصر هو مرقس رسول المسيح , وكان مرقس شاباً ولم يتزوج حتى قطع الوثنيين راسه فى الأسكندرية وقال المؤرخ القس منسى (1) : " لما كان مرقس الرسول متحلياً بالطهر والعفاف وبث روح الفضيلة فى قلوب كثير من المصريين فإعتزلوا الخلق ولجأوا إلى الكهوف والمغائر عاكفين على تسبيح الخالق والتغنى بذكره الأقدس فتحولت القفار القاحلة إلى رياض يانعة تنبت النفوس وتثمر الكمال " 

وظهرت فى مصر مجموعة من النساك ويعتقد أنهم طبقوا الفكر الكتابى فى المعيشة مشتركه كما ذكر سفر أعمال الرسل (2) : " ِإذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ." وعنهم قال يوسابيوس القيصرى (3) : " وكان جمهور المؤمنين رجالاً ونساء , الذين اجتمعوا هناك فى البداية وعاشوا حياة الزهد الفلسفية المتطرفة , كثيرون جداً , حتى أن فيلوا وجده أمراً جديراً بالأهتمام أن يصف جهادهم وأجتماعاتهم وتسلياتهم وكل طرق معيشتهم " ولما كان مرقس من اصل يهودى فقد كان غالبية الفئة التى مارست النسك والعبادة وأفردت مجتمعاً قائماً بذاته منعزلاً كانوا من اليهود الذين أستوطنوا مصر وقد ذكر فيلو عباره تدل على ذلك فقال (4) : " ويبدو أنهم كانوا من أصل عبرانى , ولذلك كانوا يراعون معظم عوائد الأقدمين حسب طريقة اليهود " ومن المعتقد أيضاً أن هذه المجتمعات المغلقة التى أنضمت إلى المسيحية كانت تمارس أنظمتها اليهودية قبل المسيحية بدليل مجتمع وادى القمران فى الجبال الذى وجدت فيه مخطوطات العهد القديم وقال فيلوا (5) عن وجود كتب وقوانين تحدد نظم هذه المجتمعات النسكية فقال : " ولديهم أيضاً كتابات من القدماء مؤسسى جماعتهم الذين تركوا آثاراً كثيرة رمزية , وهؤلاء يتخذونهم قدوة لهم ويقلدون مبادئهم "

وقال كاسيانوس وهو كاتب كنسى : " إن التقليد القديم يشهد بأن رهبان وادى النطرون متناسلون من المتأملين فى الإلهيات " أ . هـ

ويقول المؤرخ القس منسى يوحنا (6) : " وقيل أن اول دير مسيحى تأسس كان فى سنة 151 م حيث عزم فرونتيوس على ترك العالم زهداً فى الدنيا وملاذها فجمع إليه جماعة من الأخوة وسار بهم إلى وادى النطرون وإلى منطقة الجيزة وهناك قضوا بقية حياتهم بالنسك والتعبد فى بعض الكهوف الصخرية "

 الرهبانية

الراهب أو الراهبة هو أنسان أمتلئ وجدانه بالحب الإلهى عاشق للمسيح  لسان حاله يقول : " معك يارب لا أريد شيئاً " , هؤلاء الناس هم الذين تركوا كل شئ وتبعوا المسيح , لا يريدون شيئاً غير التسبيح والكلام مع الرب الإله , لا يستريح هؤلاء إلا أن يجدوا راحة للرب ومسكناً للإله يعقوب فى حياتهم , هؤلاء الناس قال لنا عنهم السيد المسيح فى أمثاله فقال عنهم  أنهم وجدوا جوهرة غالية الثمن فباعوا كل شئ وتبعوه .

وعندما يسلك هؤلاء فى سلك الرهبنة فلهم نظام تعبدى لأن لهم هدف واحد هو العيش بعيداً عن ضوضاء العالم فى عزلة عن الحياة العاملة وصخبها وشرورها , يهب حياته للصلاة العميقة الطويلة والتعبد بغير شاغل أو عائق .

ويتدرج الراهب فى العبادات ويتقوى بالإيمان ويرتقى فى النعمه بالرغم من المحاربات الشيطانية وعندما يغلبر بتواضعه يحصل على مقامات روحانية عالية فينكشف أمام عينية مفاهيم عميقة ما كان يصل مستواها من غير تلك العزلة وتكريس حياتهم للخالق .

معنى كلمة راهب

يقول المتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص26: " لعل التعبير العربى "رُهْبان" هو جمع " راهِب " مشتق من الرٌهبْة أو الجزع الذى يتولى ذلك الطراز من عًباد الرب , عندما يدخل فى مرحلة فحص الضمير وإمتحان النفس ومعرفتها على حقيقتها خصوصاً عندما يصل إلى بعض الإشراق الباطنى ويشرف على مرحلة الشخوص فى الأنوار العليا فتتولاه الرهبة وجزع " .

والرهبة والجزع عبر عنها أشعياء النبى عندما وصل إلى لحظات الإشراق فقال : " ويل لى إنى هلكت لأنى أنسان نجس الشفتين وأنا مقيم بين شعب نجس الشفتين , لأن عينى قد رأتا الملك ربٌ الجنود ( أشعياء 6: 5) وفى اللغة القبطية يقول الأنبا غريغوريوس : " أن التعبير القبطى يستخدم للدلالة على كلمة راهب هو موناخوس  ومنها أشتقت الكلمة اللاتينية Monachus والإنجليزية Monk والفرنسية moine وغيرها من اللغات الأخرى " .

وكل الكلمات فى اللغات السابقة معناها " المتوحد" وذلك لأن المتوحد هو إنسان إعتزل الناس ليحيا بمفرده من غير زوجه وأولاد بعيداً عن المجتمع , فيتوفر له الوقت الكافى لينموا با طنياً وروحياً ونفسياً .

والإنعزال عن المجتمع البشرى ليس أمراً سهلاً كما يبدو بل يمكن القول أنها مستحيله ولهذا قال أرسطو الفيلسوف : " لا يمكن لأحد من الناس أن يعيش بعيداً عن المجتمع إلا من كان دون الطبيعة البشرية أو فوق مستواها "

وعندما نتعمق فى كلمات أرسطوا يتضح لنا سمو الإتجاه الرهبانى فى الإنعزال بسمو الهدف وهذا ما أكده لنا تاريخ العلم الرهبانى :

1- أن هذه العزلة ممكنة لقلة ممتازة ومتميزة من الناس , قد أرتفعت فوق السلوك البشرى , وسمت بمستواها فوق سلوك الغريزة البشرية , لنوال النعمة الإلهية الكاملة وهنا يتحقق قول أرسطو هو أن هذه المجموعة هى فوق مستوى الطبيعة البشرية .

2- والعزلة ليست غاية إنما هى وسيلة من ضمن وسائل عديده للرهبان لبلوغهم الهدف , هذا الهدف هو بلوغ المستويات الروحية والعلمية فى القداسة والنعمة .

3- والعزلة ليست إنفصال عن المجتمع الإنسانى الكبير بل أنه يساهم بطريقة أو اخرى فى تمريض وعلاج النفس البشرية المتعبة حينما يتجه ألاف المتعبين إلى الأديرة طلباً لراحه النفس بعيداً عن قلق العالم كما يساهم الرهبان فى الإنتاج الإقتصادى بطريقة بسيطة فالراهب حسب قوانين الرهبنة يأكل من تعب يديه , فهو إذاً ليس عبئاً على المجتمع , وفى النهاية يرفع هؤلاء الرهبان الصلوات للكنيسة وشعبها أمام الرب الإله .

عناصر الرهبانية الثلاث

أولا : إعتزال العالم للتعبد

الرهبنة ليست هربا من مسئوليات الحياة , أو هرباً من المواقف الإنفعالية التى تواجه الشخص فى العالم , وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبى وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مرضياً .

الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبد وإنقطاع الإنسان للرياضيات الروحية والعقلية , هى أنصراف للتأمل والتصوف , وخلود إلى السكون , والوجود الدائم فى حضرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والإتحاد به وفى إرضاؤه والتفكير فى عمل الخير دائماً .

ثانياً : نذر التبتل للرب

يقتضى من طالب الرهبنة نذر التبتل للرب , والبتوليه هى حياة العزوبة الإختيارية مدى الحياة . وهذا النذر ليس هرباً من مسؤوليات الزواج , ولا كراهية للمرأة أو الأولاد , ولكن إيثارا وطلباً منه لحياة أفضل , لكى لا يكون منشغلاً عن الرب ومنفصلاً عنه بهموم العالم ومشاكله لكى يكون مقدساً للرب نفساً ووجداناً وروحاً .

وذلك حسب قول السيد المسيح نفسه : " لأن من الخصيان من وُلدوا كذلك من بطون أمهاتهم , ومنهم من خصاهم الناس , ومنهم من خصوا انفسهم من أجل ملكوت السماوات , فمن إستطاع أن يحتمل فليحتمل ... وكل من ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو بنين أو حقولاً لأجل إسمى , يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية (إنجيل متى 19: 12- 29) وأيضاً : " فإن غير المتزوج يهتم فيما للرب وكيف يرضى الرب , أما المتزوج فيهتم للعالم كيف يرضى إمرأته , إن بين الزوجة والعذراء فرقاً , غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة فى الجسد وفى الروح , واما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها (كورنثوس الأولى 7: 32- 34) وليس نذر البتوليه هو القضاء على الجنس البشرى لأن هذا الطريق هو طريق ضيق جداً ويسميه القديسين طريق القلة وهذا واضح من قول السيد المسيح : " ليس الجميع يحتملون هذا الكلام إلا الذين وهب لهم (متى 19: 11) .

إختيار حياة الفقر

قال الرب يسوع : " لأ يقدر أحد أن يخدم سيدين الرب والمال " وملخص الخبرة الإنسانية أن محبة المال هى أصل لكل الشرور لهذا إشترطت قوانين الرهبنة إختيار العيش فى حياة الفقر طواعية ويقنع الإنسان بحياة الكفاف مكتفياً بالضروريات فقط ويأكل من عمل يدية , ولهذا تشترط قوانين الرهبنة قبل الإعتزال فى الدير تنفيذ وصية الرب القائلة : " إن كنت تريد أن تكون كاملاً فإذهب ويع كل شئ لك وإعطيه للمساكين فيكون لك كنز فى السماء وتعال وأتبعنى ( متى 19: 21) .

وإذا حدث أن توفر المال للراهب من عمل يديه فقد نصت قوانين الرهبنة أن يصير هذا المال ملكاً للدير أو الكنيسة من بعد حياته طبقاً للفكر الرهبانى : " أنه إذا كان الراهب قد مات عن طلب الحياة فى العالم بإيثاره وإختياره , فمن كان ميتاً لا يرث ولا يورث , بل أنه لا يملك لنفسه شيئاً لأنه قد وهب حياته كلها للرب "

ويحكى أن ذهب أقرباء راهب إليه فى ديرة يخبرونه أن قريباً له قد مات فله أن يرثه .. فأجاب متسائلاً : " ومتى مات ؟ " فقالوا له : " منذ سنة " فقال الراهب : " ولكنى مت عن العالم منذ سنوات طويلة , فكيف لميت أن يرث ميتاً "

وليس معنى إختيار الفقر طواعية أن الرهبنة هى طريق الفقراء الذين لجأوا إلى الدير هرباً من أعباء الحياة أو ليتخلصوا من دفع الجزية .. فتاريخ الرهبنة طويل ينبئنا عن أعداد لا حصر لها من ذوى الثراء ومن كانوا فى منصب عليا , ومع ذلك تركوا كل شئ وتبعوا السيد المسيح الذى ليس له مكان ليسند راسه , فآثروا الفقر والتعبد على الغنى والجاه وهم فى ثقة أن المناصب الرفيعة إنما هى نفاية من أجل ربح المسيح .

وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر , القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان كان يملك 300 فدان من أجود الأراضى باعها ووزع ثمنها على الفقراء , القديس باخوميوس "أبو الشركة" كان قائداً فى الجيش إعتزل منصبه الكبير وترهب , القديس أرسانيوس كان " معلم لأولاد الملوك" وكان ابن لأحد قضاة روما وأستاذاً خاصاً لأركاديوس ابن الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وكان يحيا فى قصر الإمبراطور حياة القصور فى بذخ وترف ونعيم , ولكنه زهد فيها حاسباً عار المسيح أعظم من خزائن الملك , القديس مكسيموس وأخوه دوماديوس كانا " أبنا لأمبراطور الروم فالنتيان الأول ( 364- 375م) وكانا أبوهما فى أوج عظمته وقوته وغناه ولكنهما تركا قصره ليعيشا حياة التعبد , والقديس مار مينا العجائبى كان ابنا لحاكم مريوط , والقديس يوحنا صاحب الإنجيل المذهب كان ابنا لملك , القديسة دميانة كان ابوها حاكماً لأقليم البرلس .. هؤلاء وغيرهم تركوا الغنى والجاه والسلطان ونعيم الحياة وترفها وآثروا حياة الزهد والنسك والتعبد , سكنوا فى البرارى وشقوق الأرض من اجل عظم محبتهم فى المسيح .

ما زال قلة من الرهبان الأقباط المصريين يتبعون نظم آباء الرهبنة القديمة التى أنشأها الأنبا أنطونيوس والأنبا باخوميوس وغيرهم كما تغيرت نظم المعيشة فى كثير من الأديرة المصرية القبطية فى مصر ودخلهتها التكنولوجيا الحديثة وصارت هناك مطابخ حديثة وطعام ساخن وبارد وغيره من الرفاهية  ولم يتبقى إلا دير أبو مقار الذى يحافظ على نظم الرهبنة القديمة
ويختلف الأمر فى أثيوبيا حيث تجد الكثيرين من الرهبان فى شقوق الأرض والجبال والبرارى ما زالوا يخافظون على حياة التقشف وهذا هو أحدهم

   Monasticism is an important feature of Ethiopian Orthodox Christianity. For Ethiopians, monasticism is a higher form of Christianity. This might
be because Christianity itself was introduced to the country by monk missionaries. The Rules of Pachomius, the father of coenobitic monasticism, were among the first religious books translated into the local language, along with the scriptures of the New Testament. The monasteries these monks and their followers established served the Church very well for centuries as centers of education and the production of its literature. Despite setbacks from the destruction's inflicted, the monastic life still persisted in different corners of the country.

*****************************************

نظم الرهبانية

أولاً : نظام العباد المتوحدين

بدأ نظام الرهبنة بنظام التوحد وأول نظام أتبع فى الرهبنة وسار عليه أول من ترهب مثل الأنبا بولا السائح والأنبا أنطونيوس , وهذ النظام الرهبانى هم الرهبان الذين يعيشون متفرقين منفردين كل واحد فى مغارة أو كهف فى الصحارى والجبال , ويتبعون نظاماً خاصاً فى صلاته وصومه وعبادته وتأملاته , وحتى الأنبا باخوميوس الذى وضع نظام الشركة للرهبان الكثيرين الذين تبعوه , عاش هو نفسه على نظام العباد المتوحدين وكانت له مغارته البعيدة عن الدير , وعاش المتوحدين بالقرب من أديرتهم فى مبانى خاصة فيما بعد عرفت هذه المبانى بالمنشوبيات

وفى نظام التوحد لا يضم المغارات ولا الكهوف ولا المنشوبيات سور واحد , وما كان على الأنبا أو اب الدير أو رئيسه يتفقد الرهبان واجداً واحداً يرشدهم ويوجههم ويسأل عن سلامتهم وإحتياجاتهم ويجيب على أسئلتهم والدير بهذا المعنى يسمى موناستيريون .. ومعناه المكان يضم مجموعة مغارات متناثرة كل منها مونا مستقلة بذاتها .

ثانياً : نظام الشركة أو الرهبانية الإشتراكية

بداية نظام الشركة الأنطونى

بدأ نظام الشركة فى الرهبنة عندما أجتمع حول القديس أنطونيوس عدد كبير من الشباب يريدون أن يتبعوا طريقه فى الرهبنة ولكنه تجاهلهم لمدة 20 سنة (7) , ولما بلغ بهم الضيق اقتحموا بابه عنوة فإضطر يخرج إليهم , وكان على أنطونيوس حينئذ " أن ينتقل دائماً كأب بين جماعات أولاده من مكان إلى مكان " وعلى هذا المنوال تكون اول نموذج نظام الرهبانى القبطى : " أب يرعى أسرة روحية من ألأبناء المحبوبين المخلصين للطريق " وهكذا تكون أول تظام الرهبنة الأنطونية تلقائياً , إنما بتمهيد روحى لا يعرف سر بدايته وسر نموه إلا من عاشه " 

أصل كلمة " كينوبيون "

تعنى  كلمة " كينوبيون "  تعنى حياة مشتركة وهى من مقطعين   = مشترك و  = حيــاة , وتنطق " كينوبيوس " أو " :ينوبيون " وتعنى : " مؤسسة أو مكان به قلالى كثيرة أصحابها متحدون فى نظام الحياة " وترادف فى المعنى الوصفى تماماً كلمة موناستيرن  وهى أصلاً من كلمة أى " يعيش بمفرده أو يحيا وحيداً " فكلمة موناستيرون  تعنى : " مكان يحبا فيه الناس حياة منفردة " وهذه الكلمة , طبعاً , أنحرف معناها , وتطورت لتشمل معنى الدير بوصفة الحالى , وهو جماعة يعيشون معاً حياة غير توحدية على الأطلاق .

نظام الشركة الباخومى

نظام الشركة الباخومى هو صورة منظمة متقدمة فقد وضع هذا النظام الأنبا باخوم بكتابة قوانيين ولهذا عرف هذا النظام باسمه " النظام الباخومى" وتغير أسم الأنبا باخوم وأطلق عليه أسم "أبى الشركة" وهذا النظام فى الحقيقة يرجع إلى النظام الإشتراكى المسيحيى الذى وضعته الكنيسة الأولى  حسب ما جاء نصه : " وكان جميع المؤمنين معاً وكان كل شئ مشتركاً بينهم ( أعمال الرسل 2: 44) "  وكان كل شئ مشتركاً بينهم .. ولم يكن فيهم محتاج لأن كل الذين كانوا يملكون ضياعاً أو بيوتاً كانوا يبيعونها ويأتون بأثمانها .. فيوزع لكل واحد حسب إحتياجاته ( أعمال الرسل 4: 32- 34)

وقد وضع الأنبا باخوم قوانين لهذا النظام الإشتراكى ويسير الرهبان فى خضوع لنظام صارم دقيق موحد : فى يقظتهم ونومهم وصلواتهم , وأصوامهم , وطعامهم , وإجتماعاتهم وعملهم , وللدير وظائف فنية وإدارية وهندسية .. ألخ يعهد بها للرهبان الأكفاء وعلى الباقيين التعاون معه لأجل إكمال هذا النظام فى تواضع وبذل آخذين نظامهم من المعيشة المشتركة التى كان التلاميذ يحيونها مع المسيح , وهذا النظام ألإشتراكى التعاونى البسيط وكل واحد له حقوق وعليه إلتزامات , ولا يسمح لأحد الخروج على النظام العام المرسوم ومن يخرج عليه توقع عليه عقوبة صارمة رادعه  .

وقد نقل الغرب هذا النظام وهذا النظام يمثل طريقاً وسطاً بين الحياة العامة ونظام التوحد المطلق , كما يعد ممراً لكلا الإتجاهين , وفى الغالب يكون الإتجاه نحو التوحد فى تدرج الطبيعى دون إفتعال أو عنف كبير , فيتدرج تحت إرشاد الشيوخ المتوحدين إلى أن يصل أن يكون هو معلماً لطريق الوحده للآخرين  .

***************************************

درجات الرهبانية 

الرهبنة طريق جهاد طويل ومنظم تحت إرشاد معلم وصل إلى الفضيلة يتدرج مع الراهب من خطوة إلى أخرى وتختلف مدة إكمال كل خطوه  والإنتقال إلى الثانية طبقاً لعوامل عديده منها إستعداد الراهب وتحمسه , مدى طاعته , قدرته على تنفيذ تعليمات مرشده , ودرجه جده وإجتهاده

1- تلميذ الرهبنة

وتعنى هذه الدرجه مؤمن

2- راهب

 هو تلميذ مؤمن pictoc

3- عابد

 

4- ناسك

 

5- متوحد

 وهو يعيش منفرداً بعيداً عن الناس , , وكلمة " أنا خوريتيس " تعنى إنساناً إنعزل وتخلف عن الحياة مع الناس .

6- سائح

والسواح المجاهدين هم رهبان أحياء وصلوا إلى درجة السياحه تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" , ومن فرط تعلقهم بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم , وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف .

وعندما تشتد رغبة السياح لصلاة القداس يختطفون من أماكنهم النائية ويجتمعون فى غير أوقات الصلاة العامة ويصلون فى كنيسة قديمة أو مهجورة حيث يتوافر لهم الهدوء والسكون وينصرفون قبل أن يراهم الناس ويرجع كل إلى مكانه البعيد فى قلب الصحراء وعلى رؤوس الجبال . راجع كتاب الأنيا غرغوريوس عن الدير المحرق - وقد سمعت العديد من افواه الكهنة أنهم فى بعض الأحيان يجدون أدوات المذبح فاطرة وهو التعبير الشائع حينما تستخدم أدوات المذبح فى الصلاة وهذا معناه أنها أستخدمت فى قداس سابق ولا يجب ان تستخدم فيستخدمون غيرها - وذكر لى أحد الأصدقاء أنه أثناء صلاة التسابيح فى إحدى كنائس مصر القديمة أن كثير من الأرائك القديمة الموجوده فى الكنيسة صدر عنها صوت دليل على وجود ناس فى الكنيسة فى الوقت الذى لا يوجد غيره وأثنين آخرين وقال لى أن شعر راسه وقف من الرهبه التى أحس بها وقد اسرع فى الإنتهاء من التسابيح وترك الكنيسه بسرعه - وقد تعجبت لأن صديقى كان عملاقا وكان لا يهاب أحداً لأنه كان مصارعاً .

وللسواح سيطرة على أجسادهم لا يصدقها الماديون والناس عادة لا تميل إلى الأخذ بصحة وجود هذا النوع من سيطة الإنسان على جسده أو أن يكون لهم إمكانية الإختطاف والإنتقال بالجسد من مكان إلى آخر ، ولكن هذه درجة من درجات الرهبنة القبطية ويقال أنه لا يصل أحد إلى هذه الدرجة إلا أفراد قلائل ويمكن ألا يصل أحد إلى هذه الدرجة فى جيل كامل

 

7- الرؤيا

وهى مرحله نادره لا يصلها إلا القلائل وهى مرحلة الشخوص فى الرب والإتحاد به  وتعتبر درجة السايحة من الدرجات الروحية السامية وفى نهايتها يصل السائح إلى درجة " التورية " وهى درجة " الرؤيا الطوبانية " حيث يبلغ الناسك الزاهد إلى مقام الشخوص فى الرب افله ، والإتحاد به ، والحياه فيه ، بعد أن يكون قد صار إلى الإماتة فى الجسد

 --------------------------------------------------------------------------------

 نشـر المسـيحية فـي فرنسـا وبريطانيا.
تبشـير الرهـبان جنوب فرنسـا وايرلندا وبريطانيا.

 نشر الرهبنة في أوربا بواسـطـة عظـات وكتـابات  البابا أثناسـيوس

 وافدين لمصـر لدراسـة نظـام الرهبنة
من إيطاليا: روفنيوس، وميلانو،  إيرونيموس، كاسيان، أرسانيوس.
ومن مصر: بلاديوس
***********************

مناطق الرهبنة فى مصر

زار القديس الأسقف المؤرخ بالاديوس نتريا بعد نياحة أمون بنصف قرن، حيث قدر عدد رهبان جبل نتريا بخمسة آلاف من بينهم 600 متوحدًا، ويوجد كنيسة ضخمة بجوارها بيت خلوة للضيوف، وكان الكل يمارس العمل اليدوي. كان من بينهم ثمانية كهنة يخدمون الكنيسة.

الرهبانية‏:‏
وقفة‏ ‏مع‏ ‏النفس‏ ‏بصدق‏ ‏ليمتحن‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏نفسه‏, ‏يدرس‏ ‏نفسه‏ ‏ويكتشف‏ ‏ضعفاتها‏, ‏ويبحث‏ ‏عن‏ ‏أساليب‏ ‏علاج‏ ‏هذه‏ ‏الضعفات‏.. ‏ويعرف‏ ‏قيمة‏ ‏إرشاد‏ ‏الأب‏ ‏الروحي‏.‏
‏* ‏مقاومة‏ ‏النفس‏, ‏وتنمية‏ ‏القدرة‏ ‏علي‏ ‏الانتصار‏ ‏عليها‏.‏
‏* ‏نقاوة‏ ‏القلب‏, ‏والتمتع‏ ‏بالسكون‏ ‏والهدوء‏ ‏والحب‏ ‏نحو‏ ‏الجميع‏ ‏واكتساب‏ ‏فضيلة‏ ‏الصمت‏.‏
‏* ‏الطاعة‏ ‏بدون‏ ‏تذمر‏.‏
‏* ‏متعة‏ ‏الحديث‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏بفهم‏ ‏وحرارة‏ ‏واشتياق‏ ‏وبإيمان‏ ‏وخشوع‏.‏
‏* ‏السلام‏ ‏الداخلي‏ ‏والبشاشة‏, ‏كل‏ ‏من‏ ‏ينظر‏ ‏إلي‏ ‏وجهه‏ ‏يمتلئ‏ ‏بالسلام‏ ‏والطمأنينة‏.‏
‏* ‏الرهبنة‏ ‏ليست‏ ‏هروبا‏ ‏من‏ ‏العالم‏, ‏بل‏ ‏هي‏ ‏ارتفاع‏ ‏فوق‏ ‏مستوي‏ ‏العالم‏, ‏والشعور‏ ‏بأن‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏ليست‏ ‏له‏ ‏قيمة‏, ‏أيضا‏ ‏ارتفاع‏ ‏فوق‏ ‏مستوي‏ ‏الخوف‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏حياة‏ ‏الوحدة‏.‏
‏* ‏اكتساب‏ ‏المعرفة‏ ‏والتعمق‏ ‏في‏ ‏استيعابها‏ (‏عقيدة‏/ ‏تاريخ‏ ‏الكنيسة‏/ ‏القوانين‏ ‏الكنسية‏/ ‏تقاليد‏ ‏البيعة‏ ‏وتعاليمها‏..), ‏والتمكن‏ ‏من‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏كأساس‏ ‏روحي‏.‏
‏* ‏اكتساب‏ ‏سمات‏ ‏الشجاعة‏ ‏واحترام‏ ‏المبادئ‏, ‏لا‏ ‏يجامل‏, ‏لايحابي‏, ‏لا‏ ‏يهاب‏ ‏ولا‏ ‏يتزعزع‏, ‏يعلن‏ ‏صوت‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏وضوح‏ ‏وقوة‏.‏
‏* ‏تيقظ‏ ‏الضمير‏, ‏والحكمة‏, ‏والتعقل‏, ‏وضبط‏ ‏النفس‏, ‏وحب‏ ‏للخير‏.‏

===================

المــــــــراجع

(1) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 92

(2) ( أع 4: 34 - 35)

(3) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 16 (ك2 ف 16)

(4) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 17 عدد 2 ( ك2 ف 17 : 2)

(5) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 17 عدد 11 (ك2 ف17 : 11)

(6) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 92

 (7) دير القديس أنبا مقار - الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار - الأب متى المسكين سنة 1995 م ص 48

http://www.coptichistory.org/untitled_1874.htm يوم مع الرهبان الأقباط فى ديرهم

الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************
الكتاب الأول: الفصل الثانى عشر
(بشأن نظام الرهبنة: أصلها ومؤسسوها)
(1/12/1) وأولئك الذين اعتنقوا الرهبنة فى هذه الفترة لم يكونوا الأدنى فى اظهار الكنيسة بأكثر ضياء والبرهنة على حقيقة عقائدهم بسلوكهم التقوى. وفى الحقيقة، أكثر الأمور فائدة التى يتلقاها الانسان من الله هى فلسفتهم([103]). فقد اهملوا فروعا كثيرة من الرياضيات والأساليب التكنيكية للجدل لأنهم اعتبروا أن مثل هذه الدراسات سخافات ومضيعة للوقت لا فائدة منها مدركين أنها لا تساهم بشىء نحو الحياة الصحيحة. لقد اخضعوا ذواتهم لغرس العِلم الطبيعى المفيد على وجه الحصر لكى ما يخففوا من الشر إن لم يقضوا عليه. لقد احجموا بثبات عن اعتبار أىَّ عمل ما أو مبدأ ما أنه جيد، إذا كان يشغل مكانا وسطا بين الفضيلة والرذيلة، لأنهم يبتهجون فقط بالصالح. إنهم يعتبرون أى انسان شريرا ذاك الذى بالرغم من امتناعه عن الشر لا يصنع خيرا. لأنهم لا يَظهرون بالجدل بل بالممارسة، ويعتبرون مجد الناس كلا شىء. وقهروا ببسالة أوجاع([104]) النفس، ولم يرضخوا لا لضروريات الطبيعة ولا لضعفات الجسد. وإذ اقتنوا قوة الذهن الإلهى، نظروا دوما إلى خالق الكل، ساجدين له ليلا ونهارا ومتوسلين بالصلوات والتضرعات، وأنجزوا، بواسطة ممارسة الأعمال الصالحة بنقاوة نفس، الفروض الدينية دون أدنى شعور بذنب. وازدروا بالتطهير([105]) والأوانى الشهوانية وما شابه ذلك من احتفالات. لأنهم رأوا أن الآثام وحدها هى [الأشياء] المُلامة. إنهم أكبر من المسببات الخارجية الخاضعين لها والمُمسَكين بها كما لو كانت كل الأشياء تحت سيطرتهم. ولذلك لا يحيدون عن الطريق الذى اختاروه، بسبب كوارث أو ضرورة تؤثّر فى الحياة. إنهم لا يحزنون عندما يُهَانون ولا يُدافعون عن أنفسهم عندما يتعرضون لمكيدة، ولا تخور عزائمهم عندما يُصابون بمرض، أو عوز فى الضروريات بل بالأحرى يبتهجون بمثل هذه التجارب ويحتملونها بصبر ودعة. إنهم يدربون أنفسهم طوال حياتهم على القناعة بالقليل، والاقتراب من الله كلما أمكن للطبيعة البشرية. إنهم يعتبرون الحياة الحاضرة كرحلة فقط، ولذلك ليسوا متهافتين على اقتفاء الثروة ولا على امدادات الحاضر بما يفوق الضروريات. إنهم يُعجَبون ببساطة وجمال الطبيعة ولكن رجاءهم فى السمائيات والبركات المستقبلية لإنهم غارقون بالكامل فى عبادة الله ويُحجِمون عن اللغة الفاحشة، ويُرذلون الممارسات الشريرة، لذلك لا يسمحون بمثل هذه الأشياء حتى أن تُذكَر. لقد حدوا كلما أمكن طلبات الطبيعة وأقمعوا الجسد ليقنع بالمدد المتواضع. لقد تغلبوا على الإفراط بالاعتدال، وعلى الظلم بالعدل، وعلى الباطل بالحق، وحازوا على الوسطية السعيدة فى كل شىء. وعاشوا فى اتساق وشركة مع جيرانهم. لقد زوَّدوا الأصدقاء والغرباء الذين فى حاجة ما، كلا بحسب حاجته وعزّوا الحزانى. وإذ كانوا مجتهدين فى كل شىء وغيورين فى السعى نحو الخير الأسمى، كان تعليمهم بالرغم من أنه ملتحف بالاتضاع والفطنة وخالٍ من البلاغة الباطلة، كان يحوز على قوة كدواء ناجع فى شفاء الأمراض الأخلاقية لسامعيهم. لقد تكلموا أيضا بخوف ورعدة مُحذرين من كل نزاع وغضب وتهكم. وفى الحقيقة، ساد المعقول على سائر الانفعالات غير المعقولة، وخمدت الأهواء الطبيعية والجسمانية.
(1/12/2) لقد كان يوحنا المعمدان وايلياس النبى مؤسسا هذه الفلسفة السامية، كما يقول البعض، ويروى فيلو الفيثاغورى([106]) أنه فى زمانه كان العبرانيون يلتقون معا، من سائر أرجاء الدنيا، فى مكان من البلد يقع على تل بالقرب من بحيرة ماريوتيس بقصد الحياة كفلاسفة([107]). ويصف مساكنهم، ونظامهم اليومى، وعاداتهم، والتى كانت تماثل نلك التى نقابلها اليوم فى رهبان مصر. ويقول أنه من اللحظة التى يُخضِعون فيها أنفسهم لدراسة الفلسفة يتخلون فيها عن مقتناياتهم لأقربائهم، ويهجرون الأعمال والمجتمع ويسكنون خارج الأسوار منفردين فى الحقول والبساتين. ويخبرنا أيضا أنه كان لهم مبانى مقدسة، كانوا يدعونها أديرة، كانوا يسكنون فيها منفردين([108]) وينشغلون بالإحتفال بالسرائر المقدسة وعبادة الله بالمثابرة على التسابيح والمزامير. ولا يذوقون طعاما قط قبل غروب الشمس، وبعضهم يتناولون طعاما كل ثلاثة أيام فقط، أو حتى مدة أكثر. وأخيرا، يقول أنه فى أيام معينة ينطرحون أرضا ويمتنعون عن النبيذ ولحم الحيونات، وطعامهم الخبز فقط ممزوجا بالملح والزوفا([109])، وشرابهم الماء. وأنه كانت هناك نساء بينهم عاشوا كعذارى إلى الشيخوخة محبة فى الفلسفة، واختاروا بإرادتهم الطواعية التبتل.
(1/12/3) وفى هذه الرواية يبدو أن فيلو يصف يهودا معينين اعتنقوا المسيحية، ولكنهم ظلوا يُبقون على عادات أمتهم. إذ لم توجد أيٌ من ملامح هذا النمط من الحياة فى أى مكان آخر. ومن ثمة فإننى أخلص إلى أن هذه الفلسفة([110]) قد ازدهرت فى مصر فى هذه الفترة. ومع ذلك، يؤكد آخرون أن هذا النمط من الحياة قد نتج عن الاضطهادات التى كانت تثور من وقتٍ إلى آخر والتى بسببها اضطر الكثيرون إلى الفرار إلى الجبال والصحارى والغابات ثم صاروا يعتادون هذا النوع من الحياة([111]).
*********
المراجع
103)   أى من وجهة نظرهم لمختلف نواحى الحياة ، وتعبير سوزمينوس لمغهوم "الغنوسية المسيحية" أى "المعرفة المسيحية" ولما كانت كلمة فلسفة تعنى لغويا "محبة الحكمة" أى محبة المعرفة الجيدة فمن هنا إستخدمها  سوزمينوس إصطلاحيا للرهبنة بإعتبارها فى نظره الطريق للمعرفة "الحقيقية" للرب
104)  "أوجاع" هى الكلمة التى تترجم أيضا إلى "أهواء" والتى كانت موضوع كتب القسم الثانى من عمل كاسيان "الأنظمة"
105)  اليهودى
106)   أى أتباع فيثاغورس
107) يلاحظ هنا أن الجماعة التى تكلم عنها فيلو المؤرخ اليهودى السكندرى ، والتى كانت تحيا بالقرب من بحيرة مريوط الحالية ، دون أن يذكر جنسيتهم أو ديانتهم يقول سوزمينوس هنا صراحة أنها كانت تتكون من العبرانيين وهو بهذا أول من نعتها بوضوح هنا ، وفى نظرى أنها كانت إمتدادا لجركة الآسينيين القديمة فى وادى قمران
108) واضح من وصف سوزمينوس أنه أخذ كلمة     بمعناها اللغوى وهو مسكن الراهب أو الناسك ، وليس بمعناها الإصطلاحى وهو الدير المسور بشكله الحالى
109)  الزوفا بالإنجليزية : وهو عشب يعرف بأشنان داود ، وموطنه الأصلى حوض البحر الأبيض المتوسط ، ويكثر فى الراضى الكلسية المشمسة ،وبعتبر احد أنواع النباتات التى تنمو فى المستنقعات  المالحة فى أماكن كثيرة فى العالم ، له إستعمالات طبيه عديدة ولكن يمكن إستخدام بعضه كغذاء للإنسان ويمكن تخليله ، أنظر شكله وفوائده الطبية بإحدى مواقع البحث الإلكترونى
110) يحلوا ل سوززمينوس نعت الرهبنة فى هذا الكتاب بـ "الفلسفة" إذ كان يراها "حب الحكمة الحقيقية ؟ التى هى معرفة الكلمة الإلهى
111)  بينما يحاول البعض الإعتراض على هذا العامل ، فإن الدراسة التاريخية المحضة ، ترى أنه كان بالفعل أحد العوامل اللجوء إلى الصحارى ، ثم التنسك ليس فقط فى مصر بل فى كل بلاد الشرق ةهى البلاد التى عانت من إضطهادات مريرة عديدة دينية ومذهبية عبر قرون الوثنية والمسيحية وألإسلامية ، وما زالت تئن بانواع شتى حتى الآن

 

 

 

This site was last updated 09/20/17