Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

رجوع محمد ليثرب / المدينة بعد الحرب - وآثار الحرب

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الطريق إلى بدر
القتال فى بدر
قتل أبو جهل
رجوع محمد وآثار الخرب
القرآن وغزوة بدر
هجرة زينب
المسلمين الذين حضروا بدراً
الشعر وغزوة بدر 1

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

*******************************************************

لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م  ستة مجلدات - الجزء الثانى -  49/116

************************************************

 بشرى الفتح

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الفتح عبدالله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية ، بما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين ، وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة ‏‏.‏‏
قال أسامة بن زيد ‏‏:‏‏ فأتانا الخبر - حين سوينا التراب على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، التي كانت عند عثمان بن عفان ‏‏.‏‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلَّفني عليها مع عثمان - أن زيد بن حارثة قد قدم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فجئته وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس ، وهو يقول ‏‏:‏‏ قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، وأبو البختري العاص بن هشام ، وأمية بن خلف ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ يا أبت ، أحق هذا ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم ، والله يا بني ‏‏.‏‏

الرجوع إلى المدينة
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة ، ومعه الأسارى من المشركين ، وفيهم عقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النَّفَل الذي أصيب من المشركين ، وجعل على النفل عبدالله بن كعب بن عمرو ابن عوف بن مبذول ‏بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار ؛ فقال راجز من المسلمين - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يقال ‏‏:‏‏ إنه عدي بن أبي الزغباء ‏‏:‏‏
أقم لها صدروها يا بسبسُ * ليس بذي الطلح لها مُعرَّسُ
ولا بصحراء غُمير محبس * إن مطايا لقوم لا تُخَيَّسُ
فحملها على الطريق أكيس * قد نصر الله و فرّ الأخنس

تهنئة المسلمين الرسول صلى الله عليه وسلم بالفتح
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى إذا خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية - يقال له ‏‏:‏‏ سير - إلى سرحة به ‏‏.‏‏ فقسّم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء ، ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين ، فقال لهم سلمة بن سلامة - كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، ويزيد بن رومان - ‏‏:‏‏ ما الذي تهنئوننا به ‏‏؟‏‏ فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعقلة ، فنحرناها ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال ‏‏:‏‏ أي ابن أخي ، أولئك الملأ ‏‏‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الملأ ‏‏:‏‏ الأشراف والرؤساء ‏‏.‏‏

مقتل النضر وعقبة
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث ، قتله علي بن أبي طالب ، كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم خرج حتى إذا كان بعرق الظبية قُتل عقبة بن أبي معيط ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ عرق الظبية عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ والذي أسر عقبة ‏‏:‏‏ عبدالله بن سلمة أحد بني العجلان ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فقال عقبة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ‏‏:‏‏ فمن للصبية يا محمد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ النار ‏‏.‏‏ فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري ، أخو بني عمرو بن عوف ، كما حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال قتله علي بن أبي طالب فيما ذكر لي ابن شهاب الزهري وغيره من أهل العلم ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ولقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بذلك الموضع أبو هند ، مولى فروة بن عمرو البياضي بحميت مملوء حيسا ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الحميت ‏‏:‏‏ الزق ، وكان قد تخلف عن بدر ، ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو كان حجام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ إنما هو أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه ، وأنكحوا إليه ، ففعلوا ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر أن يحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أسعد بن زرارة ، قال ‏‏:‏‏ قُدم بالأسارى حين قُدم بهم ، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء ، في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء ، وذلك قبل أن يُضرب عليهن الحجاب ‏‏.‏‏ ‏
قال ‏‏:‏‏ تقول سودة ‏‏:‏‏ والله إني لعندهم إذ أُتينا ، فقيل ‏‏:‏‏ هؤلاء الأسارى ، قد أتى بهم ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ فرجعت إلى بيتي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، قالت ‏‏:‏‏ فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت ‏‏:‏‏ أي أبا يزيد ‏‏:‏‏ أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراما ، فوالله ما أنبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت ‏‏:‏‏ يا سودة ، أعلى الله ورسوله تحرضين ‏‏؟‏‏ قالت ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت ‏‏.‏‏

الإيصاء بالأسارى
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني نبيه بن وهب ، أخو بني عبدالدار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه ، وقال ‏‏:‏‏ استوصوا بالأسارى خيرا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وكان أبو عزيز ابن عمير بن هاشم ، أخو مصعب بن عمر لأبيه وأمه في الأسارى ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال أبو عزيز ‏‏:‏‏ مرّ بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني ، فقال ‏‏:‏‏ شد يديك به ، فإن أمه ذات متاع ، لعلها تفديه منك ، قال ‏‏:‏‏ وكنت في رهط من الأنصار حين أقبوا بي من بدر ، فكانوا إذا قدّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز ، وأكلوا التمر ، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأستحيي فأردها على أحدهم ، فيردها علي ما يمسها ‏‏.‏‏

بلوغ مصاب قريش في رجالها إلى مكة
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وكان أبو عزيز صاحب لواء المشركين ببدر النضر بن الحارث ، فلما قال أخوه مصعب بن عمير لأبي اليسر ، وهو الذي أسره ، ما قال ، قال له أبو عزيز ‏‏:‏‏ يا أخي ، هذه وصاتك بي ، فقال له مصعب ‏‏:‏‏ إنه أخي دونك ‏‏.‏‏ فسألت أمه عن أغلى ما فُدي به قرشي ، فقيل لها ‏‏:‏‏ أربعة آلاف درهم ، فبعثت بأربعة آلاف درهم ، ففدته بها ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الحيسمان ابن عبدالله الخزاعي ، فقالوا ‏‏:‏‏ ما وراءك ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو الحكم بن هشام ، وأمية بن خلف ، وزمعة بن الأسود ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، وأبو البختري بن هشام ، فلما جعل يُعدد أشراف قريش ؛ قال صفوان بن أمية ، وهو قاعد في الحجر ‏‏:‏‏ والله إن يعقل هذا فاسئلوه عني ؛ فقالوا ‏‏:‏‏ و ما فعل صفوان بن أمية ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ها هو ذاك جالسا في الحجر ، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني حسين بن عبدالله بن عبيد الله بن عباس ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، قال ‏‏:‏‏ قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ كنت غلاما للعباس بن عبدالمطلب ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمتُ ، وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه ، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر ، فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة ، وكذلك كانوا صنعوا ، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا ، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش ، كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ وكنت رجلا ضعيفا ، وكنت أعمل الأقداح ، أنحتها في حجرة زمزم ، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحي ، وعندي أم الفضل جالسة ، وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر ، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر ، حتى جلس على طنب الحجرة ، فكان ظهره إلى ظهري ؛ فبينما هو جالس إذ قال الناس ‏‏:‏‏ هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ واسم أبي سفيان المغيرة - قد قدم ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال أبو لهب ‏‏:‏‏ هلم إلي ، فعندك لعمري الخبر ، قال ‏‏:‏‏ فجلس إليه والناس قيام عليه ، فقال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، أخبرني كيف كان أمر الناس ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا ، ويأسروننا كيف شاءوا ، وأيم الله مع ذلك ما لمتُ الناس ، لقينا رجالا بيضا ، على خيل بلق ، بين السماء والأرض ، والله ما تُليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء ‏‏.‏‏
قال أبو رافع ‏‏:‏‏ فرفعت طُنُب الحجرة بيدي ، ثم قلت ‏‏:‏‏ تلك والله الملائكة ؛ قال ‏‏:‏‏ فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض ، ثم برك علي يضربني ، وكنت رجلا ضعيفا ، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة ، فأخذته فضربته به ضربة فلعت في رأسه شجة منكرة ، وقالت ‏‏:‏‏ استضعفته أن غاب عنه سيده ؛ فقام موليا ذليلا ، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعَدَسة فقتله ‏‏.‏‏

قريش تنوح على قتلاها وشعر الأسود في رثاء أولاده
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، قال ‏‏:‏‏ ناحت قريش على قتلاهم ، ثم قالوا ‏‏:‏‏ لا تفعلوا فيبلغ محمد و أصحابه فيشمتوا بكم ؛ ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده ، زمعة بن الأسود ، وعقيل بن الأسود ، والحارث بن زمعة ، وكان يحب أن يبكي على بنيه ، فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل ، فقال لغلام له ، وقد ذهب بصره ‏‏:‏‏ انظر هل أُحلّ النَّحْب ؛ هل بكت قريش على قتلاها ‏‏؟‏‏ لعلي أبكي على أبي حكيمة ، يعني زمعة ، فإن جوفي قد احترق ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فلما رجع اليه الغلام قال ‏‏:‏‏ إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فذاك حين يقول الأسود ‏‏:‏‏
أتبكي أن يضل لها بعير * ويمنعها من النوم السهودُ
فلا تبكي على بكر ولكن * على بدر تقاصرت الجدود
على بدر سراة بني هصيص * ومخزوم ورهط أبي الوليد
وبكّي إن بكيت على عقيل * وبكّي حارثا أسد الأسود ‏
وبكيهم ولا تسمي جميعا * وما لأبي حكيمة من نديد
ألا قد ساد بعدهم رجال * ولولا يوم بدر لم يسودوا
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ هذا إقواء ، وهي مشهورة من أشعارهم ، وهي عندنا إكفاء ‏‏.‏‏ وقد سقطنا من رواية ابن إسحاق ما هو أشهر من هذا ‏‏.‏‏

فداء أسرى قريش وفداء أبي وداعة
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان في الأسارى أبو وداعة بن ضبيرة السهمي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ إن له بمكة ابنا كيِّسا تاجرا ذا مال ، وكأنكم به قد جاءكم في طلب فداء أبيه ؛ فلما قالت قريش لا تعجلوا بفداء أسرائكم ، لا يأرب عليكم محمد وأصحابه ، قال المطلب بن أبي وداعة - وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى - ‏‏:‏‏ صدقتم ، لا تعجلوا ، وانسل من الليل فقدم المدينة ، فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم ، فانطلق به ‏‏.‏‏
فداء سهيل بن عمرو
قال ‏‏:‏‏ ثم بعثت قريش في فداء الأسارى ، فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف في فداء سهيل بن عمرو ، وكان الذي أسره مالك بن الدخشم ، أخو بني سالم بن عوف ، فقال ‏‏:‏‏
أسرتُ سهيلا فلا أبتغي * أسيرا به من جميع الأممْ
وخندف تعلم أن الفتى * فتاها سهيل إذا يظلم
ضربت بذي الشفر حتى انثنى * وأكرهت نفسي على ذي العلم
وكان سهيل رجلا أعلم من شفته السفلى ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكر هذا الشعر لمالك بن الدخشم ‏‏.‏‏

النهي عن التمثيل بالعدو
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد بن عمرو بن عطاء ، أخو بني عامر ابن لؤي ‏‏:‏‏ أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، دعني أنزعْ ثَنِيَّتَيْ سهيل بن عمرو ، ويدلع لسانه ، فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا ؛ قال ‏‏:‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيا ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا الحديث ‏‏:‏‏ إنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمه ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وسأذكر حديث ذلك المقام في موضعه إن شاء الله تعالى ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما قاولهم فيه مكرز وانتهى إلى رضاهم ، قالوا ‏‏:‏‏ هات الذي لنا ، قال ‏‏:‏‏ اجعلوا رجلي مكان رجله ، وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه ‏‏.‏‏ فخلوا سبيل سهيل ، وحبسوا مكرزا مكانه عندهم ، فقال مكرز ‏‏:‏‏
فديت بأذواد ثمان سبا فتى * ينال الصميم غُرْمها لا المواليا
رهنت يدي والمال أيسر من يدي * علي ولكني خشيت المخازيا
وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به * لأبنائنا حتى ندير الأمانيا
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكر هذا لمكرز ‏‏.‏‏

أسر عمرو بن أبي سفيان و إطلاقه
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، قال ‏‏:‏‏ كان عمرو بن أبي سفيان بن حرب ، وكان لبنت عقبة بن أبي معيط - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أم عمرو بن أبي سفيان بنت أبي عمرو ، وأخت أبي معيط بن أبي عمرو - أسيرا في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أسرى بدر ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أسره علي بن أبي طالب ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني عبدالله بن أبي بكر ، قال ‏‏:‏‏ فقيل لأبي سفيان ‏‏:‏‏ افْدِ عمرا ابنك ؛ قال ‏‏:‏‏ أيجمع علي دمي ومالي ‏‏!‏‏ قتلوا حنظلة ، وأفدي عمرا ‏‏!‏‏ دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فبينما هو كذلك ، محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ خرج سعد بن النعمان بن أكَّال ، أخو بني عمرو بن عوف ثم أحد بني معاوية معتمرا ومعه مُرَيَّة له ، وكان شيخا مسلما ، في غنم له بالنقيع ، فخرج من هنالك معتمرا ، ولا يخشى الذي صُنع به ، لم يظن أنه يحُبس بمكة ، إنما جاء معتمرا ‏‏.‏‏
وقد كان عهد قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا ، أو معتمرا إلا بخير ؛ فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو ، ثم قال أبو سفيان ‏‏:‏‏
أرهط ابن أكال أجيبوا دعاءه * تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا
فإن بني عمرو لئام أذلة * لئن لم يفكوا عن أسيرهم الكبلا

فأجابه حسَّان بن ثابت فقال ‏‏:‏‏
لو كان سعد يوم مكة مطلقا * لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا
بعضب حسام أبو بصفراء نبعة * تحن إذا ما أُنبضتْ تحفز النبلا
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبره ، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به صاحبهم ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏ فبعثوا به إلى أبي سفيان ، فخلى سبيل سعد ‏‏.‏‏

قصة زينب بنت الرسول وزوجها أبي العاص
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد كان في الأسارى أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس ، ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوج ابنته زينب ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أسره خراش بن الصمة ، أحد بني حرام ‏‏.‏‏

سبب زواج أبي العاص من زينب
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين ‏‏:‏‏ مالا ، وأمانة ، وتجارة ، وكان لهالة بنت خويلد ، وكانت خديحة خالته ‏‏.‏‏ فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها ، وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي ، فزوجه ، وكانت تعده بمنزلة ولدها ‏‏.‏‏
فلما أكرم الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبوته آمنت به خديجة وبناته ، فصدقنه ، وشهدن أن ما جاء به الحق ، و دِنَّ بدينه ، وثبت أبو العاص على شركه ‏‏.‏‏

قريش تشغل الرسول عليه الصلاة والسلام بطلاق بناته من أزواجهن
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوّج عتبة بن أبي لهب رقية ، أو أم كلثوم ‏‏.‏‏ فلما ‏بادى قريشا بأمر الله تعالى وبالعداوة ، قالوا ‏‏:‏‏ إنكم قد فرَّغتم محمدا من همه ، فردوا عليه بناته ، فاشغلوه بهن ‏‏.‏‏
فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له ‏‏:‏‏ فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت ؛ قال ‏‏:‏‏ لا والله ، إني لا أفارق صاحبتي ، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش ‏‏.‏‏
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره خيرا ، فيما بلغني ‏‏.‏‏ ثم مشوا إلى عتبة بن أبي لهب ، فقالوا له ‏‏:‏‏ طلق بنت محمد ونحن نُنكحك أي امرأة من قريش شئت ؛ فقال ‏‏:‏‏ إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص ، أو بنت سعيد بن العاص فارقتها ‏‏.‏‏
فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها ، ولم يكن دخل بها ، فأخرجها الله من يده كرامة لها ، وهوانا له ، وخلف عليها عثمان بن عفان بعده ‏‏.‏‏

تحريم زينب على أبي العاص بن الربيع
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحُل بمكة ولا يحرم ، مغلوبا على أمره ؛ وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين أبي العاص بن الربيع ، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر أن يفرق بينهما ، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه ، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صارت قريش إلى بدر ، سار فيهم أبو العاص بن الربيع فأصيب في الأسارى يوم بدر ، فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏

رد المسلمين فدية زينب لأبي العاص
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عباد ، عن عائشة قالت ‏‏:‏‏ لما بعث أهل مكة في فداء أُسَرَائهم ، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال ، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ؛ قالت ‏‏:‏‏ فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال ‏‏:‏‏ إن رأيتم أن تُطْلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها مالها ، فافعلوا ؛ فقالوا ‏‏:‏‏ نعم يارسول الله ‏‏.‏‏ فأطلقوه ، وردوا عليها الذي لها ‏‏.

This site was last updated 05/16/09