Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

القتال فى بدر

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الطريق إلى بدر
القتال فى بدر
قتل أبو جهل
رجوع محمد وآثار الخرب
القرآن وغزوة بدر
هجرة زينب
المسلمين الذين حضروا بدراً
الشعر وغزوة بدر 1

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

*******************************************************

لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م  ستة مجلدات - الجزء الثانى -  47/116

************************************************

بسبس وعدي يتجسسان الأخبار
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان بسبس بن عمرو ، وعدي بن أبي الزغباء ، قد مضيا حتى نزلا بدرا ، فأناخا إلى تل قريب من الماء ، ثم أخذا شنَّا لهما يستقيان فيه ، ومجدي بن عمرو الجهني على الماء ‏‏.‏‏ فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر ، وهما يتلازمان على الماء ، والملزومة تقول لصاحبتها ‏‏:‏‏ إنما تأتي العير غدا أو بعد غد ، فأعمل لهم ، ثم أقضيك الذي لك ‏‏.‏‏ قال مجدي ‏‏:‏‏ صدقتِ ، ثم خلَّص بينهما ‏‏.‏‏ وسمع ذلك عدي وبسبس ، فجلسا على بعيريهما ، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبراه بما سمعا ‏‏.‏‏

نجاة أبي سفيان بالعير
و أقبل أبو سفيان بن حرب ، حتى تقدم العير حذرا ، حتى ورد الماء ؛ فقال لمجدي بن عمرو ‏‏:‏‏ هل أحسست أحدا ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ ما رأيت أحدا أنكره ، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ، ثم استقيا في شن لهما ، ثم انطلقا ‏‏.‏‏
فأتى أبو سفيان مُناخهما ، فأخذ من أبعار بعيريهما ، ففتَّه ، فإذا فيه النوى ؛ فقال ‏‏:‏‏ هذه والله علائف يثرب ‏‏.‏‏ فرجع إلى أصحابه سريعا ، فضرب وجه عيره عن الطريق ، فساحل بها ، وترك بدرا بيسار ، وانطلق حتى أسرع ‏‏.‏‏

رؤيا جهيم بن الصلت في مصارع قريش
قال ‏‏:‏‏ وأقبلت قريش ، فلما نزلوا الجحفة ، رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن عبدالمطلب بن عبد مناف رؤيا ، فقال ‏‏:‏‏ إني رأيت فيما يرى النائم ، وإني لبين النائم واليقظان ‏‏.‏‏ إذ نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ، ومعه بعير له ؛ ثم قال ‏‏:‏‏ قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو الحكم بن هشام ، وأمية بن خلف ، وفلان وفلان ، فعدد رجالا ممن قتل يوم بدر ، من أشراف قريش ، ثم رأيته ضرب في لَبَّة بعيره ، ثم أرسله في العسكر ، فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فبلغت أبا جهل ؛ فقال ‏‏:‏‏ وهذا أيضا نبي آخر من بني المطلب ، سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا ‏‏.‏‏

أبو سفيان يرسل إلى قريش يطلب منهم الرجوع
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره ، أرسل إلى قريش ‏‏:‏‏ إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم ، فقد نجاها الله ، فارجعوا ؛ فقال أبو جهل بن هشام ‏‏:‏‏ والله لا نرجع حتى نرد بدرا - وكان بدر موسما من مواسم العرب ، يجتمع لهم به سوق كل عام - فنقيم عليه ثلاثا ، فننحر الجزر ، ونطعم الطعام ، ونُسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها ، فامضوا ‏‏.‏‏

الأخنس يرجع ببني زهرة
وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، وكان حليفا لبني زهرة و هم بالجحفة ‏‏:‏‏ يا بني زهرة ، قد نجَّى الله لكم أموالكم ، وخلّص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل ، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله ، فاجعلوا لي جُبْنها وارجعوا ، فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة ، لا ما يقول هذا ، يعني أبا جهل ‏‏‏‏
فرجعوا ، فلم يشهدها زُهري واحد ، أطاعوه وكان فيهم مطاعا ‏‏.‏‏
ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس ، إلا بني عدي بن كعب ، لم يخرج منهم رجل واحد ، فرجعت بنو زهرة مع الأخنس بن شريق ، فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ، ومشى القوم ‏‏.‏‏
وكان بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة ، فقالوا ‏‏:‏‏ والله لقد عرفنا يا بني هاشم ، وإن خرجتم‏ معنا ، أن هواكم لمع محمد ‏‏.‏‏ فرجع طالب إلى مكة مع من رجع ‏‏.‏‏ وقال طالب بن أبي طالب ‏‏:‏‏
لاهُمّ إما يغزونّ طالبْ * في عصبة محالف محاربْ
في مِقنب من هذه المقانب * فليكن المسلوبَ غير السالب
وليكن المغلوب غير الغالب *
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ فليكن المسلوب ‏‏)‏‏ ، وقوله ‏‏(‏‏ وليكن المغلوب ‏‏)‏‏ عن غير واحد من الرواة للشعر ‏‏.‏‏

قريش تنزل بالعدوة والمسلمون ببدر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي ، خلف العقنقل وبطن الوادي ، وهو يَلْيَل ، بين بدر و بين العقنقل ، الكثيب الذي خلفه قريش ، والقُلُب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة ‏‏.‏‏
وبعث الله السماء ، وكان الوادي دهسا ، فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبَّد لهم الأرض ، ولم يمنعهم عن السير ، وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه ‏‏.‏‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبادرهم إلى الماء ، حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به ‏‏.‏‏
الحُباب يشير على الرسول صلى الله عليه وسلم بمكان النزول
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحُدثت عن رجال من بني سلمة ، أنهم ذكروا ‏‏:‏‏ أن الحباب بن المنذر بن الجموح قال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله ، ثم نُغَوِّر ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لقد أشرت بالرأي ‏‏.‏‏
فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس ، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ، ثم أمر بالقلب فغورت ، و بنى حوضا على القَليب الذي نزل عليه ، فمُلىء ماء ، ثم قذفوا فيه الآنية ‏‏.‏‏

بناء العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني عبدالله بن أبي بكر أنه حدث ‏‏:‏‏ أن سعد بن معاذ قال ‏‏:‏‏ يا نبي الله ، ألا نبني لك عريشا تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا ، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا ، كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى ، جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا ، فقد تخلف عنك أقوام ، يا نبي الله ، ما نحن بأشد لك حبا منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، يناصحونك ويجاهدون معك ‏‏.‏‏ فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ، ودعا له بخير ‏‏.‏‏ ثم بُني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش ، فكان فيه ‏‏.‏‏

ارتحال قريش ودعاء الرسول عليهم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد ارتحلت قريش حين أصبحت ، فأقبلت ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تَصَوَّب من العقنقل - و هو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي - قال ‏‏:‏‏ اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها ، تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة ‏‏.‏‏
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن في أحد القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا ‏‏.‏‏
وقد كان خفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري ، أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري ، بعث إلى قريش ، حين مروا به ، ابنا له بجزائره أهداها لهم ، وقال ‏‏:‏‏ إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأرسلوا إليه مع ابنه ‏‏:‏‏ أن وصلتك رحم ، قد قضيت الذي عليك ، فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم ، ولئن كنا إنما نقاتل الله ، كما يزعم محمد ، فما لأحد بالله من طاقة ‏‏.‏‏

إسلام ابن حزام
فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ دعوهم ‏‏.‏‏ فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل ، إلا ما كان من حكيم بن حزام ، فإنه لم يقتل ، ثم أسلم بعد ذلك ، فحسن إسلامه ‏‏.‏‏ فكان إذا اجتهد في يمينه ، قال ‏‏:‏‏ لا والذي نجاني من يوم بدر ‏‏.‏‏

محاولة قريش الرجوع عن القتال
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم ، عن أشياخ من الأنصار ، قالوا ‏‏:‏‏ لما اطمأن القوم ، بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا ‏‏:‏‏ احزروا لنا أصحاب محمد ، قال ‏‏:‏‏ فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم ، فقال ‏‏:‏‏ ثلاث مائة رجل ، يزيدون قليلا أو ينقصون ، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فضرب في الوادي حتى أبعد ، فلم ير شيئا ، فرجع إليهم فقال ‏‏:‏‏ ما وجدت شيئا ، ولكن قد رأيت ، يا معشر قريش ، البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم ، حتى يقتل رجلا منكم ، فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك ‏‏؟‏‏ فروا رأيكم ‏‏.‏‏
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس ، فأتى عتبة بن ربيعة ، فقال ‏‏:‏‏ يا أبا الوليد ، إنك كبير قريش وسيدها ، والمطاع فيها ، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ وما ذاك يا حكيم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ترجع بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي ؛ قال ‏‏:‏‏ قد فعلت ، أنت علي بذلك ، إنما هو حليفي ، فعلي عقله وما أصيب من ماله ، فأت ابن الحنظلية ‏‏.‏‏

الحنظلية ونسبها
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ والحنظلية أم أبي جهل ، وهي أسماء بنت مخُرِّبة ، أحد بني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم - فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره ، يعني أبا جهل بن هشام ‏‏.‏‏
ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا ، فقال ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا ، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه أو ابن خاله ، أو رجلا من عشيرته ، فارجعوا و خلوا بين محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون ‏‏.‏‏ ‏
قال حكيم ‏‏:‏‏ فانطلقت حتى جئت أبا جهل ، فوجدته قد نثل درعا له من جرابها ، فهو يهنئها ‏‏.‏‏ - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يهيئها - فقلت له ‏‏:‏‏ يا أبا الحكم ، إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ، للذي قال ؛ فقال ‏‏:‏‏ انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه ، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، وما بعتبة ما قال ، ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم ابنه ، فقد تخوفكم عليه ‏‏.‏‏ ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي ، فقال ‏‏:‏‏ هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك ‏‏.‏‏ فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ ‏‏:‏‏ واعمراه ، واعمراه ، فحميت الحرب ، وحَقِب الناس ، واستوسقوا على ما هم عليه من الشر ، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة ‏‏.‏‏
فلما بلغ عتبة قول أبي جهل ‏‏(‏‏ انتفخ والله سحره ‏‏)‏‏ ، قال ‏‏:‏‏ سيعلم مُصَفِّر استه من انتفخ سحره ، أنا أم هو ‏‏؟‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ السَحْر ‏‏:‏‏ الرئة وما حولها مما يعلق بالحلقوم من فوق السرة ‏‏.‏‏ وما كان تحت السرة ، فهو القُصْب ، ومنه قوله ‏‏:‏‏ رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار ‏‏:‏‏ قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثني بذلك أبو عبيدة ‏‏.‏‏
ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في رأسه ، فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم هامته ؛ فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له ‏‏.‏‏

مقتل الأسود بن عبدالأسد المخزومي
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد خرج الأسود بن عبدالأسد المخزومي ، وكان رجلا شرسا سيئ الخلق ، فقال ‏‏:‏‏ أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه ؛ فلما خرج ، خرج إليه حمزة بن عبدالمطلب ، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه ، وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد - زعم - أن يبر يمينه ، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض ‏‏.‏‏

دعاء عتبة إلى المبارزة
قال ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة ، بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ، حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة ، وهم ‏‏:‏‏ عوف ، ومعوذ ، ابنا الحارث - وأمهما عفراء - ورجل آخر ، يقال ‏‏:‏‏ هو عبدالله بن رواحة ؛ فقالوا ‏‏:‏‏ من أنتم ‏‏؟‏‏ فقالوا ‏‏:‏‏ رهط من الأنصار ؛ قالوا ‏‏:‏‏ ما لنا بكم من حاجة ‏‏.‏‏
ثم نادى مناديهم ‏‏:‏‏ يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قم يا عبيدة بن الحارث ، وقم يا حمزة ، وقم يا علي ، فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا ‏‏:‏‏ من أنتم ‏‏؟‏‏ قال عبيدة ‏‏:‏‏ عبيدة ، وقال حمزة ‏‏:‏‏ حمزة ، وقال علي ‏‏:‏‏ علي ؛ قالوا ‏‏:‏‏ نعم ، أكفاء كرام ‏‏.‏‏
فبارز عبيدة ، وكان أسن القوم ، عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة ؛ وبارز علي الوليد بن عتبة ‏‏.‏‏
فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ؛ وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله ؛ واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين ، كلاهما أثبت صاحبه ؛ وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه ، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ‏‏:‏‏ أن عتبة بن ربيعة قال للفتية من الأنصار ، حين انتسبوا ‏‏:‏‏ أكفاء كرام ، إنما نريد قومنا ‏‏.‏‏

التقاء الفريقين
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم ، وقال ‏‏:‏‏ إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش ، معه أبو بكر الصديق ‏‏.‏‏

تاريخ وقعة بدر
فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ كما حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ‏‏.‏‏

ضرب الرسول ابن غزية
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه ‏‏:‏‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفي يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية ، حليف بن عدي بن النجار - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يقال ‏‏:‏‏ سوَّاد ؛ مثقلة ؛ وسواد في الأنصار غير هذا ، مخفف - وهو ‏مستنتل من الصف - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ مستنصل من الصف - فطعن في بطنه بالقدح وقال ‏‏:‏‏ استو يا سواد ، فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل ؛ قال ‏‏:‏‏ فأقدني ‏‏.‏‏
فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه ، وقال ‏‏:‏‏ استقد ؛ قال ‏‏:‏‏ فاعتنقه فقبل بطنه ؛ فقال ‏‏:‏‏ ما حملك على هذا يا سواد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ‏‏.‏‏ فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ، وقاله له ‏‏.‏‏

الرسول يناشد ربه النصر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ، ورجع إلى العريش فدخله ، ومعه فيه أبو بكر الصديق ، ليس معه فيه غيره ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ، ويقول فيما يقول ‏‏:‏‏ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد ، وأبو بكر يقول ‏‏:‏‏ يا نبي الله ‏‏:‏‏ بعض مناشدتك ربك ، فإن الله منجز لك ما وعدك ‏‏.‏‏
وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ، ثم انتبه فقال ‏‏:‏‏ أبشر يا أبا بكر ، أتاك نصر الله ‏‏.‏‏ هذا جبريل أخذ بعنان فرس يقوده ، على ثناياه النقع ‏‏.‏‏

أول شهيد من المسلمين
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد رمى مهجع ، مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل ، فكان أول قتيل من المسلمين ؛ ثم رمى حارثة بن سراقة ، أحد بني عدي بن النجار ، وهو يشرب من الحوض ، بسهم فأصاب نحره ، فقتل ‏‏.‏‏

الرسول يحرض على القتال
قال ‏‏:‏‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرصهم ، وقال ‏‏:‏‏ والذي نفس محمد بيده ، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا ، مقبلا غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة ‏‏.‏‏ فقال عمير بن الحُمام أخو بني سلمة ، وفي يده تمرات يأكلهن ‏‏:‏‏ بخ بخ ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ، ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه ، فقاتل القوم حتى قتل ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، أن عوف ابن الحارث ، وهو ابن عفراء قال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، ما يضحك الرب من عبده ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ غمسه يده في العدو حاسرا ‏‏.‏‏ فنـزع درعا كانت عليه فقذفها ، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل ‏‏.‏‏

ما استفتح به أبو جهل
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد ابن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عبدالله بن ثعلبة بن صُعَير العذري ، حليف بني زهرة ، أنه حدثه ‏‏:‏‏ لما التقى الناس ، ودنا بعضهم من بعض ، قال أبو جهل بن هشام ‏‏:‏‏ اللهم أقطعنا للرحم ، وآتانا بما لا يعرف ، فأحنه الغداة ‏‏.‏‏ فكان هو المستفتح ‏‏.‏‏

الرسول يرمي المشركين بالحصباء
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل قريشا بها ، ثم قال ‏‏:‏‏ شاهت الوجوه ، ثم نضحهم بها ، وأمر أصحابه ، فقال ‏‏:‏‏ شدوا ؛ فكانت الهزيمة ، فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش ، وأسر من أسر من أشرافهم ‏‏.‏‏ فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش ، وسعد بن معاد قائم على باب العريش ، الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، متوشح السيف ، في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يخافون عليه كَرَّة العدو ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؛ قال ‏‏:‏‏ أجل والله يا رسول الله ، كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك ، فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك احب إلي من استبقاء الرجال‏‏.‏‏ ‏

نهى النبي عن قتل البعض وسببه
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني العباس بن عبدالله بن معبد ، عن بعض أهله ، عن ابن عباس ‏‏:‏‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومئذ ‏‏:‏‏ إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ، ولا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البَخْتَري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله ، فإنه إنما أخرج مستكرها ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقال أبوحذيفة ‏‏:‏‏ أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا ‏‏.‏‏ ونترك العباس ، والله لئن لقيته لأُلْحِمنَّه السيف - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال لأُلْجِمَنه السيف - قال ‏‏:‏‏ فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لعمر بن الخطاب ‏‏:‏‏ يا أبا حفص - قال عمر ‏‏:‏‏ والله إنه لأول يوم كنَّاني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص - أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ‏‏؟‏‏ فقال عمر ‏‏:‏‏ يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف ، فوالله لقد نافق ، فكان أبو حذيفة يقول ‏‏:‏‏ ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ، ولا أزال منها خائفا ، إلا أن تكفرها عني الشهادة ، فقتل يوم اليمامة شهيدا ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أبي البختري لأنه كان أكفَّ القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ، وكان لا يؤذيه ، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على وبني هاشم وبني المطلب ، فلقيه المجذر بن زياد البلوي ، حليف الأنصار ، ثم من بني سالم بن عوف ، فقال المجذر لأبي البختري ‏‏:‏‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك - ومع أبي البختري زميل له ، قد خرج معه من مكة ، وهو جنادة بن مُلَيحة ‏بنت زهير بن الحارث بن أسد ؛ وجنادة رجل من بني ليث ‏‏.‏‏ واسم أبي البختري ‏‏:‏‏ العاص - قال ‏‏:‏‏ وزميلي ‏‏؟‏‏ فقال له المجذر ‏‏:‏‏ لا والله ما ، نحن بتاركي زميلك ، ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك ، فقال ‏‏:‏‏ لا والله ، إذن لأموتن أنا وهو جميعا ، لا تتحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة ‏‏.‏‏ فقال أبو البختري حين نازله المجذر وأبي إلا القتال ، يرتجز ‏‏:‏‏
لن يسلم ابن حرة زميله * حتى يموت أو يرى سبيله
فاقتتلا فقتله المجذر بن ذياد ‏‏.‏‏ وقال المجذر بن زياد في قتله أبا البختري ‏‏:‏‏
إما جهلت أو نسيت نسبي * فأثبت النسبة أني من بَلي
الطاعنين برماح اليزني * والضاربين الكبش حتى ينحني
بشر بيتم من أبوه البختري * أو بشون بمثلها من بَني
أنا الذي يقال أصلي من بلى * أطعن بالصعدة حتى تنثني
وأعبط القرن بعضب مشرفي * أرزم للموت كإرزام المري
فلا ترى مجذرا يفري فري
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ المري ‏‏"‏‏ عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏ والمري ‏‏:‏‏ الناقة التي يستنـزل لبنها على عسر‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن المجذر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏‏:‏‏ والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به ، فأبى إلا أن يقاتلني ، فقاتلته فقتلته ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أبو البختري ‏‏:‏‏ العاص بن هشام بن الحارث بن أسد ‏‏.

This site was last updated 05/16/09