Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

خطاب الرئيس أنور السادات أمام مجلس الشعب حول نتائج زيارته إسرائيل

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الرئيس ووفد الكونجرس
خطاب الرئيس بالكنيسيت
كلمة الرئيس لليكود
كلمة الرئيس للأسرائيليين
خطاب الرئيس لمجلس الشعب
خطاب آخر لمجلس الشعب
الوثائق السرية البريطانية1

Hit Counter

 

خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الشعب واللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي حول نتائج زيارته إسرائيل
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1977، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 13، ص 478 - 484"

خطاب الرئيس أنور السادات أمام الاجتماع المشترك
لمجلس الشعب واللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي
العربي حول نتائج زيارته إسرائيل
القاهرة، 26 / 11 / 1977
(الأهرام، القاهرة، 27 /11 / 1977)

بسم الله،
أيها الأخوة والأخوات أعضاء العائلة المصرية وأعضاء مجلس الشعب،
ماذا أقول، بعد أن قال الشعب العظيم كلمته، وماذا أعلن، بعد أن أعلنت الملايين الشامخة إرادتها، وماذا أسجل، بعد أن سجلت الجماهير أروع وأخلد صورة لشعب متحضر، يصنع الحب، ويصنع الحياة، ويبني الحرية، ويبنى السلام على أرضنا، وعلى كل ارض الله، لكي يحقق إنسانية الإنسان، ولكي يحفظ لأطفالنا، ولكل طفل على أي ارض، بسمة الأمل والرجاء، وحياة التطور والرخاء، ويحمي لهم رحلة الأيام من غدر تجار الآلام؟
ماذا أقول لشعبنا، شعب مصر، شعب البطولة، شعب الفداء، مصر أكتوبر [تشرين الأول] وشعب مصر الذي علا بقامته إلى شموخ حضاري هائل، بل إلى ارفع قامة يصبو إليها بلد وشعب على ارض الله؟ ماذا أقول لشعبنا إلا أن انحني أمامه بقامتي شكرا وعرفانا، وإلا ان اركع لله الذي صنعني ابنا لهذا الشعب؟ ولن تنحني أبدا هذه القامة إلا للشعب، ولن تركع هذه القامة إلا لله. ماذا أقول لشعبنا، شعب مصر الشهداء، مصر التضحيات، مصر التي قدمت للإنسان في كل مكان أشجع صور الرجولة، عندما نادت أرضه شجاعة الرجال؟ ماذا أقول لشعبي الذي تحمل عن الأمة العربية، من المحيط إلى الخليج، أثقل أعباء البذل والعطاء، حتى التضحية في الوقت، وأشرس قساوات المعاناة عاناها شعبنا بتواضع وإيمان الصابرين لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا، بل هم يتلقون سهام الاتهامات والمباذل والسموم جزاء وجحودا ونكرانا؟

ماذا أقول لشعبي، بعد أن عاش مئات الملايين من البشر، على طول الأرض وعرضها، في كل بقعة عاشوا أياما متصلة، عاشوا مقطوعة أنفاسهم، ومقهورة أنظارهم، بكل يقظة المشاعر والوجدان وهم يتابعون شعب مصر المتحضر العريق وهو يؤدي رسالة التاريخ يبشر بالحرية والسلام وهو يبني جسر التحول العظيم من التدمير والتخريب، إلى التعمير والبناء، ومن ساحات الدمار والأشلاء إلى أبراج الحب والحياة.
ماذا أقول لشعبي بعد ان قال له العالم كله أنت الشعب الشجاع، أنت الشعب الجسور، أنت الشعب الموقظ للحياة من أعداء الحياة؟
أنت الشعب العظيم، ماذا أقول إلا أن اشكر شعوب العالم كلها، بعد أن عرفت حقيقتنا وجوهرنا مرتين:
الأولى، في 6 أكتوبر [تشرين الأول] الخالد، عندما شهد العالم بأننا لسنا جثة بلا حراك لن يحسب لها في قتال التحرير حساب، بل إننا المقاتلون بالدم فداء لحرية الأرض وكرامة الإنسان؛ والثانية، بعد ان اعترف العالم اليوم بأننا المقتحمون بالحب والسلام من أجل خير الأرض وسعادة الإنسان؟
أيها الأخوة والأخوات أبناء العائلة المصرية، وأعضاء مجلس الشعب،
ان ما يجري اليوم، بعد رحلة السلام التاريخية إلى ارض المقدس، هو المشهد الرائع لانتصار أكتوبر [تشرين الأول] المجيد. ان انتصار أكتوبر [تشرين الأول] قد اكتمل اليوم. لقد دخلنا الحرب من أجل تحرير الأرض، ومن اجل إقرار الحق الفلسطيني، لكي يحل السلام. فلا سلام والأرض مغتصبة، ولا سلام والحق الفلسطيني ينكر أو يجحد. وأشهدنا العالم، بغربه وشرقه، بعد انتصارنا العسكري في ملحمة أكتوبر [تشرين الأول] الخالدة، ان جندنا على الحرب قادرون، تلك الحرب التي تدرس الآن في جميع المعاهد العسكرية في شتى أنحاء العالم. لم تقف أمام رجالنا قوة لا تقهر، أو ذراع طويلة كانت تهدد أعماقنا. ارتفع العلم المصري على الأرض المحررة بعد اعظم اقتحام مسلح في التاريخ، اخترق النار واللهيب والأهوال، وباسم الله عبر الإنسان المصري، وبإرادة الله حطم اكبر قلعة مسلحة على امتداد 170 كيلومترا كانوا يقولون انها لن تنهار إلا بقنبلة ذرية، واثبت الجندي المصري ان إصرار الحق، وعزيمة الرجال، وجسارة الأبطال، أقوى من كل القنابل الذرية. لقد أشهدنا العالم، وشهد، ان أبناء القوات المسلحة المصرية حققوا معجزة عسكرية. وأقول لكم ان قادة إسرائيل الذين التقيت بهم في القدس قد عبروا لي، بكل احترام المقاتل للمقاتل، عن تقديرهم الكبير لروعة أداء أبطالنا ورائع قدراتهم، وهي شهادة من الخصم من حق أبنائنا في القوات المسلحة المصرية أن يعرفوها. وكان اسم النائب حسني مبارك، والفريق الجمصي موضع كل إجلال. ولكن السؤال يبقى: لماذا دخلنا الحرب، لماذا ضحينا بفلذات أكبادنا يقتحمون الموت لكي يهبوا مصر الحياة وشبابنا انجبوا الحياة لهذا الوطن؟ لماذا ضحينا بأكبر نصيب من دخلنا القومي، بل ضحينا بقوتنا اليومي، ولا نزال نضحي لكي نشتري السلاح المتطور ونحن أحوج ما نكون لكل مورد مهما صغرت قيمته؟ لقد دخلنا الحرب بعد ان فشلت كل مساعينا من اجل السلام، دخلنا الحرب بعد ان أغلقت القوى الكبرى، وكل القوى في وجوهنا كل أبواب السلام، دخلنا الحرب بعد ان صم العالم آذانه عن دعوة السلام التي كنا نبذلها مخلصين، وأدار لنا الجميع ظهورهم بتصور خاطئ إننا ضعفاء وأننا جثة هامدة بلا حراك، لن تتحرك حتى على مدى خمسين سنة. دخلنا الحرب بعد ان وصلنا إلى وضع، وصفته مرارا، هو: نكون أو لا نكون. ولعلكم تذكرون إنني قلت لقادة القوات المسلحة في
الاجتماعات السرية للاعداد للحرب، وهي المسجلة لديهم، انه أشرف لنا جميعا ان نستشهد ونحن نحرر شبرا واحدا من الأرض، من ان نعيش في سياسة اللا سلم واللا حرب التي أرادوا ان يفرضوها علينا عبيدا أذلاء. هذه مسؤوليتنا أمام الأجيال من بعدنا: ان نعطي لهم القدوة والشرف، وأن يعرفوا ان آباءهم عاشوا رجالا وماتوا رجالا. وأصارحكم القول ان الغرور لم يتملكني أبدا ونحن في قمة الانتصار، ولم يتملكني وقواتنا المظفرة الجسورة تحطم موقعا بعد موقع، وتحرر أرضا بعد ارض، وكانت تخالجني مشاعر أخرى.
كنت أريد الزرع الأخضر بدل الجماد، وكنت أريد الماء يروي الحياة بدل الدم يذهب بالحياة، كنت أريد الإنسان ان يعيش ويبنى بدل ان يحمل السلاح ويهدم، كنت أريد للزوجة ألا تترمل، وللطفل ان لا يتيتم، وللآباء ان لا يفقدوا أبناءهم. فلا سعادة لأحد على حساب شقاء أحد، كما قلت أمام الكنيست الإسرائيلي، وكل روح فقدت في الحرب هي روح إنسان. من أجل ذلك جئت هنا، إلى هذا المنبر، إلى مجلسكم الموقر، في اليوم السادس عشر من أكتوبر [تشرين الأول] 73، ونحن في قمة الانتصار، ووجهت من هذا المنبر دعوتي للعالم أن يعقد مؤتمر دولي للسلام. من هنا، فان دعوتنا للسلام إذن لم تجئ التماسا للآمال ونحن في شبح الهزيمة والانكسار. دعوتنا للسلام نادينا بها العالم كله أداء لرسالتنا القومية ولتعاليم ديننا وكل الأديان. لم تكن دعوتنا هروبا من المسؤولية، أو عجزا عن الاختيار، بل كانت دعوتنا للسلام أداء للمسؤولية، وقدرة على اتخاذ القرار، وخمدت النيران، وأصدرت الإرادة الدولية قرار مؤتمر جنيف، وتم فض الاشتباك الأول والثاني، وانفتحت سياستنا تمد يد الصداقة والتعاون والسلام مع كل دول العالم، حتى كانت المباحثات الأخيرة التي أجراها الرئيس الأميركي كارتر مع كل أطراف النزاع، لعقد مؤتمر جنيف في سبتمبر [أيلول] الماضي. عندئذ لاحظت ان كل شيء بدأ يتغير، بدأت تظهر عقبات مصنوعة، بدأت توضع عوائق مفتعلة. وعندما كان السلام يحاصر إسرائيل من كل جانب، ظهر واضحا جليا ان [هناك] جدارا عاليا من الشكوك والخوف وعدم الثقة الراسخة في النفوس، مما صور السلام وكأنه فترة هدنة لدمار جديد، وقتال قد أوجد حالة ما أسميته هنالك، أمام الكنيست الإسرائيلي، بالجدار النفسي الذي يفصل فيما بيننا، بحيث اصبح يسيطر الحذر على كل عبارة، ويبطل العلاج [في] كل خطوة، وكاد الخوف ان يقضي على كل جهد مبذول، وأصبح النقاش حول كلمة واحدة يستغرق الشهور، وأصبح الاتفاق على بيان واحد هو الشيء المستحيل. إذا كان هذا هو الحال ونحن لا نزال في خطوات الإجراءات والشكل، فكيف سيكون الحال إذا دخلنا إلى جوهر القضايا؟ عندئذ فكرت، وكان لابد من مخرج. يشهد الله كم عانيت وأنا ابحث عن هذا المخرج، ويشهد
الله انني كنت استوحي نبض شعبنا في كل تفكير أو اتصال. استمرت معاناتي أياما وأسابيع عديدة: اختلاف على كلمة؛ اختلاف على ورقة؛ ورقة أميركية؛ ورقة أميركية إسرائيلية. حلقة مفرغة جديدة ندخل فيها ونتوه، ونترك الجوهر. وفكرت، إلى أن جئت إلى هذه الخطبة، وإلى هذه القاعة، وقد اهتديت إلى أصعب قرار، وقلت لكم وللعالم انني مستعد، في سبيل ألا يجرح ابن من أبنائي، أن اذهب إلى آخر الأرض، ان أذهب إلى الكنيست الإسرائيلي لأصارحهم بكل الحقائق، ولأقول لهم كلمة الحق والعدل والسلام، حتى أحطم بذلك جدار الشكوك والخوف وفقدان الثقة، وليفعل الله بنا بعد ذلك ما يشاء.
أعلنت قراري، وأردت ان أتحمل مسؤوليته أمام الشعب وأمام التاريخ وأمامكم، ولم أكن لأشك لحظة ان وقع القرار سيكون غريبا، ولم اكن اشك لحظة أيضا أن استيعاب أبعاد هذا القرار لن يكون بالأمر اليسير إذا ما طلبت فيه الرأي من الأخوة الملوك والرؤساء العرب. أعلنت قراري بكل الاقتناع والإيمان بأنه لو اقتضى الأمر ان تكون هذه المهمة هي آخر مهمة لي كرئيس للجمهورية لأتممتها، وجئت إليكم هنا لأقدم لكم، انتم السلطة الشرعية، استقالتي، لإيماني المطلق بأنها اقدس مهمة، وأطهر رسالة، برغم علمي بما سيثيره البعض من مزايدات واتجار ومهاترات.
كان هذا هو ما صارحت به الرئيس حافظ الأسد عندما زرت سورية قبل أن أتوجه إلى القدس بثلاثة أيام. واليوم، أيها الأخوة والأخوات، أمثل أمامكم بعد أن تمت رحلة التاريخ هذه، لكي اقدم كشف الحساب. فلقد تحقق، بحمد الله، الهدف الأول والأكبر من رحلة السلام لقد تحطمت حواجز الشكوك وفقدان الثقة والخوف. نعم. أقول بكل السعادة: لقد تحقق الهدف الأول والأكبر من رحلة التاريخ، وهو تحطيم حواجز الشكوك والمخاوف وفقدان الثقة والكراهية، وبدأنا، نحن وهم، نسلك سلوكا حضاريا يلتزم بمسؤوليته القادة أمام شعوبهم وأمام الأجيال المقبلة صاحبة الحق الطبيعي في الحياة الآمنة الكريمة اتفقنا على ان ننتقل من مرحلة التهديد بالنار إلى الحوار بالحق والحقيقة، ومن لغة المدفع والموت إلى نقاش الكلمة من أجل الحياة لم اطلب السلام من موقع ضعف أو رجاء بل سمعتموني أقول، أمام الكنيست، ان الأمة العربية لا تتحرك، في سعيها من اجل السلام الدائم العادل، من موقع ضعف أو ابتذال، بل انها، على العكس تماما، تملك من مقومات القوة والاستقرار ما يجعل كلمتها نابعة من إرادة صادقة نحو السلام. وقلت أيضا ان أرضنا مقدسة، وأن عليكم أن تتخلوا نهائيا عن أحلام العدوان، تتخلوا أيضا عن الاعتقاد بأن القوة هي خير وسيلة للتعامل مع العرب. أن عليكم ان تستوعبوا جيدا دروس المواجهة بيننا وبينكم، فلن يجديكم التوسع شيئا. ان أرضنا لا تقبل المساومة

وليست عرضة للجدل، والتراب الوطني والقومي هو وادينا المقدس، ولا يملك أي منا، ولا يقبل، أن يتنازل عن شبر واحد منه، أو أن يقبل مبدأ الجدل والمساومة عليه. كل هذا قلته أمام الكنيست. سمعتموه وسمعه العالم كله، وسمعه أيضا شعب إسرائيل وقلت أيضا أمامهم نحن نصر على تحقيق الانسحاب الكامل من الأرض العربية المحتلة، بما فيها القدس العربية. فليس هناك سلام يستقيم أو يبنى مع احتلال أرض للغير، ولن يتحقق سلام بغير الفلسطينيين،وبغير الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وفي العودة. بل اننى قلت انه حتى إذا توصلنا لاتفاقات سلام بين إسرائيل وبين كل دول المواجهة، ولم تحل القضية الفلسطينية، فلن يقوم السلام. كل هذا سمعتموه، وسمعه العالم معكم، وسمعه شعب إسرائيل في اجتماعات اللجان في الكنيست، مع جميع المجموعات البرلمانية، قلت لهم: أمامكم قرارات صعبة يجب ان تتخذوها، ولا مهرب من ان تتخذوها، ولقد سبقنا نحن إلى اتخاذ القرار الذي لم يعرف له التاريخ شبها من قبل. ركزت نقط البحث على المعالجة الصحيحة للمشكلة، مشكلتنا الكبرى، من جذورها.

قلت لهم: نحن نريد الأرض، حقنا. قالوا: نحن نريد الأمن. قلت: نعم. لكم هذا خارج التوسع. قلت لهم: نحن نريد دولة فلسطين وحل المشكلة الفلسطينية على أرضها. وقالوا انهم يريدون حماية دولتهم من الخطر. قلت لهم: لكم الحق. واتفقنا أخيرا ألا تكون هناك حرب بعد حرب أكتوبر [تشرين الأول]، وأن يكون سبيلنا إلى حل جميع المشاكل ان نجلس حول المنضدة كانسان حضاري يناقش إنسانا حضاريا. فإذا لم نصل إلى شيء، عدت إليكم لكي تتخذوا معي القرار.

أيها الأخوة والأخوات،

محصلة المحادثات التي أجريتها مع المسؤولين في الحكومة وأعضاء الكتل السياسية المختلفة كانت كآلاتي: أولا: لم يعد بوسع أي مسؤول إسرائيلي ان يشكك في صدق رغبة العرب في التوصل إلى سلام عادل؛

ثانيا: كان هناك إجماع في إسرائيل، وعلى الصعيد الدولي، بأن على إسرائيل ان تقوم بمبادرة من جانبها ردا على الخطوة الكبيرة التي قمت بها؛

ثالثا: أصبحت حقائق القضية معروفة جيدا عند الرأي العام الإسرائيلي. دون أي تزييف أو خداع. ولعل أهم النقاط التي أصبحت واضحة لكل إسرائيلي هي أحقية الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، والعودة إلى دياره لا لتهديد أمن إسرائيل، ولكن لممارسة حقه الطبيعي في الحياة الآمنة داخل الكيان الوطني الذي يرتضيه؛

رابعا: اكتسب الموقف العربي تأييدا دوليا ما كان بوسعنا ان نحققه في عشرات السنين، بأي جهد مهما كان خارقا؛

خامسا: اقتنع عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين بأن العرب لن يقبلوا أية تسوية ما لم تتضمن تحرير الأرض

العربية المحتلة منذ يونيو [حزيران] 1967، وإقامة دولة فلسطينية؛

سادسا: لم يترتب على الزيارة أي تفريط في حق قومي أو تاريخي للأمة العربية. فلا زال الوضع القانوني بيننا وبين إسرائيل كما كان قبل الزيارة. ولا يمكن ان تفسر الإجراءات التي اتبعت، والأحداث التي وقعت فيها، على انها تعني قبولا منا لأوضاع لم نكن نقبلها من قبل. وتلاحظون انني حرصت، في خطابي في الكنيست، على إبراز تمسكنا بحقنا في القدس العربية، وعدم اعترافنا بضمها لإسرائيل.

ولعل البعض يتساءل: إذا كان الموقف القانوني لا زال كما هو، وكما كان بلا تغيير، فأين حدث التغيير إذن؟ الإجابة على هذا هي ان التغيير حدث أساسا في المناخ النفسي الذي يحيط بالمشكلة. بحيث اصبح هناك أمل حقيقي في وضع نهاية للحروب والمعاناة في المنطقة. ويمكن أيضا إحلال السلام العادل في ربوعها. وبذلك. فإن ما قيل عن إنهاء الحرب، إنما ينصب على المستقبل إذا تحققت الشروط الموضوعية التي نضعها أساسا لا غنى عنه لإنهاء الحرب؛

سابعا: وإذا كنت قد حرصت على عدم إلزام الشعب المصري بأي شيء يؤثر على حقوقه القانونية والتاريخية، أو يقيد حركته في الحاضر أو المستقبل، فاننى، من باب أولى، لم الزم أي طرف عربي آخر بشيء على الإطلاق. بل انني تطوعت، في اكثر من مناسبة، بالتنبيه إلى انني لا أتحدث باسم أي من الأشقاء العرب، ناهيك عن الارتباط بشيء يلزمهم أو يمس حقوقهم؛

ثامنا: ان كثيرا من جماعات الضغط لحساب إسرائيل، في دول أخرى. قد تم تحييدها كلية، بل ان بعضها قد تحول إلى قوة ضاغطة على إسرائيل نفسها. وسوف يلمس الجميع أبعاد هذا التغيير في الأسابيع القليلة المقبلة. وربما كان هناك تساؤل عن النتائج المحددة الملموسة التي خرجنا بها من هذه الخطوة الجسورة، وهو تساؤل مشروع له ما يبرره. للإجابة عليه أقول: انه لم يكن في الحسبان طبعا ان نتوصل إلى تسوية شاملة كاملة للنزاع خلال يومين، كما انه لم يكن واردا لدينا، على الإطلاق، ان نعقد اتفاقا منفردا مع إسرائيل. ولو كان هذا واردا في قاموسنا وحساباتنا. لما كان ايسر من التوصل إليه. في هذه الحدود، لم يكن من المخطط، ولا من المتوقع. ان نصل إلى اتفاق حول جميع جوانب النزاع، وإنما أمكن الاتفاق مع المسؤولين الإسرائيليين على ما يأتي: ان نتجه جميعا، داخل المؤتمر، إلى بحث المسائل الموضوعية بجدية، ولا يضيعوا وقتنا في اشكالات إجرائية؛

تاسعا: أن يكون منطلقنا في البحث داخل المؤتمر، ونحن نناقش نظرية الأمن التي تطلبها إسرائيل، أن يكون هذا المنطلق في البحث بعيدا عن فكرة الاستيلاء على الأرض أو ضمها، ومحصورا فقط في نطاق توفير الأمن للجميع،

في ظل أوضاع عادلة.

كان هذا هو ملخص ما حدث في إسرائيل. واليوم، وأنا آتي إليكم، سمعتموني أقول هنا ان الهدف الأساسي والأكبر كان هو إزالة الجدار النفسي الذي ترك ضمن ما ترك، وولد ضمن ما ولد، الشكوك والريبة والخوف وعدم الاطمئنان والعصبية التي تنتاب أي طرف حينما يأتي ذكر الآخر. لم يكن مستطاعا أبدا ان نبدأ في جنيف، كما حكيت لكم هنا، ونحن نحمل مثل هذه المشاعر لبعضنا وسمعتموني أقول: كنا نختلف في فض الاشتباك الثاني، ويسافر الدكتور كيسنجر من تل أبيب إلى الإسكندرية لكي يغير كلمة أو يضع شكلة. كان هذا طبعا نتيجة الجدار النفسي الذي قام بيننا. بل اكثر من ذلك، لقد تحقق ما كنت أتوقعه. لن يحس بما يعيش فيه مسؤول في مثل الظروف التي أعيش فيها. في جلسة مع وزير الدفاع الإسرائيلي عيزر وايزمن، توجه إلي بسؤال: لماذا كنت تريد ان تهجم علينا في الأيام العشرة الماضية؟ قلت له: أبدا. بدأتم أنتم مناورة، وعلى طريقتنا بعد حرب أكتوبر [تشرين الأول]، وبأسلوبنا، أسلوب الدول المتحضرة التي تعرف مسؤولياتها، حينما بدأتم مناوراتكم، بدأ الجمصي مناوراته أيضا بنفس الحجم. قال ان تقارير المخابرات كلها أمامي اهيه، وعرضها، تقول بأنكم كنتم: ستضربوننا ضربة مفاجئة. وكان في غاية العصبية. قلت له: أبدا أبدا. كونوا على علم بأن أي عمل تعملونه سنرد عليه في الحال. عملتم مناورة؛ الجمصي في الحال بدأ مناورة على مستوى، وعلى نفس النطاق الذي قامت به إسرائيل. ومن قبل، قلت له. حدث مرة انكم أدخلتم طائرة بدون طيار إلى الضفة الغربية للقنال، وتفادت دفاعاتنا طائرة إليكترونية بدون طيار وخرجت. في نفس اليوم اصدر الجمصي أوامره إلى طائرتين مصريتين بطيارين ودخلت على المواقع الإسرائيلية. هذا هو الحاجز النفسي الذي أتحدث عنه. منذ عشرة أيام وهم في شدة العصبية، وفى شدة، ومشدودون بعد حرب أكتوبر [تشرين الأول]، وبعد أداء الضابط والجندي المصري في حرب أكتوبر [تشرين الأول]، وبعد ما أثبتته العسكرية المصرية، مشدودون إلى أقصى حدود الشد. هذا يفسر ما قاله رئيس الأركان: الإسرائيلي غور من انني قد بدأت هذه المبادرة، مبادرة ذهابي إلى الكنيست، كنوع من الخداع أغطي به ضربة جديدة، والخداع الاستراتيجي والتكتيكي ممكن ولي كامل الحق فيه، ولكنني لن اخدع أحدا أخلاقيا أبدا.

وسألت دايان: في سنة 1971 - ومن هذا المنبر تقدمت بمبادرة كما تذكروا حضراتكم، كان اساسها ان تنسحب إسرائيل من الضفة الشرقية للقناة إلى المضايق، في مقابل ان نسمح بتطهير قناة السويس، وبدء الملاحة فيها، على ان تكون هذه هي أول خطوة في جدول زمني لانسحاب يقوم بمناقشته بين الأطراف غونار يارينغ في ذلك الوقت. سألت دايان: كنت وزير دفاع سنة 1971، لماذا لم تصدقوني حينما أعلنت مبادرة سنة 1971؟ قال: والله انتظرنا،

وأعلنت أنت بعد ذلك ان هذه سنة 1971، هذه السنة هي سنة الحسم، وانتهت سنة 1971 ولم يحدث حسم. وعلى ذلك لم نأخذ هذا الموضوع جديا، لأنه كان من الممكن ان لا تكون هناك معركة في سنة 1973 إذا ما اخذوا بمبادرتي في ذلك الوقت. قلت له: وماذا في عام 1973؟ حينما كنت اتخذ الخطوات في الخداع الاستراتيجي بالتعبئة، وفي كل مرة كان يستجيب، استجاب مرتين، وفي الثالثة لم يستجب، فكانت هي القاطعة. قال: انه لم نكن نؤمن أبدا انكم تستطيعون التحرك.

بل حكى لي عن واقعة لطيفة: في اليومين السابقين مباشرة للهجوم، أي يوم 4 ويوم 5 أكتوبر [تشرين الأول]، شعروا بأن هناك شيئا خرجته الأقمار الصناعية تصور كل ما لديهم من أجهزة الكترونية حديثة. في يوم 6 أكتوبر [تشرين الأول] بالذات ظهرا، قطعوا بأنه لن يحدث شيء لأن لواري الجيش الخاصة بالذخيرة كانت على الطريق إلى القناة في رحلات مستمرة فارغة. قلت له: الذخيرة من 5 أشهر كانت في مواقعها، وده السبب مودتهاش في لواري الذخيرة لأنه بيقصدوها. دي راحت في القطر 5 اشهر وخزناها هناك. كل ده اتكلمنا فيه. لكن لما نيجي من 10 أيام لمجرد خطأ في الحساب، وللحاجز النفسي القائم الموجود اللي بيترتب عليه ان لا يصدق أحد الآخر، وأن يشك الواحد منا في الآخر لأي حركة. والضربة المفاجئة التي قامت بها قواتنا المسلحة، ويحترمونها في إسرائيل أشد احترام كما قلت، أصابتهم بعقدة نفسية كان ممكن جدا ان تجرنا منذ عشرة أيام إلى معركة. إذن، ثبت ما كنت احسبه وأنا في موقعي هذا، من انه في مثل هذا الموقف الذي نعيشه، قد يحدث أي شيء ولا إرادة لنا فيه، ولا إرادة لهم أيضا هم فيه، وفي النهاية سنقف وكل منا يقول: ليست لي إرادة في هذا إنما الشك والريبة والخوف من الخديعة، وكل ما بناه الجدار النفسي. من أجل هذا كان ذهابي إلى الكنيست لمقابلة الكنيست، ومن خلاله الرأي العام الإسرائيلي كله، كي أضع أمامه حقائق المشكلة. وهنا أعود إلى ما قاله دايان عن سنة الحسم.... سمعتمونى هنا وقلت حتى للكنيست ولشعب إسرائيل، انه إذا وقعت اتفاقيات سلام بين إسرائيل وكل دول المواجهة، ولم تحل القضية الفلسطينية، فليس هناك سلام. ده الفلسطينيين، كما هي العادة تماما - وهنا أنا أشفق عليهم حقيقة، أشفق عليهم بعد ما زرت القدس.

وبعدما قابلت أهلنا من العرب في القدس العربية - بيلوموني لإني زرت القدس. أنا فخور ان بعد عشر سنوات ما حدش سأل عن المحرومين، عن اللي عايشين تحت الاحتلال الإسرائيلي. اتتني النساء العربيات، بناتنا في قبة الصخرة، يطلبن مني أن أتدخل لأن ابناءهن وأزواجهن في السجون، والمكافحون امام الراديو وعلى المقاهي وفي الكباريهات يتحدثون. وعلى الفلسطينيين ان يسألوا انفسهم: من الذي اطلق النار على صدورهم؟ هل هى مصر؟ من الذي

كان ولا يزال صادقا في كل كلمة، بلا مناورة، وبلا خداع؟ لم نطلب تكوين حزب في منظمة التحرير الفلسطينية كما فعلت سورية وغيرها، ليست لنا نظرة حزبية ضيقة.... والفلسطينيون يعلمون ماذا يراد بهم. ولكن عندما أتى الي في الفندق رجال الضفة الغربية الذين عاشوا تحت الاحتلال، ولا يزالون يعيشون عشر سنوات متصلة، وحينما وقف إمام المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين يخطب للعيد ويقول: لولا مجيئك لما سمع العالم، ولما نقل. لأن كل الصلاة كانت على تليفزيونات العالم، مئات الملايين في اوروبا واميركا الى استراليا يستمعون اليها. وشرح قضيته امامي في المسجد الأقصى. بعد ذلك تخرج المزايدات. وتخرج التجارة. من قبل عملوا نفس الشيء في فض الاشتباك الأول. من الذي كان وراء هذا ولا يزال الى اليوم؟ تذكروا انه في فض الاشتباك الثاني انا حكيت على القصة، السفير السوفياتي راح لياسر عرفات قابله. وراح لسورية الحكام وقابلهم، وقدم لهم بيان عن اتفاقية فض الاشتباك الثانية. وإنه هذه هي النصوص العلنية وهذه هي النصوص السرية. وأن مصر باعت القضية، ومصر تنكرت للقضية، ومصر ستعمل حل منفرد. وظهر اتفاق فض الاشتباك الثاني، وظهر فعلا ان هناك ثلاثة اتفاقات سرية لم اكن اريد ان افشيها ابدا. لانه من طبعي أن اتعامل، كما قلت، بشرف وبلا خديعة. كانت الثلاثة الاتفاقات السرية. اللي اضطروني ان اعلنهم، اتفاقين خاصين بسورية. والاتفاق الثالث خاص بالفلسطينيين. الاتفاقين الأول كان اللي خاصين لسورية اتفاق تتعهد لي اميركا في فض الاشتباك الثاني ان لا تعتدي اسرائيل على سورية؛ الاتفاق الثاني ليتم فض اشتباك ثان على الجبهة السورية كما تم على الجبهة المصرية؛ الاتفاق الثالث انه لا تسوية لمشكلة الشرق الأوسط بغير الفلسطينيين. انا لا اعلم ماذا يقول لهم الاتحاد السوفياتي الآن.ولكن بالقطع يؤسفني ان اقول ان السوريين مستمرون في نفس الخط. حينما ارسل لي الرئيس حافظ الأسد مبعوثه، والتقيت به، وحضر الي لأناقش ورقة اسرائيلية اميركية، ورقة اميركية، ورقة فلانية. قلت له انا على اي ورقة رايح جنيف. قال طيب الورقة بتقول لجان جغرافية، يعني مصر اسرائيل، سورية اسرائيل. لأ احنا عايزينها لجان موضوعية، أي لجنة للانسحاب، ولجنة.. قلت له: لكم دي يا سيدي، موضوعية جغرافية شيطانية بهلوانية، انا موافق مش مشكلة عندي، إنما احنا حنضيع وقتنا في لجنة جغرافية وموضوعية، وده مشروع أميركي والا إسرائيلي، ونسيب الجوهر اللي هو ارض 1967 وحقوق شعب فلسطين. من الذي يحافظ على الحقوق؟ انا اذكر فقط بهذا الان لاننا في قمة انتصارنا كما قلت لكم، احمد الله اننا قد انتصرنا على انفسنا قبل ان ننتصر على اي شيء آخر. ثم توجنا عملنا في اكتوبر [تشرين الأول] الذي قامت به القوات المسلحة بأروع اداء. اتممنا هذا العمل بالنصر الكامل، بانتصار

السلام، والجلوس 0لإعادة كل الحقوق بدون معارك اخرى. انا باعتبر دي لحظة نصر لنا. وعلشان كده، انا لا اقول هذا من منطلق انني احاسب احد، او انني التفت إلى هذه المهاترات. شبعنا منها، في فض الاشتباك الأول، في فك الاشتباك الثاني.

في ما بين الاثنين، ما حدث بعد ذلك انا كنت عند الرئيس حافظ الأسد، ولما بعث لي مبعوثه، زي ما قلت لكم، بيناقش وبيقول، قلت له: اي شيء انا موافق عليه مش لاني انا باضيع القضية لا. ده انا موافق علشان نروح جنيف. وتيجى اسرائيل، ونضع قضيتنا واضحة امام العالم. من ضمن النقاط اللي جايه ليه كان انه اذا رحنا لجنيف وكانت لجان جغرافية، فإسرائيل اذا قعدت مع كل واحد مننا ستأخذ ما تشاء. قلت له: اسف. انا ارفض هذا المنطق.... والله لو قعد معايه القوى العظمى والعالم كله علشان يأخذ مني ما لا اريد أن اعطيه، لن اعطيه ابدا. لماذا؟ لماذا هذه العقد؟ انه اسرائيل حتأخذ مننا، انه اميركا حتضغط علينا، انه الاتحاد السوفياتي.. ليه بنسلم امرنا الى غيرنا؟ يوم ان جئت الى مجلسكم هنا، وتحت هذه القبة. وأعلنت عن قراري. كان يجب ان يعلم الجميع انه منذ ان توليت انا، فان خطنا واضح تماما وهو انه لا وساطة لأحد في شؤوننا، ولا ولاية لأحد على امورنا مع غيرنا. ابدا ابدا. حدث هذا مرة زمان بعد معركة سنة 1967، وأنا شرحت لكم ظروفنا واشرحها تاني للتذكير اتفق عبد الناصر معي. وأقولها انني وافقت على هذا، ان نحاول ان نزيل شكوك الاتحاد السوفياتي بأن نترك له حق الكلام مع اميركا. كان عقب هزيمة سنة 1967 مباشرة. وكان هذا امر مفيش فكاك منه، لانه الوحيد اللي بيبيع لنا السلاح، واللي بيقول انا واقف وياكم. وزي ما انتم عارفين. فى وقت عبد الناصر كان خطوطنا مقطوعة مع الكل، سواء غرب أو عرب أو أي حتة. مقطوعة، مفيش غير الاتحاد السوفياتي، وهمه شكاكين بطبعهم. طيب والله. قلنا مفيش مانع يا سوفيات. اتكلموا مع الاميركان وأي شيء تتوصلوا اليه احنا موافقين عليه. علشان نزيل شكوكهم. حاول جونسون في سنة 1968. قبل دخوله الانتخابات، ان يعيد العلاقات برضه بأسلوب. وكان أسلوب جونسون الأمير كي، كان اسلوب شماتة. رفض عبد الناصر، ورفضت وياه. لكن اعطينا الاتحاد السوفياتي حق الكلام. هيه دي العقدة اللي وراء كل اللي بنسمعه ده كله النهارده. ولن نناقش السباب والبذاءات. لكن احنا نناقش الجوهر دائما. اداهم هذا الحق عبد الناصر. لكن كلكم تذكروا سنة 1970، اما مات. وفي اول مايو [ايار] وفي احتفال العمال. وفي شبرا. وهو في خطابه توجه بالحديث لأول مرة الى الرئيس: نيكسون. ليه؟ سمعتموني شرحت القصة. ادناهم. قلنا لهم اتكلموا عنا ماعندناش مانع، علشان نزيل شكوكهم. ما زالتش الشكوك. ووضح تماما ان خط الاتحاد السوفياتي كان، ولا يزال، ان نظل تحت حالة

اللا حرب واللا سلم. لانه تقديره وتحليله انه عقب انتهاء معركتنا مش حنكون في حاجة اليه. ده تقديره، وعلى ذلك حالة اللا حرب واللا سلم. توجه عبد الناصر بالخطاب الى نيسكون في اول مايو [أيار] سنة 1970. ليه؟ لأنه قرفنا من الوصاية. وقرفنا من انه مطلوب ان نظل في حالة انعدام وزن، لا سلم ولا حرب، لكي يتولى الاتحاد السوفياتي أمرنا. توجه عبد الناصر بالخطاب، وكان لا بد، اذا كانوا بيحللوا بأسلوب صحيح، كان لا بد ان يعرفوا ان عبد الناصر قد سحب الترخيص الخاص بكلامهم عنا في قضيتنا أو في مشكلتنا، ولم يمهل العمر عبد الناصر، بعد تلك بشهور توفي وجيت. وتذكروا كلكم الموقف الأول اللي واجهته. في اول زيارة ليه كرئيس لمصر في 1، 2 مارس [آذار] سنة 1971، ولما سألتهم على سلاح الردع اللي وعدوا به عبد الناصر قبلها بسنة فمات كمدا لأنه ما حققوش اي كلام وياه، وده اللي خلاه وجه الخطاب لنيكسون في نفس السنة، وكان قبلها بسنة واعدينه بسلاح ردع و.. و.. منفذوش. فهمه فوجئوا لأنهم اعتقدوا اني لا اعلم شيء. لكن زي ما قلت لكم، كان كل شيء موضوع امامي، كنائب لرئيس الجمهورية، بيني وبين عبد الناصر. اما طلبت منهم سلاح الردع قلت لهم: انتم لم توفوا بوعدكم للراجل اللي مات، وخلتوه في اول مايو [أيار] توجه بالخطاب، وخلتوه في يونيو [حزيران] يعلن على ترابيزة الكرملين قبول مبادرة روجرز. فينفعل بريجنيف ويقوم ويقول له. كيف تقبل مبادرة روجرز؟ هل تقبل حل اميركي؟ قال له أنا اقبل حل من الشيطان بعد اللي عملتوه فيه، ده عبد الناصر، بس ما كانش قادر يقول، الله يرحمه، وعاد الى مصر ومات بعدها بشهرين. طيب، لما جيت في الزيارة الأولى ليه وقلت لهم: فين سلاح الردع؟ وأين ما وعدتم به عبد الناصر؟

قالوا لي مستعدين نبعث لك اللي وعدنا به عبد الناصر، ولكن على ان لا يستخدم إلا بأوامر من موسكو. ده اللي حصل. اللي حصل ان قلت لهم بس سلاح الردع. كان معاية في الوفد المصري مجموعة من مراكز القوى إياها اللي سقطت، وهمه كانوا بتعهم عملاؤهم كلهم. قلت لهم بس، بارفض، واكتبوا في المحضر، بارفض رسميا هذا السلاح نمرة واحد. نمرة اثنين لعلمكم لن يكون في مصر قرار ابدا الا لشعب مصر ورئيس مصر.

هذا الكلام مدون في المحاضر. وشهود احياء موجودين جميعا احياء. من في السجن منهم، ومن في خارج السجن جميعا احياء وموجودين. هذه هي المشكلة التي نواجهها اليوم.... وحاجة غريبة، زي بالضبط ما راديو موسكو: طلع في 18 و 19 يناير [كانون الثاني]، وقال انتفاضة شعبية. انتفاضة الحرامية بقت انتفاضة شعبية. وهلل.. وو.. والشعب حيقوم، والشعب، والشعب، وفيه انقلاب عسكري جاي. وطبعا العملاء اللي هنا، سواء عملاء أو جمعية المنتفعين ايضا وهم عملاؤه، بيشوفوا ان الكلام ده بيبيع وياه، بيدوه له وبينشره في

راديو موسكو. النهارده بينشر راديو موسكو ان فرطت في القضية. ما هو ده اللي بيدي الموشح. ايوه. سمعوا كلمتي في الكنيست، سمعها القادة بس. لان انتم عارفين البرافدا أربع ورقات. لو حبوا يطلعوا خطبتي عايزة تعمل عدد مخصوص فيه مئة ورقة. دي اربع ورقات بقه لها ستين سنة، ومش حتطلع اكثر من اربع ورقات. لكن راديو موسكو: فرط في الحقوق العربية.... ويطلع بقية عمليات التشنج للآخرين. كنت اتمنى ان القادة السوفيات يضعوا امام شعبهم خطابي. يكتبوه ويذيعوه لهم في التليفزيون وبعدين يسألوا رأيهم، تماما كما اطلب من اللي اصابتهم الهيستريا. الجماعات المحددة في عالمنا العربي ومعروفة. وحتى لو أيدنا صوابعنا شمع لهم همه همه، مش حيتغيروا ولا قيمة لهم. لكن ايه الربط بين ما يقوله راديو موسكو والتحرك بالضبط زي فض الاشتباك الثاني. فض الاشتباك الثانى، السادات باع القضية، السادات حل منفرد، وكلمة حل منفرد، وقلتها للأسد، دي مستوردة من موسكو، وكان معاية غروميكو في القناطر، وبيقول ليه وساعة كاملة. قلت له انتم اللي دخلتوا هذه الكلمة الى المنطقة. وأنا بارفض اسمعها منك، وقلت حل منفرد ليه؟ لمجرد الوقيعة بيننا. ايه اللي بيربط هذا الخط؟ موسكو. همه الجبهة اللي عاملين النهارده عتاولة ووطنيين جدا، وعرب جدا، على حساب الام نسائنا في القدس. وفي الأرض المحتلة ازواجهم وأبناؤهم. خط واحد. الاتحاد السوفياتي هو الحريص على القضية القومية العربية وراديو موسكو بيقول: السادات باع. على طول وراه، ينطلقوا دول. حاجة غريبة يعني احنا بنفكر، ما احناش فاقدين عقولنا ابدا. كل هذه للأسف امور، كنت اتمنى بعد معركة اكتوبر [تشرين الأول] وبعد جيل اكتوبر [تشرين الأول] ان لا تحدث. العالم احترمنا بعد معركة اكتوبر [تشرين الأول] زي ما بقول لكم. حتى الذين حاربناهم، وأنزلنا بهم أكبر خسائر عرفوها خلال ثلاثين سنة هنا يشهدون اليوم للقوات المسلحة المصرية لحسني مبارك، للجمصي، ويتكلموا بمنتهى الاحترام، وعرفوا من هم العرب.

كنت اتمنى أن لا يكون هذا هو أسلوب اخوتنا العرب في هذا الوضع الذي وصلنا اليه. هل لأن مئات الملايين في اوروبا واميركا واستراليا والعالم كله كانت ستتبع وأنفاسها محبوسة طوال زيارتي من قبلها وأثناء الزيارة ومن بعدها. هل هوه ده اللي تاعبهم؟ ايه انا مش عارف ايه. الحقوق الفلسطينية ما اتقالت امام الكنيست والشعب الإسرائيلي، ولأول مرة اواجهه في داره، وفي عقر داره، وبمنتهى الصراحة، والقدس العربية، وحقوق الشعب الفلسطيني وقيام دولتهم.

سواء كان أمام الكنيست او في المؤتمرات الصحفية المختلفة اللي قعدنا فيها مع رئيس وزراء اسرائيل، أمام جميع صحفيي العالم. أمر مؤسف لأنه لا زال عند البعض في العالم العربي اسلوب المهاترات والسخافة والصبيانية.

مصر ليس فيها هذا ولن يكون أبدا. نحن بنتجه دائما إلى الأمام ونعرف هدفنا. ولكي يتم ما بدأنا، فانني اليوم، بعد حديثي اليكم كما حدث تماما في المرة الماضية، سأكلف وزير الخارجية المصري في الاتصال بسكرتير عام الأمم المتحدة والقوتين الأعظم لكي يقول لهم ان القاهرة على استعداد، ابتداء من السبت المقبل ان شاء الله، أن تستقبل جميع اطراف النزاع، بما فيهم القوتين الأكبر، وسنرسل ايضا لجميع اطراف النزاع، بما فيهم اسرائيل، لكي نجلس ونحضر لمؤتمر جنيف. فلا ندخل على مؤتمر جنيف لنناقش سنوات مقبلة ابدا، لنناقش في شهور كل هذه القضية. سأرسل الدعوة، كما قلت، للدولتين الأعظم، لسكرتير عام الأمم المتحدة، لأطراف النزاع وهي دول المواجهة كلها بما فيها اسرائيل. وبرغم انه اللي حكيته وباحكيه عن الاتحاد السوفياتي، ابدا، سندعوه عشان ما يعتقدش ان احنا عايزين نستبعده من التسوية ابدا، ولكن حذار. اذا حاول ان يقيم عقبات فقطعا سيرتكب اكبر خطأ في حياته، لأنه أنا باعلنها أمامكم صراحة: اي شيء سنجد فيه السلام القائم على العدل سنقبله، ولا دخل للاتحاد السوفياتي او غيره. أما بالنسبة للفلسطينيين، فسأقول اليوم، كما قلت في 10 رمضان بعد سنتين من المعركة في 74.... بالنسبة للفلسطينيين مرة ثانية حاقول الكلمة اللي قلتها في 10 رمضان من سنوات ماضية، انه سوف نحاول ان نتحمل ممثلي الشعب الفلسطيني بالذات، سوف نتحملهم مرة اخرى، وسوف نتحمل تسرعهم وانخداعهم، ليس فقط استجابة للفلسطينيين في أرضنا المحتلة، ورجائهم لي ان اتجاوز عن هذا الصغار. وقد سجلوه بصوتهم موجود وبيذاع عليكم وبالتليفزيون وبالراديو. ليس فقط استجابة لهذا. ولكن لان مصر مع كل هذه النداءات لا تنحرف اطلاقا عن هدفها. ولا يمكن ابدا ان تفرط، لان الأمر بالنسبة لمصر دائما امر خلق ومبادئ قبل كل شيء سنتجاوز عنه. أما بالنسبة للكلمة التي يراد أن تستغل اليوم، وأيضا ارسلت لحزب البعث السوري ردي عليها، كما جاني مندوب الرئيس حافظ ومعاه مندوب من الحزب بيسجل كل كلمة. قلت له: سجل يا ابني واكتب وحط خطين: التضامن العربي لا يجب أن يكون لعبة يلجأ اليها اي واحد لكي يؤخذ رأيه أبدا.... لا يمكن التضامن العربي يعنى ان واحد يفرض ارادته. فإذا لم يستجب له الباقون، يبقى التضامن العربي راح. لأ، ميزان الأمة العربية، بشهادة الكل، هو مصر، مفتاح الحرب والسلام هو مصر.

برغم انني لم استعوض قطعة سلاح واحدة مما فقدته في حرب اكتوبر [تشرين الأول] واستعوض الاتحاد السوفياتي لسورية، وبخلاف الاستعواض ارسل اكثر من اربع صفقات ضخمة فوق الاستعواض. اسرائيل حدث نفس الشيء، انما انا حكيت لكم. لم يحدث الفزع في اسرائيل إلا من تحرك الجمصي، وانا لسه ما استعوضطش كل اسلحتي ابدا، ومع ذلك انا لا غضبت ولا زعلت ولا

هاجمت ولا حاهاجم. الاتحاد السوفياتي حر يبيع لمن يريد ولا يبيع لمن يريد، هو حر في هذا ولم اطلب من السوريين انه بحق الزمالة على الأقل ابعثوا قطع الغيار اللي الاتحاد السوفياتي اراد ان طائراتي تكون على الأرض فأركع على ركبي معاها له. ابدا والله. اللي ادانا برغم انه بيشتمنا النهارده، والعراق بيشتم لكن احنا عارفين عملية العراق هي عملية بينه وبين سورية بس بيأخذنا احنا لفة علشان يروح لسورية، ده كل الموضوع.

وبعد ايها الأخوة والأخوات؛ لا اريد ان اطيل عليكم، لانه انا اردت بهذا فقط ان اقدم لكم وأنتم السلطة الشرعية مع بقية العائلة المصرية كلها. تقريرا كاملا عما تم وأتابع هذا الأمر كلما جد جديد. ولكن كما شرحت لكم، فان اليوم. ان شاء الله، سأكلف وزير الخارجية الاتصال بسكرتير عام الأمم المتحدة والقوتين الأعظم وأطراف النزاع العربي، دول المواجهة وإسرائيل. وان القاهرة ترحب بهم في كل وقت، ابتداء من يوم السبت المقبل، لكي نتجه الى العمل والإنجاز وحل المشكلة، كما وعدتكم ستكون تفاصيل امامكم، أريدكم أن تحملوا إلى الشعب في دوائركم عرفاني الذي لا يحد، وفخري الذي لا يحد بهذا الشعب. لكل رجل، لكل امرأة، لكل من خرج ملايين لكي يعبروا لي عن حقيقة مشاعرهم، ولكي يعبروا لي بأسلوب العائلة الواحدة عن فرحتهم بعودتي. وانتصارنا او اتمام نصرنا في اكتوبر [تشرين الأول]. لن انسى ابدا المرأة المصرية في هذا الاستقبال. كانت على اروع مستوى من المسؤولية. المرأة المصرية. لهؤلاء جميعا اقول: يا كل رجل وامرأة وشاب وطفل على ارض مصر. يا كل رجل اعطى ولا يبخل حتى اليوم بعطاء القوت. يا كل امرأة وهبت ولدها في اشرف قتال، وافخر نضال. وجاءت كريمة اللهفة تحيط لضعفها وتشجيها ودعاتها في اعظم أيام مصر، يا كل امرأة ابنة من فتحت صدرها لرصاص المستعمر في ثورة سنة 19، وهى ام وأخت وزوجة لمن وهب الحياة في اكتوبر [تشرين الأول] الخالد. لمصرنا العظيمة، يا كل الشعب، اقسمنا أمام الله، وبضمير الواجب، اننا لن نسمح بأن يصيبه جرح ما زلنا قادرين على السلام، يا كل شعبنا الأصيل، يا عائلتنا المصرية، هذا عهدي انا، لن نتراجع عن كفاح السلام، لن نعبد اصنام الصيغ التقليدية. وأصنام الفكر المراهق، وأصنام خداع النفس في نضالنا الوطني، فنحطم هذه الأصنام انقاضا وترابا. هذا عهدنا، لكم ابذل الحياة حتى آخر نفس فيها، وبكم اقتحم الحياة بإذن الله، لكى تنتصر الحياة على اعداء الحياة.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
=========================

المصدر: موسوعه مقاتل من الصحراء على شبكه الانترنت

This site was last updated 10/09/09