Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ولاية ابو المســك كافور على مصر سنة 355- 357

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
سنة332هـ
ولاية محمد بن طغج2/ 138
ولاية ولاية أنوجور بن الإخشيذ139
علي بن الإخشيد140
ولاية كافور الإخشيذي 141
ولاية أحمد بن علي بن الإخشيذ 142
ولاية الحسن بن عبيد الله143

Hit Counter

****************************************************************************************

 الجزء التالى من مرجع عن الولاة الذين حكموا مصر وهى تحت إستعمار الأسرة السنية العباسية الإسلامية - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

141 -  ولاية ابو المســك كافور على مصر سنة 355- 357 ,  مـــن هو كـــافور ؟؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وسلم ولاية كافور الإخشيذي الأستاذ أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيذي الخادم الأسود الخصي صاحب مصر والشام والثغور اشتراه سيده أبو بكر محمد الإخشيذ بثمانية عشر دينارًا من الزياتين وقيل‏:‏ من بعض رؤساء مصر ورباه وأعتقه ثم رقاه حتى جعله من كبار القواد لما رأى منه الحزم والعقل وحسن التدبير‏.‏
ولما مات الإخشيذ في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة أقام كافور هذا أبناءه واحدًا بعد واحد‏.‏
وكان الذي ولى أولًا أبا القاسم أنوجور بن الإخشيذ ومعنى أنوجور بالعربية محمود وقد تقدم ذلك كله‏.‏
فدام أنوجور في الملك إلى أن مات في يوم السبت لثمان خلون من ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة‏.‏
ثم بعد موت أنوجور أقام أخاه أبا الحسن علي بن الإخشيذ كما تقدم ذكر ذلك كله في ترجمتهما‏.‏
وكان كافور هذا هو مدبر ملكهما‏.‏
ودخل كافور في أيام ولايتهما في ضمان البلاد مع الخليفة ووفى بما ضمنه‏.‏
ولما مات الإخشيذ اضطربت أحوال الديار المصرية فخرج كافور منها بابني الإخشيذ وتوجه بهما إلى الخليفة المطيع لله وأصلح أمرهما معه والتزم كافور للخليفة بأمر الديار المصرية ثم عاد كافور بهما إلى الديار المصرية‏.‏
وكان غلبون قد تغلب على مصر بعد موت الإخشيذ في غيبة كافور لما توجه إلى العراق فقدم كافور إلى مصر وتهيأ لحرب غلبون المذكور وحاربه وظفر به وقتله وأصلح أحوال الديار المصرية واستمر مدبرها إلى أن مات أنوجور وتولى أخوه علي ثم مات علي أيضًا في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة واستقل كافور بالأمر وخطب له على المنابر وتم أمره‏.‏
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخ الإسلام‏:‏ كافور الإخشيذي الحبشي الأستاذ السلطان أبو المسك اشتراه الإخشيذ من بعض رؤساء مصر كان أسود بصاصًا‏.‏
ثم ساق الذهبي نحو ما حكيناه إلى أن قال‏:‏ تقدم عند الإخشيذ صاحب مصر لعقله ورأيه وسعده إلى أن صار من كبار القواد وجهزه الإخشيذ في جيش لحرب سيف الدولة بن حمدان‏.‏
ثم إنه لما مات أستاذه صار أتابك ولده أبي القاسم أنوجور وكان صبيًا فغلب كافور على الأمر وبقى الاسم لأبي القاسم والدست لكافور حتى قال وكيله‏:‏ خدمت كافورًا وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية وتوفي وقد بلغت جرايته على يدي في كل يوم ثلاثة عشر ألف جراية‏.‏
قلت وهو أتابك وقال أبو المظفر في تاريخه مرآة الزمان‏:‏ كان كافور شجاعًا مقدامًا جوادًا يفضل على الفحول‏.‏
وقصده المتنبي ومدحه فأعطاه أموالًا كثيرة ثم فارقه إلى العراق‏.‏
وقال أبو الحسن بن آذن النحوي‏:‏ حضرت مع أبي مجلس كافور وهو غاص بالناس فقام رجل فدعا له وقال في دعائه‏:‏ أدام الله أيام مولانا بكسر الميم من أيام فأنكر كافور والحاضرون ذلك فقام رجل من أوساط الناس فقال‏:‏ لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا أو غص من دهش بالريق أو بهر ومثل سيدنا حالت مهابته بين البليغ وبين القول بالحصر فإن يكن خفض الأيام من غلط في موضع النصب لا من قلة البصر فقد تفاءلت من هذا لسيدنا والفأل مأثورة عن سيد البشر بأن أيامه خفض بلا نصب وأن أوقاته صفو بلا كدر فعجب الحاضرون من ذلك وأمر له كافور بجائزة‏.‏
وقال أبو جعفر مسلم بن عبيد الله بن طاهر العلوي النسابة‏:‏ ما رأيت أكرم من كافور‏!‏ كنت أسايره يومًا وهو في موكب خفيف يريد التنزه وبين يديه عدة جنائب بمراكب ذهب وفضة وخلفه بغال المراكب فسقطت مقرعته من يده ولم يرها ركابيته فنزلت عن دابتي وأخذتها من الأرض ودفعتها إليه فقال‏:‏ أيها الشريف أعوذ بالله من بلوغ الغاية ما ظننت أن الزمان يبلغني حتى تفعل بي أنت هذا وكاد يبكي فقلت‏:‏ أنا صنيعة الأستاذ ووليه‏.‏
فلما بلغ باب داره ودعني فلما سرت التفت فإذا بالجنائب والبغال كلها خلفي فقلت‏:‏ ما هذا قالوا‏:‏ أمر الأستاذ أن يحمل مركبه كله إليك فأدخلته داري وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر ألف دينار‏.‏
وراوي هذه الحكاية مسلم بن عبيد الله المذكور من صالحي الأشراف‏.‏
ووقع له حكاية غريبة نذكرها في ضمن هذه الترجمة ثم نعود إلى ما نحن فيه من ترجمة كافور وهي أنه كان لمسلم بن عبيد الله المذكور غلام قد رباه من أحسن الغلمان فرآه بعض القواد فبعث إليه ألف دينار مع رجل وقال له‏:‏ اشتر لي منه هذا الغلام قال الرجل‏:‏ فوافيته يعني الشريف مسلم بن عبيد الله في الحمام ورأيت الغلام عريانًا فرأيت منظرًا حسنًا فقلت في نفسي‏:‏ لا شك أن الشريف لا يفوته هذا الغلام وأديت الرسالة فقال الشريف‏:‏ ما دفع فيه هذا الثمن إلا وهو يريد أن يعصي الله فيه ارجع إليه بماله فلا أبيعه‏.‏
فعدت إليه وأخبرته ونمت تلك الليلة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسلمت عليه فما رد علي وقال‏:‏ ظننت في ولدي مسلم الخنا مع الغلام‏.‏
امض إليه واسأله أن يجعلك في حل‏.‏
فلما طلع الفجر مضيت إليه وأخبرته وبكيت وقبلت يديه ورجليه وسألته أن يجعلني في حل فبكى وقال‏:‏ أنت في حل وأما كافور فإنه لما صار قبل سلطنته مدبر الممالك المصرية وعظم أمره أنف من ذلك خشداشه الأمير أبو شجاع فاتك الرومي الإخشيذي المقدم ذكره في سنة نيف وخمسين وثلاثمائة‏.‏
وكان فاتك يعرف بالمجنون وكان الإخشيذ قد اشترى فاتكًا هذا من أستاذه بالرملة كرهًا وأعتقه وحظي عند الإخشيذ وكان رفيقًا لكافور هذا وهو الأعظم مع طيش وخفة وحبورة وكان كافور عاقلًا سيوسًا فكان كلما تزايد أمر كافور وعظم يزيد جنون فاتك وحسده فلا يلتفت كافور إليه بل يدر عليه الإحسان ويراعيه إلى الغاية‏.‏
وكان الفيوم إقطاع فاتك المجنون فاستأذن فاتك كافورًا أن يتوجه إلى إقطاعه بالفيوم ويسكن هناك حتى لا يرى عظمة كافور فأذن له كافور في ذلك وودعه فخرج فاتك إلى الفيوم فلم يصح مزاجه بها لوخامتها فعاد بعد مدة مريضًا إلى مصر ليتداوى بها‏.‏
وكان المتنبي الشاعر بمصر قد مدح كافورًا بغرر القصائد فسمع المتنبي بكرم المجنون فأحب أن يمدحه ولم يجسر خوفًا من كافور‏.‏
وكان كافور يكره فاتكًا في الباطن ويخافه وصار فاتك يراسل المتنبي ويسأل عنه إلى أن اتفق اجتماعهما يومًا بالصحراء وجرت بينهما مفاوضات‏.‏
فلما رجع فاتك إلى داره بعث إلى المتنبي بهدية قيمتها ألف دينار ثم أتبعها بهدايا أخر‏.‏
فاستأذن المتنبي كافورًا في مدح فاتك فأذن له خوفًا من فاتك وفي النفس شيء من ذلك فمدحه لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال إلى أن قال‏:‏ كفاتك ودخول الكاف منقصة كالشمس قلت وما للشمس أمثال فحقد كافور على المتنبي لذلك وفطن المتنبي بعدوانه فخرج من مصر هاربًا وكان هذا سببًا لهجو المتنبي كافورًا بعد أن كان مدحه بعدة مدائح على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏
قال الذهبي‏:‏ وكان كافور يدني الشعراء ويجيزهم وكان تقرأ عنده في كل ليلة السير وأخبار الدولة الأموية والعباسية وله ندماء وكان عظيم الحرمة وله حجاب يمتنع عن الأمراء وله جوار مغنيات وله من الغلمان الروم والسود ما يتجاوز الوصف زاد ملكه على ملك مولاه الإخشيذ وكان كريمًا كثير الخلع والهبات خبيرًا بالسياسة فطنًا ذكيًا جيد العقل داهية كان يهادي المعز صاحب المغرب ويظهر ميله إليه وكذا يذعن بالطاعة لبني العباس ويداري ويخدع هؤلاء وهؤلاء وتم له الأمر‏.‏
وكان وزيره أبو الفضل جعفر بن الفرات راغبًا في الخير وأهله‏.‏
ولم يبلغ أحد من الخدام ما بلغ كافور وكان له نظر في العربية والأدب والعلم‏.‏
وممن كان في خدمته أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي النحوي صاحب الزجاج‏.‏
وقال إبراهيم بن إسماعيل إمام مسجد الزبير‏:‏ كان ك
  مـــن هو كـــافور ؟؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وسلم ولاية كافور الإخشيذي الأستاذ أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيذي الخادم الأسود الخصي صاحب مصر والشام والثغور اشتراه سيده أبو بكر محمد الإخشيذ بثمانية عشر دينارًا من الزياتين وقيل‏:‏ من بعض رؤساء مصر ورباه وأعتقه ثم رقاه حتى جعله من كبار القواد لما رأى منه الحزم والعقل وحسن التدبير‏.‏
ولما مات الإخشيذ في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة أقام كافور هذا أبناءه واحدًا بعد واحد‏.‏
وكان الذي ولى أولًا أبا القاسم أنوجور بن الإخشيذ ومعنى أنوجور بالعربية محمود وقد تقدم ذلك كله‏.‏
فدام أنوجور في الملك إلى أن مات في يوم السبت لثمان خلون من ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة‏.‏
ثم بعد موت أنوجور أقام أخاه أبا الحسن علي بن الإخشيذ كما تقدم ذكر ذلك كله في ترجمتهما‏.‏
وكان كافور هذا هو مدبر ملكهما‏.‏
ودخل كافور في أيام ولايتهما في ضمان البلاد مع الخليفة ووفى بما ضمنه‏.‏
ولما مات الإخشيذ اضطربت أحوال الديار المصرية فخرج كافور منها بابني الإخشيذ وتوجه بهما إلى الخليفة المطيع لله وأصلح أمرهما معه والتزم كافور للخليفة بأمر الديار المصرية ثم عاد كافور بهما إلى الديار المصرية‏.‏
وكان غلبون قد تغلب على مصر بعد موت الإخشيذ في غيبة كافور لما توجه إلى العراق فقدم كافور إلى مصر وتهيأ لحرب غلبون المذكور وحاربه وظفر به وقتله وأصلح أحوال الديار المصرية واستمر مدبرها إلى أن مات أنوجور وتولى أخوه علي ثم مات علي أيضًا في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة واستقل كافور بالأمر وخطب له على المنابر وتم أمره‏.‏
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخ الإسلام‏:‏ كافور الإخشيذي الحبشي الأستاذ السلطان أبو المسك اشتراه الإخشيذ من بعض رؤساء مصر كان أسود بصاصًا‏.‏
ثم ساق الذهبي نحو ما حكيناه إلى أن قال‏:‏ تقدم عند الإخشيذ صاحب مصر لعقله ورأيه وسعده إلى أن صار من كبار القواد وجهزه الإخشيذ في جيش لحرب سيف الدولة بن حمدان‏.‏
ثم إنه لما مات أستاذه صار أتابك ولده أبي القاسم أنوجور وكان صبيًا فغلب كافور على الأمر وبقى الاسم لأبي القاسم والدست لكافور حتى قال وكيله‏:‏ خدمت كافورًا وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية وتوفي وقد بلغت جرايته على يدي في كل يوم ثلاثة عشر ألف جراية‏.‏
قلت وهو أتابك وقال أبو المظفر في تاريخه مرآة الزمان‏:‏ كان كافور شجاعًا مقدامًا جوادًا يفضل على الفحول‏.‏
وقصده المتنبي ومدحه فأعطاه أموالًا كثيرة ثم فارقه إلى العراق‏.‏
وقال أبو الحسن بن آذن النحوي‏:‏ حضرت مع أبي مجلس كافور وهو غاص بالناس فقام رجل فدعا له وقال في دعائه‏:‏ أدام الله أيام مولانا بكسر الميم من أيام فأنكر كافور والحاضرون ذلك فقام رجل من أوساط الناس فقال‏:‏ لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا أو غص من دهش بالريق أو بهر ومثل سيدنا حالت مهابته بين البليغ وبين القول بالحصر فإن يكن خفض الأيام من غلط في موضع النصب لا من قلة البصر فقد تفاءلت من هذا لسيدنا والفأل مأثورة عن سيد البشر بأن أيامه خفض بلا نصب وأن أوقاته صفو بلا كدر فعجب الحاضرون من ذلك وأمر له كافور بجائزة‏.‏
وقال أبو جعفر مسلم بن عبيد الله بن طاهر العلوي النسابة‏:‏ ما رأيت أكرم من كافور‏!‏ كنت أسايره يومًا وهو في موكب خفيف يريد التنزه وبين يديه عدة جنائب بمراكب ذهب وفضة وخلفه بغال المراكب فسقطت مقرعته من يده ولم يرها ركابيته فنزلت عن دابتي وأخذتها من الأرض ودفعتها إليه فقال‏:‏ أيها الشريف أعوذ بالله من بلوغ الغاية ما ظننت أن الزمان يبلغني حتى تفعل بي أنت هذا وكاد يبكي فقلت‏:‏ أنا صنيعة الأستاذ ووليه‏.‏
فلما بلغ باب داره ودعني فلما سرت التفت فإذا بالجنائب والبغال كلها خلفي فقلت‏:‏ ما هذا قالوا‏:‏ أمر الأستاذ أن يحمل مركبه كله إليك فأدخلته داري وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر ألف دينار‏.‏
وراوي هذه الحكاية مسلم بن عبيد الله المذكور من صالحي الأشراف‏.‏
ووقع له حكاية غريبة نذكرها في ضمن هذه الترجمة ثم نعود إلى ما نحن فيه من ترجمة كافور وهي أنه كان لمسلم بن عبيد الله المذكور غلام قد رباه من أحسن الغلمان فرآه بعض القواد فبعث إليه ألف دينار مع رجل وقال له‏:‏ اشتر لي منه هذا الغلام قال الرجل‏:‏ فوافيته يعني الشريف مسلم بن عبيد الله في الحمام ورأيت الغلام عريانًا فرأيت منظرًا حسنًا فقلت في نفسي‏:‏ لا شك أن الشريف لا يفوته هذا الغلام وأديت الرسالة فقال الشريف‏:‏ ما دفع فيه هذا الثمن إلا وهو يريد أن يعصي الله فيه ارجع إليه بماله فلا أبيعه‏.‏
فعدت إليه وأخبرته ونمت تلك الليلة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسلمت عليه فما رد علي وقال‏:‏ ظننت في ولدي مسلم الخنا مع الغلام‏.‏
امض إليه واسأله أن يجعلك في حل‏.‏
فلما طلع الفجر مضيت إليه وأخبرته وبكيت وقبلت يديه ورجليه وسألته أن يجعلني في حل فبكى وقال‏:‏ أنت في حل وأما كافور فإنه لما صار قبل سلطنته مدبر الممالك المصرية وعظم أمره أنف من ذلك خشداشه الأمير أبو شجاع فاتك الرومي الإخشيذي المقدم ذكره في سنة نيف وخمسين وثلاثمائة‏.‏
وكان فاتك يعرف بالمجنون وكان الإخشيذ قد اشترى فاتكًا هذا من أستاذه بالرملة كرهًا وأعتقه وحظي عند الإخشيذ وكان رفيقًا لكافور هذا وهو الأعظم مع طيش وخفة وحبورة وكان كافور عاقلًا سيوسًا فكان كلما تزايد أمر كافور وعظم يزيد جنون فاتك وحسده فلا يلتفت كافور إليه بل يدر عليه الإحسان ويراعيه إلى الغاية‏.‏
وكان الفيوم إقطاع فاتك المجنون فاستأذن فاتك كافورًا أن يتوجه إلى إقطاعه بالفيوم ويسكن هناك حتى لا يرى عظمة كافور فأذن له كافور في ذلك وودعه فخرج فاتك إلى الفيوم فلم يصح مزاجه بها لوخامتها فعاد بعد مدة مريضًا إلى مصر ليتداوى بها‏.‏
وكان المتنبي الشاعر بمصر قد مدح كافورًا بغرر القصائد فسمع المتنبي بكرم المجنون فأحب أن يمدحه ولم يجسر خوفًا من كافور‏.‏
وكان كافور يكره فاتكًا في الباطن ويخافه وصار فاتك يراسل المتنبي ويسأل عنه إلى أن اتفق اجتماعهما يومًا بالصحراء وجرت بينهما مفاوضات‏.‏
فلما رجع فاتك إلى داره بعث إلى المتنبي بهدية قيمتها ألف دينار ثم أتبعها بهدايا أخر‏.‏
فاستأذن المتنبي كافورًا في مدح فاتك فأذن له خوفًا من فاتك وفي النفس شيء من ذلك فمدحه لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال إلى أن قال‏:‏ كفاتك ودخول الكاف منقصة كالشمس قلت وما للشمس أمثال فحقد كافور على المتنبي لذلك وفطن المتنبي بعدوانه فخرج من مصر هاربًا وكان هذا سببًا لهجو المتنبي كافورًا بعد أن كان مدحه بعدة مدائح على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏
قال الذهبي‏:‏ وكان كافور يدني الشعراء ويجيزهم وكان تقرأ عنده في كل ليلة السير وأخبار الدولة الأموية والعباسية وله ندماء وكان عظيم الحرمة وله حجاب يمتنع عن الأمراء وله جوار مغنيات وله من الغلمان الروم والسود ما يتجاوز الوصف زاد ملكه على ملك مولاه الإخشيذ وكان كريمًا كثير الخلع والهبات خبيرًا بالسياسة فطنًا ذكيًا جيد العقل داهية كان يهادي المعز صاحب المغرب ويظهر ميله إليه وكذا يذعن بالطاعة لبني العباس ويداري ويخدع هؤلاء وهؤلاء وتم له الأمر‏.‏
وكان وزيره أبو الفضل جعفر بن الفرات راغبًا في الخير وأهله‏.‏
ولم يبلغ أحد من الخدام ما بلغ كافور وكان له نظر في العربية والأدب والعلم‏.‏
وممن كان في خدمته أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي النحوي صاحب الزجاج‏.‏
وقال إبراهيم بن إسماعيل إمام مسجد الزبير‏:‏ كان ك

افور شديد الساعد لا يكاد أحد يمد قوسه فإذا جاؤوه برام دعا بقوسه وقال‏:‏ ارم عليه فإن أظهر الرجل العجز ضحك وقدمه وأثبته وإن قوي على مدها واستهان بها عبس وسقطت منزلته من عنده‏.‏
ثم ذكر له حكايات تدل على أنه كان مغرى بالرمي‏.‏
قال‏:‏ وكان يداوم الجلوس غدوة وعشية لقضاء حوائج الناس وكان يتهجد ويمرغ وجهه ساجدًا ويقول‏:‏ اللهم لا تسلط علي مخلوقًا‏.‏
انتهى‏.‏
قلت‏:‏ ونذكر حينئذ أحوال المتنبي معه وما مدحه به من القصائد‏.‏
لما فارق المتنبي سيف الدولة بن حمدان مغاضبًا له قصد كافورًا الإخشيذي ودخل مصر ومدحه بقصيدته التي منها‏:‏ قواصد كافور توارك غيره ومن ورد البحر استقل السواقيا فجاءت بنا إنسان عين زمانه وخفت بياضًا خلفها وماقيا وهو أول مديح قاله فيه وكان ذلك في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثلاثمائة‏.‏
وقال ابن خلكان‏:‏ وأنشده أيضًا في شوال سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قصيدته البائية التي يقول فيها‏:‏ وأخلاق كافور إذا شئت مدحه وإن لم أشأ تملي علي فأكتب إذا ترك الإنسان أهلًا وراءه ويمم كافورًا فما يتغرب ومنها أيضًا‏:‏ وكل امرىء يولي الجميل محبب وكل مكان ينبت العز طيب وآخر شيء أنشده في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ولم يلقه بعدها قصيدته البائية‏:‏ أرى لي بقربي منك عينًا قريرةً وإن كان قربًا بالبعاد يشاب وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ودون الذي أملت منك حجاب أقل سلامي حب ما خف عنكم وأسكت كيما لا يكون جواب ومنها‏:‏ وما أنا بالباغي على الحب رشوة ضعيف هوىً يبغى عليه ثواب وما شئت ألا أن أدل عواذلي على أن رأيي في هواك صواب وأعلم قومًا خالفوني فشرقوا وغربت أنى قد ظفرت وخابوا ومنها‏:‏ وإن مديح الناس حق وباطل ومدحك حق ليس فيه كذاب إذا نلت منك الود فالمال هين وكل الذي فوق التراب تراب وما كنت لولا أنت إلا مهاجرًا له كل يوم بلدة وصحاب وأقام المتنبي بعد إنشاد هذه القصيدة سنة لا يلقى كافورًا غضبًا عليه لكنه يركب في خدمته خوفًا منه ولا يجتمع به واستعد للرحيل في الباطن وجهز جميع ما يحتاج إليه‏.‏
وقال في يوم عرفة سنة خمسين وثلاثمائة قبل مفارقته مصر بيوم واحد قصيدته الدالية التي هجا كافورًا فيها‏.‏
وفي آخر هذه القصيدة المذكورة يقول‏:‏ من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض أم آباؤه الصيد أم أذنه في يد النخاس دامية أم قدره وهو بالفلسين مردود ومنها‏:‏ وذاك أن الفحول البيض عاجزة عن الجميل فكيف الخصية السود وله فيه أهاجٍ كثيرة تضمنها ديوان شعره‏.‏
ورحل المتنبي من مصر إلى عضد الدولة بن بويه بشيراز‏.‏
وقال ابن زولاق‏:‏ أقام كافور الإخشيذي الأستاذ إحدى وعشرين سنة وشهرين وعشرين يومًا يعني أقام مدبر مملكة مصر من قبل ولدي أستاذه وهما أنوجور وعلي ابنا الإخشيذ محمد بن طغج وأقام هو فيها سنتين وأربعة أشهر وسبعة أيام ملكًا مستقلًا بنفسه‏.‏
قلت‏:‏ ونذكر ذلك محررًا بعد ذلك‏.‏
قال ابن زولاق‏:‏ وكان كافور دينًا كريمًا‏.‏
وسماطه على ما ذكره صاحب كنز الدرر في اليوم مائتا خروف كبار ومائة خروف رميس ومائتان وخمسون إوزة وخمسمائة دجاجة وألف طير من الحمام ومائة صحن حلوى كل صحن عشرة أرطال ومائتان وخمسون قرابة أقسما‏.‏
قال‏:‏ ولما توفي كافور أجتمع الأولياء وتعاقدوا وتعاهدوا ألا يختلفوا وكتبوا بذلك كتابًا ساعة توفي كافور وعقدوا الولاية لأحمد بن علي الإخشيذ وكان إذ ذاك صبيًا ابن إحدى عشرة سنة وكافور بعد في داره لم يدفن ودعي له على المنابر بمصر وأعمالها والشامات والحرمين ثم من بعده للحسن بن عبيد الله ابن طغج‏.‏
ثم عقد للحسن بن عبيد الله المذكور على بنت عمه فاطمة بنت الإخشيد بوكيل سيره من الشام وجعل التدبير بمصر فيما يتعلق بالأموال إلى الوزير أبي الفضل جعفر بن الفرات وما يتعلق بالرجال والعساكر لسمول الإخشيذي صاحب الحمام بمصر‏.‏
وكل ذلك كان في يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة‏.‏
انتهى كلام ابن زولاق رضي الله عنه‏.‏
وأما وفاة كافور المذكور فإنه توفي بمصر في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثلاثمائة وقيل‏:‏ سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وقيل‏:‏ سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والأصح سنة سبع وخمسين وثلاثمائة قبل دخول القائد جوهر المعزي إلى مصر‏.‏
وقيل‏:‏ إنه لما دخل جوهر القائد إلى مصر خرج منها كافور هذا وليس بشيء والأول أصح‏.‏
وملك بعده أحمد بن علي بن الإخشيذ الآتي ذكره‏.‏
وعاش كافور بضعًا وستين سنة وكانت إمارته على مصر اثنتين وعشرين سنة منها استقلالًا بالملك سنتان وأربعة أشهر خطب له فيها على منابر مصر والشام والحجاز والثغور مثل طرسوس والمصيصة وغيرهما وحمل تابوته إلى القدس فدفن به وكتب على قبره‏:‏ ما بال قبرك يا كافور منفردًا بالصحصح الموت بعد العسكر اللجب يدوس قبرك آحاد الرجال وقد كانت أسود الشرى تخشاك في الكتب وقال الوليد بن بكر العمري‏:‏ وجدت على قبر كافور مكتوبًا‏:‏ انظر إلى عبر الأيام ما صنعت أفنت أناسًا بها كانوا وما فنيت دنياهم ضحكت أيام دولتهم حتى إذا فنيت ناخت لهم وبكت
 السنة الأولى من ولاية كافور الإخشيذي
وهي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وثماني أصابع‏.‏  مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة اثنتا عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏
وهي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وهي التي مات فيها كافور المذكور حسب ما تقدم ذكره‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراع واحدة وإحدى وعشرون إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا‏.‏
*************************

ولاية كافور
ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني  ( 65 من 167 )  : " ثم ولي كافور الخصي الأسود مولى الإخشيد من قبل المطيع على الحرب والخراج وجميع أمور مصر والشام والحرمين فلم يغير لقبه وإنما يدعى ويخاطب بالأستاذ وأخرج كتاب المطيع بولايته لأربع بقين من المحرم سنة خمس وخمسين فلم يزل إلى أن توفي لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلثمائة‏.‏

This site was last updated 11/06/08