Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الحلقة السادسة من مذكرات السرية لمؤسس جهاز مخابرات الاخوان

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
3 مذكرات مؤسس مخابرات الإخوان
4 مذكرات مؤسس مخابرات الإخوان
5 مذكرات مؤسس مخابرات الإخوان
6 مذكرات مؤسس مخابرات الإخوان

 

الحلقة السادسة من مذكرات السرية لمؤسس جهاز مخابرات الاخوان
 لأول مرة.. القصة الحقيقية لاغتيال حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان

الموجـــز الخميس, 13 سبتمبر 2012 -
وقفنا في العدد الماضي في مذكرات الدكتور عساف رئيس جهاز مخابرات الاخوان عند مرحلة المعتقلات ويضيف الدكتور عساف: كان يفيض منا طعام كثير في معتقل الطور، وبخاصة الخبز والأرز، وكنا نلقي الفضلات خارج السلك الشائك الذي يتكون منه السور. وكانت هذه الفضلات نعمة أنعم الله بها علي الكلاب التي كانت تروح وتجيء، هنا وهناك، إلي أن سمنت تلك الكلاب. كان الأستاذ عطية الشيخ رئيس الإخوان بطنطا ورئيس المنطقة التعليمية بها، ينظر إلي الكلاب بحسرة ويقول: آه لو كانت هذه أغنام؟!! المحاكمة في يوم تقدم بعض الإخوان بشكوي في سكان الغرفة رقم 6 (التي أنا فيها) إلي رئاسة المعتقل التي تتكون من الاساتذة: محمد الخضري والبهي الخولي وعمر التلمساني. فحضروا إلينا للتحقيق في الشكوي، وكل منهم يضع علي كتفيه عباءة صنعت منهم بطانية ثنيت ثلاث ثنيات بحيث تغطي الظهر والصدر وتتدلي اليدان منها. قالوا: جئنا نحاكمكم. قلنا: المحاكمة تحتاج إلي منصة. وضعنا لهم منصة من لوح خشب مما كنا ننام عليه، ورفعناه عن الأرض بأربع قطع من الطوب، وفرشنا عليه بطانية، وأجلسناهم في صدر الغرفة وقلنا: هاتوا ماعندكم. قالوا إن بعض الإخوان يشكونكم بأنكم تتلفظون بألفاظ غير لائقة وتسبون بعضكم البعض! استنكرنا ذلك وقلنا: هذا كذب وافتراء، وما كان ينبغي لأحد الإخوان أن يتجسس علينا ثم يشكو ماتوهم أنه سمعه. انما الحقيقة أننا نسلي أنفسنا بقصص من تجارب حياتنا وبعض النكات التي تتفق مع المواقف في تلك القصص. قالوا: لا شيء في هذا. وأضاف الاستاذ البهي الخولي: حتي ولو كانت تلك النكات خارجة: فإنها تعتبر من قبيل اللمم. وخرجوا. بعد لحظة وجدنا الباب يفتح، وكانت هناك عاصفة ترابية بالخارج، وإذا بالاستاذ عمر التلمساني يدخل قائلا: أين أنتم من زمن. إنه لتحضرني النكته فلا أجد من مستعد لسماعها، اليكم نكتتان. وروي لنا نكتتين ظللنا نضحك منهما كلما تذكرناهما، حتي بعد أن خرجنا من المعتقل. المسمط قبل حل الإخوان بيومين، وأنا أجلس بغم شديد، كنت أسير في ميدان الأزهار متجها إلي عابدين في المركز العام، تقابلت مصادفة مع الأستاذ عبدالحكيم عابدين الذي سألني: هل تعشيت؟ قلت: ليس بعد. قال: تعالي أعشيك.. دخلنا مسمطا قريباً من الميدان وجلسنا. قال للعامل: جهز لنا طبقين من الفتة وعلي كل منهما تشكيلة بثلاثة تعريفة ـ أي خمسة عشر مليما. فأحضر لنا طبقين من المرفق وطبقين من الثريد، علي كل منهما قطعة من اللسان وقطعة من الكرشة وقطعة من الفشة وكارع كامل.. وتعشينا معا بثلاثة قروش. الإخوة الأزهريون كان الأخوة الأزهريون الذين يترددون علي المركز العام يوميا عبدالستار، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ زكريا الزوكة، والشيخ عبدالمعز عبدالستار، والشيخ السيد سابق. وكانوا جميعاً طلابا بالأزهر أو حديثي التخرج. وكان الشيخ سيد سابق قد بدأ في اصدار كتابه: فقه السنة، في سلسلة من الكتيبات التي كان كل منها يباع بخمسة مليمات. قرأت منها: الطهارة.. ولقد استعدت هذه الذكريات وأنا أقرأ كتابه الكامل الشامل: فقه السنة المكون من 3 مجلدات ضخمة. وكان الشيخ الغزالي مشهوراً بعلمه الواسع واسلوبه المنطقي في الخطابة والذي كان يخلب القلوب. وكان الشيخ عبدالمعز متحمسا يثير من يخطب فيهم ويملأهم حماسا. قلت للامام مرة: شتان بين هؤلاء وبين باقي رجال الدين الأزهريين فقال: إن هؤلاء رجال دعوة، أما أولئك فهم ليسوا رجال دين، بل رجال علم الدين!! عزالدين ابراهيم حضر عزالدين ابراهيم وهو طالب بكلية الآداب إلي منزل شقيقي بمصر القديمة مختفيا عن أعين الشرطة في عام 1950 حيث كان مطلوبا للقبض عليه في قضايا الأوكار المزعومة. وجلس مع أخي وعدد من أقربائي. وبعد الغداء قال له أخي (رحمه الله): إن رجال الشرطة قد حضروا بالامس للتفتيش، وصادروا جهاز راديو، وانصرفوا، خشي عزالدين ابراهيم أن يكرروا الحضور للتفتيش، فانصرف بعد صلاة المغرب. بعد ذلك بعشر دقائق بالتحديد، حضر رجال الشرطة للتفتيش مرة ثانية. ولكن عزالدين كان قد وجه طريقه إلي الخارج القاهرة، ثم الي خارج مصر.. حصل علي الدكتوراه وصار استاذا يشار له بالبنان وعمل رئيسا لجامعة الامارات بمدينة العين، ويعمل الآن مستشارا للشيخ زايد آل سلطان. من أنت؟.. أمين كان جندي الحراسة في معتقل الطور إذا اقترب أحد من بوابة المعتقل سواء من داخله أو خارجه، يهتف طالباً كلمة السر كما هو معتاد في حراسة الجيوش، فيقول: من أنت؟ فيرد القادم: أمين. فيقول الجندي أمين مين؟ (طالبا كلمة السر) فيرد عليه الآخ من داخل المعتقل: أمين اسماعيل؟ كان إمين اسماعيل هو الوحيد الذي يسمي بأمين. رحمه الله رحمة واسعة. الطحاوي ورد الينا معتقل جديد، وتعرف علي وعلي إخوان من الشرقية باعتباره من الأسرة الطحاوية. كانت له لحية سوداء، وعيناه دائما تلمعان. وكان كثير الجلوس مع مجموعتنا لأن غرفتنا كانت قريبة من مدخل المعتقل. لمحته في احدي الليالي يتسلل إلي البوابة ويعطي ورقة لجندي الحراسة.. وضعناه تحت الرقابة، وإذا بنا نكتشف أنه جاسوس يراقب الإخوان ويسمع أحاديثهم وينقل خلاصتها للقومندان ليرفعها إلي القلم السياسي. كان يهرب تقاريره مرتين في الأسبوع. حذرنا الإخوان منه وطلبنا عدم كشفه أو إظهار أنهم اكتشفوه حتي لا ينقلوه ويبعثوا غيره ممن لانعرفهم.. سار الامر علي ذلك لمدة شهر. غير أن أحد الإخوان لم يستطع أن يكبح جماح نفسه.. التقي به وهو عائد من البوابة، ولم يملك نفسه وشربه علقة شديدة أدت إلي نقله للمستشفي لم نره بعد ذلك ولعله نقل إلي حذاء آخر. جلسنا نضحك علي هذا الطحاوي الذي ذكرنا بقريب له من قبل خان أحمد عرابي. استشهاد الإمام في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة 12 فبراير 1949، سمعنا في الراديو الذي كنا قد هربناه داخل الحذاء رقم 5 بمعتقل الطور، ووضعناه في الغرفة التي بها مصطفي مؤمن، ذلك الخبر المشئوم الذي اذاعته محطة صوت أمريكا. استيقظ من كان نائماً من الإخوان، وبكي الجميع وعلا النحيب، ونحن مقهورون داخل اسلاك شائكة لانقدر علي شيء. واستمر الإخوان واجمين أياما، يتابعون الاذاعات ليعرفوا تفاصيل ماحدث. قال بعض الإخوان: ماكان لحسن البنا أن يموت علي فراشه كبقية الناس، بل كان ينبغي أن يموت شهيداً.. لا بل قتيلا تتآمر عليه حكومة بكل قوتها وعنفوانها وضباطها وجنودها وسياسييها، فهو يشرف بأن يموت شهيداً، ويزيده شرفا أن قاتله دولة بأكملها. قالت الاذاعات الأجنبية بعد ذلك إن الذي قتل الامام ضباط القلم السياسي. وقالت اذاعات أخري ان الذي قتله هم حراس النقراشي ورجال الحزب السعدي انتقاما لمقتل زعيمهم.. أما العجب العجاب ان يذيع راديو مصر ان الإخوان المسلمين هم الذين قتلوه، لأنه كان ينوي ابلاغ الحكومة عن أماكن الأسلحة، وأنهم غضبوا عليه لأنه استنكر مقتل النقراشي في بيانه الذي نشر بالصحف!!! وليس غريبا أن تنشر جريدة الاساس (لسان حال الحزب السعدي) هذا الخبر الذي يعد من قبيل الدعارة الصحفية، إنما الغريب ان تنشر الأهرام المستقلة التي عرفت باتزانها علي مر العصور، مثل هذا الخبر.. كبرت كلمة تخرج من افواههم إن يقولون إلا كذبا». لقد هربت الينا نسخة من الاساس ونسخة من الاهرام، حيث كانت ترد الجرائد الينا سرا كل أسبوع. ثم ثبت من التحقيقات التي اجريت بعد قيام ثورة يوليو 1952، ان استشهاد الامام كان بناء علي مؤامرة تمت باتفاق بين القصر والوزارة والانجليز. وان الذين قاموا بتنفيذ خطة القتل، أخلوا شارع الملكة نازلي (رمسيس حاليا) من المارة والسيارات في مساء تلك الليلة، وأعتموا الضوء الكهربائي. كان الامام في زيارة لجمعية الشبان المسلمين ليلتقي مع زكي علي باشا ـ عضو الوزارة والواسطة بين الامام والحكومة ـ الذي لم يحضر تلك الليلة بالرغم من الاتفاق معه علي موعد، وكان الامام قد تلقي وعودا طيبة من الحكومة بالافراج عن المعتقلين. كان القتلة يقتفون أثره ويترصدون حركاته، حتي إذا خرج بعد ان فات الموعد بكثير، ومعه زوج شقيقته الدكتور عبدالكريم منصور استاذ القانون، تقدمت منهما سيارة تاكسي كانت معدة لذلك، وبمجرد أن جلسا فيها تقدم منهما اثنان ملثمان واطلقا عليهما الرصاص من الجانبين بعد ان كسرا زجاج الأبواب. كان احدهما حارس النقراشي «محمد وصفي» وكان الثاني المخبر «أحمد حسين جاد» الذي احتسي الخمر بناء علي أمر الضابط عبده ارمانيوس ليصير مخمورا عند القيام بمهمته. لم تكن اصابات الامام مميتة، فخرج من التاكسي، وذهب الي دار الشبان المسلمين حيث طلب له محمد الليثي رئيس قسم الشباب بالجمعية سيارة اسعاف كانت الساعة الثامنة مساء. تجمع بعض الناس الذين حضروا من الحواري المقابلة عند سماع أصوات الرصاص، ففرقهم الضابطان حسين كامل وعبده ارمانيوس بحجة أن هناك قنابل يلقيها ارهابيون، فخاف الناس وانصرفوا مهرولين. وبالرغم من الرقابة البوليسية المستمرة المفروضة علي الامام ، فان أحدا من الشرطة لم يتدخل عند سماع الرصاص. نقل الامام وعبدالكريم منصور إلي الاسعاف الذي حولهما إلي قصر العيني بسبب النزيف، حيث أمرت الحكومة مدير المستشفي الدكتور حجاب ـ وهو زوج شقيقة الدكتور يوسف رشاد كبير أطباء اليخوت الملكية ورئيس احد أجهزة المخابرات الخاصة بالملك ـ أن يعمل علي ترك حسن البنا ينزف حتي يموت اذا لم تكن الرصاصات التي اطلقت عليه قاتلة. قال الدكتور أحمد شكيب الطبيب الشرعي الذي أجري الصفة التشريحية للجثمان: ان الامام ترك ليموت بالنزيف الذي كان يمكن وقفه وانقاذ حياة المصاب بعملية جراحية بسيطة. ذهب عبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية وقتذاك إلي قصر عابدين في اليوم التالي، لكي يوقع في سجل التشريفات (ليفيد بأن الجريمة تمت) فقابلوه هناك بالعناق والتبريك. لم يسمحوا بتشييع جنازة الشهيد كبقية الناس، بل لم يسمحوا لأحد أن يطل من شرفة داره أو لامرأة بأن تبكي وتولول. ولا لأحد أن يقترب من النعش، بل كان الذي يرتدي رباط عنق أسود يتعرض للاعتقال. سارت الجنازة من منزل الامام تحت حصار البوليس، وحمل النعش بنات الشهيد. قالت وفاء ابنته الكبري: قر عينا يا ابتاه. فلن نتخلف عن رسالتك، ولئن منعت الحكومة من يشيع جنازتك، فحسبنا عزاء وجزاء أن أرواح الشهداء تمشي معنا وتشيع من أهل السماء، ماعجز عن تشييعه أهل الأرض. صلي الأب الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا علي ولده الشهيد في مسجد قيسون الذي كان يصلي فيه الامام بالناس المغرب والعشاء من كل يوم جمعة، ثم شيع إلي المقابر تحت الحراسة المشددة. الوحيد الذي حضر للعزاء بعد الجنازة. ولم يستطع الحراس منعه، هو مكرم عبيد باشا.زورت الحكومة محاضر التحقيق. وضغطت علي الليثي ليغير اقواله فيما يتصل برقم السيارة 9979 وقد عرف أنها سيارة العقيد محمود عبدالمجيد، ولكن الرجل لم يخضع للتهديد، وزوروا محضر التحقيق وكتبوا أن رقم السيارة 9997. ذكرت جريدة المصري الرقم الحقيقي الذي عرفه محي الدين فكري المحرر بالجريدة من كونستبلات الشرطة المجتمعين عند باب الجمعية، فصادر الرقيب الجريدة، احيل هو مرسي الشافعي مدير التحرير لنيابة الصحافة للتحقيق معهما. ومع ذلك كانت خمسة آلاف نسخة من الجريدة قد تسربت إلي السوق قبل المصادرة. عندما تقرر فتح ملف القضية من جديد بعد الثورة، انتحر محمود عبدالمجيد، فذهب إلي جهنم غير مأسوف عليه. ثبت من التحقيقات الجديدة أن المك فاروق كان ضالعا في هذه المؤامرة وكان الانتقام الالهي منه، أن مات مقتولا بالسم في بار في ايطاليا. وشتان بين من يموت شهيدا في سبيل دعوة الاسلام، ومن يموت علي يد راقصة في بار. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم: "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" «1». (1) للاستزادة من تفاصيل هذا الموضوع، يرجع إلي: محسن محمد: من قتل حسن البنا. دار الشروق 1987. الصفحات من 506 إلي 533. النظام الخاص والتنظيم الطليعي أنشئ النظام الخاص في عام 1940 تحت شعار أن الحق لابد أن تحميه قوة، وأن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن كما قال الفاروق عمر بن الخطاب، وكان الهدف من إنشاء هذا النظام هو مواجهة الإنجليز في الداخل والصهاينة في فلسطين. وكانت فكرة الإمام حول هذا النظام تقوم علي تكوين مجموعة من الإخوان الشبان المخلصين - أي من صفوة الإخوان- لا يزيد عددهم علي عشرين شخصاً «مثلما أبلغني بذلك الدكتور حسين كمال الدين»، يتلقون تدريباً عسكرياً يشبه تدريب فرق الصاعقة في الجيوش الحديثة، وتكون مهمتهم حماية ظهر الدعوة من أعدائها من الكفار، ولم يكن في فكر حسن البنا أن يقتل مسلماً أو مصرياً يقول لا إله إلا الله، أو يعتدي علي منشآت مصرية أو يعمل بها مصريون. وعهد الإمام للأخ عبدالرحمن السندي بتكوين هذا النظام، غير أن عبدالرحمن توسع في العدد شيئاً فشيئاً، إلي أن وصل إلي حد يهدد الدعوة العامة لنقص الدعاة والإخوان المخلصين وتخلف الكثيرون عن العمل الميداني لنشر الدعوة، للدرجة التي جعلت الإمام يفكر في كيف يستطيع أن يقلص هذا النظام بدون أن يؤدي ذلك إلي اهتزاز يصيب سير الدعوة ويعطل مسيرتها، وبخاصة بعد أن حدثت أخطاء من النظام بارتكاب أفعال استنكرها الإمام مثل مقتل الخازندار، الذي سأتحدث عنه في الموضوع التالي. كان أعضاء هذا النظام هم جند الإسلام في حرب فلسطين قبل تدخل الجيوش، وكان التفاهم تاماً بين قيادة النظام والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العليا لتحرير فلسطين، حيث كان الإخوان يجمعون السلاح للهيئة، وانشأوا لها محطة إذاعة سرية في فيلا استأجرها المهندس سعد جبر لهذا الغرض، فضلاً عن التنسيق مع المفتي فيما يتعلق بالفصائل التي أرسلت إلي أرض فلسطين لتقاتل العصابات الصهيونية التي تزعمها وقتئذ وزراء إسرائيل الحاليون. قام النظام بأعمال علي سبيل الترهيب لا الإرهاب، فألقوا قنبلة دخان علي بار مليء بالجنود الإنجليز، وقنبلة شبيهة علي شركة الإعلانات الشرقية التي كان رئيس مجلس إدارتها ممثلاً للصهيونية العالمية الذي قابلته بعد أن طرد من مصر في عام 1956 في روما وباشر مهامه العالمية من هناك تحت ستار مكتب للصور الصحفية واسمه مسيو حاييم. كذلك قام النظام بإلقاء قنبلة دخان علي حارة اليهود، حيث كان اليهود المصريون يساندون الصهيونية الإسرائيلية ويمدونها بالمال الكثير. وفي يوم من أيام مايو 1948 كان أفراد النظام الخاص ينقلون بعض أوراقهم داخل سيارة جيب، فضبطت مصادفة، وكان بها بعض الأسلحة الخاصة بالهيئة العليا لفلسطين، وقدم الذين قبض عليهم للمحاكمة فيما سمي بقضية الجيب، العجيب أن المستشار الذي حكم في هذه القضية وهو أحمد كامل بك، طلب التقاعد من خدمة الحكومة بعد انتهاء القضية وانضم للإخوان بعد أن اقتنع بسمو فكرتهم وسلامة عقيدتهم، واشتغل بالمحاماة في الإسكندرية، ثم ترافع ضد الحكومة في قضية مقتل الإمام الشهيد، كذلك فإن عضو اليمين في المحكمة المستشار محمود عبداللطيف قال بعد المحاكمة.. كنت أحاكمهم فأصبحت واحداً منهم. من هذا النظام اقتبس عبدالناصر التنظيم الطليعي الذي شكله في أواخر الستينيات ولايزال بعض أعضائه يحكمون مصر في هذه الأيام.. كانت فكرة عبدالناصر تتفق مع فكرة حسن البنا، إذ شكل التنظيم ليكون سرياً وليحمي ظهر الثورة عند اللزوم. غير أن هناك فارقاً كبيراً بين التشكيلين.. فأعضاء النظام الخاص كانوا من المؤمنين بفكرته والمخلصين لها، أما أعضاء التنظيم الطليعي فكانوا من فلول ومخلفات هيئة التحرير والاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي، من أصحاب المصالح ذوي النزعات الفردية. كان تشكيل التنظيم الطليعي سرياً، وانتشر بحيث شكلت له وحدات في الشركات والمصالح الحكومية، وكان العضو المؤسس ملتزماً باختيار عدد يضمه كأعضاء، ويضعهم تحت الاختبار لفترة، فإذا رسب أحدهم استبعد من التنظيم، وأذكر أن صديقاً لي في إحدي الشركات أسر لي أنه عضو في التنظيم الطليعي، وصار يتباهي بذلك أمام أصدقائه، ولم يمر عليه أسبوع واحد حتي استبعد من التنظيم. وكما هو شأن التنظيمات السرية، كان هدف التنظيم الطليعي المعلن سلمياً، غير أنه انحرف عن هذا الهدف وصار عمل الأعضاء قاصراً علي حضور اجتماعات سرية وكتابة التقارير عن العاملين والزملاء، الأمر الذي تسبب في مشاكل كثيرة وبخاصة في الجامعات، مما حدا بالرئيس السادات إلي إلغائه.. ولكن العجيب أن نفوذه مستمر حتي اليوم. ولنعد الآن لما قاله الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا في حق النظام الخاص للإخوان المسلمين، رداً علي سؤال للمحكمة حول جمع الأسلحة لنصرة فلسطين بواسطة النظام الخاص «انظر محمود الصباغ: حقيقة التنظيم الخاص -دارالاعتصام 1407هـ- الصفحات 172-178» حيث يقول: «كان للإخوان المسلمين حركة مشاركة في حرب فلسطين منذ البدء وقام بدعاية لها، ثم شاركوا بأنفسهم في سنة 1936 أثناء الجهاد هناك، وجمعوا أسلحة وذخيرة، وذهب فريق منهم إلي الجهاد هناك واستمروا علي ذلك.. وظلت الهيئة تجمع أسلحة بعد دخول الجيش، وكذلك الإخوان وأذكر حادثة قد يكون لها أهمية في هذا الموضوع وهي أن المرحوم الشيخ حسن البنا زارني بعد الهدنة الأولي وقال لي ما يدل علي قلقه مما ظهر في بعض الجيوش العربية من التخاذل ومما لمسه من الدسائس التي ترمي إلي هدم قضية فلسطين، وتسليم فلسطين إلي اليهود وبدون حرب.. وقال لي: إنه يشعر بقلق شديد مما لمسه من هذا التخاذل والدسائس، ولذلك فقد فكر في أنه سيرسل نحو عشرة آلاف من الإخوان المسلمين ليشتركوا مع المجاهدين في فلسطين، وقال إنه سيعرض الأمر علي المختصين في الحكومة المصرية لتمونهم وتسلحهم، وإذا تعذر تسليحهم بسبب قلة السلاح فإنه سيطلب إلي جميع الشُعب لتجهز كل شعبة متطوعيها بسلاح تشتريه، بحيث يتسلح عشرة آلاف، وكان مصمماً علي هذه الفكرة واعتقد أنه طلب إلي هذه الشُعب أن تجمع الأسلحة، وأخذ في تنفيذ هذه الخطة، ولكن لا أدري كم استطاع أن يرسل منهم في ذلك الحين، وهذا يدل علي أنهم كانوا يشترون الأسلحة حتي بعد دخول الجيوش النظامية وذلك بسبب خيبة الآمال في بعض الجيوش العربية». وكانت الهيئة العربية تجمع السلاح وترسله إلي فلسطين حتي 11 أو 12 ديسمبر 1948 «تاريخ حل الإخوان» وصادرت الحكومة من قبل حوالي 4 أغسطس الأسلحة والذخائر من مخازن الهيئة العربية في حلمية الزيتون والمرج بالرغم من حصولها علي تصريح بجمع السلاح.. وعن الإخوان المسلمين ذاتهم يقول المفتي «صفحة 178 من المرجع السابق»: «الإخوان المسلمون هيئة إسلامية تعتنق المبادئ وتحمل دعوتها وتعمل لخير المسلمين ونفعهم، وتعمل علي إنشاء جيل مصلح يعمل بمبادئ الإسلام وأخلاقه، هذا ما أعرفه عن الإخوان المسلمين، وأعرف أن أهداف المرحوم حسن البنا والإخوان كانت لمصلحة المسلمين خاصة ولخيرهم ولإنقاذهم مما هم فيه من ذل وبلاء ولا أعتقد أنها تعمل أي شيء يخالف الشرع من العنف والقتل والإرهاب». ويقول اللواء أحمد فؤاد صادق باشا قائد عام حملة فلسطين عن جنود الإخوان هناك إنهم كانوا أبطالاً وتسأله المحكمة عن وقائع تدل علي بطولتهم فيقول «المرجع السابق ص179»: «سمعت بعد وصولي لرئاسة القوات في قلم المخابرات العسكرية أن اليهود يبحثون دائماً عن مواقع الإخوان ليتجنبوها في هجومهم، فبحثت عن حالتهم من الناحية الفنية، وأمرت بتمرينهم أسوة بالجنود ودخلوا مدارس التدريب، وأصبح يمكن الاعتماد عليهم في كثير من الأحوال التي تستدعي بطولة خاصة، مثلاً: أرسلتهم من دير البلح إلي ما يقرب من 100 كيلو إلي الجنوب لملاقاة الهجوم الإسرائيلي علي العريش فاستبسلوا وأدوا واجبهم تماماً، واشتركوا أيضاً في حملة للدفاع عن موقع 86 في دير البلح وأعطيتهم واجباً من الواجبات الخطيرة فكانوا في كل مرة يقومون بأعمالهم ببطولة استحقوا من أجلها أن أكتب لرياسة مصر أطلب لها مكافأة بنياشين، وذكرت بعضهم للشجاعة في الميدان، وبعضهم ذكر اسمه في الأوامر العسكرية، واتصلت بالحكومة في ذلك الوقت وطلبت منها مساعدة هؤلاء بأن يعطوهم أعمالاً عندما يعودون ويعاونون أسرهم والحكومة ردت ووافقت وارسلت تأخذ معلومات عنهم وكان هذا تكريم الحكومة لهم.. ولا أعرف إن كانت قد نفذت هذا الوعد أم لا.. ولكن الحكومة طلبت مني اعتقالهم فرفضت ووضعتهم تحت حراستي الخاصة.. كانت روحهم المعنوية بعد حل الإخوان عالية وقاتلوا ببسالة.. وقاموا بدور خطير في دير البلح.. فهم أحسن المتطوعين عندي.. وقد طلبوا مني بعد أن بلغتهم باغتيال المرشد إقامة حفلة تأبين للأستاذ البنا، فرفضت لأني لم أقم حفل تأبين للنقراشي، ولهذا وضعتهم في شبه معتقل، ولكن ليعاملوا معاملة كريمة فهم زملاء ميدان. ويقول اللواء أحمد علي المواوي بك قائد عام حملة فلسطين «المرجع السابق صفحة 182 وما بعدها»: سبق متطوعو الإخوان المسلمين «النظام الخاص» دخول القوات النظامية الحرب في فلسطين.. واستعان الجيش النظامي بهم أثناء الحرب كطلائع ودوريات.. استخدمناهم كقوة حقيقية تعمل علي جانبنا الأيمن في الناحية الشرقية.. كانت روحهم المعنوية قوية جداً للغاية.. وأذكر بالنسبة لروحهم المعنوية أنهم كانوا يطلبون دائماً ألغاماً للنسف وكانت في هذا الوقت ألغاماً متعذرة وأذكر أن هؤلاء الإخوان كانوا يقومون بدوريات ليلية يصلون فيها إلي النطاق الخارجي للمستعمرات اليهودية، وينزعون من تحت الأسلاك الشائكة الألغام التي يبثها اليهود وسط الأسلاك ويستعملونها في تلغيم الطرق الموصلة إلي المستعمرات اليهودية، وقد نتج من جراء هذه الأعمال خسائر لليهود، وتقدم لي من جرائها مراقبو الهدنة يشتكون من هذه الأعمال التي كانت تعمل في وقت الهدنة.. وقد كلفنا الإخوان المتطوعين بعمل عسكري عند مهاجمة العسلوج.. والعسلوج هذه بلد تقع علي الطريق الشرقي واستولي عليها اليهود أول يوم هدنة، ولهذا البلد أهمية كبيرة جداً بالنسبة لخطوط المواصلات، وكانت رئاسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد، حتي أن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل لي اشارة هامة يقول فيها: لابد من استرجاع هذا البلد بالهجوم عليها من كلا الطرفين من الجانبين، فكلفت المرحوم أحمد عبدالعزيز بك بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم وأرسلت قوة كبيرة من الغرب تعاونها جميع الأسلحة ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها. هذه الشهادات الثلاث تدل علي جدية دور الإخوان في حرب فلسطين، وهي صادرة من شخصية سياسية علي أعلي مستوي ومن أعلي قائدين عامين أشرفا علي الحرب تباعا. ويقول الصباغ محمود بك لبيب عضو الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين وقائد منظمة شباب فلسطين والمشرف علي التنظيم العسكري للإخوان «الذي انضم له فيما بعد عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وحسين الشافعي وعبداللطيف البغدادي وخالد محيي الدين ثم حنثوا بالبيعة التي بايعوها لما وجدوا أنفسهم علي رأس السلطة» في شهادته أمام المحكمة مايلي: عينتني الهيئة العربية العليا قائداً لمنظمة شباب فلسطين.. فسافرت إلي هناك وكونت جيشاً من أهالي فلسطين عام 1947، فأخرجني الإنجليز من هناك بالقوة، ولما عدت اتصلت بسماحة مفتي فلسطين.. ثم بدأ التطوع في ديسمبر 1947، وتجمعنا في العريش ثم توجهنا إلي الميدان.. كان المتطوعون من الإخوان يحاصرون المستعمرات اليهودية، ثم يبحثون عن مواسير المياه لقطعها ويمنعون الماء عن المستعمرات ويهاجمون القوافل اليهودية، وإنهم كانوا علي الدوام يهاجمون القوافل، وأرادوا معرفة قوة المستعمرات وعملوا رسماً كروكياً لمستعمرة دير البلح المعروفة بالعبرية كفار ديروم، وكانت علي مسافة 800 متر من جهة النصيرات وأرادوا أن يهاجموا هذه المستعمرة، وفعلاً هاجموها وقد نجحوا في دخولها واستشهد بعضهم، وقد كان هذا الهجوم من نوع الاستكشاف وهذا يحصل دائماً في حروب العصابات، وقد استشهد في هذه المعركة 12 مجاهداً وجرح كثيرون وبعد هذه المعركة اتصلت بصالح حرب باشا والمرحوم المرشد العام بصفتهم عضوين في هيئة وادي النيل، ورئيسهاً علوبة باشا كي يتصلوا بالحكومة ووزير الحربية ليعطوا المتطوعين قشلاقاً للتدريب، كما فعلت سوريا في شمال أطنة وتكلموا مع علوبة باشا في الموضوع، علوبة باشا اتصل بحيدر باشا فوعده أنه سيوجد معسكراً للتدريب وتوجهت أنا والمسيري بك إلي الهايكستب، وهناك أخذنا المعسكر الذي سيجري فيه التدريب وابتدأ بعد ذلك التطوع بأوسع مدي، والحكومة عينت في المعسكر مدربين من الجيش ونادت هيئة وادي النيل بالتطوع، وكان أكثر المتطوعين من الإخوان إذ بلغوا 90% من المتطوعين جميعاً وفعلاً توجهوا إلي المعسكر وتدربوا تدريباً عملياً كاملاً وانضموا لإخوانهم في فلسطين. زرعنا قواتنا لمحاصرة المستعمرات اليهودية التي يمر عليها الجيش علي أبعاد متفاوتة، وعملنا علي وضع الألغام في الطرق المجاورة للطريق الرئيسي الذي يمر منه الجيش. وفعلاً مر الجيش ولم تطلق أي رصاصة واحدة من المستعمرات عليه، ولما دخل الجيش غزة كان معهم متطوعون وتسلم القيادة المرحوم أحمد بك عبدالعزيز واحتلوا العوجة والعسلوج وبير سبع والفالوجة وعراق المنشية وبيت جبريل والخليل وبيت لحم، ودخلوا في حدود القدس الجديد 3 كيلو وحصل هذا كله في مدي 12 يوماً وأصبح جميع النقب تحت إشراف الإخوان المسلمين. وقبل دخول الجيش بثلاثة أيام أو أربعة عملنا معركة وذلك في يوم 11 مايو، هذه المعركة تدل علي مدي قوة ومتانة المتطوعين الروحية والمادية، فقد علمنا بوجود المصفحات اليهودية في مستعمرة اسمها «المشبه» تبعد عن غزة بحوالي 20 كيلو للجنوب الشرقي فراقب الإخوان هذه الحركة طوال الليل، وفي الصباح بدأت قافلة المصفحات تتحرك، فخرج المتطوعون بـ«البويز» وهي عبارة عن مدافع ضد المصفحات، وما إن تقدمت المصفحات حتي فتحت عليها النيران من كل الجهات، وفي خلال فترة وجيزة كان الفدائيون مسيطرين علي الصهيونيين وأخذ الصهيونيون في التسلل فمنهم من قتل ومنهم من نجا، وحضر سواقو الإخوان وقادوا المصفحات ومعي الآن صور لهذه المصفحات، وأخرج الشاهد من جيبه خمس صور واطلعت عليها المحكمة وأعيدت إليه ثانياً. ولما دخل الجيش ووصل الإخوان بيت لحم ودخلوا ثلاثة كيلو داخل حدود القدس الجديدة كانت هناك مستعمرة يهودية كان لابد من أخذها اسمها مستعمرة «رامات راحيل» فأمر أحمد بك عبدالعزيز أن يستولي عليها الإخوان، وهذه المستعمرة كبيرة وكانت تمون القدس باللبن والدواجن، وقد تسلق الإخوان المستعمرة لأنها كانت في مستوي عال واحتلوها وإذا بهم يفاجأون ببعض جنود إحدي الدول العربية وقد أخذوا في السلب والنهب، ولذلك فكر الإخوان في أن الصهيونيين لابد لهم من العودة، فتركوا المستعمرة لجيش تلك الدولة، وارتد الصهيونيون واستولوا عليها، وصمم أحمد عبدالعزيز علي أخذها مرة أخري وفعلاً استولي عليها الإخوان بعد ذلك. أرسل لي عبدالرحمن عزام باشا أمين الجامعة العربية لكي أحضر للجامعة فتوجهت إلي هناك وقابلني الأميرالاي أحمد بك منصور ضابط الاتصال، وسألته عن سبب دعوتي فأخبرني برغبتهم في جمع المتطوعين وأن الأومباشي حسن مصطفي مندوب الهايكستب حضر لهذا السبب، وحضر الأومباشي حسن مصطفي وطلب كتيبتين من 1600 من المتطوعين، وسألته هل يريدهم من كل صنف؟ فقال لي: إنه يريدهم من صنف واحد فقط هم الإخوان المسلمين بالذات، قلت له: ممكن، فأفهمني أن المسأل مستعجلة لأننا سندربهم في حوالي من 15 إلي 20 يوماً علي الأسلحة لفك الحصار عن الفالوجا، فقلت له: ممكن وميسور وأخذني معه لوزارة الحربية وهناك قابلني الأمباشي صلاح صبري وعرفني أنه مدير مكتب الوزير، وقد عرفه بي وسألني هل أخبروك عن المأمورية، قلت: مستعدين.. وقام الإخوان بفك الحصار. وفضلاً عن كل ما مضي فقد انشأ النظام الخاص مصانع للهيئة العربية العليا علي شكل ورش في فيلات مستأجرة في حلمية الزيتون والمرج لكي تنظف وتصون الأسلحة الصدئة المجموعة من الصحراء. هكذا قام النظام الخاص بواجبه كاملاً ومحققاً الهدف الذي انشئ من أجله.. فتلك أمجاده.. فماذا فعل التنظيم الطليعي غير القفز إلي الحكم؟ بيد أن النظام انحرف عن أهدافه اعتباراً من حادث مقتل الخازندار فالجميل لا يكتمل جماله كما يقول المثل الشعبي. مقتل الخازندار كنت مستشاراً لمجلس إدارة النظام الخاص منذ عام 1945 باعتباري أميناً للمعلومات تابعاً للإمام حسن البنا، وكنا نحضر الاجتماعات وتعرض علينا مشاكل النظام وأعضائه، ونقر أساليب التدريب التي تخدم الفصائل التي سوف تتوجه إلي فلسطين. قتل المستشار الخازندار وأنا مستشار لمجلس إدارة النظام، ولم يكن مجلس الإدارة يعلم شيئاً عن هذه الواقعة إلا بعد أن قرأناها في الصحف وعرفنا أنه قد قبض علي اثنين من الإخوان قتلا الرجل في ضاحية المعادي ومعهما دراجتان لم تتح لهما فرصة الهرب عليهما حيث قبض الناس عليهما. في ذات اليوم طلب الأستاذ الإمام عقد اجتماع لمجلس الإدارة بمنزل عبدالرحمن السندي، وحضر الأستاذ بعد صلاة العشاء وبصحبته شخص آخر، لا أذكر إن كان حسن كمال الدين المسئول عن الجوالة أو صلاح شادي رئيس نظام الوحدات الذي كان يضم ضباط وجنود البوليس. دخل الأستاذ وهو متجهم، وجلس غاضباً، ثم سأل عبدالرحمن السندي قائلاً: أليست عندك تعليمات بألا تفعل شيئاً إلا بإذن صريح مني؟ قال: بلي.. قال: كيف تسني لك أن تفعل هذه الفعلة بغير إذن وبغير عرض علي مجلس إدارة النظام؟ فقال عبدالرحمن: لقد طلبت الإذن وصرحتم فضيلتكم بذلك! قال الإمام: كيف؟ هل أصرح لكم وأنا لا أدري؟ قال عبدالرحمن: لقد كتبت إلي فضيلتكم أقول ما رأيكم دام فضلك في حاكم ظالم يحكم بغير ما أنزل الله ويوقع الأذي بالمسلمين ويمالئ الكفار والمشركين والمجرمين؟ فقلتم فضيلتكم: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض.. فاعتبرت هذا إذناً!!

This site was last updated 09/27/12