Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

عازر لم يحتمل السكنى بين الناس

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
لماذا دعوناه قـديـساً
حياة عازر يوسف عطا
ابونا مينا البراموسى
أبونا مينا البراموسى بالطاحونة
ابونا مبنا وكنيسة مارمينا
تعمير دير الأنبا صموئيل
إختيار الأنبا كيرلس
البابا كيرلس السادس
أثيوبيا والبابا كيرلس
جمال والبابا كيرلس
رؤساء الكنائس يزورون البابا
وصية البابا كيرلس
نياحته ومعجزاته
مستندات ووثائق كنسية
معجزات البابا كيرلس 1
الأقباط فى أفريقيا
الأقباط فى المهجر
البابا كيرلس بعد نياحته
مديح البابا كيرلس السادس
عودة رفات القديس مرقس
كلمات البابا شنودة
بناء الكاتدرائية بالأنبا رويس
البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏جندي‏ ‏صالح‏ ‏للمسيح
رحلة عودة مار مرقس
طقس سيامة البطاركة
عودة رفات مار مرقس
البابا وكنيسة أتريب
كلمة الأنبا عريعوريوس

Hit Counter

 أولئك الذين أشرقت عليهم بشعاع حبك يارب لم يحتملوا السكنى بين الناس الشيخ الروحانى

 

أشتاق إلى درجة الملائكة الخادمة

وكان إشتياق عازر يوسف منذ نعومة أظفارة متجه إلى حياة الرهبنة المكرسة للرب , فكتب عن مشاعرة قائلاً : " .. من صغر سنى كنت أميل إلى الهدوء والجدة , ولبس الملابس السوداء , ولما بلغت سر الرشد :نت أسمع كثيراً عن الأديرة والرهبان , فكان يلتهب قلبى ناراً , وأشتاق للذهاب إلى الدير .. " راجع كتاب : حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس , وأيضاً فى كتاب : 25 عاماً على نياحته - قراءة فى حياة أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر ص 40

ملأتم الهوا كلاماً

وفى وسط العالم ترجم مشاعرة لتصبح حياة يعيشها فلجأ إلى الوحدة والإنفراد والعبادة والنسك , خمس سنوات كامله عمل فيها فى شركات الملاحة للسياحة بالإسكندرية (كوك شيبينج) سنة 1921م درب نفسه على حياة التعبد والنسك . فى هذه السنوات الخمس كان مشهوداً له بالأمانة والإخلاص فى عمله ، وبالرغم من مشغوليته فى عمله إلا أن عمله لم يفصله عن علاقته بالرب يسوع , فكان يقضى الليل ساهراً فى الصلاة والتأمل , وأخذ يدرب نفسه على الصمت والتأمل الروحى , فكان كثيراً ما يقول لأقاربه واخوته عندما يكثرون فى الكلام والمزاح : " ملأتم الهوا كلام ! " وحتى بعد أن اصبح بابا الأسكندرية قال مرة لأحد رجال الكهنوت : " هديت الكنيسة بكتر الكلام "

وعند قرائته للكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسية ودراستها كان يرجع إلى إرشاد بعض الكهنة العارفين بتفسير المعانى الروحية أما سير القديسين فقد ألهبت نار قلبه .

وكان يجاهد في حياة نسكية كاملة فعاش زاهداً في بيته وبالرغم من هذه الحياة الفريدة فلم يلاحظ عليه أى أحد شيئاً مختلفاً وفى هذه المرحلة نفذ الوصايا فى الخفاء كما قال رب المجد يسوع . فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ، ويترك طعامه مكتفياً بكسرة صغيرة وقليل من الملح .

عازر يترك العالم وينعزل

وإشتاق عازر لخدمة الكنيسة متشبهاً بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الإيمان الذين أرسوا مبادئ الإيمان المسيحى للعالم أجمع ، فكان عليه أن يسير فى طريقهم المبني على دراستهم العميقة في الكتاب المقدس . فكان عازر مفلحاً في جميع طرقه لأن الرب كان معه لأنه بقدر ما كان ينموا فى سلم الفضيلة وينجح روحياً كان ينجح عملياً .

وأخيراً فاضت محبته للرب يسوع وأشتاق للأنطلاق من الحياه الجزئية إلى الحياة المكرسة الكاملة للرب يسوع ولسان حاله يقول هوذا حياتى يارب كلها لك لأن نفسى اشتاقت  لعشرتك الإلهية الدائمة , وهكذا أراد أن ينطلق ويبعد عن العالم قائلاً فى نفسه معك يارب لا أريد شيئاً

وفوجئ حنا شقيقة الكبير يوماً بمكالمة تليفونية ذات صباح تستدعيه لمقابلة مدير عام كوكس , وعندما ذهب وكان يتسائل عن سبب إستدعائه زهل من المفاجأة إذ أراه المدير الإستقالة التى قدمها عازر له وكتب فيها : " بما أن لدى أعمالاً هامة لا يسعنى أن أتخلى عنها لذلك أقدم إستقالتى من العمل وأرجوا أن يتم قبولها حتى نهاية شهر يونيو سنة 1927 م "

. وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر وأسرته وأقاربه ورفضهم ذهابه إلى الدير للرهبنة فإلتجأ إلى الرب يسوع فى صلاة حارة لكى يعطيه نعمة فى عيونهم وكتب يقول : " .. عرضت الفكرة على والدى وأخوتى ففى أبتداء الأمر وجدت مقاومة شديدة ورفضاً كلياً منهم , فلم يثنى عزمى , بل داومت الصلاة إلى الرب متضرعاً إليه تعالى أن يعطف قلوبهم , وأن يسمحوا لى بالذهاب إلى الدير فسمع الرب صوت تضرعى وأستجاب إلى طلبتى , وفعلاً سمح لى والدى بالذهاب " القس رفائيل أفا مينا - ينبوع تعزية

 وذهب إلى الأنبا يؤنس مطران البحيرة والمسئول عن دير البراموس طالباً الرهبنة ولكنه طلب مقابلة أخيه الأكبر ووالده فعاد حزيناً إلى بيته ,  وأخيراً نصحة والده أن يذهب إلى اب أعترافه القس يوحنا جرجس الكبير لأخذ مشورته بعد التقدم للأسرار المقدسة ثم يصنع ما ترتاح نفسه , وبعد القداس أوصى أبونا يوحنا والد عازر أن يوفق على تحقيق أمنية أبنه عازر وقال : " إننى أرى أنه رسم لنفسه طريقاً مستقيماً لأن الرب هو الذى دعاه للرهبنة "

قصد الأنبا يؤنس البطريرك الـ113 وبرفقته والده وشقيقه الأستاذ حنا وحاول نيافة الأنبا يؤنس صعوبة طريق الرهبنة وتجاربها المتنوعة ولكنه كان مصراً إصراراً عجيباً وطلب قبوله في سلك الرهبنة في دير البراموس بوادي النطرون فأجابه عازر عندما طلب الرهبنه : " هذه كلها رسمتها أمامى , ولى الان خمس سنوات أمارس طريق الرهبنة بكل حرص وأنا فى بيت أبى " وبارك الأنبا يؤنس إختياره ووعد بترتيب الأمر وقال الأنبا يؤنس : " سأهئ لك سبيل الرهبنة " ، وقبلت استقاله عازر من العمل في يوليو سنة 1927م (وكانت أستقالته صدمة لصاحب الشركة وحاول استبقاءه برفع مرتبه إغراء وتقديراً منه لأن عمله كان أميناً . ولكن عازر وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر إلى الوراء )

وأنتظر بكل رجاء موعد الرحيل إلى الدير حتى أستدعاه الأنبا يؤنس وحدد موعد السفرإلى دير البراموس فى 27 / 7 / 1927 م وأرسله برفقة الأب القس بشارة البراموسى ( نيافة الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا فيما بعد ) وكان القس بشارة يحمل خطاب توصية من الأنبا يؤنس لأمين الدير القمص شنودة البراموسى ليقبل عازر كطالب رهبنة فى الدير .

 

ذهب إلى الرهبنة حاملاً قفة فطير

 وفى 5 أبيب سنة 1643 ش الموافق 12 يوليو 1927م وكان يوم عيد الرسل بكر عازر إلى الكنيسة حاملاً على كتفه قفة مملوءه فطير كانت أمه قد صنعته لتوزيعه على الفقراء والرهبان , وقد اصر هو على أن يحمل الفطير بنفسه وأمام معارضة عائلته قال : " ألم يحمل رسل السيد المسيح القفاف المملوءة كسراً  المتبقية من الخمس خبزات والسمكتين ؟؟ "ولما وصل إلى الكنيسة وزع الفطير بيده معلنا أبتهاجه لقبوله فى الرهبنة .

 فاصطحبه القس بشارة البراموسى ( اصبح أنبا مرقس مطران طهطا وطما وأبو تيج ) إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا بإضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنوده البرموسى أمين الدير لاستقباله ظناً منهم أنه زائر كبير، وعندما تحققوا الأمر قبلوه في سلك الرهبنة فوراً مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبل راهب في تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة. واعتبرت هذه الحادثة نبوة لتقدمه في سلك الرهبنة وتبوئه مركزاً سامياً في الكنيسة.

وقرأ أمين الدير مضمون الرسالة المرسلة من المطران أخذ عازر إلى القلاية التى سيقيم فيها فقام على الفور بتنظيفها وترتيبها وفرشها بورق سميك كان قد احضره معه , وإرتدى جلبابا أسود وطاقية سوداء .
عازر يصبح راهباً بأسم مينا البراموسى
ويقول عازر (أبونا مينا البراموسى) : " ... وكان يوم تركت العالم من أسعد أيام حياتى , فتوجهت إلى دير البراموس الكائن ببرية شهيت , ووصلنا إلى بلدة الهوارية الساعة العاشرة مساء , ومنها وصلنا إلى الدير الساعة الثانية بعد منتصف الليل , فدخلت الدير وكأنه الفردوس والآباء الرهبان شبه الملائكة , فإسترحت قليلاً إلى ان دق الناقوس للصلاة ,فذهبت للكنيسة وحضرت القداس وأخذنا نعمة فوق نعمة , وقضيت مدة الإختبار وكانت حوالى تسعة أشهر , وبعدها أراد الرب ان ألبس شكل الرهبنة , فأجمع الاباء الرهبان على تزكيتى فوافق الرئيس على ذلك , ورسمت راهباً بالكنيسة القديمة التى بها اجساد القديسين , وكان الرهبان إختلفوا على الأسم , وأخيراً أتفقوا أن الإسم الذى بسنكسار اليوم هو الذى يكون أراد به الرب , وفعلاً كان تذكار نياحة الراهب مينا , فدعيت بهذا الأسم المبارك الذى للشهيد مينا العجائبى ... "
25 عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 42 .. وراجع أيضاً  حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس

عازر ينتظر السيل الإلهى

وما لم يحكية أنه تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبد المسيح صليب المسعودى البراموسى والقمص يعقوب الصامت. أولئك الذين كان شيوخ الدير القديسين في ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك فهذا كل ما تمناه كل حياته حياة التعبد للرب .

وكان عازر درب نفسه على الصلاة يحضر إلى الكنيسة فى الصلوات الجماعية ثم يعود إلى قلايته مباشرة فى سكون وصمت , وبعد قضاءه عدة ايام فى فى الدير ذهب لزيارته فى القلاية خمسة من شيوخ الرهبان أحدهم القمص عبد المسيح المسعودى الكبير , وسعدوا باستقباله لهم ونظامه فى قلايته وتحمسه فى طريق الرهبنة وحينئذ قال القمص عبد المسيح لباقى الشيوخ : " اصله حارت ومستنى السيل " أى أنه حرث ارضه وبذر الكلمة وأعد نفسه منتظراً لسيل النعمة , وحين هم الآباء الشيوخ الخمسة أحتضنه القمص عبد المسيح وقال له : " من هذه الساعة وهبك لى الرب لتكون إبناً مباركاً " والواقع أن تلمذه عازر لشيخ الرهبان القمص عبد المسيح كان بركه عظمى منحها الرب للشاب الذى تطلع إلى طريق الرهبنه (باب السماء) منذ صباه .

وفي كنيسة العذراء القديمة في الدير سيم راهباً . فكان ساجداً أمام الهيكل وعن يمينه جسد الأنبا موسى الأسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس ودعى "بالراهب مينا" وذلك في 17 أمشير سنة 1644ش الموافق 25 فبراير سنة 1928م وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلاً " سر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادئ وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أميناً على أسراره المقدسة. وروحه القدوس يرشدك ويعلمك".. " ليباركك الرب يا ابنى وليؤهلك لنعمته , وليفض عليك من روحه القدوس فيجعلك أميناً إلى النفس الأخير " .

فازداد شوقا في دراسة كتب الآباء وسير الشهداء والقديسين ، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار اسحق السريانى . فاتخذ كثيراً من كتاباته شعارات لنفسه مثل  : "ازهد في الدنيا يحبك الله" و ..  "ومن عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها تبعته وأرشدت عليه" وكانت كتاباته الثر الكبير فى تكوين رحانيته النسكية وتشكيل فكره وصياغة طريقه ونمو وجدانه الروحى وعواطفه تجاه الإرتباط بالرب يسوع , فكان هذا النوع من التلمذة لقديس مثل مار أسحق هو السلم الذى نمت عليه فضائلة .

وكتب أبونا البراموسى يصف فترة حياته فى الرهبنه فقال : " .. فأخذت من هذا اليوم اتعلم قوانين الرهبنة من ألاباء , وكنت أدرس فى كتب القديسين ولا سيما كتاب القديس العظيم مار أسحق السريانى , فكنت أشعر بنعمة الرب تزداد على يوماً بعد يوم .. فمكثت أشعر بنعمة الرب نحو أربعة سنوات , كنت مطيعاً للجميع لآخذ بركتهم , وكنت أشتاق لخدمة الشيوخ كثيراً , فمكثت فى خدمة الراهب الشيخ عبد المسيح المسعودى العلامة مدة سنة , وتعلمت التسبحة قبطى على يد جناب القمص باخوم وهو اب أعترافى , وخدمت القمص أنطونيوس مدة سنة .. "  25عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 44 .. وراجع أيضاً  حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس

وبدأ يعيش الحياة التى كان مشتاقاً ليعيشها فقام بخدمة الشيوخ من الرهبان الغير قادرين على الحركة , وأعتنى بالمكتبة وكان شغوفاً بالقديس مار أسحق السريانى وشغل نفسه بنسخ كتبه فى خمسة مجلدات وقام بتغليفها بغلاف انيق وذلك بتوجيهات القمص باخوم ,

الراهب مينا البراموسى يصبح قساً

وحدث ان حضر للدير نيافة الأنبا ديمتريوس مطران المنوفية (1930م - 1950م) لزيارة الدير , فزكاه  جميع الآباء لنوال نعمة الكهنوت لما رأوا محبته وخدمته وطاعته كما أدركوا إمتلاءه بالنعمة أمامهم يوماً بعد يوم , وفى يوم الأحد 18 / 7/ 1931م الموافق 11 أبيب سنة 1647 ش وأثناء صلوات القداس الألهى وضع نيافة الأنبا ديمتريوس عليه اليد ودعاه قساً , أما الراهب مينا فكانت دموعه تزرف طوال القداس .. ودقت أجراس الدير إبتهاجاً بهذه السيامة المباركة , هكذا أهله الرب يسوع أن يقف أمامه على مذبحه المقدس لأول مرة في كنيسة أولاد الملوك "مكسيموس ودوماديوس" بالدير، كل ذلك قبل أن يتم ثلاث سنوات في الدير . فكان قلبه الملتهب حباً للرب يزداد التهابا يوماً بعد يوم . لا سيما بعد رسامته كاهنا وحمله الأسرار الإلهية بين يديه. .

ميناء الخلاص

فى ديسمبر 1929م قام أبونا مينا بأعداد مجلة دينية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص" لأطلاع الرهبان على الروحانيات وكانت لها فائدة كبيرة لهم , وقد أعد هذه المجلة بتشجيع القمص عبد المسيح المسعودى أبيه الروحى , ولما لم تكن هناك امكانيات لطبعها فقد كان يقوم بنسخها بخط يده عدة مرات حيث كانت توزع على الرهبان فى الدير .. وقد كتب بخط يده الهدف من أصدار هذه المجلة فقال : " لما كان الغرض الوحيد من صدور هذه المجلة هو بالنسبة لكثرة تكرار قراءة أقوال الآباء القديسين , وما تحويه من فوائد التى تعود على النفوس بالتعزية الكاملة , ورايت نفسى ترتوى من تلك التعليم المقدس , فكرت ألا أبخل على أخوتى الذين هم فى أحتياج عظيم لمثل هذا التعليم المقدس .

 فطلبت من السيد المسيح مصدر البركات مواهب الخيرات أن يعطينى عونا , ومساعدة لكى يمكن أن أوصل من هذا الماء الحى الذى يروى ظمأ القلوب إلى نفوس أخوتى لكى ترتوى نفوسهم ىمن تلك التعاليم النافعة لحياتهم الروحية , فسمع صوت تضرعى ويهئ لى هذا الطريق الذى لم يكن يخطر على بالى وهو أن أقوم بنشر هذه المجلة وليس لى فضل فى ذلك , لأن الفضل عائد على من نطقوا بهذه الأقوال المقدسة التى هى بإرشاد من الرب وتعليم الروح القدس الساكن فيهم " وكان يكتب لكل راهب نسخة من ميناء الخلاص وأستمر يوزعها طوال السنوات الخمس التى قضاها فى الدير . أبناء البابا كيرلس السادس - كتاب مدرسة الفضائل

وكانت عبارة ميناء الخلاص هى عنوان خدمته فى السنوات التالية , فقد نقل إختباراته وتعاليمة وإرشاداته ورسائلة عبر جسر الميناء الذى يخلص الجميع حتى يصل شعب الرب إلى أرض الميعاد الذى هو الملكوت الذى اعده المسيح لأحباؤه المنتصرين .

وفى سنة 1947م أنشأ معهد ميناء الخلاص وذلك عندما بنى كنيسة مار مينا بمصر القديمة وشمل الآتى : -

1- مدرسة المعلمين الأولية القبطية لتعليم الأطفال .

2- الدراسات الدينية فى الطقوس والعقيدة وشرح الكتاب المقدس .

3- اعداد نشرات ودراسات دينية بالمراسلة .

4- انشاء مكتبة عامة للأطلاع .

وكان يفكر فى مشروع للتدريب المهنى وحدثت ظروف جعلته يؤجل تنفيذ هذا المشروع إلى عام 1962م حتى أسس أسقفية الخدمات العامة التى تولت إقامة هذه المشاريع فى القاهرة .

وفى 13 ديسمبر عام 1969م أى بعد 40 سنة من صدور العدد الأول من ميناء الخلاص أقام البابا كيرلس السادس صلاة تبريك أرض فى الأنبا رويس لأقامة مبنى مطبعة ميناء الخلاص خلف معهد الدراسات والكلية ألأكليريكية (حالياً مطبعة الأنبارويس) - وقد حضر هذه الصلاة أصحاب النيافة :-

الأنبا شنودة أسقف التعليم (حالياً البابا شنودة) - المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات - المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف - المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى - إلى جانب وكيل عام البطريركية - مدير الديوان البطريركى - لفيف من الآباء والكهنة - أعضاء هيئة الأوقاف القبطية - كما حضر الصلاة حشد كبير من الشعب القبطى .

وقام بعض الأحبار الحاضرين وغيرهم بألقاء بعض الكلمات .

وقال الأنبا شنودة أسقف التعليم : " أن البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح إستقبل المطبعة ألولى بالألحان والتراتيل واليوم يستقبل قداسة البابا فريق شماسة الكاتدرائية وخورس الكلية الإكليريكية بالألحان عند قدومة لإقامة صلاة تبريك فى المكان المخصص لبناء المطبعة "

وقد ذكرت مجلة مدارس الأحد أن ألات الطباعة والتجليد قد أهديت من أتحاد الكنائس الإنجيلية فى ألمانيا إلى المعاهد الدينية بالكنيسة القبطية .  مجلة مدارس الأحد - العدد 1و 2 يناير وفبراير 1970 م

أبونا مينا البراموسى فى مدرسة الرهبان اللاهوتية

كلف أبونا مينا البراموسى لكى يدرس فى المدرسة اللاهوتية التى أسسها البابا يؤنس التاسع عشر (4) واطاع بفرح بالرغم من حبه لحياة الوحدة ومكث بهذه المدرسة لمدة سنتين وتفوق فى دراسته لمحبته للعلم والدراسة الدينية , وأرتبط بصداقة القمص كيرلس الأنبا بولا ( الأنبا كيرلس مطران البلينا ) وكذلك القمص الأنطونى ( الأنبا أبرآم أسقف الجيزة والقليوبية وقويسنا) وأتفقا على تأدية صلاة العشية كل مساء والقداس الإلهى كل صباح باكراً ,

هدم بيت القربان

وبعد فترة من الزمن فوجئا ببيت القربان متهدماً , ولكن من نعمه الرب يسوع أنه كان فى مواجهه بيت الرهبان مخبز أفرنجى فأخذ القس مينا القربان إليه ورحب صاحب المخبز به , ورفع الصديقان الأمر إلى القمص ميخائيل مينا مدير الكلية , فعقد مجمعاً للتشاور فى هذا الأمر , وإتفقا على إقامة صلوات العشية والقداس الإلهى يومياً بالتناوب بين كل الكهنة  والرهبان .. وكانت هذه الفترة وهذه المشكلة فرصة للتدريب على إقامة شعائر الصلوات المقدسة وأخذ كل راهب يحضر العظات وكان هدم بيت القربان بركة لكل من اقيم أسقفاً من الرهبان فيما بعد .

وترك ابونا مينا البراموسى المدرسة هارباً وذهب إلى دير القديس شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج عندما علم أن البابا يرشحة ليكون أسقفاً على الغربية والبحيرة , وكان هناك سبباً آخر هو حبه لحياة الوحدة .

ولكن البابا يؤنس رفض السماح له بالبقاء فى دير الأنبا شنودة فذهب إلى القاهرة وقابل قداسة البابا الذى عرض عليه أما أن يستمر فى دراسته فى المدرسة أو يرجع إلى ديرة ففضل الرجوع إلى دير البراموس القس رفائيل أفامينا : ينبوع تعزية

إشتياق أبونا مينا لحياة الوحدة والإتحاد والتوحد مع الرب يسوع

قال أبونا مينا البراموسى عن هذه الفترة من حياته : "  فكنت أشتاق بل وأتوق أن أسلك طريق الوحدة , , هذا الطريق الذى كثيراً ما تكلم عنها الآباء , لا سيما القديس مار أسحق الذى يأمر كل راهب بقوله : يجب على كل راهب ترك العالم , وجاء إلى الرهبنة , لا ينبغى أن يمكث بالمجتمع كثيراً , بل بعد أن يتعلم طقس الرهبنة وقوانينها , ينفرد بقلاية وحدة حتى يأخذ تجربة الحروب , وكما فعل السيد المسيح له المجد الذى كثيراً ما إنفرد فى الجبال والبرارى وتجرب من ابليس .. "  25عاماً على نياحته قرائة فى حياة - أبونا مينا البراموسى المتوحد - أمير نصر - مارس 1996 - مكتب النسر للطباعة ص 46 .. وراجع أيضاً  حنا يوسف عطا - القس رافائيل آفا مينا - مذكراتى عن حياة البابا كيرلس السادس

اشتاقت نفسه إلى الانفراد في البرية والتوحد فيها وعندما أشتاقت نفسه للوحدة إشتياقاً شديداً صلى إلى الرب يسوع وسجل هذه الخواطر فى كتاباته وقال : " هذه الفكرة , أى فكرة السكن فى مغارة , بقيت عندى من كام سنة , من ثلاثين سنة تقريباً ... عندما كانت تخطر بفكرى هذه المسألة كان قلبى يفزع وجسمى يقشعر من الخوف , صارت تتردد كثيراً وكثيراً جداً هذه الأفكار , كنت عند ورودها أكون فى ضيق وكآبة لا تقدر لكونى لا أجسر على القدوم على عمل مثل هذا ... هل تعرف سبب إقامة القداديس الكثيرة سببها هذه الفكرة ,, سأقيم بالدير مبتهلاً متضرعاً إلى السيد المسيح أن ينظر إلى بعين رحمته ويهيئ الطريق أمامى , وبعد أخذ آراء الآباء , وإقامة القداديس بالدير .. " . القس رفائيل أفا مينا - ينبوع تعزية

فقصد مغارة القمص صرابامون (1925 - 1930 م)  المتوحد الذي عاصره مدة وجيزة متتلمذاً على يديه ، وكانت هذه المغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة ولكنه وجد معارضة شديده من آباء الدير نظراً لصغر سنه فى الرهبنة فلم يقضى غير 5 سنوات فقط فى رهبانيته , ولكن كان أبيه الروحى عبد المسيح المسعودى يؤيده ويرشده ويشجعه نحو طريق التوحد وبعد مناقشة قصيرة أعلن خمسة من شيوخ آباء الرهبنه فى الدير موفقتهم وقالوا : " فلتكن مشيئة الرب وعنايته , وليستمر القس مينا تحت رعاية أبيه الروحى " فتهلل قلب أبونا مينا وهتف قائلاً : " فليكن اسم الرب مباركاً " وأدى مطانية للآباء. ثم توجه إلى الأنبا يؤنس البطريرك وطلب منه السماح له بالتوحد فوافق البابا لمعرفته أشتياق أبونا مينا البراموسى للوحده فى الصورة المقابلة المغارة التى سكنها أبونا مينا البراموسى

الليلة الأولى فى حياة الوحدة والإنفراد

 

كتب ابونا مينا يصف موافقة البابا  والليلة الأولى فى حياة الوحدة وإختباراته فقال : " عاودنى الشوق لطريق الوحدة فلا أرى بداً من تنفيذ هذا الشعور , وفعلا عند سفرى لطريق الدير أرشدنى السيد المسيح عن المغارة التى بالجبل التى بناها القمص سرابامون , فأخذت الفلاحين , وتوجهت إليها وقمنا بتنظيفها , ومكثت هناك , ولا يمكننى أن أصف أول ليلة أقمت فيها , فكنت أشعر أن العدو ( الشيطان) قد جمع كل قواته على أنا الضعيف , وأحدث مخاوف عديدة وأصوات مزعجة , وزلازل مخيفة , كل ذلك طبعاً الطبع البشرى ضعيف والخوف لا بد منه , ولكن أنظروا عناية الرب وكأن بقوة خفية كانت تشجعنى , وتقول لا تخف منهم , ولا ترتاع أمامهم لأن الذى معك أكثر من الذين عليك .. وكما يقول داود النبى , تقدمت فرأيت الرب أمامى فى كل حين لأنه عن يمينى لكى لا أتزعزع من أجل هذا فرح قلبى , وتهلل لسانى , مثل هذه الأقوال كنت أسمع , فذهب عنى الخوف وتشجع قلبى ..

وفى اليوم التالى حضر الاباء الرهبان وأرادوا ان يأخذونى معهم بالقوة , فلم يفلحوا , فأرسلوا تلغراف لغبطة البطريرك وآخر للرئيس , وبعد مقاومة شديدة من الجميع وافق البطريرك على بقائى , فشكرا للرب على إحساناته , سرت على بركة الرب الطريق , وكنت أتوجه غلى الدير كل أسبوع لتناول الأسرار المقدسة وآخذ مؤونتى من الدير , وصادفت فى طريقى مدة إقامتى بالمغارة حروب شديدة ومقاومات وأضطهادات سأكتب عنها بالتفصيل .. "

وقد وكله لتعمير الدير الأبيض إن أمكن ، وفعلا مضى إلى هناك وقضى فيه فترة قصيرة ثم أقام فترة من الوقت في مغارة بجوار مغارة القمص عبد المسيح الحبشي . فكان يحمل على كتفه صفيحة الماء وكوز العدس أسبوعياً من دير البراموس إلى مغارته العميقة في الصحراء حتى تركت علامة في كتفه إلى يوم نياحته .

زيارات من الكبار
وفى يوم من ايام سنة 1933 م حدث أن د/ حسن فؤاد مدير مصلحة الآثار العربية ومعه أمريكى مدير لكلية لاهوت بنيويورك ذهبا وزارا دير البراموس , وعند خروجهما ألتقيا بأعرابى عرض عليهما زيارة الناسك المتوحد , وسمع ابونا مينا المتوحد قرعاً على بابه لأول مره منذ أن توحد فى البرية فلما فتح وجد الشخصين الأمريكى والمصرى , وادخلهما فلما جلسا قال له ألمريكى : إنه جاء ليجمع كل ما يمكنه من المعلومات عن الرهبنة القبطية تمهيداً لوضع كتاب عنها , وقضى الأثنان ما يقرب من ساعتين , يسأله المريكى ويجيب ابونا مينا المتوحد , وجاء وقت إنصرافهما عبر الأمريكى عن فرحته بالمعلومات الوفيرة التى أستقاها منه , أما المصرى فأخرج كارته الشخصى وأعطاه لأبونا مينا المتوحد وقال له : " شكراً لك يا ابى فقد رفعت راسنا عالياً وشرفت الرجل المصري , وأرجوا أن اتمكن من تقديم البرهان العملى عن عمق تقديرى وإحترامى لك " 

وزاره البطريرك الأنبا يؤنس عام 1934م وكان فى زيارة للدير الذى قضى فيه رهبنته وفوجئ ابونا مينا المتوحد الناسك بزيارة البابا الأنبا يؤنس الذى صمم لرؤيته بالرغم من شيخوخته وعناء المشى فى الصحراء وأعجب بعلمه وروحانيته وفضائله ، وشهد بتقواه مؤملا خيراً كبيراً للكنيسة على يديه.
يشهد للحق فى كل وقت :
حدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم . فلما بلغ الراهب المتوحد هذا الأمروهو فى قلايته البعيدة ، أسرع إلي رئيس مستنكراً ما حدث منه ، وخرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألاممهم النفسية ، وتوجه معهم إلى المقر البابوى ، وقص على الأنبا يؤنس البطريرك الأمر ، وبعد التحقيق تأكد أنهم ظلموا فأمر بعودتهم إلى ديرهم وأثنى على ابونا مينا البراموسى المتوحد .
إوكان أبونا مينا مشتاق لأعادة تعمير دير مار مينا فاستأذن غبطه البابا في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط ، أكبر وأشهر أديرة مصر على مر التاريخ العالمى ولكنه لم يحصل على الموافقة .

****************

(4) قام البابا يؤنس التاسع عشر بإنشاء مدرسة لاهوتية فى كنيسة السيدة العذراء بحلوان لتعليم الرهبان وأسند رئاستها للقمص ميخائيل مينا (مؤلف كتاب علم اللاهوت الشهير ثلاثة أجزاء) وقد أفتتحت هذه المدرسة فى 4/ 3/ 1929 م - أنتظم فى الدراسة فى الدفعة الأولى ثلاثين راهباً - أما المواد التى كانت تدرس فيها 12 مادة مختلفة منها المواد اللاهوتية ودراسة الكتاب المقدس والطقوس الكنسية والفلسفة وعلم النفس واللغة العربية واللغة اليونانية - وكان قداسة البابا يؤأنس يوالى زياراته لهذه المدرسة ويشجع الأساتذة والرهبان راجع ايريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية

 

This site was last updated 02/15/11