Home Up رحلة عودة مار مرقس | | وطنى 22/6/2008م السنة 50 العدد 2346 عن مقالة بعنوان [ عودة رفات القديس مرقس الرسول ] للمتنيح الأنبا غريغوريوس
أسقف عام نشرت الصحف المصرية والأجنبية صفحات تلو صفحات لتغطية أنباء الرحلة إلي روما لاستحضار رفات القديس مرقس الرسول من روما,وتسلم ذخيرته المقدسة من يد قداسة البابا بولس السادس,بعد مفاوضات طويلة استغرقت فترة من الزمن,ألح فيها قداسة البابا كيرلس السادس علي ضرورة عودة جسد القديس مرقس من فينيسيا إلي مصر,وقامت سفارة الفاتيكان في مصر بدور كبير ومهم.ولما كان مجد فينيسيا وفخرها وعزها وتاريخها كله يقوم علي بركة وجود جسد مارمرقس بها,وعلي هذا الجسد أقيمت الكاتدرائية المرقسية الذهبية بفينيسيا,وتعد أعظم كاتدرائية تاريخية في الغرب,بل أن فينيسيا اتخذت شعارهاأسد القديس مرقس المجنحوجعلته رمز المدينة,وعلما لها,فقد فزع أهل فينيسيا من طلب البابا كيرلس السادس,وارتاعوا له,واعتذروا بشدة من عدم إمكانهم استجابة هذه الرغبة لأنها تصطدم إصطداما عميقا مع وجود مدينتهم,وكأن البابا كيرلس السادس قد طلب إلغاء وجودهم والقضاء علي كيان مدينتهم وتاريخها وحضارتها ومجدها وفخرها وعزها....وتعثرت المفاوضات وبدا طلب البابا كيرلس السادس مستحيلا...لكن البابا كيرلس قد ألح وأصر بكل ما يمثله بابا الإسكندرية من قوة وإصرار...واضطر البابا بولس السادس أن يتدخل,فسأل بطريرك فينيسيا الكاردينال أورباني أن يهدي الرفات إليه هو شخصيا بوصفه الحبر الروماني.ولا يعطيه كل جسد القديس مرقس بل جزءا منه ويحتفظ لفينيسيا وأهلها بالجزء الباقي بركة لهم ولمدينتهم..فلم يستطع البطريرك أورباني بطريرك فينيسيا أن يرفض طلب الحبر الروماني بوصفه بابا الكنيسة الكاثوليكية,ووجد في عرض البابا بولس السادس حلا مقبولا يرضي جميع الأطراف,فوافق علي ذلك.وفعلا تقدم بطريرك فينيسيا بإهداء البابا بولس السادس جزء من جسد القديس مرقس وهو الجزء الذي أهداه الحبر الروماني إلي البابا كيرلس السادس والكنيسة القبطية الأرثوذكسية,فكانت هذه الهدية الثمينة الغالية علامة وصل للمحبة المسيحية بين الكنيستين التاريخيتين العريقتين,الكنيسة الرومانية الكاثوليكية,وكنيسة الإسكندرية الأرثوذكسية,بعد أن انقطعت روابط التعاون بينهما خمسة عشر قرنا أي منذ عام451لميلاد المسيح وهو تاريخ الانشقاق الكبير الذي حدث في مجمع خلقيدونيا,والذي انقسمت فيه الكنيسة المسيحية الجامعة الرسولية إلي كنيسة شرقية أرثوذكسية بزعامة بابا الإسكندرية,وكنيسة غربية كاثوليكية بزعامة بابا روما. لذلك فإن فرحة أقباط مصر ومسلميها كانت فرحة أعمق من أن يعبر عنها,بعودة رفات قديس مصر الأول,وأول بطريرك لها وهو مؤسس المسيحية فيها بعد السيد المسيح,الذي أتي إلي مصر طفلا مع أمه العذراء الطهور مريم.ولقد ارتبطت هذه الفرحة بمشاعر الإعجاب والإجلال للبابا الإسكندري كيرلس السادس الذي يرجع إلي إصراره وإلحاحه فضل عودة جسد القديس مرقس بعد أحد عشر قرنا ظل فيها بعيدا عن مصر,وكنيسة مصر التي كرز فيها باسم المسيح,ومات فيها شهيدا-كما ارتبطت هذه الفرحة بمشاعر الامتنان والشكر للبابا بولس السادس بابا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الذي بذل جهودا مشكورة لعودة الرفات الطاهرة,ولولا نفوذه الشخصي لما تيسرت عودة الرفات إلينا. الصحافة تكتب يمكن أن يقال إن جميع الصحف العربية والأجنبية تناولت موضوع عودة رفات القديس مرقص,أياما متوالية بل شهورا,أي نحوا من ثلاثة أشهر امتدت من أوائل شهر مايو(آيار)حتي أوائل شهر يوليو(تموز)1968.وسنكتفي هنا بالقليل مما سجلته الصحافة المصرية,مما له أهمية خاصة. البابا كيرلس يكرر مطالبته بجسد مرقس الرسول تحت هذا العنوان قالت جريدةالأهرامفي عددها الصادر صباح الجمعة12من مايو(آيار)1967: صرح قداسة البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذكس,بأنه سيكرر مطالبته بإعادة جسد القديس مرقس الرسول,الذي سرق ودفن في البندقية,إلي أن يعاد إلي مكانه الأصلي,وهو القبر الذي سرق منه في الإسكندرية. وقال إنه سيتبع كل الوسائل الممكنة في المطالبة بهذا الحق,ولو أدي الأمر إلي سفره إلي روما ليبحث الأمر مع البابا بولس,إذ أنه ليس من الطبيعي أن يقبل المسيحيون أن يدفن جسد قديس في دولة بينما رأسه في دولة أخري. وقال إن جسد القديس مرقس ليس وحده الذي سرق وهرب إلي البندقية,وإنما أيضا جسد الأنبا أثناسيوس الكبير أعظم بطاركة الإسكندرية,وواضعقانون الإيمانالذي تسير عليه جميع الطوائف المسيحية في أنحاء العالم,وهو مدفون أيضا في كنيسة القديس زكريا بالبندقية. وقصة سرقة جسد القديس مرقس من الإسكندريةوترجع إلي نحو1140سنة...حين فكر بعض البحارة الإيطاليين في تدبير خطة للاستيلاء علي الجسد ونقله إلي البندقية,وتصادقوا مع حراس القبر,وأجزلوا لهم العطاء,ثم أوعزوا إليهم بأنهم سيأخذون جسد القديس لحمايته في البندقية...ولما كان الأقباط في مصر يتعرضون لأنواع من الضغط في ذلك الوقت حيث أحرقت كنائسهم وأضطهد رهبانهم وقساوستهم الذين أخذوا يفرون إلي الأديرة والصحاري,فقد وافق الحراس وسمحوا للبحارة الإيطاليين بنقل الجسد إلي مركبهم سرا,وسرعان ما انكشف الأمر وعلم به البطريرك فأبلغ السلطات طالبا منع سفر جسد القديس...وانتشر رجال الأمن في الميناء لتفتيش السفن,ولكن البحارة الإيطاليين كانوا قد أعدوا خطة لتغطية عملية التهريب,فشحنوا السفينة بالخنازير...وكان المعروف عن رجال الأمن أنهم لا يقتربون من مركب به خنازير....واستطاع البحارة بذلك تهريب جسد القديس. وفي البندقية عرضه البحارة علي حاكم المدينة الذي وضعه في كنيسة قصره ريثما تم تشييد كاتدرائية كبيرة باسمه,دفن فيها وأصبحت من أهم معالم البندقية منذ عام828. ولم تكن هذه هي المحاولة الأولي من نوعها,فقد سبقها في عام644,وفي عهد البطريرك الأنبا بنيامين الأول,أن حاول بعض البحارة الإيطاليين سرقة رأس القديس,ولكن المحاولة فشلت. وكان الوثنيون قد قطعوا رأس القديس مرقس في الإسكندرية,ولم يدفن الرأس مع الجسد,وإنما حرص الأقباط علي وضعه في صندوق صغير من الأبنوس محفوظ في كنيسة الإسكندرية,وجري العرف علي أن يقوم كل من يتولي البطريركية,بمجرد رسامته,باحتضان الرأس وتقبيله علامة علي خلافته للقديس. ونشرت صحيفةالأهرامفي عددها الصادر صباح13 من مايو(آيار)1967 البرقية الآتية: مدينة الفاتيكانأ.ش.أ.لم تعلق الأوساط الرسمية في الفاتيكان بشئ علي طلب قداسة البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذكس الخاص بإعادة جسد القديس مرقس الرسول الذي سرق منذ نحو ألف عام من الإسكندرية,ودفن في كاتدرائية البندقية المشهورة. وقد صرحت الدوائر العليمة ببواطن الأمور هنا بأن طلبا كهذا سيؤدي إلي تعقيدات كثيرة لأن أهل البندقية يعتقدون أن بلدهم لابد وأن تفقد قيمتها إذا نقل جسد القديس مرقس منها. تحقيق صحفي لجريدةالجمهورية نشرت صحيفةالجمهوريةتحقيقا صحفيا للأستاذ أبو الحجاج حافظ في عددها الصادر صباح الأحد 14من مايو(آيار)1967 تحت عنوان قصة أغرب سرقة في التاريخ-البحارة الإيطاليون سرقوا جثة القديس مرقص وتركوا رأسه بالإسكندرية. قالت الجريدة: أثارت الاتصالات والمفاوضات الدائرة الآن بين قداسة البابا كيرلس السادس والبابا بولس السادس,الاهتمام الكبير في جميع الأوساط المسيحية سواء في الجمهورية العربية المتحدة(جمهورية مصر)أو في إيطاليا,أو في مختلف أنحاء العالم المسيحي,وذلك لتعلقها بموضوع تاريخي هام.هو جسد القديس مارمرقص تلميذ السيد المسيح الذي سرق من الإسكندرية في القرن التاسع الميلادي بواسطة بعض البحارة الإيطاليين.... وقد قمت بعدة مقابلات مع قداسة البابا كيرلس السادس في المقر البابوي والأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا والبحث العلمي,لمعرفة حقيقة أغرب قصة سرقة في التاريخ. وقد علمت أن هذه لم تكن هي السرقة الوحيدة لتراث مصري مسيحي,فقد كانت هناك محاولة لسرقة رأس القديس مارمرقص,ولكنها فشلت.كما حدثت سرقة أخري لجسد القديس أثناسيوس العظيم وهو أعظم بطاركة العالم والبابا العشرون من بطاركة الإسكندرية وجسده مدفون كذلك في المدينة ذاتها المدفون بها جسد القديس مرقس وهي البندقية بإيطاليا. |