الإمبراطور قسطنطين الكبير

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الإمبراطور قسطنطين الكبير الاول 306- 337م

  إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مرسوم الإمبراطور قسطنطين لبناء الكنائس
قسطنطين يدمر معابد الأوثان
قسطنطين وأسباب إنتشار المسيحية

306 - 337 Constantinus 1

الإمبراطور قسطنطين الكبير الاول  306- 337م  (مسيحى)

ولد فى 27 فبراير 272م بأسم : Gaius Flavius Valerius Constantinus

وفى 23 يوليو 306م أصبح قيصر بأسم : Flavius Valerius Constantinus Caesar Herculius

وفى 29 أكتوبر سنة 312م أصبح إمبراطوراً بأسم : Imperator Constantinus Maximus Augustus

Persicus maximus (312), Germanicus maximus (313), Sarmaticus maximus (313), Britannicus maximus (314?), Adiabenicus maximus (315?), Medicus maximus (315?), Gothicus maximus (315?), Cappadocicus maximus (318), Arabicus maximus (318), Armenicus maximus (318), Dacicus maximus (336)

ومات ميتة طبيعية فى  22 مايو سنة 337م

وضع قسطنطين قوانين عديدة لتنظيم الإدارة والجيش ، ولم يسمح للحكام الإداريين بالتدخل فى الشئون العسكرية ونظم الشئون المالية والبلدية والزراعية ووسع سلطات رجال الكهنوت ، وشجع  (اللامركزية ) فى أعمال الولاية

الملكة هيلانة والقبر المقدس

الملكة هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سُمرت بها يد المخلص وأرسلتها إلى ابنها الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي يخوض بها المعارك هذا ما يفسر تقليد الملوك بعد ذلك في وضع قطعة حديد على هيئة مسمار في خوذاتهم وتيجانهم. ومن المعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشبة الصليب إلى كافة كنائس العالم وقتئذ، وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة منه.

 
الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************
الكتاب الأول: الفصل السابع
(بشأن النزاع بين قنسطنطين وبين ليسينيوس نسيبه بشأن المسيحيين، وكيف هُزِم بالقوة، وقُتِل).
(1/7/1) وبعد ذلك، تغيرت نظرة ليسينيوس ([78]) الذى كان المسيحيون يحترمون رأيه سابقا، وأساء معاملة الكهنة الذين يعيشون تحت حكمه، كما اضطهد أيضا عددا غفيرا من أشخاص آخرين، وبصفة خاصة الجنود. فقد كان مغتاظا بشدة من المسيحيين بسبب عدم اتفاقه مع قنسطنطين. وفكر فى إيذائه عن طريق معاناتهم بسبب الدين، إلى جانب أنه اعتقد أن الكنائس تصلى بحرارة لكى يتمتع قنسطنطين بالسيادة وحده.
(1/7/2) وبالإضافة إلى كل هذا، فى عشية معركة أخرى مع قنسطنطين، وكان ليسينيوس معتادا على الاستعانة بالعرافين، قدَّم الذبائح ليستطلع مصير الحرب المتوقعة. وإذ خدعوه بالنُصرة، ارتد إلى ديانة الوثنيين. ويروى الوثنيون انفسهم أنه فى حوالى هذه الفترة، إستشار تكهنات ابوللو ديديموس فى ميلتيس Miletus، وتلقى ردا بشأن نتيحة الحرب من الشيطان، أُدرِجت فى الأبيات التالية لهومر: ما أكثر ما يضايقك الشبان ايها الرجل العجوز. فلتحذر، كم صارت قوتك ضعيفة. بيد أن شيخوختك ستكون شاقة.
(1/7/3) ومن حقائق كثيرة يظهر لى أن تعليم المسيحيّن قد تأيد، وأن تقدمه كان مضمونا بعناية الله. ولم يكن أقل مما حدث آنذاك، لأنه فى نفس اللحظة التى كان ليسينيوس عتيدا أن يضطهد سائر الكنائس التى تحت حكمه، اندلعت الحرب فى بيثينية والتى انتهت بحرب بينه وبين قنسطنطين والتى تقوى فيها قنسطنطين بشدة بمعونة إلهية حتى أنه انتصر على سائر أعدائه برا وبحرا.
(1/7/4) وعندما دُمِّر اسطول ليسينيوس وجيشه، ألقى نفسه فى نيقوميديا([79]) وأقام لبعض الوقت فى تسالونيكى كفرد عام ثم قُتِل بالفعل هناك. هكذا كانت نهاية شخص كان منذ بداية حكمه متميزا فى الحرب والسلم والذى تشرف بزواج أخت قنسطنطين
******************
المراجع
78)  إنقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين القسم الشرقى يحكمه الإمبراطور قسطنطين والغربى يحكمه الإمبراطور  ليسينيوس
(79) هى مدينة إزميت الآن بتركيا بالقرب من إسطامبول (إسلامبول)
فيما يلى جزء من كتاب الـتـاريـخ الـكنسـى" للمؤرخ سُقراتيس سكولاستيكوس (ق4م) عـن الفترة 306م - 43 ترجمهُ من اليونانية إلى الانجليزية ايه. سى. زينوس - تعريب الدكتور الأب/ بـولا ساويرس  - مراجعة نيافة الحَبْر الجليل الأنبا/ إبيفانيوس اسقف ورئيس دير الأنبا مقار -
*******
الكتاب الأول: الفصل السادس عشر
( الإمبراطور قنسطنطين يوسع بيزنطيوم ويدعوها القسطنطينية )
(1/16/1) وبعد المجمع استراح الإمبراطور لبعض الوقت. وبعد الاحتفال بالذكرى العشرين لإرتقائه للعرش([24]). كرَّس نفسه فى الحال لترميم الكنائس. وقد نفَّذ ذلك فى سائر المدن الأخرى، وبالمثل فى المدينة التى حملت إسمه والتى كانت تُدعَى سابقا بيزنطيوم Byzantium حيث قام بتوسيعها وإحاطتها بأسوار ضخمة([25])، وزينها بالمبانى العديدة وجعلها مساوية لروما الإمبراطورية، ودعاها القسطنطينية([26])، وجعلها بالقانون تُنعَت بروما الجديدة. وقد نُقِش هذا القانون على عمود من الحجر نُصِب للعامة فى "الاستراتيجيوم"([27]) Strategium بالقرب من قاعدة تمثال الفروسية للإمبراطور([28]).
(1/16/2) وقد شيَّد أيضا فى نفس المدينة كنيستين، دعى إحداهما "إرينى"، والثانية "الرسل"([29]). ولم يُحسِّن فقط من شؤون المسيحيين، كما سبق أن قلتُ، بل أيضا دمَّر برابى الوثنيين حيث عرض أصنامهم للمشاهدة العامة كزينة لمدينة القسطنطينية، ونصب "التراى بود" ([30]) tripods الخاص بدلفى Delphe فى ميدان سباق الخيل Hippodrome علانية. وفى الحقيقة يبدو الآن من السخف ذكر تلك الأمور حيث أنها مشاهدة قبل السماع عنها.
ولكن فى ذلك الوقت حظى المسيحيون بأقصى زيادة لأن العناية الإلهية قد حفظت أمورا أخرى كثيرة جدا خلال أزمنة الإمبراطور قنسطنطين. وقد سجل يوسيبيوس بامفيليوس بعبارات التفخيم مدائح فى الإمبراطور([31]) وإننى لا أعتبر ذلك مضيعة للوقت أن أشير إليها على وجه الإيجاز حسبما أمكن.

الكتاب الأول: الفصل السابع عشر
(هيلانه أم الإمبراطور تتوجه إلى أورشليم. تعثر على صليب المسيح. تبنى كنيسة)
(1/17/1) وإذ قد وُجِّهت، بحلم إلهى، هيلانه([32]) أم الإمبراطور (التى من إسمها صارت القرية التى تدعى دربانوم Drepanum، مدينة دعاها الإمبراطور هلنوبوليس([33]) Helenopolis)، ذهبت إلى أورشليم.
(1/17/2) وإذ قد وجدت تلك المدينة التى كانت تُدعى ذات يوم أورشليم([34]) خربة، مثل أشجار خريفية بلا ثمر كما يقول الرسول([35])، بحثت بإجتهاد عن قبر المسيح الذى قام منه بعد أن دُفِن فيه. وبعد مشقات كثيرة عثرت عليه. أما عن هذه المشقات فذلك ما سأوضحه بإيجاز.
(1/17/3) إن الذين آمنوا بالمسيحية بعد فترة آلامه كرَّموا للغاية قبره، أما أولئك الذين كرهوا المسيحية فقد غطوا المكان بالتراب وأقاموا عليه معبدا لفينوس ووضعوا تمثالا لها هناك غير مبالين بذكرى المكان. واستمر ذلك لزمن مديد، إلى أن صار معروفا لأم الإمبراطور. وبناء عليه أمرت بقلع التمثال ورفع الأنقاض وإزالة [تلال] التراب. وتم تطهير البقعة تماما. فإكتشفت المقبرة، وعثرت فيها على ثلاثة صلبان: ذلك الذى عُلّق عليه المسيح والآخران الخاصان باللصين اللذين ماتا معه. ووُجِد معها أيضا لوح بيلاطس الذى نقش عليه بلغات عدة أن المسيح الذى صُلِب كان ملك اليهود. ولما كان ليس من السهل معرفة أىٍ من هذه الصلبان الثلاثة هو ذلك الذى تبحث عنه أم الإمبراطور، لذا شعرت بالقلق قليلا.
(1/17/4) ولكن مكاريوس اسقف أورشليم أراحها بسرعة من هذه المشكلة وأزال الشك باليقين، إذ طلَب آية من الله ونالها. وكانت الآية هى كالآتى:
كانت هناك إمرأة من المناطق المجاورة مريضة منذ زمن طويل، وكانت آنئذ على شفا الموت. فرتب الأسقف أن يُوضَع عليها كلُ من الصلبان الثلاثة، مؤمنا أنها ستُشفى عندما تلمس الصليب المقدس. ولم يُخفق فى توقعه لأنه عندما وُضِع الصليبان اللذان لم يكونا للرب استمرت المرأة فى حالة الاحتضار. ولكن عندما وُضِع الثالث الذى كان الصليب الحقيقى، شُفيِت فى الحال واستردت عافيتها الأولى.
(1/17/5) وبهذه الطريقة تم اكتشاف الصليب الأصلى. وشيَّدت أم الإمبراطور فوق موضع القبر كنيسة ضخمة ودعتها [كنيسة] "أورشليم الجديدة"([36]) لأنها شيدتها فى مواجهة المدينة القديمة الخربة.
(1/17/6) وتركت هناك قطعة من الصليب فى صندوق من الفضة كتذكار لمن يريد أن يراها. وأرسلت الجزء الآخر إلى الإمبراطور، الذى عندما اقتنع بأنه يجب تأمين المدينة تماما حيث يجب حفظ هذا الرفات، أمر بتسويرها مع تمثاله الموجود على عمود كبير من البورفير فى ساحة تُدعَى ساحة قنسطنطين بالقسطنطينية. إننى أكتب ذلك فى الحقيقة من تقرير. ولكن جميع سكان القسطنطينية تقريبا يؤكدون أن ذلك حقيقى.
(1/17/7) وأكثر من ذلك المسامير التى سُمِّرت بها يدى المسيح على الصليب (والتى عثرت عليها أيضا أمه فى المقبرة وأرسلتها إليه) أخذها قنسطنطين وثبتها فى اللجام والخوذة التى يرتديها فى حملاته العسكرية. ووفر الإمبراطور كافة المواد اللازمة لتشييد الكنائس. وكتب إلى مكاريوس الاسقف ليُعجّل فى تشييدها([37]).
(1/17/8) وعندما أكملت أم الإمبراطور "أورشليم الجديدة" قامت بتشييد [كنيسة] أخرى ليس أقل منها على الإطلاق، فوق مغارة بيت لحم حيث وُلِد المسيح بالجسد. ولم تكتف بهذا بل شيّدت أخرى فوق جبل الصعود.
(1/17/9) هكذا كانت تقواها فى مباشرة هذه الأمور حتى أنها كانت تصلى وسط النساء وتدعو العذارى للتسجيل فى سجلات الكنائس لإعالتهن، وكانت تخدمهن بنفسها وتحضر الأطباق لهن على المائدة. وكانت أيضا سخية على الفقراء. وإذ عاشت بتقوى تُوفيت وهى فى حوالى الثمانين من عمرها. ونُقِل جثمانها إلى العاصمة "روما الجديدة"، حيث دُفِنت فى المقبرة الإمبراطورية.
الكتاب الأول: الفصل الثامن عشر
(الإمبراطور قنسطنطين يُبطل الوثنية ويشيّد كنائس عديدة فى أماكن مختلفة )
(1/18/1) وصار الإمبراطور بعد ذلك يولى اهتماما متزايدا بمصالح المسيحيين ويهجر الخرافات الوثنية فألغى مصارعات الجبابرة وأقام تماثيله الخاصة به فى المعابد.
(1/18/2) ولما كان الوثنيون يعتقدون أن سيرابيس هو الذى يجلب [فيضان] النيل لأغراض رى مصر، لأن المقياس يُنقَل عادة إلى معبده، فقد أمر الكسندروس بنقله إلى الكنيسة. وعلى الرغم من أنهم تكهنوا بعدم فيضان النيل بسبب عدم رضا سيرابيس إلاَّ أن الفيضان قد حدث مع ذلك بإنتظام فى السنة التالية وما بعدها([38])، فتبرهن بهذا على أن فيضان النيل لا يرتبط بخرافاتهم ولكن بأوامر العناية الإلهية.
(1/18/3) وفى حوالى نفس الفترة أغار بربر السارماتيين([39]) والقوط([40]) على المقاطعات الرومانية، ومع ذلك لم يقّل حماس الإمبراطور نحو الكنائس بأى حال من الأحوال، ولكنه أعد المدد الملائم لكلا الأمرين معا. وإذ وضع ثقته فى الراية المسيحية، هزم أعداءه تماما، وطرح جانبا تلك الجزية الذهبية التى كان الأباطرة السالفون يدفعونها للبربر. أما هم فإذا ذُهِلوا بالهزيمة المفاجئة غير المتوقعة آمنوا بالمسيحية التى حمت قنسطنطين.
(1/18/4) فشيَّد كنائس أخرى، إحداها عند بلوطة ممرا، التى أعلن الوحى المقدس أن ابراهيم قد استقبل عندها ملائكة. لأن الإمبراطور عندما علِم أن الوثنيين قد نصبوا مذبحا لهم عندها، وأنهم يقدمون عليه الأضاحى، انتقد يوسيبيوس القيصرى فى خطاب أرسله إليه، وأمر بإزالة هذا المذبح وإقامة بيت صلاة بجوار البلوطة. كذلك أمر بتشييد كنيسة أخرى فى هليوبوليس بفينيقية([41]) لذات السبب.
(1/18/5) فمن ناحيتى لا أستطيع أن أقرر مَن ذا الذى شرَع أصلا لسكان هليوبوليس بهذا، ولكن سماته وأخلاقه يمكن الحكم عليها من [ممارسات تلك] المدينة. إذ أن قوانين ذلك البلد تجعل النساء مشاعا بينهم. ومن ثم الأولاد المولودين هناك من نسل مشكوك فيه، لدرجة أنه ليست هناك أية صلة بين الآباء وذريتهم. كذلك العذارى يُقدَّمن للغرباء الذين يمرون هناك. فأسرع الإمبراطور بتقويم هذا الشر الذى ساد لأمد طويل بينهم. وأصدر قانونا وقورا بالعفة وأزال الشرور المخزية، ونص على الاعتراف المتبادل بالأسر. وإذ شيَّد الكنائس هناك أمر برسم اساقفة وكهنة مقدسين. وهكذا أصلح السلوك الفاسد لشعب هليوبوليس. وأزال بالمثل معبد فينوس فى أفاثا Aphaca على جبل ليبانوس([42])، وأبطل الأعمال الشائنة التى كانت تُجرَى فى الاحتفالات هناك. ولستُ فى حاجة إلى أن اصف طرده للشيطان بيثونيك Pythonic من كيليكية، بأمره بإقتلاع الدار الذى كان يتوارى فيه من أساساته.
(1/18/6) وفى الحقيقة، كم كانت تقوى الإمبراطور عظيمة حتى أنه لما عزم على شن الحرب ضد الفرس أمر بإعداد خيمة اجتماع من الكتان المطرز على غرار كنيسة مثلما فعل موسى فى البرية([43]). وأمر بإعدادها على نحو يُلائم نقلها من مكان إلى آخر لكى ما يكون له بيت صلاة حتى فى الأقاليم الصحراوية. ولكن الحرب لم تتم فى ذلك الوقت بسبب خشية الإمبراطور.
وأظن أن ذلك سيكون خارج السياق هنا أن أصف اجتهاد الإمبراطور فى إعادة بناء المدن وتحويل قرى عديدة إلى مدن، مثل دربانوم على سبيل المثال التى دعاها على اسم أمه، وقنسطانتيا فى فلسطين على إسم أخته. لأنه ليس من مهمتى إحصاء أعمال الإمبراطور، ولكن ببساطة تلك المرتبطة فقط بالمسيحية، وبصفة خاصة المتعلقة بالكنائس. ولذلك أترك تفاصيلها للآخرين الأكثر اهتماما بمثل هذه الأمور. ذلك أن إنجازات الإمبراطور المجيدة عديدة وتخص موضوعات مختلفة وتستلزم مقالات خاصة([44]).
(1/18/7) أما أنا فكنتُ سأصمت لو كانت الكنيسة قد ظلت بلا إزعاج من جراء الانقسامات. لأنه عندما لا يوفر الموضوع مادة للرواية، لا تكون هناك ضرورة لراوى. ولكن لمَّا أدت المنازعات الباطلة إلى الإضطراب وشتت فى نفس الوقت الايمان المسيحى الرسولى، فإننى وجدتُ أنه من الضرورى تسجيل هذه الأمور لكى لا تضيع جهود الكنائس نتيحة للغموض. لأن المعلومات الدقيقة لهذه الأمور تحقق شهرة بين الكنائس وفى نفس الوقت تمد ذاك الملِّم بها بضمان أكثر ضد الخطأ وتعلمه ألاَّ يبتعد بأى تعليم فارغ لجدل سوفسطائى يتصادف سماعه.

الكتاب الأول: الفصل التاسع عشر
(اهتداء سكان "الهند الداخلية" إلى المسيحية فى زمن قنسطنطين)([45])
(1/19/1) يجب أن نذكر الآن كيف انتشرت المسيحية فى عهد هذا الإمبراطور لأنه فى زمنه اعتنقت شعوب "الهند الداخلية" India interior ([46]) وايبيريا Iberia الإيمان المسيحى.
(1/19/2) ولكننى سأشرح بإختصار لماذا استخدمتُ هذه العبارة الملحقة "الداخلية". فعندما انطلق الرسل بواسطة القرعة إلى الأمم كان نصيب توماس العمل الرسولى للبارثيين([47]) Parthians. وقرعة متى اثيوبيا، وبرثلماوس الجزء من الهند المجاور لذلك البلد. ولكن "الهند الداخلية" والتى كان يقطنها كثيرون من الشعوب البربرية والتى تستخدم لغات حية عديدة لم يستنيروا بالعقائد المسيحية قبل زمن قنسطنطين. وسأتحدث الآن عن الكيفية التى تم بها اهتدائهم إلى المسيحية.
(1/19/3) كان هناك فيلسوف صورى([48]) الجنس يُدعى ميروبيوس Meropius. هذا عزم على أن يلم بنفسه ببلاد الهنود مقتديا فى ذلك بالفيلسوف مترودورس الذى سافر قبلا خلال اقليم الهند. فأخذ معه شابين من أقاربه كانا يجهلان قطعا اللغة اليونانية([49])، وأبحر ميروبيوس بالسفينة إلى ذلك البلد. وبعدما درس كل ما يرغب فيه، رسى فى ميناء آمن بقصد التزود ببعض الضروريات. فتصادف أن كانت المعاهدة بين الرومان والهنود قد إنكسرت قبل ذلك الوقت بزمن قليل، ولذلك قبض الهنود على ميروبيوس وعلى أولئك الذين أبحروا معه وقتلوهم جميعا فيما عدا الشابين أقربائه، إذ أبقوا عليهما شفقة منهم على عمرهما الغض، وأُرسِلا كهبة لملك الهنود([50]).
(1/19/4) وإذ سُرَّ بشبابهما الشخصى، عيَّن أحدهما والذى كان اسمه إدسيوس Edesius ساقيا عند مائدته، وعهد إلى الآخر المدعو فرومنتيوس Frumentiusبالسجلات الملكية. وسرعان ما توفى الملك بعد ذلك بقليل وتركهم أحرارا. وانتقل الحكم إلى زوجته وابنه. وإذ رأت الملكة أن ابنها مازال قاصرا، توسلت إلى الشابين أن يتعهداه إلى سن البلوغ. فقبلا الشابان المهمة، وأدارا المملكة.
(1/19/5) وهكذا، إذ ضبط فرومنتيوس كل الأمور، اهتم بالاستعلام عما إذا كان هناك تجار من المسيحيين أو الرومان يترددون على البلد. وعندما وجد بعضا منهم، عرَّفهم بمن يكون وحثهم على اختيار مكان مناسب للإحتفال بالعبادة المسيحية. وفى غضون فترة قليلة شيَّد بيتا للصلاة وعلَّم بعض الهنود مبادىء المسيحية وأهلهم للإشتراك فى العبادة.
(1/19/6) وعندما بلغ الملك الشاب سن البلوغ، سلَّم له فرومنتيوس ورفيقه إدارة الشؤون العامة التى تعهدا بها بكل أمانة، وإلتمسا منه الإذن بالعودة إلى بلدهما. فرجاهما الملك وأمه أن يبقيا. ولكن إذ كانا تواقيَن إلى زيارة محل ميلادهما لم يستطعا الضغط عليهما، وبالتالى رحلا. فأسرع ادسيوس إلى صور ليرى والديه وأقاربه، أما فرومنتيوس فعندما وصل إلى الاسكندرية، عرض الأمر على أثناسيوس الاسقف، الذى كان قد نال هذه الكرامة حديثا([51]) وأطلعه على أسباب تغربه وعلى آمال الهنود([52]) الذين اعتنقوا المسيحية، والتمس منه أيضا أن يُرسِل اسقفا وكهنة إلى هناك وألا يُهمِل بأى حال من الأحوال أولئك العتيدين أن يأتوا إلى الخلاص.
(1/19/7) وإذ أدرك اثناسيوس كم سيكون تنفيذ هذا مفيدا، طلب من فرومنتيوس نفسه قبول هذه الاسقفية، معلنا أنه لن يقدر أن يجد شخصا أكثر ملائمة منه، وبناء عليه تم ذلك. وتقلَّد فرومنتيوس السلطة الاسقفية وعاد إلى الهند([53]) وصار كارزا هناك بالانجيل، وشيَّد كنائس عديدة مدعوما بالنعمة الإلهية، وأنجز معجزات عديدة شافيا النفوس وأيضا الأمراض الجسدية للكثيرين.
ويؤكد لنا روفينوس أنه قد سمع هذه الحقائق من ادسيوس الذى سيم بعد ذلك قسا فى صور.([54])

الكتاب الأول: الفصل العشرون
(اسلوب اهتداء الايبريين للمسيحية)
(1/20/1) ومن الملائم الآن أن نروى كيف اعتنق الايبيريون([55]) Iberians الايمان فى حوالى نفس الوقت.
كانت هناك امرأة تحيا حياة تقية ونقية، قد أُسرِت([56]) بواسطة الايبيريين، بترتيب من العناية الإلهية([57]). وكان هؤلاء الايبيريون يعيشون بالقرب من بحر أوكسينEuxine Sea ([58])، وهناك مستوطنة للأيبريين الأسبان([59]). وبالتالى مارست المرأة فى أسرها بين البربر ذات الفضيلة ولم تحافظ فقط على حياة التقشف الصارم بل أيضا قضت فترات أكثر فى صوم وصلاة. وإذ لاحظ البربر ذلك اندهشوا من غرابة سلوكها.
(1/20/2) وتصادف أن مرض ابن الملك([60]) وكان طفلا بعد فأرسلته الملكة حسب عادة البلد إلى إمرأة أخرى ليُشفَى، على أمل أن يكون لديها خبرة بعلاج ما. وبعد أن انتقل الطفل من إمرأة إلى أخرى بدون أن يُشفَى أُحضِر أخيرا إلى الأسيرة، ولم يكن لديها أية معرفة بفن العلاج ولم تطبق أى دواء مادى، لكنها أخذت الطفل وأرقدته على فراشها المصنوع من جلد جياد، فى حضور السيدات الأخريات وقالت ببساطة "المسيح الذى شفى كثيرين، يشفى هذا الطفل أيضا" ثم بعدما صلَّت عقب اعتراف الايمان هذا واستنجدت بالله، استرد الطفل فى الحال عافيته واستمر جيدا منذ تلك الفترة.
وانتشر خبر هذه المعجزة على نطاق واسع وبعيد بين نساء البربر وسرعان ما وصل إلى الملكة، وصارت الأسيرة مكرمة جدا.
(1/20/3) وليس بعد ذلك بوقت طويل، سقطت الملكة ذاتها طريحة الفراش، فأرسلت إلى المرأة الأسيرة. ولما كانت إنسانة وديعة ومتواضعة الحال، فقد اعتذرت عن الذهاب بنفسها. فحُمِلَت الملكة إليها. ففعلت المرأة لها مثلما فعلت من قبل مع إبنها، فزال المرض فى الحال. وشكرت الملكة المرأة الغريبة، ولكنها أجابت "هذا العمل ليس منى ولكنه عمل المسيح ابن الله الذى صنع العالم". وحثتها أن تستنجد به وأن تعترف بالله الحقيقى.
(1/20/4) وإذ ذُهِل ملك الايبريين من استرداد زوجته لعافيتها فجأة، أراد أن يُكافأ من شفاها بالهبات. فقالت له أنها ليست فى حاجة إلى ثراء إذ أنها تمتلك غنى تعزيات الدين. ولكن مكافأتها كهدية أعظم، تُقدَّم لها هى الاعتراف بالإله الذى تعبده وتصرّح به. وبذلك ردت له الهبات.
(1/20/5) واحتفظ الملك بهذا الرد فى ذاكرته وخرج للصيد فى اليوم التالى، وحدثت هذه الظروف. غطى ظلام دامس وكثيف قممَ الجبال والغابات التى كان يتريض فيها، لدرجة أنه شتت رفقاءه وصارت دروبهم معقدة. وفى وسط هذه الحيرة استنجد الملك بشدة بالآلهة التى يعبدها، ولم يحظ بشىء. وأخيرا صمم على إلتماس مساعدة إله الأسيرة، وعندما بدأ بالكاد الصلاة تبددت الظلمة الناشئة عن الضباب تماما، وعاد إلى قصره مبتهجا ومتعجبا من هذا الأمر. وروى لزوجته ما قد حدث وأرسل فى الحال واستدعى الأسيرة الغريبة وطلب منها أن تعرفه بهذا الإله الذى تعبده.
(1/20/6) وعندما وصلت المرأة جعلت ملك الايبريين يصير كارزا بالمسيح، إذ أنه لما آمن بالمسيح بواسطة هذه المرأة التقية جمع سائر الايبريين الذين تحت سلطته. وبعدما أعلن لهم ما قد حدث بالنسبة لشفاء زوجته وطفله، وأيضا الظروف التى جرت معه، حثهم على عبادة إله الأسيرة. ولهذا صار الملك والملكة كارزين بالمسيح، الملك لرجاله، والملكة لنسائها. وعلاوة على ذلك إذ عرف الملك من الأسيرة شكل الكنائس التى يشيدها الرومان، أمر ببناء كنيسة. ووفر فى الحال كل الضروريات لتشييدها، وبدأ العمل على الفور.
(1/20/7) ولكن عندما شرعوا فى إقامة الأعمدة تدخلت العناية الإلهية من أجل تثبيت السكان فى الإيمان. إذ ظل أحد الأعمدة غير قابل للنقل ولم تفلح أية وسيلة فى تحريكه، وتقطعت الحبال وتهشمت الماكينات ويأس العمال أخيرا وانصرفوا. وعندئذ تدعم ايمان المرأة الأسيرة على النحو التالى: ذهبت إلى المكان ليلا دون عِلم أىَّ أحدٍ، وقضت الليل كله فى الصلاة، وبقوة الله رٌفِع العمود وارتكز فى قاعدته دون أن يلمسه أحدٌ. وعند طلوع النهار حضر الملك بنفسه الذى كان شخصا فطنا ليتفقد العمل، ورأى العمود منتصبا فى قاعدته بدون أية دعامة، فإندهش هو ومرافقوه. وبعد ذلك بقليل وأمام عيونهم ذاتها نزل العمود فى فجوته بالكامل وظل ثابتا. فصاح عندئذ الشعب معترفين بالإيمان الحقيقى للملك ومرنمين بالتسابيح لإله الأسيرة. وآمنوا منذ ذلك الوقت فصاعدا، وشيَّدَوا بقية الأعمدة وسرعان ما كمل البناء.
(1/20/8) وأرسلوا بعد ذلك وفدا إلى الامبراطور قنسطنطين طالبين التحالف مع الرومان، وتلقوا منه اساقفة وكهنة مكرَّسين، إذ آمنوا بإخلاص بالمسيح.
(1/20/9) ويقول روفينوس أنه قد علِم بهذه الحقائق من باكوريوس([61])Bacurius الذى كان فيما سبق أحد أمراء الايبريين، ولكنه ذهب بعد ذلك إلى الرومان وشغل قائد القوات العسكرية فى فلسطين، وساعد ثيودوسيوس([62]) فى الحرب ضد مكسيموس المغتصب، وأخيرا أُسندِت إليه القيادة الأعلى. وبهذه الطريقة آمن إذن الأيبريون فى عهد قنسطنطين[ الكبير] بالمسيحية.

 

 

 

 

This site was last updated 02/12/18