بطرس باشا نيروز غالي

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الوردانى المسلم الذى إغتال بطرس باشا نيروز غالي النصرانى

ذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
قداساً على روح بطرس باشا
ملف اغتيال بطرس باشا غالى1
شجرة العائلة البطرسية
بطرس‏ ‏باشا‏ ‏بين  ‏السياسة‏ ‏والسلم

********************************************************************************************

تعليق من الموقع : لم يرى أقباط مصر نمو شعور الإسلام وكره الآخر فى هذه الحقبة المبكرة وحادثة الإغتيال هذه دليل على توجيه الايات القرآنية لهم لقتل المسيحيين من هم فى المناصب عليا لأنه كما يقول القرآن والأحاديث " لا ولاية لغير المسلم على المسلم " .. فكبف يكون مسيحى رئيس وزراء أن هذا لمن الكبائر والله فى بلد غالبية سكانها من المسلمين؟. وصورت البروباجاندا الإسلامية المجرم القاتل المسلم أبراهيم نصيف الوردانى على أنه "مناضل" و "بطل" وهو ليس إلا مجرم وقاتل لأن السياسة كان يمليها الإنجليز والقصر وليس على أى موظف إلا التنفيذ وقد أوردوا أسباب كثيرة لتبرير قتل رئيس الوزراء المسيحى ولكن لا يوجد إلا سبباً واحداً ألا وهو أن بطرس نيروز غالى هو مسيحى تقلد منصب رئيس الوزراء وبمجرد قتله قامت المظاهرات التى تهتف : " مبروك عليك يا وردانى ياللى قتلت النصرانى " وكان نبى الإسلام هو أول من حرض على الإغتيالات السياسية فأمر بقتل أم قرفة وغيرها.

الإغتيال هو قتل بسبب ، وأسباب الإغتيال قد يعتبرها السياسيين مبرر أو غير مبرره للفعل  ، ماذا نقول اليوم عن عبود الزمر الذى قتل السيد رئيس الجمهورية محمد أنور السادات؟ الإغتيال ببساطة هو حكم فردى على شخص ما بإنهاء حياته بأن يطلق عليه رصاصات غادرة وهو أعزل

********************************************************************************************

هو بطرس باشا نيروز غالي ( الصورة المقابلة ) وقد ولد سنة ١٨٦٤م، فى بلدة الميمونى بمحافظة بنى سويف ولد بطرس غالى ناروز، وكان أبوه موظفاً، وكعادة الأطفال المصريين التحق بأحد الكتاتيب حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة ثم التحق بالمدرسة القبطية بالقاهرة، ثم انتقل إلى مدرسة البرنس مصطفى فاضل، التى تهتم بتدريس اللغات فأتقن الإنجليزية والتركية وسافر بعد ذلك فى بعثة إلى أوروبا لتلقى تعليمه الجامعى. وعندما عاد عمل فى الترجمة فى مجلس التجارة بشعبة الضرائب وألف كتاباً فى الشؤون المالية كان من أشهر الكتب المتخصصة فى ذلك فى تلك الفترة.
وعندما قامت الثورة العرابية فى مصر كان بطرس من المنادين بمفاوضة الخديوى لذلك تم اختياره ضمن مجلس المفاوضة بعد هزيمة العرابيين فى معركة التل الكبير.
وبطرس غالى هو أول من حصل على رتبة الباشوية من الأقباط، التى توسط له فيها الزعيم أحمد عرابى. وتولى بطرس وزارة المالية عام ١٨٩٣م فى بداية عهد الخديو عباس حلمى الثانى فى وزارة رياض باشا ووزارة الخارجية فى الوزارة الثالثة التى شكلها مصطفى فهمى باشا.
وبعد سقوط وزارة مصطفى فهمى باشا أسند الخديو عباس حلمى الثانى رئاسة الوزراء إلى بطرس غالى،
وكان رئيس وزراء مصر في الفترة من عام ١٩٠٨م، إلي عام ١٩١٠م وكان الخديوى عباس حلمي الثاني هو الذي أسند رئاسة الوزراء لبطرس غالي  وبعد فشل الثورة العرابية واحتلال الإنجليز لمصر شهد السودان قيام الثورة المهدية التى استطاعت أن تسيطر على السودان، وفى تلك الفترة قرر الإنجليز إعادة السودان إلى سيطرتهم فى إطار حملة مشتركة تحملت تكاليفها الخزانة المصرية، وأن يكون حكم السودان مشتركاً بين مصر وبريطانيا.

 ، وهو قبطي ووالده هو نيروز غالي ناظر الدائرة السنية لشقيق الخديو إسماعيل في صعيد مصر (1) وهو من عائلة غالى التى أشتهرت فى السياسة المصرية من خلال التاريخ وتوجيه سياسة مصر منذ عهد محمد على باشا وهو ثانى فرد من عائلة غالى يقتله المسلمون وكان جده قد قتله إبراهيم باشا ، وعمل في وزارة مصطفي فهمي باشا ، وكان بطرس كوزير للخارجية هو الذي صاغ ووقع علي اتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان عام ١٨٩٩م.
وحين كان رئيساً للوزراء وافق علي فكرة تمديد الامتياز لقناة السويس ٤٠ عاماً إضافية من ١٩٦٨م إلي عام ٢٠٠٨م، مقابل ٤ ملايين جنيه يتم دفعها علي أربعة أقساط، ولكن محمد فريد قد تمكن من الحصول علي نسخة من هذا الاتفاق ونشرها في جريدة الحزب الوطني «اللواء» لكن الجمعية الوطنية رفضت المشروع إثر ضغط وطني اتهم بطرس غالي في وطنيته أيضاً حينما صادق علي الأحكام التي أصدرتها محكمة دنشواي بإعدام ستة فلاحين.
مبروك عليك ياوردانى ياللى قتلت النصرانى

وفي الساعة الواحدة ظهرا يوم (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910م) إغتال فتى مسلم أسمه أبراهيم نصيف الوردانى المسيحى بطرس باشا نيروز غالي أمام وزارة الحقانية  بأن أطلق عليه  ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته. وقد مجدت أبواق الدعاية الإسلامية عملية الإغتيال وأطلقت على المسلم المجرم أسم " المناضل " وكان عضو فى الحزب الوطنى الذى كان يرأسه مصطفى كامل الذى كان يريد إستبدال الإحتلال الإنجليزى بالإحتلال التركى وذهب إلى تركيا وأعطيت له رنبة الباشاوية هناك

والفتى المسلم تلقى تعليمه فى سويسرا وأنجلترا - وطاف المسلمين بشوارع القاهرة يهتفون مبروك عليك ياوردانى ياللى قتلت النصرانى .. هذا هو تاريخ أجرام المسلمين الأسود بالنسبة لأقباط مصر فكان أن تم اغتياله «زي النهارده» من عام ١٩١٠م.
من هو أبراهيم نصيف الوردانى؟
وقد قبض على أبراهيم نصيف الوردانى بعد إغتياله لرئيس الوزراء المسيحى بطرس باشا نيروز غالي أمام وزارة الحقانية وهو يبلغ من العمر الرابعة والعشرين ودرس في سويسرا الصيدلة، حيث عاش بها عامين بدءا من سنة (1324هـ=1906م)، ثم سافر إلى إنجلترا وقضى بها عاما حصل خلاله على شهادة في الكيمياء ثم عاد إلى مصر في (ذو الحجة 1326هـ= يناير 1909م) ليعمل صيدلانيا، وكان عضوا في الحزب الوطني، وعندما ألقي القبض عليه قال إنه قتل بطرس غالي "لأنه خائن للوطن"، وإنه غير نادم على فعلته، واعترف أنه فكر في قتل بطرس عندما حضر جلسة المجلس العمومي ورأى معاملة بطرس غالي الجافة لأعضاء المجلس، ومشاركته في محكمة دنشواي  .

وكان القاتل أبراهيم نصيف الوردانى مرتبط بجمعية مصر الفتاة ، وبعد عودته لمصر أسس عصابة سرية أسماها "جمعية التضامن الأخوي" التي نص قانون العضوية فيها على أن من ينضم فيها يجب أن يكتب وصيته وهذا دليلاً على دمويته وإجرامه ، وقد كشف التحقيق مع الورداني وجود أكثر من خمسة وثمانين عصابة سرية لم يكن للحكومة أي علم بها أو عنها..
 وفي 12 ربيع الآخر 1328 هـ/21 إبريل 1910م  مثل الورداني أمام المحكمة برئاسة الإنجليزي "دلبر وجلي"، وكان من ضمن المحامين الذين حضروا للدفاع عن الورداني "أحمد بك لطفي".

 

بطرس غالي باشا الذى وضع بصماته فى السياسة المصرية ..
 

من هو بطرس باشا نيروز غالي؟

فى سنة 1262هـ= 20 فبراير 1846م ولد بطرس غالي ناروز في بلدة الميمون بمحافظة بني سويف  وكان أبوه موظفا، وكعاده ذلك الزمان التحق في صغره بأحد الكتاتيب كغيره من المصريين حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالمدرسة القبطية بالقاهرة التى كانت فى أوج مجدها فى ذلك الزمان حيث كانت تعلم لغات والحسابات وغيرها من المعلومات المتقدمة فى ذلك الوقت ، ثم انتقل منها إلى مدرسة البرنس مصطفى فاضل،  وكانت تلك المدرسة تهتم بتدريس اللغات فأتقن الإنجليزية والتركية ، كان يميل إلى القراءة ، وقد جمع مكتبة كبيرة، وكان يعرف القراءة والكتابة والتحدث باللغات الفارسية والتركية والقبطية والإنجليزية والإيطالية وهذا ما جعله الرجل الهام فى كل وزارات مصر المشكلة فى عصره .

وعندما تخرج كان يريد العمل في السكة الحديد، وكانت من أهم الهيئات الكبيرة في مصر في ذلك الوقت؛ وكان يقرض الشعر بليغ فى خطابه فنظم قصيدة في مدح رئيسها "عمر لطفي"ليفوز بمنصب فيها ، ولكنه ما لبث أن عُين مدرسا بالمدرسة القبطية بالقاهرة ، ولكن أرسله والده سافر في بعثة إلى أوربا لتلقي تعليمه العالي هناك.
وعندما أكمل بطرس غالى من أوربا عمل في الترجمة بالإسكندرية ، في مجلس التجارة بشعبة الضرائب، وقام بوضع كتابا في المسائل المالية كان من أشهر الكتب في ذلك التخصص في تلك الفترة لأنه نبغ فى دراسته فى أوربا ، وقد تنبأ له المندوب الإنجليزي في صندوق الدين "ريفرز ويلسون" بأنه سيكون وزيرا لمالية مصر لتمرسه فى العمل فى هذا المجال .
وقد حصل بطرس غالي هو أول من يحصل على رتبة الباشوية من الأقباط فقد كان له شأن سياسى كبير جداً ، ويقال أن أحمد عرابي هو من توسط له لدى الخديوى للحصول على هذه الرتبة ولكن هذا أمر مشكوك فى صحته فكثيراً من المؤرخين قالوا أنه كان سياسياً عالي الهمة، كبير المطامع، قوي الحافظة ، شديد العارضة، وقد ارتقى إلى أسمى المناصب المصرية بجهده وقوة عقله , لامع الذكاء متفوق على أقرانه عاملاً مجداً فى كل الوظائف التى عمل بها بلا إستثناء
وكان سياسياً فقد تمتع بثقة العرابيين والخديوى فى ذلك الوقت وعندما قام العرابيين يتمردهم في مصر كان بطرس من المنادين بمفاوضة الخديوي ، ولذا اختير بطرس غالى من ضمن مجلس المفاوضة بعد هزيمة العرابيين في معركة التل الكبير للتفاوض مع الخديوي باسم العرابيين ،
وفي عام (1310 هـ= 1893م) تولى وزارة المالية فى بداية عهد الخديوي "عباس حلمي الثاني" في وزارة رياض باشا التي استمرت حوالي عام ،

 ، وعمل وزيراً لوزارة الخارجية ثلاثة عشر عاما متواصلة من (5 من صفر 1303 هـ حتى 17 من شوال 1326 هـ= 12 نوفمبر 1885م حتى 11 نوفمبر 1908م) وهي أطول فترة يشغلها وزير في هذا المنصب الكبير،  وذلك فى الوزارة الثالثة التي شكلها "مصطفى فهمي باشا"، والذي كان كثيراً من المصريين يعتبرونه رجل الإنجليز في مصر.
وكما أنه أشتهر بسياسته فى لعبة التوازن بين جميع الأطراف  بفضل ذكائه ودهائة الشديدين لهذا حصل على ثقة   الخديوي عباس لرغبته فى السياسة التى اتبعها مع الإنجليز ، حيث إن بطرس كان على علاقة جيدة مع كل من الإنجليز والخديوي على حد سواء.
رئيس الوزراء
وفاز برئاسة الوزارة عندما سقطت وزارة "مصطفى فهمي باشا" أسند الخديوي "عباس حلمي الثاني" رئاسة الوزارة إلى بطرس غالي، واستمرت هذه الوزارة منذ تشكيلها في (19 من شوال 1326 هـ= 13 نوفمبر 1908م) حتى اغتيال بطرس في (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910م). وقد اعترض المسلمين على تولى بطرس غالى رئاسة الوزارة ولكن  وأكد الخديوي عباس لجورست أن بطرس غالي مصري قبل أن يكون قبطيا وكان تعيين بطرس غالي في رئاسة الوزارة المصرية بطلب من المعتمد السامي البريطاني في القاهرة "جورست" وبموافقة الخديوي عباس حلمي الثاني، ولذا سميت هذه الوزارة عند المصريين في تلك الفترة بوزارة الوفاق ، أي التوافق بين كل من الاحتلال الإنجليزي وعباس حلمي

 

الأسباب التى أوردتها البروباجاندا الإسلامية لجعل قضية قتل بطرس غالى قضية سياسية وطنية

اتفاق السودان
عندما احتل الإنجليز مصر (1299هـ=1882م) بعد فشل الثورة العرابية، شهد السودان قيام الثورة المهدية التي استطاعت أن تسيطر على السودان ، وفي تلك الفترة قرر الإنجليز إعادة السودان إلى سيطرتهم في إطار حملة مشتركة تتحمل تكاليفها الخزانة المصرية، وأن يكون حكم السودان مشتركا بين مصر وبريطانيا ، وقد وقع اللورد "كرومر" المعتمد البريطاني في مصر على تلك الوثيقة عن الجانب البريطاني، ووقع عن الجانب المصري "بطرس غالي"، وتم توقيع اتفاق السودان في (7 من رمضان 1316 هـ=19 يناير 1899م). حيث إن جميع سلطات السودان تتمركز في يد الحاكم العام للسودان وهو بريطاني الجنسية.
و نص الاتفاق على أنه لا يجوز عزل هذا الحاكم إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية، كما أن تشريعات القطر المصري لا تسري على السودان.
وبذلك لم يُعط هذا الاتفاق لمصر أي ميزة فعلية من المشاركة مع بريطانيا في إعادة فتح السودان، وتحملت مصر بمفردها تكاليف الحملة، وكانت المسئولية ملقاة على مصر والسلطة في يد بريطانيا.
وقالت البروباجاندا الإسلامية رغم هذا الاتفاق المجحف في حق مصر فقد وافق بطرس عليه، رغم أنه كان يملك تقديم الاستقالة وإحراج بريطانيا في إبداء عدم قدرته على المضي مع أطماعها إلى نهاية الطريق، فقد أعطاها بموافقته حقا في السودان دون أن تتحمل ثمنه، وأعطاها سلطة واسعة في إدارة السودان دون أدنى مسئولية.
كما أن هذا الاتفاق قوض ممتلكات مصر في منطقة خط الاستواء في كل من أوغندا وعدد من الموانئ الموجودة على البحر الأحمر مثل زيلع وبربرة.
ويذكر اللورد كرومر في تقرير له عن حالة مصر والسودان أن السودان كان يبتلع الكثير من الأموال دون أن يكون هناك أية نتيجة، وأن إعادة فتح السودان يُعزى إليه إفلاس الخزانة المصرية، حتى إن مصر باعت في سبيل هذه الحملة البواخر الخديوية وعددا من السرايات والحدائق والأراضي وكل ما استطاعت بيعه للإنفاق على هذه الحملة، ورغم هذه النفقات جاء اتفاق (1316هـ=1899م) ليطيح بهذه النفقات والأرواح التي بذلت ويعطي السودان بلا ثمن لبريطانيا، وكان هذا الاتفاق بلا مثيل في العلاقات الدولية!!

بطرس غالى رئيس محكمة دنشواي
لعب بطرس غالي دورا كبيرا في حادثة دنشواي التي كانت من النقاط السوداء التي سجلها التاريخ في حق الإنجليز أثناء احتلالهم لمصر، وملخصها أن عددا من ضباط الجيش الإنجليزي خرجوا لاصطياد الحمام في قرية دنشواي فأصيبت إحدى السيدات بعيار ناري واحترق أحد الأماكن التي يتم فيها تخزين القمح، فاستشاط أهالي القرية غضبا وهاجموا هؤلاء الإنجليز ففر البعض وتوفي أحدهم من تأثير ضربة شمس ، فعقد الإنجليز محاكمة لتأديب أهالي القرية ، ورأس هذه المحكمة بطرس غالي باعتباره قائما بأعمال نظارة الحقانية في (7 من شوال 1324 هـ=23 نوفمبر 1906م)، وقضت بالإعدام شنقا لأربعة من الأهالي ، وبالأشغال الشاقة مددا مختلفة لعدد آخر، وبالجلد خمسين جلدة على آخرين، وتم تنفيذ الأحكام بعد محاكمة استمرت ثلاثة أيام فقط وأمام الأهالي.

الخديوي توفيق وقانون المطبوعات
صدر أول قانون للمطبوعات في مصر في (5 من المحرم 1299 هـ=26 نوفمبر 1881م) في عهد الخديوي توفيق، لكن هذا القانون لم يتم العمل به إلا بعد حادثة دنشواي وحالة الغضب المكتوم التي اجتاحت الرأي العام المصري على هذه البشاعة التي تمت بها محاكمة دنشواي ، ولذا طلب الإنجليز من حكومة بطرس غالي ضرورة عودة قانون المطبوعات مرة أخرى، فأصدر مجلس الوزراء في (4 من ربيع الأول 1327 هـ= 25 مارس 1909م) قرارا بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر في عهد الخديوي توفيق ، وكان الهدف منه مراقبة الصحف ومصادرتها وإغلاقها إذا إقتضى الأمر ، وكان هذا القانون لوضع القيود على الأقلام
 وقام "محمد فريد" زعيم الحزب الوطني بالذهاب إلى الخديوي عباس حلمي في نفس اليوم الذي صدر فيه ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به وزارة بطرس غالي وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت لحريتها.

طرح فكرة تمديد امتياز قناة السويس
 كانت هناك فكرة يهدف مد إمتياز قناة السويس أربعين عاما أخرى، وذلك مقابل مبلغ من المال تدفعه الشركة صاحبة الامتياز إلى الحكومة المصرية إلى جانب نسبة معينة من الأرباح تبدأ من سنة (1338هـ=1921م) حتى (1387هـ=1968م).
و في رمضان1327هـ = أكتوبر 1909م الزعيم الوطني محمد فريد استطاع الحصول على نسخة من مشروع القانون وقام محمد فريد بنشرها في جريدة اللواء وبدأت حملة من الحركة الوطنية وعلى رأسها الحزب الوطني في تعبئة المصريين ضد هذا القانون ، خاصة أن إعطاء الامتياز كان يعني أن تترك الشركة القناة للمصريين سنة 1428هـ= 2008م
و طالبت بعرض مشروع هذا القانون على الجمعية العمومية لأخذ رأيها فيه، وكان معنى ذلك هو طرح الموضوع برمته على الأمة المصرية ضد هذا القانون، وقد وافق الخديوي عباس حلمي على ذلك، وتم تحديد يوم (1 من صفر 1328 هـ=10 فبراير 1910م) لانعقاد الجمعية العمومية لمناقشة المشروع.

إغتيال بطرس غالى باشــــــــــــــــا : 9 من صفر 1328هـ
وعن حادثة الاغتيال نفسها أورد شفيق باشا فى حولياته أنه «فى يوم ٢٠ فبراير وصل إلينا فى السراى نبأ خطير، وهو إطلاق الرصاص على بطرس باشا، رئيس النظار، بواسطة فتى يُدعى إبراهيم ناصف الوردانى، المنتمى للحزب الوطنى، لدى مغادرة الرئيس لنظارة الخارجية فى الواحدة بعد الظهر.
وتفصيل الخبر هو أن بطرس باشا اعتاد أن يغادر الخارجية كل يوم فى الواحدة بعد الظهر، وفى هذا اليوم نزل من الديوان ومعه حسين رشدى باشا وعبدالخالق ثروت باشا «النائب العام» وأحمد فتحى زغلول، وكيل الحقانية، «شقيق الزعيم سعد زغلول»، وأرمولى بك، التشريفاتى بالخارجية، عندما تم إطلاق النار عليه فى فناء الوزارة.
الاغتيال بدأ عندما فارقه من كانوا معه عند السلم الخارجى، وبينما هو يهم بركوب عربته إذ دنا منه هذا الفتى «الوردانى» متظاهراً بأنه يريد أن يرفع له عريضة، فأطلق عليه رصاصتين أصابته إحداهما فى خاصرته والأخرى فى صدره، وما كاد يلتفت خلفه ليرى صاحب هذه الفعلة، حتى أطلق عليه الفتى ثلاث رصاصات أخرى أصابت إحداها عنقه من الخلف وأصابت الأخريان كتفه.
ولما كان أحد السُعاة فى النظارة «الوزارة» واقفاً خلف القاتل فقد أمسك به بينما سقط الناظر «بطرس غالى باشا»، على الأرض أمام عربته، فحمله الحاضرون.
وحضر على الإثر الدكتور سعيد بك الخادم، فأخرج الرصاصات من العنق والكتف وأفاق المصاب لبرهة، ثم نقل إلى مستشفى الدكتور ميلتون فى باب اللوق، وهناك قرر الأطباء إجراء جراحة لاستخراج بقية الرصاصات.
ونظراً لما كان يتمتع به بطرس باشا من ثقة الجناب العالى ومحبته له أصدر سموه أوامره فى الحال إلى فتحى باشا زغلول باتخاذ أسرع الوسائل والإجراءات للعناية ببطرس باشا، ثم قام الخديو بإيفاد شفيق باشا وفتحى زغلول باشا وأحمد خيرى باشا ليوافوه بالأخبار أولاً بأول وليبلغوا بطرس باشا أسف الخديو لما تعرض له، وتمنياته بالشفاء.
ويبدو أن الخديو عباس تعجل الأمر فما إن بلغ فتحى زغلول وأحمد خيرى المستشفى.. حتى فوجئا به قد حضر على إثرهما.. ودخل على بطرس باشا الذى لم يكن فارق الحياة بعد، وجلس إلى جواره وقبله.. وسقطت دموعه ودعا له بالشفاء فتمتم الباشا الجريح قائلاً: «العفو يا أفندينا.. ميرسى.. ميرسى»، ثم حث الخديو الأطباء على الاهتمام غير العادى بالباشا وبذل جميع الجهود الممكنة لإنقاذ حياته، وغادر المستشفى ليبقى ثلاثتهم شفيق باشا وفتحى زغلول وأحمد خيرى.
وبعد انصراف الخديو عباس حضر البرنس حسين كامل وجلس إلى جوار بطرس باشا وقال له: تشجع، فرد عليه بطرس باشا بقوله: «أنا لا ألوم نفسى على شىء فقد أديت ما يجب علىّ للوطن».
وبعد انتهاء الجراحة لاستخراج الرصاصات ارتاح الباشا نسبياً لكن الألم تزايد وارتفعت الحرارة ولم تكد الساعة تتجاوز الثامنة والربع مساءً حتى كان بطرس باشا قد أسلم الروح بين بكاء الحضور. وفى صباح ٢١ فبراير أصدر الخديو الأمر بأن يكون الاحتفال بجنازة بطرس باشا رسمياً، وفى العاشرة والنصف صباحاً سارت الجنازة من المستشفى إلى كنيسة بطريركية الأقباط ومنها إلى المدفن.
 

إبراهيم الورداني
.وقد قام إبراهيم ناصف الورداني باغتيال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهرا يوم (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910م)، حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته.
أما إبراهيم الورداني فقد كان وقت اغتياله بطرس غالي شابا في الرابعة والعشرين من عمره، ودرس في سويسرا الصيدلة، حيث عاش بها عامين بدءا من سنة (1324هـ=1906م)، ثم سافر إلى إنجلترا وقضى بها عاما حصل خلاله على شهادة في الكيمياء ثم عاد إلى مصر في (ذو الحجة 1326هـ= يناير 1909م) ليعمل صيدلانيا، وكان عضوا في الحزب الوطني، وكان له ارتباط بجمعية مصر الفتاة، وبعد عودته لمصر أسس جمعية أسماها "جمعية التضامن الأخوي" التي نص قانونها على أن من ينضم فيها يجب أن يكتب وصيته.
وقد مثل الورداني أمام المحكمة في (12 من ربيع الآخر 1328 هـ=21 إبريل 1910م) وكان يرأسها الإنجليزي "دلبر وجلي"، وكان من المحامين الذين حضروا للدفاع عن الورداني "أحمد بك لطفي"
وعقب اغتيال بطرس تم ترقية ابنه نجيب غالي ليصبح وكيلا لوزارة الخارجية المصرية، وحصل على رتبة الباشوية.
كان اغتيال بطرس غالي سببا في إنشاء المكتب السياسي الذي كان يهدف إلى تعقب السياسيين وذوي الاتجاهات الوطنية ، وقد رأس المكتب هو "فليبدس بك" وهو يوناني مصرى ,  حبس بعد ذلك خمسةَ أعوام لجرائم تتعلق بالرشوة والفساد.وقد كشف التحقيق مع الورداني وجود أكثر من خمسة وثمانين جمعية سرية لم يكن للحكومة أي علم بها أو عنها.
وعندما ألقي القبض عليه قال إنه قتل بطرس غالي "لأنه خائن للوطن"، وإنه غير نادم على فعلته، واعترف أنه فكر في قتل بطرس عندما حضر جلسة المجلس العمومي ورأى معاملة بطرس غالي الجافة لأعضاء المجلس، ومشاركته في محكمة دنشواي. فرد عليه زغلول باشا قائلاً: «يامسكين لو عرفت أنه أكبر وأصدق وطنى فى خدمة البلاد ما فعلت فعلتك»، ثم تولى النائب العام تحقيقه مع إبراهيم الوردانى، وكان النائب العام آنذاك هو عبدالخالق ثروت باشا.
وبدأ ثروت باشا بتوجيه أسئلة لعدة أشخاص ممن كانت لهم علاقة بالوردانى، ممن وجدت صورهم وأسماؤهم معه أثناء القبض عليه، فضلاً عما كان معه من أوراق تخص الحزب الوطنى أو أشخاصاً فيه وكان فى مقدمة هؤلاء محمد فريد الذى أقر أثناء التحقيق بأنه عرف الجانى منذ عام ١٩٠٦ فى جنيف حينما كان أميناً لصندوق جمعية الطلبة المصريين بها، وأن علاقته به مثل علاقته بأى عضو فى الحزب،
ثم تم إلقاء القبض على كل من شفيق منصور، وعباس حسنى ومحمد الصباحى، الطالب بمدرسة رأس التين وعبدالله حلمى، المهندس بالأوقاف، ومحمد زكى أفندى. المدهش أن مذكرات الزعيم محمد فريد خلت تماماً من ذكر هذه الواقعة.

وقام عبد الخالق باشا ثروت الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب النائب العام بالتحقيق في القضية ، وقد ذكر في مرافعته أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة هي جريمة سياسية وليست من الجنايات العادية، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهرا منها" ثم طالب بالإعدام للورادني، ثم أرسلت أوراق القضية إلى المفتي (الشيخ بكري الصدفي) لإبداء رأيه فيها ، لكن المفتي أخذ بوجهة نظر الدفاع القائلة باختلال قوى المتهم العقلية وضرورة إحالته إلى لجنة طبية لمراقبته حتى يفلت المجرم من العقاب ، ولكن المحكمة لم تأخذ برأي المفتي ، وكانت سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات برئاسة الإنجليزي "دولبر وجلي"،

وفي يوم (9 من جمادى الأولى 1328هـ=18 مايو 1910م) أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام على الورداني، وفي صباح يوم (21 من جمادى الآخرة 1328 هـ=28 يونيو 1910م) تم تنفيذ حكم الإعدام في الورداني.
وقد صدر قرار يُحرم على أي مصري الاحتفاظ بصورة الورداني وبقي هذا القرار ساريا حتى ثورة يوليو 1952م.
وشنت الصحف القبطية هجوما كبيرا على الحركة الوطنية واتهمتها بالتعصب الديني ، ووصفت الاغتيال بأنه اغتيال وراءه دوافع دينية ، ودعت إلى إيجاد فرق من الاحتلال تجوب المدن لحماية الأقباط، ودعت لإغلاق الصحف التي تحرض على كراهية الأقباط .
وأعلن القباط اللجوء لدولة قوية تكون عضدا لهم في المستقبل، ودعوة لأن يحكم الإنجليز مصر مباشرة ؛ لأن الخديوي عباس في نظرهم كان يساند الحركة الوطنية ، ودعوا إلى إلغاء الجيش المصري وزيادة قوات الاحتلال.
وقد قام أصحاب المصلحة مثل "نصيف المنقبادي" و"مرقص حنا" و"مرقص فهمي" بنفى فكرة وجود خلفية دينية وراء عملية الإغتيال . وقال مرقص حنا بأن التعصب إذا كان موجودا فلا قضاء عليه إلا بالدستور، ودعا الأقباط إلى كتابة العرائض من أجل الدستور. ولكن لم يقرأ هؤلاء التاريخ فقد تغير الدستور واصبح ينص على الشريعة الإسلامية  ولو كان اGقباط أتحدوا بحل الجيش لما قامت ثورة أسمها يوليو 1952 م ولما طبقت الشريعة التى عانى منها أولادكم .

إعدام القاتل والمفتى يريد إنقاذه لأنه لا يقتل مسلم بدم كافر
وقد وجهت للورداني تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهي جريمة عقوبتها الإعدام، وانشغل الرأي العام المصري بالحادث انشغالا كبيرا، وتلقى النظار (الوزراء) وكبار المسئولين في الدولة في تلك الفترة خطابات التهديد على غرار ما حدث لرئيس الوزراء المسيحى.
وقد قام عبد الخالق باشا ثروت الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب النائب العام بالتحقيق في القضية، وقد ذكر في مرافعته أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة هي جريمة سياسية وليست من الجنايات العادية، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهرا منها" ثم طالب بالإعدام للورادني، ثم أرسلت القضية إلى المفتي (الشيخ بكري الصدفي) لإبداء رأيه فيها، لكن المفتي أخذ بوجهة نظر الدفاع القائلة باختلال قوى المتهم العقلية وضرورة إحالته إلى لجنة طبية لمراقبته، إلا أن المحكمة لم تأخذ برأي المفتي، وكانت سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات برئاسة الإنجليزي "دولبر وجلي"، وفي يوم (9 جمادى الأولى 1328هـ=18 مايو 1910م) أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام على الورداني، وفي صباح يوم (21 من جمادى الآخرة 1328 هـ=28 يونيو 1910م) تم تنفيذ حكم الإعدام في الورداني.
وقد صدر قرار يُحرم على أي مصري الاحتفاظ بصورة الورداني وبقي هذا القرار ساريا حتى ثورة العسكر يوليو 1952م.

 

=================

المــــــــــــــــراجع

(1) جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد السبت ٢ فبراير ٢٠٠٨ عدد ١٣٢٩ عن مقالة بعنوان [ اغتيال بطرس باشا غالي ] كتب ماهر حسن ٢/٢/٢٠٠٨

************************************
جنازة بطرس باشا غالى يتقدمها صف من الشمامسة والاساقفة فى شوارع القاهرة
فى خرج بطرس غالي من مكتبه في الواحدة ظهر يوم 20 فبراير 1910م، و كان يرافقه كل من حسين باشا رشدي وزير الحقانية ( العدل)
و ما أن هم بطرس غالي بدخول سيارة رئاسة الوزراء حتي دوت 6 رصاصات، استقرت ثلاث منها فى جسدة
أمسك الحراس بالشاب القاتل، و نُقل بطرس غالي للمستشفي و هناك أجروا له عملية جراحية استغرقت ساعة و نصف، و لكنه فارق الحياة في نفس اليوم.
وقبل وفاته نطق بطرس غالي بآخر عبارات له يبرئ نفسه من التهم التي وجهت إليه قائلاً: ” يعلم الله أنني ما أتيت ضرراً ببلادي، ولقد رضيت باتفاقية السودان رغم أنفي وما كان باستطاعتي أن اعترض عليها. إنهم يسندون إليٌ حادث دنشواي، ولم أكن منها و لا هي مني، و يعلم الله أنني ما أسات إلي بلادي”.
و بدأ النائب العمومي في استجواب الشاب القاتل إبراهيم ناصف الورداني، 24 سنة، في قسم الموسكي. و عندما سئل عن سبب اغتياله لبطرس غالي أجاب: ” لأنه خائن للوطن”.
و حاول الإنجليز الترويج لفكرة أن الاغتيال كان نتيجة التعصب الاسلامي تجاه المسيحيين، فكان رد المحامي المسيحي ناصف أفندي جنيدي منقبادي: ” إننا جميعاً قد ضاقت صدورنا من السياسة المنحازة للإنجليز التي كان يدافع عنها بطرس باشا، و إنني لأصرح بصفتي مصرياً قبطياً أن حركتنا إنما هي حركة وطنية ترمي إلي الحرية”.
و في يوم 12 مايو 1910م صدر الحكم بإحالة أوراق المتهم إلي المفتي للتصديق علي إعدامه،
بطرس باشا غالي هو أحد رجلين من الأقباط توليا رئاسة الوزارة، هو ويوسف وهبة باشا، كما أنه أحد رجلين من الأقباط نالا شهرة سياسية واسعة هو ومكرم عبيد باشا

This site was last updated 01/23/14