العملة التى سكها يوليانوس الوجه الأول صورته الثانى : عجل أبيس ونجمتين القسطنطينية 361 - 363

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ثورة أهل انطاكية وموت الإمبراطور يوليانوس الجاحد 

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك -

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الرؤيا وعودة أثناسيوس
ثورة أنطاكية وموت يوليانوس
الإمبراطور جوفيان
شعوب تنقض على البيزنطيين
الإمبراطور فالنتييان
إمبراطور الشرق فالنس
النفى الخامس والأخير
محاولات الأريوسيين
مجمع الإسكندرية369م
أعمال أثناسيوس الأخيرة
نياحة أثناسيوس بالسنكسار

Hit Counter

 

جارى العمل فى هذه الصفحة
ولد فلافيوس كلوديوس يوليانوس Flavius Claudius Julianus في القصر الإمبراطوري في القسطنطينية في عام 332 أوسنة 331  في النصف الثاني من  في ميسية على الدانوب. وكان ابن أخي قسطنطين.. ؛  ابن يوليوس ابن قسطنديوس الأول كلوروس. وهو أخو غالوس لأبيه كما أن والده يوليوس أخا قسطنطين لأبيه. ووالدة يوليانوس باسيلينة نسيبة  يوسبيوس اسقف نيقوميذية الآريوسي.
طفولة يوليانوس الجاحد البائسة
 وما أن مضت أشهر حتى توفيت والدته فنقل إلى القسطنطينية ونشأ في قصر لجدته في آسية لا يبعد كثيراً عن العاصمة. في السادسة من عمره شهد  وقد قتل أبوه، وأخوه الأكبر، ومعظم أبناء عمه، في المذبحة التي حدثت أيام حكم أبناء قسطنطين ونجا هو وأخوه غالوس باعجوبة. وعاشا مدة من الزمن مراقبين محصورين فشبَّ يوليانوس مضطرب العصب يكره قسطنطين وذريته. وأرسل هو إلى نقوميديا ليتلقى فيها العلم على يد الأسقف يوسبيوس الأريوسى وتولى أمره في هذه الفترة أسقف نيقوميذية. فوكل أمر تهذيبه إلى خصي يدعى مردونيوس، كان شديد الإعجاب بهوميروس الشاعر اليوناني. ولما بلغ السابعة من عمره بدأ يدرس الآداب القديمة على مردونيوس Mardonius، وسرى حب هومر وهزيود والتحمس لآدابهما من الخصي الهرم إلى تلميذه، ودخل إلى عقل يوليان إلى عالم الأساطير اليونانية الشعري الزاهر بدهشة وبهجة عظيمتين. وتوفي  يوسبيوس

في سنة 341 فنفي قسطنطيوس الأميرين  يوليان وأخوه جالوس Gallus إلى قصر في قبدوقية على مسافة قريبة من قيصرية لأسباب غير معلومة. فقضى يوليانوس ست سنوات يدرس ويطالع مؤلفات أعاره إياها كاهن يكادان أن يكونا فيها سجينين في حصن ماسلوم Macellum . وفي سنة 347 أمر قسطنطيوس بانتقال غالوس إلى افسس ويوليانوس إلى القسطنطينية. وأقام يوليانوس في عاصمة الدولة سبع سنوات احتك فيها بعالمين شهيرين أحدهما وثني والآخر مسيحي وتعلم مبادئ اللاتينية.

 ولكن مرح الشباب، وما امتاز به من إخلاص وذكاء ورحّب الجمهور بالأمير الصغير حباه إلى الشعب  حباً أقلق بال الإمبراطور؛ فدخلت الريبة نفس قسطنديوس فأمر بنقله إلى نيقوميذية أما محاضرات ليبانيوس فقد حرمها عليه هذا، ولكنه استطاع أن يحصل على مذكرات وافية لدروس هذا المعلم ، وكان ليبانيو العالم الوثني الأنطاكي قد ترك نيقوميذية فلم يتسنى ليوليانوس الأخذ عنه مباشرة. لكنه طالع بعض مصنفات ليبانيوس وأكب عليها فأثرت في نفسه. ومن هنا التشابه في أسلوب الاثنين. . وكان وقتئذ شاباً في السابعة عشرة من عمره، بهي الطلعة، جياش القلب بالعواطف، متأهباً لأن يبهره سحر الفلسفة الخطر، وبينا كانت الفلسفة، وبينا كان التفكير الحر يأتيان إليه بكل ما فيهما من إغراء، كانت المسيحية تُعرض عليه بوصفها مجموعةً من العقائد التعسفية التي لا تقبل الجدل؛ وكنيسةً تمزقها الإنقساتمات ، والأريوسيين الهراطقة الذين كانوا حوله إشتهروا بالفضائح والمكائد والخداع.

 وأكرمه.

وفي عام 351 رضى الإمبراطور عن الأميرين جعل جالوس قيصراً أي ولياً للعهد- وعهد إليه حكم أنطاكية وأعاد إلى يوليانوس ارثه فأصبح غنياً ؛ وأحس يوليان وقتاً ما بأنه آمن من ريبة الإمبراطورية فأخذ يتنقل من نيقوميديا إلى برجموم ثم إلى إفسوس، يدرس فيها الفلسفة على إدسيوس Edssius، ومكسموس، وكريسنثيوس Chrysanthius  فأمَّ برغامون في آسية الصغرى. واتصل فيها بأديسيون الفيلسوف الأفلاطوني الجديد وبتلميذه خريسانطيوس الفيلسوف الفيثاغوري. وتردد إلى أفسس فاتصل بفيلسوفها مكسيميوس وكان هذا يمارس السحر. فوقع يوليانوس تحت تأثير شعوذته. ودخل في زمرة أتباعه. وإعتنق سراً العقيدة  الوثنبة.

وفي عام 354 استدعى قسطنطين الأخوين جالوس Gallus ويوليان إلى ميلان حيث كان يعقد محكمة للنظر في أمرهما. ذلك أن جالوس تعدى حدود السلطة المخولة له، وحكم الولايات الأسيوية حكماً بلغ من استبداده وقسوته أن ارتاع له قسطنطين نفسه. وحوكم الرجل أمام الإمبراطور، ووجهت إليه عدة تهم، وأدين، وصدر عليه الحكم بالإعدام، ونفذ على الفور. وأما يوليان فقد ظل تحت الحراسة في إيطاليا عدة أشهر، حتى أفلح أخيراً في أن يقنع الإمبراطور المرتاب أن السياسة لم تكن له على بال في يوم من الأيام، وأن اهتمامه كله موجه إلى الفلسفة. واطمأن قسطنطيوس إذ عرف أن غريمه ليس إلا رجلاً فيلسوفاً، فنفاه إلى أثينة (355). وإذ كان يوليان قبل هذا النفي يتوقع الإعدام ، فإنه لم يجد صعوبة في الرضا بالنفي إلى بلد هو منبع العلم، والدين، والتفكير الوثني.

تعلم يوليانوس الفلسفة الوثنية 

وقضى في مدينة أثينا ستة أشهر والتحق بجامعتها ، كانت من أسعد أيام حياته، يدْرس الفلسفة في الغياض التي استمعت إلى صوت أفلاطون في الزمن القديم، وعقد فيها أواصر الصداقة مع ثامسطيوس Themistius وغيره من الفلاسفة المخلدين والمنسيين ، وكان بين رفقائه فيها القديس غريغوريوس النازينزي وصديقه القديس باسيليوس الكبير الذين أعجبوا بشغفه بالعلم، وكسب قلوب أهل المدينة برقة شمائله، وتواضعه، وجميل مسلكه. وكان يُشَبِّه هؤلاء الوثنيين المثقفين المهذبين الذين ورثوا ثقافة قرن عشرة بعلماء الدين الوقورين الذين كانوا يحيطون به في نقوميديا أو بأولئك الساسة والحكام الأتقياء الذين رأوا من الواجب عليهم أن يقتلوا أباه واخوته وكثيرين غيرهم من خلق الله؛ وخلص من هذا كله إلى أنه ليس ثمة وحوش أكثر تعطشاً للدماء من المسيحيين. وكان إذ سمع أن معابد مشهورة قد دمرت ، وأن كهنة وثنيين قد حكم عليهم بالنفى ، وأن أملاكهم قد وزعت على الخصيان وأشياع السلطان أجهش بالبكاء. وكان هذا في أغلب الظن هو الوقت الذي قبل فيه أن يتعلم سراً وفي حذر شديد طقوس إليسيز الخفية وأسرارها؛ وكانت المبادئ الأخلاقية الوثنية تتجاوز عما لجأ إليه في ارتداده من مخادعة ورياء. هذا إلى أن أصدقاءه ومعلميه على سره لم يكونوا يوافقون على أن يجهر بهذا الارتداد، فقد كانوا يعرفون أنه إذا فعل سيتوجه قسطنطيوس في غير الوقت الملائم، بتاج الشهداء. وكانوا هم يتطلعون إلى الوقت الذي يرث فيه صنيعتهم عرش الإمبراطورية، ويعيد إليهم رواتبهم وآلهتهم. ولهذا قضى يوليان عشر سنين كاملة يؤدي جميع الشعائر والعبادات المسيحية الظاهرة، بل لقد بلغ من أمره أن كان يقرأ الكتاب المقدس علناً في الكنيسة.

يوليان يصبح قيصر فى غاليه

وفي وسط هذا التخفي والخوف استدعى مرة أخرى إلى المثول بين يدي الإمبراطور في ميلان؛ وتردد أول الأمر في الذهاب خشية العقاب، لكن الإمبراطورة يوزيبيا أرسلت إليه تبلغه أنها دافعت عنه لدى الإمبراطور، وأنه لن يصاب بمكروه، وما كان أشد دهشته حين زوجه الإمبراطور من أخته هلينا Helena، وخلع عليه لقب قيصر، وعهد إليه حكم غالة (355). وارتدى الرجل الأعزب الحي الذي قدم على الإمبراطور في ثياب الفيلسوف الخشنة حلة القائد الرسمية على مضض، وقام بواجبات الزوجية. وما من شك في أنه قد ضايقه فوق هذا وحيره أن يعرف أن الألمان قد اغتنموا فرصة اشتعال نيران الحرب الأهلية التي كادت تقضي على ما للإمبراطورية في الغرب من قوة حربية، فغزوا الولايات الرومانية الممتدة على ضفاف الرين، وشتتوا شمل جيش روماني، ونهبوا المستعمرة الرومانية القديمة في كولوني، واستولوا على أرع وأربعين مدينة غيرها، وفتحوا الألساس كلها، وتقدموا مدى أربعين ميلاً في غالة، ولما أن واجه قنسطنطيوس هذه الأزمة العصيبة، طلب إلى الشاب الذي يرتاب فيه ويزدريه أن يبذل نفسه من فوره فيجعل منها نفس جندي حازم وإداري حازم، وأعطى يوليان حرساً مؤلفاً من ثلثمائة وستين رجلاً، وكلفه بإعادة تنظيم الجيش المربط في غالة، وأمره بعبور جبال الألب.

وقضى يوليان الشتاء في فين Vienne ويانه على نهر الرون، يدرب نفسه التدريب العسكري، ويدرس فنون الحرب دراسة الرجل المجد المتحمس لأداء واجبه. وفي ربيع عام 356 جمع جيشاً عند ريمس Reims صد به الغزاة الألمان واسترد منهم كولوني؛ ولما حاصرته قبيلة الألماني -التي أصبح اسمها علماً على ألمانيا كلها - في سنس Sens ظل يصد هجمات المحاصِرين ثلاثين يوماً، واستطاع أن يحصل على ما يحتاجه جنوده وأهل المدينة من المؤن حتى نفد صبر الأعداء. ثم زحف نحو الجنوب والتقى بجيش قبيلة الألماني الأكبر عند استرسبورج، ونظم جيشه على شكل إسفين هلالي، وقاده قيادة الرجل العارف بأفانين الحرب المملوء القلب بالشجاعة، فانتصر نصراً على قوات العدو التي تفوق قواته عدداً ، وتنفست غالة الصعداء بعد هذا النصر المؤزر؛ ولكن قبائل الفرنجة الضاربة في الشمال كانت لا تزال تعيث فساداً في وادي الموز Meuse، فزحف عليها يوليان بنفسه، وأوقع بها هزيمة منكرة، وأرغمها على عبور الرين ، ثم عاد إلى باريس عاصمة الولاية متوجاً بأكاليل النصر، ورحب به أهل غالة وشكروا له حسن صنيعه ورأوا في القيصر الصغير يوليوساً Julius جديداً؛ وما لبث جنوده أن هجروا بأملهم في أن يجلس عما قريب على عرش الإمبراطورية.

وبقى في غالة خمس سنين، يعمر الأرض المخربة بالسكان، ويعيد وسائل الدفاع عن نهر الرين. ويمنع استغلال الأهلين الاقتصادي والفساد السياسي، ويعيد الرخاء إلى الولاية، ويملأ خزائنها بالمال، ويخفض في الوقت عينه ما كان مفروضاً على البلاد من الضرائب. وعجب الناس كيف استطاع هذا الشاب الغارق في التفكير، الذي لم ينتزع من بين كتبه إلا من وقت قريب، أن يبذل نفسه فيجعل منها - كأنما قد مسته عصا ساحر- قائدأ محنكاً، وحاكماً عظيماً، وقاضياً عادلاً . وكان هو الذي وضع في القضاء ذلك المبدأ القائل : " بأن المتهم يعد بريئاً حتى تثبت إدانته ". وكان سبب تقرير هذا المبدأ أن نومريوس Numerius أحد حكام غالة النربونية السابقين اتهم باختلاس الأموال التي عهد إليه تحصيلها  ولكنه أنكر التهمة ، ولم يكن من المستطاع دحض حجة من الحجج التي أدلى بها. وأغتاظ القاضي Delfedius لنقص الأدلة التي تثبت التهمة عليه فصاح قائلاً: "أي قيصر عظيم! هل يمكن أن يدان إنسان إذا كان مجرد إنكاره التهمة يكفي لبراءته؟" فكان جواب يوليان. "وهلا يمكن أن يبرأ إنسان إذا كان كل ما في الأمر أنه اتهم؟" "وكان هذا" كما يقول أمنيانوس شاهداً من الشواهد الكثيرة، الدالة على فلسفته والحكمه الدنيوية التى ظل يدرسها طيله حياته ".

غير أن إصلاحاته قد خلقت له أعداء. فالموظفون الذين كانوا يخشون بحثه وتنقيبه، أو يحسدونه لحب الناس له، أخذوا يتهمونه سراً لدى قنسطنطيوس بأنه يعمل للاستيلاء على عرش الإمبراطورية. فلما علم بذلك يوليان رد عليهم بأن كتب يمتدح الإمبراطور مدحاً فيه كثير من المبالغة. ولكن ذلك لم يبدد شكوك قنسطنطيوس، فاستدعى إليه سالست Sallust الذي كان من أخلص أعوان يوليان. وإذا جاز لنا أن نصدق أميانوس فإن الإمبراطورة يوزيبيا، التي لم يكن لها ولد، والتي كانت الغيرة من يوليان وزوجته تأكل قلبها، قد رشت بعض حاشية زوجة يوليان بأن يعطوها عقاراً مجهضاً كلما حملت. ولما أن وضعت هلينا. على الرغم من هذا، طفلاً ذكراً، قطعت القابلة حبل سرته قريباً من جسمه إلى حد نزف من الدم حتى مات.

جنود يوليان ينادون به إمبراطوراً

وبينا كانت هذه المتاعب كلها تحيط بيوليان تلقى في عام 360 أمراً من قنسطنطيوس بأن يبعث بخير عناصر جيوشه في غالة لينضموا إلى الجيش الذي يحارب فارس ، وكان لعمل قنسطنطيوس هذا ما يبرره. فقد طالب شابور الثاني 0الإمبراطور الفارسى ) أن ترد إليه بلاد النهرين وأرمينية (358)، فلما رفض قنسطنطيوس هذا الطلب حاصر شابور أميدا Amida (ديار بكر الحالية في ولاية كردستان التركية). ونزل قنسطنطيوس الميدان وأمر يوليان أن يمد جيوش الإمبراطورية بثلثمائة رجل من كل فيلق من الفيالق الغالية لتشترك في هذه الحرب الأسيوية. ورد يوليان على هذا الطلب بأن هؤلاء الجنود قد تطوعوا في تلك الفيالق على ألا يدعوا إلى الخدمة وراء حدود جبال الألب؛ وحذر الإمبراطور من عاقبة هذا العمل قائلاً أن غالة لن تأمن على نفسها إذا ما تعرض جيشها لهذا النقص الكبير، (وقد حدثت أن عجز الألمان في غزو غالة بعد ست سنين من ذلك الوقت) ولكنه مع ذلك أمر جنوده أن يطيعوا رسل الإمبراطور، غير أن الجنود عصوا هذا الأمر، وأحاطوا بقصر يوليان، ونادوا به أغسطساً Augustus أي إمبراطوراً، ورجوه أن يستبقيهم في غالة، فنصحهم مرة أخرى بإطاعة أمر الإمبراطور، ولكنهم أصروا على الرفض، وأحس يوليان، كما أحس قيصر آخر من قبله، أن الأقدار قد قررت مصيره، فقبل اللقب الإمبراطوري، واستعد للقتال لإنقاذ الإمبراطورية وإنقاذ حياته، وأقسم الجيش الذي أبى قبل أن يغادر غالة أن يزحف على القسطنطينية ويجلس يوليان على العرش.

وكان قنسطنطيوس في كليكية حين بلغته أنباء الفتنة، وظل عاماً آخر يقاتل الفرس، معرضاً عرشه للضياع في سبيل الدفاع عن بلاده. ثم عقد هدنة مع شابور وزحف بفيالقه غرباً لملاقاة ابن عمه. وتقدم يوليان نحوه ومعه قوة صغيرة في صيف 361 إلى الشرق ، ثم وقف بعض الوقت عند سرميوم Sirmium (بالقرب من بلغراد الحالية)، وفيها أعلن إلى العالم اعتناقه الوثنية، وكتب إلى مكسموس رسالة حماسية قال فيها: إننا الآن نجهر بعبادة الأرباب، وكذلك يخلص في عبادتها جميع الجنود الذين اتبعوني. وقد ساعده الحظ فأنجاه من مأزق حرج: ذلك أن قنسطنطيوس توفي في نوفمبر من عام 361 على أثر حمى أصيب بها في طرسوس، وكانت وفاته في الخامسة والأربعين من عمره. وبعد شهر من وفاته دخل يوليان القسطنطينية ودخلها في الحادي عشر من كانون الأول 361 م وجلس على العرش دون ان يلقى مقاومة، وأشرف على جنازة ابن عمه قنسطنطيوس بجميع مظاهر الحب.

ومنح يوليانوس الشعب حرية المعتقد فانطلق الوثنيون فرحين مهللين. وراحوا يعترفون له بهذا الفضل ويخلدون ذكرى هذا الإنطلاق. ولا تزال بعض نقوشهم الكتابية موجودة تنطق بالجميل حتى هذا اليوم في عنز إلى الجنوب من صلخد حوران وفي جنينة وجرش وفي بيروت.


ثورة أنطاكية
في أنطاكية: ودبَّ النشاط في صفوف قبائل القوط في قطاع الدانوب وحسب يوليانوس لذلك حسابه. ولكنه آثر العمل في الشرق لأنه اعتبر نفسه الاسكندر في دور ثانٍ. فقام إلى أنطاكية قاعدة الشرق الحربية في حزيران سنة 362. وفي أثناء مروره في طرسوس أمر بإعادة أعمدة كانت قد انتزعت من هيكل وثني لتشييد كنيسة منذ أكثر من ثلاثين سنة. ووصل أنطاكية في التاسع عشر من تموز يوم انتحاب العذارى على مقتل اذوناي عشيق عشتروت. وكان ليبانيوس الفيلسوف الأديب في أنطاكية ليعلم فيه إخوته الأنطاكيين، فاستقبل الأمبراطور الجاحد. ولكن أنطاكية كانت قد أصبحت مسيحية فهال يوليانوس إعرض أهلها عن "الدين القويم-الوثني" وقلة اكتراثهم بهياكل "دفنة" المقدسة. فقال في إحدى رسائله إلى الأنطاكيين ما معناه. "هوذا الشهر العاشر شهر لوس الذي تبتهجون فيه بعيد أبولون الإله الشمس. وكانت من واجبكم أن تزوروا دفنة. وكنت أنا أتصور موكبكم لهذه المناسبة شباناً بيضاً أطهاراً يحملون الخمور والزيوت والبخور ويقدمون الذبائح. ولكني دخلت المقام فلم أجد شيئاًَ من هذا. وظننت أني لا أزال خارج المقام فإذا بالكاهن بنبئني أن المدينة لم تقدم قرباناً هذه المرة إلا وزة واحدة جاء بها هو من بيته".
وأكرم يوليانوس ليبانيوس الفيلسوف الوثني ورقى عدداً من الوجهاء إلى رتبة المشيخة فجعلهم أعضاء سناتوس أنطاكية. ووهب للمدينة مساحات كبيرة من أراضي الدولة. ولكن الأنطاكيين المسيحيين قابلوه بالهزء ووجدوا في النقيضين لحيته الطويلة وقامته القصيرة مجالاً واسعاً للعبث والسخرية. وعبثاً حاول ليبانيوس أن يوفق بين الأمبراطور وبين رعاياه الأنطاكيين. ثم اشتد الخلاف وتفاقم الشر حين أخرج الأمبراطور بقايا شهيد أنطاكية القديس بابيلاس من قبره. فغضب المسيحيون لكرامتهم وأحرقوا في الثاني والعشرين من تشرين الأول هيكل أبولون. فأقفل الأمبراطور كنيسة أنطاكية الكتدرائية وأمر بنهبها وتدنيسها. فكسَّر المسيحيون تماثيل الآلهة. واحتج افظويوس أسقف أنطاكية فلم يلقَ إلا الذل والهوان.
وتمادى يوليانوس في ضلاله وأطلق لنفسه العنان فنزع عن ميومة مرفأ غزة رتبتها المدينية لأنها مسيحية وجعلها ضاحية من ضواحي غزة الوثنية. وأعمل السيف في رقاب الكهنة والعذارى في غزة وعسقلان ورمى بأجسادهم إلى الخنازير لتدوسها. وفي بانياس أنزل تمثالاً للسيد المخلص عن قاعدته وحطمه تحطيماً وأقام محله تمثالاً لنفسه. وأحرق القومس مغنوس كنيسة بيروت. وأشعل اليهود النيران في كنيستين من كنائس دمشق. ولقي شماس بعلبك حتفه لأنه اجترأ في عهد قسطنطين فأقدم على قلب الأصنام. وأُحرقت قبور المسيحيين في حمص وحُوّلت كنيستها إلى هيكل لباخوس. وفي حماه أُقيم تمثال لباخوس على مذبح الكنيسة.
وجمع يوليانوس الإمبراطور كثيراً من أموال المسيحيين بدعوى إعا حملة ضد الفرس ، وإمعاناً فى إذلال المسيحيين فى أنطاكية أصدر قانوناً أثناء وجوده فى أنطاكية بتخفيض أسعار المعيشة لكى يستطيع ان يمون جيشة قبل الرحيل بأرخص الأسعار والتكاليف فأدى إلى كساد إقتصادى للبلاد وترك كثير من التجار تجارتهم ، لأنهم فقدوا القوة الشرائية للممولين ، وأدى وجود الجيش وإبتلاعه البضائع والأغذية مرة واحدة وبكثافة شديدة أصبحت جميع الإسواق خالية من البضائع وأفلس التجار وفقدوا مورد رزقهم وإرتفعت البطالة فى البلاد .

فقام ألنطاكيون بمظاهرات صاخبة لأنه شعب لا يحتمل الإثارة ، وليسخروا مما فعله الإمبراطور صنعوا صوراً لذقن الإمبراطور ( وكانت طويلة جداً على حسب ما وصف ) وأخذوا يصرخون بضرورة جزها لعمل حبال المدينة ، لأن الحبال أخذها الجيش ، والحبال تمثل رمز لسلعة واحدة من عشرات من السلع الأخرى . 

محاولة بناء هيكل سليمان  
وأراد الإمبراطور يوليان الجاحد أن يظهر أمام الشعب أن ذبائح للآلعة ليست أمراً غريباً ، فاليهود كانوا يقدمون ثيراناً ذبيحة لإههم الذى هو نفس إله المسيحيين  وعلم يوليانوس أن يسوع تنبأ بأن لا يبقى من الهيكل في أورشليم حجر على حجر. فلكي يكذب الكتب اهتم لإعادة بناء الهيكل. فارسل لليهود وطلب منهم ضرورة بناء هيكل سليمان القديم مرة أخرى وتقديم الذبائح عليه ، وحينما سمع اليهود ذلك فأسرعوا بكل قوة وغيرة وحماس لتنفيذ أمر الإمبراطور الذى يوافق مشيئتهم ، وانهم لن يتكلفوا شيئاً بالأمر الإمبراطورى تضمن أن : جميع مصاريف إعادة بناء الهيكل ستكون على حساب الخزينة العامة للدولة ، فأرسل إلى أورشليم أحد أمنائه اليبيوس ليشرف على العمل. وتقاطر اليهود واجتمع عدد كبير منهم في مكان الهيكل. فجرفوا المكان وحفروا الأرض كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً. وهكذا أستطاع اليهود بمعونة الدولة فى تجهيز كل أدوات البناء والحجار والأخشاب وغيرها . ولما انتهوا من هدم الأساسات القديمة وأوشكوا أن يضعوا الأساسات الجديدة حدثت زلزلة هدمت الأبنية المجاورة وما كان قد بقى من الأسوار العالية سواء للمدينة أو للهيكل ، وقتلت بعض الفعلة وملأت الحفر تراباً ، وإرتعب اليهود حول الركام المتهدم وإذا بنار تخرج وتحرق كل الأدوات والأخشاب التى أعدت للبناء وظلت النيران مشتعلة فيها يوماً كاملاً .

واشاع اليهود أن ما حدث نتيجة لوجود مقابر للمسيحيين بجوار مقابر الهيكل ملاصقة لجدرانه ، فأشاروا على مندوبى الإمبراطور بإزالة المقابر وحرق الجثث ، ولعلم المسيحيين بأهمية تراث الاباء تحايلوا على أمر حرق الجثث وأعطوا لرجال افمبراطور أموالاً وحملوا اجساد القديسين وكان منها ، إليشع النبى ويوحنا المعمدان ، وكانا فى قبر واحد وحملوها للأسكندرية وقموها لأثناسيوس (5) وليس صحيحاً بالمرة ما يدعيه البعض أن الأجساد لحقتها آثار الحريق . 

وكان الإمبراطور قد صك نقوداً تحمل صورة ثور بقر ( عجل أبيس رمز الإله الذى نادى بعبادته الإمبراطور ، فأخذوا يتشائمون ويصرخون على هذا الرسم وقالوا أن الثيران سوف تختفى من العالم ، لأن الجيش لم يبقى على ثور واحد ، بالإضافة إلى الذبائح الكثيرة التى قدمها الإمبراطور على مذبح الإله ابيس .
 

موت يوليانوس وقولته الشهيرة " لقد غلبتنى أيها الجليلى " 
ونهض يوليانوس في ربيع 363 إلى الفرات وزحف إلى بابل وانتصر على ذي الأكتاف شابور الفرس عند سلوقية فاستأنف الزحف على طيسفون ، وإجتاح جزءاً كبيراً منهاوإستولى على مدن كثيرة ، ولما طلب إمبراطور الفرس الهدنة والتسليم والصلح رفض لأن قواده ومشيريةأوهموه أن روح الإسكندر الكبر قد حلت عليه والآلهة تؤازره مما دفعه للكبرياء والصلف ورفض الصلح ، وكان يركب حصانه بدون درع معتقداً فى حماية آلهته الوثنية وأصابه سهم فى ذراعه وأصاب جنبه عقبه نزيف فتوفي وقيل أن فارساً مسيحياً من فرسانه رماه بهذا السهم للقضاء عليه ،  وهو يحدث أصدقاءه عن صفات النفس السامية فى 26 يونية سنة 363م ، ومما سجله المؤرخون أن يوليانوس قبل أن يموت مباشرة أخذ حفنه من دمائه وقذفها ناحية السماء قائلاً " لقد غلبتنى أيها الجليلى "

وتشاور رؤساء الجند في من يكون خلفاً ليوليانوس فأجمعوا على يوفيانوس. وكان هذا رئيس الخدم في القصر. مسيحياً نيقاوياً أرثوذكسياً فوقع صلحاً مع الفرس وعاد إلى أنطاكية في خريف 363 م.

 

تمرد بروسوبيوس

تعليق من الموقع : لم يلاحظ أو يعلق أحد من المؤرخين نهاية عائلة قسطنطين الأمبراطور فى الحكم ، فقد بدأ قسطنطين فى حكم الإمبراطورية الرومانية بأن أعلن أن المسيحية هى دين رسمى تعترف به الإمبراطورية وشجع الشعوب على إعتناق المسيحية ووهب أموالاً وعطايا للأساقفة حتى بتنا نرى مئات الأساقفة الذين ورثوا الإثنى عشر تلميذاً والسبعين رسولاً يتبعهم الملايين من ولايات الإمبراطورية الرومانية ، وظل حكم الإمبراطورية الرومانية حتى يوليانوس الذى أعتنق الوثنية وراح يبخر للأوثان وإضطهد المسيحيين وقتل فى حربه مع الفرس ، والواضح امامنا أن هذه العائلة بدأن حكمها بالمسيحية وذهب منهم الحكم حينما إعتنق أحدهم الوثنية .

ولم يتبقى من عائلة قسطنطين غير أبن عم أسمه Procopius بروسوبيوس تمرد على إمبراطور الشرق فالنس Flavius Valens وأعلن أنه قريب لقسطنطين وبدأ يظهر مع إبنه أرملة الإمبراطور قسطنطيوس ويستخدمها كسلم يوصلة لحكم الإمبراطورية ولكن بعد حروب قطعت رأسه وارسلت لمبراطور الغرب فالنتنين 2     

***************************************

المــــــــــــــــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة - الطبعة الثانية 2002 م  ص 330

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3) لمزيد من المعلومات راجع هذا الموقع  http://web.orthodoxonline.org/history/04-09/joulianous.htm

(4) Socrates Ecc> Hist. II, 20.

(5) التاريخ النقيوسى ص 437 ؛ تاريخ البطاركة لأبن المقفع ولاروس القرن العشرين الجزء الرابع ص 209

(6) راجع هذا الموقع لمزيد من المعلومات   http://www.edu-prog.com/folder5/index.htm

 

This site was last updated 05/27/08