الشيخ سيد إمام

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

تاريخ حياة سيد إمام وعصابة الجهاد الإسلامية وإغتيال السادات

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك -

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
تاريخ الشيخ سيد إمام
جماعة السماوى
د/ حبيب وتنظيم الجهاد
الشيخ أحمد يوسف حمدالله
المتهم رقم12
زوجة طبيب «بن لادن

Hit Counter

 

جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧ عدد ١٢٥٣ م عن مقالة بعنوان [ رحلة طويلة للدكتور فضل من بني سويف إلي بيشاور والسودان واليمن.. والنهاية في «طرة»] كتب أحمد الخطيب
كانت المرة الأولي التي يذكر فيها اسم الشيخ سيد إمام متهماً في قضية الجهاد الكبري، التي تلت عملية اغتيال الرئيس السادات عام ١٩٨١ والمعروفة بالقضية رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٨١ حصر أمن دولة عليا، التي ضمت ٣٠٢ متهم من بينهم الدكتور أيمن الظواهري، حمل فيها إمام رقم ١٩٠ في قرار الاتهام، وصدر الحكم عليه غيابياً بالبراءة، لأنه كان قد غادر مصر عام ١٩٨١ قبيل وقوع عملية اغتيال السادات، وحسب كل الروايات حول نشأة تنظيم الجهاد، فإن سيد إمام كان أحد مؤسسي «مجموعة المعادي» وهي النواة الأولي لـ«تنظيم الجهاد» والتي تكونت علي يد أيمن الظواهري وباقي مجموعة الثلاثة عشر.
وكان «إمام» علي رأسهم بجانب الظواهري وعصام القمري ومحمد الظواهري ونبيل البرعي ومحمد عبدالرحيم الشرقاوي وأمين الدميري وعصام هنداوي وخالد عبدالسميع وخالد مدحت الفقي ومصطفي كامل مصطفي وعبدالهادي التونسي، وإن كان الظواهري في حوار معه، نشره المكتب الإعلامي لتنظيم الجهاد عام ١٩٩٣ ذكر أن يحيي هاشم، ر:ئيس النيابة العامة، الذي قتل في إحدي العمليات الخاصة بمجموعة الفنية العسكرية فيما بعد، كان معهم من بين المؤسسين للمجموعة.
واسم «إمام» بالكامل حسبما ورد في القضية رقم ٨ لسنة ١٩٩٨ جنايات عسكرية المعروفة إعلامياً بـ«العائدون من ألبانيا» هو «سيد إمام عبدالعزيز الشريف» وله أكثر من اسم حركي وكنية، منها «الدكتور فضل» و«الدكتور سيد إمام» و«عبدالقادر بن عبدالعزيز»، والأخير هو الاسم المعروف به في أوساط الحركات الجهادية، وكما يقول الدكتور كمال حبيب «أحد القيادات التاريخية السابقة لتنظيم الجهاد»: «يحظي الدكتور إمام بقبول واحترام كبيرين في أوساط الحركات الجهادية، التي تري أن مكانته العلمية لا تُضارع، خاصة أنه منقطع لتحصيل العلوم الشرعية ويمثل بالنسبة لتلك الأوساط مرجعية علمية كبيرة».
ولد سيد إمام عبدالعزيز إمام الشريف، في أغسطس عام ١٩٥٠ في مدينة بني سويف شمال الصعيد، وطلب العلم وحفظ القرآن الكريم في أحد الكتاتيب بالمدينة منذ صغره، وبدأ في التأليف في مطلع شبابه وحصل علي الثانوية العامة، ثم التحق بكلية الطب بجامعة القاهرة، متخصصاً في الجراحة العامة، وتخرج عام ١٩٧٤ بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي، وعمل نائباً بقسم الجراحة بكلية طب قصر العيني، ويقول منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية: إن أبرز صفات «إمام» أنه كان انطوائياً ولا يجيد التفاعل الاجتماعي سوي في الواجبات فقط، ويميل إلي الانكفاء علي تحصيل العلوم الشرعية بشكل واسع، وهو ما يفسر عدم معرفة الأوساط الجهادية وأعضاء تنظيم الجهاد به، علي الرغم من كونه الأمير الحقيقي للتنظيم.
وتقول أوراق قضية «العائدون من ألبانيا» التي كان ترتيبه في قرار الاتهام الخاص بها والذي قدمته النيابة العسكرية للمحكمة رقم «٢»: «إنه تولي إمارة التنظيم قبل عام ١٩٩٣ وشارك في أعمال اللجنة الشرعية لتنظيم الجهاد وهو في الخارج»، ورغم أنه حصل علي حكم بالسجن المؤبد في هذه القضية، إلا أن الدكتور كمال حبيب يقول عنه في «دليل الحركات الإسلامية في العالم.. تحرير ضياء رشوان مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ٢٠٠٦»: «إن ما ذكر عن إمام قليل جداً في أوراق القضية، بشكل لا يتناسب مع تأثيره وموقعه، لو قورن بغيره من القيادات التي تضمنتها أوراق القضية».
ويرجع ذلك لاعتماد سيد إمام منهج السرية بشكل كبير في كل أدواره وتحركاته سواء علي المستوي الشخصي أو التنظيمي، لدرجة أنه كان أميراً لتنظيم الجهاد كله قبل عام ١٩٩٣ ولم يكن أغلب أعضاء التنظيم يعرفون ذلك.
وعندما قالت النيابة عنه في قضية الجهاد الكبري التي اتهم إمام فيها إنه كان يقوم بكتابة الأبحاث لتحديد فكر الجماعة، خاصة الموقف من بعض التيارات الفكرية الإسلامية في الساحة كان إمام قد غادر مصر إلي المملكة العربية السعودية عام ١٩٨١ قبيل عملية اغتيال السادات مباشرة، وعمل طبيباً جراحاً حسب قول منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية لـ«المصري اليوم» حتي وصل إليه صديقه القديم الدكتور أيمن الظواهري عام ١٩٨٦، الذي التحق بمستوصف ابن النفيس بوسط جدة، ويختلف الشيخ أسامة صديق أيوب، مسؤول اللجنة الشرعية بتنظيم الجهاد في بيشاور، والذي يعيش الآن في ألمانيا لاجئاً سياسياً، مع الزيات في عمل «إمام» بجدة، حيث يقول أيوب في اتصال هاتفي مع «المصري اليوم» من ألمانيا: «رافقت الدكتور فضل طويلاً وهو لم يعمل في مجال الطب بالسعودية، لأنه كان قد غادر مصر متخفياً وبدون شهادته الجامعية التي تؤكد حصوله علي بكالوريوس الطب»، ويضيف أيوب: «ما أعلمه أن الدكتور فضل عمل في إحدي شركات البترول إلي أن سافر إلي باكستان».
ويقول الزيات: إن إمام والظواهري غادرا السعودية سوياً إلي مدينة بيشاور علي الحدود الباكستانية الأفغانية للجهاد عام ١٩٨٦.
ويقول كمال حبيب: «لم يغادر سيد إمام باكستان التي سافر إليها لتكوين تنظيم الجهاد بل ظل موجوداً بها ولحق به هناك بدءاً من النصف الثاني للثمانينيات عدد من قيادات الجهاد الذين قضوا أحكام السجن عليهم في مصر وغادروها بعد ذلك، ومنهم عبدالعزيز الجمل وأحمد سلامة مبروك ومحمد عبدالرحيم الشرقاوي».
وعن قصة كيفية تولي «إمام» إمارة التنظيم يقول الدكتور هاني السباعي في روايته لقصة تنظيم الجهاد لصحيفة «الحياة» اللندنية: «اجتمع الظواهري وقيادات الجهاد لاختيار أمير لتنظيم الجهاد، وتم اختيار الدكتور سيد إمام،. وأطلقوا عليه لقب (عبدالقادر بن عبدالعزيز)، وقد يكون السبب أنهم لم يريدوا أن تعرف الناس الأمير الحقيقي، مثلما كان يحصل في الدولة العباسية، عندما كانت الناس تبايع الشخص علي أساس أنه من أهل البيت (آل الرضا) ولا تعرف من هو».
ويضيف: «كان الأمير نفسه سيد إمام يحب أن يكون العمل سرياً، لكن المشهور آنذاك كان الدكتور أيمن الظواهري، وكانت الناس تذهب إليه لمبايعته علي أساس أنه الأمير، وذهب كثيرون لمبايعته ولم يعرفوا أنه ليس الأمير، كانوا يظنون أن الظواهري هو الأمير لأن اسمه كان معروفاً من خلال المحاكمات هو والضابط أحمد القريفاني آنذاك، لأنهما كانا يجيدان اللغة الإنجليزية ويتكلمان إلي وسائل الإعلام لشرح قضية الجهاد، فجعل ذلك منهما مشهورين، إضافة إلي ذلك كان الجيل القديم يعرف الظواهري وليس الدكتور سيد إمام، لأنه كان قد رحل قبل اغتيال السادات، وعرفت السلطات الأمنية في مصر بعد اعتقال بعض الناس بأن هناك أميراً جديداً للجماعة في تحقيقات قضية طلائع الفتح، ولم يكن معروفاً من هو الأمير من قبل وباستثناء قلة، فإن الأكثرية لم تكن تعرف الاسم الحقيقي للأمير».
ويكمل الدكتور كمال حبيب: «ظل الدكتور سيد إمام يقود تنظيم الجهاد من باكستان وأفغانستان ويوجه أعضاءه من هناك، وفي عام ١٩٩٣ حدثت هزة كبيرة في التنظيم بسبب انكشاف جناح طلائع الفتح العسكري الخاص بتنظيم الجهاد، وقيام السلطات المصرية بإلقاء القبض علي نحو ألف شخص من أعضائه، أدي ذلك إلي أزمة كبيرة داخل الجماعة وقاد بعض قياداتها تياراً قوياً يدعو إلي محاسبة قيادة الجماعة عما حدث،
وبخاصة أيمن الظواهري الذي كان معروفاً للعامة أنه الأمير، واحتدم الخلاف الداخلي بين أعضاء الجماعة وقياداتها في السودان، حيث ذهب إليه معظمهم في ذلك الوقت، فطالب التيار الداعي لمحاسبة المسؤولين داخل الجماعة بحضور أميره الحقيقي الدكتور «سيد إمام» من باكستان التي ظل مقيماً بها ولم يغادرها معهم إلي السودان، ولم يستجب «إمام» فطالب التيار المتمرد باستقالته من إمارة الجماعة واختيار أمير جديد لها، أكثر قدرة علي إدارة شؤون التنظيم من الدكتور إمام الذي كان مهتماً بالعلوم الشرعية وأبحاثه، وترك شؤون الإمارة للظواهري، ومع استفحال الخلاف داخل الجماعة قرر الدكتور «إمام» تقديم استقالته من إمارة الجماعة ومن تنظيم الجهاد كله، وأبلغ بذلك قيادات التنظيم وأعضاءه في السودان، وهو الأمر الذي انتهي بعد ذلك باختيار الظواهري أميراً، بعد أن ظل التنظيم فترة دون أمير».
ولإمام أربعة أولاد وبنت من زوجته الأولي، وهي فلسطينية ويعيش الأبناء في اليمن، ثم تزوج من سيدة يمنية في مدينة «آب» كما يقول منتصر الزيات لـ«المصري اليوم»، وأنجب منها بنتاً.
ويضيف: «غادر إمام باكستان عام ١٩٩٣ متوجهاً إلي السودان ثم إلي اليمن وعمل بمستشفي (الثورة العام) بمدينة (آب) جنوب العاصمة صنعاء متطوعاً -دون أجر- ثم عمل في مستشفي (دار الشفا) الخاص».
وعن مهنة الطب يقول الشيخ أسامة أيوب لـ«المصري اليوم» إن إمام جراح ماهر عمل في أشهر مركز طبي في بيشاور، عندما ذهب إلي باكستان، وبدأ عمله كطبيب جراح إلي أن تولي رئاسة المركز ثم تفرغ لعمل الجراحات الصعبة النادرة، وذلك من شدة مهارته الجراحية، وتولي بعده رئاسة المركز طبيب مصري يدعي الدكتور عمر.
ورغم أن إمام لم يسافر قط إلي ألبانيا، إلا أن المحكمة في قضية «العائدون من ألبانيا» حكمت عليه في أبريل عام ١٩٩٩ - كما يقول الزيات- بالسجن المؤبد غيابياً بعد أن ذكر المتهمون اسمه صراحة كأمير لتنظيم الجهاد.
وكتب سيد إمام مؤلفات عديدة لكن أهمها «العمدة في إعداد العدة» وأشملها وأجمعها هو «الجامع في طلب العلم الشريف» الذي يعتبره جميع خبراء الحركات الإسلامية في العالم والمراقبين أنه بالكتابين أسس لفقه القتال، الذي يسير عليه تنظيم القاعدة في تحالفه مع تنظيم الجهاد.
ويقول كمال حبيب: إن «كتاب الجامع» موسوعة ضخمة تزيد علي الألف صفحة في مجلدين كبيرين وشمل قضايا علمية وعملية مثلت موضوعاً للنقاش والاهتمام والجدل داخل الحركات الإسلامية في العالم منذ سقوط الخلافة الإسلامية عام ١٩٢٤، ويمكن القول إن كتاب «الجامع» هو خطاب للخاصة وفقه خاص وليس فقهاً أو خطاباً لعامة المسلمين أو جمهورهم.
وتجدر الإشارة إلي أن الظواهري طبع كتاب «الجامع» وقام بحذف أجزاء منه وغير اسمه إلي «الهدي في سبيل الرشاد» وذلك بعد رحيل إمام إلي اليمن وتركه التنظيم، وهو ما استفز إمام بشدة حيث قام بطبع «الجامع» طبعة ثانية، وكتب في المقدمة انتقاداً شديداً لتنظيم الجهاد، وعندها كان الفراق الحقيقي بين إمام من جهة، والجهاد والظواهري من جهة أخري.
وربما لا يعرف الكثيرون أن الظواهري هاجم سيد إمام الشهر الماضي عندما أصدر إمام بيانه الأول من داخل السجن وأعلن فيه عن «وثيقة ترشيد العمليات الجهادية» لأول مرة، فقد قال الظواهري في شريط لمدة ٥٠ دقيقة، أذاعته قناة «الجزيرة» بالنص: «إن هناك من يتراجعون من داخل السجن ويقولون إن ابن تيمية أنتج كتبه، وابن حنبل، من داخل السجن وعليه فلا شيء في هذا ونحن نقول لهم إن ابن تيمية وابن حنبل لم يتراجعا عما كتباه داخل سجنهما».
وفي إشارة إلي سيد إمام، يقول منتصر الزيات لـ«المصري اليوم»: الظواهري يحترم «إمام» ولكن من الممكن أن ينتقده وهو لايريد أن يذكره بالاسم، ولكن ما قاله كان واضحاً أنه يقصد سيد إمام، وفي المقابل سيكون «إمام» سبباً في انقسام كبير لدي القاعدة، لم تسبقه إليه أي انقسامات، وعاش إمام في اليمن إلي أن ألقت السلطات اليمنية القبض عليه في ٢٨/١٠/٢٠٠١ بعد أحداث سبتمبر، ومكث في سجن الأمن السياسي بصنعاء لمدة عامين وخمسة أشهر، وتم تسليمه إلي الأجهزة الأمنية في مصر يوم ٢٨/٢/٢٠٠٤،
وقد انتهي الآن من قضاء نحو ثماني سنوات من حكم السجن المؤبد داخل سجن طرة في قضية «العائدون من ألبانيا» عام ١٩٩٩، ولا ندري هل سيشمله عفو بثلاثة أرباع المدة أم يقضي المدة الكاملة، حيث من المعروف أن عدد سنوات السجن المؤبد هي ٢٥ عاماً، ويعيش «إمام» الآن مع عبود الزمر داخل السجن الذي كان قد التقاه -كما ذكرت أوراق قضية الجهاد الكبري- قبل ٢٦ عاماً في شقة الزمر التي كان هارباً فيها بمنطقة الهرم، وكان بصحبته أيمن الظواهري والرائد عصام القمري،
وتقول الأوراق إن إمام تحفظ علي أسلوب الإعداد لـ«الثورة الشعبية» والذي كان ينادي به عبود الزمر، ولذلك كان واضحاً لدي المراقبين لحركة تنظيم الجهاد أن فكر إمام يقوم علي الإعداد العسكري الجيد، وعدم تعجل المواجهة غير الناضجة مع النظام، لذا رفض الرضوخ لحماس التيار القائل بضرورة تنفيذ عمليات في مصر ضد السلطة السياسية،
وفي ذلك يقول منتصر الزيات لـ«المصري اليوم»: لقد كان أكثر شيء ترك أثراً في نفس الدكتور سيد إمام هو وفاة الطفلة «شيماء» أثناء محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق عام ١٩٩٣، ويضيف الزيات: «حزن إمام حزناً شديداً وأعلن رفضه للعمليات العسكرية في مصر وهو الأمر الذي يفسر لنا الآن تراجع الرجل عن كثير من الأفكار فكانت «وثيقة ترشيد العمليات الجهادية».

***************************

جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧ عدد ١٢٥٣ م عن مقالة بعنوان [ضياء رشوان يكتب: سيد إمام.. معالم في الطريق إلي الجهاد ] قبل نحو عشرين عاماً، وبالتحديد في عام ١٩٨٨، وقبل انتهاء الغزو السوفيتي لأفغانستان بعام واحد، نشر الدكتور سيد إمام الشريف كتابه الأول «العمدة في إعداد العدة»، الذي جاء في أكثر من ٤٥٠ صفحة، لكي يكون ـ كما قال هو في مقدمته ـ بمثابة إجابة عن السؤال التالي: كيف يتأتي لنا القيام بواجب الجهاد ونحن في هذه الحال من الضعف والتفرق وقِلّة الحيلة؟.
وقد كانت إجابة أمير جماعة الجهاد حينئذ ومفكرها الشرعي ـ حسب المقدمة نفسها ـ هي «أن القيام بواجب الجهاد يتأتي بالإعداد، ذلك الإعداد الذي جعله الله تعالي فرقانا بين المؤمن والمنافق»، وهو ما يستلزم أولاً ـ حسب قوله ـ «تكوين جماعة من المؤمنين بوجوب الجهاد، يدعون غيرهم للقيام بهذا الواجب ويعِدُّون للأمر عُدَّته علي خير وجهٍ مستطاع».
أما الإعداد لهذا الجهاد فهو نوعان: مادي وإيماني، وهما معاً موضوع أبواب الكتاب الخمسة، الذي بدا واضحاً أنه كان نتاجاً طبيعياً للظروف الموضوعية التي أحاطت بمؤلفه في ذلك الوقت مختلطة بأوضاعه الشخصية. فالحرب التي يخوضها «المجاهدون» من مختلف جنسيات العالم ضد القوات السوفيتية الغازية أفغانستان، كانت علي أشدها، وهم في أمسّ الحاجة إلي مثل هذا الكتاب - الدليل الفكري والعملي، والمؤلف يتولي إمارة جماعة الجهاد منذ نحو عامين قبلها ـ بفكرها الجهادي المتشدد، وأسلوبها الحركي العنيف، اللذين اتسمت بهما منذ تأسيسها ـ والتي تمثل بالنسبة له «جماعة المؤمنين» بوجوب الجهاد وخوضه والدعوة إليه، والتي لا يقوم الجهاد الحقيقي بدونها حسب رأيه.
وفي عام ١٩٩٣ صدر للمؤلف كتابه الثاني «الجامع في طلب العلم الشريف»، الأكثر عمقاً والأكبر حجماً، إذ تزيد صفحاته علي ١١٠٠ صفحة، والذي رأي أنه يأتي لكي يلبي الحاجة الشديدة لدي المسلمين لمعرفة «العلم الشرعي الذي يعتمد عليه تجديد دين الأمة وبعثها من غفلتها وتخلفها، إذ لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».
وحسب هذا المنهج السلفي الذي حدده المؤلف منذ السطور الأولي، يعرض الشيخ «عبد القادر بن عبد العزيز» في هذا الكتاب الموسوعي، عبر أبوابه السبعة، رؤيته لكثير من الموضوعات التي وصفها بأنها «تشغل بال المسلمين في هذا الزمان»، مثل «موضوع التكفير وضوابطه، وموضوع حكم الديمقراطية وأساليبها، وموضوع حكم الحكام الحاكمين بغير ما أنزل الله وحكم أعوانهم وأنصارهم، وموضوع أحكام الديار وحكم عوام الناس بها»، وغيرها.
ويبدو واضحاً من مضمون الكتاب، المدي البعيد، الذي ذهب إليه المؤلف في تشدده وغلو أحكامه فيما يخص هذه الموضوعات وغيرها، مما يصح معه القول بأنه شكّل بالفعل القاعدة النظرية العقدية والفقهية للتيار الجهادي فكراً وحركة، ليس في مصر وحدها، بل علي مستوي العالم.
وجاء هذا الكتاب كسابقه نتاجاً للظروف الموضوعية التي أحاطت بمؤلفه في ذلك الوقت مختلطة بأوضاعه الشخصية، فقد انتهت حرب «المجاهدين» في أفغانستان بهزيمة السوفيت وانسحابهم، وبدا الوقت ملائماً للبحث عن قاعدة نظرية متكاملة يقوم عليها عملهم «الجهادي» خلال المرحلة المقبلة بعيداًً عن تفاصيل الحرب ومتطلباتها.
كما أن المؤلف كان قد غادر جماعة الجهاد أميراً وعضواً بعد أن اتهمه «إخوته» بالفشل في قيادتها بعد توالي إخفاقاتهم في مصر وإلقاء القبض علي المئات منهم، ليحل محله في إمارتها رفيق بدايته الجهادية أيمن الظواهري، وليصبح هو متحرراً من قيد الجماعة متفرغاً لإنهاء كتابه النظري الموسوعي.
وفي عام ٢٠٠٧ يصدر الدكتور سيد إمام الشريف وثيقته الأخيرة الحالية: «ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم» في نحو ١١٠ صفحات، لكي يراجع فيها ويصحح كثيراً من الأحكام التي وردت في كتابيه السابقين بخصوص الجهاد و«كثيرًا من المخالفات الشرعية" التي شابته أثناء ممارسة بعض الجماعات الإسلامية له في سياق لجوئها إلي «الصدام مع السلطات الحاكمة في بلادها أو مع الدول العظمي ورعاياها باسم الجهاد في سبيل الله تعالي من أجل رفعة شأن الإسلام» ـ كما يقول في مقدمة الوثيقة.
وبعد أن يعدد المؤلف أخطر تلك المخالفات مثل: القتل علي الجنسية، وبسبب لون البشرة أو الشعر، وعلي المذهب، وقتل من لا يجوز قتله من المسلمين وغير المسلمين، واستحلال أموال المعصومين وتخريب الممتلكات، ينتهي في المقدمة إلي القول الصريح بأنها «من موجبات الخذلان في الدنيا والحرج والمؤاخذة في الآخرة»، حيث «لا شيء يجلب سخط الرب ونقمته كسفك الدماء وإتلاف الأموال بغير حق».
وعليه، فالدكتور فضل والمئات من أبناء جماعة الجهاد الموقعين معه علي الوثيقة يعلنون «عدم رضاهم عن هذه المخالفات الشرعية، وما أدت إليه من مفاسد»، محددين بوضوح الغرض الرئيسي من كتاباتها وهو «أنهم يذكرون أنفسهم وعموم المسلمين ببعض الضوابط الشرعية المتصلة بفقه الجهاد» داعين غيرهم من عموم المسلمين، خاصة الجماعات الجهادية في مختلف أنحاء العالم، إلي الالتزام بها، حتي لا يقعوا في ما وقع فيه من سبقهم من مخالفات شرعية عن جهل بالدين أو عن تعمد، فلا هم أقاموا الدين ولا أبقوا علي الدنيا.
وكسابقيه، يأتي الكتاب الأخير للدكتور فضل نتاجاً للظروف الموضوعية التي أحاطت بمؤلفه في ذلك الوقت، مختلطة بأوضاعه الشخصية، فالإفراط في صدامات الجماعات الجهادية مع سلطات بلادها والدول الغربية باسم الجهاد، قد أضحي السمة الغالبة علي العالم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، وتكاثرت فيها المخالفات الشرعية لمفهومه الإسلامي الصحيح، مما أصاب الإسلام وأتباعه بأضرار هائلة، ما كان ممكناً للدكتور فضل وإخوانه المراجعين، لقديم أفكارهم، أن يسكتوا عنها.
كما يبدو أن الرجل، الذي يفصله عن سن الستين عامان فقط، قد أعاد بخبرة وبصيرة الشيخ المجرب تأمل مسيرته الطويلة في العالم الجهادي في الوقت نفسه مع كثير من رفاقه في هذه المسيرة، الذين يشكلون اليوم جماعة الجهاد، لكي يكتب - بموافقتهم وتأييدهم - تلك الوثيقة التي تعيد ترشيد ذلك الجهاد الذي قضوا أعمارهم يبحثون عن معناه الصحيح
 

This site was last updated 11/22/07