*** إقتنع الآباء الذين حضروا ببرائة أوطيخا والحكم على فلابيانوس وقال البابا ديسقوروس : إنى أوافق هذا المجمع المقدس وأحكم برد أوطيخا إلى كرامة الكهنوت وإل رعاية شئون ديره كسابق عهده "

*** وكان أول الموقعين يوبيالوس أسقف أورشليم ثم دومنوس أسقف أنطاكية ، وآخرهم الأرشيمندريت برسوما .. أما ألأنبا ديسقوروس فقد صادق على إمضاءات الأساقفة المائة والثلاثين الذين إجتمعوا (1) وقدم يوحنا كبير كتبه المجمع رسالة قدمها الرهبان الذين يرعاهم أوطيخا وسأل الأساقفة إذا كانوا يودون قرائتها فأجابوه بالإيجاب ، وبعد تلاوة الرسالة ثبت لآباء المجمع أن إيمانهم أرثوذكسى مسيحى صحيح وحكموا ببرائتهم جميعاً وباركوهم وباركو رئيسهم ، واذنوا لهم بالعودة إلى ديرهم ثم أصدروا حكمهم بحكم فلابيانوس وستة من أساقفته (2) 

جميع الأساقفة 130 وقعوا على الحكم ، وكان ثلاثة منهم قد جلسوا فى مجمع قسطنطينية المحلى الذى حكم ضد أوطاخى ثم رجعوا عن رأيهم (3)

*** وقام آباء المجمع بإرسال صورة من الحكم إلى الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير فصادق عليه وأمر بنفى فلابيانوس وستة الأساقفة الذين أدينوا .

*** ولما وجد فلابيانوس أسقف القسطنطينية أنه ادين أرسل خطاب دورى إلى جميع الأساقفة وقد خص لاون برسالة أوضح فيها لأسقف روما أنه أستعان بطومس لاون فى إدانة أوطيخا (4) وكأنه يقول أنظر ما فعله الطومس الذى أرسلته .

*** وكان لاون اسقف روما يتفاعل بسرعة فحين تسلم رسالة فلابيانوس بعث برسالة إلى الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير وبأسم مجمعه يستحلفه فيها أن يعمل على إعادة النظر فى الحكم الصادر ضد فلابيانوس من المجمع الأفسسى الإستئنافى ، وقد هاجم لاون الأول هذا المجمع علنا فى سالته وإستعطف الأمبراطور ليأمر بعقد مجمع آخر فى مكان آخر بإيطاليا (5) وهذا بالطبع كان صعباُ دينياً وسياسياً وتقليدياً وإن كان ممكناً ، وحتى يكون لطلبه قوة دفع لاون إمبراطور الغرب وزوجته بكتابة رسائل إلى إمبراطور الشرق بنفس الغرض .

*** ورد الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير عليهم بثلاثة خطابات منفردة ايضاً ، وكانت الخطابات الثلاثة تتضمن معنى واحد هو : أن المجمع الأفسسى الإستئنافى تكون من مجموعة من الأساقفة الأتقياء الذين دافعوا عن ألإيمان الأرثوذكسى .. وادانوا فلابيانوس بعدل لإثارته الفتنة فى الكنيسة وقال ما نصه : " إن مجمع افسس تصرف بمخافة الإله المطلقة والإيمان القويم ولم يمس بأذى قوانين ألاباء كما علمت كل شئ بالتأكيد ، لذلك فإنكم لحسناً تفعلون إذا كنتم لا تتدخلون فى الأمر "

*** وفى محاولة أخرى بعث لاون اسقف روما  برسالة إلى أكليروس القسطنطينية وشعبها وأرشميدريتها ، وإلى الأسقف يوليوس وإلى فلابيانوس ، وقد حاول فى خطابة الأول إستثارة الشعب القسطنطينى كى لا يقبل أسقفاً آخر غير فلابيانوس إذ لم يكن قد بلغه أن فلا بيانوس قد مات فى منفاه (6)   

*** ولكى يؤكد الإمبراطور ثيؤودسيوس إحترامه للمجمع الأفسسى الثانى بعث بخطاب إلى أكليروس القسطنطينية وشعبها يأذن لهم فيه بإنتخاب أسقف بدلاً من فلابيانوس ويرجو منهم فيه أن يختاروا أسقفاً أرثوذكسياً فإختاروا أناطوليوس ليجلس على السدة الشاغرة (7) وكان أناطوليوس أصلاً شماساً أسكندرانياً ، وكان سفيراً للبابا الإسكندرى فى القسطنطينية (8) وقد رأس الأنبا ديسقوروس الإحتفال برسامته قبل عودته إلى مصر .

*** وعندما سمع لاون اسقف القسطنطينية هذه الأخبار لم يكن بالطبع سعيداً ، فإنتظر جولة أخرى وتتغير الظروف حتى تكون له الكلمة العليا ، فلم يلبث أن مات الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير ، ولم يكن ل اولاداً وكانت له أخت متسلطة نذرت نفسها للرهبنة فأرادت العرش لنفسها وإختارت مرقيان ليكون زوجاً لها ولم يرضى اسقفاً واحدا فى الشرق أن يوافق على كسر بتوليتها وتزويجها من مرقيان ولكن صرح لها لاون أسقف روما بهذا الأمر وبمباركته بالزواج ، أصبح هناك دينا يجب أن يرده الزوجان إلى لاون أسقف روما .   

*************************************************

مـــــــــــــــــراجع

(1)  مجمع خلقيدون ترجمة إلى العربية عن ألأصل اللاتينى المحفوظ بمكتية الفاتيكان الراهب فرنسيس ماريا وصادق عليه ثلاثة كرادلة - مطبوع فى رومية سنة 1694م ص 57 - 58 تاريخ المجامع (باللغة الفرنسية ) للكاردينال هيفيليه ج2 ص 567

(2) تقرر الكنائس الشرقية أن حكم الحرم إن صدر بغير حق إرتد على من أصدره لأنه سيف ذو حدين - ولم يكن هذا السبب وحيداً ولكنه كانت له ميول نسطورية أيضاً . 

(3) مجمع خلقيدون ترجمة إلى العربية ص 58 - 60  و.. تاريخ المجامع (باللغة الفرنسية ) للكاردينال هيفيليه ج2 ص 566

(4) تاريخ المجامع (باللغة الفرنسية ) للكاردينال هيفيليه ج2 ص 566 راجع الحاشية على أسفل الصفحة .

(5) تاريخ الكنيسة السورية الأنطاكية لمار سويرس يعقوب توما جـ 2 ص 149 و  مجمع خلقيدون ترجمة إلى العربية ص 62 - 63

(6)  مجمع خلقيدون ترجمة إلى العربية ص 67 - 72

(7)  تاريخ المجامع (باللغة الفرنسية ) للكاردينال هيفيليه ج2 ص 572 .. تاريخ الإنشقاق لجراسيموس مسرة جـ 1 ص 225 .