Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

أول ديوان خصوصى يحكم مصر يساعدة ديوان عمومى على النسق الأوربى

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الفرنسيين يحتلون الأسكندرية
نابليون يحتل القاهرة
نابليون والشيوخ يحكمون مصر
الفرنسيين يحكمون مصر
ثورة القاهرة الأولى
ديوان عمومى يحكم مصر
حصار يافا وتفشى الطاعون
الإنسحاب من عكا
هجوم الإنجليز وسفر نابليون
سيف نابليون بالمزاد
حواس وبونابرت
إعدام محمد كرّيم
نهاية نابليون
الإمبراطورة جوزفين

Hit Counter

فى 2 رجب سنة 1213‏ هـ  -  11 ديسمبر 1798 م قتلوا شخصاً من الأجناد يقال له مصطفى كاشف من جماعة حسين بيك المعروف بشفت , وكان فر مع الفارين , ثم رجع من غير أستئذان وأقام أياماً مستتراً ببيت الشيخ سليمان الفيومى , فسلمه لمصطفى أغا مستحفظان لياخذ له أماناً , فأخبرالفرنسيس بشانه , وأغراهم عليه .. فقطع رأسه , وطافوا بها ينادون عليها بقولهم : هذا جزاء من يدخل مصر بغير أذن الفرنسيين .

فى 5 رجب سنة 1213‏ هـ  -  13 ديسمبر 1798 م حضر كبير الفرنسيس الذى بناحية قليوب وبصحبته سليمان الشواربى شيخ الناحية وكبيرها . فلما حضر حبسوه بالقلعة , وقيل أنهم عثروا له على مكتوب أرسله وقت الفتنة السابقة إلى سرياقوس لينهض أهل تلك النواحى فى القيام ويأمرهم بالحضور فى أى وقت أن يرى الغلبة على الفرنسيس , ولما حبسوه حبسوا معه أربعة من الأجناد أيضاً , وفيه : أحدثوا مزماراً يضربونه فى كل وقت , وقت الزوال , لأن ذلك الوقت عندهم إبتداء اليوم .

فى 10 رجب سنة 1213‏ هـ  -  18 ديسمبر 1798 م نادوا فى الأسواق بأنه من أراد أن يشترى فرساً أو حماراً فليحضر يوم الجمعة 13 من رجب - 31 ديسمبر 1798 م ببولاق ويشترى من الفقرنساوية ما أحب من ذلك , وكتبوا أوراقاً وألصقوها بالأسواق والأزقة وهى مطبوعة عليها الصورة ونصها كالتالى :

" فليكن معلوماً عند كافة الرعايا المصرية , أن فى يوم الجمعة 13 رجب الساعة 2 يباع فى بولاق جملة خيل من المشيخة الفرنساوية , فلأجل هذا المشترى , كل من أراد أن يقتنى خيلاً منحنا له الأجازه أنه يقتنى كما يريد ويشاء . "

 

أول ديوان خصوصى يحكم مصر يساعدة ديوان عمومى على النسق الأوربى

16 رجب سنة 1213‏ هـ  -  24 ديسمبر 1798 م سافر صارى عسكر بونابرته إلى السويس وأخذ صحبته السيد أحمد المحروقى وإبراهيم أفندى كاتب البهار وأخذ معه أيضاً بعض المديرين والمهندسين والمصورين وجرجس الجوهرى ,انطون أبو طاقية , وغيرهم وعدة كثيرة من عساكر الخيالة والمشاة وبعض المدافع وعربات وتختروان وعدة جمال لحمل الذخيرة والماء والقومانية .

وفيه : شرعوا فى ترتيب الديوان على تنظيم آخر , وعينوا له ستين نفراً منهم : 14 يقال لهم خصوص - وهم الذين يحضرون دائماً ويقال لهم " الديوان الخصوصى أو الديوان الديمومى " والباقى بحسب الإقتضاء والأربعة عشر هم : من المشايخ / الشرقاوى , والمهدى , والصاوى , والبكرى , والفيومى .. ومن التجار / المحروقى , وأحمد محرم .. ومن النصارى القبط / لطف الله المصرى .. ومن الشوام / يوسف فرحات , وميخائيل كحيل , ورواحة الإنكليزى , وبدنى , وموسى كافر الفرنساوى .. ومعهم وكلاء ومباشرون من الفرنسيس ومترجمون .. أما المجلس العمومى فهم من مشايخ الحرف .

وكتبوا بذلك طومبار كبيراً بصموا منه (أى نسخة طبق الأصل) نسخاً كثيرة , وأرسلوا منه نسخاً كثيرة للأعيان , وألصقوا منها بالأسواق على العادة , وأرسلوا للذين عينوا بالديوان أوراقاً بأسمائهم شبه التقارير , وصورة صدر ذلك الطومار المكتتب فى شأن ذلك .

 وقد أوردت ذلك - وإن كان فيه بعض الطول , للأطلاع علي ما فيه من التمويهات على العقول , والتملق على دعوى الخواص من البشر .. بفاسد التخيلات التى تنادى على بطلانها بديهة العقل , فضلاً عن النظر , وهى مقولة على لسان بونابرته كبير الفرنسيس ونصة :

بسم الله الرحمن الرحيم

من أمير الجيوش الفرنساوية , خطاباً إلى كافة أهل مصر , الخاص والعام :

 لعلمكم أن بعض الناس الضالين العقول , الخالين من المعرفة وإدراك العواقب , سابقاً أوقعوا الفتنة والشرور بين القاطنين بمصر , فأهلكهم الله بسبب فعلهم ونيتهم القبيحة , والبارئ سبحانه وتعالى , أمرنى بالشفقة والرحمة على العباد , فإمتثلت لأمره , وصرت رحيماً بكم , شفوقاً عليكم ولكن كان حصل عندى غيظ وغم شديد بحسب تحريك هذه الفتنة بينكم ... ولأجل ذلك عطلت الديوان الذى كنت رتبته لنظام البلد , وصلاح أحوالكم من مدة شهرين , والآن توجه خاطرنا فى ترتيب الديوان كما كان , لأن حسن أحوالكم ومعاملتكم فى المدة المذكورة , أنسانا الذنوب الأشرار وأهل الفتنة التى وقعت سابقاً .

" أيها العلماء والأشراف , أعلموا أمتكم ومعاشر رعيتكم , بأن الذى يعادينىة ويخاصمنى لإنما خصامه من ضلال عقله , وفساد فكره , فلا يجد ملجأ ولا مخلصاً ينجيه منى فى هذا العالم , ولا ينجو من بين يدى الله ! لمعارضته لمقادير الله سبحانه وتعالى , والعاقل يعرف ما فعلناه بتقدير الله تعالى , وإرادته وقضائه ! ومن يشك فى ذلك فهو أحمق وأعمى البصيرة .

وأعلموا أيضاً أن الله قدر فى الأزل هلاك أعداء الإسلام وتكسير الصلبان على يدى , وقدر فى الأزل أنى أجئ من المغرب إلى أرض مصر لهلاك الذين ظلموا فيها , ولإجراء الأمر الذى أمرت به , ولا يشك عاقل أن هذا كله بتقدير الله وإرادته وقضاءه . !

وأعلموا أمتكم أن القرآن العظيم صرح فى آيات كثيرة بوقوع الذى حصل ! وأشار فى آيات أخرى إلى أمور تقع فى المستقبل , وكلام الله صدق وحق , لا يتخلف , إذا تقرر هذا , وثبتت هذه المقالات فى أذهانكم ...

فلترجع أمتكم جميعاً إلى صفاء النية , وإخلاص الطوية .. فإن منهم من يمتنع عن الغى وإظهار عداوته , خوفاً من سلاحى وشدة سطوتى , ولم يعلموا أن الله مطلع على السرائر , يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور , والذى يفعل ذلك يكون معارضاً لأحكام الله , ومنافقاً , وعليه اللعنة والنقمة من الله علام الغيوب ! .

وأعلموا أيضاً أنى أقدر على إظهار ما فى نفس كل واحد منكم ! لأنى أعرف احوال الشخص وما أنطوى عليه , بمجرد ما أراه , وإن كنت لا أتكلم ولا أنطق بالذى عنده ! ولكن يأتى وقت ويوم يظهر لى بالمعاينة أن كل ما فعلته وحكمت به ... فهو حكم إلهى لا يرد , وأن إجتهاد الإنسان غاية جهده , وما يمنعه عن قضاء الله الذى قدره وأجراه على يدى .

فطوبى للذين يسارعون فى أتحادهم وهمتهم , مع صفاء النية وإخلاص السريرة والسلام ! . نابليون بونابرت

وفيه : رتبوا الديوان الديمومى شهرية تدفع إليهم نظير تقيدهم بمصالح العامة والدعاوى , وما يترتب عليه النظام بينهم وبين المسلمين .

18 منه سنة 1213‏ هـ  -  1 يناير 1799 م طافوا على الطواحين وأختاروا من كل طاحون فرساً أخذوها .

الفرنسيين ينتشلون مركب غارقة 24 منه سنة 1213‏ هـ  -  1 يناير 1799 م حضر السيد المحروقى وكاتب البهار من السويس , وكان صارى العسكر ذهب إلى ناحية بلبيس , فإستأذنوه فى الذهاب إلى ناحية مصر فأذن لهم , وأرسل معهم خمسين عسكرياً ليوصلوهم إلى مصر .

فلما حضروا حكوا أن أهل السويس لما بلغهم مجئ الفرنساوية , هربوا وأخلوا البلدة , فذهبوا إلى الطور , وذهب البعض إلى عرب البادية , فنهب الفرنسيين ما وجدوه بالبندر من البن والمتاجر والأمتعة وغير ذلك , وهدموا الدور وكسروا ألخشاب وخوابئ الماء , فلما حضر كبيرهم - وكان وصل متأخراً عنهم _ كلمه التجار الذاهبون معه وأعلموه أن هذا الفعل غير صالح , فإسترد من العسكر بعض الذى كانوا قد أخذوه , ووعدهم بإسترجاع الباقى , أو دفع ثمنه بمصر , وأن يكتبوا قائمة بالمنهوبات .

ثم انه وجد مركبين حضرا إلى قريب من السويس بهما بن ومتاجر , فغرقت غحداهما , فنزلت طائفة من الفرنسيين فى مراكب صغار , وذهبوا إليها فى الغاطس , وأخرجوها يألات ركبوها وأصطنعوها من علم جر الأثقال . وفى مدة إقامته بالسويس , صار يركب ويتأمل فى النواحى , وجهات ساحل البحر والبر ليلاً ونهاراً وكان معه من الأدم فى هذه السفرة ثلاثة طيور دجاج محمرة ملفوفة فى ورق , وليس معه طباخ ولا فراش ولا خيمة , وكل شخص من عسكرة معه رغيف كبير مرشوق فى طرف حربته , يتزود منه ويشرب من سقاء لطيف من صفيح معلق فى عنقة (زمزمية)

28 منه سنة 1213‏ هـ  -  5 يناير 1799 م حضر عدة من العسكر الفرنساوية من ناحية بلبيس , ومعهم عدد من العربان نحو ثلاثين نفراً موثقين بالحبال , وأسروا أيضاً عدداً من أولادهم ذكوراً وأناثاً , ودخلوا بهم إلى مصر يزفونهم بالطبول امامهم , ومعهم أيضاً ثلاثة حمول من حمول من حمول التجار , وبعض الجمال , وبعض جمال مما كان نهب منهم عند رجوعهم من الحج

غايته  سنة 1213‏ هـ  -  7 يناير 1799 م حضر صارى العسكر من ناحية بلبيس إلى مصر ليلاً وأحضر معه عدة عربان وعبد الرحمن أباظة أخا سليمان أباظة شيخ العبابدة وخلافة ... رهائن , وضربوا " ابا زعبل " و " المنير " وأخذوا مواشيهم وحضروا بهم إلى القاهرة , وخلفهم أصحابهم رجالاً ونساءاً وصغاراً .

وفى ذلك اليوم قتلوا شيخ العرب سليمان الشواربى - شيخ قليوب - ومعه أيضاً ثلاثة رجال يقال لهم عرب الشرقية , وأنزلوهم من القلعة إلى الرميلة على يد الأغا وقطعوا رؤوسهم وحملوا جثة الشواربى مع رأسه فى تابوت , وأخذه أتباعه فى بلدة قليوب ليدفن هناك عند أسلافه .

وأنقضى هذا الشهر وحوادثه الجزئية والكلية .. منها : أن فى ليلة 27 منه أتت جماعة إلى دار الشيخ محمد بن الجوهرى , والكائن بالأزبكية بالقرب من باب الهواء , فخلعوا الشباك المطل على البركة , ودخلوا منه وصعدوا إلى أعلى الدار - وكان بها ثلاث من النساء الخدمات وأبنه خدامة أيضاً وبواب الدار , ولم يكن رب الدار بها ولا الحريم , بل كانوا قد أنتقلوا إلى دار أخرى لما سكن معظم العسكر بالأزبكية - فإستيقظ النساء وصرخن , فضربوهن , وقتلوا منهن أمرأة , وأختفت البنت فى جهة , وعاثوا فى الدار , وأخذوا متاعاً ومصاغاً ونزلوا , وأستيقظ البواب فإختفى خوفاً منهم .

فلما طلع النهار وشاع الخبر - وكان صارى العسكر غائباً - فلم يقع كلام فى شأن ذلك , فلما قدم من سفره ركب مشايخ الديوان وأخبروه , فإغتم لذلك , وأظهر الغيظ , وذم الفاعل لما فيه من العار الذى يلحقة , وإهتم فى الفحص عمن فعل ذلك وقتله .

ومنها كثرة التعدى القلقلات , وتشديدهم على وقود القناديل بالأزقة , وهم من أهل البلد , وإذا مروا بالليل ووجدوا قنديلاً أطفأة الهواء , أو فرغ زيته , سمروا الحانوت أو الدار التى هو عليها ولا يقلعون المسمار حتى يصالحهم صاحبها على ما أحبوه من دراهمن , وربما تعمدوا كسر القناديل لأجل ذلك .

وأتفق أن المطر أطفأ عدة قناديل بسوق أمير الجيوش , بسبب كونها فى ظروف من ورق والجريد , فإبتل الورق , وسال الماء فأطفأ القناديل , فسمروا حوانيت السوق , وأصبح أهلها فصالحوا عليها , ووقع ذلك فى طرق عديدة , فجمعوا فى ذلك اليوم جملة من الدراهم , وأمثال ذلك حتى فى الأزقة والعطف الغير النافذة .. حتى كان الناس ليس لهم شغل إلا القناديل وتفقد أحوالها خصوصاً فى ليل الشتاء الطويل .

 

فى أول شعبان سنة 1213‏ هـ  -  8 يناير 1799 م قتلوا ثلاثة أنفار من الفرنسيين وبندقوا عليهم بالرصاص بالميدان تحت القلعة قيل أنهم من المتسلقين على الدور .

وفيه : أخبر السفار بأن مراد بيك ومنمعه ترفعوا إلى قبلى ووصلوا إلى عقبة الهواء , وكلما قرب منهم العسكر أنتقلوا وقبلوا وقد داخلهم من الفرنساوية خوف شديد ولم يقع بينهم ملاقاة ولا قتال .

وفيه : قدمت رباعة تحمل البن الذى حضر من السويس بالمركب الداو بصحبة جماعة من الفرنساوية لخفارتها من قطاع الطريق .

كيف أبتدع المسلمين مولد الحسين

يوم الأحد 6 شعبان سنة 1213‏ هـ  -  13 يناير 1799 م  نادى القبطان الفرنساوي السكاكن بالمهشد الحسيني
على أهل تلك الخطة وما جاورها بفتح الحوانيت والأسواق لأجل مولد الحسين وشدد في ذلك ووعد من أغلق حانوته بتسميره وتغريمه عشرة ريال فرانسة مكافأة له على ذلك وكان السبب في ذلك والأصل فيه أن هذا المولد ابتدعه السيد بدوي بن فتيح مباشر وقف المشهد فكان قد اعتراه مرض الحب الإفرنجي فنذر على نفسه هذا المولد إن شفاه الله تعالى فحصلت له بعض إفاقة فابتدأ به وأوقد في المسجد والقبة قناديل وبعض شموع ورتب فقهاء يقرأون القرآن بالنهار مدارسة وآخرين بالمسجد يقرأون بالليل دلائل الخيرات للجزولي ثم زاد الحال وانضم إليهم كثير من أهل البدع كجماعة العفيفي والسمان والعربي والعيسوية فمنهم من يتحلق ويذكر الجلالة ويحرفها وينشد له المنشدون القصائد والموالات ومنهم من يقول أبياتًا من بردة المديح للبوصيري ويجاوبهم آخرون مقابلون لهم بصيغة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأما العيسوية فهم جماعة من المغاربة وما دخل فيهم من أهل الأهواء ينسبون الى شيخ من أهل المغرب يقال له سيدي محمد بن عيسى وطريقتهم أنهم يجلسون قبالة بعضهم صفين ويقولون كلامًا معوجًا بلغتهم بنغم وطريقة مشوا عليها وبين أيديهم طبول ودفوف يضربون عليها على قدر النغم ضربًا شديدًا مع ارتفاع أصواتهم وتقف جماعة أخرى قبالة الذين يضربون بالدفوف فيضعون أكتافهم في أكتاف بعض لا يخرج واحد عن الآخر ويلتوون وينتصبون ويرتفعون وينخفضون ويضربون الأرض بأرجلهم كل ذلك مع الحركة العنيفة والقوة الزائدة بحيث لا يقوم هذا المقام إلا كل من عرف بالقوة وهذه الحركات والإيقاعات على نمط الضرب بالدفوف فيقع بالمسجد دوي عظيم وضجات من هؤلاء ومن غيرهم من جماعة الفقراء كل أحد له طريقة وكيفية تباين الأخرى هذا مع ما ينضم الى ذلك من جمع العوام وتحلقهم بالمسجد للحديث والهذيان وكثرة اللغط والحكايات والأضاحيك والتلفت الى حسبان الغلمان الذين يحضرون للتفرج والسعي خلفهم والافتتان بهم ورمي قشور اللب والمكسرات والمأكولات في المسجد وطواف الباعة بالمأكولات على الناس فيه وسقاة الماء فيصير المسجد بما اجتمع فيه من هذه القاذورات والعفوش ملتحقًا بالأسواق الممتهنة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏
ثم زاد الحال على ذلك بقدوم جماعة الأشاير من الحارات البعيدة والقريبة وبين أيديهم مناور القناديل والجوامع العظيمة التي تحملها الرجال والشموع والطبول والزمور ويتكلمون بكلام محرف يظنون أنه ذكر وتوسلات يثابون عليها وينسبون من يلومهم أو يعترضهم الى الاعتزال والخروج والزندقة وغالبهم السوقة وأهل الحرف السافلة ومن لا يملك قوت ليلته فتجد أحدهم يجتهد بقوة سعيه ويبيع متاعه أو يستدين الجملة من الدراهم ويصرفها في وقود القناديل وأجرة الطبالة والزمارة وكل يجتمع عليه ما هو من أمثاله من الحرافيش ثم يقطع ليلته تلك سهرانًا ويصبح دايخًا كسلانًا ويظن أنه بات يتعبد ويذكر ويتهجد واستمر هذا المولد أكثر من عشر سنين ولم يزدد الناذر لذلك إلا مرضًا ومقتًا واستجلب خدمة الضريح ما لاح لهم من خساف العقول مثل الشمع والدراهم واتخذوا ذلك حبالة لأكل أموال الناس بالباطل فلما حصلت هذه الحادثة بمصر ترك هذا المولد في جملة المتروكات ثم حصلت الفتنة التي حصلت وسكن هذا الفرنساوي في خط المشهد الحسيني لضبط تلك الجهة وفيه مسايرة ومداهنة فصار يظهر المحبة للمسلمين ويلاطفهم ويدخل بيوت الجيران ويقبل شفاعة المتشفعين ويجل الفقهاء ويعظمهم ويكرمهم وأبطل وقوف عسكره بالسلاح كعادتهم في غير هذه الجهة وكذلك منع ما يفعله القلقات من أنواع التشديد على الناس في مثل القناديل فاطمأن به أهل الخطة وتراجعوا للبكور الى الصلاة في المساجد بعد تخوفهم من العسكر الذي رتب معهم وتركهم التكبير فلما أنسوا به وعرفوا أخلاقه رجعوا لعادتهم ومشوا بالليل أيضًا بدون فزع وخوف وترجمانه على مثل طريقته وهو رجل شريف من أهل حلب كان أسيرًا بمالطة فاستخلصه الفرنسيس من جملة ما استخلصوه من أسرى مالطة وقدم معهم مصر فلما أجلس هذا الضابط الخط كان ترجمانه يهوديًا فاحتال بعض أعيان الجهة ورتب هذا الشريف المذكور ليكون فيه راحة للناس ففتح له قهوة بالخط بالقرب من دار مخدومه وجمع الناس للجلوس فيها والسهر حصة من الليل وأمرهم بعدم غلق الحوانيت مقدارًا من الليل كعادتهم القديمة فاستأنسوا بالاجتماعات والتسلي والخلاعات وعم ذلك جهات تلك الخطة ووافق ذلك هوى العامة لأن أكثرهم مطبوع على المجون والخلاعة وتلك هي طبيعة الفرنساوية فصاروا يجتمعون عنده للسمر والحديث واللعب والممازحة ويحضر معهم ذلك الضابط ومعه زوجته وهي من أولاد البلد المخلوعين أيضًا فانساق الحديث لذكر هذا المولد الشهري وما يقع في لياليه من الجمعيات والمهرجان وحسنوا له إعادته فوافقهم على ذلك وأمر بالمناداة وفتح الحوانيت ووقود القناديل وشدد في ذلك‏.‏
وفي يوم الأربعاء 9 شعبان سنة 1213‏ هـ  -  16 يناير 1799 م كتبوا أوراقًا بتطيير طيارة ببركة الأزبكية مثل التي سبق ذكرها وفسدت‏.‏
فاجتمعت الناس لذلك وقت الظهر وطيروها وصعدت الى الأعلى ومرت الى أن وصلت تلال البرقية وسقطت ولو ساعدها الريح وغابت عن الأعين لتمت الحيلة وقالوا إنها سافرت الى البلاد البعيدة بزعمهم‏.‏
وفيه سافر الخواجة مجلون الى الصعيد واليًا على جرجا لتحرير البلاد وقبض الأموال والغلال المتأخرة بالنواحي للغز‏.‏ وفيه سافرت قافلة بها أحمال كثيرة ومواش ونساء إفرنجيات وصناديق قيل إنهم أرسلوها الى الطور وصحبتهم عدة من العسكر‏.‏
وفي يوم الخميس 10 شعبان سنة 1213‏ هـ  -  17 يناير 1799 م حضر طائفة من العسكر الفرنساوي الى وكالة ذي الفقار بالجمالية ففتحوا طبقة كانت لكتخدا علي باشا الطرابلسي وأخذوا ما وجدوه بها من الأمتعة وختموا عدة حواصل وطباق بذلك الخان وبالوكالة الجديدة وغيرها للمسافرين والهاربين والقليونجية‏.‏
وضبطوا ما بها وقبضوا على جماعة من الأتراك والقليونجية التجار وسجنوهم بالقلعة وصاروا يفتشون على من بقي منهم بالقاهرة وبولاق خصوصًا الكرتلية الذين كانوا عسكرًا لمراد بك وأخذوا الكثير من نصارى الأروام والقليونجية الذين كانوا مع مراد بك وبعضهم كان بمصر فأدخلوهم في عسكرهم وزيوهم بزيهم وأعطوهم أسلحة وانتظموا في سلكهم‏.‏
وفيه تواترت الأخبار أن علي باشا ونصوح باشا فارقا مراد بك وذهبا من خلف الجبل على وفيه نادوا بإبطال القناديل التي توقد في الليل على البيوت والدكاكين وأن يوقدوا عوضها في وسط السوق مجامع في كل مجمع أربع قناديل بين كل مجمع ثلاثون ذراعًا ويقوم بذلك الأغنياء دون الفقراء ولا علاقة للقلقات في ذلك ففرح بذلك فقراء الناس وانفرجت عنهم هذه الكربة‏.‏
وفيه نادوا أيضًا أن كل من كان له دعوى شرعية أو ظلامة فليذهب الى العلماء والقاضي‏.‏
وفيه ذهب طائفة من العسكر وضربوا عرب الكوامل ورجعوا بمنهوباتهم من الغنم والمعز والدجاج والاوز والحمير وغير ذلك‏.‏
وفيه حضر رجل من ناحية غزة يطلب أمانًا للست فاطمة زوجة مراد بك ولابنة المرحوم محمد أفندي البكري وزوجها الأمير ذي الفقار وخشداشينه والخطاب للشيخ خليل البكري‏.‏
فعرض ذلك على ساري عسكر وترجى عنده فكتب له أمانًا بحضورهم وأرسل لهم نفقة وكان ذلك حيلة منهم لتأتيهم النفقة وبعض الاحتياجات وأخبر ذلك الرسول أن عبد الله باشا ابن العظم بغزة وابراهيم بك ومن معه خارج البلد وهم في ضيق وحصر وحيز عنهم داخل البلد‏.‏
وفيه ذهب عدة من العسكر الفرنساوية الى قطيا وشرعوا في بناء أبنية هناك وأشيع سفر ساري عسكر الى جهة الشام والإغارة عليها‏.‏
وفي ليلة الأحد 13 رجب سنة 1213‏ هـ  -  20 ديسمبر 1798 م كان انتقال الشمس لبرج الدلو وهو أول شهر من شهورهم وعملوا وفي يوم الاثنين رابع عشره نادى المحتسب على اللحم الضاني بسبعة أنصاف الرطل وكان بثمانية واللحم الجاموسي بخمسة وكان بستة‏.‏
وفيه ذهب طائفة من العسكر وضربوا عرب العيايدة نواحي الخانكة وقتلوا منهم طائفة ونهبوهم ووجدوا من منهوبات الناس وأمتعة عسكر الفرنساوية وأوسلحتهم جملة فأخذوا ذلك مع ما أخذوه وأحضروا معهم بعض رجال ونساء حبسوهم بالقلعة وفيه ذهب عدة من العسكر الى صنافير واجهور الورد وقرنفيل وكفر منصور وبلاد أخرى للتفتيش على العرب فأخذوا ما وجدوه للعرب من بهائم وغيرها والذي عصى عليهم ضربوه ونهبوه أيضًا ونهبوا جمالًا وبهائم ممن لم يعص أيضًا ودخلوا بذلك المدينة فصاروا يبيعون البقرة بريالين وثلاثة والنعجة وابنها بريال فاشترى غالب ذلك نصارى القبط‏.‏
وفي يوم السبت 19 رجب سنة 1213‏ هـ  -  26 ديسمبر 1798 م قتلوا بالقلعة نحو التسعين نفرًا وغالبهم من المماليك الذين وجدوهم هاربين في البلاد والذين عس عليهم الخبيث الآغا وبرطلمين والقلقات ووجدوهم مختفين في البيوت‏.‏
وفيه قبضوا على خمسة أنفار من اليهود وامرأتين فألقوا الجميع في بحر النيل وفيه نادوا بأن كل من اشترى شيئًا من منهوبات العرب التي نهبتها العسكر يحضره لبيت صاري عسكر‏.‏
وفيه كثر الاهتمام والحركة بسفر الفرنسيس الى جهة الشام وطلبوا وهيؤوا جملة من الهجن وأحضروا جمال عرب الترابين ليحملوا عليها الذخيرة والدقيق والعليق والبقسماط ثم رسموا على الأهالي عدة كبيرة من الحمير وكذلك عدة من البغال فطلب شيخ الحمارة وأمر بجمع ذلك وكذلك الركبدارية أمرهم بجمع البغال فاختفى غالب أصحاب الحمير وخاف الناس على حميرهم فامتنع خروج السائقين الذين ينقلون الماء بالقرب على الحمير وسقائين الجمال والبراسمية فحصل للناس ضيق بسبب ذلك‏.‏
وفي يوم الاثنين 21 رجب سنة 1213‏ هـ  -  28 ديسمبر 1798 م كتبوا أوراقًا ولصقوها بالأسواق على العادة ونصها‏:‏ الحمد لله وحده هذا خطاب الى جميع أهل مصر من خاص وعام من محفل الديوان الخصوصي من عقلاء الأنام علماء الإسلام والوجاقات والتجار الفخام نعلمكم معاشر أهل مصر أن حضرة ساري عسكر الكبير بونابارته أمير الجيوش الفرنساوية صفح الصفح الكلي عن كامل الناس والرعية بسبب ما حصل من أراذل أهل البلد والجعيدية من الفتنة والشر مع العساكر الفرنساوية وعفا عفوًا شاملًا وأعاد الديوان الخصوصي في بيت قائد آغا بالأزبكية ورتبه من أربعة عشر شخصًا أصحاب معرفة وإتقان خرجوا بالقرعة من ستين رجلًا كان انتخبهم بموجب فرمان وذلك لأجل قضايا حوايج الرعايا وحصول الراحة لأهل مصر من خاص وعام وتنظيمها على أكمل نظام وإحكام كل ذلك من كمال عقله وحسن تدبيره ومزيد حبه بمصر وشفقته على سكانها من صغير القوم قبل كبيره رتبهم بالمنزل المذكور كل يوم لأجل خلاص المظلوم من الظالم وقد اقتص من عسكره الذين أساؤوا بمنزل الشيخ محمد الجوهري وقتل منهم اثنين بقراميدان وأنزل طائفة منهم عن مقامهم العالي الى أدنى مقام لأن الخيانة ليست من عادة الفرنسيس خصوصًا مع النساء الأرامل فإن ذلك قبيح عندهم لا يفعله إلا كل خسيس ووضع القبض بالقلعة على رجل نصراني مكاس لأنه بلغه أنه زاد المظالم في الجمرك بمصر القديمة على الناس ففعل ذلك بحسن تدبيره ليمتنع غيره من الظلم ومراده رفع الظلم عن كامل الخلق ويفتح الخليج الموصل من بحر النيل الى بحر السويس لتخف أجرة الحمل من مصر الى قطر الحجاز الأفخم وتحفظ البضائع من اللصوص وقطاع الطريق وتكثر عليهم أسباب التجارة من الهند واليمن وكل فج عميق فاشتغلوا بأمر دينكم وأسباب دنياكم واتركوا الفتنة والشرور ولا تطيعوا شيطانكم وهواكم وعليكم بالرضا بقضاء الله وحسن الاستقامة لأجل خلاصكم من أسباب العطب والوقوع في الندامة رزقنا الله وإياكم التوفيق والتسليم ومن كانت له حاجة فليأت الى الديوان بقلب سليم إلا من كان له دعوى شرعية فليتوجه الى قاضي العسكر المتولي بمصر المحمية بخط السكرية والسلام عن أفضل الرسل على الدوام‏.‏
وفيه أرسلوا الوالي لينبه على السقائين بنقل الماء وعدم التعرض لهم ولحميرهم‏.‏ وفي
ليلة الأربعاء ثالث عشرينه خرج عدة كبيرة من العسكر
وطلب كبير الفرنساوية بونابارته أن يأخذ معه مصطفى بك كتخدا الباشا المتولي أمير الحاج ويأخذ أيضًا قاضي العسكر بجمقشي زاده وأربعة أنفار من المتعممين وهم الفيومي والصاوي والعريشي والدواخلي وجماعة أيضًا من التجار والوجاقلية ونصارى القبط والشوام‏.‏
وفي يوم السبت 26 رجب سنة 1213‏ هـ  -  2 نوفمبر 1798 م نادوا للناس بالأمان وفتح الأسواق ليلًا في رمضان حكم المعتاد‏.‏
وفيه انتقل قائمقام من بيته المطل على بركة الفيل وهو بيت ابراهيم بك الوالي وسكن بيت أيوب بك الكبير المطل على بركة الفيل وانتقلوا جميعهم الى بركة الأزبكية‏.‏
وفيه أعرض حسن آغا محرم المحتسب لساري عسكر أمر ركوبه المعتاد لإثبات هلال رمضان فرسم له بذلك على العادة القديمة فاحتفل لذلك المحتسب احتفالًا زائدًا وعمل وليمة عظيمة في بيته أربعة أيام أولها السبت وآخرها الثلاثاء دعا في أول يوم العلماء والفقهاء والمشايخ والوجاقلية وغيرهم وفي ثاني يوم التجار والأعيان وكذلك ثالث يوم ورابع يوم دعا أيضًا أكابر الفرنساوية وأصاغرهم وركب يوم الثلاثاء بالأبهة الكاملة زيادة عن العادة وأمامه مشايخ الحرف بطبولهم وزمورهم وشق القاهرة على الرسم المعتاد ومر على قائمقام وأمير الحاج وساري عسكر بونابارته ثم رجع بعد الغروب الى بيت القاضي بين القصرين فأثبتوا هلال رمضان ليلة الأربعاء ثم ركب من هناك بالموكب وأمامه المشاعل الكثيرة والطبول والزمور والنقاقير والمناداة بالصوم وخلفه عدة خيالة عارية رؤوسهم وشعورهم مرخية على أقفيتهم بشكل بشيع مهول وانقضى شهر شعبان وحوادثه‏.‏
فمنها أن أهل مصر جروا على عادتهم في بدعهم التي كانوا عليها وانكمشوا عن بعضها واحتشموها خوفًا من الفرنسيس فلما تدرجوا فيها وأطلق لهم الفرنساوية القيد ورخصوا لهم وسايروهم رجعوا إليها وانهمكوا في عمل مواليد الأضرحة التي يرون فرضيتها وأنها قربة تنجيهم بزعمهم من المهالك وتقربهم الى الله زلفى في المسالك فرمحوا في غفلاتهم مع ما هم فيه من الأسر وكساد غالب البضائع وغلوها وانقطاع الأخبار ومنع الجالب ووقوف الانكليز في البحر وشدة حجزهم على الصادر والوارد حتى غلت أسعار جميع الأصناف المجلوبة من البحر الرومي وانقطع أثر كثير من أرباب الصنائع التي كسدت لعدم طلابها واحتاجوا الى التكسب بالحرف الدنيئة كبيع الفطير وقلي السمك وطبخ الأطعمة والمأكولات والأكل في الدكاكين وإحداث عدة قهاوي وأما أرباب الحرف الدنيئة الكاسدة فأكثرهم عمل حمارًا مكاريًا حتى صارت الأزقة خصوصًا جهات العسكر مزدحمة بالحمير التي تكرى للتردد في شوارع مصر فإن للفرنسيس بذلك عناية عظيمة ومغالاة في الأجرة بحيث أن الكثير منهم يظل طول النهار فوق ظهر الحمار بدون حاجة سوى أن يجري به مسرعًا في الشارع وكذلك تجتمع الباعة منهم ويركبون الحمير ويجهدونها في المشي والإسراع وهم يغنون ويضحكون ويصيحون ويتمسخرون ويشاركهم المكارية في ذلك

كما أن لهم العناية وبذل الأموال والتردد الى حانات الراح والتغالي في شراء الفواكه والبوأطي والأقداح كما قال فى ذلك صاحبنا الشيخ حسن العطار :‏

أن الفرنسيس قد ضاعت دراهمهم ... ... فى مصرنا بين حمار وخمار

وعن قريب لهم فى الشام مهلكة ... ...   يضيع لهم فيها آجال وأعمار ‏
ومن طبعهم في الشرب أنهم يتعاطون لحد النشوة وترويح النفس فإن زادوا عن ذلك الحد لا يخرجون من منازلهم ومن سكر وخرج الي السوق ووقع منه أمر مخل عاقبوه وعزروه‏.‏

الأقباط يتساوون مع المسلمين فى ركوب الخيل فى ظل الأحتلال الفرنسى
ومنها ترفع أسافل النصارى من القبط والشوام والأروام واليهود وركوبهم الخيول وتقلدهم بالسيوف بسبب خدمتهم للفرنسيس ومشيهم الخيلاء وتجاهرهم بفاحش القول واستذلالهم المسلمين كل ذلك بما كسبت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد والحال الحال والمركوز في الطبع مازال والبعض استهوته الشياطين ومرق والعياذ بالله من الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏


ومنها تواتر الأخبار من ابتداء شهر رجب بأن رجلًا مغربيًا يقال له الشيخ الكيلاني كان مجاورًا بمكة والمدينة والطائف فلما وردت أخبار الفرنسيس الى الحجاز وأنهم ملكوا الديار المصرية انزعج أهل الحجاز ويدعوهم الى الجهاد ويحضرهم على نصرة الحق والدين وقرأ بالحرم كتابًا مؤلفًا في معنى ذلك فاتعظ جملة من الناس وبذلوا أموالهم وأنفسهم واجتمع نحو الستمائة من المجاهدين وركبوا البحر الى القصير مع ما انضم إليهم من أهل ينبع وخلافه‏.‏
فورد الخبر في أواخره أنه انضم إليهم جملة من أهل الصعيد وبعض أتراك ومغاربة ممن كان خرج معهم مع غز مصر عند وقعة انبابة وركب الغز معهم أيضًا وحاربوا الفرنسيس فلم تثبت الغز كعادتهم وانهزموا وتبعهم هوارة الصعيد والمتجمعة من القرى وثبت الحجازيون ثم انكفوا لقلتهم وذلك بناحية جرجا وهرب الغز والمماليك الى ناحية اسنا وصحبتهم حسن بك الجداوي وعثمان بك حسن تابعه ووقع بين أهل الحجاز والفرنسيس بعض حروب غير هذه المرة بعدة مواضع وينفصل الفريقان بدون طائل‏.‏

( الصورة المقابلة : الجيش الفرنسى فى الصعيد )
ومنها أن الفرنسيس عملوا كرنتيلة بجزيرة بولاق وبنوا هناك بناء فيحجزون بها القادمين من السفار أيامًا معدودة كل جهة من الجهات القبلية لذلك وضجوا بالحرم وجردوا الكعبة وأن هذا الشيخ صار يعظ الناس والبحرية بحسبها والله أعلم‏.‏
يوم الأربعاء استهل شهر رمضان سنة 1213‏هـ - 6 فبراير 1799 م فيه أخذ بونابارته في الاهتمام بالسفر الى جهة الشام وجهزوا طلبًا كثيرًا وصاروا في كل يوم يخرج منه طائفة بعد طائفة‏.‏
وفي يوم السبت 4 شهر رمضان سنة 1213 هـ ‏- 9 فبراير 1799 م عمل ساري عسكر ديوانًا وأحضر المشايخ والوجاقات وتكلم معهم في أمر خروجه للسفر وأنهم قتلوا المماليك الفارين بالصعيد وأجلوا باقيهم الى أقصى الصعيد وأنهم متوجهون الى الفرقة الأخرى بناحية غزة فيقطعونهم ويمهدون البلاد الشامية لأجل سلوك الطريق ومشي القوافل والتجارات برًا وبحرًا لعمار القطر وصلاح الأحوال وأننا نغيب عنكم شهرًا ثم نعود وعند عودنا نرتب النظام في البلاد والشرائع وغير ذلك فعليكم ضبط البلد والرعية في مدة غيابنا ونبهوا مشايخ الأخطاط والحارات كل كبير يضبط طائفته خوفًا من الفتن مع العسكر المقيمين بمصر فالتزموا له بذلك وكتبوا له أوراقًا مطبوعة على العادة في معنى ذلك وألصقوها بالطرق وفي ذلك اليوم خرج القاضي ومصطفى كتخدا الباشا والمشايخ المعينون للسفر الى جهة العادلية وخرج أيضًا عدة كبيرة من عسكرهم ومعهم أحمال كثيرة حتى الأسرة والفرش والحصر وعدة مواهي ومحفات للنساء والجواري البيض والسود والحبوش اللاتي أخذوها من بيت الأمراء وتزيا أكثرهن بزي نسائهم الإفرنجيات وغير ذلك‏.‏
وفي يوم الأحد 5 شهر رمضان سنة 1213‏ هـ - 10 فبراير 1799 م ركب ساري عسكر الفرنسيس وخرج أيضًا الى العادلية وذلك في الساعة الرابعة بطالع الحمل وفيه القمر في تربيع زحل وأبقى بمصر عدة من العسكر بالقلعة والأبراج التي بنوها على التلول وقائمقام وبوسليك وساري عسكر ويزه بجملة من العسكر في الصعيد وكذلك سواري عسكر الأقاليم كل واحد معه عسكر في جهة من الجهات وأخذ معه المديرين وأصحاب المشورة والمترجمين وأرباب الصنائع منهم كالحدادين والنجارين ومهندسي الحروب وكبيرهم أبو خشبة بمصر ثم تراسل المتخلفون في الخروج كل يوم تخرج منهم جماعة‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 7 شهر رمضان سنة 1213‏هـ - 10 فبراير 1799 م انتدب للنميمة ثلاثة من النصارى الشوام وعرفوهم أن المسلمين قاصدون الوثوب على الفرنسيس في يوم الخميس تاسعه فأرسل قائمقام خلف المهدي والآغا فأحضرهما وذكر لهما ذلك فقالا له‏:‏ هذا كذب لا أصل له وإنما هذه نميمة من النصارى كراهة منهم في المسلمين ففحص عمن اختلق ذلك فوجدهم ثلاثة من النصارى الشوام فقبضوا عليهم وسجنوهم بالقلعة حتى مضى يوم الخميس فلم يظهر صحة ما نقلوه فأبقاهم في الاعتقال ثم أن نصارى الشوام رجعوا الى عادتهم القديمة في لبس العمائم السود والزرق وتركوا لبس العمائم البيض والشيلان الكشميري الملونة والمشجرات وذلك بمنع الفرنسيس لهم من ذلك ونبهوا أيضًا بالمناداة في أول رمضان بأن نصارى البلد يمشون على عادتهم مع المسلمين أولًا ولا يتجاهرون بالأكل ولا يشربون الدخان ولا شيئًا من ذلك بمرأى منهم كل ذلك لاستجلاب خواطر الرعية حتى أن بعض الرعية من الفقهاء مر على بعض النصارى وهو يشرب الدخان فانتهزه فرد عليه ردًا شنيعًا فنزل ذلك المتعمم وضرب النصراني واجتمع عليه الناس وحضر حاكم الخطة فرفعهما الى قائمقام فسأل من النصارى الحاضرين عن عادتهم في ذلك فأخبروه أن من عادتهم القديمة أنه إذا استهل شهر رمضان لا يأكلون ولا يأكلون في الأسواق ولا بمرأى من المسلمين أبدًا فضرب النصراني وترك المتعمم لسبيله‏.‏
وفي يوم السبت 19 شهر رمضان سنة 1213‏هـ - 24 فبراير 1799 م أحضروا مراد آغا تابع سليمان بك الآغا ومعه آخر من الأجناد من ناحية قبلي فأصعدوهما القلعة قبل قتلهما‏.‏

إنضمام بعض العثمانيين الذين كانوا فى قلعة العريش إلى الجيش الفرنسى
وفي يوم الأحد   25 شهر رمضان سنة 1213‏هـ -  مارس 1799 م ورد الخبر بأن الفرنساوية ملكوا قلعة العريش وطاف رجل من أتباع الشرطة ينادي في الأسواق أن الفرنساوية ملكوا قلعة العريش وأسروا عدة من المماليك وفي غد يعملون شكنًا ويضربون مدافع فإذا سمعتم ذلك فلا تفزعوا فلما أصبح يوم الأحد حضر المماليك المذكورة وهم ثمانية عشر مملوكًا وأربعة من الكشاف وهم راكبون الحمير ومتقلدون بأسلحتهم ومعهم نحو المائة من عسكر الفرنسيس وأمامهم طبلهم وخرج بعض الناس فشاهدهم ولما وصلوا الى خارج القاهرة حيث الجامع الظاهري خرج الآغا وبرطلمين بطوافيهما ينتظرانهم ومعهم طبول وبيارق وطوائف ومشوا معهم الى الأزبكية من الطريق التي أحدثوها ودخلوا بهم الى بيت قائمقام فأخذوا سلاحهم وأطلقوهم فذهبوا الى بيوتهم وفيهم أحمد كاشف تابع عثمان بك الأشقر وآخر يقال له حسن كاشف الدويدار وكاشفان آخران وهما يوسف كاشف الرومي واسمعيل كاشف تابع أحمد كاشف المذكور وكان من خبرهم أنهم كانوا مقيمين بقلعة العريش وصحبتهم نحو ألف عسكري مغاربة وأرنؤد فحضر لهم الفرنسيس الذين كانوا في المقدمة في أواخر شعبان فأحاطوا بالقلعة وحاربوهم من داخلها ونالوا منهم ما نالوه ثم حضر إليهم ساري عسكر بجموعه بعد أيام وألحوا في حصارهم فأرسل من بالعريش الى غزة فطلب نجدة فأرسلوا لهم نحو السبعمائة وعليهم قاسم بك أمين البحرين فلم يتمكنوا من الوصول الى القلعة لتحلق الفرنساوية بها وإحاطتهم حولها فنزلوا قريبًا من القلعة فكبستهم عسكر الفررنسيس بالليل فاستشهد قاسم بك وغيره وانهزم الباقون ولم يزل أهل القلعة يحاربون ويقاتلون حتى فرغ ما عندهم من البارود والذخيرة فطلبوا عند ذلك الأمان فأمنوهم ومن القلعة أنزلوهم وذلك بعد أربعة عشر يومًا فلما نزلوا على أمانهم أرسلوهم الى مصر مع الوصية بهم وتخلية سبيلهم فحضروا الى مصر كما ذكر وأخذوا سلاحهم وخلوا سبيلهم وصاروا يترددون عليهم ويطمونهم ويلاطفونهم ويفرجونهم على صنائعهم وأحوالهم ( الصورة المقابلة : الجنود الأتراك فى قلعة العريش ) ‏.‏
وأما العسكر الذين كانوا معهم بقلعة العريش فبعضهم انضاف إليهم وأعطوهم جامكية وعلوفة وجعلوهم بالقلعة مع عسكر من الفرنسيس والبعض لم يرض بذلك فأخذوا سلاحه وأطلقوهم في حال سبيلهم وذهب الفرنسيس الى ناحية غزة وفي ذلك اليوم بعد الظهر عملوا الشنك الموعود به وضربوا عدة مدافع بالقلعة والأزبكية وأظهر النصارى الفرح والسرور بالأسواق والدور وأولموا في بيوتهم الولائم وغيروا الملابس والعمائم وتجمعوا للهو والخلاعة وزادوا في القبح والشناعة‏.‏
بدء ظهور قوة الهجان ( الهجانة)
وفي يوم الأربعاء 29 شهر رمضان سنة 1213‏هـ - 6 مارس 1799 م توفي أحمد كاشف المذكور فجأة وفي عصر ذلك اليوم حضر جماعة من الفرنسيس نحو الخمسة والعشرين هم راكبون الهجن وعلى رؤوسهم عمائم بيض ولابسون برانس بيضًا على أكتافهم فذهبوا الى بيت قائمقام بالأزبكية ( الصورة المقابلة : رجل من قوة الهجانة ومما يذكر أن أسرة محمد على كانت تستعمل هذه القوة من الجنود السودانيين أو النوبيين )

الفرنسيين أحتلوا غزة وخان يونس

فلما أصبح يوم الخميس 30 شهر رمضان سنة 1213‏هـ - 7 مارس 1799 م عملوا الديوان وقرأوا المكاتبة التي حضرت مع الهجانة حاصلها أن الفرنسيس أخذوا غزة وخان يونس وأخبار مختلفة‏.‏
منها أنهم وجدوا ابراهيم بك ومن معه ارتحلوا من هناك وكانوا أرسلوا حريمهم وأثقالهم الى جبل نابلس وقيل بل تحاربوا معهم وانهزموا وفي ذلك اليوم بعد العصر بنحو عشرين درجة حضر عدة من الفرنسيس ومهم كبير منهم وهم راكبون الخيول وعدة من المشاة وفيهم جماعة لابسون عمائم بيضًا وجماعة أيضًا ببرانيط ومعهم نفير ينفخ فيه وبيدهم بيارق وهي التي كانت عند المسلمين على قلعة العريش الى أن وصلوا الى الجامع الأزهر فاصطفوا رجالًا وركبانًا بباب الجامع وطلبوا الشيخ الشرقاوي فسلموه تلك البيارق وأمروه برفعها ونصبها على منارات الجامع الأزهر فنصبوا بيرقين ملونين على المنارة الكبيرة ذات الهلالين عند كل هلال بيرقًا وعلى منارة أخرى بيرقًا ثالثًا وعند رفعهم ذلك ضربوا عدة مدافع من القلعة بهجة وسرورًا وكان ذلك ليلة عيد الفطر فلما كان عند الغرب ضربوا عدة مدافع أيضًا إعلامًا بالعيد وبعد العشاء الأخيرة طاف أصحاب الشرطة ونادوا بالأمان وبخروج الناس على عادتهم لزيارة القبور بالقرافتين والاجتماع لصلاة العيد وأن يلبسوا أحسن ثيابهم ولما ملكوا العريش كتبوا أوراقًا وأرسلوها الى البلاد ونصها‏:‏ فرمان عام موجه من أمير الجيوش الى أهالي الشام قاطبة‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين من طرف بونابارته أمير الجيوش الفرنساوية الى حضرة المفتين والعلماء وكافة أهالي نواحي غزة والرملة ويافا حفظهم الله تعالى بعد السلام نعرفكم أننا حررنا لكم هذه السطور نعلمكم أننا حضرنا في هذا الطرف لقصد طرد المماليك وعسكر الجزار عنكم والى أي سبب حضور عسكر الجزار وتعديه على بلاد يافا وغزة التي ما كانت من حكمه والى أي سبب أيضًا أرسل عساكره الى قلعة العريش بذلك هجم على أراضي مصر فلا شك كان مراده إجراء الحروب معنا ونحن حضرنا لنحاربه فأما أنتم يا أهالي الأطراف المشار إليها فلم نقصد لكم أذية ولا أدنى ضرر فأنتم استمروا في محلكم ووطنكم مطمئنين ومرتاحين وأخبروا من كان خارجًا عن محله ووطنه أن يرجع ويقيم في محله ووطنه ومن قبلنا عليكم ثم عليهم الأمان الكافي والحماية التامة ولا أحد يتعرض لكم في مالكم وما تملكه يدكم وقصدنا أن القضاة يلازمون خدمهم ووظائفهم على ما كانوا عليه وعلى الخصوص أن دين الإسلام لم يزل معتزًا ومعتبرًا والجوامع عامرة بالصلاة وزيارة المؤمنين‏.‏
إذ كل خير يأتي من الله تعالى وهو يعطي النصر لمن يشاء ولا يخفاكم أن جميع ما تأمر به الناس ضدنا فيغدو باطلًا ولا نفع لهم به لأن كل ما نضع به يدنا لابد من تمامه للخير والذي يتظاهر بالغدر يهلك ومن كل ما حصل تفهمون جيدًا أننا نقمع أعداءنا ونعضد من يحبنا‏.‏
وعلى الخصوص من كوننا متصفين بالرحمة والشفقة على الفقراء المساكين‏.‏
ولما أخذوا غزة أرسلوا طومارًا بصورة الواقعة وبصموه نسخًا وقرئ بالديوان وألصقوا نسخه المطبوعة بالأسواق وصورته‏:‏

بسم الله الرحمن الرحيم

ولا عدوان إلا على الظالمين

 نخبر أهل مصر وأقاليمها أنه حضر فرمان مكتوب من غزة من حضرة الجنرال اسكندر يرتبه خطابًا الى حضرة ساري عسكر دوجا وكيل الجيوش بمصر يخبره فيه بأن العساكر الفرنساوية باتوا ليلة تسعة عشر شهر رمضان في خان يونس وفي فجر تلك الليلة توجهوا سائرين الى ناحية غزة فكشفوا قبل الظهر بساعة عسكر المماليك وعسكر الجزار جالسين تجاه غزة فتوجه إليهم الجنرال مرارًا مع عساكر الفرنساوية من خيالة ومشاة مراده اغتيال عسكر المماليك وعسكر الجزار فلما انتبهوا له فروا هاربين ووقع بينه وبين أطراف العساكر بعض مضاربة يسيرة لم ينجرح فيها إلا شخصان من الفرنساوية مات عسكري واحد ومات من عسكر المماليك والجزار ناس قلائل وحين تشاغل ساري عسكر مراد بالمضاربة والمقاتلة دخل حضرة ساري عسكر كلهبر (الصورة المقابلة : كليبر) الذي كان حاكمًا بالاسكندرية وكان ساكنًا بالأزبكية الى بندر غزة وملكها من غي ر معارض له ووجدوا فيها حواصل مشحونة بالذخائر من بقسماط وشعير وأربعمائة قنطار بارود واثني عشر مدفعًا وحاصلًا كبيرًا مملوءًا بالخيام الكثيرة وجللًا وبنبات مهيئات محضرات كصنعة الإفرنج هذا ما وقع لملكهم لغزة وقد أخبرناكم على ما وقع في كيفية ملك العريش سابقًا فاستقيموا عباد الله وارضوا بقضاء الله وتأدبوا في أحكام مولاكم الذي خلقكم وسواكم والسلام ختام‏.‏
وانقضى شهر رمضان ووقع به قبل ورود هذه الأخبار من السكون والطمأنينة وخلو الطرقات من العسكر وعدم مرور المتخلفين منهم إلا في النادر واختفائهم بالليل جملة كافية وانفتاح الأسواق والدكاكين والذهاب والمجيء وزيارة الإخوان ليلًا والمشي على العادة بالفوانيس ودونها واجتماع الناس للسهر في الدور والقهاوي ووقود المساجد صلاة التراويح وطواف المسحرين والتسلي بالرواية والنقول وترجي المأمول وانحلال الأسعار فيما عدا المجلوبات من الأقطار‏.‏
ومنها أن الفرنساوية صاروا يدعون أعيان الناس والمشايخ والتجار للإفطار والسحور ويعملون لهم الولائم ويقدمون لهم الموائد على نظام المسلمين وعادتهم ويتولى أمر ذلك الطباخون والفراشون من المسلمين تطمينًا لخواطرهم ويذهبون هم أيضًا ويحضرون عندهم الموائد ويأكلون معهم في وقت الإفطار ويشاهدون ترتيبهم ونظامهم ويحذون حذوهم ووقع منهم من المسايررة للناس وخفض الجانب ما يتعجب منه والله أعلم‏.‏
يوم الجمعة أول شهر شوال سنة 1213‏هـ - 8 مارس 1799 م استهل بيوم الجمعة وفي صبح ذلك اليوم ضربوا عدة مدافع لشنك العيد واجتمع الناس لصلاة العيد في المساجد والأزهر واتفق أن إمام الجامع الأزهر نسي قراءة الفاتحة في الركعة الثانية فلما سلم أعاد الصلاة بعدما شنع عليه الجماعة وخرج الرجال والنساء لزيارة القبور‏.‏
فانتبذ بعض الحرافيش نواحي تربة باب النصر وأسرع في مشيه هو يقول‏:‏ نزلت عليكم العرب يا ناس فهاجت الناس وانزعجت النساء ورمحت الجعيدية والحرافيش وخطفوا ثياب النساء وأزرهن وما صادفوه من عمائم الرجال وغير ذلك واتصل ذلك بتربة المجاورين وباب الوزير والقرافة حتى أن بعض النساء مات تحت الأرجل ولم يكن لهذا الكلام صحة وإنما ذلك من مخترعات الأوباش لينالوا أغراضهم من الخطف بذلك‏.‏
وفيه ركب أكابر الفرنسيس وطافوا على أعيان البلد وهنوهم بالعيد وجاملهم الناس بالمدارة وفي أوائله وردت الأخبار بأن الأمراء المصرية القبليين تفرقوا من بعضهم فذهب مراد بك وآخرون الى نواحي ابراهيم بك ومنهم من ذهب الى ناحية أسوان والألفي عدى بجماعته الى ابر الشرقي‏.‏
وفي 5 شهر شوال سنة 1213‏هـ - 12 مارس 1799 م  قدم الشيخ محمد الدواخلي من ناحية القرين متمرضًا وكان بصحبته الصاوي والفيومي متخلفين بالقرين وسبب تخلفهم أن كبير الفرنسيس لما ارتحل من الصالحية أرسل الى كتخدا الباشا والقاضي والجماعة الذين بصحبتهم يأمرهم بالحضور الى الصالحية لأنهم كانوا يباعدون عنه مرحلة فلما أرادوا ذلك بلغهم وقوف العرب بالطريق فخافوا من المرور‏.‏
فذهبوا الى العرين فأقاموا هناك واتخذ عسكر الفرنسيس جمالهم فأقاموا بمكانهم فتقلق هؤلاء الثلاثة وخافوا سوء العاقبة ففارقوهم وذهبوا للقرين وتخلف عنهم الفيومي فأقام مع كتخدا الباشا والقاضي فحصل للدواخلي توعك فحضر الى مصر وبقي رفيقاه في حيرة‏.‏
وفي الخميس 7 شهر شوال سنة 1213‏هـ - 14 مارس 1799 م أحضر الآغا رجلًا ورمى عنقه عند باب زويلة ( الصورة المقابلة باب زويلة ) وشنق امرأة على شباك السبيل تجاه الباب والسبب في ذلك أن الفرنساوي حاكم خط الخليفة وجهة الركبية ويسي دلوي أحضر باعة الغلال بالرميلة وصادرهم ومنعهم من دفع معتاد الوالي فاجتمعوا وذهبوا الى كبير الفرنسيس الذي يقال له شيخ البلد وشكوا إليه وكان الأمير ذو الفقار حاضرًا وهو يسكن تلك الجهة فعضدهم وعرف شيخ البلد عن شكواهم فأرسل شيخ البلد الى دلوي فانتهره وأمره برد ما أخذه فأخبره أتباعه أن ذا الفقار هو الذي عضدهم وأنهى شكواهم الى كبيرهم فقام دلوي المذكور ودخل على ذي الفقار في بيته وسبه وشتمه بلغته وفزع عليه ليضربه فلما خرج من عنده قام وذهب الى كبيرهم وأخبره بفعل دلوي معه فأمر بإحضاره وحبسه بالقلعة‏.‏
ثم أخبر بعض الناس شيخ البلد أن التعرض الذي وقع من دلوي لباعة الغلة إنما هو بإغراء خادمه وعرفه أن خادمه المذكور مولع بامرأة رقاصة من الرميلة تأتيه بأشكالها هو وأضرابه وترقص لهم تلك المرأة في القهوة التي بخطهم ليلًا ونهارًا وتبيت معهم في البيت ويصبحون على حالهم فلما حبس أميرهم اختفوا فدلوا على الرجل والمرأة فقبضوا عليهما وفعلوا بهما ما ذكر ولا بأس بما حصل‏.‏
وفي يوم الجمعة 8 شهر شوال سنة 1213‏هـ - 15 مارس 1799 م نودي في الأسواق بموكب كسوة الكعبة المشرفة من قراميدان والتنبيه باجتماع الوجاقات وأرباب الأشاير وخلافهم على العادة في عمل الموكب

فلما أصبح يوم السبت 9 شهر شوال سنة 1213‏هـ - 16 مارس 1799 م اجتمع الناس في الأسواق وطريق المرور وجلسوا للفرجة فمروا بذلك وأمامها الوالي والمحتسب وعليهم القفاطين والبينشات وجميع الأشاير بطبولهم وزمورهم وكاساتهم ثم برطلمين كتخدا مستحفظان وأمامه نفر الينكجرية من المسلمين نحو المائتين أو أكثر وعدة كثيرة من نصارى الأروام بالأسلحة والملازمين بالبراقع وهو لابس فروة عظيمة ثم مواكب القلقات ثم موكب ناظر الكسوة وهو تابع مصطفى كتخدا الباشا وخلفه النوبة التركية فكانت هذه الركبة من أغرب المواكب وأعجب العجائب لما اشتملت عليه من اختلاف الأشكال وتنوع الأمثال واجتماع الملل وارتفاع السفل وكثرة الحشرات وعجائب المخلوقات واجتماع الأضداد ومخالفة الوضع المعتاد وكان نسيج الكسوة بدار مصطفى كتخدا المذكور وهو على خلاف العادة من نسجها بالقلعة‏.‏
 

This site was last updated 11/06/09