Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الإنسحاب من عكا

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الفرنسيين يحتلون الأسكندرية
نابليون يحتل القاهرة
نابليون والشيوخ يحكمون مصر
الفرنسيين يحكمون مصر
ثورة القاهرة الأولى
ديوان عمومى يحكم مصر
حصار يافا وتفشى الطاعون
الإنسحاب من عكا
هجوم الإنجليز وسفر نابليون
سيف نابليون بالمزاد
حواس وبونابرت
إعدام محمد كرّيم
نهاية نابليون
الإمبراطورة جوزفين

Hit Counter


تقدم علم الفلك عند الفرنسيين
وفي يوم السبت غايته شهر شوال سنة 1213‏هـ - 5 أبريل 1799 م  حضر المشايخ والوجاقات والتجار ما خلا القاضي فإنه لم يحضر وتخلف مع مصطفى كتخدا وانقضى هذا الشهر وما تجدد به من الحوادث التي منها أن الفرنساوية عملوا جسرًا من مراكب مصطفة وعليها أخشاب مسمرة من بر مصر بالقرب من قصر العيني الى الروضة قريبًا من موضع طاحون الهواء تسير عليه الناس بدوابهم وأنفسهم الى البر الآخر وعملوا كذلك جسرًا عظيمًا من الروضة الى الجيزة‏.‏
ومنها أن توت الفلكي رسم في فسحة دارهم العليا ببيت حسن كاشف جركس خطوط البسيطة لمعرفة فضل الدائر لنصف النهار على البلاط المفروش بطول الفسحة ووضع لها بدل الشاخص دائرة مثقوبة بثقب عديدة في أعلى الرفوف مقابلة لعرض الشمس ينزل الشعاع من تلك الثقب ويمر على الخطوط المرسومة المقسومة ويعرف منه الباقي للزوال ومدارات البروج شهرًا شهرًا وعلى كل برج صورته ليعلم منه درجة الشمس ورسم أيضًا مزولة بالحائط الأعلى على حوش المكان الأسفل المشترك بين الدارين بشاخص على طريق وضع المنحرفات والمزاول ولكن لساعات قبل الزوال وبعده خلاف الطريق المعروفة عندنا بوقت العصر وفضل دائر الغروب وقوس الشفق والفجر وسمت القبلة وتقسيم الدرج وأمثال ذلك لأجل تحقيق أوقات العبادة وهم لا يحتاجون الى ذلك فلم يعانوه ورسم أيضًا بسيطة على مربعة من نحاس أصفر منزلة بخطوط عديدة في قاعدة عامود قصير طوله أقل من قامة قايم بوسط الجنينة وشاخصها مثلث من حديد يمر ظل طرفه على الخطوط المتقاطعة وهي متقنة الرسم والصناعة وحولها معاريفها واسم واضعها بالخط الثلث العربي المجود حفرًا في النحاس وفيها تنازيل الفضة على طريقة أوضاع العجم وغير ذلك‏.‏
ومنها أنهم لما سخطوا على كتخدا الباشا وقبضوا على أتباعه وسجنوهم وفيهم كتخداه الذي كان ناظرًا على الكسوة فقيدوا في النظر على مباشرة إتمامها صاحبنا السيد اسمعيل الوهبي المعروف بالخشاب أحد العدول بالمحكمة فنقلها لبيت أيوب جاويش بجوار مشهد السيدة زينب وتمموها هناك وأظهروا أيضًا الاهتمام بتحصيل مال الصرة وشرعوا في تحرير دفتر الإرسالية الخاصة‏.‏
واستهل شهر القعدة بيوم الأحد سنة 1213 هـ

الجهاد أفضل من الحج

في يوم الجمعة 6 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 11 أبريل 1799 م حضرت هجانة من الفرنسيس ومعهم مكاتبة مضمونها أنهم أخذوا حيفا وبعدها ركبوا على عكا وضربوا عليها وهدموا جانبًا من سورها وأنهم بعد أربعة وعشرين ساعة يملكونها وأنهم استعجلوا في إرسال هذه الهجانة لطول المدة والانتظار لئلا يحصل لأصحابهم القلق فكونوا مطمئنين وبعد سبعة أيام نحضر عندكم بسلام‏.‏
وفيه حضرت مغاربة حجاج الى بر الجيزة فتحدث الناس وكثر لغطهم وتقولوا بأنهم عشرون ألفًا حضروا لينقذوا مصر من الفرنسيس فأرسل الفرنسيس للكشف عليهم فوجدوهم طائفة من خلايا وقرى فاس مثل الفلاحين فأذنوا لهم في تعدية بعض أنفار منهم لقضاء أشغالهم فحضر شخص منهم الى الفرنسيس ووشى إليهم أنهم قدموا لمحاربهتم والجهاد فيهم وأنهم اشتروا خيلًا وسلاحًا وقصدهم إثارة فتنة فأرسل الفرنسيس إليهم جماعة ينظرون في أمرهم فذهبوا إليهم وتكلموا معهم ومع كبيرهم وعن الذي نقل عنهم فقالوا‏:‏ إنما جئنا بقصد الحج لا لغيره‏.‏
ثم رجعوا وصحبتهم كبير المغاربة فعملوا الديوان في صبحها وأحضروه وكذلك أحضروا الرجل الذي وشى عليهم فتكلموا مع كبير المغاربة وسألوه وناقشوه فقال‏:‏ إنا لم نأت إلا بقصد الحج فقيل له ولأي شيء تشترون الأسلحة والخيول فقال نعم لازم لنا ذلك ضرورة فقيل له إنه نقل عنكم أنكم تريدون محاربة الفرنساوية وتقولون الجهاد أفضل من الحج فقال هذا كلام لا أصل له فقيل له إن الناقل لذلك رجل منكم فقال إن هذا الرجل حرامي أمسكناه بالسرقة وضربناه فحمله الحقد على ذلك وإن هذه البلاد ليست لنا ولا لسلطاننا حتى نقاتل عليها ولا يصح أن نقاتلكم بهذه الشرذمة القليلة وليس معنا إلا نصف قنطار بارود ثم اتفقوا معه على أن يجمعوا سلاحهم ويقيم كبيرهم عندهم رهينة حتى يعدى جماعته ويسافروا ويلحقهم بعد يومين بالسلاح فأجابهم الى ذلك فشكروه وأهدوا له هدية

فلما كان يوم السبت 7 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 12 أبريل 1799 م خرجت عدة من العسكر الى بولاق ومعهم مدفعان ليقفوا للمغاربة حتى يعدوا البحر ويمشوا معهم الى العادلية فلما رأى الناس خروج العسكر والمدافع فزعوا في المدينة وبولاق ورمحوا كعادتهم في كرشاتهم وصياحهم وأشاعوا أن الفرنسيس خرجت لقتال المغاربة فأغلقوا غالب الأسواق والدكاكين وأمثال ذلك من تخيلاتهم فلم يعد المغاربة ذلك اليوم وعدوا في ثاني يوم ومشى معهم عسكر الفرنسيس الى العادلية وهم يضربون الطبول وأمامهم مدفع وخلفهم مدفع مع جملة من العساكر‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 10 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 15 أبريل 1799 م سافر عدة من عسكر الفرنسيس الى عرب الجزيرة فإن مصطفى بك كتخدا الباشا ذهب إليهم والتجأ لهم فعينوا عليهم تلك العساكر‏.‏
وفي يوم الأربعاء 12 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 17 أبريل 1799 م أفرجوا عن جماعة من القليونجية وغيرهم الذين كانوا محبوسين بالقلعة وفيهم المعلم نقولا النصراني الأرمني الذي كان رئيس مركب مراد بك الحربية التي أنشأها بالجيزة وأسكنوه ببيت حسن كتخدا بباب الشعرية‏.‏
وفيه حضر بن شديد شيخ عرب الحويطات بأمان وكان عاصيًا فأعطوه الأمان وخلعوا عليه وسفروا معه قافلة دقيق وبقسماط العسكر بالشام‏.‏
وفي يوم السبت 21 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 26 أبريل 1799 م حضر مجلون من الناحية القبلية وصحبته أموال البلاد والغنائم من بهائم وخلافها‏.‏
وفيه عملوا كرنتيلة عند العادلية لمن يأتي من بر الشام من العسكر الى ناحية شرق اطفيح بسبب محمد بيك الألفي‏.‏ ( الصورة المقابلة : مراكب الفرنسيين فى الميناء ) .‏
وفيه حضر الذين كانوا ذهبوا الى عرب الجزيرة فضربوهم ونالوا منهم بعض النيل وأما مصطفى بك فلم تعلم عنه حقيقة حال قيل إنه ذهب الى الشام‏.‏
وفي 25 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ -30 أبريل 1799 م وصلت مراسلة من المذكور خطابًا للمشايخ بالشام ويرجون الإفراج عن قريبه وكتخدائه ويتحفظون على الأمتعة التي أخذوها فإنها من متعلقات الدولة فلما أطلعوهم على تلك المكاتبة قالوا لا يمكن الإفراج عن المذكورين حتى نتحقق أنه ذهب الى ساري عسكر ويأتينا منه خطاب في شأنه فإنه من الجائز أنه يكذب في قوله‏.‏
وفيه ثبت أن محمد بك الألفي مر من خلف الجبل وذهب الى عرب الجزيرة ومعه من جماعته نحو المائة وقيل أكثر والتف عليه الكثير من الغز والمماليك المشردين بتلك النواحي وقدم له

وفي 27 شهر ذو القعدة سنة 1213‏هـ - 2 مايو 1799 م لخص الفرنساوية طومارًا قرئ بالديوان وطبع منه عدة نسخ وألصقت بالأسواق على العادة وكان الناس أكثروا من اللغط بسبب انقطاع الأخبار عن الفرنسيس المحاصرين لعكا والروايات عمن بالصعيد والكيلاني والأشراف الذين معه وغير ذلك‏.‏ 
وصورتها‏:‏

من محفل الديوان الكبير بمصر بسم الله الرحمن الرحيم ولا عدوان إلا على الظالمين

نخبر أهل مصر أجمعين أنه حضر جواب من عكا من حضرة ساري عسكر الكبير خطابًا منه الى حضرة ساري عسكر الوكيل بثغر دمياط تاريخه تاسع القعدة سنة تاريخه‏.‏
يخبر فيه أننا أرسلنا لكم نقيرتين لدمياط الأولى أرسلنا في خمسة وعشرين شوالًا والثانية في ثمانية وعشرين منه أخبرناكم فيهما عن مطلوبنا إرسال جانب جلل وذخائر الى عساكرنا المحافظين في غزة ويافا لأجل زيادة المحافظة والصيانة وأما من قبل العرضي فإن الجلل عندنا كثيرة والذخائر والمآكل والمشارب والخيرات غزيرة حتى أنها زادت عندنا الجلل بكثرة جمعناها مما رمته الأعداء فكأن أعداءنا أعانونا ونخبركم أننا عملنا لغمًا مقدار عمقه ثلاثون قدمًا وسرنا به حتى قربناه الى السور الجواني بمسافة نحو ثمانية عشر قدمًا وقد قربت عساكرنا من الجهة التي تحارب فيها حتى صار بينهم وبين السور ثمانية وأربعون قدمًا بمشيئة الله تعالى عند وصول كتابنا إليكم وقبل إتمام قراءته عليكم نكون ظافرين بملك قلعة عكا أجمعين فإننا تهيأنا الى دخولها يأتيكم خبر ذلك بعد هذا الكتاب وأما بقية إقليم الشام وما يلي عكا من البلاد فإنهم لنا طائعون وبالاعتناء ومزيد المحبة راغبون يأتوننا بكل خير عظيم ويحضرون لنا أفواجًا بالهدايا الكثيرة والحب الجسيم من القلب السليم وهذا من فضل الله علينا ومن شدة بغضهم الجزار باشا ونخبركم أيضًا أن الجنرال بونوت انتصر على أربعة آلاف مقاتل حضروا من الشام خيالة ومشاة فقابلهم بثلثمائة عسكري مشاة من عسكرنا فكسروا التجريدة المذكورة وأوقع منهم نحو ستمائة نفس ما بين مقتول ومجروح وأخذ منهم خمسة بيارق وهذا أمر عجيب لم يقع نظيره في الحروب أن ثلثمائة نفس تهزم نحو أربعة آلاف نفس فعلمنا أن النصرة من عند الله لا بالقلة ولا بالكثرة هذا آخر كتاب ساري عسكر الكبير الى وكيله بدمياط وأرسل إلينا بالديوان حضرة الوكيل ساري عسكر دوجا الوكيل بمصر المحروسة يخبرنا بصورة هذا المكتوب ويأمرنا أننا نلزم الرعايا من أهل مصر والأرياف أن يلزموا الأدب والإنصاف ويتركوا الكذب والخراف فإن كلام الحشاشين يوقع الضرر للناس المعتبرين فإن حضرة ساري عسكر دوجا الوكيل بلغه أن أهل مصر وأهل الأرياف يتكلمون بكلام لا أصل له من قبل الأشراف والحال أن الأشراف الذين يذكرونهم ويكذبون عليهم جاءت أخبارهم من حضرة ساري عسكر الصعيد يخبر الوكيل دوجا بأن الأشراف المذكورين الذين صحبة الكيلاني قد مزقوا كل ممزق وانهزموا وتفرقوا فلم يكن الآن في بلاد الصعيد شيء يخالف المراد وسلم من الفتن والعناد فأنتم يا أهل مصر ويا أهل الأرياف اتركوا الأمور التي توقعكم في الهلاك والتلاف وامسكوا أدبكم قبل أن يحل بكم الدمار ويلحقكم الندم والعار والأولى للعاقل اشتغاله بأمر دينه ودنياه وأن يترك الكذب وأن يسلم لأحكام الله وقضاه فإن العاقل يقرأ العواقب وعلى نفسه يحاسب هذا شأن أهل الكمال يتركون القيل والقال ويشتغلون بإصلاح الأحوال ويرجعون الى الكبير المتعال والس
لام‏.‏

وفي هذا الشهر كتبوا أوراقًا بأوامر ونصها‏:‏

من محفل الديوان العمومي الى جميع سكان مصر وبولاق ومصر القديمة إننا قد تأملنا وميزنا أن الواسطة الأقرب والأيمن لتلطيف أو لمنع الخطر الضروري وهو تشويش الطاعون عدم المخالطة مع النساء المشهورات لأنهن الواسطة الأولى للتشويش المذكور فلأجل ذلك حتمنا ورتبنا ومنعنا الى مدة ثلاثين يومًا من تاريخه أعلاه لجميع الناس إن كان فرنساويًا أو مسلمًا أو روميًا أو نصرانيًا أو يهوديًا من أي ملة كان كل من أدخل الى مصر أو بولاق أو مصر القديمة النساء المشهورات إن كان في بيوت العسكر أو من كان داخل المدينة فيكون قصاصه بالموت كذلك من قبل النساء والبنات المشهورات بالعسكر إن دخلن من أنفسهن أيضًا يقاصصن بالموت‏.‏
الأنكليز يهاجمون ميناء القلزم ويصادرون مركب تحمل بن
من حوادث هذا الشهر أنه حضر الى القلزم مركبان انكليزيان وقيل أربعة ووقفوا قبالة السويس وضربوا مدافع ففر أناس من سكان السويس الى مصر وأخبروا بذلك أنهم صادفوا بعض داوات تحمل البن والتجارة فحجزوها ومنعوها من الدخول الى السويس‏( الصورة المقابلة : ميناء وقلعة السويس أيام الإحتلال الفرنسي ) .‏

وفيه حضر الى السويس تسعة داوات بها بن وبهار وبضائع تجارية وفيها لشريف مكة نحو خمسمائة فرق بن وكانت الانكليز منعتهم الحضور فكاتبهم الشريف فأطلقوهم بعد أن حددوا عليهم أيامًا مسافة التنقيل والشحنة وأخذوا منهم عشورًا وسامح الفرنسيس بن الشريف من العشور لأنه أرسل لهم مكاتبة بسبب ذلك وهدية قبل وصول المراكب الى السويس بنحو عشرين يومًا وطبعوا صورتها في أوراق وألصقوها بالأسواق وهي خطاب لبوسليك‏.‏

قلاقل من عرب البحيرة والألفى ضد الفرنسيين
ومنها أن طائفة من عرب البحيرة يقال لهم عرب الغز جاءوا وضربوا دمنهور وقتلوا عدة من الفرنسيس وعاثوا في نواحي تلك البلاد حتى وصلوا الى الرحمانية ورشيد وهم يقتلون من يجدونه من الفرنسيس وغيرهم وينهبون البلاد والزروعات‏.‏
ومنها أن الكيلاني المذكور آنفًا توفي الى رحمة الله تعالى وتفرقت طائفته في البلاد حتى أنه حضر منهم جملة الى مصر وكان أكثر من يخامر عليهم أهل بلاد الصعيد فيوهمونهم معاونتهم وعند الحروب يتخلون عنهم وبعض البلاد يضيفون ويسلط عليهم الفرنسيس فيقبضون عليهم‏ ( الصورة المقابلة لعرب البحيرة ) .‏
ومنها أنه حضر الى مصر الأكثر من عسكر الفرنسيس الذين كانوا بالجهة القبلية وضربوا في حال رجوعهم بني عدي من بلاد الصعيد مشهورة وكان أهلها ممتنعين عليهم في دفع المال والكلف ويرون في أنفسهم الكثرة والقوة والمنعة فخرجوا عليهم وقاتلوهم فملك عليهم الفرنسيس تلًا عاليًا وضربوا عليهم بالمدافع فأتلفوهم وأحرقوا جرونهم ثم كبسوا عليهم وأسرفوا في قتلهم ونهبهم وأخذوا شيئًا كثيرًا وأموالًا عظيمة وودائع جسيمة للغز وغيرهم من مساتير أهل البلاد القبلية لظن منعتهم وكذلك فعلوا بالميمون‏.‏
في 2 شهر ذو الحجة سنة 1213‏هـ - 7 مايو 1799 م خرج نحو الألف من عسكر الفرنسيس للمحافظة على البلاد الشرقية لتجمع العرب والمماليك على الألفي وكذلك تجمع الكثير من الفرنسيس وذهبوا الى جهة دمنهور وفعلوا بها ما فعلوا في بني عدي من القتل والنهب لكونهم عصوا عليهم بسبب أنه ورد عليهم رجل مغربي يدعى المهدوية ويدعو الناس ويحرضهم على الجهاد وصحبته نحو الثمانين نفرًا فكان يكاتب أهل البلاد ويدعوهم الى الجهاد فاجتمع عليه أهل البحيرة وغيرهم وحضروا الى دمنهور وقاتلوا من بها من الفرنساوية واستمر أيامًا كثيرة تجتمع عليه أهل تلك النواحي وتفترق والمغربي المذكور تارة يغرب وتارة يشرق‏.‏
وفيه أشيع أن الألفي حضر الى بلاد الشرقية وقاتل من بها من الفرنسيس ثم ارتحل الى الجزيرة‏.‏
وفي 7 ذو الحجة سنة 1213‏هـ - 12 مايو 1799 م حضر جماعة من فرنسيس الشام الى الكرنتيلة بالعادلية وفيهم مجاريح وأخبر عنهم بعضهم أن الحرب لم تزل قائمة بينهم وبين أحمد باشا بعكا وأن مهندس حروبهم المعروف بأبي خشبة عند العامة واسمه كفرللي مات وحزنوا لموته لأن كان من دهاتهم وشياطينهم وكان له معرفة بتدبير الحروب ومكايد القتال وإقدام عن المصاف مع ما ينضم لذلك من معرفة الأبنية وكيفية وضعها وكيفية أخذ القلاع ومحاصرتها‏.‏
حادثة المملوك والجهاد  الذى يضحى بالفرنسيين لله
وفي يوم الأربعاء 9 ذو الحجة سنة 1213‏هـ - 14 مايو 1799 م مكان عيد النحر وكان حقه يوم الخميس وعند الغروب من تلك الليلة ضربوا مدافع من القلعة أعلامًا بالعيد وكذلك عند الشروق ولم يقع في ذلك العيد أضحية على العادة لعدم المواشي لكونها محجزوة في الكرنتيلة في شغل عن ذلك‏.‏
ومن الحوادث في ذلك اليوم أن رجلًا روميًا من باعة الرقيق عنده غلام مملوك ساكن في طبقة بوكالة ذي الفقار بالجمالية خرج لصلاة العيد ورجع الى طبقته فوجد ذلك الغلام متقلدًا بسلاح ومتزييًا بمثل ملابس القليونجية فقال له من أين لك هذا اللباس فقال من عند جارنا فلان العسكري فأمره بنزع ذلك لم يستمع له ولم ينزعها فشتمه ولطمه على وجهه فخرج من الطبقة وحدثته نفسه بقتل سيده ورجع يريد ذلك فوجد عند سيده ضيفًا فلم يتجاسر عليه لحضور ذلك الضيف فوقف خارج الباب ورآه سيده فعرف من عينه الغدر فلما قام ذلك الضيف قام معه وخرج وأغلق الباب على الغلام فصعد الغلام على السطح وتسلق الى سطح آخر ثم تدلى بحبل الى أسفل الخان وخرج الى السوق وسيفه مسلول بيده ويقول‏:‏ الجهاد يا مسلمين اذبحوا الفرنسيس ونحو ذلك من الكلام ومر الى جهة الغورية فصادف ثلاثة أشخاص من الفرنسيس فقتل منهم شخصًا وهرب الإثنان ورجع على إثره والناس يعدون خلفه من بعد الى أن وصل الى درب بالجمالية غير نافذ فدخله وعبر الى دار وجدها مفتوحة وربها واقف على بابها والفرنسيس تجمع منهم طائفة وظنوا ظنونًا أخر وبادروا الى القلاع وحضرت منهم طائفة من القلق يسألون عن ذلك المملوك وهاجت العامة ورمحت الصغار وأغلق بعض الناس حوانيتهم ثم لم تزل الفرنسيس تسأل عن ذلك المملوك والناس يقولون لهم ذهب من هنا حتى وصلوا الى ذلك الدرب فدخلوه فلما أحس بهم نزع ثيابه وتدلى ببئر في تلك الدار فدخلوا الدار وأخرجوه من البئر وأخذوه وسكنت الفتنة فسألوه عن أمره وما السبب في فعله ذلك‏.‏
فقال إنه يوم الأضحية فأحببت أن أضحي على الفرنسيس وسألوه عن السلاح فقال إنه سلاحي فجسوه لينظروا في أمره وطلبوا سيده فوجدوه عند الشيخ المهدي وأخذوا بعض جماعة من أهل الخان ثم أطلقوهم بدون شرر وأخذوا سيده من عند المهدي وحبسوه وحضر الآغا وبرطلمين الى الخان بعد العشاء وطلبوا البواب والخانجي والجيران وصعدوا الى الطباق وفتشوا على السلاح حتى قلعوا البلاط فلم يجدوا شيئًا وأرادوا فتح الحواصل فمنعهم السيد أحمد بن محمود محرم فخرجوا وأخذوا معهم الخانجي وجيران الطبقة وجملة أنفار وحبسوهم أيضًا وقتلوا المملوك في ثاني يوم واستمر الجماعة في الحبس الى أن أطلقوهم بعد أيام عديدة من الحادثة‏.

مسلم يضرب نصرانى لأنه يركب حمارة أمام المشهد الحسينى
وفي ذلك اليوم أيضًا مر نصراني من الشوام على المشهد الحسيني وهو راكب على حمار فرآه ترجمان ضابط الخطة ويسمى السيد عبد الله فأمره بالنزول إجلالًا للمشهد على العادة ( الصورة المقابلة للنصرانى المضروب ) ‏.‏
فامتنع فانتهزه وضربه وألقاه على الأرض فذهب ذلك النصراني الى الفرنسيس وشكا إليهم السيد عبد الله المذكور فأحضروه وحبسوه فشفع فيه مخدومه فلم يطلقوه وادعى النصراني أنه كان بعيدًا عن المشهد وأحضر من شهد له بذلك وأن السيد عبد الله متهور في فعله وادعى أنه ضاع له وقت ضربه دراهم كانت في جيبه واستمر الترجمان محبوسًا عدة أيام حتى دفع تلك الدراهم وهي ستة آلاف درهم‏.‏
وفيه أرسل فرنسيس مصر الى رئيس الشام ميرة على جمال العرب نحو الثمانمائة جمل وذهب صحبتها برطلمين وطائفة من العسكر فأوصلوها الى بلبيس ورجعوا بعد يومين‏.‏
من هو أبى الذهب ؟

ومات الأمير ابراهيم بك الصغير المعروف بالوالي وهو من مماليك محمد بك أبي الذهب‏.‏
وتقلد الزعامة بعد موت أستاذه ثم تقلد الإمارة والصنجقية في أواخر جمادى الأولى سنة 1192‏.‏
وهو أخو سليمان بك المعروف بالآغا وعندما كان هو واليًا كان أخوه أغات مستحفظان وأحكام مصر والشرطة بينهما وفي سنة سبع وتسعين تعصب مراد بك وابراهيم بك على المترجم وأخرجوه منفيًا هو وأخوه سليمان بك وأيوب بك الدفتردار ولما أمروه بالخروج ركب في طوائفه ومماليكه وعدى الى بر الجيزة فركب خلفه علي بك أباظة ولاجين بك ولحقوا حملته عند المعادي فحجزوها وأخذوها وأخذوا هجنه ومتاعه وعدوا خلفه فأدركوه عند الأهرام فاحتالوا عليه وردوه الى قصر العيني ثم سفروه الى ناحية السرو ورأس الخليج فأقام بها أيامًا وكان أخوه سليمان بك بالمنوفية فلما أرسلوا بنفيه الى المحلة ركب بطوائفه وحضر الى مسجد الخضيري وحضر إليه أخوه المترجم وركبا معًا وذهبا الى جهة البحيرة ثم ذهبا الى طندتا ثم ذهبا الى شرقية بلبيس ثم توجها من خلف الجبل الى جهة قبلي وكان أيوب بك بالمنصورة فلحق بهما أيضًا وكان بالصعيد عثمان بك الشرقاوي ومصطفى بك فالتفا عليهما وعصى الجميع وأرسل مراد بك وابراهيم بك محمد كتخدا أباظة وأحمد آغا شويكار الى عثمان بك ومصطفى بك يطلبانهما الى الحضور فأبيا وقالا‏:‏ لا نرجع الى مصر إلا بصحبة إخواننا وإلا فنحن معهم أينما كانوا ورجع المذكوران بذلك الجواب فجهزوا لهم تجريدة وسافر بها ابراهيم بك الكبير وضمهم وصالحهم وحضر بصحبة الجميع الى مصر فحنق مراد بك ولم يزل حتى خرج مغضبًا الى الجيزة ثم ذهب الى قبلي وجرى بينهما ما تقدم ذكره من إرسال الرسل ومصالحة مراد بك ورجوعه وإخراج المذكورين ثانيًا فخرجوا الى ناحية القليوبية وخرج مراد بك خلفهم ثم رجعوهم الى جهة الأهرام وقبض مراد بك عليهم ونفيهم الى جهة بحري وأرسل المترجم الى طندتا ثم ذهبوا الى قبلي خلا مصطفى بك وأيوب بك ثم رجعوا الى مصر بعد خروج مراد بك الى قبلي واستمر أمرهم على ما ذكر حتى ورد حسين باشا وخرج الجميع وجرى ما تقدم ذكره وتولى المترجم إمارة الحاج ولم يسافر به ولما رجعوا الى مصر بعد الطاعون وموت اسمعيل بك ورجب بك صاهره ابراهيم بك الكبير وزوجه ابنته كما تقدم ولم يزل في سيادته وإمارته حتى حضر الفرنساوية ووصلوا الى بر انبابة ومات هو في ذلك اليوم غريقًا ولم تظهر رمته وذلك يوم السبت سابع صفر من السنة‏.‏
********************************************

الأسباب التى دعلت نابليون بونابرت للأنسحاب من مهاجمة عكا
ثم دخلت سنة أربع عشر ومائتين وألف استهل شهر المحرم بيوم الأربعاء 1 المحرم 1214 5 بونية 1799 م  فيه حضر جماعة من الفرنسيس الى العادلية فضربوا خمسة مدافع لقدومهم فلما كان في ثاني يوم عملوا الديوان وأبرزوا مكتوبًا مترجمًا ونسخته‏:‏ صورة جواب من العرضي قدام عكا وفي سابع عشرين فريبال الموافق لحادي عشر شهر الحجة 1213 من بونابارته ساري عسكر أمير الجيوش الفرنساوية الى محفل ديوان مصر نخبركم عن سفره من بر الشام الى مصر فإني بغاية العجلة بحضوري لطرفكم نسافر بعد ثلاثة أيام تمضي من تاريخه ونصل عندكم بعد خمسة عشر يومًا وجائب معي جملة محابيس بكثرة وبيارق ومحقت سراية الجزار وسور عكا وبالقنبر هدمت البلد ما أبقيت فيها حجرًا على حجر وجميع سكانها انهزموا من البلد الى طريق البحر والجزار مجروح ودخل بجماعته داخل برج من ناحية البحر وجرحه يبلغ لخطر الموت ومن جملة ثلاثين مركبًا موسوقة عساكر الذين حضروا يساعدون الجزار ثلاثة غرقت من كثرة مدافع مراكبنا وأخذنا منها أربعة موقرة مدافع والذي أخذ هذه الأربعة فرقاطة من بتوعنا والباقي تلف وتبهدل والغالب منهم عدم وإني بغاية الشوق الى مشاهدتكم لأني بشوف أنكم عملتم غاية جهدكم من كل قلبكم لكن جملة فلاتية دائرون بالفتنة لأجل ما يحركون الشر في وقت دخولي كل هذا يزول مثل ما يزول الغيم عند شروق الشمس ومنتوره مات من تشويش هذا الرجل صعب علينا جدًا والسلام‏.‏
منتوره هذا ترجمان ساري عسكر وكان لبيبًا متبحرًا ويعرف باللغة التركية والعربية والرومية والطلياني والفرنساوي ولما عجز الفرنساوية عن أخذ عكا وعزموا على الرجوع الى مصر أرسل بونابارته مكاتبة الى الفرنساوية المقيمين بمصر يقول فيها إن الأمر الموجب للانتقال عن محاصرة عكا خمسة عشر سببًا‏.‏
الأول الإقامة تجاه البلدة وعدم الحرب ستة أيام الى أن جاءت الانكليز وحصنوا عكا باصطلاح الإفرنج‏.‏
الثاني الستة مراكب التي توجهت من الاسكندرية فيها المدافع الكبار أخذها الانكليز قدام يافا‏.‏
الثالث الطاعون الذي وقع في العسكر ويموت كل يوم خمسون وستون عسكريًا‏.‏
الرابع عدم الميرة لخراب البلاد قريب عكا‏.‏
السادس بلغنا توجه أهل الحجاز صحبة الجيلاني لناحية الصعيد‏.‏
السابع المغربي محمد الذي صار له جيش كبير وادعى أنه من سلاطين المغرب‏.‏
الثامن ورود الانكليز تجاه الاسكندرية ودمياط‏.‏
التاسع ورود عمارة الموسقو قدام رودس‏.‏
العاشر ورود خبر نقض الصلح بين الفرنساوية والنيمساء‏.‏
الحادي عشر ورود جواب مكتوب منا لتيبو أحد ملوك الهند كنا أرسلناه قبل توجهنا لعكا‏.‏
وتيبو هذا هو الذي كان حضر الى اسلامبول بالهدية التي من جملتها طائران يتكلمان بالهندية والسرير والمنبر من خشب العود وطلب منه الإمداد والمعاونة على الانكليز المحاربين له في بلاده فوعدوه ومنوه وكتبوا له أوراقًا وأوامر وحضر الى وذلك في سنة 1202 أيام السلطان عبد الحميد وقد سبقت الإشارة إليه في حوادث تلك السنة وهو رجل كان مقعدًا تحمله أتباعه في تخت لطيف بديع الصنعة على أعناقهم ثم إنه توجه الى بلاد فرانسا واجتمع بسلطانها وذلك قبل حضوره الى مصر واتفق معه على أمر في السر لم يطلع أحد غيرهما ورجع الى بلاده على طريق القلزم فلما قدم الفرنساوية لمصر كاتبه كبيرهم بذلك السر لأنه اطلع عليه عند قيام الجمهور وتملكه خزانة كتب السلطان ثم إن تيبو المذكور بقي في حرب الانكليز الى أن ظفروا به الثاني عشر موت كفرللي الذي عملت المتاريس بمقتضي رأيه وإذا تولى أمرها غيره يلزم نقضها ويطول الأمر وكفرللي هذا هو المعروف بأبي خشبة المهندس‏.‏
الثالث عشر سماع أن رجلًا يقال له مصطفى باشا أخذه الانكليز من اسلامبول ومرادهم أن يرموه على بر مصر‏.‏
الرابع عشر أن الجزار أنزل ثقله بمراكب الانكليز وعزم على أنه عندما تملك البلد ينزل في مراكبهم ويهرب معهم‏.‏
الخامس عشر لزوم ومحاصرة عكا ثلاثة شهور أو أربعة وهو مضر لكل ما ذكرناه من الأسباب انتهى‏.‏وفي

يوم الثلاثاء 7 المحرم 1214 هـ - 6 بونية 1799 م حضر جماعة أيضًا من العسكر بأثقالهم
وحضرت مكاتبة من كبير الفرنساوية أنه وصل الى اصالحية وأرسل دوجا الوكيل ونبه على الناس بالخروج لملاقاته بموجب ورقة حضرت من عنده يأمر بذلك‏.‏
فلما كان ليلة الجمعة 10 المحرم 1214 هـ - 11 بونية 1799 م فى هذه الليلة أرسلوا الى المشايخ والوجاقات وغيرهم فاجتمعوا بالأزبكية وقت الفجر بالمشاعل ودقت الطبول وحضر الحكام والقلات بمواكب وطبول وزمور ونوبات تركية وطبول شامية وملازمون وجاويشية وغير ذلك وحضر الوكيل وقائمقام وأكابر عساكرهم وركبوا جميعًا بالترتيب من الأزبكية الى أن خرجوا الى العادلية فقابلوا ساري عسكر بونابارته هناك وسلموا عليه ودخل معهم الى مصر من باب النصر بموكب هائل بعساكرهم وطبولهم وزمورهم وخيولهم وعرباتهم ونسائهم وأطفالهم في نحو خمس ساعات من النهار الى أن وصل الى داره بالأزبكية وانفض الجمع وضربوا عدة مدافع عند دخولهم المدينة وقد تغيرت ألوان العسكر القادمين واصفرت ألوانهم وقاسوا مشقة عظيمة من الحر والتعب وأقاموا على حصار عكا أربعة وستين يومًا حربًا مستقيمًا ليلًا ونهارًا وأبلى أحمد باشا وعسكره بلاء حسنًا وشهد له الخصم‏.‏
وفيه قبضوا على اسمعيل القلق الخربطلي وهو المتولي كتخدا العزب وكان ساكنًا بخط الجمالية وأخذوا سلاحه وأصعدوه الى القلعة وحبسوه والسبب في ذلك أنه عمل في تلك الليلة وليمة ودعا أحبابه وأصدقاءه وأحضر لهم آلات اللهو والطرب وبات سهرانًا بطول الليل فلما كان آخر الليل غلب عليهم السهر والسكر فناموا الى ضحوة النهار وتأخر عن الملاقاة فلما أفاق ركب ولاقاهم عند باب النصر فنقموا عليه بذلك وفعلوا معه ما ذكر ولما وصل ساري عسكر الفرنساوية الى داره بالأزبكية تجمع هناك أرباب الملاهي والبهالوين وطوائف الملاعبين والحواة والقرادين والنساء الراقصات والخلابيض ونصبوا أراجيح مثل أيام الأعياد والمواسم واستمروا على ذلك ثلاثة أيام وفي كل يوم من تلك الأيام يعملون شنكًا وحراقات ومدافع وسواريخ ثم انفض الجمع بعد ما أعطاهم ساري عسكر دراهم وبقاشيش‏.‏

وفي يوم الأحد 15 المحرم 1214 هـ - 19 بونية 1799 م عزلوا دستان قائمقام وتولى عوضه دوجا الذي كان وكيلًا عن ساري عسكر‏.‏
وتهيأ المعزول للسفر الى جهة بحري وأصبح مسافرًا وصحبته نحو الألف من العسكر وسافر أيضًا منهم طائفة الى جهة البحيرة‏.‏
وفيه طلبوا من طوائف النصارى دراهم سلفة مقدار مائة وعشرين ألف ريال‏.‏
وفي يوم الأربعاء 15 المحرم 1214 هـ - 19 بونية 1799 م أرسلوا الى زوجات حسن بك الجداوي وختموا على دورهن ومتاعهن وطالبوهن بالمال وذلك لسبب أن حسن بك التف على مراد بك وصار يقاتل الفرنسيس معه‏.‏
وقد كانت الفرنسيس كاتبت حسن بك وأمنته وأقرته على ما بيده من البلاد وأن لا يخالف ويقاتل مع الأخصام فلم يقبل منهم ذلك فلما وقع لنسائه ذلك ذهبن الى الشيخ محمد المهدي ووقعن عليه فصالح عليهن بمبلغ ثلاثة آلاف فرانسة‏.‏
وفي وفي يوم الأحد 19 المحرم 1214 هـ - 23 بونية 1799 م هلك مخاييل كحيل النصراني الشامي وهو من رجال الديوان الخصوصي فجأة وذلك لقهره وغمه وسبب ذلك أنهم قرروا عليه في السلفة ستة آلاف ريال فرانسة وأخذ في تحصيلها ثم بلغه أن أحمد باشا الجزار قبض على شريكه بالشام واستصفى ما وجده عنده من وفيه كتبوا أوراقًا وطبعوها وألصقوها بالأسواق وذلك بعد أن رجعوا من الشام واستقروا وهي من ترصيف وتنميق بعض الفصحاء‏.‏
وصورتها‏:‏

من محفل الديوان الخصوصي بمحروسة مصر خطابًا لأقاليم مصر الشرقية والغربية والمنوفية والقليوبية والجيزة والبحيرة النصيحة من الإيمان قال تعالى في محكم القرآن‏:‏ ولا تتبعوا خطوات الشيطان وقال تعالى وهو أصدق القائلين في الكتاب المكنون‏:‏ ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون فعلى العاقل أن يتدبر في الأمور قبل أن يقع في المحذور نخبركم معاشر المؤمنين أنكم لا تسمعوا كلام الكاذبين فتصبحوا على ما فعلتم نادمين وقد حضر الى محروسة مصر المحمية أمير الجيوش الفرنساوية حضرة بونابارته محب الملة المحمدية ونزل بعسكره في العادلية سليمًا من العطب والأسقام ودخل الى مصر من باب النصر يوم الجمعة في موكب عظيم وشنك جليل فخيم وصحبته العلماء والوجاقات السلطانية وأرباب الأقلام الديوانية وأعيان التجار المصرية وكان يومًا عظيمًا مشهودًا وخرجت أهل مصر لملاقاته فوجدوه وهو الأمير الأول بذاته وصفاته وظهر لهم أن الناس يكذبون عليه شرح الله صدره للإسلام والذي أشاع عنه الأخبار الكاذبة العربان الفاجرة والغز الهاربة ومرادهم بهذه الإشاعة هلاك الرعية وتدمير أهل الملة الإسلامية وتعطيل الأموال الديوانية لا يحبون راحة العبيد وقد أزال الله دولتهم من شدة ظلمهم أن بطش ربك لشديد وقد بلغنا أن الألفي توجه الى الشرقية مع بعض المجرمين من عربان بلي والعيايدة الفجرة المفسدين يسعون في الأرض بالفساد وينهبون أموال المسلمين إن ربك لبالمرصاد ويزورون على الفلاحين المكاتيب الكاذبة ويدعون أن عساكر السلطان حاضرة والحال أنها ليس بحاضرة فلا أصل لهذا الخبر ولا صحة لهذا الأثر وإنما مرادهم وقوع الناس في الهلاك والضرر مثل ما كان يفعل ابراهيم بك في غزة حيث كان ويرسل فرمانات بالكذب والبهتان ويدعي أنها من طرف السلطان ويصدقه أهل الأرياف خسفاء العقول ولا يقرأون العواقب فيقعون في المصائب وأهل الصعيد طردوا الغز من بلادهم خوفًا على أنفسهم وهلاك عيالهم وأولادهم فإن المجرم يؤخذ مع الجيران وقد غضب الله على الظلمة ونعوذ بالله من غضب الديان فكان أهل الصعيد أحسن عقلًا من أهل بحري بسبب هذا الرأي السديد ونخبركم أن أحمد باشا الجزار سموه بهذا الاسم لكثرة قتله الأنفس ولا يفرق بين الأخيار والأشرار وقد جمع الطموش الكثيرة من العسكر والغز والعرب وأسافل العشيرة وكان مراده الاستيلاء على مصر وأقاليمها وأحبوا اجتماعهم عليه لأجل أخذ أموالها وهتك حريمها ولكن لم تساعده الأقدار والله يفعل ما يشاء ويختار وقد كان أرسل بعض هذه العساكر الى قلعة العريش ومراده أن يصل الى قطيا فتوجه حضرة ساري عسكر أمير الجيوش الفرنساوية وكسر عسكر الجزار الذين كانوا في العريش ونادوا‏:‏ الفرار الفرار بعدما حصل بعسكرهم القتل والدمار وكانوا نحو ثلاثة آلاف وملك قلعة العريش وأخذ غزة وهرب من كان فيها وفروا ولما دخل غزة نادى في رعيتها بالأمان وأمر بإقامة الشعائر الإسلامية وإكرام العلماء والتجار والأعيان ثم انتقل الى الرملة وأخذ ما فيها من بقسماط وأرز وشعير وقرب أكثر من ألفي قربة كبار كان قد جهزها الجزار لذهابه الى مصر ثم توجه الى يافا وحاصرها ثلاثة أيام ثم أخذها وأخذ ما فيها من ذخائر الجزار بالتمام ومن نحوسات أهلها أنهم لم يرضوا بأمانه ولم يدخلوا تحت طاعته وإحسانه فدور فيهم السيف من شدة غيظه وقوة بأسه وسلطانه وقتل منهم نحو أربعة آلاف أو يزيدون بعدما هدم سورها وأكرم من كان بها من أهل مصر وأطعمهم وكساهم وجهزهم في المراكب الى مصر وغفرهم بعسكره خوفًا عليهم من العربان وأجزل عطاياهم وكان في يافا نحو خمسة آلاف من عسكر الجزار هلكوا جميعًا وبعضهم ما نجاه إلا الفرار ثم توجه من يافا الى جبل نابلس فكسر من كان فيه من العساكر بمكان يقال له فاقوم وحرق خمسة بلاد من بلادهم وما قدر كان ثم أخرب سور عكا وهدم قلعة الجزار التي كانت حصينة لم يبق فيها حجر على حجر حتى إنه يقال كان هناك مدينة وقد كان بني حصارها وشيد بنيانها في نحو عشرين من السنين وظلم في بنيانها عباد الله وهكذا عاقبة بنيان الظالمين ولما توجه إليه أهل بلاد الجزار من كل ناحية كسرهم كسرة شنيعة فهل ترى لهم من باقية نزل عليهم كصاعقة من السماء ثم توجه راجعًا الى مصر المحروسة لأجل شيئين‏:‏ الأول‏:‏ أنه وعدنا برجوعه إلينا بعد أربعة أشهر والوعد عند الحردين‏.‏
والسبب الثاني‏:‏ أنه بلغه أن بعض المفسدين من الغز والعربان يحركون في غيابه الفتن والشرور في بعض الأقاليم والبلدان فلما حضر سكنت الفتنة وزالت الأشرار والفجرة من الرعية وحبه لمصر وأقاليمها شيء عجيب ورغبته في الخير لأهلها ونيلها بفكره وتدبيره المصيب ويرغب أن يجعل فيها أحسن التحف والصناعة ولما حضر من الشام أحضر معه جملة من الأسارى من خاص وعام وجملة مدافع وبيارق اغتنمها في الحروب من الأعداء والأخصام فالويل كل الويل لمن عاداه والخير كل الخيرلمن والاه فسلموا يا عباد الله وارضوا بتقدير الله وامتثلوا لأحكام الله ولا تسعوا في سفك دمائكم وهتك عيالكم ولا تتسببوا في نهب أموالكم ولا تسمعوا كلام الغز الهربانين الكاذبين ولا تقولوا إن في الفتنة إعلاء كلمة الدين حاشا الله لم يكن فيها إلا الخذلان وقتل الأنفس وذل أمة النبي عليه الصلاة والسلام‏.‏
والغز والعربان يطمعوكم ويغروكم لأجل أن يضروكم فينهبوكم وإذا كانوا في بلد وقدمت عليهم الفرنسيس فروا هاربين منهم كأنهم جند إبليس ولما حضر ساري عسكر الى مصر أخبر أهل الديوان من خاص وعام أنه يحب دين الإسلام ويعظم النبي عليه الصلاة والسلام ويحترم القرآن ويقرأ منه كل يوم بإتقان وأمر بإقامة شعائر المساجد الإسلامية وإجراء خيرات الأوقاف السلطانية وأعطى عوائد الوجاقلية وسعى في حصول أقوات الرعية فانظروا هذه الألطاف والمزية ببركة نبينا أشرف البرية وعرفنا أن مراده أن يبني لنا مسجدًا عظيمًا بمصر لا نظير له في الأقطار وأنه يدخل في دين النبي المختار عليه أفضل الصلاة وأتم السلام انتهى بحروفه‏.‏
وكان أشيع بمصر قبل مجيئهم وعودهم من الشام بأن ساري عسكر بونابارته مات بحرب عكا وتناقله الناس وأنهم ولوا أخلافه فهذا هو السبب في قولهم في ذلك الطومار‏:‏ وقد حضر سليمًا من العطب فوجدوه هو الأمير الأول بذاته وصفاته الى آخر السياق المتقدم‏.‏
وفي يوم الأربعاء 22 المحرم 1214 هـ - 26 بونية 1799 م  أرسل ساري عسكر جماعة من العسكر وقبضوا على ملا زاده ابن قاضي العسكر ونهبوا بعضًا من ثيابه وكتبه وطلعوا به الى القلعة فانزعج عليه عياله وحريمه ووالدته انزعاجًا شديدًا وفي صبحها اجتمع أرباب الديوان بالديوان وحضر إليهم ورقة من كبير الفرنسيس قرئت عليهم مضمونها أن ساري عسكر قبض على ابن القاضي وعزله وأنه وجه إليكم أن تقترعوا وتختاروا شيخًا من العلماء يكون من أهل مصر ومولودًا بها يتولى القضاء ويقضي بالأحكام الشرعية كما كانت الملوك المصرية يولون القضاء برأي العلماء للعلماء فلما سمعوا ذلك أجاب الحاضرون بقولهم‏:‏ إننا جميعًا نتشفع ونترجى عنده في العفو عن ابن القاضي فإنه إنسان غريب ومن أولاد الناس الصدور وإن كان والده وافق كتخدا الباشا في فعله فولده مقيم تحت أمانكم والمرجو انطلاقه وعوده الى مكانه فإن والدته وجدته وعياله في وجد وحزن عظيم عليه وساري عسكر من أهل الشفقة والرحمة وتكلم الشيخ السادات بنحو ذلك وزاد في القول بأن قال‏:‏ وأيضًا إنكم تقولوا دائمًا إن الفرنساوية أحباب العثمانية وهذا ابن القاضي من طرف العثملي فهذا الفعل مما يسيء الظن بالفرنساوية ويكذب قولهم وخصوصًا عند العامة فأجاب الوكيل بعدما ترجم له الترجمان بقوله لا بأس بالشفاعة ولكن بعد تنفيذ أمر ساري عسكر في اختيار قاض خلافه وألا تكونوا مخالفين ويلحكم الضرر بالمخالفة فامتثلوا وعملوا القرعة فطلعت الأكثرية باسم الشيخ أحمد العريشي الحنفي ثم كتبوا عرضحال بصورة المجلس والشفاعة وكتب عليه الحاضرون وذهب به الوكيل الى ساري عسكر وعرفه بما حصل وبما تكلم به الشيخ السادات فتغير خاطره عليه وأمر بإحضاره آخر النهار فلما حضر لامه وعاتبه فتكلم بينهما الشيخ محمد المهدي ووكيل الديوان الفرنساوي بالديوان حتى سكن غيظه وأمره بالانصراف الى منزله بعد أن عوقه حصة من الليل فلما أصبح يوم الجمعة عملوا جمعية في منزل دوجا قائمقام وركبوا صحبته الى بيت ساري عسكر ومعهم الشيخ أحمد العريشي فألبسه فروة مثمنة وركبوا جميعًا الى المحكمة الكبيرة بين القصرين ووعدهم بالإفراج عن ابن القاضي بعد أربع وعشرين ساعة وقد كانت عياله انتقلوا من خوفهم الى دار السيد أحمد المحروقي وجلسوا عنده ولما كان في ثاني يوم أفرجوا عنه ونزل الى عياله وصحبته أرباب الديوان والآغا ومشوا معه في وسط المدينة ليراه الناس ويبطل القيل والقال‏.‏
وفي تلك الليلة قتلوا شخصين‏:‏ أحدهما علي جاويش رئيس الريالة الذي كان بالاسكندرية عند حضور الفرنسيس والثاني قبطان آخره فلم يزالا بمصر يحبسونهما أيامًا ثم يطلقونهما فحبسوهما آخرًا فلم يطلقوهما حتى قتلوهما‏.‏
وفي صبيحة ذلك اليوم قتلوا شخصين أيضًا من الأتراك بالرميلة‏.‏ وفيه أفرجوا عن زوجات حسن بك الجداوي‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 28 المحرم 1214 هـ - 2 بولية 1799 م   جمعوا الوجاقلية وكتبوا أسماءهم‏.‏
وفي وفي يوم الأربعاء 29 المحرم 1214 هـ - 3 بولية 1799 م قبضوا على ثلاثة أنفار أحدهم يسمى حسن كاشف من أتباع أيوب بك الكبير وآخر يسمى أبو كلس والثالث رجل تاجر من تجار خان الخليلي يسمى حسين مملوك الدالي ابراهيم فسجنوهم بالقلعة فتشفع الشيخ السادات في حسين التاجر المذكور فأطلقوه على خمسة آلاف فرانسة‏.‏
وفي يوم الجمعة 1 صفر 1214 هـ - 5 بولية 1799 م فيه أفرجوا عن بعض قرابة كتخدا الباشا وكان محبوسًا بالجيزة ثم نقل الى القلعة مع كتخدا قريبه فأطلق وبقي الآخر‏.‏
وفي يوم الأحد 3 صفر 1214 هـ - 7 بولية 1799 م حضر السيد عمر أفندي نقيب الأشراف سابقًا من دمياط الى مصر وكان مقيمًا هناك من بعد واقعة يافا ونزل مع الذين أنزلوهم من يافا الى البحر وفيهم عثمان أفندي العباسي وحسن أفندي كاتب الشهر وأخوه قاسم أفندي وأحمد أفندي عرفة والسيد يوسف العباسي والحاج قاسم المصلي وغيرهم فمنهم من عوق بالكرنتيلة ومنهم من حضر من البر خفية فحضر بعض الأعيان لملاقاة السيد عمر وركبوا معه بعد أن مكث هنيهة بزاوية علي بك التي بساحل بولاق حتى وصل الى داره وتوجه في ثاني يوم مع المهدي وقابل ساري عسكر فبش له ووعده بخير ورد إليه بعض تعلقاته واستمر مقيمًا بداره والناس تغدو وتروح إليه على العادة‏.‏


ج2/62

 

========================================================================

 

 

 

 

 

Home | الفرنسيين يحتلون الأسكندرية | نابليون يحتل القاهرة | نابليون والشيوخ يحكمون مصر | الفرنسيين يحكمون مصر | ثورة القاهرة الأولى | ديوان عمومى يحكم مصر | حصار يافا وتفشى الطاعون | الإنسحاب من عكا | هجوم الإنجليز وسفر نابليون | سيف نابليون بالمزاد | حواس وبونابرت | إعدام محمد كرّيم | نهاية نابليون | الإمبراطورة جوزفين

This site was last updated 11/06/09