Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ولاية محمد بن أبي بكر الصديق على مصر 8/ 8 خ . ر

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
بن العاص 1/1 خ.ر
ولاية عبدالله بن سرح
عقبة 3/3 خ.ر
أبى بكر 4/4 خ.ر
بن الصلت 5/5 خ.ر
قيس بن عبادة 6/6 خ.ر
النخعى 7/7 خ. ر
أبى بكر 8/8 خ.ر
Untitled 5383

*******************************************************************************

8/ 8 خ . ر - ولاية محمد بن أبي بكر الصديق على مصر سنة سبع وثلاثين من الهجرة‏

واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة واسم أبي قحافة عثمان   تولى من قبل على أبن أبى طالب
وأبو قحافة المذكور ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي وكنية محمد هذا أعني صاحب الترجمة أبو القاسم وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية ومولده سنة حجة الوداع بذي الحليفة في عقب ذي القعدة فأراد أبو بكر أن يرذ أسماء إلى المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏ :‏ مرها أن تغتسل وتهل وكان محمد هذا في حجر علي بن أبي طالب  لما تزوج أمه أسماء بعد وفاة أبي بكر الصديق فتولى تربيته ولما سار علي إلى وقعة الجمل كان محمد هذا معه على الرجالة ثم شهد معه وقعة صفين ثم ولاه مصر فتوجه إليها ودخلها في النصف من شهر رمضان سنة سبع وثلاثين فتلقاه قيس بن سعد المعزول عن ولاية مصر وقال له‏:‏ يا أبا القاسم إنك قد جئت من عند أمير لا رأي له وليس عزله إياي بمانعي أن أنصح لك وله وأنا من أمركم هذا على بصيرة وإني أدلك على الذي - كنت أكيد به معاوية وعمرًا وأهل خربتا فكايدهم به فإنك إن أيدتهم بغيره تهلك ووصف له المكايدة التي كان يكايدهم بها فاستغشه محمد بن أبي بكر وخالفه في كل شيء أمره به‏.‏
ثم كتب إليه علي يشجعه ويقوي عزمه ففتك محمد في المصريين وهدم دور شيعة عثمان بن عفان ونهب دورهم وأموالهم وهتك ذراريهم فنصبوا له الحرب وحاربوه‏.‏
ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية فلحقوا بمعاوية في الشام وكان أهل الشام لما انصرفوا من وقعة صفين ينتظرون ما يأتي به الحكمان فلما اختلف الناس بالعراق على علي - طمع معاوية في مصر وكان أهل خربتا عثمانية ومن كان من الشيعة كان أكثر منهم فكان معاوية يهاب مصر لأجل الشيعة‏.‏
وقصد معاوية أن يستعين بأخذ مصر على حرب علي - رضي الله عنه - قال
‏:‏ فاستشار معاوية أصحابه عمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة وبسر بن أبي أرطاة والضحاك بن قيس وعبد الرحمن بن خالد وأبا الأعور عمرو بن سفيان السلمي وغيرهم وهؤلاء المذكورين كانوا خواصه فجمع المذكورين وقال‏ :‏ هل تدرون ما أدعوكم إليه قالوا‏:‏ لا يعلم الغيب إلا الله فقال له عمرو بن العاص‏:‏ نعم أهمك أمر مصر وخراجها الكثير وعدد أهلها فتدعونا لنشير عليك فيها فاعزم وانهض في افتتاحها عزك وعز أصحابك وكبت عدوك فقال له‏:‏ يا ابن العاص إنما أهمك الذي كان بيننا يعني أنه كان أعطاه مصر لما صالحه على قتال علي وقال معاوية للقوم‏:‏ ما ترون قالوا‏:‏ ما نرى إلا رأي عمرو قال‏:‏ فكيف أصنع فقال عمرو‏:‏ ابعث جيشًا كثيفًا عليهم رجل حازم صارم تثق إليه فيأتي إلى مصر فإنه سيأتيه من كان من أهلها على رأينا فنظاهره على من كان بها من أعدائنا‏.‏
قال معاوية‏ :‏ أو غير ذلك قال ‏:‏ وما هو قال‏:‏ نكاتب من بها من شيعتنا نأمرهم على أمرهم ونمنيهم قدومنا عليهم فتقوى قلوبهم ونعلم صديقنا من عدونا وإنك يا بن العاص امرؤ بورك لك في العجلة وأنا امرؤ بورك لي في التؤدة‏.‏
قال عمرو‏:‏ فاعمل برأيك فوا لله ما أرى أمرك إلا صائرًا للحرب قال ‏:‏ فكتب إليهم معاوية كتابًا يثني عليهم ويقول‏:‏ هنيئًا لكم بطلب دم الخليفة المظلوم وجهادكم أهل البغي‏.‏

وقال في آخره‏:‏ فاثبتوا فإن الجيش واصل إليكم والسلام‏.‏
وبعث بالكتاب مع مولى له يقال له سبيع فقدم مصر وأميرها محمد بن أبي بكر الصديق فدفع الكتاب إلى مسلمة بن مخلد الأنصاري وإلى معاوية بن حديج فكتبا جوابه ‏:‏ أما بعد فعجل علينا بخيلك ورجلك فإن عدونا قد أصبحوا لنا هائبين‏ , فإن أتانا المدد من قبلك يفتح الله علينا وذكرا كلامًا طويلًا‏.‏
وكان مسلمة ومعاوية بن حديج يقيمان بخربتا في عشرة آلاف وقد باينوا محمد بن أبي بكر ولم يحسن محمد تدبيرهم كما كان يفعله معهم قيس بن سعد بن عبادة أيام ولايته على مصر

ويقول المقريزى فى الخطط ج2 ص 82 : " دخل مصر فى النصف من رمضان سنة 37 فهدم دور (بيوت) شيعة عثمان ونهب أموالهم وسجن ذراريهم فنصبوا له الحرب (هاجموه) ثم صالحهم على أن يسيرهم (يرسلهم) فلحقوا بمعاوية بالشام فبعث معاوية عمرو بن العاص فى جيوش أهل الشام إلى الافسطاط وتغيب أبن أبى بكر فظفر به معاوية بن حديج فقتله ثم جعله فى جيفة حمار ميت وأحرقة بالنار لأربع عشرة خلت من صفر سنة 38 فكانت ولايته خمسة أشهر "
ولما وقف معاوية على جوابهما وكان يومئذ بفلسطين جهز عمرو بن العاص في ستة آلاف وخرج معه معاوية يودعه وأوصاه بما يفعل وقال له ‏:‏ عليك بتقوى الله والرفق فإنه يمن وبالمهل والتؤدة فإن العجلة من الشيطان وبأن تقبل ممن أقبل وتعفو عمن أدبر فإن قبل فهذه نعمة وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرة أقطع من الحجة وادع الناس إلى الصلح والجماعة‏.‏
فسار عمرو حتى وصل إلى مصر واجتمعت العثمانية إليه فكتب عمرو إلى محمد بن أبي بكر صاحب مصر‏:‏ أما بعد فنح عني بدمك يا ابن أبي بكر فإني لا أحب أن يصيبك مني قلامة ظفر والناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك ورفض أمرك وندموا على اتباعك فهم مسلموك لوقد التقت حلقتا البطان فاخرج منها إني لك من الناصحين ومعه كتاب معاوية يقول ‏:‏ يا محمد إن غب البغي والظلم عظيم الوبال وسفك الدماء الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا والآخرة وإنا لا نعلم أحدًا كان على عثمان أشد منك فسعيت عليه مع الساعين وسفكت دمه مع السافكين ثم أنت تظن أني نائم عنك وناس سيئاتك وكلام طويل من هذا النمط حتى قال‏:‏ ولن يسلمك الله من القصاص أينما كنت والسلام‏.‏
فطوى محمد الكتابين وبعث بهما إلى علي بن أبي طالب وفي ضمنهما يستنجده ويطلب منه المدد والرجال فرد عليه الجواب من عند علي بن أبي طالب بالوصية والشدة ولم يمده بأحد ‏.‏
ثم كتب محمد إلى معاوية وعمرو كتابًا خشن لهما فيه في القول‏.‏
ثم قام محمد في الناس خطيبًا فقال‏:‏ أما بعد فإن القوم الذين ينتهكون الحرمة وينعشون الضلالة ويشبون نار الفتنة ويتسلطون بالجبرية قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بجيوشهم فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إليهم فليجاهدم في الله انتدبوا مع كنانة بن بشر فانتدب مع كنانة نحوًا من ألفي رجل ثم خرج محمد ابن أبي بكر في ألفي رجل واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد وكنانة يسرح لعمرو الكتائب‏.‏
فلما رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج السكوني‏.‏

وفي رواية‏:‏ لما رأى عمرو كنانة سرح إليه الكتائب من أهل الشام كتيبة بعد كتيبة وكنانة يهزمها فاستنجد عمرو بمعاوية بن حديج السكوني فسار في أصحابه وأهل الشام فأحاطوا بكنانة‏.‏
فلما رأى كنانة ذلك ترجل عن فرسه وترجل أصحابه وقرأ‏:‏ وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا إلى قوله‏:‏ وسنجزي الشاكرين فقاتل حتى قتل بعد أن قتل من أهل الشام مقتلة عظيمة فلما رأى أصحاب محمد ذلك تفرقوا عنه فنزل محمد عن فرسه ومشى حتى انتهى إلى خربة فأوى إليها

جاء عمرو بن العاص ودخل الفسطاط وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد ابن أبي بكر فسأل قومًا من العلوج وكانوا على الطريق فقال‏:‏ هل رأيتم رجلًا من صفته كذا وكذا .. فقال واحد منهم‏:‏ قد دخل تلك الخربة فدخلوها فإذا برجل جالس فقال معاوية بن حديج‏:‏ هو ورب الكعبة فدخلوها واستخرجوه وقد كاد يموت عطشًا فأقبلوا به على الفسطاط

ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى عمرو بن العاص - وكان في جنده فقال‏:‏ أيقتل أخي صبرًا فأرسل عمرو إلى معاوية بن حديج يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر كرامة لأخيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال معاوية ‏:‏ أيقتل كنانة بن بشر وأخلي أنا محمدًا‏ !‏ هيهات هيهات ‏!‏ فقال محمد‏:‏ اسقوني ماء فقال معاوية بن حديج ‏:‏ لا سقاني الله إن سقيتك قطرة إنكم منعتم عثمان الماء ثم قتلتموه صائمًا فتلقاه الله بالرحيق المختوم والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر فليسقك الله من الجحيم

فقال محمد لمعاوية‏ :‏ يا بن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وأما والله لو كان سيفي بيدي ما بلغتم بي هذا فقال له معاوية ‏:‏ أتدري ما أصنع بك أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار قال محمد ‏:‏ إن فعلتم ذلك لطالما فعلتموه بأولياء الله تعالى ثم طال الكلام بينهما حتى أخذ معاوية محمدًا ثم ألقاه في جيفة حمار ميت ثم حرقه بالنار وقيل‏ :‏ إنه قطع رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو أول رأس طيف به في الإسلام‏ .‏
ولما بلغ عائشة - رضي الله عنها - قتل أخيها محمد بن أبي بكر هذا وجدت عليه وجدًا عظيمًا وأخذت أولاده وعياله وتولت تربيتهم‏.‏
وقال أبو مخنف بإسناده‏:‏ ولما بلغ علي بن أبي طالب مقتل محمد بن أبي بكر وما كان من الأمر بمصر وتملك عمرو لها واجتماع الناس عليه وعلى معاوية قام في الناس خطيبًا فحثهم على الجهاد والصبر والسير إلى أعدائهم من الشاميين والمصريين وواعدهم الجرعة بين الكوفة والحيرة‏.‏
فلما كان من الغد خرج يمشي إليها حتى نزلها فلم يخرج إليه أحد من الجيش فلما كان العشي بعث إلى أشراف الناس فدخلوا عليه وهو حزين كئيب فقام فيهم خطيبًا فقال‏ :‏ الحمد لله على ما قضى من أمر وقدر من فعل وابتلاني بكم وبمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت أو ليس عجيبًا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه بغيرعطاء ويجيبونه في السنة المرتين والثلاث إلى أي وجه شاء‏ !‏ وأنا أدعوكم - وأنتم أولو النهى وبقية الناس - على المعونة وطائفة من العطاء فتتفرقون عني وتعصونني وتختلفون علي ‏!‏ فقام مالك بن كعب الأرحبي فندب الناس إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة له‏ .‏
فانتدب ألفان فأمر عليهم مالك بن كعب هذا وقال له علي‏ :‏ سر فوا لله ما أظنك تدركهم حتى ينقضي أمرهم فسار بهم خمسًا ثم قدم على علي جماعة ممن كان مع محمد بن أبي بكر الصديق بمصر فأخبروه كيف وقع الأمر وكيف قتل محمد بن أبي بكر وكيف استقر أمر عمرو فيها فبعث إلى مالك بن كعب فرده من الطريق وذلك لأنه خشي عليهم من أهل الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقر أمر العراقين على خلاف علي فيما يأمرهم به وينهاهم عنه والخروج عليه والتنقد على أحكامه وأقواله وأفعاله

فكتب علي عند ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنه وهو نائبه على البصرة يشكو إليه مايلقاه من الناس من المخالفة والمعاندة فرد عليه ابن عباس يسليه في ذلك ويعزيه في محمد بن أبي بكر ويحثه على تلافي الناس والصبر على مسيئهم فإن ثواب الجنة خير من الدنيا ثم ركب ابن عباس إلى الكوفة إلى علي واستخلف على البصرة زيادًا وقد خرجنا عن المقصود‏.‏
وقد حكم  محمد بن أبي بكر الصديق على مصرفى سنة سبع وثلاثين من الهجرة‏:‏
 
النيل الماء القديم خمسة أذرع وثلاثة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وثلاثة أصابع‏.‏
*********************************

 النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة النجوم الزاهرة ( 7 من 273 )  : " وقال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ أعطت عائشة - رضي الله عنها لمن بشرها بسلامة ابن أختها عبد الله بن الزبير لما لاقى الأشتر عشرة آلاف درهم وقيل أن الأشتر دخل بعد ذلك على عائشة - رضي الله عنها فقالت له‏:‏ يا أشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الوقعة فأنشدة الطويل أعائش لولا أنني كنت طاويًا ثلاثًا لألفيت ابن أختك هالكا غداة ينادي والرماح تنوشه بأخر صوتٍ‏:‏ اقتلاني ومالكا فنجاه مني أكله وسنانه وخلوة جوفٍ لم يكن متمالكا الصديق رضي الله عنه - على مصر هو محمد بن أبي بكر الصديق واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة واسم أبي قحافة عثمان أسلم أبو قحافة يوم الفتح فأتى به ابنه أبو بكر الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقوده لكبر سنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لم لا تركت الشيخ حتى نأتيه إجلالًا لأبي بكر - رضي الله عنه‏.‏
وأبو قحافة المذكور ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي وكنية محمد هذا أعني صاحب الترجمة أبو القاسم وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية ومولده سنة حجة الوداع بذي الحليفة في عقب ذي القعدة فأراد أبو بكر أن يرذ أسماء إلى المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مرها أن تغتسل وتهل وكان محمد هذا في حجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما تزوج أمه أسماء بعد وفاة أبي بكر الصديق فتولى تربيته ولما سار علي إلى وقعة الجمل كان محمد هذا معه على الرجالة ثم شهد معه وقعة صفين ثم ولاه مصر فتوجه إليها ودخلها في النصف من شهر رمضان سنة سبع وثلاثين فتلقاه قيس بن سعد المعزول عن ولاية مصر وقال له‏:‏ يا أبا القاسم إنك قد جئت من عند أمير لا رأي له وليس عزله إياي بمانعي أن أنصح لك وله وأنا من أمركم هذا على بصيرة وإني أدلك على الذي - كنت أكيد به معاوية وعمرًا وأهل خربتا فكايدهم به فإنك إن أيدتهم بغيره تهلك ووصف له المكايدة التي كان يكايدهم بها فاستغشه محمد بن أبي بكر وخالفه في كل شيء أمره به‏.‏
ثم كتب إليه علي يشجعه ويقوي عزمه ففتك محمد في المصريين وهدم دور شيعة عثمان بن عفان ونهب دورهم وأموالهم وهتك ذراريهم فنصبوا له الحرب وحاربوه‏.‏
ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية فلحقوا بمعاوية في الشام وكان أهل الشام لما انصرفوا من وقعة صفين ينتظرون ما يأتي به الحكمان فلما اختلف الناس بالعراق على علي - رضي الله عنه - طمع معاوية في مصر وكان أهل خربتا عثمانية ومن كان من الشيعة كان أكثر منهم فكان معاوية يهاب مصر لأجل الشيعة‏.‏
وقصد معاوية أن يستعين بأخذ مصر على حرب علي - رضي الله عنه - قال‏:‏ فاستشار معاوية أصحابه عمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة وبسر بن أبي أرطاة والضحاك بن قيس وعبد الرحمن بن خالد وأبا الأعور عمرو بن سفيان السلمي وغيرهم وهؤلاء المذكورين كانوا خواضه فجمع المذكورين وقال‏:‏ هل تدرون ما أدعوكم إليه قالوا‏:‏ لا يعلم الغيب إلا الله فقال له عمرو بن العاص‏:‏ نعم أهمك أمر مصر وخراجها الكثير وعدد أهلها فتدعونا لنشير عليك فيها فاعزم وانهض في افتتاحها عزك وعز أصحابك وكبت عدوك فقال له‏:‏ يا ابن العاص إنما أهمك الذي كان بيننا يعني أنه كان أعطاه مصر لما صالحه على قتال علي وقال معاوية للقوم‏:‏ ما ترون قالوا‏:‏ ما نرى إلا رأي عمرو قال‏:‏ فكيف أصنع فقال عمرو‏:‏ ابعث جيشًا كثيفًا عليهم رجل حازم صارم تثق إليه فيأتي إلى مصر فإنه سيأتيه من كان من أهلها على رأينا فنظاهره على من كان بها من أعدائنا‏.‏
قال معاوية‏:‏ أو غير ذلك قال‏:‏ وما هو قال‏:‏ نكاتب من بها من شيعتنا نأمرهم على أمرهم ونمنيهم قدومنا عليهم فتقوى قلوبهم ونعلم صديقنا من عدونا وإنك يا بن العاص امرؤ بورك لك في العجلة وأنا امرؤ بورك لي في التؤدة‏.‏
قال عمرو‏:‏ فاعمل برأيك فوا لله ما أرى أمرك إلا صائرًا للحرب قال‏:‏ فكتب إليهم معاوية كتابًا يثني عليهم ويقول‏:‏ هنيئًا لكم بطلب دم الخليفة المظلوم وجهادكم أهل البغي‏.‏
وقال في آخره‏:‏ فاثبتوا فإن الجيش واصل إليكم والسلام‏.‏
وبعث بالكتاب مع مولى له يقال له سبيع فقدم مصر وأميرها محمد بن أبي بكر الصديق فدفع الكتاب إلى مسلمة بن مخلد الأنصاري وإلى معاوية بن حديج فكتبا جوابه‏:‏ أما بعد فعجل علينا بخيلك ورجلك فإن عدونا قد أصبحوا لنا هائبين‏.‏
فإن أتانا المدد من قبلك يفتح الله علينا وذكرا كلامًا طويلًا‏.‏
وكان مسلمة ومعاوية بن حديج يقيمان بخربتا في عشرة آلاف وقد باينوا محمد بن أبي بكر ولم يحسن محمد تدبيرهم كما كان يفعله معهم قيس بن سعد بن عبادة أيام ولايته على مصر فلذلك انتقضت على محمد الأمور وزالت دولته‏.‏
ولما وقف معاوية على جوابهما وكان يومئذ بفلسطين جهز عمرو بن العاص في ستة آلاف وخرج معه معاوية يودعه وأوصاه بما يفعل وقال له‏:‏ عليك بتقوى الله والرفق فإنه يمن وبالمهل والتؤدة فإن العجلة من الشيطان وبأن تقبل ممن أقبل وتعفو عمن أدبر فإن قبل فهذه نعمة وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرة أقطع من الحجة وادع الناس إلى الصلح والجماعة‏.‏
فسار عمرو حتى وصل إلى مصر واجتمعت العثمانية إليه فكتب عمرو إلى محمد بن أبي بكر صاحب مصر‏:‏ أما بعد فنح عني بدمك يا ابن أبي بكر فإني لا أحب أن يصيبك مني قلامة ظفر والناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك ورفض أمرك وندموا على اتباعك فهم مسلموك لوقد التقت حلقتا البطان فاخرج منها إني لك من الناصحين ومعه كتاب معاوية يقول‏:‏ يا محمد إن غب البغي والظلم عظيم الوبال وسفك الدماء الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا والآخرة وإنا لا نعلم أحدًا كان على عثمان أشد منك فسعيت عليه مع الساعين وسفكت دمه مع السافكين ثم أنت تظن أني نائم عنك وناس سيئاتك وكلام طويل من هذا النمط حتى قال‏:‏ ولن يسلمك الله من القصاص أينما كنت والسلام‏.‏
فطوى محمد الكتابين وبعث بهما إلى علي بن أبي طالب وفي ضمنهما يستنجده ويطلب منه المدد والرجال فرد عليه الجواب من عند علي بن أبي طالب بالوصية والشدة ولم يمده بأحد‏.‏
ثم كتب محمد إلى معاوية وعمرو كتابًا خشن لهما فيه في القول‏.‏
ثم قام محمد في الناس خطيبًا فقال‏:‏ أما بعد فإن القوم الذين ينتهكون الحرمة وينعشون الضلالة ويشبون نار الفتنة ويتسلطون بالجبرية قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بجيوشهم فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إليهم فليجاهدم في الله انتدبوا مع كنانة بن بشر فانتدب مع كنانة نحوًا من ألفي رجل ثم خرج محمد ابن أبي بكر في ألفي رجل واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد وكنانة يسرح لعمرو الكتائب‏.‏
فلما رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج السكوني‏.‏
وفي رواية‏:‏ لما رأى عمرو كنانة سرح إليه الكتائب من أهل الشام كتيبة بعد كتيبة وكنانة يهزمها فاستنجد عمرو بمعاوية بن حديج السكوني فسار في أصحابه وأهل الشام فأحاطوا بكنانة‏.‏
فلما رأى كنانة ذلك ترجل عن فرسه وترجل أصحابه وقرأ‏:‏ وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا إلى قوله‏:‏ وسنجزي الشاكرين فقاتل حتى قتل بعد أن قتل من أهل الشام مقتلة عظيمة فلما رأى أصحاب محمد ذلك تفرقوا عنه فنزل محمد عن فرسه ومشى حتى انتهى إلى خربة فأوى إليها وجاء عمرو بن العاص ودخل الفسطاط وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد ابن أبي بكر فسأل قومًا من العلوج وكانوا على الطريق فقال‏:‏ هل رأيتم رجلًا من صفته كذا وكذا فقال واحد منهم‏:‏ قد دخل تلك الخربة فدخلوها فإذا برجل جالس فقال معاوية بن حديج‏:‏ هو ورب الكعبة فدخلوها واستخرجوه وقد كاد يموت عطشًا فأقبلوا به على الفسطاط ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى عمرو بن العاص - وكان في جنده فقال‏:‏ أيقتل أخي صبرًا فأرسل عمرو إلى معاوية بن حديج يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر كرامة لأخيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال معاوية‏:‏ أيقتل كنانة بن بشر وأخلي أنا محمدًا‏!‏ هيهات هيهات‏!‏ فقال محمد‏:‏ اسقوني ماء فقال معاوية بن حديج‏:‏ لا سقاني الله إن سقيتك قطرة إنكم منعتم عثمان الماء ثم قتلتموه صائمًا فتلقاه الله بالرحيق المختوم والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر فليسقك الله من الجحيم فقال محمد لمعاوية‏:‏ يا بن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وأما والله لو كان سيفي بيدي ما بلغتم بي هذا فقال له معاوية‏:‏ أتدري ما أصنع بك أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار قال محمد‏:‏ إن فعلتم ذلك لطالما فعلتموه بأولياء الله تعالى ثم طال الكلام بينهما حتى أخذ معاوية محمدًا ثم ألقاه في جيفة حمار ميت ثم حرقه بالنار وقيل‏:‏ إنه قطع رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو أول رأس طيف به في الإسلام‏.‏
ولما بلغ عائشة - رضي الله عنها - قتل أخيها محمد بن أبي بكر هذا وجدت عليه وجدًا عظيمًا وأخذت أولاده وعياله وتولت تربيتهم‏.‏
وقال أبو مخنف بإسناده‏:‏ ولما بلغ علي بن أبي طالب مقتل محمد بن أبي بكر وما كان من الأمر بمصر وتملك عمرو لها واجتماع الناس عليه وعلى معاوية قام في الناس خطيبًا فحثهم على الجهاد والصبر والسير إلى أعدائهم من الشاميين والمصريين وواعدهم الجرعة بين الكوفة والحيرة‏.‏
فلما كان من الغد خرج يمشي إليها حتى نزلها فلم يخرج إليه أحد من الجيش فلما كان العشي بعث إلى أشراف الناس فدخلوا عليه وهو حزين كئيب فقام فيهم خطيبًا فقال‏:‏ الحمد لله على ما قضى من أمر وقدر من فعل وابتلاني بكم وبمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت أو ليس عجيبًا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه بغيرعطاء ويجيبونه في السنة المرتين والثلاث إلى أي وجه شاء‏!‏ وأنا أدعوكم - وأنتم أولو النهى وبقية الناس - على المعونة وطائفة من العطاء فتتفرقون عني وتعصونني وتختلفون علي‏!‏ فقام مالك بن كعب الأرحبي فندب الناس إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة له‏.‏
فانتدب ألفان فأمر عليهم مالك بن كعب هذا وقال له علي‏:‏ سر فوا لله ما أظنك تدركهم حتى ينقضي أمرهم فسار بهم خمسًا ثم قدم على علي جماعة ممن كان مع محمد بن أبي بكر الصديق بمصر فأخبروه كيف وقع الأمر وكيف قتل محمد بن أبي بكر وكيف استقر أمر عمرو فيها فبعث إلى مالك بن كعب فرده من الطريق وذلك لأنه خشي عليهم من أهل الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقر أمر العراقين على خلاف علي فيما يأمرهم به وينهاهم عنه والخروج عليه والتنقد على أحكامه وأقواله وأفعاله لجهلهم وقلة عقلهم وجفائهم وغلظتهم وفجور كثير منهم فكتب علي عند ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنه وهو نائبه على البصرة يشكو إليه مايلقاه من الناس من المخالفة والمعاندة فرد عليه ابن عباس يسليه في ذلك ويعزيه في محمد بن أبي بكر ويحثه على تلافي الناس والصبر على مسيئهم فإن ثواب الجنة خير من الدنيا ثم ركب ابن عباس إلى الكوفة إلى علي واستخلف على البصرة زيادًا وقد خرجنا عن المقصود‏.‏
السنة التي حكم فيها محمد بن أبي بكر الصديق وغيره على مصر وهي سنة سبع وثلاثين من الهجرة‏:‏ فيها كانت وقعة صفين بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين معاوية بن أبي سفيان‏.‏
وفيها قتل عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة المدلجي العبسي أبو اليقظان كان من نجباء الصحابة وشهد بدرًا والمشاهد كلها وقتل في صفين وكان من أصحاب علي رضي الله عنه‏.‏
وفيها توفي خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة التيمي مولى أم سباع بنت أنمار‏.‏
كنيته أبو عبد الله‏.‏
كان من المهاجرين الأولين‏.‏
شهد بدرًا والمشاهد بعدها وروي عنه أحاديث‏.‏
وفيها أيضًا قتل بصفين من أصحاب علي رضي الله عنه أويس بن عامر المرادي القرني الزاهد سيد التابعين كنيته أبو عمرو‏.‏
أسلم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏
وفيها قتل في وقعة صفين من أصحاب علي رضي الله عنه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري‏.‏
وفيها توفي عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما‏.‏
وفيها قتل كريب بن صباح الحميري أحد الأبطال من أصحاب معاوية‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وثلاثة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وثلاثة أصابع‏.‏

**********************************

وما ذكره المقريزى محمد بن أبي بكر فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني 60 / 167 : " ثم وليها‏:‏ محمد بن أبي بكر الصديق من قبل علي رضي الله عنه وجمع له صلاتها وخراجها فدخلها للنصف من رمضان سنة سبع وثلاثين فهدم دور شيعة عثمان ونهب أموالهم وسجن ذراريهم فنصبوا له الحرب ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية فلحقوا بمعاوية بالشأم فبعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش أهل الشأم إلى الفسطاط وتغيب ابن أبي بكر فظفر به معاوية بن خديج فقتله ثم جعله في جيفة حمار ميت وأحرقه بالنار لأربع عشرة خلت من صفر سنة ثمان وثلاثين فكانت ولايته خمسة أشهر‏

*****************************

المــــــــــــــراجع

1) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغرى بردى  

http://al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=181

(2) كتاب الخطط للمقريزى - المسماة بالمواعظ والإعتبار يذكر الخطط والآثار يختص ذلك بأخبار أقليم مصر والنيل وذكر القاهرة وما يتعلق بها وبأقليمها تأليف سيدنا الشيخ الإمام علامة الأنام / تقى الدين أحمد بن على بن عبد القادر بن المحمد المعروف بالمقريزى - الجزء الثانى = مكتبة ألاداب 42 ميدان الأوبرا القاهرة 

This site was last updated 06/08/11