Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ولاية قيس بن سعد بن عبادة فى خلافة على بن أبى طالب 6/ 6 خ . ر

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أبن ألأثير وولاية قيس

 

6/ 6 خ . ر - ولاية لقيس بن سعد بن عبادة فى خلافة على بن أبى طالب سنة 36 هـ

ولما قتل عثمان واصبح علي خليفة العرب فى مكة فعزل عبد الله ابن أبي سرح هذا عن مصر وولاها لقيس بن سعد بن عبادة

هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي المدني‏ ولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على مصر لما ولي الخلافة بعد قتل عثمان وبعثه إلى مصر فوصل إليها في مستهل شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين فدخلها قيس ومهد أمورها واستمال الخارجية بخربتا من شيعة عثمان ورد عليهم أرزاقهم وقدموا عليه بمصر فأكرمهم وأنعم عليهم وكان عنده رأي ومعرفة ودهاء فعظم على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ولايته لمصر فإنه كان من حزب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه واجتهدا كثيرًا ليخرجاه منها فلم يقدرا على ذلك حتى عمل معاوية على قيس من قبل علي بن أبي طالب وأشاع أن قيسًا من شيعته ومن حزبه وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة سرًا ولا زال يظهر ذلك حتى بلغ عليًا وساعده في ذلك محمد بن أبي بكر الصديق لحبه مصر أو لإمرتها وعبد الله بن جعفر فما زالا بعلي حتى كتب لقيس بن سعد يأمره بالقدوم عليه وعزله عن مصر فكانت ولايته على مصر من يوم دخلها إلى أن صرف عنها أربعة أشهر وخمسة أيام وكان عزله في خامس رجب من سنة سبع وثلاثين وولي عليها الأشتر النخعي‏

وروينا عن أبي المظفر شمس الدين يوسف بن قز أوغلي كما أخبرنا أبو الحسن علي بن صدقة الشافعي أخبرنا القاضي الإمام تاج الدين أحمد الفرغاني الحنفي أخبرنا حيدرة بن المحيا العباسي حدثنا صالح بن الصباغ أخبرنا أبو المؤيد محمود قال‏:‏ حدثنا الحافظ شمس الدين يوسف بن قز أوغلي إجازة بكتابه مرآة الزمان قال‏:‏ خرج قيس بن سعد بن عبادة من عند علي حتى دخل مصر في سبعة نفر وصعد المنبر وقعد عليه وقرأ كتاب علي على الناس وفيه‏ :‏ من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين‏.‏

سلام عليكم أما بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم وذكر الأنبياء وأن الله توفى رسوله وأستخلف بعده خليفتين صالحين عملا بالكتاب والسنة وأحسنا السيرة ثم توفوهما الله تعالى على ما كانا عليه ثم ولي بعدهما والٍ أحدث أحداثًا فوجدت عليه الأمة مقالًا فقالوا ثم نقموا عليه وغيروه ة ثم جاوني وبايعوني ولله علي العمل بكتابه وسنة رسوله والنصح للرعية ما بقيت والله المستعان وبعثت إليكم بقيس بن سعد بن عبادة أميرًا فوازرون وعاشروه وأعينوه على الحق وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته وأسأل الله لنا ولكم عملًا صالحًا وثوابًا جزيلًا ورحمةً واسعة والسلام عليكم‏.‏

وكتبه عبد الله بن أبي طالب في رابع صفر سنة ست وثلاثين‏.‏

ثم قال قيس‏:‏ ‏

"‏ أيها الناس قد جاء الحق وزهق الباطل ‏"‏

 أيها الناس إنا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبينا صلى الله عليه وسلم فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن نحن لم نعمل بذلك فلا بيعة لنا عليكم‏.‏

فقام الناس وبايعوا واستقامت له مصر وبعث عليها عماله إلا قرية من قرى مصر يقال لها خربتا فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان وبها رجل من كنانة من بني مدلج يقال له‏ :‏ يزيد بن الحارث بن مدلج فأرسلوه إلى قيس بن سعد‏:‏ إنا لا نقاتلك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على حالنا حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس‏.‏

ووثب مسلمة بن مخلد الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه فأرسل إليه قيس بن سعد ‏:‏ ويحك‏!‏ علي تثب‏!‏ فوا لله ما أحب أن لي ملك مصر إلى الشأم وأني قتلتك فبعث إليه مسلمة يقول ‏:‏ إني كاف عنك ما دمت والي مصر وكان قيس بن سعد له رأي وحزم فبعث إلى الذين بخربتا‏ :‏ إني لا أكرهكم على البيعة وأكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد‏.‏

وأقام قيس يجبي الخراج ولا ينازعه أحد من الناس‏.‏

وخرج أمير المؤمنين إلى وقعة الجمل ورجع إلى الكوفة وقيس مكانه فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية بن أبي سفيان لقربه من الشأم مخافة أن يقفل عليه علي بن أبي طالب من العراق ويقبل إليه قيس بأهل مصر فيقع معاوية بينهما قأخذ يخدعه‏.‏

فكتب معاوية إلى قيس‏:‏ من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة ‏:‏ سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان في أمور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو في سيرٍ سيره أو في استعماله الفيء فقد علمتم أن دمه لم يكن حلالًا لكم فقد ركبتم عظيمًا من الأمر وجئتم شيئًا إذًا‏.‏

فتب إلى الله يا قيس بن سعد فإنك ممن أعان على قتل عثمان إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئًا وأما صاحبك فقد تيقنا أنه الذي أغرى به الناس وحملهم على قتله حتى قتلوه وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك‏.‏

فإن استطعت أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل ‏.‏

فأن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ولمن شئت من أهلك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان‏.‏

وسلني غير هذا مما تحب فإنك لا تسألني شيئًا إلا أوتيته‏.‏

واكتب إلي برأيك فيما كتبت به إليك والسلام‏.‏

فلما جاءه كتاب معاوية أحب قيس أن يدافعه ولا يبدي له أمره ولا يتعجل حربه فكتب إليه‏:‏ أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه فأما ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه ولم أتنطف به وأما قولك‏ :‏ إن صاحبي أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم أطلع عليه وذكرت أن معظم عشيرتي لم يسلموا من دم عثمان فأول الناس فيه قيامًا عشيرتي ولهم أسوة غيرهم وأما ما ذكرت من مبايعتي إياك وما عرضت علي فلي فيه نظر وفكرة وليس هذا مما يسارع إليه‏.‏

وأنا كاف عنك ولن يبدو لك من قبلي شيء مما تكره والسلام‏.‏

فكتب إليه ثانيًا‏:‏ أما بعد فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلمًا ولم أرك مباعدًا فأعدك حربًا‏.‏

وليس مثلي من يخدع وبيده أعنة الخيل ومعه أعداد الرجال والسلام‏.‏

فلما قرأ قيس كتابه ورأى أنه لا يقبل منه المدافعة والمماطلة أظهر له ما في نفسه وكتب إليه‏:‏ أما بعد فالعجب من اغترارك بي يا معاوية وطمعك في تسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة وأقربهم بالخلافة وأقولهم بالحق وأهداهم سبيلًا وأقربهم إلى رسوله وسيلة وأوفرهم فضيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلًا وأبعدهم من الله ورسوله وسيلة ولد ضالين مضلين طاغوت من طواغيت إبليس وأما قولك‏:‏ معك أعنة الخيل وأعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حتى العدم‏.‏

وقال هشام‏:‏ ولما رأى معاوية أن قيس بن سعد لا يلين له كاده من قبل علي وكذا روى عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده‏.‏

وقال هشام بن محمد‏:‏ عن أبي مخنف وجه آخر في حديث قيس بن سعد ومعاوية قال‏:‏ لما أيس معاوية من قيس بن سعد شق عليه ذلك لما يعرف من حزمه وبأسه فأظهر للناس أن قيسًا قد بايعه‏.‏

واختلق معاوية كتابًا فقرأه على أهل الشأم وفيه ‏:‏ أما بعد لما نظرت أنه لا يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم محرمًا مسلمًا برأ تقيًا مستغفرًا وإني قال‏ :‏ فشاع في أهل الشأم أن قيسًا قد بايع معاوية‏.‏

وبلغ عليًا ذلك فأكبره وأعظمه فقال له عبد الله بن جعفر‏:‏ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك اعزل قيسًا عن مصر فقال علي‏:‏ والله ما أصدق هذا على قيس ثم عزله وولى الأشتر وقيل محمد بن أبي بكر الصديق في قول ابن سيرين فلما عزله عرف قيس أن عليًا قد خدع وتوجه إليه وصار معه‏.‏

قال عروة‏:‏ وكان قيس بن سعد مع علي في مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعد موت علي ‏.‏

فلما دخل الجيش في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل وقال لأصحابه ‏:‏ ما شئتم جالدت بكم أبدًا حتى يموت الأعجل وإن شئتم أخذت لكم أمانًا‏.‏

قالوا‏:‏ خذ لنا ففعل فلما ارتحل نحو المدينة جعل ينحر كل يوم جزورًا‏.‏

قال الواقدي وغيره‏:‏ إنه توفي في آخر خلافة معاوية - رضي الله عنهم أجمعين‏.‏

*********************

 النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة النجوم الزاهرة ( 7 من 273 )  : " وقد حكم قيس بن سعد بن عبادة مصر فى سنة ست وثلاثين أو جزء من هذه السنة

ولاية قيس بن سعد بن عبادة على مصر هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي المدني‏.‏
قال الذهبي‏:‏ كان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة وله عدة أحاديث روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى وعروة بن الزبير والشعبي وميمون ابن أبي شبيب وغريب بن حميد الهمداني وجماعة وكان ضخمًا جسيمًا طويلًا جدًا سيدًا مطاعًا كثير المال جوادًا كريمًا يعد من دهاة العرب‏.‏
قال عمرو بن دينار‏:‏ كان ضخمًا جسيمًا صغير الرأس ليست له لحية وإذا ركب الحمار خطت رجلاه الأرض روى عنه أنه قال‏:‏ لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ المكر والخديعة في النار ‏"‏ لكنت من أمكر هذه الأمة‏.‏
وقال الزهري‏:‏ أخبرنا ثعلبة بن أبي مالك أن قيس بن سعد كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقال جويرية بن أسماء‏:‏ كان قيس يستدين ويطعمهم فقال أبو بكر وعمر‏:‏ إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه فمشيا في الناس فصلى النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقام سعد بن عبادة خلفه فقال‏:‏ من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب يبخلان علي ابني‏.‏
وقال موسى بن عقبة‏:‏ وقفت على قيس عجوز فقالت‏:‏ أشكو إليك قلة الجرذان فقال‏:‏ ما أحسن هذه الكناية‏!‏ املؤوا بيتها خبزًا ولحمًا وسمنًا وتمرًا‏.‏
وقال أبو تميلة يحيى بن واضح‏:‏ أخبرنا أبو عثمان من ولد الحارث بن الصمة قال‏:‏ بعث قيصر إلى معاوية‏:‏ ابعث إلي سراويل أطول رجل من العرب فقال لقيس بن سعد‏:‏ ما أظن إلا قد احتجنا إلى سراويلك‏.‏
فقام وتنحى وجاء بها فألقاها فقال‏:‏ ألا ذهبت إلى منزلك ثم بعثت بها‏!‏ فقال‏:‏ الطويل أردت بها أن يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود وألا يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عادي نمته ثمود وإني من الحي اليماني لسيد وما الناس إلا سيد ومسود فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم شديد وخلقي في الرجال مديد فأمر معاوية أطول رجل في الجيش فوضعها على أنفه قال‏:‏ فوقفت بالأرض‏.‏
ولما ولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على مصر لما ولي الخلافة بعد قتل عثمان وبعثه إلى مصر فوصل إليها في مستهل شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين فدخلها قيس ومهد أمورها واستمال الخارجية بخربتا من شيعة عثمان ورد عليهم أرزاقهم وقدموا عليه بمصر فأكرمهم وأنعم عليهم وكان عنده رأي ومعرفة ودهاء فعظم على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ولايته لمصر فإنه كان من حزب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه واجتهدا كثيرًا ليخرجاه منها فلم يقدرا على ذلك حتى عمل معاوية على قيس من قبل علي بن أبي طالب وأشاع أن قيسًا من شيعته ومن حزبه وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة سرًا ولا زال يظهر ذلك حتى بلغ عليًا وساعده في ذلك محمد بن أبي بكر الصديق لحبه مصر أو لإمرتها وعبد الله بن جعفر فما زالا بعلي حتى كتب لقيس بن سعد يأمره بالقدوم عليه وعزله عن مصر فكانت ولايته على مصر من يوم دخلها إلى أن صرف عنها أربعة أشهر وخمسة أيام وكان عزله في خامس رجب من سنة سبع وثلاثين وولي عليها الأشتر النخعي‏.‏
وروينا عن أبي المظفر شمس الدين يوسف بن قز أوغلي كما أخبرنا أبو الحسن علي بن صدقة الشافعي أخبرنا القاضي الإمام تاج الدين أحمد الفرغاني الحنفي أخبرنا حيدرة بن المحيا العباسي حدثنا صالح بن الصباغ أخبرنا أبو المؤيد محمود قال‏:‏ حدثنا الحافظ شمس الدين يوسف بن قز أوغلي إجازة بكتابه مرآة الزمان قال‏:‏ خرج قيس بن سعد بن عبادة من عند علي حتى دخل مصر في سبعة نفر وصعد المنبر وقعد عليه وقرأ كتاب علي على الناس وفيه‏:‏ من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين‏.‏
سلام عليكم أما بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم وذكر الأنبياء وأن الله توفى رسوله وأستخلف بعده خليفتين صالحين عملا بالكتاب والسنة وأحسنا السيرة ثم توفوهما الله تعالى على ما كانا عليه ثم ولي بعدهما والٍ أحدث أحداثًا فوجدت عليه الأمة مقالًا فقالوا ثم نقموا عليه وغيروه ة ثم جاوني وبايعوني ولله علي العمل بكتابه وسنة رسوله والنصح للرعية ما بقيت والله المستعان وبعثت إليكم بقيس بن سعد بن عبادة أميرًا فوازرون وعاشروه وأعينوه على الحق وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته وأسأل الله لنا ولكم عملًا صالحًا وثوابًا جزيلًا ورحمةً واسعة والسلام عليكم‏.‏
وكتبه عبد الله بن أبي طالب في رابع صفر سنة ست وثلاثين‏.‏
ثم قال قيس‏:‏ ‏"‏ أيها الناس قد جاء الحق وزهق الباطل ‏"‏ أيها الناس إنا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبينا صلى الله عليه وسلم فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن نحن لم نعمل بذلك فلا بيعة لنا عليكم‏.‏
فقام الناس وبايعوا واستقامت له مصر وبعث عليها عماله إلا قرية من قرى مصر يقال لها خربتا فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان وبها رجل من كنانة من بني مدلج يقال له‏:‏ يزيد بن الحارث بن مدلج فأرسلوه إلى قيس بن سعد‏:‏ إنا لا نقاتلك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على حالنا حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس‏.‏
ووثب مسلمة بن مخلد الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه فأرسل إليه قيس بن سعد‏:‏ ويحك‏!‏ علي تثب‏!‏ فوا لله ما أحب أن لي ملك مصر إلى الشأم وأني قتلتك فبعث إليه مسلمة يقول‏:‏ إني كاف عنك ما دمت والي مصر وكان قيس بن سعد له رأي وحزم فبعث إلى الذين بخربتا‏:‏ إني لا أكرهكم على البيعة وأكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد‏.‏
وأقام قيس يجبي الخراج ولا ينازعه أحد من الناس‏.‏
وخرج أمير المؤمنين إلى وقعة الجمل ورجع إلى الكوفة وقيس مكانه فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية بن أبي سفيان لقربه من الشأم مخافة أن يقفل عليه علي بن أبي طالب من العراق ويقبل إليه قيس بأهل مصر فيقع معاوية بينهما قأخذ يخدعه‏.‏
فكتب معاوية إلى قيس‏:‏ من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة‏:‏ سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان في أمور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو في سيرٍ سيره أو في استعماله الفيء فقد علمتم أن دمه لم يكن حلالًا لكم فقد ركبتم عظيمًا من الأمر وجئتم شيئًا إذًا‏.‏
فتب إلى الله يا قيس بن سعد فإنك ممن أعان على قتل عثمان إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئًا وأما صاحبك فقد تيقنا أنه الذي أغرى به الناس وحملهم على قتله حتى قتلوه وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك‏.‏
فإن استطعت أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل‏.‏
فأن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ولمن شئت من أهلك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان‏.‏
وسلني غير هذا مما تحب فإنك لا تسألني شيئًا إلا أوتيته‏.‏
واكتب إلي برأيك فيما كتبت به إليك والسلام‏.‏
فلما جاءه كتاب معاوية أحب قيس أن يدافعه ولا يبدي له أمره ولا يتعجل حربه فكتب إليه‏:‏ أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه فأما ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه ولم أتنطف به وأما قولك‏:‏ إن صاحبي أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم أطلع عليه وذكرت أن معظم عشيرتي لم يسلموا من دم عثمان فأول الناس فيه قيامًا عشيرتي ولهم أسوة غيرهم وأما ما ذكرت من مبايعتي إياك وما عرضت علي فلي فيه نظر وفكرة وليس هذا مما يسارع إليه‏.‏
وأنا كاف عنك ولن يبدو لك من قبلي شيء مما تكره والسلام‏.‏
فكتب إليه ثانيًا‏:‏ أما بعد فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلمًا ولم أرك مباعدًا فأعدك حربًا‏.‏
وليس مثلي من يخدع وبيده أعنة الخيل ومعه أعداد الرجال والسلام‏.‏
فلما قرأ قيس كتابه ورأى أنه لا يقبل منه المدافعة والمماطلة أظهر له ما في نفسه وكتب إليه‏:‏ أما بعد فالعجب من اغترارك بي يا معاوية وطمعك في تسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة وأقربهم بالخلافة وأقولهم بالحق وأهداهم سبيلًا وأقربهم إلى رسوله وسيلة وأوفرهم فضيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلًا وأبعدهم من الله ورسوله وسيلة ولد ضالين مضلين طاغوت من طواغيت إبليس وأما قولك‏:‏ معك أعنة الخيل وأعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حتى العدم‏.‏
وقال هشام‏:‏ ولما رأى معاوية أن قيس بن سعد لا يلين له كاده من قبل علي وكذا روى عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده‏.‏
وقال هشام بن محمد‏:‏ عن أبي مخنف وجه آخر في حديث قيس بن سعد ومعاوية قال‏:‏ لما أيس معاوية من قيس بن سعد شق عليه ذلك لما يعرف من حزمه وبأسه فأظهر للناس أن قيسًا قد بايعه‏.‏
واختلق معاوية كتابًا فقرأه على أهل الشأم وفيه‏:‏ أما بعد لما نظرت أنه لا يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم محرمًا مسلمًا برأ تقيًا مستغفرًا وإني قال‏:‏ فشاع في أهل الشأم أن قيسًا قد بايع معاوية‏.‏
وبلغ عليًا ذلك فأكبره وأعظمه فقال له عبد الله بن جعفر‏:‏ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك اعزل قيسًا عن مصر فقال علي‏:‏ والله ما أصدق هذا على قيس ثم عزله وولى الأشتر وقيل محمد بن أبي بكر الصديق في قول ابن سيرين فلما عزله عرف قيس أن عليًا قد خدع وتوجه إليه وصار معه‏.‏
قال عروة‏:‏ وكان قيس بن سعد مع علي في مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعد موت علي‏.‏
فلما دخل الجيش في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل وقال لأصحابه‏:‏ ما شئتم جالدت بكم أبدًا حتى يموت الأعجل وإن شئتم أخذت لكم أمانًا‏.‏
قالوا‏:‏ خذ لنا ففعل فلما ارتحل نحو المدينة جعل ينحر كل يوم جزورًا‏.‏
قال الواقدي وغيره‏:‏ إنه توفي في آخر خلافة معاوية - رضي الله عنهم أجمعين‏.‏
السنة التي حكم في بعضها قيس بن سعد بن عبادة على مصر وهي سنة ست وثلاثين‏:‏ فيها كانت وقعة الجمل بين علي - رضي الله عنه - وبين عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - ومعها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وغيرهما وكانت فيها مقتلةً عظيمة قتل فيها عدة من الصحابة وغيرهم قال البلاذري‏:‏ التقوا بمكان يقال له‏:‏ الخريبة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين‏.‏
قلت‏:‏ وممن قتل في هذه الوقعة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي‏:‏ أحد السابقين الأولين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى بعد موت عمر بن الخطاب‏.‏
قتله مروان بن الحكم في منصرفه من وقعة الجمل بساعة وكان مروان مع عائشة أيضًا غير أنه لما رأى انصرافه رمى عليه بسهم قتله وقال لأبان بن عثمان بن عفان‏:‏ قد كفيتك بعض قتلى أبيك - يعني أنه كان مواريًا على عثمان في أول الأمر‏.‏
وفيها قتل الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو عبد الله القرشي الأسمي المكي حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها أسلم وهو ابن ست عشرة سنة وهو من السابقين‏.‏
قتله عمير بن جرموز بعد انصرافه من وقعة الجمل بساعة‏.‏
وفيها توفي حذيفة بن اليمان واسم اليمان‏:‏ حسيل ويقال حسيل بالتصغر بن جابر بن أسيد وقيل ابن عمرو أبو عبد الله العبسي حليف الأنصار صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وفيها توفي سلمان الفارسي - رضي الله عنه - في قول وقد تقدم ذكره‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وثمانية عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا لإصبعان‏.‏

********************************

وما ذكره المقريزى عن بن سعد بن عبادة الأنصاري فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني 60 / 167 : " قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري‏:‏ ولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بلغه مصاب ابن أبي حذيفة وجمع له الخراج والصلاة فدخل مصر مستهل ربيع الول سنة سبع وثلاثين فاستمال الخارجية بخربتا شيعة عثمان وبعث إليهم أعطياتهم ووفد عليهم وفدهم فأكرمهم وكان من ذوي الرأي فجهد عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان على أن يخرجاه من مصر ليغلبا على أمرها فإنها كانت من جيش علي رضي الله عنه فامتنع منهما بالدهاء والمكايدة فلم يقدرا على مصر حتى كاد معاوية قيسًا من قبل علي رضي الله عنه فأشاع أن قيسًا من شيعته وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة سرًا فسمع ذلك جواسيس علي رضي الله عنه وما زال به محمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر حتى كتب إلى قيس بن سعد يأمره بالقدوم إليه فوليها إلى أن عزل أربعة أشهر وخمسة أيام وصرف لخمس خلون من رجب سنة سبع وثلاثين " أنتهى

This site was last updated 06/08/11