Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الأقباط ينقذون العرب من القحط والجفاف والموت جوعا

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
مصر بالفكر العربى
قتل وإضطهاد الأقباط
الأقباط والمجاعة بالعربية
رأى العرب فى الأقباط
المؤرخون وخير مصر

Hit Counter

لأقباط ينقذون العرب من المجاعة

 ولم يبخل الاقباط عن مساعده المحتاج اليهم 0فالمصرى الصميم والاصيل تعرفه من عطائه فلما حاقت المجاعه بالمدينه المنوره ارسل الاقباط قافله قيل ان اولها المدينه واخرها مصر0ولكن بالرغم من عطاء المصريين للعرب فان وجهه نظرهم فى مصر كمصر وكشعب أعلنه عمر بن الخطاب عندما طلب يستعجل ارسال القمح من مصر فصاح ( اخرب الله مصر فى عمران المدينه) (15) 

ولذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط وجعل لكل فدان عليهم‏:‏ نصف أردب قمح ويبتين من شعير إلا القرظ فلم يكن عليه ضريبة والويبة ستة أمداد وكان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يأخذ ممن صالحه من المعاهدين ما سمى على نفسه لا يضع من ذلك شيئًا ولا يزيد عليه ومن نزل منهم على الجزية ولم يسم شيئًا يؤدّيه نظر عمر في أمره فإذا احتاجوا خفف عنهم وإن استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم‏.‏

ويذكر الطبرى والبلاذرى (16) انه قال ايضا عن أقباط مصر ( يأكلهم المسلمون ما داموا احياء0فاذا هلكنا وهلكوا 0اكل ابناؤنا ابنائهم ما بقوا) وقال ابن عبد الحكم (حدثنا عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد قلب" ان الناس فى المدينه اصابهم جهد شديد فى خلافه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى سنه الرماده، فكتب الى عمرو بن العاص وهو بمصر:( من عبدالله بن عمر أمير المؤمنين، الى العاصي بن العاص00سلاما اما بعد، فلعمرى يا عمر ما تبالى اذا شبعت أنت ومن معك،أن أهلك انا ومن معى، فياغوثاه000) فكتب اليه عمرو:( من عبدالله عمرو بن العاص الى أمير المؤمنين0أما بعد فيالبيك ثم لبيك،قد بعثت بعيرا اولها عندك وآخرها عندى، والسلام عليك ورحمه الله وبركاته)0فبعث اليه بعير عظيمه0فكان أولها بالمدينه آخرها بمصر، يتبع بعضها بعضا( فلما قدمت على عمر رضى الله عنه، وسع بها على الناس، ودفع الى أهل كل بيت بالمدينه وما حولها بعيرا بما عليها من طعام،وبعث عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن ابى وقاص يقسمونها على الناس، فدفعوا الى أهل كل بيت بما عليها من طعام ليأكلوا الطعام ،ويأتدموا بلحمه، ويحتذوا بجلده وينتفعوا بالوعاء الذى كان فيه الطعام فيما أرادوا من لحاف او غيره00فوسع الله بذلك على الناس) (17)

في الخراج وما كان من أمر مصر في ذلك مع القبط قال زهير بن معاوية‏:‏ حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ منعت العراق درهمها وقفيرها ومنعت الشام مدها ودينارها ومنعت مصر إردبها وعدتم من حيث بدأتم ‏"‏ قال أبو عبيد‏:‏ قد أخبر صلى الله عليه وسلم بما لم يكن وهو في علم الله كائن فخرّج لفظه على لفظ الماضي لأنه ماضِ في علم الله وفي إعلامه بهذا قبل وقوعه ما دل على إثبات نبوته ودل على رضاه من عمر رضي الله عنه ما وظفه على الكفرة من الخراج في الأمصار‏.‏

وفي تفسير المنع وجهان‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه علم أنهم سيسلمون ويسقط عنهم ما وظف عليهم فصاروا مانعين بإسلامهم ما وظف عليهم يدل عليه قوله‏:‏ ‏"‏ وعدتم من حيث بدأتم ‏"‏ وقيل معناه‏:‏ أنهم يرجعون عن الطاعة والأوّل أحسن‏.‏


وقال ابن عبد الحكم عن عبيد اللّه بن لهيعة‏:‏ لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع من فيها من الرجال من القبط من راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا صبيّ ولا وعن هشام بن أبي رقية اللخميّ‏:‏ أن عمرو بن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر‏:‏ إن من كتمني كنزًا عنده فقدرت عليه قتلته وإنّ قبطيًا من أرض الصعيد يقال له‏:‏ بطرس ذكر لعمرو‏:‏ إن عنده كنزًا فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد فحبسه في السجن وعمرو يسأل عنه‏:‏ هل تسمعونه يسأل عن أحد فقالوا‏:‏ لا إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور فأرسل عمرو إلى بطرس فنزع خاتمه ثم كتب إلى ذلك الراهب‏:‏ أن ابعث إليّ بما عندك وختمه بخاتمه فجاء الرسول بقُلَّة شامية مختومة بالرصاص ففتحها عمرو فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها‏:‏ ما لكمَ تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء ثم قلع البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين أردبًا ذهبًا مصريًا مضروبة فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد فأخرج القبط كنوزهم شفقًا أن يبغي على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس‏.‏

وعن يزيد بن أبي حبيب‏:‏ إن عمرو بن العاص استحل مال قبطيّ من قبط مصر لأنه استقرّ عنده أنه يُظهر الروم على عورات المسلمين ويكتب إليهم بدلك فاستخرج منه بضعًا وخمسين أردبًا دنانير‏.‏

قال ابن عبد الحكم‏:‏ وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يبعث إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه وكانت فريضة مصر لحفر خلجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفًا معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك صيفًا ولا شتاءً ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ أن تختم في رقاب أهل الذمّة بالرصاص ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضًا ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى ولا يضربوا على النساء ولا على الولدان ولا تدعهم يتشبهون بالمسلمين في ملبوسهم‏.‏

وعن يزيد بن أسلم‏:‏ أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كتب إلى أمراء الأجناد‏:‏ أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى وجزيتهم أربعون درهمًا على أهل الورق وأربعة دنانير على أهل الذهب وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مدّان من حنطة وثلاثة أقساط من زيت في كل شهر لكل إنسان من أهل الشام والجزيرة وودك وعسل لا أدري كم هو ومن كان من أهل مصر فأردب في كل شهر لكل إنسان ولا أدري كم الودك والعسل وعليهم من البز الكسوة التي يكسوها أمير المؤمنين الناس ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاثة أيام وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعًا لكل إنسان ولا أدري كم لهم من الودك وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان وكان يختم في أعناق رجال أهل الجزية وكانت ويبة عمر في ولاية عمرو بن العاص‏:‏ ستة أمداد‏.‏

قال‏:‏ وكان عمرو بن العاص لما استوثق له الأمر أقرّ قبطها على جباية الروم فكانت جبايتهم بالتعديل إذا عمرت القرية وكثر أهلها زيد عليهم وإن قل أهلها وخربت نقصوا فيجتمع عرافوا كل فرية وأمراءها ورؤساء أهلها فيتناظرون في العمارة والخراب حتى إذا أقرّوا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى فوزعوا ذلك على احتمال القرى وسعة المزارع ثم يجتمع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كل قرية وما فيها من الأرض العامرة فيبتدئون ويخرجون من الأرض فدّادين لكنائسهم وحماياتهم ومعدياتهم من جملة الأرض ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين ونزول السلطان فإذا فرغوا نظروا لما في كل قرية من الصناع والأجراء فقسموا عليهم بقدر احتمالهم فإن كانت فيهم جالية قسموا عليها بقدر احتمالها وقلما كانت تكون إلا لرجل الشاب أو المتزوج ثم ينظرون ما بقي من الخراج فيقسمونه بينهم على عدد الأرض ثم يقسمون ذلك بين من يريد الزرع منهم على قدر طاقتهم فإن عجز أحد منهم وشكا ضعفًا عن زرع أرضه وزعوا ما عجز عنه على ذوي الاحتمال وإن كان منهم من يريد الزيادة أعطي ما عجز عنه أهل الضعف فإن تشاحوا قسموا ذلك على عدّتهم وكانت قسمتهم على قراريط الدنانير أربعة وعشرين قيراطًا يقسمون الأرض على ذلك‏.‏

ولذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط وجعل لكل فدان عليهم‏:‏ نصف أردب قمح ويبتين من شعير إلا القرظ فلم يكن عليه ضريبة والويبة ستة أمداد وكان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يأخذ ممن صالحه من المعاهدين ما سمى على نفسه لا يضع من ذلك شيئًا ولا يزيد عليه ومن نزل منهم على الجزية ولم يسم شيئًا يؤدّيه نظر عمر في أمره فإذا احتاجوا خفف عنهم وإن استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم‏.‏

 

 

وبالرغم من شهامة أهل مصر ووقوفهم بجانب العرب المسلمين الذين أحتلوا أراضيهم نجد أن المؤرخ المسلم المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الأول   5 / 167   لا تخلوا كتاباته فى ذم المصريين الأقباط وأخلاقهم فى كثير من كتاباته فنجد فى الخطط يقول : " وأما أخلاط المصريين فبعضها شبيه ببعض لأنّ قوى النفس تابعة لمزاج البدن وأبدانهم سخيفة سريعة التغير قليلة الصبر والجلد وكذلك أخلاقهم يغلب عليها الاستحالة والتنقل من شيء إلى شيء والدعة والجبن والقنوط والشح وقلة الصبر والرغبة في العلم وسرعة الخوف والحسد والنميمة والكذب والسعي إلى السلطان وذمّ الناس‏.‏
وبالجملة فيغلب عليهم الشرور الدنية التي تكون من دناءة الأنفس وليس هذه الشرور عامّة فيهم ولكنها موجودة في أكثرهم ومنهم‏:‏ من خصه اللّه بالفضل وحسن الخلق وبرّأه من الشرور ومن أجل توليد أرض مصر الجبن والشرور الدنيئة في النفس لم تسكنها الأسد وإذا دخلت ذلت ولم تتناسل وكلابها أقل جرأة من كلاب غيرها من البلدان‏.‏ " أنتهى

وقال أيضاً المؤرخ المسلم المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الأول   10 / 167  وقال أبو الصلت‏:‏ وأما سكان أرض مصر فأخلاط من الناس مختلفوا الأصناف والأجناس من قبط وروم وعرب وأكراد وديلم وحبشان وغير ذلك من الأصناف إلا أن جمهورهم قبط قالوا‏:‏ والسبب في اختلاطهم تداول المالكين لها والمتغلبين عليها من العمالقة واليونانيين والروم وغيرهم‏.‏ فلهذا اختلطت أنسابهم واقتصروا من التعريف بأنفسهم على الإشارة إلى مواضعهم والانتماء إلى مساقطهم فيها‏.‏ وحكى أنهم كانوا في الزمن السالف عُباد أصنام ومدبري هياكل إلى أن ظهر دين النصرانية وغلب على أرض مصر‏.‏ فتنصروا وبقوا على ذلك إلى أن فتحها المسلمون فأسلم بعضهم وبقي بعضهم على دين النصرانية‏.‏
وأما أخلاقهم فالغالب عليها اتباع الشهوات والانهماك في اللذات والاشتغال بالترهات والتصديق بالمحالات وضعف المرائر والعزمات ولهم خبرة بالكيد والمكر وفيهم بالفطرة قوّة عليه وتلطف فيه وهداية إليه لما في أخلاقهم من الملق والبشاشة التي أربوا فيها على من تقدّم وتأخر‏.‏ وخصوا بالإفراط فيها دون جميع الأمم‏.‏
حتى صار أمرهم في ذلك مشهورًا والمثل بهم مضروبًا وفي خبثهم ومكرهم يقول أبو نواس‏:‏ محضتكم يا أهل مصر نصيحتي ألا فخذوا من ناصح بنصيب رماكم أمير المؤمنين بحيةٍ أكول لحيات البلاد شروب قال مؤلفه رحمه اللّه تعالى‏:‏ وقد مرّ لي قديمًا أن منطقة الجوزاء تسامت رؤوس أهل مصر‏.‏ فلذلك يتحدّثون بالأشياء قبل كونها ويخبرون بما يكون وينذرون بالأمور المستقبلة‏.‏ ولهم في هذا الباب أخبار مشهورة‏.‏ أنتهى
***********************************

عمر بن الخطاب يرسل العرب للقتال و‏المغيرة فى صحيح البخارى يشهد بمجاعة العربية وأنها سبب الغزو فى حديث فى صحيح البخارى
صحيح البخاري-  الجزية - والموادعة مع أهل الحرب الجزية

حديث 2925

حدثنا ‏ ‏الفضل بن يعقوب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن جعفر الرقي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏المعتمر بن سليمان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعيد بن عبيد الله الثقفي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏بكر بن عبد الله المزني ‏ ‏وزياد بن جبير ‏ ‏عن ‏ ‏جبير بن حية ‏ ‏قال ‏
‏بعث ‏ ‏عمر ‏ ‏الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين فأسلم ‏ ‏الهرمزان ‏ ‏فقال إني مستشيرك في مغازي هذه قال نعم مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان وله رجلان فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس فإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس وإن ‏ ‏شدخ ‏ ‏الرأس ذهبت الرجلان والجناحان والرأس فالرأس ‏ ‏كسرى ‏ ‏والجناح ‏ ‏قيصر ‏ ‏والجناح الآخر ‏ ‏فارس ‏ ‏فمر المسلمين ‏ ‏فلينفروا ‏ ‏إلى ‏ ‏كسرى ‏ ‏وقال ‏ ‏بكر ‏ ‏وزياد ‏ ‏جميعا عن ‏ ‏جبير بن حية ‏ ‏قال ‏ ‏فندبنا ‏ ‏عمر ‏ ‏واستعمل علينا ‏ ‏النعمان بن مقرن ‏ ‏حتى إذا كنا بأرض العدو وخرج علينا عامل ‏ ‏كسرى ‏ ‏في أربعين ألفا فقام ترجمان فقال ليكلمني رجل منكم فقال ‏ ‏المغيرة ‏ ‏سل عما شئت قال ما أنتم قال نحن أناس من ‏ ‏العرب ‏ ‏كنا في شقاء شديد وبلاء شديد نمص الجلد والنوى من الجوع ونلبس الوبر والشعر ونعبد الشجر والحجر فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين تعالى ذكره وجلت عظمته إلينا نبيا من أنفسنا نعرف أباه وأمه فأمرنا نبينا رسول ربنا ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا ‏ ‏الجزية ‏ ‏وأخبرنا نبينا ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط ومن بقي منا ملك رقابكم فقال ‏ ‏النعمان ‏ ‏ربما أشهدك الله مثلها مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم يندمك ولم يخزك ولكني شهدت القتال مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب ‏ ‏الأرواح ‏ ‏وتحضر الصلوات
فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان ) ‏
‏كَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ بِسُكُونِ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَفَتْح الْمُثَنَّاة وَكَسْر الْمِيم , وَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْتَخْرَج الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْره فِي هَذَا الْحَدِيث , وَزَعَمَ الدِّمْيَاطِيّ أَنَّ الصَّوَاب الْمُعَمَّر بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الْمِيم الْمَفْتُوحَة بِغَيْرِ مُثَنَّاة قَالَ : لِأَنَّ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر الرَّقِّيّ لَا يَرْوِي عَنْ الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكَافٍ فِي رَدّ الرِّوَايَات الصَّحِيحَة , وَهَبْ أَنَّ أَحَدهمَا لَمْ يَدْخُل بَلَد الْآخَر أَمَا يَجُوز أَنْ يَكُونَا اِلْتَقَيَا مَثَلًا فِي الْحَجّ أَوْ فِي الْغَزْو ؟ وَمَا ذَكَرَهُ مُعَارَض بِمِثْلِهِ , فَإِنَّ الْمُعَمَّر بْن سُلَيْمَان رَقِّيٌّ وَسَعِيد بْن عُبَيْد اللَّه بَصْرِيّ فَمَهْمَا اُسْتُبْعِدَ مِنْ لِقَاء الرَّقِّيّ الْبَصْرِيّ جَاءَ مِثْله فِي لِقَاء الرَّقِّيّ لِلْبَصْرِيِّ , وَأَيْضًا فَالَّذِينَ جَمَعُوا رِجَال الْبُخَارِيّ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِمْ الْمُعَمَّر بْن سُلَيْمَان الرَّقِّيّ وَأَطْبَقُوا عَلَى ذِكْر الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ الْبَصْرِيّ , وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَحَكَى أَنَّهُ قِيلَ : الصَّوَاب فِي هَذَا مُعَمَّر بْن رَاشِد يَعْنِي شَيْخ عَبْد الرَّزَّاق . قُلْت : وَهَذَا هُوَ الْخَطَأ بِعَيْنِهِ , فَلَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّه بْن جَعْفَر الرَّقِّيّ عَنْ مُعَمَّر بْن رَاشِد رِوَايَة أَصْلًا , وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . ثُمَّ رَأَيْت سَلَفَ الدِّمْيَاطِيّ فِيمَا جَزَمَ بِهِ فَقَالَ اِبْن قُرْقُولٍ فِي الْمَطَالِع : وَقَعَ فِي التَّوْحِيد وَفِي الْجِزْيَة عَنْ الْفَضْل بْن يَعْقُوب عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ سَعِيد بْن عُبَيْد اللَّه كَذَا لِلْجَمِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ , قَالُوا وَهُوَ وَهْم , وَإِنَّمَا هُوَ الْمُعَمَّر بْن سُلَيْمَان الرَّقِّيّ , وَكَذَا كَانَ فِي أَصْل الْأَصِيلِيِّ فَزَادَ فِيهِ التَّاء وَأَصْلَحَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ , قَالَ الْأَصِيلِيُّ : الْمُعْتَمِر هُوَ الصَّحِيح , وَقَالَ غَيْره : الْمُعَمَّر هُوَ الصَّحِيح وَالرَّقِّيّ لَا يَرْوِي عَنْ الْمُعْتَمِر , قَالَ : وَلَمْ يَذْكُر الْحَاكِم وَلَا الْبَاجِيُّ فِي رِجَال الْبُخَارِيّ الْمُعَمَّر بْن سُلَيْمَان , بَلْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي تَرْجَمَة عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر : يَرْوِي عَنْ الْمُعْتَمِر , وَلَمْ يَذْكُر لَهُ الْبُخَارِيّ عَنْهُ رِوَايَة . ‏

‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عُبَيْد اللَّه الثَّقَفِيّ ) ) ‏
‏هُوَ اِبْن جُبَيْر بْن حَيَّة الْمَذْكُور بَعْدُ , وَزِيَاد بْن جُبَيْر شَيْخه هُوَ اِبْن عَمّه . ‏

‏قَوْله : ( عَنْ جُبَيْر بْن حَيَّة ) ‏
‏هُوَ جَدّ زِيَاد وَحَيَّة أَبُوهُ بِمُهْمَلَة وَتَحْتَانِيَّة مُثْقَلَة , وَهُوَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ , وَاسْم جَدّه مَسْعُود بْن مُعْتِب بِمُهْمَلَة وَمُثَنَّاة ثُمَّ مُوَحَّدَة , وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ فِي الصَّحَابَة وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِبَعِيدٍ , لِأَنَّ مَنْ شَهِدَ الْفُتُوح فِي وَسَط خِلَافَة عُمَر يَكُون فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمَيَّزًا , وَقَدْ نَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي سَنَة حَجَّة الْوَدَاع مِنْ قُرَيْش وَثَقِيف أَحَدٌ إِلَّا أَسْلَمَ وَشَهِدَهَا وَهَذَا مِنْهُمْ , وَهُوَ مِنْ بَيْت كَبِير فَإِنَّ عَمّه عُرْوَة بْن مَسْعُود كَانَ رَئِيس ثَقِيف فِي زَمَانه وَالْمُغِيرَة بْن شُعْبَة اِبْن عَمّه , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيق مُبَارَك بْن فَضَالَةَ عَنْ زِيَاد بْن جُبَيْر " حَدَّثَنِي أَبِي " وَلِسَعِيدِ حَفِيده رِوَايَة أُخْرَى فِي الْأَشْرِبَة وَالتَّوْحِيد , وَعَمّه زِيَاد بْن جُبَيْر تَقَدَّمَتْ لَهُ رِوَايَات أُخْرَى فِي الصَّوْم وَالْحَجّ , وَذَكَرَ أَبُو الشَّيْخ أَنَّ جُبَيْر بْن حَيَّة وَلِيَ إِمْرَة أَصْبَهَانَ وَمَاتَ فِي خِلَافَة عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان . ‏

‏قَوْله : ( بَعَثَ عُمَر النَّاس فِي أَفْنَاء الْأَمْصَار ) ‏
‏أَيْ فِي مَجْمُوع الْبِلَاد الْكِبَار , وَالْأَفْنَاء بِالْفَاءِ وَالنُّون مَمْدُود جَمْع فِنْوٍ بِكَسْرِ الْفَاء وَسُكُون النُّون , وَيُقَال فُلَان مِنْ أَفْنَاء النَّاس إِذَا لَمْ تُعَيَّن قَبِيلَته . وَالْمِصْر الْمَدِينَة الْعَظِيمَة , وَوَقَعَ عِنْد الْكَرْمَانِيِّ " الْأَنْصَار " بِالنُّونِ بَدَلَ الْمِيم وَشَرَحَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : وَفِي بَعْضهَا الْأَمْصَار . ‏

‏قَوْله : ( فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ ) ‏
‏فِي السِّيَاق اِخْتِصَار كَثِير لِأَنَّ إِسْلَام الْهُرْمُزَانِ كَانَ بَعْد قِتَال كَثِير بَيْنه وَبَيْن الْمُسْلِمِينَ بِمَدِينَةِ تَسْتُرَ , ثُمَّ نَزَلَ عَلَى حُكْم عُمَر فَأَسَرَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَر مَعَ أَنَس فَأَسْلَمَ فَصَارَ عُمَر يُقَرِّبهُ وَيَسْتَشِيرهُ , ثُمَّ اِتَّفَقَ أَنَّ عُبَيْد اللَّه - بِالتَّصْغِيرِ - بْنَ عُمَر بْن الْخَطَّاب اِتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ وَاطَأَ أَبَا لُؤْلُؤَة عَلَى قَتْل عُمَر فَعَدَا عَلَى الْهُرْمُزَانِ فَقَتَلَهُ بَعْد قَتْل عُمَر , وَسَتَأْتِي قِصَّة إِسْلَام الْهُرْمُزَانِ بَعْد عَشَرَة أَبْوَاب . وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاء وَسُكُون الرَّاء وَضَمّ الْمِيم بَعْدهَا زَاي , وَكَانَ مِنْ زُعَمَاء الْفُرْس . ‏

‏قَوْله : ( إِنِّي مُسْتَشِيرك فِي مَغَازِيَّ ) ‏
‏بِالتَّشْدِيدِ , وَهَذِهِ إِشَارَة إِلَى مَا فِي قَصْده , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق مَعْقِل بْن يَسَار " أَنَّ عُمَر شَاوَرَ الْهُرْمُزَان فِي فَارِس وَأَصْبَهَانَ وَأَذْرَبِيجَان " أَيْ بِأَيِّهَا يَبْدَأ , وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ اِسْتَشَارَهُ فِي جِهَات مَخْصُوصَة , وَالْهُرْمُزَان كَانَ مِنْ أَهْل تِلْكَ الْبِلَاد وَكَانَ أَعْلَم بِأَحْوَالِهَا مِنْ غَيْره , وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْله فِي حَدِيث الْبَاب " فَالرَّأْس كِسْرَى وَالْجَنَاح قَيْصَر وَالْجَنَاح الْآخَر فَارِس " نَظَر , لِأَنَّ كِسْرَى هُوَ رَأْس أَهْل فَارِس , وَأَمَّا قَيْصَر صَاحِب الرُّوم فَلَمْ يَكُنْ كِسْرَى رَأْسًا لَهُمْ . وَقَدْ وَقَعَ عِنْد الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيق مُبَارَك بْن فَضَالَة الْمَذْكُورَة قَالَ " فَإِنَّ فَارِس الْيَوْم رَأْس وَجَنَاحَانِ " وَهَذَا مُوَافِق لِرِوَايَةِ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَهُوَ أَوْلَى , لِأَنَّ قَيْصَر كَانَ بِالشَّامِ ثُمَّ بِبِلَادِ الشِّمَال وَلَا تَعَلُّق لَهُمْ بِالْعِرَاقِ وَفَارِس وَالْمَشْرِق . وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَل كِسْرَى رَأْس الْمُلُوك وَهُوَ مَلِك الْمَشْرِق وَقَيْصَر مَلِك الرُّوم دُونه وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ جَنَاحَانِ لَكَانَ الْمُنَاسِب أَنْ يَجْعَل الْجَنَاح الثَّانِي مَا يُقَابِلهُ مِنْ جِهَة الْيَمِين كَمُلُوكِ الْهِنْد وَالصِّين مَثَلًا , لَكِنْ دَلَّتْ الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا أَهْل بِلَاده الَّتِي هُوَ عَالِم بِهَا , وَكَأَنَّ الْجُيُوش إِذْ ذَاكَ كَانَتْ بِالْبِلَادِ الثَّلَاثَة , وَأَكْثَرهَا وَأَعْظَمهَا بِالْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا كِسْرَى لِأَنَّهُ كَانَ رَأْسهمْ . ‏

‏قَوْله : ( فَمُرْ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى ) ‏
‏فِي رِوَايَة مُبَارَك أَنَّ الْهُرْمُزَان قَالَ " فَاقْطَعْ الْجَنَاحَيْنِ يَلِنْ لَك الرَّأْس " فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عُمَر فَقَالَ " بَلْ اِقْطَعْ الرَّأْس أَوَّلًا " فَيُحْتَمَل أَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عَادَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ . ‏

‏قَوْله : ( وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَان بْن مُقَرِّن ) ‏
‏بِالْقَافِ وَتَشْدِيد الرَّاء وَهُوَ الْمُزَنِيُّ , وَكَانَ مِنْ أَفَاضِل الصَّحَابَة هَاجَرَ هُوَ وَإِخْوَة لَهُ سَبْعَة وَقِيلَ عَشَرَة , وَقَالَ اِبْن مَسْعُود " إِنَّ لِلْإِيمَانِ بُيُوتًا , وَإِنَّ بَيْت آل مُقَرِّن مِنْ بُيُوت الْإِيمَان " وَكَانَ النُّعْمَان قَدِمَ عَلَى عُمَر بِفَتْحِ الْقَادِسِيَّة فَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة الْمَذْكُورَة " فَدَخَلَ عُمَر الْمَسْجِد فَإِذَا هُوَ بِالنُّعْمَانِ يُصَلِّي فَقَعَدَ , فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : إِنِّي مُسْتَعْمِلك , قَالَ أَمَّا جَابِيًا فَلَا , وَلَكِنْ غَازِيًا , قَالَ : فَإِنَّك غَازٍ , فَخَرَجَ مَعَهُ الزُّبَيْر وَحُذَيْفَة وَابْن عَمْرو وَالْأَشْعَث وَعَمْرو بْن مَعْدِي كَرِبَ " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ الْمَذْكُورَة " فَأَرَادَ عُمَر الْمَسِير بِنَفْسِهِ , ثُمَّ بَعَثَ النُّعْمَان وَمَعَهُ اِبْن عُمَر وَجَمَاعَة , وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنْ يَسِير بِأَهْلِ الْبَصْرَة , وَإِلَى حُذَيْفَة أَنْ يَسِير بِأَهْلِ الْكُوفَة , حَتَّى يَجْتَمِعُوا بِنَهَاوَنْد , وَهِيَ بِفَتْحِ النُّون وَالْهَاء وَالْوَاو وَسُكُون الثَّانِيَة , قَالَ : وَإِذَا اِلْتَقَيْتُمْ فَأَمِيركُمْ النُّعْمَان بْن مُقَرِّن " . ‏

‏قَوْله : ( حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوّ ) ‏
‏وَقَدْ عُرِفَ مِنْ رِوَايَة الطَّبَرِيِّ أَنَّهَا نَهَاوَنْد . ‏

‏قَوْله : ( خَرَجَ عَلَيْنَا عَامِل كِسْرَى ) ‏
‏سَمَّاهُ مُبَارَك بْن فَضَالَة فِي رِوَايَته بُنْدَار , وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة أَنَّهُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ , فَلَعَلَّ أَحَدهمَا لَقَبه . ‏

‏قَوْله : ( فَقَامَ تُرْجُمَان ) ) ‏
‏فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ مِنْ الزِّيَادَة " فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا أَرْسَلَ بُنْدَار إِلَيْهِمْ أَنْ أَرْسِلُوا إِلَيْنَا رَجُلًا نُكَلِّمهُ , فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ الْمُغِيرَة " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " وَكَانَ بَيْنهمْ نَهْر . فَسَرَّحَ إِلَيْهِمْ الْمُغِيرَة , فَعَبَرَ النَّهْر , فَشَاوَرَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ أَصْحَابه كَيْفَ نَقْعُد لِلرَّسُولِ ؟ فَقَالُوا لَهُ : اُقْعُدْ فِي هَيْئَة الْمَلِك وَبَهْجَته , فَقَعَدَ عَلَى سَرِيره وَوَضَعَ التَّاج عَلَى رَأْسه وَقَامَ أَبْنَاء الْمُلُوك حَوْلَ سِمَاطَيْنِ عَلَيْهِمْ أَسَاوِر الذَّهَب وَالْقِرَطَة وَالدِّيبَاج , قَالَ فَأَذِنَ لِلْمُغِيرَةِ فَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ رَجُلَانِ وَمَعَهُ رُمْحه وَسَيْفه , فَجَعَلَ يَطْعَن بِرُمْحِهِ فِي بُسُطهمْ لِيَتَطَيَّرُوا " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " قَالَ الْمُغِيرَة : فَمَضَيْت وَنَكَّسْت رَأْسِي فَدَفَعْت فَقُلْت لَهُمْ : إِنَّ الرَّسُول لَا يُفْعَل بِهِ هَذَا " . ‏

‏قَوْله : ( مَا أَنْتُمْ ) ‏
‏هَكَذَا خَاطَبَهُ بِصِيغَةِ مَنْ لَا يَعْقِل اِحْتِقَارًا لَهُ , وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَقَالَ إِنَّكُمْ مَعْشَر الْعَرَب أَصَابَكُمْ جُوع وَجَهْد فَجِئْتُمْ , فَإِنْ شِئْتُمْ مِرْنَاكُمْ " بِكَسْرِ الْمِيم وَسُكُون الرَّاء أَيْ أَعْطَيْنَاكُمْ الْمِيرَة أَيْ الزَّاد وَرَجَعْتُمْ " . وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " إِنَّكُمْ مَعْشَر الْعَرَب أَطْوَل النَّاس جُوعًا وَأَبْعَد النَّاس مِنْ كُلّ خَيْر , وَمَا مَنَعَنِي أَنْ آمُر هَؤُلَاءِ الْأَسَاوِرَة أَنْ يَنْتَظِمُوكُمْ بِالنِّشَابِ إِلَّا تَنَجُّسًا لِجِيَفِكُمْ " قَالَ " فَحَمِدْت اللَّه وَأَثْنَيْت عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْت : مَا أَخْطَأْت شَيْئًا مِنْ صِفَتنَا , كَذَلِكَ كُنَّا , حَتَّى بَعَثَ اللَّه إِلَيْنَا رَسُوله " . ‏

‏قَوْله : ( نَعْرِف أَبَاهُ وَأُمّه ) ‏
‏زَادَ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " فِي شَرَف مِنَّا , أَوْسَطنَا حَسَبًا , وَأَصْدَقنَا حَدِيثًا " ‏
‏قَوْله : ( فَأَمَرَنَا نَبِيّنَا رَسُول رَبّنَا أَنْ نُقَاتِلكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّه وَحْده أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَة ) ‏
‏هَذَا الْقَدْر هُوَ الَّذِي يُحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب , وَفِيهِ إِخْبَار الْمُغِيرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْمَجُوس حَتَّى يُؤَدُّوا الْجِزْيَة , فَفِيهِ دَفْع لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف تَفَرَّدَ بِذَلِكَ , وَزَادَ فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " وَإِنَّا وَاللَّهِ لَا نَرْجِع إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاء حَتَّى نَغْلِبكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ " . ‏

‏قَوْله : ( فَقَالَ النُّعْمَان ) ) ‏
‏هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة مُخْتَصَرًا , قَالَ اِبْن بَطَّال : قَوْل النُّعْمَان لِلْمُغِيرَةِ " رُبَّمَا أَشْهَدَك اللَّه مِثْلهَا " أَيْ مِثْل هَذِهِ الشِّدَّة , ) ‏
‏وَقَوْله " فَلَمْ يُنَدِّمك " ‏
‏أَيْ مَا لَقِيت مَعَهُ مِنْ الشِّدَّة ‏
‏" وَلَمْ يُحْزِنك " ‏
‏أَيْ لَوْ قُتِلْت مَعَهُ لِعِلْمِك بِمَا تَصِير إِلَيْهِ مِنْ النَّعِيم وَثَوَاب الشَّهَادَة , قَالَ وَقَوْله ‏
‏" وَلَكِنِّي شَهِدْت إِلَخْ " ‏
‏كَلَام مُسْتَأْنَف وَابْتِدَاء قِصَّة أُخْرَى ا ه . وَقَدْ بَيَّنَ مُبَارَك بْن فَضَالَة فِي رِوَايَته عَنْ زِيَاد بْن جُبَيْر اِرْتِبَاط كَلَام النُّعْمَان بِمَا قَبْله , وَبِسِيَاقِهِ يَتَبَيَّن أَنَّهُ لَيْسَ قِصَّة مُسْتَأْنَفَة , وَحَاصِله أَنَّ الْمُغِيرَة أَنْكَرَ عَلَى النُّعْمَان تَأْخِير الْقِتَال فَاعْتَذَرَ النُّعْمَان بِمَا قَالَهُ , وَمَا أَوَّلَ بِهِ قَوْله " فَلَمْ يُنَدِّمك إِلَخْ " فِيهِ أَيْضًا نَظَر , وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " فَلَمْ يُنَدِّمك " أَيْ عَلَى التَّأَنِّي وَالصَّبْر حَتَّى تَزُول الشَّمْس , وَقَوْله " وَلَمْ يُحْزِنك " شَرْحه عَلَى أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون مِنْ الْحُزْن وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بِغَيْرِ نُون وَهُوَ أَوْجَه لِوِفَاقِ مَا قَبْله , وَهُوَ نَظِير مَا تَقَدَّمَ فِي وَفْد عَبْد الْقَيْس " غَيْر خَزَايَا وَلَا نَدَامَى " وَلَفْظ مُبَارَك مُلَخَّصًا أَنَّهُمْ " أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا النَّهْر أَوْ نَعْبُر إِلَيْكُمْ , قَالَ النُّعْمَان اُعْبُرُوا إِلَيْهِمْ , قَالَ فَتَلَاقَوْا وَقَدْ قَرَنَ بَعْضهمْ بَعْضًا وَأَلْقَوْا حَسَك الْحَدِيد خَلْفهمْ لِئَلَّا يَفِرُّوا , قَالَ فَرَأَى الْمُغِيرَة كَثْرَتهمْ فَقَالَ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فَشَلًا أَنَّ عَدُوّنَا يَتْرُكُونَ يَتَأَهَّبُونَ , أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ الْأَمْر إِلَيَّ لَقَدْ أَعْجَلْتهمْ " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَصَافَفْنَاهُمْ , فَرَشَقُونَا حَتَّى أَسْرَعُوا فِينَا , فَقَالَ الْمُغِيرَة لِلنُّعْمَانِ إِنَّهُ قَدْ أَسْرَعَ فِي النَّاس فَلَوْ حَمَلْت , فَقَالَ النُّعْمَان : إِنَّك لَذُو مَنَاقِب , وَقَدْ شَهِدْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلهَا " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " قَدْ كَانَ اللَّه أَشْهَدَك أَمْثَالهَا , وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَنَاجِزهمْ إِلَّا شَيْء شَهِدْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . ‏

‏قَوْله : ( حَتَّى تَهُبّ الْأَرْوَاح ) ‏
‏جَمْع رِيح وَأَصْله الْوَاو , لَكِنْ لَمَّا اِنْكَسَرَ مَا قَبْل الْوَاو السَّاكِنَة اِنْقَلَبَتْ يَاء وَالْجَمْع يَرُدّ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا , وَقَدْ حَكَى اِبْن جِنِّيّ جَمْع رِيح عَلَى أَرْيَاح . ‏

‏قَوْله : ( وَتَحْضُر الصَّلَوَات ) ‏
‏فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " وَتَزُول الشَّمْس " وَهُوَ بِالْمَعْنَى ; وَزَادَ فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " وَيَطِيب الْقِتَال " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " وَيَنْزِل النَّصْر " وَزَادَ مَعًا وَاللَّفْظ لِمُبَارَكِ بْن فَضَالَة عَنْ زِيَاد بْن جُبَيْر " فَقَالَ النُّعْمَان : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلك أَنْ تَقَرّ عَيْنِي الْيَوْم بِفَتْحٍ يَكُون فِيهِ عِزّ الْإِسْلَام وَذُلّ الْكُفْر وَالشَّهَادَة لِي " ثُمَّ قَالَ " إِنِّي هَازّ اللِّوَاء فَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ " , وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَلْيَقْضِ الرَّجُل حَاجَته وَلْيَتَوَضَّأْ , ثُمَّ هَازّه الثَّانِيَة فَتَأَهَّبُوا " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَلْيَنْظُرْ الرَّجُل إِلَى نَفْسه وَيَرْمِي مِنْ سِلَاحه , ثُمَّ هَازّه الثَّالِثَة فَاحْمِلُوا , وَلَا يَلْوِيَن أَحَد عَلَى أَحَد , وَلَوْ قُتِلْت , فَإِنْ قُتِلْت فَعَلَى النَّاس حُذَيْفَة . قَالَ فَحَمَلَ وَحَمَلَ النَّاس , فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا يَوْمَئِذٍ يُرِيد أَنْ يَرْجِع إِلَى أَهْله حَتَّى يُقْتَل أَوْ يَظْفَر . فَثَبَتُوا لَنَا , ثُمَّ اِنْهَزَمُوا , فَجَعَلَ الْوَاحِد يَقَع عَلَى الْآخَر فَيَقْتُل سَبْعَة , وَجَعَلَ الْحَسَك الَّذِي جَعَلُوهُ خَلْفهمْ يَعْقِرهُمْ " وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة " وَوَقَعَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ عَنْ بَغْلَة شَهْبَاء فَانْشَقَّ بَطْنه , فَفَتَحَ اللَّه عَلَى الْمُسْلِمِينَ " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ " وَجَعَلَ النُّعْمَان يَتَقَدَّم بِاللِّوَاءِ , فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْفَتْح جَاءَتْهُ نَشَّابَة فِي خَاصِرَته فَصَرَعَتْهُ , فَسَجَّاهُ أَخُوهُ مَعْقِل ثَوْبًا وَأَخَذَ اللِّوَاء , وَرَجَعَ النَّاس فَنَزَلُوا وَبَايَعُوا حُذَيْفَة , فَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى عُمَر مَعَ رَجُل مِنْ الْمُسْلِمِينَ " قُلْت : وَسَمَّاهُ سَيْف فِي " الْفُتُوح " طَرِيف بْن سَهْم , وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن زَيْد بْن جَدْعَان عَنْ أَبِي عُثْمَان هُوَ النَّهْدِيُّ أَنَّهُ ذَهَبَ بِالْبِشَارَةِ إِلَى عُمَر , فَيُمْكِن أَنْ يَكُونَا تَرَافَقَا , وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَة تِسْع عَشْرَة وَقِيلَ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ , وَفِي الْحَدِيث مَنْقَبَة لِلنُّعْمَانِ وَمَعْرِفَة الْمُغِيرَة بِالْحَرْبِ وَقُوَّة نَفْسه وَشَهَامَته وَفَصَاحَته وَبَلَاغَته , وَلَقَدْ اِشْتَمَلَ كَلَامه هَذَا الْوَجِيز عَلَى بَيَان أَحْوَالهمْ الدُّنْيَوِيَّة مِنْ الْمَطْعَم وَالْمَلْبَس وَنَحْوهمَا , وَعَلَى أَحْوَالهمْ الدِّينِيَّة أَوَّلًا وَثَانِيًا , وَعَلَى مُعْتَقَدهمْ مِنْ التَّوْحِيد وَالرِّسَالَة وَالْإِيمَان بِالْمِعَادِ , وَعَلَى بَيَان مُعْجِزَات الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَاره بِالْمُغَيَّبَاتِ وَوُقُوعهَا كَمَا أَخْبَرَ , وَفِيهِ فَضْل الْمَشُورَة وَأَنَّ الْكَبِير لَا نَقْص عَلَيْهِ فِي مُشَاوَرَة مَنْ هُوَ دُونه , وَأَنَّ الْمَفْضُول قَدْ يَكُون أَمِيرًا عَلَى الْأَفْضَل , لِأَنَّ الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام كَانَ فِي جَيْش عَلَيْهِ فِيهِ النُّعْمَان بْن مُقَرِّن وَالزُّبَيْر أَفْضَل مِنْهُ اِتِّفَاقًا , وَمِثْله تَأْمِير عَمْرو بْن الْعَاصِ عَلَى جَيْش فِيهِ أَبُو بَكْر وَعُمَر كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي , وَفِيهِ ضَرْب الْمَثَل وَجَوْدَة تَصَوُّر الْهُرْمُزَان وَلِذَلِكَ اِسْتَشَارَهُ عُمَر , وَتَشْبِيه لِغَائِبِ الْمَجُوس بِحَاضِرِ مَحْسُوس لِتَقْرِيبِهِ إِلَى الْفَهْم , وَفِيهِ الْبُدَاءَة بِقِتَالِ الْأَهَمّ فَالْأَهَمّ , وَبَيَان مَا كَانَ الْعَرَب عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ الْفَقْر وَشَظَف الْعَيْش , وَالْإِرْسَال إِلَى الْإِمَام بِالْبِشَارَةِ , وَفَضْل الْقِتَال بَعْد زَوَال الشَّمْس عَلَى مَا قَبْله , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْجِهَاد , وَلَا يُعَارِضهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغِير صَبَاحًا لِأَنَّ هَذَا عِنْد الْمُصَافَفَةِ وَذَاكَ عِنْد الْغَارَة .

*********************************

المجاعة فى العربية

 في عهد عمر رضي الله عنه في أواخر سنة 17هـ، وبداية عام 18هـ ، تمثلت في حصول قحط شديد بين الناس في العربية ، حتى تجمع في المدينة من غير أهلها قرابة الستين ألفا من العرب، فقلّ الطعام، وجفت ينابيع الأرض، وغارت مياه الأبار، حتى كانت الوحوش تأوي إلى الناس، وكان الناس يحفرون نفق اليرابيع والجرذان، ليأكلوا ما فيها من حشرات، وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها وإنه لمقفر، ودامت هذه الأزمة تسعة أشهر، أياما بليالي، حتى سمي العام الذي وقعت فيه عام الرمادة، فكانت الريح تأتي على الأرض فلا تُسْفي إلا ترابا كالرماد، وقيل: أصبحت الأرض سوداء كالرماد من قلة المطر، وقيل: تغيرت ألوان أجساد الناس فكانت شبيهة بالرماد، حتى نحل جسم عمر واسود لونه
 قال ابن سعد في الطبقات من خبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان عمر بن الخطاب أحدث في عام الرمادة أمراً ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب [أطراف المدينة] فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي" وأخرج أيضا من خبر سليمان بن يسار قال: "خطب عمر بن الخطاب الناس في زمن الرمادة، فقال: أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم، وفيما غاب عن الناس من أمركم، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري السخطى عليَّ دونكم، أوعليكم دوني، أوقد عمتني وعمتكم، فهلموا فندع الله يصلح قلوبنا، وأن يرحمنا، وأن يرفع عنا المحل، قال: فرئي عمر يومئذ رافعاً يديه يدعو الله، ودعا الناس، وبكى وبكى الناس ملياً، ثم نزل" وكان يقول: اللهم لا تهلكنا بالسنين[أي بالقحط] وارفع عنا البلاء، يردد هذه الكلمة، وكان ينادي في الناس: أيها الناس استغفروا ربكم ثم توبوا إليه وسلوه من فضله، واستسقوا سقيا رحمة.
 خرج عمر مرة يستسقي، فنادى في الناس فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال: "اللهم عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اسقنا وأحيي العباد والبلاد" وعن خوات بن جبير قال: خرج عمر يستسقي بهم فصلى ركعتين فقال: اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك؛ فما برح من مكانه حتى مطروا، فقدم أعراب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن في وادينا في ساعة كذا، إذ أظلتنا غمامة، فسمعنا منها صوتاً: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص" وروى ابن أبي الدنيا بسنده إلى الشعبي قال: خرج عمر يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت! فقال: لقد طلبت المطر بمحاديج السماء التي يُستنزل بها المطر؛ ثم قرأ: "اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا" ثم قرأ: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ" وروى الطبراني بسنده إلى أنس: "أن عمر خرج يستسقي، وخرج بالعباس معه يستسقي بقوله: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا توسلنا إليك بنبينا فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا؛ قال: فيُسقون".
*** كتب إلى عماله في الأمصار طالبا الإغاثة، وفي رسالته إلى عمروِ بنِ العاص والي مصر بعث إليه: يا غوثاه يا غوثاه، أنت ومن معك ومَن قِبَلك وما أنت فيه، ونحن ما نحن فيه، فأرسل إليه عمرو بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدهن، وبعث إليه بخمسةِ آلاف كِساء، وأرسل إلى سعد بن أبي وقاص فأرسل له بثلاثةِ آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثةِ ألاف عباءة، وأرسل إلى والي الشام فبعث إليه بألفي بعير تحمل الزاد،

قال أنس رضي الله عنه: كان بطن عمر يقرقر عام الرمادة، وكان يأكل الزيت ولا يأكل السمن، فقرقر بطنُه فنقره بأصبعيه فقال: قرقر أو لا تقرقر، إنه ليس لكِ عندنا غيره حتى يُحيىَ الناس [أي يأتي الله بالحياة والمطر] حتى قال أسلم رضي الله عنه:

**********************

 الجزء التالى منقول من مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه القبلى  - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م  ص 71-

ويروى أبو المكارم المؤرخ نقلاً عن " (فصل) شهد تاريخ سعيد ابن بطريق الملكى  أن الغلاء مان فى المدينة بمكة وكان أهل المدينة من الملة الحنيفية فى جهد شديد (جوع) فكتب عمر ابن الخطاب من الحجاز إلى عمرو بن العاص ابن عدى أمير مصر بذلك وهذا فى السنة الثامنة من خلافة عمر بن الخطاب فبعث إليه عمرو بن العاص قوافل من الجمال (محملة) بالحنطة أولها المدينة وآخرها مصر وكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو يأمره أن يحفر خليجاً حتى يصل إلى القلزم فيسهل حمولة القمح فحفر عمر الخليج الذى فى القنطرة المعروف بأمير المؤمنين فكانت المراكب تحمل القمح والشعير من الفسطاط فى الخليج إلى القلزم ويحمل بعد ذلك فى البحر المالح إلى المدينة وهى مدينة افرم من كرسى القلزم بناها بنو أسرائيل لفرعون فى ذلك الزمان.

 

This site was last updated 07/01/09