الخليفة عبد الملك بن مروان
معلومات هذه الصفحة منقولة من :-
(1) محمد آل عيسى: الحوار المتمدن - تاريخ الإسلام المبكر القسم الأول : تاريخ الإسلام المبكر القسم الأول - عبد الملك بن مروان - اكتمال الدولة وبداية الإسلام
(2) خمس مقالات ... بعنوان #أسطورة_اسمها_الإسلام (الحلقة الرابعة)
**************
ما السر الذي يكمن وراء الخليفة عبد الملك بن مروان،، وهل كان عبد الملك مسيحياً،، ولماذا بنى قبة الصخرة على أطلال جبل الهيكل (هيكل سليمان اليهودى) ،، وهل كانت قبة الصخرة مجرد هيكل مصغر،، وهل كان الأمر كله مجرد نزاع سياسي على السلطة كان محوره قبة الصخرة والكعبة
*******************
من هو الخليفة عبد الملك بن مروان؟
- الخليفة الأموى : عبد الملك بن مروان (26 هـ – 86 هـ / 646 – 705م) هو أحد أهم خلفاء الأمويين تولى الخلافة بعد أبيه مروان بن الحكم” وكان معظم خلفاء بنى أمية لا يؤمنون برسول الإسلام ولا بالقرآن وفيما يلى ما قاله عبد الملك بن مروان عندما أصبح خليفة فى دمشق : قال ابن أبي عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك.
- أكدت دراسات للنقوش والمسكوكات للباحثين الألمانيين فولكار بوب و كارل هاينز : أن الإسلام بدأ من القبائل العربية فى الشام أولا ثم إستولى على الحكم القبائل العربية فى بلاد فارس وهم جماعات نصراية توحيدية نسطورية لأن هرطقة النساطرة إمتد تبشيررهم و إنتشرت كنائسهم من الشام حتى بلاد الهند والصين
أن عبد الملك بن مروان شخصية جاءت من الشرق ذات أصول ساسانية فارسية وتولى الحكم بعد أسرة معاوية،، وإليه ينسب الفضل في تثبيت دعائم الدولة الأموية،، هو المؤسس الثاني للدولة الأموية، والمؤسس الحقيقي للنظام الإداري والسياسي الإسلامي وذلك لأن شخصية عبد الملك المتحفزة المتوثبة
للسلطة والسيطرة وقوة شخصيته وكاريزميته جعلته يلتفت إلى احدى اهم الضرورات اللازمة لضمان وحدة الدولة لإكمال السيطرة في المنطقة وكذلك ردع القوى الخارجية المجاورة له
- وأشارت الأبحاث الجديدة فى التاريخ المبكر للإسلام أن عبد الملك نصرانيا و نسطوريا لأن إسمه عبد الله أى لقب توحيدى بالإضافة للقبه النصرانى لأن المسيحيين أشتهروا بإسم عبد الملك وإسم عبد المسيح إشارة إلى أنهم عبيد الملك المسيح - وعبد الملك بن مروان من قبيلة عربية فى منطقة مرو شمال بلاد الفرس (إيران حاليا) وكان يحكم مدينة مرو بشهادة الروايات الإسلامية الرسمية للطبرى والبصرى وغيرهم ثم جاء ليحكم في دمشق بعد أسرة معاوية،،فالإسم ابن مروان يعني الرجل الذي من مرو وهى مدينة بالشرق فى خراسان وهي (إقليم) منطقة فى فارس (إيران حاليا) .
إشتهر ببناء قبة الصخرة مكان الهيكل اليهودى الذى دمرة الرومان سنة 70 م
***********************
- ولكن كبف وصل عبد الملك إبن مروان للحكم فى الشام؟
تبدأ القصة بالخليفة معاوية وهو يعهد لابنه يزيد بالخلافة ويفتتح في تاريخ المسلمين وراثة الملك .
وكان معاوية قد أعـدَّ ابنه يزيد لتولى العهد، فزوّجه بنت عمه فاختة حسب التراث الإسلامى العباسى أم هاشم وأسمها فاختة أم هاشم تزوجت ابن عمها يزيد بن معاوية وأنجبت من زوجها يزيد ثلاثة من الأبناء : معاوية وخالد وأبا سفيان.
لكن فاخته فجعت في مجون زوجها يزيد وجرأته على المحرمات والخمرـ قد تفرغت لرعاية أبنائها فأصبحوا على نقيض أبيهم،
والدليل على ذلك سيرة معاوية الثاني ابنها الذي تولى الخلافة ثم تنازل عنها قائلاً فى خطبة اعتزاله : "والله إن كانت الدنيا عزاً فقد نلنا حظنا منها، وإنا كانت شراً فكفى ما أصابنا منها" وذكر ما فعله أبوه فبكى ، وطلبوا منه أن يرشح خليفة بعده فقال: ما أصبت حلاوتها فلماذا أتحمل مرارتها؟ واعتزل الناس، فقتله أهله بالسم..! واحتقارا له فقد سمّاه أهله الأمويون أبا ليلى .
ودفنت فاختة أحزانها وهي ترى أهلها يقتلون ابنها الصالح ويهزءون به ويطلقون عليه لقب "أبي ليلى" لأنه في نظرهم جبن وخاف واعتزل .. وانصرفت همة فاختة لرعاية ابنيها خالد وأبي سفيان ، وقد كانا على نفس القدر من الصلاح تقريباً..
زواج فاخته .. ومروان ابن الحكم الذى كان قائدا عسكريا محنكا وشارك فى حصار القسطنطينية ..تزوجته حتى يكبر ابنها الثانى خالد بن يزيد ويأخذ الحكم من مراوان الذى يقوم بتأمين إنتقال السلطة السلس لإبنها القاصر وخافت على الحكم والدولة من الضياع خاصة بعد أن سيطر إبن الزبير على اقاليم كثيرة من الدولة الأموية
كان مروان بن الحكم شيخ بني أمية في ذلك الوقت، وقد رضي على مضض أن يكون ولي عهده الشاب خالد بن يزيد بن معاوية ، وذلك حتى تجتمع معه كلمة الأمويين ، ولكنه كان يريد أن يعهد بولاية العهد لابنه عبد الملك بن مروان ، لذا خطط للأمر بحنكة ، لكى يزيح خالد بن يزيد من ولاية العهد ، فتزوج فاختة أم خالد ليكون خالد تحت سيطرته وليحط من شأنه ومن كرامته..
ـ إلا أن فاختة حين رضيت به زوجاً كانت تطمع في أن تحفظ لابنها حقه في ولاية العهد ، فهي كانت زوجة خليفة من قبل ، وزوّجها معاوية من يزيد لكي تجتمع حول يزيد بنو أمية ، واعتقدت أن مروان تزوجها لنفس الغرض ، واعتقدت أنها في وضعها الجديد ستكون أقدر على حفظ حق ابنها الثانى فى الخلافة بعد أن تنازل عنها ابنها الأول..
فاخته تجاوزتها الأحداث هي وأحلامها فقنع ابنها خالد بتعلم الكيمياء ، ولكن مروان لم يتركه في حاله ، إذ خشي من قوة شخصيته وحب الناس له فعمل على تحقيره والحط من شأنه امام رجال الدولة ، وما كان لخالد أن يسكت ، فتوالت شكواه لأمه ، وأخذت هي تهديء من روعه وهي تـَحـس بالندم على قبولها الزواج وكيف انقلب هذا الزواج ضد مصلحة ابنها وحقوقه في الخلافة ثم يصل الأمر الى قيام زوجها بتحقير إبنها على الملأ . وتحملت أم خالد إلى أن حدثت الإهانة الأخيرة لها ولابنها خالد ، فكانت القشة التى قصمت ظهر البعير كما يقال..
*************************
الخليفة مروان إبن الحاكم مات مخنوقا تحت مقاعد النساء
إذ قال الخليفة مروان إبن الحكم لخالد إبن زوجته فاختة أمام الناس كلمة جارحة نابية في حق أمه،قال له ( يا ابن رطبة الإست )، فدخل خالد على أمه غاضباً ، يقول لها : قد فضحتني وقصرت بي ونكست برأسي ، والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي ، فقد قال لي مروان كذا وكذا على رءوس الأشهاد فقالت: له والله لن يقولها لك ثانية ، وأوصته بألا يعلم مروان أنها علمت بشيء وأن يكتم الموضوع..
وأحس مروان بأنه أهان خالداً وأم خالد ، وخشي مغبة ذلك فدخل على زوجته أم خالد وقال: ما قال لك خالد اليوم؟ فقالت : ما حدثني بشيء ولا قال لي شيئاً ، فقال : ألم يشكني إليك ويشكو تقصيري به كما كان يفعل ؟ فقالت: له يا أمير المؤمنين لقد أفهمت خالداً من قبل أنك له بمنزلة الوالد ، وأنت أعظم في عيني من أن أسمح لخالد بأن يقول عنك شيئاً .
فاطمأن مروان بن الحكم قليلا ، ولكن مازالت به حتى ازداد اطمئناناً لها ، ونام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجه مروان وجلست فوقها ومعها جواريها حتى مات تحتهن مخنوقاً ..
ثم قامت فشقت جيبها وأمرت جواريها فشققن ملابسهن وعلا الصراخ ليعلن موت الخليفة وكان ذلك في غرة رمضان سنة 65هـ وكان مروان في الرابعة والستين من عمره.
المصدر
ابن كثير
ﺇﻳﻠﻲ ﻣﻨﻴﻒ ﺷﻬﻠﺔ، " ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ " ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، 1998 ، ﺹ .238
.2 ^ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺹ 451
.3 ^ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ . ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ . ﺟـ 7 ﺹ 8
.4 ^ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ ﺟـ 5 ﺹ 370
***********************
العملات التى ضربها الخليفة مروان بن عبد الملك
وضرب عبد الملك عملتين الأولى عندما تسلم الحكم ضرب عملة ونقش عليها صورة لرجل وبيده سيف العدالة الناري للمسيح وكتب إلى جانب الصورة بالآرامية : هلفت الله وهي تعني: خليفة الله،، كما أن العملة التي ضربها عبد الملك ثبت عليها عبارة توحيدية هامة مأخوذة من الناموس اليهودي: "اسمع يا إسرائيل الرب الهنا رب واحد" وبالعبرانية يهوه آخاد Yahweh Elohenu Echad Shema Yisrael وترجمتها كانت: قل هو الله أحد،، وفي الوجه الآخر: لا إله إلا الله وكتب حول الطوق : محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق
- انتبه عبد الملك إلى البيئة الدينية التي كانت سائدة في البلاد السورية،، وربما لفت نظره ذلك التشظي الذي أصاب دين النصارى من حيث كثرة الفئات عندهم واتساع الفجوات بينهم،، كان النصارى كما ذكر في فصل سابق تناول الهرطقات في القرون الأولى متمسكين اشد التمسك بشريعة موسى والناموس اليهودي،، وكانوا يمثلون المسيحية اليهودية في مواجهة المسيحية الهللينية وبالتالي المسيحية المشرقية في مواجهة المسيحية الغربية التي تمثلها بيزنطة،، ومع
أن الدولة العربية الناشئة كانت بالكاد قد خرجت من عباءة الهيمنة البيزنطية إلا أن الأمر على ما يبدو راق لهذا الزعيم وتفتق ذهنه عن فكرة توحيد هذه المذاهب النصرانية على دين واحد يكون متوافقا مع دين موسى بحجة أن يسوع المسيح جاء ليكمل الناموس وبحجة أن المسيحية الهللينية انحرفت عن رسالة المسيح الأصلية وان الرسول بولس ارتد عن الإيمان القويم وصار من الواجب الآن الاقتداء بالأمة من بني إسرائيل التي آمنت بالإنجيل
******
القرآن وبناء مسجد قبة الصخرة
- العقيدة التى أسسسها عبد الملك هى نسخة مشابهة للصلوات والقراءات فى نصوص سريانية كانت تستخدم في الطقوس الليتورجية اليومية والأسبوعية،،فعلى غرارها جمع القرآن أو ما كتبه ورقة إبن نوفل من الإنجيل العبرانى لمتى وكان الغرض من هذه الكتابات أن تكون مفندة للعقيدة المسيحية الهللينية في المسيح وعلى النقيض لقانون الإيمان الذي أقره مجمع نيقية وفى نفس الوقت مثبتة ومؤكدة للعقيدة الموسوية في التوحيد والشريعة،،وكما كان الإمبراطور في الغرب راعي الكنيسة الغربية صار عبد الملك رئيس الكنيسة الشرقية النصرانية التى شعبها من الإسماعيليين وصاروا مسلمين فيما بعد ،،وكان شديد الاهتمام ومتمسك كثيرا بان تكون هذه النصرانية متوافقة إلى حد التسليم مع الشريعة الموسوية من حيث التوحيد الخالص والالتزام بطقوس تلك الشريعة من ختان ووضوء وصلاة وصوم وزكاة. وجعلت قبلة الصلاة نحو هيكل الرب في بيت المقدس،،لكن الهيكل كان مدمرا ومجرد أطلال فما كان من عبد الملك إلا أن بنى هيكلا مصغرا عرف باسم قبة الصخرة جعله مركزا وقبلة ولم يجعل فيه محرابا وجعل الصخرة التي قيل إن يسوع صعد منها إلى السماء في داخل القبة (الصخرة التى فى كنيسة الصعود بالقدس هى نصف الصخرة التى صعد من عليها المسيح إلى السماء فقد قطعها عبد الملك بن مروان ووضعها فى مسجد قبة الصخرة) ،،واستغل جدران مسجد قبة الصخرة الداخلية وكذلك الخارجية لوضع آيات من الكتاب الجديد تناوىء الإيمان النيقاوي وتشدد على إيمان النصارى فيما يتعلق بشخصية المسيح البشر الإنسان النبي الذي رفعه الله إليه
الدولة الأموية وظهور القرآن وإسم محمد
- هذه الفقرة من كتاب "تاريخ الإسلام المبكر " الدكتور محمد آل عيسى : [ فمن أين أتى القرآن؟ وهل في زمن واحد؟ إن البحث عن مصدر للقرآن أشبه بمن يحاول اللحاق بالسراب. وعندما احتل العرب نصف العالم لم يذكروا مكة ولا االإسلام ولا محمد. وعندما أقاموا الإمبراطورية وسكوا العملة لم يذكروا الإسلام ولا محمد. ولستين سنة تالية لم يذكر الحكام اسم محمد. فهل باالإمكان القول إن اإلسالم لم يخلق الإمبراطورية العربية بل أن الإمبراطورية العربية هي من خلق الإسلام ؟ فاالإمبراطورية العربية هي الإمبراطورية الأموية في مواجهة الهاشميين. وظهر من الهاشميين عبد الله بن الزبير ليقاوم معاوية وكان هو أول من ذكر اسم محمد وكان ذلك في عام 536 للميلاد .
وكما تبنى قسطنطين المسيحية ليشرع إمبراطورتيه كذلك فعل ابن الزبير فاخترع اإلسالم؟؟ أو تبنى الإسلام ؟؟ ليبني إمبراطورتيه. وبينما انتصر قسطنطين بتبنيه المسيحية انهزم ابن الزبير بعد تبنيه اإلسالم لكن العبقرية الأموية تجلت في تبني إسلام ابن الزبير والإنطلاق من تلك البداية واستكمالها.
وفي عهد عبد الملك بن مروان تم ذكر اسم محمد للمرة االأولى على العملة النقدية المعدنية وتم بناء قبة الصخرة والمسجد الأقصى في مكان الهيكل اليهودي وثبت عبد الملك إن الدين عند الله ألإسلام .
- هذه الفقرة من كتاب " النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية " لويس شيخو : [ ومن رأى المسجد الأقصى في بيت المقدس ودرس هندسته لا يلبث أن ينسب أيضاً بناءه إلى صنعة من الروم الذين انتدبهم إلى تشييده الخليفة عبد الملك بن مروا. وبأمره قلعت قبة كانت للنصارى في كنيسة مدينة بعلبك وهي من نحاس مطلي بالذهب فنصبها على صخرة هيكل سليمان (تاريخ ابن البطريق2: 42) . "]
قبة الصخرة قبلة النصارى فى أورشليم
- كان اليهود يتجهون في صلاتهم نحو هيكل الرب في أورشليم،، وأراد النصارى أن يتجهوا في قبلة صلاتهم إلى المكان ذاته،، ولما كان الهيكل مدمرا وخرابا قام عبد الملك بإعادة بنائه وابتدأ بمسجد قبة الصخرة وجعلها قبلة صلاة وكعبة حج،، واستغل عبد الملك جو الانفتاح الديني الذي كان سائدا فنقش على جدران القبة من الداخل نصوصا تتحدى عقيدة نيقية وتعلن عقيدة النصارى في بشرية يسوع وإنكار التثليث والفداء والتجسد والصلب والخلاص
- لماذا بنى عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة وجعلها قبلة للصلاة ولم يتخذ مكة كذلك؟ بكل بساطة لان مكة لم تكن شيئا مهما في ذلك الوقت كما أن سلطانه لم يكن ممتدا إلى هناك،، ربما كانت مدينة قائمة وفيها كعبة ويطوف حولها الناس للتبرك والصلاة،، وربما كان في مكة نصارى انتشرت عندهم العقيدة الجديدة والكتاب الجديد،، ولكن نهض في مكة زعيم يناوىء عبد الملك ويدعي الملك وحماية الدين،، وجعل من كعبة مكة قبلة حج يطوف حولها المؤمنون،، فما كان من عبد الملك إلا أن بنى مسجد قبة الصخرة وجعله كعبة للطواف من الداخل والخارج وقبلة للصلاة
- استفرد زعيم مكة (بترا) بالسلطة فيها وجعل كعبتها قبلة ونازع عبد الملك،، وكأنه أراد أن تكون الزعامة للحجاز بدلا من الشام،، فأهل الحجاز الذين عملوا في جيوش بيزنطة ومن بعدهم في جيوش الدولة الناشئة ومن ثم عادوا إلى موطنهم أرادوا أن يكون لهم شرف القيادة والزعامة،، وصفت بعض المراجع زعيم مكة الذي عرف باسم عبد الله بن الزبير بانه كان مزيجا عجيبا من عدد من العناصر يحركها طموح شخصي وصراع قبلي التقتا في نفسه وشخصيته،، وقد جرد عبد الملك حملة عسكرية قاسية ضد ابن الزبير ودمر كعبة مكة وأسقط تمرد ابن الزبير،، ولكي يصرف عبد الملك بن مروان أذهان الناس عن كعبة مكة أثناء قتاله ابن الزبير بنى مسجد قبة الصخرة،، وجعل ثمة قداسة كبرى لبيت المقدس مع أنها لم تكن تحظى باي قداسة أو مجرد أي اهتمام،، ومع اكتمال بناء مسجد قبة الصخرة كان الإسلام الذي نسق جهوده عبد الملك قد تبلور ولكن ليس كدين مستقل ولكن كمحاولة لبلورة النصرانية السائدة وإحياء ملة إبراهيم،،
لقد جعل مسجد قبة الصخرة مسجدا بثمانية أضلاع وقبة عريضة بدون أي محراب يتوجه نحو كعبة مكة لأنه هو الكعبة التي كانت قبلة للصلاة،، كما كانت وفق طريقة البناء هدفا للطواف حولها بدلا عن كعبة ابن الزبير،، وكان في المبنى اثنا عشر عامودا تشير إلى أسباط بني إسرائيل،، أما الصخرة فهي التي صعد منها يسوع إلى السماء وقيل كذلك أنها الصخرة التي صارع فيها يعقوب الرب وفق ما يذكر العهد القديم
** لماذا بنيت قبة الصخرة على نمط كنيسة بيزنطية،،
- بنيت قبة الصخرة على نمط كنيسة بيزنطية لتكون مهوى أفئدة النصارى ومضاهاة لكنيسة القيامة،، ولم ترتبط قبة الصخرة بقصة الأسراء والمعراج إلا في القرن الثامن الميلادي عندما ظهرت قصة الأسراء في الموروث الإسلامي،، أما في زمن عبد الملك وبداية الإسلام فقد كانت تحتوي آيات لا علاقة لها بالإسراء والمعراج،، والآيات المنقوشة الآن أضيفت في أيام السلطان العثماني عبد الحميد عام 1876 وليست هي آيات النقش الأصلية
- مع بناء مسجد قبة الصخرة في القدس التي قصد منها أن تكون قبلة النصارى في مواجهة كنيسة القيامة قبلة المسيحية الهللينية الأرثودوكسية بدأت الأوضاع تتغير وبدأت النصرانية العربية تأخذ شكلها وصورتها،، وان لم يكن يقصد منها أن تكون دينا مستقلا إلا أنها سارت في هذا الاتجاه بموجب تصاعد الأحداث بصورة ربما لم يقصدها عبد الملك ولا خلفاؤه من بعده لكنها هكذا حدثت،، فإن كانت كنيسة القيامة للمسيحيين الهللينيين فإن قبة الصخرة للعرب النصارى المتهودين بزعامة عبد الملك بن مروان،، وبني مسجد قبة الصخر على جبل الهيكل حيث كان هيكل اليهود الذي دمره الرومان،، والقصد كان رغبة عبد الملك لإثبات تفوق عقيدته على اليهود وعلى المسيحيين،، وفرض على اتباع العقيدة التوجه في صلاتهم نحو بيت المقدس،، وقد ظلوا على ذلك ست عشرة سنة كما يذكر الموروث الإسلامي وقبل تحويل القبلة نحو مكة بعد السيطرة عليها وإعادة بناء الكعبة التي دمرها الحجاج أثناء الحرب مع ابن الزبير
ولماذا تحتوي على آيات من سورة مريم وتتحدث عن بشرية يسوع الرسول ،، ولماذا كل النقوش بداخلها تأخذ الطابع المسيحي
- فالآيات التي نقشت في الأصل قصد منها مجادلة المسيحية الهللينية من حيث طبيعة السيد المسيح وإنكار ألوهيته وبنوته لله وإقناع الناس بعقيدة النصارى في بشرية يسوع،، تحمل تلك الآيات شهادة التوحيد ولكن بقصد مختلف. فمن حيث هي ترجمة لنص سرياني كان معروفا في الأصل عند نصارى الشام تبدو وكأنها شهادة التوحيد الإسلامية الحالية،، لكن مراجعة النص بتمعن تعطي معنى مختلفا،، فالآيات صارت من سورة مريم وتتحدث عن بشرية يسوع المسيح معلنة أن عيسى ابن مريم رسول الله وعبده وليس ابنه على أي حال،، ما نقش على جدران قبة الصخرة في عصر عبد الملك يؤكد على فصل النصرانية نهائيا عن بيزنطة ويرسم الحدود الجديدة بينها وبين باقي الأديان الإبراهيمية،، صحيح أن النصرانية هي المسيحية اليهودية المسلمة لشريعة موسى وناموس اليهود لكنها مختلفة من حيث إيمانها بالمسيح النبي البشر
- وينكر النص المنقوش على جدران القبة من الداخل عقائد التجسد والفداء والخلاص ويعرض بما يسميه الغلو المسيحي في تأليه يسوع وهذا بسط لعقيدة النصارى في المسيح،، ويرى كريستوف لوكسنبرغ صاحب كتاب قراءة سريانية للقرآن أن نقش قبة الصخرة نص نصراني بامتياز يتحدث عن يسوع وكلمة محمد ليست اسم علم هنا لكنها تعني تحميد وتمجيد عبد الله ورسوله عيسى،، فالنصارى في الشام كانوا يرون يسوع مجرد خادم وعبد لله ورسول مع انه كلمة الله وروح منه أيضا،، لكن نصرانية الشام كانت تنأى عن التأليه والغلو وتلوم المسيحية الهللينية وخاصة بعد مجمع نيقية على تأليه يسوع وجعله ابنا لله ومساويا له
يورد لوكسنبرغ نقلا عن غرابر تفاصيل النص الذي نقشه عبد الملك على جدران مسجد القبة،، طبعا هذا النص نقش بالترجمة العربية المنقطة وليس بالأصل السرياني الذي كتب فيه لو كان مكتوبا على شكل آيات في القراءات المجمعة
تبدو آيات قبة الصخرة التي وضعها عبد الملك بن مروان التحدي النصراني للمسيحية الهللينية،، مؤكدا في هذه الآيات على إنسانية يسوع وبنوته على الطريقة الإبراهيمية واصفا إياه بالرسول والعبد،، وتبدو من ناحية ثانية وكأنها بيان من زعيم ديني موجهة إلى اتباع دين أخر يجادلهم في عقيدتهم ويطالبهم الإيمان بما يؤمن به،، وقد أضيفت فيما بعد إلى النص القرآني كما هو معروف
يبدا النص بالبسملة التي كانت معروفة عند السريان، " بشم ألوهو رحمانو رحيمو ". وهي هكذا باللغة العربية:
1ـ بسم الله الرحمن الرحيم/لا إله إلا الله وحده لا شريك له/ له الملك وله الحمد/ يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير/ هذا المقطع يتطابق مع القرآن آية 2 سورة الحديد
2ـ محمدٌ عبد الله ورسوله/ إن الله وملائكته يصلون على النبي/يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما/صلى الله عليه والسلام عليه ورحمت الله/ جزء من المقطع يعود للقرآن (الأحزاب آية 56)
3ـ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق/ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه/فآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة/ انتهوا خيرا لكم/ إنما الله إله واحد/سبحانه/أن يكون له ولد/له ما في السماوات وما في الأرض/وكفى بالله شهيدا (النساء آية171)
4ـ لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون/ومن يستنكف من عبدته ويستكبر فسيحشركم إليه جميعا/ (النساء آية 172)
5ـ اللهم صلي على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم/ والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا/ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون/ما كان لله أن يتخذ من ولد/إذا قضى أمرا يقول له كن فيكون/إن الله ربي وربكم فاعبدوه/هذا صراط مستقيم (مريم آية 33ـ 36)
وثمة مصادر أخرى تورد نصوصا إضافية من مثل : قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، محمد رسول الله صلى الله عليه إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
** هل انفصل عبد الملك بن مروان بالإسلام وجعله عقيدة بذاتها انتقاماً من الدولة البيزنطية بعد هزائمه المتتالية أمامها،، ولماذا لم يبدأ الحديث عن نبي الإسلام وديانته إلا مع بدايات القرن السابع الميلادي،، هل احتاج الأمويون بطل أسطوري لترسيخ دولتهم
سبب كراهية نصارى الشام للمسيحية الهللينية - والبطل الأسطورة
- التساؤل الكبير يبرز هنا عن سبب كراهية نصارى الشام للمسيحية الهللينية؟ فالبيزنطيون الذين انسحبوا من البلاد ومنحوا أسرة معاوية فرصة الحكم يفترض أن يكونوا حلفاء لهذه الأسرة،، والتحالف السياسي قد يستتبع تحالف ثقافي وديني،، ولكن يبدو أن الاستقلال العربي لم يكن بكامل إرادة البيزنطيين وانما كان قبولهم به قبول الأمر الواقع
فالتاريخ يخبرنا أن معاوية الذي دفع الجزية للبيزنطيين في فترة ما عاد وحاربهم في الثغور وكذلك فعل عبد الملك،، وبما انه كان متسلحا بعقيدة منتشرة وسائدة ولها مؤيدوها وأنصارها في البلاد تجرأ وواجه العقيدة المسيحية التأليهية التي تبناها مجمع نيقية،، وعندما لم تكن عقيدة أهل الشام واضحة وسائدة وليس لها كتاب وقيادة لم تأبه بها الدولة البيزنطية،، ولكن بعد تجميع النصوص الكتابية في مصحف قراءات على المذهب النصراني بدأت مخاوف بيزنطة وربما بتحريض من المسيحيين في القدس،، فكان تحدي عبد الملك ببناء قبة الصخرة وإثبات إنسانية يسوع وبشريته عبر بيان أضيف فيما بعد إلى مصحف النصارى على شكل آيات في سور متناثرة عبر الكتاب
- اشتداد كراهية عبد الملك ورعاياه للدولة البيزنطية وعقيدتها ربما كان نابعا من هزائمهم المتكررة أمام قوات بيزنطة،، فكان الانتقام عبر الفصل النهائي مع عقيدة بيزنطة وإثبات انتساب العقيدة النصرانية المسلمة للشريعة الموسوية والناموس التوراتي على ملة إبراهيم،، من هنا نفهم عبارة عبد الملك على جدران قبة الصخرة : إن الدين عند الله الإسلام قاصدا مخاطبة بيزنطة بان دينه هو الصحيح لأنه يتطابق مع اليهودية والعهد القيم بينما دين بيزنطة يناهض اليهودية
بعد القرن السابع وعند بداية الثامن احتاج القادة السياسيون الذين أقاموا الدولة إلى عقيدة دينية لتوحيد الإمبراطورية الجديدة،، فبدأ الأمويون الذين أسسوا تلك الدولة يتحدثون أكثر عن الإسلام ونبي الإسلام وكتاب الإسلام،، كانت الإمبراطورية الأموية بحاجة إلى بطل أسطوري تقيم الدولة عليه،، ولمنافسة ديانة الروم والفرس احتاج الأمويون إلى الإسلام الذي سيضمن لهم ولاء الشعوب،، وتقدم الأيدولوجية السياسية أفضل تفسير لاختلاق الدين،، فالإمبراطورية العربية احتاجت ذلك لضمان السيطرة على مساحات واسعة ضمتها إليها فكانت المظلة الدينية التي تبنتها هي الأداة التي تخضع لهم الشعوب وتوحدها في ديانة تجمع ما بين اليهودية والمسيحية ولكن ببساطة شديدة لا ترهقهم لا فكريا ولا ماديا
- طوال عهد الأمويين ظل الدين الجديد وان لم يعرف على انه دين مستقل ظل مرتبطا بالإبراهيمية باليهودية بصورة أو بأخرى إلى أن وقع الانفصال التام بعد انهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية في منتصف القرن الثامن وقيام الإسلام الرسمي
** هل كانت مكة مركزاً دينياً للنصرانية الإبراهيمية في ذلك الوقت،، ولماذا أرسل عبد الملك بن مروان الحجاج لضرب الكعبة بالمنجنيق،، هل حول عبد الملك بن مروان القبلة من القدس إلى الكعبة تفادياً للتقسيم ولكسب ود وولاء أهل الحجاز،، ولماذا لا يوجد أثر أركيولوجي واحد عن مكة قبل تولي عبد الملك الحكم،، وهل كان هناك مكة من الأساس
- كانت قبة الصخرة التي بنيت على جبل الهيكل قبلة الصلاة للنصارى،، وكانت الدولة الأموية محدودة في بلاد الشام،، وكانت محاولات عبد الملك في التوسع نحو الحجاز قد اصطدمت بثورة ابن الزبير الذي كان يتبع النصرانية على ملة إبراهيم أيضا ويريد أن يكون مركزها مكة وجعل فيها كعبة يحج إليها الناس للتبرك والصلاة
- في الوقت الذي جعل فيه ابن الزبير مكة مركزا دينيا وبنى كعبتها كان عبد الملك يبني قبة الصخرة في القدس،،وحيث لم يعجبه تفرد ابن الزبير في مكة فقد أرسل إليه أحد اشد قادته قسوة : الحجاج بن يوسف،، وصل الحجاج مكة وحاصرها وقصف الكعبة بالمنجنيق ودمرها وقتل ابن الزبير اشد قتلة،، تقول لنا الروايات التي كتبت فيما بعد انه بعد أن قتله قطع راسه وأرسله إلى عبد الملك وعلق جثته مصلوبة أياما عدة إلى أن تشفع له عبد الله بن عمر على ما تقول الروايات إذ قال للحجاج: أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟ فانزله وتم دفنه
لماذا كان ابن الزبير يرى نفسه أحق بزعامة النصارى؟ في الواقع إن هذا الإسم قد لا يكون حقيقيا،، ولكن الحقيقي أن زعيما من زعماء الحجاز اتخذ مكة مركزا ونازع الأمويين السلطة الدينية والسياسية،، وبعد أن فرض الحجاج سيطرة عبد الملك على مكة وعبرها على الحجاز كله، وتخلص من كل أعوان ابن الزبير قام اكليروس عبد الملك بمراجعة ما كان ينادي به ابن الزبير ويعلنه للناس،، لقد كان لدى ابن الزبير كتابه الذي يبشر به بين الناس فتبناه عبد الملك وضمه إلى كتابه الذي جمعه في الشام،، وبحكمته وحنكته وبمكر الحجاج ودهائه تم تحويل قبلة الصلاة من قبة القدس إلى كعبة مكة حتى لا تكون كعبة ابن الزبير هدفا يقسم المؤمنين ولكي يكسب قلوب وعقول أهل الحجاز الذي كان بأمس الحاجة إلى سيوفهم في تعضيد ملكه وفرض سطوته على ما جاوره من بلدان وشعوب
- وبحسب المرويات الإسلامية كانت مكة مهد الإسلام،، ولكن الغريب أنها لم تذكر بهذا الإسم ولا بهذه الصفة طوال الفترة السابقة على انتصار عبد الملك على ابن الزبير وضم الحجاز إلى مملكة الأمويين،، كما أن اسم مكة لم يذكر في المصادر غير الإسلامية المعاصرة للفترة التي يقال إن الإسلام الرسمي ظهر فيها،، وتقول بعض المراجع الحديثة التي بحثت في قصة مكة أنها ليست كما ذكرت المرويات الإسلامية المتأخرة. فهي لا تقع على طريق التجارة بين اليمن والشام بل كانت القوافل تمر على بعد مئة ميل منها. ولو كان هناك مدينة عامرة في مكة وذات تجارة واسعة ورجال أعمال كبار فمن المفترض أن يكون لها ذكر في سجلات عملائهم الذين كانوا يزودونهم بالبضائع والسلع
- وإذ تتحدث المصادر الإسلامية عن تجارة قريش مع الروم فإن المصادر البيزنطية لا تذكر شيئا عن أي تجارة مع عرب الحجاز،، وبعد بحوث مضنية خرجت الباحثة الأوروبية باتريشيا كرونة بنتيجة خطيرة : إن "محمد" لو كان حقيقيا فإنه لم يظهر في مكة بل في مكان ما في شمالي غربي الحجاز أقرب ما تكون إلى بلاد الشام، وهي تشير أحيانا إلى منطقة ما بجنوبي الأردن،، من الغريب أن يبقى العرب لأكثر من مئة سنة بعد التاريخ المفترض لظهور الإسلام لا يعرفون مكة،، لا يوجد أي أثر أركيولوجي يبرهن على وجود مكة قبل فترة عبد الملك بن مروان ولا يوجد أي أثر يدل على أنها كانت ممرا تجاريا مهما ورئيسيا بين الجنوب والشمال،، وهي إن وجدت فلم تكن مدينة يسهل الوصول إليها وربما من هذا الباب اتخذها ابن الزبير " أو زعيم نصارى الحجاز" ملجا وحصنا يناوىء منها سلطة عبد الملك
- الرواية الإسلامية تقول إن مكة كانت منذ أيام إبراهيم وإن إبراهيم وابنه إسماعيل هما اللذان قاما ببناء الكعبة،، لكن التاريخ لا يذكر شيئا عن مكة حتى القرن الرابع للميلاد،، وبعد ذلك ليس هناك أي إشارة في أي مصدر غير إسلامي إلى هذه المدينة إلى أن ذكرت في المرويات الإسلامية على أنها مركز تجاري مهم ومهد الدين الجديد،، كما انه لا يوجد أي دليل على أن مدينة مكة كانت موجود في زمن محمد المفترض،، وبحسب الباحث سليمان بشير هناك من الحقائق والأدلة التاريخية ما ينبه إلى أن دخول مكة الإسلام وتحولها إلى أهم مركز لشعائره وإلى عاصمته الدينية على الإطلاق لم يتم في الواقع إلا في الربع الأخير من القرن الهجري الأول وربما كان ذلك بواسطة الاحتلال العسكري الأموي المباشر زمن عبد الملك بن مروان
- في بحث طويل ودقيق يستغرب الدكتور رأفت عماري أن مدينة قديمة دينية تعد مركز التوحيد بحسب الإسلام لا ينتبه إليها أحد في القرنين الثالث والرابع خصوصا في ضوء الادعاء بوجود معبد كبير فيها هو الكعبة،، مع أن اليونان أحصوا كل معبد على وجه الأرض لكن مكة لم تذكر ولم يعرف شيء عن الكعبة،، ولو كان الادعاء الإسلامي بان مكة كمركز لديانة التوحيد موجودة منذ أيام إبراهيم فإنها حينئذ ستلفت نظر العابدين من القبائل العربية وخصوصا في اليمن،، كما أنها ستكون محط اهتمام بعثات الإسكندر،، ولم تكن أي مدينة أخرى أكثر أهمية منها ليحدثوا عنها زعيمهم الذي عرف عنه اهتمامه الشخصي بالأديان وبتاريخ الشعوب،، كما انه من المستغرب أن اسم مكة مفقود من على الخرائط القديمة،، صحيح أن الخرائط لا تبين كل مدينة وقرية وناحية ولكنها بالتأكيد تذكر وتشير إلى الأماكن المهمة المشهورة،، من العجب انه ليس من خريطة واحدة قبل عام 900 للميلاد ذكرت اسم مكة
- تقول باتريشيا كرونة في كتابها : تجارة مكة وظهور الإسلام، إن مكة كانت بقعة جرداء والأماكن الجرداء القاحلة من الطبيعي ألا تكون محطة تجارية مريحة،، وإن وجدت مثل هذه المحطات فقد تتوفر على مسافة مجاورة لمحيط أخضر،، فلماذا تنزل القوافل في طريق شديد الإنحدار إلى مكان قاحل مثل مكة بينما بإمكانهم التوقف في منطقة الطائف الخضراء الغناء
- هذا جانب من جوانب البحث العجيب في سيرة مكة،، ولكن ثمة حقائق أخرى أكثر غرابة،، إن مكة بهذا الإسم قد تكون فعلا مدينة تجارية هامة ولكنها ليست في الموقع الذي هي فيه الآن،، فالموروث يقول إن مكة تقع في وادي غير ذي زرع وأن بالقرب منها ثمة مجرى مائي صغير،، لكن هذا ليس حال مكة المعروفة اليوم،، هذا الوصف ينطبق على مكان آخر قريب من مدينة البترا في جنوبي الأردن،، يشير أحد الباحثين إلى أن الكعبة التي دمرها الحجاج قد لا تكون في مكة،، بل في منطقة البترا، فهناك وجدوا حجارة المنجنيق ولم يجدوا أي حجارة منجنيق في مكة،، ولكن مهما يكن من أمر مكة وسواء كانت الكعبة فيها أم في البترا فإن عبد الملك بحسب المرويات الإسلامية قام ببناء قبة الصخرة لتكون كعبة وقبلة ومحـجا للمؤمنين الذين جمع شملهم بكتاب جديد
إتجاة قبلة المساجد للبتراء
** لماذا منع عبد الملك أهل الشام من الحج إلى مكة وكيف تغلب على هذا الأمر بحديث الثلاثة مساجد،، لماذا تتجه قبلة المساجد التي بنيت قبل القرن الثامن إلى ناحية الشمال وليس إلى مكة،، ولماذا تتجه قبلة البعض الآخر إلى الجنوب والغرب والشرق،، وما هو سر البتراء
- يقول اليعقوبي : ومنع عبد الملك أهل الشام من الحج وذلك أن ابن الزبير كان يأخذهم بالبيعة فلما رأى عبد الملك ذلك منعهم من الخروج إلى مكة فضج الناس فقال لهم : هذا ابن شهاب الزهري يحدثكم أن رسول الله قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد،، المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس وهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام، وهذه هي الصخرة التي يروى أن رسول الله صعد منها إلى السماء تقوم لكم مقام الكعبة، بطبيعة الحال هذه رواية إسلامية متأخرة، ولكن لنلاحظ المفردات المستخدمة : ليس فيها أي ذكر لاسم محمد، وفيها حديث عن الصعود، ويقال إن الصخرة التي بنيت عليها القبة هي الصخرة التي صعد منها يسوع المسيح إلى السماء، وكان النصارى يعتبرون المسيح عبد الله ورسوله
- لفترات طويلة كانت كثير من المساجد تتجه في قبلتها بعيدا عن كعبة مكة،، الآثار الأركيولوجية المكتشفة في المساجد التي بنيت لغاية القرن الميلادي الثامن تشير إلى أنها كانت تتجه ناحية مكان يقع إلى الشمال من مكة،، فهل هي البترا؟ أم بيت المقدس؟ ومسجد الكوفة المبني سنة 670 للميلاد يتجه في قبلته نحو الغرب وليس الجنوب،، كما أن مخططات مسجدين من العصر الأموي في العراق، مسجد واسط ومسجد بغداد تشير إلى أن القبلة باتجاه الشمال وليس مكة،، وفي رسالة من يعقوب الأوديسي وهو شاهد عيان ورسالته موجودة في المتحف البريطاني، يقول إن العرب في مصر يصلون باتجاه الشرق نحو أراضي آبائهم الأصليين، نحو فلسطين وليس نحو مكة. كما أن مسجد المشتى في الأردن وهو منطقة فيها قصر أموي، يتجه في قبلته نحو البترا وليس مكة
- كما يشير البلاذري إلى أن بعض مساجد الكوفة كانت تتجه في قبلتها نحو الغرب وليس نحو مكة، وفي المئة سنة الأولى من عمر الإسلام الرسمي كانت المساجد تتجه نحو البترا ولكن بعد عام 207 للهجرة صارت كل المساجد تتخذ كعبة مكة قبلة لها،، تقع البترا جغرافيا شمالي المدينة المنورة، يثرب، أما مكة فتقع جنوبها،، ويلاحظ دان جبسون انه عند وقوع معركة المدينة فإن الجيوش هاجمتها من الشمال ودافعت المدينة عن نفسها من خلال خندق في شمالها،، وعندما هاجمت جيوش المدينة "المدينة المقدسة" يقصد مكة فإن الجيوش سارت نحو الشمال، وهذه مواصفات تدل على أن المدينة المقدسة تقع في الشمال
- براهين عديدة على أن الحرم كان في شمال الحجاز، القدس الفلسطينية وليس مكة الحجازية حتى بداية القرن الميلادي الثامن،، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون المسلمون الأوائل مخطئين في اتجاه القبلة وإنما كان مفروضا عليهم اتباع القبلة التي يرضاها الحاكم،، والتغيير الذي حصل في تحويل القبلة من بيت المقدس باتجاه كعبة مكة، لم يحدث في السنة التي تشير إليها المرويات الإسلامية الرسمية وهي سنة 624 للميلاد وإنما تم ذلك بعد انتصار عبد الملك على ابن الزبير وضم الحجاز إلى ملكه وفرض العقيدة الجديدة بالإسم الجديد على كل مناطق مملكته. وتم بعدها هدم كثير من المساجد وإعادة بنائها للتوافق مع القبلة الجديدة
هناك أدلة على أن الحجاز ومكة لم تكن مهد التوحيد العربي الذي تطور إلى الإسلام،، فأول نص عربي يحاكي نص القرآن وجد في منطقة الطائف حوالي سنة 660 م بينما الاكتشافات الأثرية في الحجاز لم تثبت وجود الجاهلية،، وهذا يشير بوضوح إلى أن التوحيد العربي لم ينطلق من بطحاء مكة بل من منطقة ما بين سورية وفلسطين،، ولكن غرض تعريب الدين احتاج انتسابه إلى منطقة عربية خالصة،، لذلك فإن عملية تعريب الإسلام وازدياد وزن العرب فيه دفع إلى تبني مكة،، رغم عدم وجود إشارات تدل على تحديد موقع الكعبة فعليا غير أن الكشوف الأثرية في مسجدين أمويين في العراق تشير إلى انهما كانا منحرفين باتجاه اليمن
- خلاصة القول إن مكة لا يمكن أن تكون المسرح الذي نشا عليه الإسلام،، فالقبلة كانت القدس وما زالت كثير من المساجد تكتشف وقبلتها متجهة نحو القدس،، لكن الانتقال من قبلة القدس إلى قبلة مكة لم يكن فقط لاسترضاء اتباع ابن الزبير وبناء سيرة جديدة تستهوي الأتباع ولكنها كانت أيضا لتكريس الإنفصال النهائي عن اليهودية التي توافقت معها النصرانية الشامية،، ففي عام 2002 سال دان جبسون مؤلف كتاب مكة في جغرافية القرآن، سأل عدة علماء آثار عرب عن سجل الآثار حول مكة،، من المؤسف أنهم لم يرغبوا في إعلان أسمائهم لكنهم اتفقوا على أنه لا يوجد أي سجل آثار لمكة قبل سنة 900 للميلاد،، لقد افترض جبسون أنهم سيبلغونه عن مدينة قديمة ذات أسوار كانت هناك مليئة بالبيوت والجنان والمباني والمعابد لكنهم قالوا: لا... لم يوجد أي شيء من مثل ذلك
** الحلقة القادمة : طرح نظرية المستشرق غونتر لولينج عالم الأديان الألماني حول مقدار الزمن الفاصل بين وفاة نبي الإسلام وبين نشوء النصوص القانونية المقدسة،، وما هى النتائج المذهلة التي توصل إليها في كتابه (حول القرآن الأصلي) وهل هناك أجزاء من القرآن وجدت قبل مجيء نبي الإسلام،، وهل توجد أناشيد مدائحية مسيحية تتخفى وراء بعض أجزاء القرآن
#أسطورة_اسمها_الإسلام
*******