Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الرشوة فى العصر المملوكى الإسلامى
ذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
المماليك البحرية
الإسلام والحياة العامة
يقتلون الراهب يوحنا القليوبى
المماليك الشراكسة
تقسيم الجيش المملوكى
نظارة الوزارة والحكم
خلفاء بنى العباس بمصر
وظائف مملوكية
المماليك المسلمين والرشوة
نظام المماليك العسكرى
ميناء القصير والمماليك
المماليك ووكالة وقف الحرمين
المماليك بين الدين والسياسة
‏ترميم‏ ‏مسجد‏ ‏الماس‏ ‏الحاجب‏
ترميم المسجد السيد البدوى
New Page 4460
New Page 4461
New Page 4462
New Page 4463
New Page 4464
New Page 4465
New Page 4466
New Page 4467
New Page 4468
مشاهير وعظماء وقديسى القبط

Hit Counter

 

الأخبار 27/6/2007م السنة 56 العدد 17218 عن مقالة بعنوان "  البذل والبرطلة في عصر المماليك "  بقلم : جمال بدوي
البرطلة: هي التعبير الشعبي عن الرشوة التي تبذل من اجل الحصول علي منفعة شخصية وغير مشروعة، وفي احيان كثيرة تسمي 'بذلا' أو 'جعلا' وهو ثمن الوظيفة المطلوبة، وقد تأصل هذا الداء في عصر سلاطين المماليك الجراكسة حتي صار موردا من موارد الدولة،و ليس معني هذا ان عصر المماليك انفرد بهذه الظاهرة السيئة، لان جميع العهود السابقة واللاحقة عرفت ظاهرة الرشوة، وبيع المناصب الادارية والعسكرية والقضاء والحسبة، ولم تسلم وظيفة من وجود راغبين فيها مقابل 'برطلة' السلطان الذي يملك في يده كل مقاليد الامور. ولكن يبدو ان ظاهرة 'البرطلة' استفحلت في العصرالثاني لدولة المماليك الذين عرفواباسم المماليك 'الجراكسة'، مما جعل الدكتور احمد عبدالرازق احمد يخصص كتابه 'البذل والبرطلة زمن سلاطين المماليك' وصدر عن الهيئة العامة للكتاب.
واستهل المؤلف دراسته بتتبع ظاهرة الرشوة منذ بداية العصرالاسلامي. وفي رأيه ان هناك اجماعا علي ان أول من رشا في الاسلام هو المغيرة بن شعبة الذي ولي امارة الكوفة من قبل الخليفة معاوية بن ابي سفيان، ولم يشرح المؤلف طبيعة الرشوة المنسوبة الي المغيرة، وهل كان راشيا او مرتشيا. وان كان من المستبعد ان يكون راشيا لمعاوية الذي عرف انه اول من بذل الاموال من اجل شراء ولاء الاعوان والانصار.
لصوص عدول!
ويضرب الباحث امثلة علي حالات الرشوة التي عرفتها مصرعلي عهد الولاة الامويين، ولكنها تفشت في العصرالعباسي بعد ان اتسعت مهمة الدولة، وتعددت وظائفها، وسعي طلاب المناصب للحصول علي المناصب عن طريق الرشوة مما كان سببا في معاداة عرب مصر للولاة العباسيين، مثل الوالي موسي بن مصعب الذي ولي مصر في عام 167ه من قبل الخليفة المهدي، وتشدد في فرض الرشوة، علي الاسواق والدواب حتي كرهه الناس ونابذوه. وتسربت الرشوة الي مناصب القضاء، وعرف بعضهم بسوء السيرة والانغماس في الرشوة عن طريق كتابهم الذين كانوا يشهدون بعدول بعض الناس وهم أفسد الخلق. وفيهم قال اسحق بن معاذ.
سأدعو إلهي حتي الصباح
لكيما يعيدك كلبا هزيلا
سننت لنا الجور في حكمنا
وصيرت قوما لصوصا عدولا

لكل شيء ثمن
والحق­ يقول المؤلف ان الرشوة لعبت في القرن الثالث الهجري دورا سيئا في حياة عمال الدواوين وغيرهم، خاصة بعد ان اصبح لكل شيء ثمن يبذل وخصوصا للمناسب الهامة التي يمكن ان تدرعلي صاحبها ربحا وفيرا، فالقاضي حسين بن محمد الهاشمي بذل 200 الف درهم من اجل الحصول علي قضاء البصرة، فأخذ منه المال ولم يقلد شيئا، وفي هذاقال المؤرخ ابن تغري بردي متشفيا: يرحم الله من فعل معه ذلك، ويرحم من يقتدي بفعله مع كل ما يسعي في القضاء بالبذل والبرطيل.
ووجدت الرشوة في عصر الاخشيديين، وعرف عن 'كافور' حبه للمال وبيعه لمناصب القضاء، وتحتوي مصادر العصر الفاطمي علي العديد من الحالات التي تثبت ان الرشوة كانت متفشية بين افراد هذا العصر، وكان الملك الصالح طلائع بن رزيك يبيع الولايات لمن يزايد عليها، وجمع من وراء ذلك ثروات طائلة. وعندما قبض الخليفة العزيز علي وزيره عيسي بن نسطوروس: اشتري حريته بمبلغ ثلاثمائة الف دينار.

منصب البطريق
وكذلك كانت الرشوة متفشية في العصر الايوبي، ويشير المقريزي في حوادث 633 الي تنصيب الانبا كيرلس بطريقا لليعاقبة بالاسكندرية عن طريق السعي والبذل بعد أن خلت أرض مصر من الاساقفة، وكيف ان حبه للمال وللرياسة قد اثار عليه اقاربه فقام عليه ابن الثعبان الراهب وعانده وذكر مثالبه، وانه انما تقدم بالرشوة فلا تصح كهنويته علي حكم القوانين، ومال عن جماعة وعقدوا له مجلسا بحضور الصاحب معين الدين وعزموا علي خلعه، لولا ان قام الكتاب والمستوفون بديار مصر وتحدثوا مع الصاحب، لصالحه فقبل بقاءه علي منصب البطريركية مقابل مبلغ من المال يحمله الي السلطان وعلي هذا استطاع شراء منصبه للمرة الثانية عن طريق البذل واستمر فيه حتي وفاته سنة 640ه ­1242م.

سلاطين ضد الرشوة
يستدرك المؤلف فيقول: انه من الخطأ ان نرمي كل الحكام بداء الرشوة لان التاريخ يحدثنا عن وجود فئة من هؤلاء عرفت بنزاهتها وعفتها عما بأيدي الرعية من الاموال، بل ان هذه الفئة بذلت قدر طاقتها للقضاء علي هذه الظاهرة التي حرمها الدين ونهي عنها، ومن هؤلاء السلطان العزيز 'عثمان' بن صلاح الدين الايوبي الذي ضاقت به الاحوال حتي لم يبق في الخزانة درهم ولا دينار، وجاءه رجل من الصعيد يدفع له عشرة آلاف دينار في مقابل ان يوليه القضاء فكتب للوسيط: اخرج فاطرد هذا الدبر ولولاك لأدبته.
ولكن ماذا كانت تستطيع العناصر الصالحة ان تفعل امام ضعاف النفوس الراغبين في الثراء بأيسر السبل وبأبخس الوسائل!!

الرشوة تمارس علنا
في عصر سلاطين المماليك اتخذت ظاهرة الرشوة صفة الذيوع والانتشار واصطبغت بالصبغة الرسمية، واصبحت تمارس علنا دون خفاء وبصفة خاصة في زمن السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي كانت امانته حديث المصادر المعاصرة، ومع ذلك فقد سجلت لنا نفس المصادر بعض حالات من الرشوة ازعجت السلطان الذي كان يمقت المرتشي ويعاقبه اشد عقوبة، حتي انه امر بعدم تولية احد بمال ولا رشوة ولكن هل استجاب الناس لهذه التعليمات؟ الجواب يبدو من خلال النصوص التي تمتليء بها بطون المصادر والتي تشير باصابع الاتهام الي هؤلاء الذين اقبلواعلي أخذ الرشوة مثل محب الدين ولد القاضي المشهور ابن دقيق العيد، وكان يأخذ المال من طلاب الوظائف عند ابيه، ومثل جمال الدين عبدالله ابن القاضي جلال الدين القزويني وعرف الابن بلهوه وشراهته واخذ الرشوة من القضاة، مما اضطر السلطان الناصر إلي عزل الشيخين من اجل ولديهما.

علي نهج ابيه
وتفيض المصادر عن استفحال الرشوة في عهد السلاطين الجراكسة منذ اولهم 'برقوق' وهو ما اشار اليه السفاح تيمور لنك عندما بعث الي برقوق برسالة يقول له فيها: كيف يسمع الله دعاءكم وقد اكلتم الحرام وضيعتم الانام، واخذتم اموال الايتام، وقبلتم الرشوة من الحكام.
وجاء بعد برقوق ابنه الناصر فرج فسار علي نهج ابيه في اخذ البراطيل علي الوظائف.و يذكر المؤرخ ابن حجر ان علاءالدين بن ابي البقاء استقر في قضاء الشافعية بدمشق، ثم لم يلبث ان وصل مرسوم السلطان الي نائب دمشق بان يقبض من القاضي مائتي الف درهم، وهي التي جرت عادة القضاة بدمشق علي بذلها للسلطان. ويعلق ابن حجر بقوله:وكانت هذه الكائنة من اقبح ما فعل.
وتفاقمت ظاهرة الرشوة في عهد السلطان المؤيد شيخ، الذي شملت مظالمه جميع رجال الدولة من ولاة ومحتسبين وقضاة وحجاب.. فلما اعتلي العرش السلطان برسباي انتشرت الرشوة أقوي مما كانت حتي سجل احد المؤرخين عن حادث تعيين احد القضاة بدمشق عوضا عن ابيه الذي وجد مذبوحا في بستانه. اذ يقول في أسي: وهو شاب صغير لم يستتر عذاريه بالشعر، لكنه قام بمال كبير: ثلاثون ألف درهم، فلم يلتفت السلطان لحداثة سنه، ولا لكونه جاهلا بالقراءة والكتابة!!

باعوه بأبخس الاثمان
وكانت نهاية العصر المملوكي علي يد الاتراك العثمانيين نتيجة طبيعية للفساد الذي شاع وذاع. فلما جاء الغوري ليواجه الحملة العثمانية كانت الخزينة خاوية فلجأ الي بيع الوظائف. وسجل المؤرخ ابن اياس اسعار كل وظيفة مثل تسعيرة الخضراوات والفواكه.وجاء آخرهم طومان باي فبذل جهودا يائسة لوقف الرشوة وانتشارها عن طريق ابطال بيع الوظائف، ومنع القضاة الايسعوا في منصب القضاء بمال وقال لهم: انا ما اقبل رشوة في ولاية احد من القضاة، فلا تأخذوا انتو رشوة من الناس ابدا.. ولكنه فشل في محاولاته كما فشل في صد العدوان العثماني.. ودفع حياته ثمنا لرشوة تقاضاها بعض الخونة الذين لجأ إليهم.. فباعوه بأخبث وابخس الاثمان.

This site was last updated 02/15/11