أستمر الإغريق فى المدن اليونانية التى أستوطنوها يمارسون أنشطتهم المعتادة مثل ألعابهم الرياضية التقليدية ومسابقاتهم الأدبية والموسيقية ومهرجاناتهم المسرحية , وكانت هذه الأحتفالات جذابة تشد الجمهور وكانت فى نفس الوقت مكملة للطقوس الدينية  , وهى وإن كانت تضم أبطال الرياضيين قادمين من مدن أو محافظات مختلفة إلا أن السكان المحلين كانوا يساهمون بنصيب وافر فيها فكانوا يشتركون فى الترانيم والمدايح ومواكب التماثيل الآلهة المقدسة وإطلاق البخور والعطور الأخرى , وصناعة الكعك وتقديم القرابين والعسل والخمر وغيرها من الأطعمة ( التى كان يستولى عليها فيما بعد ) وفى أوراق البردى ذكرت مناسبتين من هذه المناسبات , قدمت أحداها للمحافظ والثانية قدمت لنائب الحامية المحلية ومن دراسة هاتين الوثيقتين ذكر علماء البرديات هذه العبارة : " أنه فيما يبدو منهما أن الحكومة كانت تمد رقابتها حتى على هذه التفصيلات " والوثائق هى : " الأصناف المقدمة قرباناً على شرف النيل المقدس فى 30 بؤونة (24 يونيو) 1 عجل و 2 جرة من الخمر الحلو و 16 فطيرة و 16 أكليلاً و 16 من ثمار الصنوبر المخروطية و 16 كعكة و 16 سعف نخل أخضر و 16 بوصة خضراء وزيت وعسل ولبن وكل أنواع التوابل ما عدا اللبان "

كالمعتاد قربان الشهر الحالى هاتور : 4 طيور و 1 خنزير صغير , 8 بيضات  و 8 من ثمار الصنوبر المخروطية و 2 جرة من الخمر و كمية قليلة من العسل واللبن وزيت الزيتون وزيت السمسم و 8 أكاليل من الزهور "

ولم يعرف أن هذه الكميات المقدمة يقدمها شخص واحد أو أشخاص مختلفين وفى كلا الحالتين يعنى أنه حتى فى القرية الصغيرة كان يمكنها أن تقوم بموكب يشترك فيه ما يزيد على مائة من المشاركين يشقون طريقهم عبر شوارع القرية مما يبعث السرور فى نفس العارضين والمشاهدين على حد سواء (1)

الألعاب الرياضية
كانت ممارسة الألعاب فى العصر الرومانى يختلف عنه فى العصور الكلاسيكية فلم يصبح المشتركين في هذه المسابقات من الهواة ولكنهم أصبحوا محترفين قد يشترك معهم هواة سواء أكانوا من العدائيين أو الملاكمين أو المصارعين أو غيرهم , وكان هؤلاء المحترفين يسافرون من مكان إلى آخر يتنافسون مع آخرين قادمين من اماكن أخرى ليفوزوا بالجوائز , وكان أكثرهم نجاحاً يكتسب شهرة سواء أكانت محلية أو عالمية وكميات كبيرة من الجوائز المالية وعدد آخر من الإمتيازات مثل حقوق المواطنة الرومانية الفخرية أو الأعفاء من الضرائب وملخص القول أن تحول هذه المسابقات من الهواية إلى الأحتراف جعلت مهنة لكسب الرزق .

أما الفائزين فى أبطال الألعاب الرياضية وتوجوا وأصبحوا نجوم فقد أختيروا  فى أعضاء نقابة الرياضيين المتنقلين برعاية هيراكليس Heracles وهى جماعة أنتشرت فى أنحاء ولايات المبراطورية الرومانية ومركزها الرئاسى والدينى كان روما . 

أنشطة الإحتفالات

ونقل اليونانيين الساكنين بمصر إحتفالاتهم كما نقلوا ثقافتهم وفى وثيقة من وثائق البردى أن أحد ابناء أوكسيرنخوس (مدينة أستوطنها اليونانيين بمصر) التى كانت له موهبة " لتطوير مسابقاتنا الشبابية بنفس ألأسلوب التى تم تطويرها به فى أنطنيوبولس" .. إن القائمة تغطى السنوات من 261 - ألى 268 م بها أسماء معظمها أسماء أغريقية وقلة رومانية وأسمين فقط ليسوا من هاتين الفئتين من المرجح أن يكونوا مصريين .

وأشترك أهل أكسيرنخوس كشعراء أو عازفى بوق أو منادين فى ألعاب أقيمت على غرار ألعاب تمت فى نوقراطيس -

عمر المشتركين فى هذه المسابقات : وقد لوحظ أنه سجل فى البرديات أن أثنين من المناديين الفائزين كان عمرهما 15 سنة و16 سنة على التوالى , وكان عمر أحد الشعراء 15 سنة وللأسف لم يسجل هذا الشاعر أى من أشعاره كنموذج كان يمكن دراسته بواسطة علماء البرديات .

والمثير فى الأمر أنه هناك شاعر آخر فاز فى هذه المسابقة كان عمره 19 سنة وذكر انه بدأ يتعلم " الحروف " .

ويبدوا أن هذه المسابقات قد نظمت لكى تظهر مواهب شباب المحافظة أمام الحضور وهم الآباء الفخوريين .

 الجوائز

وعثر فى أكسيرنخوس على بعض التقارير عن النفقات التى أنفقتها المدينة على إحتفالات - ففى إحتفالات "ريما" كان للإله ديونيسيوس دفعت مكافئات (جوائز) لـ مناد , ونافخ بوق , وممثل هزلى ( وحسب الصطلح المستخدم فى العصر الرومانى يغنى ويرقص وفى الغالب يكتب النص أو قد يستعيره من الأساطير الشعبية المتوارثة ) وعدة أشخاص ذكرت أسمائهم فقط بدون ذكر المكافئات ربما كانوا متطوعين , كما دفعت تكاليف ذبح عجل لتقديمة قرباناً للأله .

وفى مهرجان أقيم لـ سيرابيس دفعت مكافئات لــ راقص مناسب , وزوج من الملاكمين , ومدلكين , وممثل هزلى , ومناد , ومصمم رقصات , وقارئ ( لنصوص طقسية دينية ) , وشاعر غنائى , وثمن لقيمات من أجل أنوبيس (الإله الكلب ) .. وهناك قوائم اخرى لمدفوعات لعدد غير معروف من المشاركات - وقد سجل أنه دفع لممثل تمثيل صامت 496 دراخمة - و 848 لرواية قصائد ملحمية - ومبلغ يتراوح بين 100 - 200 دراخمة لراقص , ومبلغ غير معروف لموسيقيين , و76 دراخمة للرجال الذين حملوا الصور المقدسة للأله " النيل " والآلهة الأخرى فى الموكب , و 8 دراخمة لمناد , و 4 دراخمة لنافخ بوق ومبالغ أخرى لأشخاص ليسوا من ذوى الأهمية

فن المسرحية الأغريقى

 ونقل أبناء عواصم المحافظات تقليد هلينى بإحياء اعمال المسرحيات أغريقية كلاسيكية حية ( يوريبيديس بالنسبة للتراجيديا , وميناندر بالنسبة للكوميديا) ولم يتوقفوا عند القديم فأستمتعوا بصور معاصرة من التأليف , وقد عثر على بردية من مسرحية قصيرة معاصرة عبارة عن فصل من منوعات موسيقية أو مسرحية هزلية ( فودوفيل ) مدتها حوالى 10 دقائق , وبالطبع لم يستطع خبراء الفن والآثار والتاريخ أن يقيموا قيمة ونجاح هذه المسرحية حيث تتحكم عوامل كثيرة , ولكن دليل النفقات سجل نفقات المسرح ب 6 ألاف دراخمة قى شهرين , وكان هذا المبلغ كافياً لسد الرواتب مع الأستعانة بالمواهب الفنية حتى فى ظروف التضخم المالى فى القرن الثالث بعد الميلاد (2)    

 وأختير أعظم الشعراء الموهوبين والممثلين والموسيقيين ليكونوا فى عضوية نقابة الفنانين المبدعين المتوةجين , وكانوا يتوافدون على روما برعاية ديونيسيوس .

حفلات الأغنياء

كان الأغنياء يقيمون حفلات صغيرة بالنسبة للحفلات العامة ولكنها فى الغالب صورة مصغرة مما سبق فكان تعزف فيها الموسيقى والرقص ومثال لذلك ورد فى الوثائق البردية التالية : " من أجاثوس Agathos الأوريلى Aurelii رئيس الجمنازيوم والرئيس المكلف والعراف هيرامانوبامون Hermanobammon وديدموس Didymos الكاهن الأكبر وكوربياس  Korpias منظم Kosmetes  أرسينوى إلى يوريباس Euripas الأوريلى Aurelii الممثل  وساراباس  رواية القصائد الملحمية , تحياتنا : أحضروا حالاً بطريقكم المعتاد للمساهمة فى الأحتفال بالأجازة , لكى تشاركونا فى مهرجان الإحتفال بذكرى الأسلاف فى يوم ميلاد كرونوس , الإله الأعظم , وستبدأ الإحتفالات من الغد وسوف تحصلون على الأجر والهدايا ( المعتادة) ( التوقيعات) (3)    

الحوادث فى الإحتفالات  

وطبيعى كانت الجماهير تحتشد لمشاهدة العروض الرياضية والمتنافسين فيها وفى مختلف العروض الأخرى سواء أكانت شعرية أو موسيقية وغيرها فكان يؤدى التزاحم إلى حالات من التدافع أو الجرى من المكان لسبب أو آخر أو قد يحدث تعصب لأحد اللاعبين فيحدث تشاجر كما يحدث فى العصر الحديث وهذا ذكرته البرديات فى الحادثة التالية : -

" من هيراكس Hierax محافظ أكسيرنخوس إلى المساعد كلوديوس سيرينوس Claudius Serenus .. مرفق نسخة من الطلب المقدم لى من ليونيداس المعروف أيضاً بسيرينوسSerenus , لكى تذهب مع طبيب حكومى ليفحص الجثة موضوع الطلب , , ثم التصريح بالدفن وترسلا تقريكما المشترك مكتوباً ( التوقيع : التاريخ 6 نوفمبر 182 م )

إلى المحافظ هيراكس من ليونيداس المعروف أيضاً بإسم سيرنيوس ومسجل أمه Tauris  توريس (4) 

وهذه حادثة أخرى : " من قرية سينيبتا Senepta فى وقت متأخر من أمس , بينما كان هناك مهرجان فى سينيبتا , وراقصات الصنج يقدمن عرضهن عند بيت صهرى بلوتيون , أراد عبده فبافروديوتس Fpaphroditos وعمره حوالى 8 أعوام , أن يميل برأسه من اعلى المنزل المذكور حتى يتسنى له رؤية الراقصات ولكنه سقط فتيلاً , أننى أقدم هذا الطلب راجياً بعد أذنكم أن ترسلوا واحداً من مساعديكم إلى قرية سينيبتا , حيث جثة فبافروديتوس يجب أن توسد حالاً وتدفن ( نفس التاريخ السابق والتوقيع ) (5)

=============

المــــــــــراجع

(1) ذبح الخنازير وأستخدامها فى الإحتفالات العامة الخاصة بالطقوس الدينية كانت محرمة فى الطقوس الدينية للآلهة المصرية فى فترة مبكره عن ذلك 

P. Oxy. 1211 = Select Papyri 403 (2nd cent.) and P. Oxy.2797 ( late 3rd cent)

(2) الوثائق البردية هى

P. Oxy.705 = W. Chr. 153. P. Oxy, 2338. SB 7336

P. Oxy.519 = W. Chr 492 = Select Papyri 402, and, P. Oxy. 413 and 2127

(3) لفظ Aureli يرجه ترايخة إلى ما بعد سنة 212  

P. Oxy.1025 = W. Chr> 493 = Select Papyri 359