Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة320 وخلافة القاهر بالله
سنة321
سنة322

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة
ذكر استيلاء ابن بويه على شِيراز

في هذه السنة ظفر عماد الدولة بن بويه بياقوت، وملك شيراز، وقد ذكرنا مسير عماد الدولة بن بويه إلى القنطرة، وسبق ياقوت إليها، فلّما وصلها ابن بويه وصدّه ياقوت عن عبورها اضطّر إلى محاربته، فتحاربا في جمادى الآخرة، وأحضر عليُّ بن بويه أصحابه، ووعدهم أنّه يترجّل معهم عند الحرب ويقاتل كأحدهم، ومنّاهم ووعدهم الإحسان.
وكان من سعادته أنّ جماعة من أصحابه استأمنوا إلى ياقوت، فحين رآهم ياقوت أمر بضرب رقابهم، فأيقن مَن مع ابن بويه أنّهم لا أمان لهم عنده، فقاتلوا قتال مستقتل.
ثم إنّ ياقوتاً قدّم أمام أصحابه رجّالة كثيرة يقاتلون بقوارير النفط، فانقلبت الريح في وجوههم، واشتدّت، فلمّا ألقوا النار عادت النار عليهم، فعلقت بوجوههم وثيابهم، فاختلطوا وأكبّ عليهم أصحاب ابن بويه، فقتلوا أكثر الرجّالة، وخالطوا الفرسان فانهزموا، فكانت الدائرة على ياقوت وأصحابه.
فلمّا انهزم صعد على نشَز مرتفع، ونادى في أصحابه الرجعة، فاجتمع إليه نحو أربعة آلاف فارس، فقال لهم: اثبتوا فإنّ الديلم يشتغلون بالنهب، ويتفرّقون، فنأخذهم، فثبتوا معه، فلمّا رأى ابن بويه ثباتهم نهى أصحابه عن النهب، وقال: إنّ عدوّكم يرصدكم لتشتغلوا بالنهب، فيعطف عليكم ويكون هلاككم، فاتركوا هذا، وافرغوا من المنهزمين ثم عودوا إليه؛ ففعلوا ذلك، فلمّا رأى ياقوت أنّهم على قصده ولّى منهزماً، واتّبعه أصحاب ابن بويه يقتلون ويأسرون ويغنمون الخيل والسلاح. (3/450)
وكان معزُّ الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه في ذلك اليوم من أحسن الناس أثراً، وكان صبيّاً لم تنبت لحيته، وكان عمره تسع عشرة سنة، ثم رجعوا إلى السواد، فغنموا ووجدوا في سواده برانس لبود عليها أذناب الثعالب، ووجدوا قيوداً وأغلالاً، فسألوا عنها، فقال أصحاب ياقوت: إنّ هذه أُعدّت لكم لتُجعل عليكم، ويطاف بكم في البلاد؛ فأشار أصحاب ابن بويه أن يفعل بهم مثل ذلك، فامتنع وقال: إنّه بغيٌ، ولؤم ظفر، ولقد لقي ياقوت بغيه.
ثم أحسن إلى الأسارى وأطلقهم وقال: هذه نعمة والشكر عليها واجب يقتضي المزيد؛ وخيّر الأسارى بين المقام عنده واللحوق بياقوت، فاختارو المقام عنده فخلع عليهم وأحسن إليهم.
وسار من موضع الوقعة حتّى نزل بشيراز، ونادى في الناس بالأمان، وبثّ العدل، وأقام لهم شحنة يمنع من ظلمهم، واستولى على تلك البلاد، وطلب الجند أرزاقهم فلم يكن عنده ما يعطيهم، فكاد ينحلّ أمره، فقعد في غرفة في دار الإمارة بشيراز يفكر في أمره، فرأي حيّة خرجت من موضع في سقف تلك الغرفة ودخلت في ثقب هناك، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفرّاشين، ففتحوا الموضع، فرأوا وراءَه باباً فدخلوه إلى غرفة أخرى، وفيها عشرة صناديق مملوءة مالاً ومصوغاً، وكان فيها ما قيمته خمس مائة ألف دينار، فأنفقها، وثبت ملكه بعد أن كان قد أشرف على الزوال.
وحُكي أنّه أراد أن يفصّل ثياباً، فدلّوه على خياط كان لياقوت، فأحضره، فحضر خائفاً، وكان أصمّ، فقال له عماد الدولة: لا تخف، فإنّما أحضرناك لتفصّل ثياباً؛ فلم يعلم ما قال، فابتدأ وحلف بالطلاق والبراءة من دين الإسلام أنّ الصناديق التي عنده لياقوت ما فتحها، فتعجّب الأمير من هذا الاتّفاق، فأمره بأحضارها، فأحضر ثمانية صناديق فيما مال وثياب قيمته ثلاثمائة ألف دينار، ثم ظهر له من ودائع ياقوت وذخائر يعقوب وعمروا ابنَي الليث جملةٌ كثيرة، فامتلأت خزائنه وثبت ملكه.
فلمّا تمكّن من شِيراز وفارس كتب إلى الراضي بالله، وكانت قد أفضت إليه الخلافة، على ما نذكره، وإلى وزيره أبي عليّ بن مقلة يعرّفهما أنّه على الطاعة ويطلب منه أن يقاطع على ما بيده من البلاد، وبذلك ألف ألف درهم، فأُجيب إلى ذلك، فأنفذوا له الخِلع، وشرطوا على الرسول أن لا يسلّم إليه الخِلع إلاّ بعد قبض المال.
فلمّا وصل الرسول خرج عماد الدولة إلى لقائه، وطلب منه الخلع واللواء، فذكر له الشرط، فأخذهما منه قهراً، ولبس الخلع، ونشر اللواء بين يديه، ودخل البلد، وغالط الرسول بالمال، فمات الرسول عنده سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وعظم شأنه، وقصده الرجال من الأطراف.
ولّما سمع مرداويج بما ناله من ابن بويه قام لذلك وقعد وسار إلى أصبهان للتدبير عليه، وكان بها أخوه وشمكير لأنّه لّما خلع القاهر، وتأخّر محمّد بن ياقوت عنها، عاد إليها وشمكير بعد أن بقيت تسعة عشر يوماً خالية من أمير، فلمّا وصلها مرداويج ردّ أخاه وشمكير إلى الريّ.
ذكر استيلاء نصر بن أحمد على كَرْمان
في هذه السنة خرج أبو عليّ محمّد بن إلياس من ناحية كَرْمان إلى بلاد فارس، وبلغ إصطَخر، فأظهر لياقوت أنّه يريد أن يستأمن إليه حيلةً ومكراً، فعلم ياقوت مكره، فعاد إلى كَرمان، فسيّر إليه السعيدُ نصر بن أحمد، صاحب خُراسان، ما كانَ بن كالي في جيش كثيف، فقاتله، فانهزم ابن إلياس، واستولى ما كان على كَرمان، نيابةً عن صاحب خراسان.
وكان محمّد بن إلياس هذا من أصحاب نصر بن أحمد، فغضب عليه وحبسه، ثم شفع فيه محمّد بن عبيدالله البلغميُّ، فأخرجه، وسيّره مع محمّد ابن المظفَّر إلى جرجان، فلمّا خرج يحى بن أحمد وإخوته ببخارى، على ما ذكرناه، سار محمّد بن إلياس إليه فصار معه، فلمّا أدبر أمْره سار محمّد من نَيسابور إلى كَرمان فاستولى عليها إلى هذه الغاية، فأزاله ما كان عنها، فسار إلى الدِّينَوَر، وأقام مكان بكَرمان، فلمّا عاد عنها، على ما نذكره، رجع إليها محمّد بن إلياس.
ذكر خلع القاهر بالله
وفيها خُلع القاهر بالله في جُمادى الأولى.
(3/451)
وكان سبب ذلك أنّ أبا عليّ بن مقلة كان مستتراً من القاهر، والقاهر يتطلّبه، وكذلك الحسن بن هارون، فكانا يراسلان قوّاد الساجيّة، والحجريّة، ويخوّفانهم من شرّه، ويذكران لهم غدره ونكثه مرّة بعد أخرى: كقتل مؤنس، وبُليق، وابنه عليّ بعد الأيمان لهم، وكقبضه على طريف السُّبكريّ بعد اليمين له، مع نصح طريف له، إلى غير ذلك.
وكان ابن مقلة يجتمع بالقوّاد ليلاً، تارة في زيّ أعمى، وتارة في زيّ مُكَدٍّ، وتارة في زيّ إمرأة ويغريهم به.
ثمّ إنّه أعطى منجّماً كان لسيما مائتَيْ دينار، وأعطاه الحسن مائة دينار، وكان يذكر لسيما أن طالعه يقتضي أن ينكبه القاهر ويقتله، وأعطى ابن مقلة أيضاً لمعبّر كان لسيما يعبّر له المنَامات، فكان يحذره أيضاً من القاهر، ويعبّر له على ما يريد، فازداد نفوراً من القاهر.
ثم إنّ القاهر شرع في عمر مطامير في الدار، فقيل لسيما ولجماعة قوّاد الساجيّة والحجريّة: إنّما علمها لأجلكم؛ فازداد نفوراً، ونقل إلى سيما أنّ القاهر يريد قتله، فجمع الساجيّة، وكان هو رئيسهم المقدّم عليهم، وأعطاهم السلاح، وأنفذوا إلى الحجريّة: إنْ كنتم موافقين لنا فجيئوا إلينا حتّى نحلف بعضنا لبعض، وتكون كلمتنا واحدة، فاجتمعوا جميعهم وتحالفوا على اجتماع الكلمة وقَتْل من خالف منهم.
فاتّصل ذلك بالقاهر ووزيره الحُصيبيّ، فأرسل إليهم الوزير: ما الذي حملكم على هذا ؟ فقالوا: قد صحّ عندنا أنّ القاهر يريد القبض على سيما، وقد عمل مطامير ليحبس فيها قوّادنا ورؤساءنا. فلمّا كان يوم الأربعاء لستّ خلون من جمادى الأولى اجتمع الساجيّة والحجريّة عند سيما، وتحالفوا على الاجتماع على القبض على القاهر، فقال لهم سيما: قوموا بنا الساعة حتى نمضي هذا العزم، فإنّه إن تأخّر علم به، واحترز وأهلكَنا.
وبلغ ذلك الوزير، فأرسل الحاجبَ سلامة وعيسى الطبيب ليعلماه بذلك، فواجداه نائماً قد شرب أكثر ليلته، فلم يقدرا على إعلامه بذلك.
وزحف الحجريّة والساجيّة إلى الدار، ووكّل سيما بأبوابها مَن يحفظها، وبقي هو على باب العامّة، وهجموا إلى الدار من سائر الأبواب، فلمّا سمع القاهر الأصوات والجَلَبة استيقظ مخموراً، وطلب باباً يهرب منه، فقيل له إن الأبواب جميعها مشحونة بالرجال، فهرب إلى سطح حمّام، فلمّا دخل القوم لم يجدوه، فأخذوا الخدم وسألوهم عنه، فدلّهم عليه خادم صغير، فقصدوه، فرأوه وبيده السيف، فاجتهدوا به فلم ينزل لهم، فألانوا له القول، وقالوا: نحن عبيدك، وإنّما نريد أن نأخذ عليك العهود؛ فلم يقبل منهم وقال: مَن صعد إليّ قتلتُه ! فأخذ بعضهم سهماً وقال: إن نزلت، وإلاّ وضعتُه في نحرك ! فنزل حينئذ إليهم، فأخذوه وساروا به إلى الموضع الذي فيه طريف السبكريُّ، ففتحوه وأخرجوه منه وحبسوا القاهر مكانه، ثمّ سملوه، وهو أول خليفه تسمل عيناه فى الإسلام  وهرب وزيره الخصيبيُّ وسلامة حاجبه.
وقيل في سبب خلعه وقيام الساجيّة والحجريّة غير ما تقدّم، وهو أنّ القاهر لّما تمكّن من الخلافة أقبل ينقص الساجيّة والحجريّة على ممرّ الأيّام، ولا يقضي لأكابرهم حاجة، ويُلزمهم النوبة في داره، ويؤخّر أعطياتهم، ويغلظ لمن يخاطبه منهم في أمر، ويحرمه، فأقبل بعضهم ينذر بعضاً، ويتشاكون بينهم، ثم إنّه كان يقول لسلامة حاجبه: يا سلامة ! أنت بين يديّ كنزل مال يمشي، فأيّ شيء يبين في مالك لو أعطَيتَني ألف ألف دينار ؟ فيحمل ذلك منه على الهزل.
وكان وزيره الخصيبيُّ أيضاً خائفاً لما يرى منه، ثم أنّه حفر في الدار نحو خمسين مطمورة تحت الأرض، وأحكم أبوابها، فكان يقال: إنّه عملها لمقدّمي الساجيّة والحجريّة، فازداد نفورهم منه وخوفهم؛ ثم إنّ جماعة من القرامطة أُخذوا بفارس وأُرسلوا إلى بغداد، كما تقدّم، فحُبسوا في تلك المطامير، ثم تقدّم سرّاً بفتح الأبواب عليهم، والإحسان إليهم، وعزم على أن يقوى بهم على القبض على مقدّمي الحجريّة والساجيّة، وبمن معه من غلمانه.
وأنكر الحجريّة والساجيّة حال القرامطة، وكونهم معه في داره محسناً إليهم، وقالوا لوزيره الخصيبيّ، وحاجبه سلامة، في ذلك، فقالا له، فأخرجهم من الدار، فسلّمهم إلى محمّد بن ياقوت، وهو على شُرطة بغداد، فأنزلهم في دار، وأحسن إليهم، وكان يدخل إليهم من يريد، فعظم استيحاشهم. (3/452)
ثمّ صار يذمّهم في مجلسه، ويُظهر كراهتهم، حتّى تبيّنوا ذلك في وجهه وحركاته معهم، فأظهروا أنّ لبعض قوّادهم عرساً، فاجتمعوا بحجّته، وقرّروا بينهم ما أرادوا، وافترقوا، وأرسلوا إلى سابور خادم والدة لمقتدر، فقالوا له: قد علمتَ ما فعله بمولاتك، وقد ركبتَ في موافقته كلّ عظيم، فإنّ وافقتنا على ما نحن عليه، وتقدّمتَ إلى الخدم بحفظه، فعفا الله عمّا سلف منك، وإلاّ فنحن نبدأ بك؛ فأعلمهم ما عنده من الخوف والكراهة للقاهر، وأنّه موافقهم، وكان ابن مقلة مع هذا يصنع عليه ويسعى فيه إلى أن خُلع، كما ذكرنا، وكانت خلافته سنة واحدة وستّة أشهر وثمانية أيّام

This site was last updated 10/30/11