Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة تسع عشرة ومائتين وسنة عشرين ومائتين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة 226 وخلافة المعتصم
سنة219 وسنة220
سنة221
سنة222
سنة223
سنة224
سنة225
سنة226 وسنة227
عاصمة العباسيين سامراء

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة تسع عشرة ومائتين
ذكر خلاف محمد بن القاسم العلوي

في هذه السنة ظهر محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، بالطالقان من خراسان، يدعوإلى الرضي من آل محمد، صلى الله عليه وسلم.
وكان ابتداء أمره أنه كان ملازماً مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، حسن السيرة، فأتاه إنسان من خراسان اسمه أبومحمد كان مجاورأن فلما رآه أعجبه طريقه، فقال له: أنت أحق بالإمامة من كل أحد، وحسن له ذلك، وبايعه، وصار الخراساني يأتيه بالنفر بعد النفر من حجاج خراسان يبايعونه، فعل ذلك مدة.
فلما رأى كثرة من بايعه من خراسان سارا جميعاً إلى الجوزجان، واختفى هناك، وجعل أبومحمد يدعوالناس إليه، فعظم أصحابه، وحمله أبومحمد على إظهار أمره، فأظهره بالطالقان، فاجتمع إليه بها ناس كثير، وكانت بينه وبين قواد عبد الله بن طاهر وقعات بناحية الطالقان وجبالهأن فانهزم هووأصحابه، وخرج هارباً يريد بعض كور خراسان، وكان أهلها كاتبوه.
فلما صار بنسأن وبها والد بعض من معه فلما بصر به سأله عن الخبر فأخبره، فمضى الأب إلى عامل نسأن فأخبره بأمر محمد بن القاسم، فأعطاه العامل عشرة آلاف درهم على دلالته، وجاء العامل إلى محمد، فأخذه واستوثق منه، وبعثه إلى عبد الله بن طاهر، فسيره إلى المعتصم، فورد إليه منتصف شهر ربيع الأول، فحبس عند مسرور الخادم الكبير، وأجرى عليه الطعام، ووكل به قوماً يحفظونه، فلما كان ليلة الفطر اشتغل الناس بالعيد، فهرب من الحبس، دلي إليه حبل من كوة كانت في أعلى البيت يدخل عليه منها الضوء، فلما أصبحوا أتوه بالطعام، فلم يروه، فجعلوا لمن دل عليه مائة ألف، فلم يعرف له خبر.
ذكر محاربة الزط (3/185)
وفيها وجه المعتصم عجيف بن عنبسة في جمادى الآخرة لحرب الزط الذين كانوا غلبوا على طريق البصرة، وعاثوأن وأخذوا الغلات من البيادر بكسكر وما يليها من البصرة، وأخافوا السبيل، ورتب عجيف الخيل في كل سكة من سكك البريد، تركض بالأخبار، فكان يأتي بالأخبار من عجيف في يوم، فسار حتى نزل تحت واسط، وأقام على نهر يقال له بردودأن حتى سدة وأنهاراً أخر كانوا يخرجون منها ويدخلون، وأخذ عليهم الطرق، ثم حاربهم، فأسر منهم في معركة واحدة خمسمائة رجل، وقتل في المعركة ثلاثمائة رجل، فضرب أعناق الأسرى، وبعث الرؤوس إلى باب المعتصم.
ثم أقام عجيف بإزاء الزط خمسة عشر يومأن فظفر منهم فيها بخلق كثير، وكان رئيس الزط رجل يقال له محمد بن عثمان، وكان صاحب أمره إنسان يقال له سماق، ثم استوطن عجيف وأقام بإزائهم سبعة أشهر.
ذكر محاصرة طليطلة
في هذه السنة سير عبد الرحمن بن الحكم الأموي، صاحب الأندلس، جيشاً مع أمية بن الحكم إلى مدينة طليطلة، فحصرهأن وكانوا قد خالفوا الحكم، وخرجوا عن الطاعة، واشتد في حصرهم، وقطع أشجارهم، وأهلك زروعهم، فلم يذعنوا إلى الطاعة، فرحل عنهم، وأنزل بقلعة رباح جيشاً عليهم ميسرة، المعروف بفتى أبي أيوب، فلما أبعدوا منه خرج جمع كثير من أهل طليطلة، لعلهم يجدون فرصة وغفلة من ميسرة فينالوا منه ومن أصحابه غرضأن وكان ميسرة قد بلغه الخبر، فجعل الكمين في مواضع، فلما وصل أهل طليطلة إلى قلعة رباح، للغارة خرج الكمين عليهم من جوانبهم، ووضعوا السيف فيهم، وأكثروا القتل، وعاد من سلم منهم منهزماً إلى طليطلة، وجمعت رؤوس القتلى، وحملت إلى ميسرة، فلما رأى كثرتها عظمت عليه، وارتاع لذلك، ووجد في نفسه غماً شديدأن فمات بعد أيام يسيرة.
وفيها أيضاً كان بطليطلة فتنة كبيرة، تعرف بملحمة العراس، قتل من أهلها كثير.
ذكر عدة حوادث
وفيها أحضر المعتصم أحمد بن حنبل، وامتحنه بالقرآن، فلم يجب إلى القول بخلقه، فأمر به، فجلد جلداً عظيماً حتى غاب عقله، وتقطع جلده، وحبس مقيداً.
وفيها قدم إسحاق بن إبراهيم إلى بغداد في جمادى الأولى، ومعه من أسرى الخرمية خلق كثير، وقيل إنه قتل منهم نحومائة ألف سوى النساء والصبيان.
وفيها توفي أبونعيم الفضل بن دكين الملائي، مولى طلحة، بن عبد الله التيمي، في شعبان، وهومن مشايخ البخاري ومسلم، كان مولده سنة ثلاثين ومائة، وكان شيعياً؛ وله طائفة تنسب إليه يقال لها الدكينية.


حوادث سنة عشرين ومائتين
ذكر ظفر عجيف بالزط
وفي هذه السنة دخل عجيف بالزط بغداد، بعد أن ضيق عليهم، وقاتلهم، وطلبوا منه الأمان، فأمنهم، فخرجوا إليه في ذي الحجة سنة تسع عشرة ومائتين، وكانت عدتهم مع النساء والصبيان سبعة وعشرين ألفأن والمقاتلة منهم اثنا عشر ألفأن فلما خرجوا إليه جعلهم في السفن، وعبأهم في سفنهم على هيئتهم في الحرب معهم البوقات، حتى دخل بهم بغداد يوم عاشوراء من هذه السنة.
وخرج المعتصم إلى الشماسية في سفينة يقال لها الزو، حتى يمر به الزط على تعبئتهم وهم ينفخون في البوقات، وأعطى عجيف أصحابه كل رجل دينارين دينارين، وأقام الزط في سفنهم ثلاثة أيام، ثم نقلوا إلى الجانب الشرقي، وسلموا إلى بشر بن السميدع، فذهب بهم إلى خانقين، ثم نقلوا إلى الثغر، إلى عبن زربة و، فأغارت الروم عليهم، فاجتاحوهم، فلم يفلت منهم أحد.
ذكر مسير الأفشين لحرب بابك الخرمي
وفي هذه السنة عقد المعتصم للأفشين حيدر بن كاوس على الجبال، ووجهه لحرب بابك فسار إلي.
وكان ابتداء خروج بابك سنة إحدى ومائتين، فكانت مدينته البذ، وهزم من جيوش السلطان عدة، وقتل من قواده جماعة، فلما أفضى الأمر إلى المعتصم، وجه أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل، وأمره أن يبني الحصون التي أخربها بابك فيما بين زنجان وأردبيل، ويجعل فيها الرجال تحفظ الطرق لمن يجلب الميرة إلى أردبيل، فتوجه أبوسعيد لذلك، وبنى الحصون.
ووجه بابك سرية في بعض غزاته، فأغارت على بعض النواحي ورجعت منصرفة؛ وبلغ ذلك أبا سعيد، فجمع الناس، وخرج في طلب السرية، فاعترضها في بعض الطرق، فاقتتلوا قتالاً شديدأن فقتل أبوسعيد من أصحاب بابك جماعة، وأسر جماعة، واستذ ما كانوا أخذوه، وسير الرؤوس والأسرى إلى المعتصم، فكانت هذه أول هزيمة على أصحاب بابك. (3/186)
ثم كانت الأخرى لمحمد بن البعيث، وذلك أن محمداً كان في قلعة له حصينة تسمى الشاهي، كان ابن البعيث قد أخذها من ابن الرواد، وهي من كورة أذربيجان، وله حصن آخر من أذربيجان يسمى تبريز، وكان مصالحاً لبابك، تنزل سراياته عنده، فيضيفهم حتى أنسوا به؛ ثم إن بابك وجه قائداً اسمه عصمة من أصبهبذيته في سرية، فنزل بابن البعيث، فأنزل له الضيافة على عادتهأن واستدعاه له في خاصته ووجوه أصحابه، فصعد فغذاهم، وسقاهم الخمر حتى سكروأن ثم وثب على عصمة، فاستوثق منه، وقتل من كان معه من أصحابه، وأمره أن يسمي رجلاً رجلاً من أصحابه، فكان يدعوالرجل باسمه، فيصعد، فيضرب عنقه، حتى علموا بذلك بهربوأن وسير عصمة إلى المعتصم، فسأل المعتصم عصمة عن بلاد بابك، فأعلمه طرقه ووجوه القتال فيهأن ثم ترك عصمة محبوسأن فبقي إلى أيام الواثق.
ثم أن الأفشين سار إلى بلاد بابك، فنزل برزند، وعسكر بهأن وضبط الطرق والحصون فيما بينه وبين أردبيل، وأنزل محمد بن يوسف بموضع يقال له خش، فحفر خندقاً وأنزل الهيثم الغنوي برستاق أرشق، فأصلح حصنه، وحفر خندقه؛ وأنزل علويه الأعور، من قواد الأبناء، في حصن النهر مما يلي أردبيل، فكانت والقوافل تخرج من أردبيل ومعها من يحيمها، حتى تنزل بحصن النهر، ثم يسيرها صاحب حصن النهر إلى الهيثم الغنوي، فيلقاه الهيثم بمن جاء إليه من ناحية في موضع معروف لا يتعداه أحدهم إذا وصل إليه، فإذا لقيه أخذ ما معه، وسلم إليه ما معه، ثم يسير الهيثم بمن معه إلى أصحاب أبي سعيد، فيلقونه بمنتصف الطريق، ومعهم من خرج من العسكر، فيتسلمون ما مع الهيثم ويسلمون إليه ما معهم، وإذا سبق أحدهم إلى المنتصف لا يتعداه، ويسير أبوسعيد بمن معه إلى عسكر الأفشين فيلقاه صاحب سيارة الأفشين، فيتسلمهم منه، ويسلم إليه من صحبه من العسكر، فلم يزل الأمر على هذا.
وكانوا إذا ظفروا بأحد من الجواسيس حملوه إلى الأفشين، فكان يحسن إليهم، ويهب لهم، ويسألهم عن الذي يعطيهم بابك، فيضعفه لهم، ويقول لهم: كونوا جواسيس لنأن فكان ينتفع بهم.
ذكر وقعة الأفشين مع بابك
وفيها كانت وقعة الأفشين مع بابك، قتل من أصحاب بابك خلق كثير.
وكان سببها أن المعتصم وجه بغا الكبير إلى الأفشين، ومعه مال للجند، والنفقات، فوصل أردبيل، فبلغ بابك الخبر، فتهيأ هووأصحابه ليقطعوا عليه قبل وصوله إلى الأفشين، فجاء جاسوس إلى الأفشين، فأخبره بذلك، فلما صح الخبر عند الأفشين كتب بغا أن يظهر أنه يريد الرحيل، ويحمل المال على الإبل، ويسير نحوه، حتى يبلغ حصن النهر، فيحبس الذي معه، حتى يجوز من صحبه من القافلة، فإذا جازوا رجع بالمال إلى أردبيل.
ففعل بغا ذلك، وسارت القافلة، وجاءت جواسيس بابك إليه، فأخبروه أن المال قد سار فبلغ النهر، وركب الأفشين في اليوم الذي واعد فيه بغأن عند العصر، من برزند، فوافى خش مع غروب الشمس، فنزل خارج خندق أبي سعيد، فلما أصبح ركب سرأن ولم يضرب طبلأن ولم ينشر غلمأن وأمر الناس بالسكوت وجد في السير، ورحلت القافلة التي كانت توجهت ذلك اليوم من النهر إلى ناحية الهيثم، وتعبى بابك في أصحابه، وسار على طريق النهر، وهويظن أن المال يصادفه، فخرجت خيل بابك على القافلة، ومعها صاحب النهر، فقاتلهم صاحب النهر، فقتلوه، وقتلوا من كان معه من الجند، وأخذوا جميع ما كان معهم، وعلموا أن المال قد فاتهم، وأخذوا علمه ولباس أصحابه، فلبسوها وتنكروا ليأخذوا الهيثم الغنوي ومن معه أيضأن ولا يعلمون بخروج الأفشين، وجاؤوا كأنهم أصحاب النهر، فلم يعرفوا الموضع الذي يقف فيه علم صاحب النهر، فلم يعرفوا الموضع الذي يقف فيه علم صاحب النهر، فوقفوا في غيره. (3/187)
وجاء الهيثم فوقف في موضعه وأنكر ما رأى، فوجه ابن عم له، فقال له: اذهب إلى هذا البغيض فقل له لأي شيء وقوفك، فجاء إليهم فأنكرهم، فرجع إليه فأخبره، فأنفذ جماعة غيره، فأنكروهم أيضأن وأخبروه أن بابك قد قتل علويه، صاحب النهر، وأصحابه، وأخذ أعلامهم ولباسهم، فرحل الهيثم راجعأن ونجى القافلة التي كانت معه، وبقي هووأصحابه في أعقابهم حامية لهم حتى وصلت القافلة إلى الحصن، وهوأرشق، وسير رجلين من أصحابه إلى الأفشين وإلى أبي سعيد يعرفهما الخبر، فخرجا يركضان، ودخل الهيثم الحصن، ونزل بابك عليه، ووضع له كرسي بحيال الحصن، وأرسل إلى الهيثم أن خل الحصن وانصرف، فأبى الهيثم ذلك، فحاربه بابك وهويشرب الخمر على عادته والحرب مشتبكة.
وسار الفارسان، فلقيا الأفشين على أقل من فرسخ، فقال لصاحب مقدمته: أرى فارسين يركضان ركضاً شديدأن ثم قال: اضربوا الطبل، وانشروا الأعلام، واركضوا نحوهما وصيحوا لبيكما لبيكما! ففعلوا ذلك، وأجرى الناس خيلهم طلقاً واحدأن حتى لحقوا بابك وهوجالس، فلم يطق أن يركب، حتى وافته الخيل، فاشتبكت الحرب، فلم يفلت من رجاله بابك أحد، وأفلت هوفي نفر يسير من خيالته، ودخل موقان وقد تقطع عنه أصحابه، ورجع عنه الأفشين إلى برزند.
وأقام بابك بموقان، وأرسل إلى البذ، فجاءه عسكر، فرحل بهم من موقان، حتى دخل البذ، ولم يزل الأفشين معسكراً ببرزند، فلما كان في بعض الأيام مرت قافلة، فخرج عليها أصبهنذ بابك، فأخذها وقتل من فيهأن فقحط عسكر الأفشين لذلك، فكتب الأفشين إلى صاحب مراغة بحمل الميرة وتعجيلهأن فوجه إليه قافلة عظيمة، فيها قريب من ألف ثور، سوى غيرها من الدواب، تحمل الميرة، ومعها جند يسيرون بهأن فخرج عليهم سرية لبابك، فأخذوها عن آخرهأن وأصاب العسكر ضيق شديد، فكتب الأفشين إلى صاحب شيروان يأمره أن يحمل إليه طعامأن فحمل إليه طعاماً كثيرأن وأغاث الناس، وقدم بغا على الأفشين بما معه.
ذكر بناء سامرا
وفي هذه السنة خرج المعتصم إلى سامرا لبنائهأن وكان سبب ذلك أنه قال: إني أتخوف هؤلاء الحربية أن يصيحوا صيحة فيقتلوا غلماني، فأريد أن أكون فوقهم، فإن رابني منهم شيء أتيتهم في البر والماء، حتى آتي عليهم، فخرج إليهأن فأعجبه مكانها.
وقيل كان سبب ذلك أن المعتصم كان قد أكثر من الغلمان الأتراك، فكانوا لا يزالون يرون الواحد بعد الواحد قتيلأن وذلك أنهم كانوا جفاة، يركبون الدواب، فيركضونها إلى الشوارع، فيصدمون الرجل والمرأة والصبي، فيأخذهم الأبناء عن دوابهم، ويضربونهم، وربما هلك أحدهم فتأذى بهم الناس.
ثم إن المعتصم ركب يوم عيد، فقام إليه شيخ فقال له: يا أبا إسحاق! فأراد الجند ضربه، فمنعهم وقال: يا شيخ ما لك، ما لك؟ قال: لا جزاك الله عن الجوار خيرأن جاورتنا وجئت بهؤلاء العلوج من غلمانك الأتراك، فأسكنتهم بيننأن فأيتمت صبياننأن وأرملت بهم نسواننأن وقتلت رجالنا؛ والمعتصم يسمع ذلك، فدخل منزله، ولم ير راكباً إلى مثل ذلك اليوم، فخرج، فصلى بالناس العيد، ولم يدخل بغداد، بل سار إلى ناحية القاطول، ولم يرجع بغداد.
قال مسرور الكبير: سألني المعتصم أين كان الرشيد يتنزه إذا ضجر ببغداد، قلت: بالقاطول، وكان قد بنى هناك مدينة آثارها وسورها قائم، وكان قد خاف من الجند ما خاف المعتصم، فلما وثب أهل الشام بالشام وعصوا خرج إلى الرقة فأقام بهأن وبقيت مدينة القاطول لم تستتم.
ولما خرج المعتصم إلى القاطول استخلف ببغداد ابنه الواثق، وكان المعتصم قد اصطنع قوماً من أهل الحوف بمصر، واستخدمهم، وسماهم المغاربة، وجمع قوماً من أهل الخوف بمصر، واستخدمهم، وسماهم المغاربة، وجمع خلقاً من سمرقند، وأشروسنة، وفرغانة، وسماهم الفراغنة، فكانوا من أصحابه، وبقوا بعده. وكان ابتداء العمارة بسامرا سنة إحدى وعشرين ومائتين.
ذكر قبض الفضل بن مروان
وكان الفضل بن مروان من البردان، وكان حسن الخط، فاتصل بيحيى الجرمقاني، كاتب المعتصم، قبل خلافته، فكان يكتب بين يديه، فلما هلك الجرمقاني، صار موضعه، وسار مع المعتصم إلى الشام، ومصر، فأخذ من الأموال الكثير، فلما صار المعتصم خليفة كان اسمها له، وكان معناها لفضل، واستولى على الدواوين كلهأن وكنز الأموال. (3/188)
وكان المعتصم يأمره بإعطاء المغني والنديم، فلا ينفذ الفضل ذلك، فثقل على المعتصم، وكان له مضحك اسمه إبراهيم، يعرف بالهفتي، فأمر له المعتصم بمال، وتقدم إلى الفضل بإعطائه، فلم يعطه شيئأن فبينا الهفتي يوماً عند المعتصم، يمشي معه في بستان له، وكان الهفتي يصحبه قبل الخلافة، ويقول له فيما يداعيه: والله لا تفلح أبداً؛ وكان مربوعاً بدينأن وكان المعتصم خفيف اللحم، فكان يسبقه، ويلتفت إليه ويقول: ما لك لا تسرع المشي؟ فلما أكثر عليه من ذلك قال الهفتي مداعباً له: كنت أراني أماشي خليفة، واليوم أراني أماشي فيجاً، والله لا أفلحت أبداً! فضحك المعتصم وقل: وهل بقي من الفلاح شيء لم أدركه بعد الخلافة؟ فقال: أتظن أنك أفلحت؟ لا والله، ما لك من الخلافة إلا اسمهأن ما يتجاوز أمرك أذنيك، إمنا الخليفة الفضل؛ فقال: وأي أمر لي لم ينفذ؟ فقال الهفتي: أمرت لي بكذا وكذا منذ شهرين، فما أعطيت حبه، فحقدها على الفضل.
فقيل أول ما أحدثه في أمره زماماً في نفقات الخاصة، وفي الخراج، وجميع الأعمال، ثم نكبه وأهل بيته في صفر، وأمرهم بعمل حسابهم، وصير مكانه محمد بن عبد الملك الزيات، فنفى الفضل إلى قرية في طريق الموصل تعرف بالسن، وصار محمد وزيراً وكاتباً.
وكان الفضل شرس الأخلاق، ضيق العطن، كريه اللقاء، بخيلأن مستطيلاً، فلما نكب ثشمت به الناس، حتى قال بعضهم فيه:
لبيك على الفضل بن مروان نفسه ... فليس له باك من الناس يعرف
لقد صحب الدنيا منوعاً لخيرها ... وفارقها وهوالظلوم المعنف
إلى النار فليذهب، ومن كان مثله ... على أي شيء فاتنا منه نأسف؟
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة سير عبد الرحمن ملك الأندلس جيشاً إلى طليطلة، فقاتلوهأن فلم يظفروا بها. وحج بالناس صالح بن العباس بن محمد.
وفيها توفي سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس أبوأيوب الهاشمي، وعفان بن مسلم أبوعثمان الصفار البصري، وكان موته ببغداد وله خمس وثمانون سنة، وهومن مشايخ البخاري؛ وتوفي فتح الموصلي الزاهد، وكان من الأولياء والأجواد؛ ومحمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي، عليه السلام، توفي ببغداد، وكان قدمها ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون، فدفن بها عند جده موسى بن جعفر، وهوأحد الأئمة عند الإمامية، وصلى على الواثق، وكان عمره خمساً وعشرين سنة، وكانت وفاته في ذي الحجة، وقيل في سبب موته غير ذلك.

This site was last updated 07/14/11