Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

محــــاولة الإصــــلاح بواسطة المجلس الملى ومعارضة البابا

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
إنشاء المجلس الملى
بداية الصراع
الإصلاح ومعارضة البابا
نفى البابا كيرلس 5
عودة البابا من المنفى

Hit Counter

 

المجمع المقدس يصدر قرارا بإعتبار أن فكرة المجلس الملى مخالف لتعاليم الإنجيل :

وقام البابا على الفور بتشكيل مجمع إكليريكى مقدس حتى يضمن تجميع رجال الإكليروس وراءه من الأساقفة ورؤساء الأديرة ورؤساء الشريعة وتقول المؤرخة الإنجليزية مسز بتشر (1) : "  وبعدئذ عقد مجمعاً مقدساً من تلقاء نفسه (مجمع أساقفة) حضره جميع أساقفة البلاد ورؤساء الأديرة ورؤساء الكنائس الكبرى , ولما تم إجتماعهم قدم لهم ورقة ليوقعوا عليها ولم يمكننا معرفة موضوعها ولكننا نظن أنه طلب فيها منهم مساعدته ضد طالبى الإصلاح ... فختموا تلك الورقة المقدمة لهم بدون قراءة ما بها إلا أن بعض القسوس المتعلمين وذوى الدراية قد رفضوا المصادقة عليها , وفى مقدمة اولئك القسوس كان أبونا فيلوثاؤوس رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى المشهور لدى الأقباط بسعة علمه ودرايته وأبونا بطرس إيغومانس كنيسة الفجالة وأبونا يوسف إيغومانس ببابليون وأبونا بشوى إيغومانس كنيسة حارة زويلة وأبونا عبد الملاك إيغومانس كنيسة ابو سيفين "   . , وتم الإجتماع فى الكنيسة المرقسية الكبرى بالقاهرة للنظر فى :  قضية هل تكوين وتشكيل المجلس الملى يتوافق مع الإنجيل .. وطلب البابا منهم إعطاءه القرار النهائى الذى سيتوصلون له فى هذا الموضوع وذلك بتطبيق نصوص الكتب المقدسة , والقوانين الرسولية الدائمة المعمول بها فى الدين المسيحى والكنائس الأرثوذكسية من عهد السيد المسيح حتى ألان

وظل المجمع المقدس فى حالة أنعقاد مستمر , وقام المجمع المقدس بدعوه دعاه تشكيل المجلس الملى والمقتنعين بفكرته لمناقشتهم فيما يدعون إليه , ولكن هؤلاء رفضوا الذهاب لمناقشتهم لما حدث من قبل من البابا ودعوته للبوليس , وأكتفى المجمع المقدس بأن كرروا دعوتهم مرة ومرتين , ثم ناقشوا الأمر وأصدروا قرارهم بأن فكرة إنشاء المجلس الملى والقوانين الكنسية , فهذه القوانين كما رأى الآباء الأساقفة - تعطى الأب البطريرك : " تفويضاً كاملاً فى كل الأمور العامة بما فيه تنفيذ الأحكام وقطع المنازعات وتقدير الهطاء للمستحقين "

وقال المجمع أيضا فى قراراته أن : " تداخل أحد من الشعب فى تدبير أمور الكنيسة ومتعلقاتها فى شكل مجالس أو بأى شكل هو مخالف للأوامر الإلهية والنصوص الرسولية " ذلك أن أنشاء هذا المجلس هو سلب لحقوق الكنيسة وشرف رؤسائها المأمور بها من الإله وتسليم شعبها لقيادة من لم تكن لهم السلطة " .

وصرح البابا كيرلس الخامس فى نهاية جلسة المجمع المقدس أنه يرى إستدعاء بعض أولاده الكهنة للنظر فى الأحداث التى تعيشها الكنيسة , وأنه قد يستدعى بعض كبار الطائفة من العلمانيين أيضاً , وسوف يقوم بما يراه مناسباً فى الوقت المناسب .

وطبع قرار المجمع المقدس ووزع على جميع كنائس مصر , ورفع إلى الخيديوى .

وحتى يضمن البابا كيرلس الخامس أن تكون الحكومة فى جانبة سافر البابا إلى الإسكندرية حيث كان الخديوي توفيق فى المقر الصيفى له بالإسكندرية , فقابلة وعرض الأمر , وسرت إشاعات أن قال له بعض أسرار حول اهداف الذين يطلبون إنشاء المجلس الملى , فطيب الخديوى خاطره وتقول المؤرخة الإنجليزية مسز بتشر (2) عما تم فى المقابلة : " فنصح الخديوى البابا القبطى بكل إحترام بأن يسلم لإرادة ومطالب الشعب وبين له أنه هو نفسه واقع فى مثل هذه التجربة وقيل أن جناب الخديوى قال له ( قبل إحتلال الإنجليز لهذه الديار حكمت شعبى بمجرد إرادتى وأميالى ولم يكن لواحد أن يسألنى أو يحاسبنى على ما أعمل , لأنى كنت أعد من الظلم أن يقاد الحاكم لسلطة تراقبة , أما اليوم فقد تيقنت أن طريقة الأحكام الجديدة وهى طريقة الشورى صالحة لأمتى وعليه ترانى لا أقاوم هذه الطريقة مطلقاً بل أجتهدت فى تعليمها وخضعت للذين يريدون مساعدتى لحكم أمتى بلحكم أمتى بطريقة توافقها فإذهب أنت وأفعل مثلى ولكن لسوء الحظ توفى توفيق باشا بعد قليل " .

وسمع أصحاب الدعوه إعادة إنشاء المجلس الملى بما قام به البابا فسافروا إلى الإسكندرية فى اليوم التالى وقابلهم الخديوى أيضاً وإستمع لهم طويلاً وهم يوضحون ما وجدوه من مخالفات وأملهم فى إصلاح ما تلف , فشعر الخديوى أن هناك مشكلة وليس مجرد أهداف للوصول إلى سلطة أو مكانه فقال لهم : " لا مانع لديه من تشكيل المجلس ولكن ذلك يجب أن يكون بموافقة البطريرك ورضاه "

 

المطالبين بالإصلاح يشكلون جمعية التوفيق القبطية :

 

وكان إصرار المطالبين بإصلاح إدارة الكنيسة لا يشوبه يأس , وقرروا أن يدخلوا المعركة ويواصلوا الضغط إلى نهاية طريق الذى كان محفوف بالمشاكل السياسية وتداخل سلطات خارجية .

وتجمعوا فى مصر بعد عودتهم وشكلوا جمعية أسموها : " جمعية التوفيق القبطية " وكان اختيار الإسم ذكاءاً فى حد ذاته , وأخذت الجمعية المشكلة حديثاً تنقد التصرفات الإدارية للكنيسة وحتى يكون للشعب القبطى العلم بما وجدته من مخالفات أصدرت مجلة لهم , ولكنها بدأت تتجه إتجاهاً آخر إذ إمتلأت صفحاتها تدريجياً بالهجوم على البطريركية , وهاجموا التدهور التعليمى وإدارة المدارس القبطية , هاجموا حالة الأديرة الفقيرة ونددوا بإدارة الأوقاف والتصرف فى عائداتها بما لا يعود بالنفع على الأديرة ذاتها , وذهبوا إلى أبعد من ذلك فى أنهم نقدوا الرهبان والإكليروس .. أى أن ملخص الكلام أنه يجب أن يكون هناك مجلس لمراقبة هذه الأعمال الإدارية التى ملك للأقباط كلهم وليست ملكاً لرئيس الدير أو لأسقف أو حتى للبابا .. لأن كل هؤلاء إنما خدماتهم تنحصر فى الخدمة .. وهذا المجلس فى رأيهم هو حل لجميع المشاكل التى أكتشفت فى إدارة الأوقاف هو إعادة تشكيل المجلس الملى مرة أخرى , وبدأت الفكرة تنتشر كما تنتشر النار فى الهشيم .

وتحدت جمعية التوفيق البابا كيرلس الخامس فى إصرار لإنشاء المجلس الملى , ونشرت مقالات لم توقر فيها مركزه الدينى فكتب للديوان الخديوى يطلب منعها من الصدور فلم يرد عليه (3)

ويعتقد أن الكنيسة اوحت للبعض بإنشاء جمعية أخرى لمعارضة فكرة إنشاء المجلس الملى وتبنى أفكار البابا كيرلس فى هذا الموضوع , فتكتل المعارضون وأنشأوا جمعية أخرى أسموها " الجمعية الأرثوذكسية " , وشكلت خصيصاً للرد على جمعية التوفيق وقد قالت المؤرخة الإنجليزية بتشر (4) : " وأسس البطريرك جمعية أخرى ضد جمعية التوفيق القبطية وسمعا جمعية الحق (الأرثوذكس) ", وقامت حرب المقالات بين المجلات التابعة الجمعيتين وأستمرت ساخنة لعدة شهور ..

وأتسع الشقاق وتطور إلى مرحلة أعلى من مجرد حرب كلامية فى المجلات إلى أن أصبحت معركة سياسية منظمة , فبدأ أعضاء جمعية التوفيق القبطية بتشكيل فروع لجمعيتهم فى المدن الكبرى مثل الإسكندرية والمنيا وأسيوط , وأستطاعوا أن يضموا إلى صفوفهم بعض من رجال الإكليروس أنفسهم من الذين يبغون الإصلاح ومن من الأقباط لا يبغى الإصلاح لكنيسته , وكان على رأسهم الإيعومانس المشهور فيلوثاؤس عوض رئيس الكنيسة المرقسية الكنيسة الرئيسة فى مصر وأكبرها .

وطوروا أساليب مطالبتهم بتشكيل المجلس الملى بصورة جديدة حيث أستخدموا عرائض الشكاوى وبرقيات التلغراف فى المطالبة بتنفيذ رغبتهم فى وقت الديمقراطية حيث كانت الحكومة والسلطة تنظر غليها بعين الإعتبار وتحاول الحكومة حل المشاكل وليس التعتيم عليها كما يحدث الآن .

وفى صيف 1892 م وكان قد تسلم الحكم عباس حلمى الثانى توجه بطرس غالى باشا إلى الإسكندرية وقابل الخديوى ليأخذ له أذنا بالسفر إلى أوربا وتقابل مع الخديوى فذكر أمامه النزاع الطائفى الحاصل فأجابه بطرس باشا بأنه لا يمكن أن يهنأ مالم يشكل المجلس وعرض عليه بطرس غالى باشا رغبة أبناء الطائفة بتشكيل المجلس الملى من جديد وكانت المفاجأة أن الخديوى أستجاب لطلبه وأمر بإتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة تشكيل المجلس مرة أخرى فصدر الأمر لبطرس باشا بتأخير سفره ليسعى فى تشكيل المجلس . 

  وعاد بطرس باشا غالى إلى القاهرة وأبلغ البابا هذا القرار وكان مقيماً بدير العدوية الكائن بجنوب القاهرة وإستدعى إلى القائمقام رئيس مجلس النظار فتوجه إليه وبصحبته القمص تادرس مينا أحد القسوس البطريركية فوجد معه بطرس غالى باشا وطالت المناقشة بينهما والبطريرك مصر على موقفه ولما أنسدت سبل التفاهم أبلغه الوزير القائم بالأمر الذى صدر النطق العالى به بضرورة تشكيل المجلس ولا بد من تنفيذه بالقوة .

ورجع البابا للدار البطريركية وكتب رسائل للديوان الخديوى يطلب تعديل الأمر كما كتب أيضاً لمختار باشا المندوب العالى العثمانى وغيرهما من أولى الشأن .

وفى مساء يوم 28 يونيو 1892 م بدلاً من توجيه الدعوه بإسم البابا كيرلس الخامس وجه الدعوة بإسمه إلى 500 من أعضاء الشعب القبطى للإجتماع فى الدار البطريركية لإنتخاب أعضاء المجلس الملى وحدد ميعاد الإجتماع آخر يونيوا موعداً للإجتماع وأنقلب الحال وبدلاً من أن ترسل وزارة الداخلية البوليس ليمنع الأقباط من دخول البطريركية أرسلت وزارة الداخلية مندوباً عنها لحضورالإجتماع لمراقبة عملية الإنتخابات وضمان حيادها , كما أرسلت محافظة القاهرة عدداً من رجال الشرطة لكيلا يحضر مغرضون من المعارضين ويشتبكون فى صراع بالأيدى مما مما يعكر صفوا الإنتخابات والهدف الذى جاء من أجله المجتمعون وذهب بطرس غالى إلى الدار البطريركية ومنع دخول البطريركية إلا لمن يحملون الدعوة وصرف تلاميذ المدرسة القبطية وأساتذتها كما صرف خدم البطريركية أيضاً حتى يخلى المكان لإنتخابات المجلس الملى .

فأرسل البابا يستنجد بالمعية السنية فلم يرد عليه الخديوى .

وأقبل محافظ القاهرة وطلب من غبطة البابا أن يقبل الرئاسة والإشراف على المجلس وأنتخاباته فأبى فقام المحافظ إلى المجلس المعد للإنتخاب بالمدرسة الكبرى وإفتتح الحفلة بإسم الحضرة الفخيمة الخديوية وبدئ بالإنتخابات .

وأسفر الإجتماع الحر للأقباط لأول مرة فى التاريخ القبطى عن إختيار 24 عضواً للمجلس الملى ..وهم :

بصفة أعضــــــــاء :

" بطرس باشا غالى , حنا بك نصر الله , بطرس بك يوسف , مقار بك عبد الشهيد  , قلينى بك فهمى , خليل أفندى إبراهيم , يوسف بك وهبة , يوسف أفندى سليمان , حنا بك باخوم , بخلة بك الباراتى , حبشى أفندى مفتاح , يعقوب أفندى نخلة روفيلة .

بصفة نواب أعضـــــــاء :

باسيلى بك تادرس , عبد المسيح بك حبشى , إبراهيم أفندى منصور , وهبة أفندى يوسف عبده , رفلة أفندى جرجس , مرقس أفندى سميكة , إبراهيم بك روفائيل الطوخى , باسيلى أفندى روفائيل الطوخى , فرج أفندى إبراهيم , بطرس أفندى أبادير , يعقوب أفندى نخلة يوسف , عوض بك سعد الله ز

كان من أبرزهم وجوه وعظماء الطائفة القبطية فى ذلك الوقت .. وقد إرتفعت شعبيتهم فى مصر بعد ذلك حتى أن إثنان منهم تولى رئاسة الوزارة وهم بطرس غالى و يوسف وهبة وتولى ثالث الوزارة وهو مرقس سميكة الذى يرجع له الفضل فى إنشاء المتحف القبطى بالقاهرة , وقد لوحظ أن أربعه من المنتخبين كانوا من أعضاء مجلس إدارة جمعية التوفيق القبطية كما لوحظ أيضاً أن كل المنتخبين بلا إستثناء كانوا من علية القوم ومن المتعلمين المثقفين المفكرين فكان معظم أعضائه من ألمع رجال القانون والقضاء والمال والإدارة ليس فى داخل الطائفة القبطية فحسب بل فى مصر كلها مسلمين وأقباطاً .

كيف عارض البابا كيرلس الخامس إعادة تشكيل المجلس الملى ؟

(1) ولم يحضر البابا هذا الإجتماع الذى أدى إلى إنتخاب المجلس الملى ولم يترأسه كما تقضى بذلك لائحة المجلس الملى .

(2) وقام البابا بإرسال رسالة منه إلى الشعب القبطى أرفقها بالقرار الذى كان المجلس الملى أصدره من قبل والذى يقول فيه أن تشكيل مجلس علمانى لإدارة الشئون الإدارية للطائفة خروجا عن تعاليم المسيحية وكسراً للقوانين الكنسية .

وقال البابا كيرلس الخامس فى رسالته أن قرار المجمع المقدس يعتبر قانوناً كباقى قوانين الآباء ومن المحتم والضرورى إتباعه والعمل بمقتضاة على مر الدهور والأزمان " وطالبهم بقراءة قرار المجمع المقدس فى كافة الكنائس على الكهنة والشعب وفى النهاية قال : " ومن يخالف نصوصة أو يعارض فيها فيكون خالف الله تعالى "

وتزعم البابا حركة دعائية مستغلاً منبر الكنيسة ضد أعضاء حركة الإصلاح وضد أنتخاب أعضاء المجلس الملى وإنهالت العرائض على الخديوى عباس تطالب بإيقاف عملية الإنتخاب وقامت الجمعية الأرثوذكسية التى تمشى فى ركاب البابا إرسال التلغرافات , ولكن تمت الإنتخابات بالرغم من المعارضة القوية .

(3) ورفض البابا حضور جلسات المجلس الملى وبادر بالسفر الإسكندرية وإلتقى بوكيل البطريركية ومطران الإسكندرية فى نفس الوقت وأسمه الأنبا يؤنس وتشاورا فى الأمر .

(4) ويعتقد أن غرض البابا من السفر إلى الإسكندرية كان الإتصال بالخديوى بشأن موضوع المجلس الملى وتهنئته بعيد الأضحى , فتوجه البطريرك ومعه مطران الإسكندرية إلى سراى رأس التين , لكى يهنئ الخديوى عباس حلمى الثانى ( الصورة المقابلة )  بعيد الأضحى كالعادة , وفوجئا بمن هو فى السراى ينبه عليهما بعدم حضور التشريفة لأن الخديوى يرفض أستقبالهما , وكان الموقف فى حد ذاته يعنى به أنه غير راض عن أعمال البابا كيرلس الخامس وموقفه الرافض لقرار إحياء المجلس الملى وتحريضه الأقباط ضد القرار وما ترتب عليه من إجراءات وكان فى الغالب يخضع لمشورة بطرس غالى باشا فى هذا الأمر فصعد الأزمة , كان الموقف كأنه صفعه أليمه حملها الأسد العجوز فى صمت ولكنه راح يزأر فى عرينه أقصد الكنيسة القبطية .

(5) فبادر البابا بتحرير رسالة حادة أرسلها إلى جميع الكنائس  لتقرأ على الشعب القبطى , وقد بدأها بآية حزينة من الكتاب المقدس هى : " أبو الرأفه , وإله كل تعزية , الذى يعزينا فى كل ضيقنا , حتى نستطيع أن نعزى الذين هم فى كل ضيقة بالتعزية التى نتعزى بها من الرب " وفى هذه الرسالة هاجم البابا جمعية التوفيق هجوماً حاداً وحذر الشعب من الإنصياع إلى أفكارها المدمرة التى على حد تعبيره : " تحدث الشقاق والشكوك خلافاً للتعاليم " ودعاهم فى الرسالة إلى : " الثبات وعدم الجزع أو الفزع "

(6) البابا يتهم المطالبين بالمجلس الملى بأنهم نبذوا الأرثوذكسية :

ووضع البابا رتبته الدينية كرئيس للكنيسة ضد عودة المجلس الملى للنشاط فكتب رسائل إلى الصحف تتضمن طلباً بالحوار علنا مع دعاه عودة المجلس , فكتب إلى جريدة الوطن مقالاً يذكر فيه أن الذين يوقعون فى الأقاليم بطلب المجلس يوقعون تحت التهديد , ومن بينهم عدد كبير من الأقباط الذين نبذوا الديانة الأرثوذكسية ولم يعودا تابعين للأرثوذكسية , ونفى البابا فى مقالته أن القسس والكهنة وقعوا على طلب المجلس , وذكر أن الموقعين منهم قد خعوهم وأفهموهم خطأ أن البطريرك وافق على ذلك .

وذهب البابا بالموضوع بعيداً وخطيراً يصل إلى حد الإدانه بأنه إتهم دعاة فكرة المجلس أنهم : " أصحاب غايات خبيثة " وأكد أنهم يهدفون إلى : " سلب أموال الكنائس والأديرة وتفريق أبناء الملة وهو أمر مستتر بينهم " ولم يكن هذا الإتهام  الخطير الذى يعنى أن لهم غرض "لسرقة" الكنيسة ليصدر من بابا له مركزا قدسياً فى أعين الناس .. خاصة أن دعاة المجلس الملى إناس لهم وزنهم فى المجتمع من حيث الغنى والجاة والثروة .

ولم يكتفى البابا بمهاجمة أبناءه وإتهامهم بهذا الإتهام إلا أنه وجه كلمات تحدى إلى سلطة الحكومة وهكذا جمع كل مخالفيه فى سلة واحدة ضده فأكد فى رسالته أن .. زعم دعاة المجلس بأن الحكومة تستطيع فرضه على الكنيسة رغم أنف البطريرك , وهو زعم مستحيل .. " لأن مسائل البطريكخانة ليست سياسية بل هى دينية كنائسية شرعية جارية بمقتضى قوانين وشرائع , وأن الحكومة ليس لها صالح من ذلك : " عدا الأمور التى يحتاج الحال أن نعرض عنها لإنتظام الهيئة وراحة العموم " .

وما أن بدأ المجلس الملى بإنشاء مجالس ملية فرعية فى الأقاليم التى بها  أسقفيات حتى زادت لهجة البابا حدة , فبدأت جمعية التوفيق القبطية بعقد إجتماعات فى كنائس الأقاليم لأنتخاب المجالس الملية الفرعية , وتابعت الصحف الكبرى مثل الأهرام نشر أنباء هذه الإنتخابات الحرة , وقرأ البابا ما ينشر عنها , فقام بإصدار بيانات تكذيب يوجهها إلى الشعب القبطى وفيما يلى ما علق به البابا كيرلس الخامس على هذه الإجتماعات التى أدت إلى إنتخاب المجالس الملية الفرعية :-

فعندما ذكرت جريدة الأهرام القاهرية أن المجلس الملى فى المنيا قد أنتخب بحضور حوالى أربعمائة مسيحى قبطى .. قام البابا بتكذيب الخبر وقال انهم أربعون فقط .

وعندما ذكرت جريدة الأهرام أن مجلس ملى أسيوط قد أنتخبه جمعية عمومية حضرها ألفان , أجاب البابا ساخراً : " أن الكنيسة تسع 500 فرد بالكاد " .

وبينما الإتهامات بين الطرفين تتقاذفها صفحات الجرائد اليومية كان رجل الشارع المسيحى والمسلم يتابعها وهو مذهولاً , وأرعب البابا رجال الإكليروس حتى لا ينساقوا وراء التغيرات الجديدة فقال فى منشوراته : " أن أعضاء جمعية التوفيق القبطية يهاجمون القسس ورجال الإكليروس ويهددونهم بالعزل من مناصبهم " وقد قالت المؤرخة أيريس حبيب المصرى (5) : " ومما أورده خصوم الأنبا كيرلس الخامس فى دفاعهم عن وجود المجلس الملى إستناداً إلى الأسفار الإلهية أنهم قالوا : " ... سلطان الكهنة ... التى زعمت النشرة الأكليريكية أن الرسل مارسوه لم نقف على أثره فى التوراة اليسوعية والبروتستانتنية .. " وهنا يجب التمعن فى التعبير الغريب لأن الكتاب المقدس هو بعينه كتاب واحد لمختلف المسيحيين - فمن أين جاءوا بهذه الحجة ؟ وتقول المؤرخة الإنجليزية مسز بتشر (6) عن هذه الأخطاء : " ولما كان أعضاؤها (جمعية التوفيق القبطية) كباقى الشبان والرجال المتوقدين حرارة وغيرة على ملتهم تنحصر قواهم هذه فى حدود إختباراتهم العلمية والعالمية فقد صدرت منهم بعض الغلطات بطريق الخطأ إتخذها رجال الإكليروس فرصة سانحة فكبروها وهللوا بها وأولوها إلى مقاصد سيئة "

وفى المقابل نشر المجلس الملى الغسيل القذر الذى أكتشفوه عن أوقاف الأديرة التى أصبحت نهباً لبعض المرضى الجشعين من رجال الإكليروس من ذوى النفوذ !!

وعندما يستغل البابا منبر الكنيسة فى عرض وجهة نظرة فقط  فماذا يفعل الشعب .. فقد تحدث البابا متهماً مؤيدى المجلس الملى فقال متحدثاً عن دعاة الشغب الذين يقاطعون الصلاة فى الكنائس وقت قراءة منشورات البابا , وقراءة قرار المجمع المقدس ليحتجوا عليه ويفندوه غير مراعيين الإحترام الواجب لدور العبادة .

ومن عادة شعوب الشرق الأوسط إتهام الخصم بتهم كبيرة مثل الخيانة العظمى وغيرها فأطلق البابا هذا السهم الذى ظل فى آخر وقت لم يستخدمه إستخداماً فعليا , وكان هو الكارت الأخير لدية على مائدة معارك الإتهامات الكلامية بين الطرفين فقال : " إن دعاة المجلس مرتبطين مع المتمذهبين بمذاهب مخالفة لقواعد الكنيسة    وقال مؤكداً إتهامه أن أنصار المجلس الملى يثيرون العداوة ضد رجال الكهنوت : " وقال ان لديه نص رسالة أرسلها أحد أعضاء المجلس الملى لصديقا له .. وتضمن هذه الرسالة فقرة يفهم منها أن جمعيات التوفيق القبطية أصبحت لسان حال الملة ( شعب وقسس و أساقفة ) وفى الرسالة تحريض على إثارة البغض والعداء للإكليروس وهم يدعون إلى طردهم عن آخرهم , وأن عدد كبير من الذين أنضموا مع المجلس الملى تركوا الكنيسة القبطية وتحولوا إلى الكنيسة البروتستانتينة .

وعلق البابا فى سخرية بقوله : " إن دعاة المجلس الملى لا يريدون كما يزعمون مجرد الإصلاح .. لأنه لو كان الغرض هو عمل الخير والإصلاح فكان يمكن لهؤلاء أن يجمعوا من بعضهم اموالاً بدون إنتظار أموال الأديرة والكنائس "

الكنيسة الوطنية
البابا كيرلس الخامس.. يساند سعد زغلول في وجه الاحتلال

الجمهورية 12/12/2010م شريف نبيه
وقف البابا كيرلس الخامس في وجه الاحتلال وساند عرابي وسعد زغلول وحينما أراد أن ينهض بكنيسته من خلال الاكليريكية والمدارس والتربية الكنسية التي انشئت في عهده. اصطدم به بعض رجال الكهنوت وأعضاء المجلس الملي. فدسوا بينه وبين الخديو توفيق في أواخر القرن التاسع عشر فأمر بعزله في ديره البرموس وهنا ثار الشعب القبطي وبقي علي ولائه للشرعية الكنسية ورفض الصلاة في الكنائس التي يصلي فيها الكهنة والأسقف المحرومون وكانوا يعبرون النهار للصلاة في كنائس الجيزة بدلا من القاهرة حتي قام المخلصون من الاكليروس والاراخنة بحل الأزمة وعاد بعدها البطريرك بكل كرامة إلي مقره ليعفوا عن كل الذين خالفوا القانون الكنسي وأعلنوا توبتهم.
لكن الأزمة لم تلبث ان عادت من جديد حينما حاول البابا تعديل بنود لائحة المجلس الملي لكي تتوافق مع روح الخدمة الكنسية فما كان من بطرس غالي "الجد ورئيس الوزراء آنذاك" ان رد عليه قائلا: ولو تغير الإنجيل لن أغير لائحة المجلس الملي.
فلم يجد البابا ازاء هذا التصرف الغريب عن الروح المسيحية إلا ان أعلن له عدم ترحيبه برؤيته مرة أخري نظرا لما صدر منه من استهزاء بالكتاب المقدس وفي نفس اليوم تم اغتيال بطرس غالي الجد لأسباب سياسية "بالأخص مواقفه في السودان" ولم ير البابا وجهه مرة أخري!!

رأى المؤرخة الإنجليزية بتشر عن هذه المشكلة

أوردت المؤرخة بتشر (7) رأيها عما آل إليه الصراع بين الشعب القبطى والبابا من أجل الإصلاح فقالت : " غير أن الأحوال إزدادت إشكالاً وتعقيداً وصارت فى حالة معيبة ومشينة للطرفين لأن الغرض الأصلى من الإصلاح أصبح قاتماً مظلماً فى وقت الجهاد ضد اليد العليا أى البطريرك وسرعان ما وجه الإبهام إلا إلتجاء الحزبين الإكليركى والملى .. إلى سلطة الحكومة الإسلامية وهو الأمر المخالف تمام المخالفة لنص شريعة العهد الجديد

*******************************************************

المــــــــــراجع :

(1) تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع ص 392

(2) تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع ص 393

(3) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 635

(4)  تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع ص 391

(5) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الجزء الخامس ص 29

(6)  تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع ص 391

(7)  تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع ص293- 394

This site was last updated 12/13/10