Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

دير الشهيد أبو فام "دير فويبأمون" بالأقصر

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أديرة الأنبا يحنس
أديرة نتريا
باقى الأديرة المندثرة
كنائس دير ريفا
‏دير‏ ‏الأنبا‏ ‏أرميا‏ ‏بسفارة
دير ق . دميانة بالبلينا
دير الزجاج
دير أرسانيوس / دير البغل
دير الشهيد أبو فام "دير فويبأمون
دير القصير الملكى بشهران
دير مار يوحنا
دير نهيا
منطقة القلالى كليا جنوب دمنهور
أديرة أخرى
دير الأنبا توماس بالخطاطبة

 

دير الشهيد أبو فام بالأقصر : الدير البحرى
الدير البحري هو مجموعة من المعابد والمقابر الفرعونية الموجودة في حضن جبال الضفة الغربية من النيل بالأقصر. وتشمل ثلاث معابد هى معبد منتوحتب ، معبد حتشبسوت ومعبد تحتمس الثالث واكبرهم معبد الملكة حتشبسوت الذى يتكون من ثلاثة طوابق متدرجة يوصل بينهم منصات منحدرة للصعود والنزول.
سكن الرهبان الأقباط هذه المعابد المتسعة داخل الجبل وخارجه منذ القرن السادس الميلادى فأنشأوا داخلها الكنائس والقلالى والمطابخ وموائد الطعام، وكونوا منها ديراً عرف بـ "دير فويبأمون" ( الشهيد أبو فام الجندى) ولازالت تعرف إلى اليوم بأسم "الدير البحرى".
بقايا المباني القبطية بالدير البحري:
للأسف خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فقدنا اغلب آثار هذا الدير نتيجة أعمال الأثريين الغربيين فى التنقيب عن الآثار المصرية القديمة (الفرعونية) بهدف الوصول للمبانى الأصلية للمعابد ، فدمروا وازالوا المبانى التى اضافها الرهبان وطبقة البياض السطحية التى تحمل الرسوم المسيحية. ولم يهتم هؤلاء الباحثين حتى بتوثيقها، ثم تم رفع الرديم والتخلص منه مما ادى لزاوال بقايا المباني المهدمة.
فى خمسينات القرن الماضى حضر للدير البحرى بعثة بولندية اهتمت بتجميع ودراسة البقايا القليلة من آثار العصر القبطى بالدير البحرى. ومن خلال صور فوتوغرافية قديمة ورسوم يدوية مبسطة للدير امكن ملاحظة انه بالركن الجنوبي الشرقي لسطح المعبد كان يوجد مبنى مرتفع على شكل برج ، غالبا كان بمثابة حصن الدير، مقاساته عند القاعدة 4.70 × 5 ويصل ارتفاع الحصن ۱۰٫۹ م ، وحوائط هذا البرج كانت تضيق إلى أعلى وبها فتحات ، فيما عدا الواجهة الغربية ، وقد كان مكونا من ثلاثة طوابق ، تتصل فيما بينها عن طريق سلالم خشبية.
وإذا نظرنا إلى شمال السطح الأعلى تجد منشئين من الطوب اللبن ملاصقين للحائط الجنوبي لمقصورة الشمس الشمالية ، ويذكر الأثري نافيل Naville في تقرير الحفائر أنه وجد في هذا المبنى قدرا كبيرة من الطينة المحروقة (من الأواني الفخارية التي تستخدم في التسخين) ، لذلك يعتقد أن هذا الفراغ كان بمثابة المطبخ ، وإلى الغرب يوجد مبنى من المحتمل أن يكون المائدة وفي الجزء الجنوبي من السطح مبنى مصري قديم مكون من عدة عناصر هي : صالة توزيع تؤدي من جهة الشمال إلى المقصورات الملكية ، ومن الجنوب إلى مقصورة حتشبسوت من خلال.
الزخارف والرسومات القبطية على حوائط الدير البحري :
تم العثور علي أشكال عديدة من الصلبان مثل:
- صلبان علي شكل علامة عنخ الفرعونية ، يعلو ذراعي كل منها أفرع نباتية (غالبا فروع النخيل)
- مجموعة من الصلبان التي يطلق عليها نجمة سليمان (عقدة سليمان) باللون الأحمر . ونماذج أخري من الصلبان مرسومة باللون الأحمر ومزينة بزخارف لولبية بسيطة ، تتشابك أذرع الصليب الواحد بعدة فروع من النخيل والتي تحتضن بعض الرموز القبطية مثل إختصار لأسم يسوع المسيح وحرفى الألفا والاوميجا (أول وآخـر حـرف من الابجدية اليونانية).
- بعض أجـزاء من رسـوم أشـخـاص ، ربما تصـوير لأحـد الرهـبـان و شخص رافـعـاً ذراعـيـه في وضع الصـلاة .
ومن بين النصوص المنقوشة بالقبطية على الجدران هذا النص الذى يعود إلى القرن السابع/الثامن:
"اذا عوتبت احفظ هذا لنفسك
واذا كرمت ، أذكر خطاياك
التى أولها النسيان ، ثانيها الاهمال ، ثالثها الشهوة ورابعها النهم . ان الرحمة هي النور، والمجد هو البتولية
الشهادة هي ظلمك ، العمل الحسن فيه خلاص لكامل قلبك ، فالكنز النقي هو الصمت والحقيقة هي السلام".
القطع الأثرية التي وجدت اثناء الحفائر بالموقع :
عثر على بعض العناصر المعمارية مثل تيجان وقواعد الأعمدة . اجزاء من اثاث خشبي ، بعض الأفاريز التي كانت تزين أثاث خشبى وهي مزخرفة بعناصر هندسية ونباتية . وطابع هذه الزخارف يقترب من طراز الزخارف الحجرية الموجودة بمباني هذه المنطقة من نفس العصر مثل زخارف البازيليكا الموجودة داخل سور معبد دندرة ، وحفائر أرمنت وقفط والطود . كذلك عثر على العديد من الأواني الفخارية مثل الأطباق ، المسارج ، الأمـفـورات لحفظ النبيذ والزيت والعديد من أجزاء من أواني ملونة ومزخرفة بعناصر هندسية ونباتية . كما وجد أيضا بعض سدادات الأمفورات من الطينة ان تحـمل حـروف قبطيـة كـخـتم لمصـدر هذا المنتج الموجـود داخل هذه الأواني الفخارية.
- مـجـمـوعـة من تيجان الأعـمـدة من الحجر الرملي مـزخـرفـة بأوراق نبـاتيـة عريضة.
وقد عثر على اوستكرات فخارية عديدة (حاليا بالمتحف البريطاني) وصندوق من البرديات القبطية امكنها ان تعطينا فكرة عن الحياة الروحية والاقتصادية لرهبان الدير البحرى اذ احتوت على وصايا تسلم رئاسة الدير ومستندات اوقاف الدير... إلخ. ومن النصوص القبطية التي وردت على قطع الاوستراكا (الشقافة) ، التي تم العثور عليها أثناء الكشف عن معبد تحتمس الثالث بالدير البحري، خطاب من الأسقف أبراهام رئيس الدير موجه للقمص ديسقورس والقس يوسف ، يعود إلى بداية القرن السابع ، يقول فيه:
« قبل كل شيء ، السلام لأبنائكم ، فليبارككم الرب ، ها هو الحرم الذي أجريته على اغابيوس من المائدة المقدسة ، لأنه أخطأ بالمشاجرة داخل الكنيسة ، والآن قيل لي ان اغابيوس دخل إلى كنيسة كطاغية ظالم ، وتناول من الأسرار دون إذن ، والآن هو ملعون، وكذلك الشخص الذي أعطى له الأسرار في الكنيسة سواء كان قسا أو شماسا ، يصير (محروما) ، أعطوا هذا لأبنائي ديسقورس القمص ويوسف القس وذلك من طرفي أنا الأسقف أبراهام ."
كذلك فقد بينت الوثائق إمتلاك الدير لنشاط صناعي، هو صناعة الحبال ، وفي وثيقة بردية محفوظة بمتحف المتروبوليتان بنيويورك يطلب الدير إلى السلطات العربية الحصول على تصريح مرور لثلاثة رهبان حتى يتمكنوا من الذهاب إلى الفيوم لبيع إنتاجهم من الحبال هناك ، وهو ملمح من القيود الذمية التى كان الأقباط يعيشون تحتها.
وقد كان لدير فوبيامون عدة أنواع من الأملاك :
١ - الأراضي الزراعية والمراعي والنخيل.
۲ - الحيوانات.
٣- المساكن وقطع الأرضى المخصصة للبناء.
٤- النقود – الذهب - المعادن الثمينة.
وتشير الوثائق إلى كثير من الهبات والأوقاف للدير ، فهناك مثلا وثيقة بالمتحف المصري، تشير إلى تقدم أهالي منطقة "جيم" بوهب قطعة الأرض المقام عليها الدير لرهبان المكان لإقامة المباني اللازمة ، وهذه الوثيقة تعود غالبا إلى وقت إنشاء الدير نفسه . وكانت كثيراً من الأراضي الموهوبة للدير تقع بعيدا عنه أو في نطاقه ، كما أن شروط الهبة وتوزيع الأموال تختلف حالة لأخرى ، فبعض الوثائق تطلب تقسيم الموارد المالية للصرف في أوجه معينة ، فهناك عقد أبراهام وبقطر تلميذه وشخص يدعى أناتوليوس بخصوص حقل من الحقول المؤجرة لصالح الدير ، حيث يذكر العقد أن عائد الحقول يقسم إلى جزأين أحدهما لدفع ضريبة المزارعين والجزء الآخر لتغطية المصاريف.
نهاية الدير:
لا توجد وثيقة تبين صراحة سبب خراب الدير وهل حدث ذلك نتيجة اعتداء مباشر بالهدم او التخريب أو بشكل غير مباشر نتيجة تراجع أعداد الأقباط وقدرتهم المادية. ولكن بعض الدارسين يشيرون إلى أن الاضطرابات التي صاحبت نهاية فترة الأمويين وبداية حكم العباسيين أثرت على تلك المنطقة ، وفي نحو هذا الوقت تقدم «قرياقص » ملك النوبة واحتل أعلى الصعيد بعدما علم بما يتعرض له الأقباط ، ووصلت قواته حتى الفسطاط ، وأنهى حصاره بعدما أطلق سراح البطريرك ، كما أن بعض الثورات اندلعت في الدلتا والصعيد عام ٧٣٩م ، وقد لاحظ بعض الدارسين بدء التغير بالنقص في أعداد المسيحيين وهم المصدر الأساسي لإمداد الأديرة وتعميرها.
ومع بداية حكم العباسيين لمصر عام ٧٨٢م قامت عدة ثورات قاموا بإخمادها بالقوة والعنف مما أدى إلى تحطيم كثير من الكنائس ، ومع بداية القرن التاسع بدأت هجرة القبائل البدوية التي حطمت كثيراً من المدن ، وكذلك قبائل "البيجا" التي هاجمت أعالي الصعيد وحطمت مدينة قوص عام ٨١٩م إلا أن أثرها كان قاصراً على الجانب الشرقي للنيل .
وعلى الرغم من نهاية الدير في القرن الثامن إلا أن السكان والزائرين المارين استمروا فى التبرك منه وتقديسه، وقاموا بحفر أسمائهم وأسماء بلادهم واسماء أقاربهم على الحوائط الحجرية طلباً للبركة، وتعود تلك النصوص إلى القرن التاسع والعاشر والحادي عشر، وكان أغلب هؤلاء من قوص وأرمنت وقفط ، كذلك نجد نقشاً تذكاريا لزيارة الأسقفين يعقوب ومتى من منطقة إسنا، ويظهر ان آخر تاريخ للمخربشات والكتابات التي على الحوائط يعود إلى عام ۱۲۲۲ – ۱۲۲۳ م.
وبحلول القرن الثالث عشر لا نجد ذكرا لدير فويبامون في كتاب "القمص أبو المكارم" عن كنائس وأديرة عصره.
المصادر
كتاب تاريخ المسيحية والرهبنة وآثارهما في أبروشيتي نقادة وقوص ، وإسنا والأقصر وأرمنت ، نبيه كامل - عادل فخري ، مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ القبطى، ٢٠٠٨م.
مقال "المباني القبطية بمعبدي الدير البحري ودير القديس فويبامون"، "رامز وديع بطرس"، مجلة أسبوع القبطيات الخامس، ١٩٩٥م.
موسوعة الكنائس والاديرة القديمة من الجيزة لأسوان ، نيافة الانبا صمؤيل والمهندس بديع حبيب جورجى وآخرون.

 

 

 

 

This site was last updated 08/18/23