حريدة الأهرام بتاريخ 27/4/2007م السنة 131 العدد 43971 عن مقالة بعنوان "  المسئول الأول عن تنفيذ نموذج التنمية بتوشكي‏:‏ توشكي تجتاز اختبار الثقة "
حوار أجراه‏:‏ مصطفي إمام
توشكي من أكبر مشروعات الدولة التي تجاوز الانفاق العام عليها‏6‏ مليارات جنيه وتعرضت لانتقادات شديدة‏,‏ لانها لم تحقق حتي الآن العائد المتوقع من ورائها‏!‏ واليوم بعد ان اكتملت البنية الاساسية للمشروع تعمل محطة مبارك للرفع بطاقتها ووصلت المياه والكهرباء لأرض المشروع من خلال الافرع الأربعة الرئيسية لقناة الشيخ زايد‏,‏ ولكن ماذا يعطل الاسراع بعملية التنمية في توشكي للاستفادة من استثماراتها الضخمة

وكيف يتم توفير فرص للشباب؟ ومتي تتحقق التنمية المتكاملة للمنطقة؟
قلت في البداية للمهندس هادي فهمي رئيس الشركة القابضة للتجارة والمسئول عن نموذج التنمية في توشكي‏:‏ لماذا اعادت الشركة القابضة للدولة‏80‏ ألف فدان من اجمالي المساحة التي كانت مخصصة لها في توشكي وهي‏120‏ ألف فدان وماذا فعلت بـ الـ‏40‏ ألف فدان التي احتفظت بها؟
قال‏:‏ الاتجاه الحالي للدولة هو سرعة تعظيم الاستفادة من أرض توشكي لان الدولة تحتاج إلي منتجات زراعية مثل القمح وتوفير فرص عمالة كبيرة وهذا لن يتأتي الا من خلال أعمال أكثر من مستثمر كبير‏,‏ وقرار الشركة بالتخلي في الوقت الحالي عن‏80‏ ألف فدان جاء بناء علي دراسة قامت بها شركة جنوب الوادي القائمة بأعمال توشكي علي القدرات المالية والوقتية للشركة في تنفيذ أعمالها ولقد قامت الشركة خلال ثلاث سنوات منذ بدء أعمالها في مارس‏2004‏ في استصلاح‏30‏ ألف فدان‏.‏ الشركة القابضة تمتلك شركة رمسيس للإدارة الزراعية وهي المسئولة عن مشروع الصالحية اساسا‏,‏ هذه الشركة نطبق من خلالها فكرا جديدا لاستثمار أرض توشكي‏,‏ فالأرض بعد استصلاحها وتجهيزها للري المحوري بتوصيل البنية التحتية للري تقوم بتسويق زراعتها بين المستثمرين والمصدرين من خلال التعاقد علي الانتاج بالكامل وهذا الاسلوب يسمي التعاقد الانتاجي وهو السائد حاليا في العالم وهو الاصلح لتنمية استثمار أرض توشكي بطريقة اقتصادية‏.‏

وحاليا تم التعاقد علي زراعة الشعير في حدود‏100‏ فدان ولكن هناك محاصيل تصديرية اساسية سيأتي مستثمروها للتعاقد معنا وهي الذرة والبطاطس والشعير والعنب‏.‏ وحاليا تعرض‏6‏ آلاف فدان للايجار بهذا النظام من بين‏10‏ آلاف فدان والباقي متوقع التعاقد عليه في الشتاء المقبل‏.‏ من خلال المزايدة العامة في الصحف وقد ارتفع دخلنا من وراء هذا الاسلوب من‏12‏ مليون جنيه منذ ثلاث سنوات إلي‏48‏ مليون جنيه حاليا بزيادة‏300%‏ وهو رقم كبير في الزراعة ومعظم المستثمرين مصريون وإن كان ليس لدينا تحفظ علي الأجانب مادام في إطار المصلحة العامة ولذلك لم نستجب لطلب احدي الشركات النمساوية التي طلبت الحصول علي كل الأرض المستصلحة لزراعتها بمحاصيل زيتية لان مهمة الشركة في توشكي ليس الكسب فقط‏,‏ ولكن العمل لمصلحة كل المجتمع ولذلك وضعنا سقفا للمساحة التي يحصل عليها المستثمر الا تزيد علي‏15%‏ من المساحة تحت أي ظرف فالدولة انفقت مليارات علي توشكي حتي تحقق أهدافها التنموية‏.‏

هل يعني ذلك ان الدولة طلبت من الشركة زراعة محاصيل معينة؟
بشفافية لم يكلفني احد بزراعة منتج معين أما زراعة القمح في توشكي فكان توجها مني كمواطن مصري يدرك مدي حاجتنا للقمح ولقد نجحنا في زراعة القمح كمحصول رئيسي في مساحة‏75%‏ والباقي وهي أرض متخللات تمت زراعتها بالخضر والفاكهة التي تصدر وهي تحقق عوائد كبيرة تعوض زراعة القمح فالشركة تكسب‏9‏ آلاف جنيه في فدان الطماطم بالإضافة إلي الانتاج الحيواني فلدينا حظائر نموذجية لتربية الابقار والجاموس والجمال والاغنام والشركة تكسب حاليا في الجمل بعد تربيته لمدة‏3‏ شهور‏2500‏ جنيه وخلال ربع سنة حققنا من وراء الجمال‏10‏ ملايين جنيه

ويمكن القول ان مانجحت في إقامته الشركة في توشكي هو بداية لمجتمع حقيقي في توشكي من خلال بناء قرية علي الطراز النوبي يوجد بها مركز طبي علي مستوي عالمي ومركز ثقافي ومخبز آلي ينتج‏12‏ ألف رغيف يوميا وكورنيش للعاملين ونتحدث حاليا مع المجلس الأعلي للشباب لإقامة مركز شباب في توشكي بالتعاون مع الشركة والقرية يقيم بها حاليا‏1800‏ شخص ولكن حولنا‏8‏ آلاف آخرين في شركات الاستصلاح والري أي ان هناك‏10‏ آلاف شخص حاليا في توشكي وفرت فرص عمل ونصف العاملين في الشركة بتوشكي من الجنوب والآخرون من بحري ـ ونحن نزرع كل شيء

ولقد نجحت الشركة في اثبات ان‏80%‏ من المنتجات الزراعية قابلة للاستزراع في توشكي باستخدام الري المحوري في‏75%‏ من الأرض بزراعة محصول رئيسي مثل القمح أو الشعير متخللات‏,‏ فاكهة وخضر تحقق مكاسب كبيرة والمنتج والباقي في توشكي جيد وخال من الكيماويات وهو مطلوب الآن‏,‏ كما أن الشركة لديها أكبر محطة فرز وتعبئة وتبريد بطاقة‏500‏ طن في اليوم قابلة للزيادة إلي ألف طن في اليوم تخدم كل المستثمرين وانتاج توشكي سيصل إلي القاهرة واماكن أخري خلال الشتاء المقبل وربما في أكتوبر‏.‏

من خبرة الشركة ما رأيك عما يتحدث عنه البعض عن ارتفاع تكلفة الاستصلاح والاستزراع في توشكي؟
استصلاح الفدان في توشكي وتزويده بالبنية الداخلية للري المحوري يتراوح بين‏13‏ و‏15‏ ألف جنيه وايجار الفدان يتراوح بين‏4000‏ و‏4500‏ جنيه في السنة وبالتالي تسترجع التكلفة ما بين ثلاث إلي أربع سنوات والباقي ارباح بعد ذلك فالأرض في توشكي غنية بالفيتامينات لانها لم تستخدم من قبل والزراعة بها حيوية بدون كيماويات وتستخدم مياه بحيرة ناصر وهي مياه نقية جدا والمناخ غير ملوث‏,‏ فالبيئة صحية تماما للمنتج الزراعي علي عكس أرض الدلتا التي استهلكت في زراعتها منذ‏5‏ آلاف سنة أما حديث البعض عن ارتفاع تكلفة الاستثمار في مشروع توشكي والتي تصل إلي‏6‏ مليارات جنيه‏,‏ فهو ليس رقما كبيرا لانه عبارة عن قيمة شحنتي قمح كبيرتين لمصر واقتصاديا اذا تم تقسيم هذه التكلفة علي عدد السنوات لاستخدام الأرض لمدة مائة أو مائتي سنة وعلي عدد الأفدنة للمشروع المخطط استصلاحها وزراعتها وهي‏540‏ ألف فدان‏,‏ فان نصيب الفدان يعتبر قليلا جدا وفي ضوء المصلحة العامة وتآكل الأرض في الدلتا وعدم صلاحية اجزاء منها يعتبر مشروع توشكي هو الأمل ومستقبل الزراعة لمصر‏.‏

ومسألة تبخر المياه من الأرض؟
الارض مثل الاواني المستطرقة اذا تبخرت من بحيرة ناصر‏..‏ ستتبخر من قناة الشيخ زايد ومن توشكي واذا تعرضت‏-‏ كما يتخيل البعض‏-‏ المياه لمشاكل مستقبلا‏-‏ فهناك المياه الجوفية في المنطقة‏.‏ والزراعة في توشكي تعتمد علي أساليب الري الحديثة مثل الري المحوري والري بالتنقيط‏,‏ كما أننا لا نزرع طوال العام‏,‏ بل في شهور محددة من أكتوبر حتي مارس‏,‏ فمشروع توشكي مجتمع زراعي شتوي حقيقة‏,‏ ولكن يعطيك ميزة الانتاج المبكر‏.‏ فالقمح في توشكي يحصد في مارس‏,‏ ويحصد في الدلتا في مايو‏,‏ وفي أوروبا في يونيو‏.‏ وميزة الإنتاج المبكر لتوشكي هي التي دفعت سفراء الاتحاد الاوروبي بالقاهرة خلال زيارتهم للمشروع الي عرض شباك توزيع لمنتجات توشكي في الاسواق الاوروبية لمدة شهر ونصف‏.‏

وبالنسبة لمساحة الـ‏80‏ ألف فدان التي أرجعتها الشركة للدولة ماذا سيتم بشأنها؟
حتي الآن تقدم‏42‏ مستثمرا للحصول عليها‏,‏ وأعتقد أن الاتجاه هو تخصيص‏20‏ ألف فدان لكل مستثمر ثم زيادتها إلي‏40‏ ألف فدان إذا ما نجح في المساحة الأولي‏,‏ فلابد من وجود ضوابط في توزيع أرض توشكي لتحقيق أهداف الدولة‏,‏ وبالتالي لابد أن يكون هناك نوع من الارتباط في عقود توشكي مثل التعاقدات مع شركات البترول‏,‏ واعطاء مستثمر توشكي فترة تتراوح ما بين سنتين واربع سنوات ومتابعته فاذا لم ينجز تسحب منه الارض وتعطي لغيره‏.‏

المستثمرون يتحدثون عن مشاكل النقل للتصدير من توشكي؟
لقد طلبنا من وزارة الطيران أن تحول مطار أبو سمبل‏-‏ الذي يبعد‏50‏ كيلو عن توشكي الي نقطة تصديرية بمعني تجهيزه بمنطقة تبريد ملحقة بالمطار‏,‏ ووحدة جمركية‏,‏ ووحدة حجر صحي‏,‏ هذه النقطة يمكن أن تكون جاهزة خلال‏6‏ شهور اما النقل البري فهناك طريق أسوان الذي يبعد‏200‏ كيلو من توشكي‏,‏ هذا الطريق يحتاج الي ازدواج حتي تصل عمليات النقل الي سكة حديد اسوان‏,‏ والهيئة لديها‏20‏ عربة سكة حديد‏,‏ كل عربة عبارة عن ثلاجة تبريد بسعة‏40‏ طنا‏,‏ يعني هناك‏800‏ طن ثلاجة‏,‏ كافية لنقل منتجات توشكي للأقاليم‏,‏ وللتصدير‏.‏

الكل يتحدث عن كبار المستثمرين في توشكي‏..‏ ماذا عن الشباب؟
‏-‏ لقد اتفقت مع كل من رئيس الصندوق الاجتماعي ومحافظ اسوان لبدء مشروع استثماري لنحو‏500‏ شاب لإعطائهم ارضا مستصلحة من الشركة بمعدل‏10‏ أفدنة لكل شاب مزودة بالمياه والبنية الداخلية‏.‏ وضم هؤلاء البشاب في شركة واحدة يعملون من خلالها‏,‏ لزراعة الأرض‏,‏ وستتولي الشركة القابضة تسويق انتاجهم‏,‏ وسيبني لهم منازل ليعيشوا فيها مع أسرهم علي شكل تجمعات إسكانية‏,‏ ويتوقع أن يبدأ تنفيذ هذا المشروع في الشتاء القادم‏.‏ في توشكي تجربة رائدة لشباب مصر سيراها الرئيس خلال زيارته لتوشكي قريبا‏*

=======================================================================