Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

سقوط حصن بابليون فى أيدى العرب المسلمين

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
هل سقط حصن بابليون؟
حصار حصن بابليون
المقريزى وتاريخ حصن بابليون
تاريخ حصن بابليون
أبن عبد الحكم وسقوط بابليون

 

حصن بابليون":

 لم يستطع العرب اقتحام حصن بابليون0 لارتفاع اسواره التى كانت 60 قدما وسمكها 18 قدم وبها اربعه ابراج بارزه بينهم مسافات غير متساويه0 اما ماء النيل فيجري من تحتها وترسوا السفن فيها0وبها صرحان دائريان قطر الواحد منها 100 قدم  ويرى الجنود المراقبين المقطم من الشرق والجيزه والاهرام والصحراء من الغرب وإمتداد نهر النيل شمالا وجنوبا

 والواقف هناك على السوار يستطيع ان يرى مدينه عين شمس بدون حواجز اما جزيره الروضه فكان بها حصون تزيد من قوة حصن بابليون وخطره الحربى ويستطيع الحصن والجنود مراقبه النهر وقد أوصل الروم الحصنين ببعضهما البعض عن طريق مراكب متصله0

 سقوط حصن بابليون فى أيدى العرب

الفتره ما بين 603م-644م

 

الحرب خدعه:

وقد إختلف المؤرخين فى طريقه إستيلاء العرب على حصن بابليون

والرأي الأول هو ما قالة يوحنا النقيوسى شاهد عينى لدخول لغزو العرب مصر :

هو ما ذكره يوحنا النقيوسى المؤرخ الذى عاصر الغزو (9) فقال: " ان عمرو بن العاص عمد الى الخديعه 0 فأوهم الحاميه الرومانيه بالحصن انه تقهقر كما يتقهقر المغلوب حصن الروم انفسهم خلف ابواب حصن بابليون المحاط بخندق ومياه ورموا فى كل باب حسك الحديد 0 المهزوم فظن الروم انهم كسبوا الحرب وما عليهم الا الاجهاز على العرب  وكان عمرو يقصد إخراج القوات البيزنطيه من الحصن فتركوا قلعتهم للقضاء عليهم  حينئذ ظهرت إحدى الفرق فرق العرب الثلاث  ( كان عمرو قد قسم جيشه الى ثلاث فرق الاولى فى عين شمس ليمنع المدد الذى قد ياتى للروم من الشمال

والثانيه خلف حصن بابليون من جهه الشمال الشرقى والثالثه مكثت فى قلعه كانت تقع على شاطئ النيل جنوبى غربى بابليون وهى اثر الان ) وقطعت فرقه منهم خط رجوع الروم الى الحصن واحاط العرب بالروم  ووقعت معركه ضاريه وقاتل الروم قتال المستميت0وبدلا من رجوعهم الى الحصن شقوا طريقهم بالقتال فى خطوط العرب الى ان وصلوا الى جزيره الروضه ومنها فروا ، ترك الروم فى الحصن 300 مقاتل صمدوا بمفردهم فى القتال مع العرب لمدة ثلاث اسابيع ثم اتفقوا ان يسلموهم الحصن بدون قتال على شرط الا يصيبهم مكروه  ويلحقوا بباقى الجيش عند الروضه وكان عمرو ينصب خيامه بين جبل المقطم والحصن وحاصره من جميع الجهات ما عدا  البحر (النيل) .

 والرأى الثانى

هو من افكار المؤ رخين العرب ذكروه بعد حوالى مائه سنه من الغزو فقالوا : ان المقوقس الحاكم الرومانى قال للحاميه الرومانيه ( إن العرب جائهم امداد0 وليس لنا بهم طاقه ولا نأمن منهم ان يقتحموا القصر ( سمى حصن بابليون بقصر الشمع ) فيقتلونا 0 ولكن لنسد ابواب الحصن ونترك بعض المقاتلين ونخرج من القصر ونتحصن بالبحر ( النيل ) فخرجوا من الحصن وتركوا حاميه صغيرة لمقاتله العرب وركبوا المراكب الى الجزيرة وقطعوا الجسر فى فيضان النيل أى أنهم أغرقوا الأرض بالمياه )0

 وقال ابن عبد الحكم (10) شيئا اخر فقد روى ان الزبير ورجاله وصلوا باب الحصن وإقتحموه ( فلما خاف المقوقس على نفسه ومن معه0سأل عمرو الصلح ودعاه اليه على ان يفرض العرب دينارين على كل رجل منهم)

 

وقال كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي

: " قال‏:‏ لما حصر المسلمون بابليون وكان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم شهرًا فلما رأى القوم الجد من العرب على فتحه والحرص ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر الأقباط وخرجوا من باب القصر القبلي وتركوا به جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم وأمروا بقطع الجسر وذلك في جري النيل‏.‏
ويقال‏:‏ إن الأعيرج تخلف بالحصن بعد المقوقس وقيل خرج معهم فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحموا بالمقوقس بالجزيرة فأرسل المقوقس إلى عمرو‏:‏ إنكم قد ولجتم في بلادنا وألححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجالًا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه‏.‏
ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفا لمطلبكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالًا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء‏.‏
فلما أتت عمرًا رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوس فقال لأصحابه‏:‏ أترون أنهم يقتلون الرسل ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أراد عمرو بذلك أنهم يرون حال المسلمين‏.‏
فرد عليهم عمرو مع رسلهم‏:‏‏!‏ إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال‏:‏ إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم مالنا‏.‏

وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون‏.‏
وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين‏.‏
فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال‏:‏ كيف رأيتموهم قالوا‏:‏ رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إليهم من الرفعة ليس لأحدهم في الدنيا رغبة لا نهمة وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم‏.‏
فقال عند ذلك المقوقس‏:‏ والذي يحلف به لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد‏!‏ ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم‏.‏
فرد إليهم المقوقس رسله يقول لهم‏:‏ ابعثوا إلينا رسلًا منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه يكون فيه صلاح لنا ولكم‏.‏
فبعث عمرو بن العاصي عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت وكان طوله عشرة أشبار وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وألا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هده الثلاث الخصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني ألا أقبل شيئا إلا خصلة من هده الثلاث الخصال وكان عبادة أسود فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسواده وقال‏:‏ نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعًا‏:‏ إن هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره وأمرنا ألا نخالف رأيه وقوله‏.‏
فقال‏:‏ وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا‏:‏ كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعًا وأفضلنا سابقة وعقلًا ورأيًا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة‏:‏ تقدم يا أسود وكلمني برفق فإنني أهاب سوادك وإن اشتد كلامك علي ازددت لك هيبة فتقدم إليه عبادة فقال‏:‏ قد سمعت مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل كلهم مثلي وأشد سوادًا مني وأفظع منظرًا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم مني وأنا قد وليت وأدبر شبابي وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعًا وكذلك أصحابي وذلك إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله وأتباع رضوانه وليس غزونا عدوًا ممن حارب الله لرغبة في الدنيا ولا حاجة للاستكثار منها إلا أن الله عز وجل قد أحل ذلك لنا وجعل ما غنمنا من ذلك حلالًا وما يبالي أحدنا أكان له قناطير من ذهب أم كان لا يملك إلا درهمًا لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته ليلته ونهاره وشملة يلتحفها وإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله تعالى واقتصر على هده بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة بذلك أمرنا الله وأمرنا به نبينا وعهد إلينا ألا نكون همة أحدنا في الدنيا إلا ما يمسك جوعته ويستر عورته وتكون همته فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله‏:‏ هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط‏!‏ لقد هبت منظره وإن قوله لأهيب عندي من منظره إن هذا
وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها‏.‏
ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال‏:‏ أيها الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم مالا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ممن لا يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتلي وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرًا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقلتكم وقلة ما بأيديكم ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به‏.‏

فقال عبادة‏:‏ يا هذا لا تغزن نفسك ولا أصحابك‏.‏
أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ولا بالذي يكسرنا عما نحن فيه إن كان ما قلتم حقا فذلك والله أرغب ما يكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لأن ذلك أعذر لنا عند الله إذا قدمنا عليه إن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا من رضوانه وجنته وما من شيء أقر لأعيننا ولا أحب إلينا من ذلك وإنا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنيين‏:‏ إما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أو غنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا وإنها لأحب الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منا وإن الله عز وجل قال لنا في كتابه‏:‏ ‏"‏ كم من فئة قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين ‏"‏ وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحًا ومساء أن يرزقه الشهادة وألا يرده إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده وليس لأحد منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وإنما همنا أمامنا‏.‏
وأما قولك‏:‏ إنا في ضيق وشدة من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة‏:‏ لو كانت الدنيا كفها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن فيه فانظر الذي تريد فبينه لنا فليس بيننا وبينك خصلة نقبلها منك ولا نجيبك إليها إلا خصلة من ثلاث فاختر أيتها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله إلينا‏:‏ إما إجابتكم إلى الإسلام الذي هو الدين الذي لا يقبل الله غيره وهو دين نبينا وأنبيائه ورسله وملائكته - صلوات الله عليهم - أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الإسلام فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولم نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأوفوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون‏:‏ نعاملكم على شيء نرضاه نحن وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في دمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت عن أخرنا أو نصيب ما نريد منكم‏.‏
هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ولا يجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره فانظروا لأنفسكم‏.‏
فقال المقوقس‏:‏ هذا لا يكون أبدًا ما تريدون إلا أن تتخذونا عبيدًا ما كانت الدنيا‏.‏
فقال عبادة‏:‏ هو ذلك فاختر ما شئت‏.‏
فقال المقوقس‏:‏ أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هده الثلاث الخصال فرفع عبادة يديه وقال‏:‏ لا ورب هده السماء ورب هده الأرض ورث كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم‏.‏
فالتفت المقوقس عند ذلك لأصحابه وقال‏:‏ قد فرغ القوم فما ترون فقالوا‏:‏ أو يرضى أحد بهذا الذل‏!‏ أما ما أرادوا من دخولنا إلى دينهم فهذا ما لا يكون أبدا نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين لا نعرفه‏.‏
وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدًا فالموت أيسر من ذلك لو قال المقوقس لعبادة‏:‏ قد أبى القوم فما ترى فراجع صاحبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه‏!‏ ما تمنيتم وتنصرفون‏.‏
فقام عبادة وأصحابه‏.‏
فقال المقوقس لأصحابه‏:‏ أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة واحدة من هذه الثلاث فوا لله مالكم بهم طاقة ا ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم كارهين‏.‏
فقالوا‏:‏ وأي خصلة نجيبهم إليها قال‏:‏ إذا أخبركم‏.‏
أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثة قالوا‏:‏ فنكون لهم عبيدًا أبدًا قال‏:‏ نعم تكونون عبيدًا مسلطين في بلادكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبيدًا تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أبدًا أنتم وأهلكم وذراريكم‏.‏
قالوا‏:‏ فالموت أهون علينا‏.‏

وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط وبالجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير‏.‏
فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من بالقصر حتى ظفروا بهم وأمكن‏.‏
الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر منهم وانحازت السفن كلها إلى الجزيرة وصار المسلمون يراقبونهم و قد أحدق بهم الماء من كل وجه لا يقدرون على أن يتقدموا نحو الصعيد ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى والمقوقس يقول لأصحابه‏:‏ ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم‏!‏ ما تنتظرون‏!‏ فو الله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعًا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم من ذلك كرهًا فأطيعوني من قبل أن تندموا‏.‏
فلما رأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال أذعنوا بالجزية ورضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه‏.‏
وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاصي رضي الله عنه‏:‏ إني لم أزل حريصًا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها فأبى علي من حضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم‏.‏
وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي فأعطني أمانا أجتمع أنا وأنت أ أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام الأمر بيننا تم لنا ذلك جميعا وإن لم يتم رجعنا إلى ما كنا عليه‏.‏
فاستشار عمرو أصحابه في ذلك فقالوا‏:‏ لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه فقال‏:‏ قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم‏.‏
فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران على كل نفس شريفهم ووضيعهم ممن بلغ منهم الحلم ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم النزل بجماعتهم حيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترضة عليهم وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرض لهم في شيء منها‏.‏

فشرط ذلك كله على القبط خاصة‏.‏
وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الديناران رفع ذلك عرفاؤهم بالأيمان المؤكدة فكان جميع من أحصي يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا أكثر من ستة آلاف نفس فكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف دينار في كل سنة وقيل غير ذلك‏.‏
وقال عبد الله بن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي‏:‏ لما فتح عمرو مصر صالح أهلها عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف‏.‏
قال‏:‏ وشرط المقوقس للروم أن يخيروا‏:‏ فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له مفترضا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن المقوقس له الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه بما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه‏.‏
*******************************************************************************************

قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 58 من 167 )  عن سقوط حصن بابليون : " ثم أحاط المسلمون بالحصن وأميره يومئذ المندقور الذي يقال له‏:‏ الأعيرج من قبل المقوقس بن قرقت اليوناني وكن المقوقس ينزل الإسكندرية وهو في سلطان هرقل غير أنه كان حاضرًا لحصن حين حاصره المسلمون فقاتل عمرو بن العاص من بالحصن وجاء رجل إلى عمرو فقال‏:‏ اندب معي خيلًا حتى آتي من دياراتهم عند القتال فأخرج معه خمسمائة فارس عليهم‏:‏ خارجة بن حذافة في قول فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل قبل الصبح وكانت الروم قد خندقوا خندقًا وجعلوا له أبوابًا وبنوا في أفنيتها حسك الحديد فالتقى القوم حين أصبحوا وخرج خارجة من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن وكانوا قد خندقوا حوله فنزل عمرو على الحصن وقاتلهم قتالًا شديدًا يصبحهم ويمسيهم وقيل‏:‏ إنه لما أبطأ الفتح على عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده ويعلمه بذلك فأمده بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم مقام الألف الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وقيل‏:‏ بل خارجة بن حذافة لا يعدون مسلمة وقال عمر‏:‏ اعلم أن معك اثني عشر ألفًا ولا تغلب اثنا عشر ألفًا من قلة‏.‏

وقيل قدم الزبير في اثني عشر ألفًا وإن عمرًا لما قدم من الشام كان في عدة قليلة فكان يفرق أصحابه ليرى العدو أنهم أكثر مما هم فلما انتهى إلى الخندق نادوه أن قد رأينا ما صنعت وإنما معك من أصحابك كذا وكذا فلم يخطئوا برجل واحد فأقام عمرو على ذلك أيامًا يغدو في السحر فيصف أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح فبينا هو على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوام أنه قدم في اثني عشر ألفًا فتلقاه عمرو ثم أقبلا يسيران ثم لم يلبث الزبير أن ركب ثم طاف بالخندق ثم فرق الرجال حول الخندق وألح عمرو على القصر ووضع عليه المنجنيق ودخل عمرو إلى صاحب الحصن فتناظرا في شيء مما هم فيه فقال عمرو‏:‏ أخرج وأستشير أصحابي وقد كان صاحب الحصن أوصى الذي على الباب إذا مر به عمرو أن يلقي عليه صخرة فيقتله فمر عمرو وهو يريد الخروج برجل من العرب فقال له‏:‏ قد دخلت فانظر كيف تخرج فرجع عمرو إلى صاحب الحصن فقال له‏:‏ إني أريد أن آتيك بنفر من أصحابي حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت فقال العلج في نفسه‏:‏ قتل جماعة أحب إلي من قتل واحد‏.‏

وأرسل إلى الذي كان أمره بما أمره به من قتل من قتل عمرو أن لا يتعرض له رجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم فخرج عمرو وعبادة بن الصامت في ناحية يصلي وفرسه عنده فرآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم حلية وبزة فلما دنوا منه سلم من صلاته ووثب على فرسه ثم حمل عليهم فلما رأوه ولوا راجعين فأتبعهم فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم وهو لا يلتفت إليه حتى دخلوا الحصن ورمى عبادة من فوق الحصن بالحجارة فرجع ولم يتعرض لشيء مما طرحوه من متاعهم حتى رجع إلى موضعه الذي كان به فاستقبل الصلاة وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه فلما أبطأ الفتح على عمرو قال الزبير‏:‏ إني أهب الله نفسي أرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين فوضع سلمًا إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد فأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعًا فما شعروا إلا والزبير على رأس الحسن يكبر ومعه السيف وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفًا من أن ينكسر وكبر الزبير فكبرت الناس معه وأجابهم المسلمون من خارج فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعًا فهربوا وعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن فخاف المقوقس على نفسه ومن معه‏.‏


فحينئذ سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط دينارين على كل رجل منهم فأجابه عمرو إلى ذلك وكان مكثهم على باب القصر حتى فتحوه سبعة أشهر قال‏:‏ وقد سمعت في فتح القصر وجهًا آخر هو أن المسلمين لما حصروا باب اليون كان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم شهرًا فلما رأى القوم الجد من العرب على فتحه والحرص ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر القبط وخرجوا من باب القصر القبلي ودونهم جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة وأمروا بقطع الجسر وذلك في جري النيل‏.‏

ويقال‏:‏ إن الأعيرج تخلف في الحصن بعد المقوقس وقيل‏:‏ خرج معهم فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحقوا بالمقوقس بالجزيرة فأرسل المقوقس إلى عمرو‏:‏ إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا وألححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجالًا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفًا لطلبتكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالًا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضي نحن وهو به من شيء‏.‏

فلما أتت عمرو بن العاص رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس فقال لأصحابه‏:‏ أترون أنهم يقتلون الرسل ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين فرد عليهم عمرو مع رسله أنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال‏:‏ إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال‏:‏ كيف رأيتم هؤلاء قالوا‏:‏ رأينا قومًا الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة إنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد منهم من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد يغسلون إطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم فقال عند ذلك المقوقس‏:‏ والذي يحلف به لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل لم يجيبوا بعد اليوم إذ أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم فرد إليهم المقوقس رسله‏:‏ ابعثوا إلينا رسلًا منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه أن يكون فيه صلاح لنا ولكم‏.‏

فبعث عمرو بن العاص‏:‏ عشرة نفر أحدهم‏:‏ عبادة بن الصامت وكان طوله عشرة أشبار وأمره أن يكون متكلم القوم ولا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هذه الثلاث خصال فأن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني أن لا أقبل شيئًا سوى خصلة من هذه الثلاث خصال وكان عبادة أسود فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسواده وقال‏:‏ نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعًا‏:‏ إن هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعًا إلأى قوله ورأيه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره وأمرنا أن لا نخالف رأيه وقوله وقال‏:‏ وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا‏:‏ كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعًا وأفضلنا سابقة وعقلًا ورأيًا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة‏:‏ تقدم يا أسود وكلمني برفق فإني أهاب سوادكم وإن اشتد كلامك علي ازددت لك هيبة فتقدم عليه عبادة فقال‏:‏ قد سمعت مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشد سوادًا مني وأفظع منظرًا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لي وأنا قد وليت وأدبر شبابي وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعًا وكذلك أصحابي وذلك إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله وإتباع رضوانه وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا ولا طلب للاستكثار منها إلا أن الله عز وجل قد أحل لنا ذلك وجعل ما غنمنا من ذلك حلالًا وما يبالي أحدنا إن كان له قنطار من ذهب أم كان لا يملك إلا درهمًا لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعه لليله ونهاره وشملة يلتحفها فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله واقتصر على هذا الذي بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة وبذلك أمرنا الله وأمرنا به نبينا وعهد إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته ويستر عورته تكون همته وشغله في رضوانه وجهاد عدوه‏.‏

فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله‏:‏ هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط لقد هبت منظره وإن قوله لأهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض ما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال له‏:‏ أيها الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا تحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ما يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتل وإنا لنعلم أنكم لن تقدروا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرًا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقلتكم وقلة ما بين أيديكم ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوام لكم به‏.‏

فقال عبادة بن الصامت‏:‏ يا هذا لا تغرن نفسك ولا أصحابك أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ولا بالذي يكسرنا عما نحن فيه وإن كان ما قلتم حقًا فذلك والله أرغب ما يكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لأن ذلك أعذر لنا عند ربنا إذا قدمنا عليه إن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا في رضوانه وجنته وما شيء أقر لأعيننا ولا أحب لنا من ذلك و إنا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنين‏:‏ إما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أو غنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا ولأنها أحب الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منا وإن الله عز وجل قال لنا في كتابه‏:‏ ‏"‏ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ‏"‏ ‏"‏ البقرة 249 ‏"‏ وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحًا ومساءً أن يرزقه الشهادة وأن لا يرده إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده وليس لأحد منا هم فيمات خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وإنما همنا ما أمامنا وأما قولك‏:‏ إنا في ضيق وشده من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة لو كانت الدنيا كلها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن عليه فانظر الذي تريد فيه فبينه لنا فليس بيننا وبينك خصلة نقبلها منك ولا نجيبك إليها إلا خصلة من ثلاث فاختر أيتها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل إلينا إما إن أجبتم إلى الإسلام الذي هو الدين القيم الذي لا يقبل الله غيره وهو دين أنبيائه ورسله وملائكته أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الله فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولم نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون وأن نعاملكم على شيء نرضى به نحن وأنتم في كل عام أبدًا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناواكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في ذمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت من آخرنا أو نصيب ما نريد منكم هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ولا يجوز لنا فيما فقال المقوقس‏:‏ هذا ما لا يكون أبدًا ما تريدون إلا أ تتخذونا عبيدًا ما كانت الدنيا فقال له عبادة‏:‏ هو ذاك فاختر لنفسك ما شئت‏.‏


فقال المقوقس‏:‏ أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال فرفع عبادة يديه إلى السماء فقال‏:‏ لا ورب هذه السماء ورب هذه الأرض ورب كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم‏.‏

فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه فقال‏:‏ قد فرغ القوم فما ترون فقالوا‏:‏ أو يرضى أحد بهذا الذل‏!‏ أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم فهذا لا يكون أبدًا أن نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين غيره لا نعرفه وأما ما أرادوا أن يسبونا ويجعلونا عبيدًا فالموت أيسر من ذلك لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارًا كان أهون علينا‏.‏


فقال المقوقس لعبادة‏:‏ قد أبى القوم فما ترى فراجع صاحبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه ما تمنيتم وتنصرفون فقال عبادة وأصحابه‏:‏ لا فقال المقوقس عند ذلك‏:‏ أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث فوالله ما لكم بهم طاقة ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم كارهين فقالوا‏:‏ وأي خصلة تجيبهم إليها قال‏:‏ إذًا أخبركم أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثة قالوا‏:‏ فنكون لهم عبيدًا أبدًا قال‏:‏ نعم تكونون عبيدًا مسلطين في بلادكم آمنين على
أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبيدًا تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أبدًا أنتم وأهليكم وذراريكم قالوا‏:‏ فالموت أهون علينا وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط وبالجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم كثير‏.‏

فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من بالقصر حتى ظفروا بهم وأمكن الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر وانجرت السفن كلها إلى الجزيرة وصار المسلمون يراقبونهم وقد أحدق بهم الماء من كل وجه لا يقدرون على أن ينفذوا نحو الصعيد ولا إلى غير ذلك من المدن والقرى والمقوقس يقول لأصحابه‏:‏ ألم أعلمكم وأخافه عليكم‏!‏ ما تنتظرون‏!‏ فوالله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعًا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منه كرهًا فأطيعوني من قبل أ تندموا فلما رأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال أذعنوا بالجزية ورضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه‏.‏
عهـــــــد الصلح
وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص‏:‏ إني لم أزل حريصًا على إجابتكم إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها فأبى علي من حضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي فأعطني أمانًا أجتمع أنا وأنت أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام الأمر بيننا تم فاستشار عمرو أصحابه في ذلك فقالوا‏:‏ لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلها لنا فيئًا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه فقال عمرو‏:‏ قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجتبهم إليها وقلبت منهم مع ما قد حال هذا هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض لهم على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران عن كل نفس شريفهم ووضيعهم ممن بلغ منهم الحلم ليس علي الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم لنزل بجماعتهم حيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترضة عليهم وأن لهم أرضهم وأموالهم لا تعرض لهم في شيء منها فشرط ذلك كله على القبط خاصة وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة كم بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الديناران رفع ذلك عرفاؤهم بالإيمان المؤكد فكان جميع من أحصى يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا ورفعوا أكثر من ستة آلاف ألف نفس فكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف ألف دينار في كل سنة‏.‏

الرأى الثالث : ما قاله الروم عن سقوط مصر

واما الروم فقالوا: ان هرقل ارسل لبطرك الاروام كيروس (المقوقس) ليتفاوض مع عمرو بن العاص بالانسحاب من مصر مقابل ان يدفع له مبلغا من المال-ولكن الذى حدث انه عندما تقابل المقوقس مع عمرو اخبره برساله هرقل وزاد عليه من عنده انه اذا غادر العرب مصر فسوف يرسل ايدوشيا ابنه هرقل او احدى الاميرات لتكون عروسا للخليفه عمر بن الخطاب فلم يقبل عمرو هذه الشروط اما هرقل فلما سمع بالعرض الذى قدمه المقوقس غضب وكان يريد قطع رأسه إلا انه ابقاه لمعرفته بصلته بالعرب و ليستخدمه فى وقت اخر (11) 

 إنتهى الامر بان عقد عمرو هدنه ولامه الزبير على قراره لانه كان يريد

إقتحام الحصن وإستعباد السكان وتوزيع املاكهم على العرب00وقبل الملكيين اليونانيين( البيزنطيين ) الحمايه العربيه وتسليم الحصن0 وإختاروا إحدى الخصال الثلاثه التى ذكرها ابن عبد الحكم (12) وبتلر(13): *إما دخلتم فى الاسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا *وان أبيتم فأعطيتم الجزيه عن يد وأنتم صاغرون* واما ان جاهدناكم بالصبر والقتال0حتى يحكم الله بيننا وهو أحكم الحاكمين وردد عباده بن الصامت المتكلم باسم العرب هذه الشروط الثلاثه للمقوقس عده مرات ولم يزيد او ينقص عما امره به عمرو0

ورفض الروم شروطهم قى البدايه0وعاد القتال الا ان مركز الروم بدأ يضعف0 فذعن الروم للتسليم وكانت الخصله التى إختارها الروم هى الجزيه فعقد الصلح على ان يرسل كل طرف الى حكومته لتوقيعها فإذا اقروها نفذت0وعندما وصل الخبر الى هرقل ارسل الى المقوقس يأمره بأن يأتى فى الحال0وصل المقوقس الى القسطنطينيه وحاول الدفاع عن موقفه امام الامبراطور بكلام لم يقتنع به هرقل0 وغضب الامبراطور عليه0 وإتهمه بأنه خان الدوله وتخلى عن مصر وسلمها  للعرب ونعته بالجبن والكفر0ورد المقوقس عليه قائلا:

    

إن ا لـــــــــــــعر ب  هــم   قـــــــــــو م   ا لمـــــــــــــــــــو ت (14)  

 

 و أ ن  ا لله  أ خـــــــــــرجــهـــــــــــــم   لــخــــــــــــــــرا ب  أ لا ر ض (15) 

 

على ان هرقل لم يسمع له ثم سلمه الى حاكم القسطنطينيه فشهر به وأوقع به المهانه ثم نفاه (16) مات هرقل بعد ان حكم مدة 31 سنه وبلغ من العمر 66 سنه وكانت وفاته قبل تسليم حصن بابليون بشهرين ومن الملاحظ ايها القارئ ان خطه الجيش البيزنطي هي الانسحاب الى الاسكندريه والتجمع بها0 والانتظار لوصول امداد عن طريق البحر ثم ينقضون على العرب0أما خطه العرب فكانت  إخلاء المناطق البعيده عن البحر من جيش الاروام ثم طردهم من مدن الساحل0وأدى موت هرقل لفشل الخطه البيزنطيه وضعف من جلسوا على العرش من  بعده الى سقوط مصر نهائيا تحت الإحتلال العربى الإسلامى ونهايه حقبه تاريخيه عرفت بإسم العصر البيزنطى وبدايه حقبه أخرى عرفت بإسم الحكم  العر بى

فاضطرّ والي مصر المقوقس لمفاوضة المسلمين ودفع الجزية ، فكانت دينارين لكلّ رجل ( . تأريخ اليعقوبي: 2 / 148 ، بامداد اسلام: 85 )

***********************************************************************

متى غزا العرب المسلمين مصر ؟

وقال المقريزى (17) أن "  حصار المسلمين للقصر وفتح مصر اختلف الناس في فتح مصر فقال محمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمرو الواقدي ويزيد بن أبي حبيب وأبو عمرو الكندي‏:‏ فتحت سنة ست وعشرين وقيل‏:‏ سنة إحدى وعشرين وقيل‏:‏ سنة اثنتين وعشرين والأول أصح وأشهر‏"

====================

(9) تاريخ يوحنا النقيوسى أسقف نقيوس طبع بباريس سنه 1889 ناشره M. H. Zotenlexg   فى مجموعه محفوظات دارالكتب الفرنسيه جزء 24

(10) كتاب فتوح مصر وأخبارها ل - إبن عبد الحكم نشره تشارلس تورى عام 1922 ص61 

(11) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج 2  ص 130

(12) كتاب فتوح مصر وأخبارها ل - إبن عبد الحكم نشره تشارلس تورى عام 1922 ص68

(13) صفحات من تاريخ مصر فتح العرب لمصر تأليف الفرد 0ج0بتلر عربه محمد فريد أبو حديد بك مكتبه مدبولى بالقاهره طبع بمصر 1933 ص284

(14) صفحات من تاريخ مصر فتح العرب لمصر تأليف الفرد 0ج0بتلر  ص291

(15) صفحات من تاريخ مصر فتح العرب لمصر تأليف الفرد 0ج0بتلر عربه محمد فريد أبو حديد بك ص286

(16) هل رحب الأقباط بالفتح العربى الأب بيجول باسيلى ص55

(17) المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني ( 58 من 167 )

 ‏ ‏سعد بن عبادة ‏ ‏قال يا رسول الله ‏ ‏إن وجدت مع امرأتي رجلا أؤمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?hnum=

 

This site was last updated 10/21/11