Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

فساد الخلفــــاء  

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
نظام الإداره بالخلافة
خرافة الخلافة الإسلامية
الموالى
فساد الخلفاء
الخلفاء بعد قتل الخلفاء
New Page 2373
New Page 2374

Hit Counter

 

 

فساد الخلفــــاء

إن أى إنسان يقول بعودة الخلافة إنما هو يسعى لحكم ديكتاتورى عتيق فاسد وعفن , وسوف يجر الويلات على نفسة وعلى البلاد , ويكفى أن تطلع على ترجمات وقصص حياة هؤلاء الخلفاء من أمهات الكتب الإسلامية حتى تشمئز النفس من أعمالهم القبيحة ووحشيتهم فى معاملة المسلمين وغيرهم من أبناء الأمم التى أحتلوها , ومن يقرأ قصص الخلفاء من كتب المؤرخين القديمة تعطيه مادة غزيرة لأفلام الرعب والإجرام والجنس والوحشية التى يراها شبابنا على شاشة التلفزيون والسينما  وعلى شبكة المعلومات العنكبوتية المعروفة بالأنترنت.

 

أما عن الخلاعة والمجون فقد رويت من الحكايات ما لا يخطر على بال … فى المراجع والكتب التالية :
***ابن هشام "السيرة - الجزء الأول-ص 150-168 وص 207 -240 "
***الطبري " تاريخ الرسل والملوك - الجزء الثالث والرابع "
***الشهرستاني "الملل والنحل"
***ابن الأثير "الكامل "
***علي بن برهان الدين الحلبي "السيرة الحلبية"
فضلاً عن عشرات الكتب والمؤلفات المعاصرة

 

الخلافة فى عصر خلفاء الأسرة الأموية

قام حكم الخلافة  فى عصر خلفاء الأسرة الأموية على عنصرين رئيسيين هما العرب والموالى وهناك عناصر هامشية أخرى هما أهل البلاد المحتلة من أهل الكتاب ثم العبيد وما يهمنا هنا العنصران اللذان قاما عليهما حكم هذه الأسرة : العنصر العربى هو قمة الهرم الأجتماعى .. فمنهم الولاة والحكام والقضاة والشرطة وقادة الجيش .. ألخ  أما المــــوالى وهم أهل البلاد الذين أعتنقوا ألإسلام وطبيعى فهو ليس عربى ولهذا عليه أن يتولى ( أى يتخذ له مولى من العرب يحميه ويسانده ) ويعتبر الموالى من يتولاهم سيدأ عليه وبذلك قامت الدولة الخلافة على العنصرية يسود فيها العنصر العربى والعنجهية العربية على جنسيات الشعوب الأخرى حتى ولو إعتنقت الإسلام  كما أن قبيلة قريش قد أصبح على هامة الهرم الجتماعى وأسفل هذه الدرجة القبائل العربية الأخرى , وكانوا يذلون الموالى الغير عرب , ومما يذكر أنه فى قبل طرد المسيحيين العرب من العربية كان لهؤلاء العرب مرتبة أعلى حتى من الموالى المسلمين .

وبدأ العرب فى صياغة الحديث الشهير الذى يقول .. " الأئمــة من قريش " (*) وأصاغوا هذا الشعار فى الشعر وتناقله العامة من المسلمون وصدقته ففعل فى السياسة وساسوا الناس به وأستمروا يحكمون بهذا الشرع الإلهى المزيف .

فقال الشاعر كثير عزة

ألا إن الأئمة من قريش ** ولاة الحق أربعة سواء

الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان

ما أن تولى الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان ألأموى فملأ خلافته مغانى وشراباً ومجوناً وخلاعة 4 سنين قى الحكم حتى أتى بأربعين شيخاً فشهدوا له ما على الخليفة حساب ولا عذاب تاريخ الخلفاء السيوطى246

الخليفة يزيد الأموى يعترف أن محمد ليس نبياً ولكنه سعى للملك & فأنشد شعراً فقال..لعبت هاشم بالملك فلا.. ملك جاءه ولا وحى نزل تاريخ الخلفاء للسيوطى

*** قال حنظلة بن الغسيل ( خفنا ان نرمى بالحجارة من السماء فيزيد رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات و.....) تاريخ الخلفاء للسيوطى. ص164

*** في صفر من سنة 64 هـ الأمويون ( حاصروا ابن الزبير وقتلوه ورموا الكعبة بالمنجنيق فاحترقت أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل ) تاريخ الخلفاء للسيوطى. ص164

الخليفة الوليد
الخليفة الوليد حاول نصب قبه فوق الكعبة ليشرب الخمر فيها هو ورفاقه أثناء الحج ولكن حاشيته أقنعوه ألا يفعل وفى تلوطه راود أخاه عن نفسه مروج الذهب للمسعودىج3 ص228- 229

قال احد المؤرخون المسلمون حديثاً عن الخليفة الوليد أن كثيراً من شعره وبعض من قصصه لا نستطيع روايته لوقاحه الفاظه وشذوذ أفعاله 

الخليفة الأموى الوليد خرق القرآن حينما نصبه هدفاً للأسهم & وأنشد شعراً وامتثل الخدم للأمير ، فعلقوا المصحف على أغصان شجرة زيتون . وأقبل الأمير يرميه بالسهام حتى مزقه .
ثم أنشد :  أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد .
إذا قابلت ربك يوم حشر فقل يا رب خرقني الوليد .
و ثم قرأ :
تلعب بالخلافة هاشمي بلا وحي أتاه ولا كتاب ،
فقل لله يمنعني طعامي وقل لله يمنعني شرابي .

كقوله:
أدنيا مني خليلي ... "عبد لا " دون الإزار
فلقد أيقنت أني ... غير مبعوثٍ لنار
واتركا من يطلب الجن ... ة يسعى في خسار
سأروض الناس حتى ... يركبوا دين الحمار
 

ويقول الوليد الذى كان إماماً للمسلمين ، وخليفة المسلمين :
أنا الإمام الوليد مفتخراً ... أجر بردي، وأسمع الغزلا
أسحب ذيلي إلى منازلها، ... ولا أبالي من لام أو عذلا
ما العيش إلى سماع محسنةٍ ... وقهوة تترك الفتى ثملا
لا أرتجي الحور في الخلود وهل ... يأمل حور الجنان من عقلا؟
إذا حبتك الوصال غانية ... فجازها بذلها كمن وصلا
 

ويقال إنه لما أحيط به، دخل القصر وأغلق بابه وقال:
دعوا لي هنداً والرباب وفرتنى ومسمعة، حسبي بذلك مالا
خذوا ملككم، لا ثبت الله ملككم فليس يساوي بعد ذاك عقالا
وخلوا سبيلي قبل عير وما جرى، ولا تحسدوني أن أموت هزالا
فألب عن تلك المنزلة أي ألب، ورئي رأسه في فم كلب.

 

ـ تاريخ الخلفاء، للسيوطيّ ص 114. ... واتانا بخاتم للخلافة فاضطجعنا من خمر عانة صرفا

*** ويقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " وتألق نجوم الغناء في عصره، فكان منهم ابن سريج ومعبد والغريض وابن عائشة وابن محرز وطويس ودحمان، ولعله أدرك أنه تجاوز الحد، فلم يعد يعنيه أن يضيف إلى ذنوبه ذنباً، أو إلى سيرته مثلباً، شأنه في ذلك شأن ضعاف الإيمان، حين يقنطون من رحمة الله، فيضاعفون من معاصيهم، ونحن في هذا لا نلتمس له عذراً، وإنما نعبر عن رأيه هو في نفسه، حين أطلقه شعراً فقال:
اسقني يا يزيد بالقرقارة قد طربنا وحنت الزمارة
اسقني اسقني، فإن ذنوبي قد أحاطت فما لها كفارة

*** انتهى الأمر بخروج ابن عمه يزيد بن الوليد عليه، وقتله، بعد خلافة قصيرة استمرت عاماً وثلاثة أشهر وشاء القدر أن تكون خلافة يزيد أقصر، فلا تستمر إلا خمسة شهور

والى مصر قرة بن شريك العبسى

وأعطى الخليفة الأموى الوليد قرة بن شريك العبسى ولاية مصر وكان قرة ظالماً غاشماً عاسفاً فى حكمه , وكان يدعوا بالولائم والخمر فى جامع مصــر (جامع عمرو بن العاص )

جارية تؤوم المسلمين

وحدث أن الخليفة الأموى الوليد عبد الملك كان يواقع جارية وهو سكران , وجاء المؤذنون يؤذنون للصلاة , فحلف ألا يصلى بالناس إلا الجارية , فلبست ثياب الخليفة وتنكرت وصلت هذه الجارية بالمسلمين وهى جنب و سكرى

 

الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان
ما أن تولى الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان ألأموى فملأ خلافته مغانى وشراباً ومجوناً وخلاعة 4 سنين قى الحكم حتى أتى بأربعين شيخاً فشهدوا له ما على الخليفة حساب ولا عذاب تاريخ الخلفاء السيوطى246 

الخليفة يزيد أعلن يوما فى مجلسه عن رغبته فى أن يطير فغنت سلاُمة عشيقته فطرب طرباً شديداً ثم قال اريد أن أطير فقالت حباية عشيقه أخرى..يا مولاى فعلى من تدع الأمة وتدعنا مروج الذهب للمسعودى ص 210

وفال الشهيد فرج فودة


*خليفة يترك خلافته من أجل العشق عشق الخليفة يزيد الأموى جارية إسمها حبابة . وبنى لها قصراً وفرشة وكانا يأكلان عنباً وإذا به يرميها بحبة عنب وهى تضحك فشرقت وماتت فمكث أيامأ يقبلها ويرشفها وهى ميتة حتى أنتنت وجيف فأمر بدفنها فلما دفنها أقام أيامأ عندها على قبرها هائماً ثم رجع إلى منزله حتى مات .

والى يخصى المخنثيين
يقول سيادة المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه الخلافة الأسلامية - الطبعة الثانية 1992 ص  147: " فى عهد الخليفة ألموى سليمان بن عبد الملك كثر فى المدينة المخنثيين فارسل فأرسل سليمان إلى ابى بكر والى المدينة كتاباً يقول له فيه " أحصى المخنثين " فوقعت نقطة على الحــاء فأصيحت " أخصى المخنثين " ومن ثم فقد أطاع الوالى وخصى كل المخنثين فى المدينة , وكلمة " أحصى " والأحصاء تفيد أن المخنثين آنذاك كثرة تقتضى ألأحصاء , ولم يكونوا قلة لا يبالى بها " أحد

 

فساد بعض خلفاء بنى العباس

الخليفة الأمين إبن هارون الرشيد إبتاع الخصيان والغلمان وعالى بهم وصيرهم لخلوته ورفض النساء والجوارى & راجع السيوطى فى تاريخ الخلفاء
تعلق قلب الخليفة الأمين بغلام إسمه كوثر فهام شوقا وهياما بالصبى فقال بعض الشعراء فى عصره أضاع الخلافة غش الوزير .. وفسق الأمير وجهل المشير & راجع تاريخ الخلفاء للسيوطى
* وصف الخليفة العباسى الأمين عاشقة الصبى كوثر فى شعر فقال ما يريد الناس من صب بما يهوى كئيب كوثر دينى ودنياى وسقمى وطبيبى أعجز الناس الذى يلحى محباً فى حبيب & راجع تاريخ الخلفاء للسيوطى

*عندما حارب المأمون أخيه الخليفة الأمين خرج الصبى كوثر عشيق الخليفة الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة فى وجهه فمسح ألخليفة الدم وهو يقول شعراً ضربوا قرة عينى ومن أجلى ضربوة أخذ الله لقلبى من إناس حرقوه & راجع تاريخ الخلفاء للسيوطى
*الواثق آخر خلفاء العباسيين ( حكم 6 سنوات) كان يتنقل من : غلام الى غلام وهام عشقاً للصبيان والغلمان حتى ملكوا عليه وجدانه وأذابوا مشاعره تولها وصبابه وكان منهم غلام مصرى أسمه مهج لعب بعواطف & الواثق تاريخ الخلفاء للسيوطى ص342
* فقد الخليفة العباسى الواثق عقله يوماً فغضب عاشقه الصبى مهج وفى اليوم التالى طار لب الواثق فتعطلت امور الخلافة وأدرك الجميع أن السر لدى مهج ونقل البعض حديث عاشقه مهج فأنشد الخليفة الواثق شعراً فيه - لولا الهوى لتجارينا على قدر – وإت أفق منه يوماً ما فسوف ترى & إقرأ تاريخ الخلفاء للسيوطى
*** يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " أما الفسق والمجون فأبوابهما كثيرة، وفنونهما شتى، وهناك في البداية ما يمكن أن نسميه بالمناخ العام، وهو الإطار الذي يسمح بالفسق، ولا يستنكف المجون أو ما هو أكثر، فقد أمتلأت عاصمة الخلافة بالحانات، وانتشر شرب الخمور والغناء في مجالس الرعية، ووجد الجميع مخرجاً طريفاً لما يفعلون، فقد اشتهر عن فقهاء الحجاز إباحة الغناء، واشتهر عن فقهاء العراق من أتباع أبي حنيفة إباحة الشراب، فجمعوا بين فتوى الفريقين، ولخصوا مذهبهم في قول الشاعر:
رأيه في السماع رأي حجازي وفي الشراب رأي أهل العراق
أو في قول ابن الرومي:
أباح العراقي النبيذ وشربه وقال حرامان المدامة والسكر
وقال الحجازي:
الشرابان واحد فحل لنا من بين قوليهما الخمر

سآخذ من قوليهما طرفيهما وأشربها لا فارق الوازر الوزر

*** يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : "  حاكم مثل الواثق، وهل في تاريخهم كله خادم مثل مهج، يخلب لب الخليفة، فيصرفه عن شئون الدنيا، ناهيك عن شئون الدين، فينصرف إليه، وتجود قريحته بالشعر عليه، فيردد على إيقاع أيدينا وهي تضرب كفاً بكف:
مهج يملك المهج بسجي اللحظ والدعج
حسن القد مخطف ذو دلال وذو غنج
ليس للعين إن بدا عنه بالحظ منعرج
(تاريخ الخلفاء للسيوطي. ص342)
ويعرف مهج قدر نفسه عند الخليفة الواثق، فيبتدره يوماً في الصباح، وهو جالس بين حاشيته، ويمضي إليه متـثـنياً، منكسر النظرة، مترنح الخطوة، مترجرج الأعطاف، ويناوله ورداً ونرجساً، وتصور أنت أيها القارئ حال الواثق أمام كل هذا الهول، واعذره إن استخف به الطرب فنسى الحاشية والمجلس، وأنشد وعيناه ترنوان إلى مهج:
حياك بالنرجس والورد معتدل القامة والقد
فألهبت عيناه نار الهوى وزاد في اللوعة والوجد
أملت بالملك له قربه فصار ملكي سبب البعد
ورنحته سكرات الهوى فمال بالوصل إلى الصد
إن سئل البذل ثنى عطفه وأسبل الدمع على الخد
غر بما تجنيه ألحاظه لا يعرف الإنجاز للوعد
مولى تشكي الظلم من عبده فأنصفوا المولى من العبد

ويا سبحان الله ؛ ما أشعر الواثق وما أرق ألفاظه وما أدق وصفه للحظة العشق العظيم، حين يسيل دمع مهج علي خده، فلا يدري الواثق أهو دمع الهوى أم دمع الصد، وماله لا يفعل ذلك، وهو صاحب القد المعتدل، المترنح في خطوة بسكرات الهوى، ذلك الذي يعرف وصله من صده، الظالم لعبده (خليفة المسلمين) ذلك الذي يستنجد بالرعية أن تنصفه من مولاه (مهج)، المغرور بسهام ألحاظه، المنكر للوعد دائماً، أما الوعد فيسير إدراكه على خيال القارئ، وعسير إدراكه على الأتقياء المصدقين للمتنادين بعودة الخلافة، الخالطين بين حلم رائع في خيالهم، بثـته عقيدة عظيمة، وبين حقيقة مفزعة تكشفها لهم صفحات التاريخ، وألحاظ مهج، وخلاعة الواثق، وفقه معاصريه من الجبناء وجبن معاصريه من الفقهاء.
هذا عن مهج حين يرضى، فماذا عنه إن غضب.. يا ألطاف الله، حدث ذلك يوماً، حين فقد الواثق عقله فأغضب مهج، وفي اليوم التالي طار لب الواثق، وتعطلت مصالح الدولة، وخشي كبار الدولة أن يدخلوا على الواثق في حالته تلك، ولم يكن لأحد أن يتوقع خيراً إن لاقاه أو حاكاه، وأدرك الجميع أن السر لدى مهج، فدسوا عليه بعض الخدم ليسألوه فأجابهم (والله إنه – يقصد الواثق – ليروم أن أكلمه من أمس، فما أفعل).
يا للكارثة، ويا لصعوبة ما أعانيه بحثاً عن ألفاظ تليق بجلال الموقف ورهبته، وعذاب الواثق وغضبته، وقد نقل إليه حديث مهج فأنشد من جديد قائلاً:
يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخرا ما أنت إلا مليك جار إذ قدرا
لولا الهوى لتجارينا على قدر وإن أفق منه يوما ما فسوف ترى
ولحسن حظ مهج، وسوء حظ الطالبين بعودة الخلافة لم يفق الواثق أبداً، بيد أن البعض قد يتصور أن عمر خلافة الواثق قد ضاع على مهج وأمثاله، لكن ذلك لم يكن صحيحاً، فقد كان للواثق وجه آخر، يحلو له أن يخرج به على الرعية، ويبدو فيه حامياً لذمار العقيدة، ومناضلاً من أجل صحيح الدين، فقد انتصر للمعتزلة كما فعل والده المعتصم، الذي عذب ابن حنبل لقوله بأن القرآن ليس بمخلوق، ويروي عن الواثق أنه أحضر أحمد بن نصر الخزاعي أحد كبار رجال الحديث في التاريخ الإسلامي، من بغداد إلى سامرا، مقيداً في الأغلال، وسأله عن القرآن فقال: ليس بمخلوق، وعن الرؤية في القيامة فقال: كذا جاءت الرواية (فثار الواثق ودعا بالسيف، وقال: إذا قمت فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد رباً لا نعبده، ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيد، فمشى إليه، فضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد، فصلب بها وصلبت جثته في (سر من رأى)، واستمر ذلك ست سنين إلى أن ولي المتوكل، فأنزله ودفنه ولما صلب كتبت ورقة علقت في أذنه، فيها: هذا رأس أحمد بن نصر بن مالك، دعاه عبد الله الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه، فأبى إلا المعاندة، فعجله الله إلى ناره).
وتأملوا معي التناقض بين حديث مهج وحديث الخزاعي، وفاضلوا بين مصير مهج ومصير الخزاعي، وقارنوا بين الواثق وبين كثيرين ممن نعرفهم ونسمع منهم، ونرى لهم كما رأينا للواثق وجهين لا صلة بينهما ولا رابطة، فهم يقضون ليلهم بين الكأس والندماء، وما أن يسفر الصبح حتى ينطلقوا إلى صفحات الصحف ومنتديات السياسة، ينادون بالتطبيق الفوري للشريعة، فإذا سألتهم ابتسموا، وأنكروا عليك جهلك بالسياسة وفعال الساسة، وكتموا في أنفسهم رأيهم فيك، وهو أنك غر حديث التجربة، لن تتعلم بعد كيف تتعامل مع الشارع المصري، فتقول شيئاً وتعني شيئاً ثانياً وتفعل شيئاً ثالثاً..
وإذا كان الواثق قد تألق في صولاته بين الغلمان، وإذا كان يستحق بجدارة أن يوصف في جولاته بأنه فارس الميدان، فإنه – إنصافاً له لم يكن فارس الميدان الوحيد، فقد ذكرنا طرفاً عن التلوط في عهد الوليد بن يزيد، ولم نذكر شيئاً عن عهد الأمين(ابن الرشيد) الذي (ابتاع الخصيان وغالى بهم وصيرهم لخلوته ورفض النساء والجواري) (تاريخ الخلفاء للسيوطي – ص301)، وكما تعلق قلب الواثق بمهج تعلق قلب الأمين بكوثر، وقال بعض الشعراء عن عصره:
أضاع الخلافة غش الوزير وفسق الأمير وجهل المشير
لواط الخليفة أعجوبة وأعجب منه خلاق الوزير
فهذا يدوس وهذا يداس كذاك لعمري خلاف الأمور
ولما هاجم المأمون الأمين، (خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب، فأصابته رجمة في وجهه، فجعل الأمين يمسح الدم عن وجهه ثم قال:
ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي من إناس حرقوه
ولم يقدر على زيادة فأحضر عبد الله التيمي الشاعر فقال له: قل عليهما، فقال:
ما لمن أهوى شبيه فبه الدنيا تتيه
وصله حلو، ولكن هجره مر كريه
من رأى الناس له الفضل عليهم حسدوه
مثل ما قد حسد القائم بالملك أخوه
فأوقر له ثلاثة بغال دراهم. وهكذا انشغل الأمين عن الحرب، وعن سقوط حكمه، بجرح حبيبه وخليله كوثر، ذي الوصل الحلو، والصد المر، والهجر الكريه، وماله لا يفعل ذلك وهو قائل في وصف كوثر:
ما يريد الناس من صب بما يهوى كثيب
كوثر ديني ودنياي وسقمي وطبيبي
أعجز الناس الذي يلحي محبا في حبيب

يا حبيبي !! يا أمير المؤمنين، ما أرقك وما أطيب وصلك، لولا أنها خلة تشين في أي عرف، ناهيك عن أي دين، ولولا أن عشق الغلمان، يقود إلى بنت الحان، وإلى الطرب بالألحان، وإلى القول بما نمسك عنه، ونفزع منه، غير أن رحمة الله قد وسعت الأمين في دنياه من باب آخر فلم تذكر لنا صفحات التاريخ أن فقيها أفتى بحل قتله، أو حرمة ما أتاه، أو إفك ما فعله، غاية ما في الأمر أنهم قالوا عنه شعراً بعد وفاته، ربما بعد تيقنهم من سيرة المأمون المختلفة، وإتيانه للأمور من قبل، واهتمامه بشئون الحكم وعمارة البلدان، وليس بالخمر والغناء والغلمان، فقالوا في الأمين غداة وفاته:
لم نبكيك؟ لماذا؟ للطرب يا أبا موسى وترويج اللعب
ولترك الخمس في أوقاتها حرصا منك على ماء العنب
وشنيف أنا لا أبكي له وعلى كوثر لا أخشى العطب
لم تكن تصلح للملك ولم تعطك الطاعة بالملك العرب
وهكذا، أدرك الشعراء فقط بعد موت الأمين، أنه لم يكن يصلح، وتنادوا بأنه لم يبايع بالطاعة من العرب، على خلاف الحقيقة، وتذكروا أنه كان يترك الصلوات الخمس، وكان متفرغاً للطرب ولماء العنب، وليس هذا بغريب علينا، فحتى في عصرنا هذا لا يتذكر البعض مثالب الحكام إلا بعد وفاتهم، واستقرار الحكم لمن يليهم، ولعل القارئ يشاركني في أن حكامنا أرحم، فليس بين مستشاريهم كوثر أو شنيف، أو مهج أو وصيف، وليس في أقوالهم وصل للغلمان، أو وصف لبنت الحان، وليس في علاقتهم بوزرائهم والمشيرين عليهم ما شاب علاقة الخلفاء العباسيين بوزرائهم ومستشاريهم، ومعذرة لهذا القاموس الكريه، فإناء الخلافة ينضح على أوراقنا بما فيه، بل إن شئنا الدقة إناء العصر، ويكفينا أن نذكر أن الأمين كان متبعاً ولم يكن مبتدعاً.
"فأبو حيان التوحيدي يحدثنا أنه كان في بغداد خمسة وتسعون غلاماً جميلاً يغنون للناس، وأنه كان صاحب صبي موصلي مغن، ملأ الدنيا عيارة وخسارة، وافتضح أصحاب النسك والوقار، وأصناف الناس من الصغار والكبار، بوجهه الحسن، وثغره المبتسم، وحديثه الساحر، وطرفه الفاتر، وقده المديد، ولفظه الحلو، ودله الخلوب.. يسرقك منك، ويردك عليك.. فله حالات، وهدايته ضلالات، وهو فتنة الحاضر والبادي".
كما يحدثنا عن علوان غلام ابن عرس، فإنه إذا حضر وألقى إزاره، وحل أزراره، وقال لأهل المجلس: اقترحوا واستفتحوا فإني ولدكم، بل عبدكم لأخدمكم بغنائي، وأتقرب إليكم بولائي،... لا يبقى أحد من الجماعة إلا وينبض عرقه، ويهش فؤاده، ويذكو طبعه، ويفكه قلبه، ويتحرك ساكنه، ويتدغدغ روحه الخ"
وتفننوا في أسماء الغلمان بما يدل على مقصدهم، فسموا بـ"فاتن"و"رائق"و"نسيم"و"وصيف"و"ريحان"و"جميلة"، (هكذا بأداة التأنيث)، و"بشرى"(ظهر الإسلام – أحمد أمين الجزء الأول – ص132 نقلاً عن الامتناع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي)
أحسب أن ما سبق يغني عن التعليق، بل لعله يغري بالتعليق، ولو لم نوثـقه لعجز الكثيرون عن التصديق فهذا غلام اسمه (جميلة)، وذاك غلام اسمه (فاتن)، وهذا يلقي إزاره، وذاك يحل أزراره، وأصحاب النسك والوقار يفتضحون، وينبض عرقهم، ويتحرك ساكنهم، وهو يداعب شذوذهم، فيناديهم يا أسيادي، أنا عبدكم وولدكم، وكلما زاد في مداعبته زاد نبض عروقهم، وزاد تحرك ساكنهم، لهذا الذي حاله حالات، وهدايته ضلالات، ولا حول ولا قوة إلا بالله القادر على كل شيء، ولعل من المستحسن هنا أن نذكر أن الأمين وغيره من الخلفاء، فعلوا ما فعلوا بتشجيع الفقهاء، الذين أنزلوهم منازل من يستخلفهم الله في أرضه، ويجعل لهم نوراً يضيء ويبين لهم (لاحظ أن الذي يبين لهم هو الله جل جلاله) ما يشتبه عليهم، ومثل هذا الخليفة الذي ينير الله له طريقه، ويوحي إليه بالحق ويرشده سواء السبيل، يصعب على فرد من الرعية أن يذكر شيئاً مما سبق عنه، أو يصدق شيئاً مما سبق منقولاً عن الرواة، أو يستمع إلى شيء مما سبق دون أن يستغفر الله، نافياً أنه جل شأنه يهدي خليفته إلى شيء من هذا أو بعض من ذاك، فالله أجل وأعز، والخليفة أعلى وأرفع، ومن يا ترى يتصدر لرفع الخلفاء إلى موضع (من لا يسأل عما يفعل) (العبارة بين القوسين مقصودة، ولعل البعض يتذكرها تحت قبة مجلس الشعب المصري منذ سنوات.)
المفزع أن من يتصدر لذلك دائماً أعلى الفقهاء شأناً، وأكثرهم علماً وأفقههم في الدين، فقد ذكر (أبو يوسف) أشهر تلاميذ أبي حنيفة وأنبغهم وفقيه عصره بلا مراء، في مقدمة كتابه الشهير (الخراج) موجهاً حديثه إلى الرشيد (أن الله بمنه وعفوه جعل ولاة الأمراء خلفاء في أرضه، وجعل لهم نوراً يضيء للرعية ما أظلم عليهم من الأمور فيما بينهم، ويبين ما اشتبه من الحقوق عليهم) (مقدمة كتاب الخراج – أبو سيف.)
وهي عبارات تذكرنا بالمثل الشعبي السائر، (يا فرعون من فرعنك)، وهي عبارات نهديها لمن يردون علينا بأن من سبق من الخلفاء، إنما خرجوا على الدين، وبالتالي فلا علاقة بين ما فعلوه وبين الدين أو الحكم بالدين، فلعلهم يدركون الآن أن من خرج على الدين إنما خرج بفتوى رجال الدين، وأن وطد الأمر إنما كان الحكم بالدين."

=======================================================================

المـــــــــــراجع

(1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 ========================================================================

 

 

 

Home | نظام الإداره بالخلافة | خرافة الخلافة الإسلامية | الموالى | فساد الخلفاء | الخلفاء بعد قتل الخلفاء | New Page 2373 | New Page 2374

This site was last updated 05/28/08