Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

تيمور لنك يغزو بغداد وسلطان مصر الملك الظاهر برقوق

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وتبلغ حوالى 30000موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على صفحة الفهرس http://www.coptichistory.org/new_page_598.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر

Home
Up
تيمورلنك والظاهر برقوق
برقوق ينظم الحكم
على باى وأغتيال قايتباى
موت الملك برقوق

Hit Counter

 

****************************************************************************************

 الجزء التالى عن المماليك الذين حكموا مصر وهم تحت إستعمار الأسرة العباسية السنية الإسلامية من مرجع - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

 

تيمور يغزو بغداد
وكان ذلك خديعة من تيمور حتى ملك منه بغداد في يوم السبت حادي عشرين شوال من سنة خمس وتسعين المذكورة‏.‏
وكان سبب أخذ تيمور بغداد أن ابن أويس المذكور كان أسرف في قتل أمرائه وبالغ في ظلم رعيته وانهمك في الفجور والفساد‏.‏ قلت فائدة‏:‏ حكى بعض الحكماء أن الرجل إذا كان فيه خصلة من سبع خصال تمنعه السيادة منع الناس أن يسود عليهم سبعة قاله ذوو التبيان أحمق كاذب صغير فقير ظالم النفس ممسك الكف زان ولما وقع من السلطان أحمد ذلك كاتب أهل بغداد تيمور بعد استيلائه على مدينة تبريز يحثونه على المسير إلى بغداد فتوجه إليها بعساكرها حتى بلغ الدربند وهو من بغداد مسيرة يومين فبعث إليه أحمد بن أويس بالشيخ نور الدين الخراساني يسأله في الكف عنهم وأن ابن أويس نائبه ويجهز له ما اختار من الأموال فأكرمه تيمور وقال له‏:‏ ‏"‏ أنا أترك بغداد لأجلك ‏"‏ ورحل يريد السلطانية فبعث نور الدين كتبه بالبشارة إلى بغداد‏.‏ ثم قدم في إثرها فاطمأن أهلها‏.‏
وكان تيمور قد سار يريد بغداد من طريق أخرى فلم يشعر أحمد بن أويس وقد اطمأن إلا وتيمور نزل غربي بغداد قبل أن يصل الشيخ نور الدين فدهش عند ذلك ابن أويس وأمر بقطع الجسر ورحل من بغداد بأمواله وأولاده وقت السحر من ليلته وهي ليلة السبت المذكورة وترك بغداد فدخلها تيمورلنك وأرسل ابنه في إثر ابن أويس فأدركه بالحفة ونهب ماله وسبى حريمه وأسر وقتل كثيرًا من أصحابه فنجا السلطان أحمد بن أويس بنفسه في طائفة وهم عراة فقصد حلب وتلاحق به من بقي من أصحابه‏.‏
ثم بعد ذلك قدم البريد على السلطان الملك الظاهر برقوق بأن ابن أويس المذكور نزل بالرحبة في نحو ثلاثمائة فارس‏.‏
وقدم كتاب ابن أويس وكتاب نعير فأجيب أحسن جواب وكتب بإكرامه والقيام بما يليق به فلما وصل كتاب السلطان إلى نعير توجه إليه وعندما عاين ابن أويس نزل عن فرسه وقبل الأرض بين يديه وسار به إلى بيوته وأضافه‏.‏ ثم سيره إلى حلب فقدمها ومعه أحمد بن شكر ونحو الألفي فارس فأنزله الأمير جلبان قراسقل نائب حلب بالميدان وقام له بما يليق به وكتب مع البريد إلى السلطان بذلك وعلى يد القادم أيضًا كتاب السلطان أحمد بن أويس يستأذن في القدوم إلى مصر فجمع السلطان الأمراء للمشورة في أمر ابن أويس فاتفقوا على إحضاره وأن يخرج إلى مجيئه الأمير عز الدين أزدمر ومعه نحو ثلاثمائة ألف درهم فضة وألف دينار برسم النفقة على ابن أويس في طريقه إلى مصر‏.‏
وتوجه أزدمر المذكور في سادس عشرينه وسار أزدمر إلى حلب وأحضر السلطان أحمد ابن أويس المذكور إلى نحو الديار المصرية ث فلما قرب ابن أويس من ديار مصر أخرج السلطان عدة من الأمراء إلى لقائه‏.‏
فلما كان يوم الثلاثاء سابع عشرين شهر ربيع الأول من سنة ست وتسعين وسبعمائة نزل السلطان الملك الظاهر من قلعة الجبل بأمرائه وعساكره إلى لقاء أحمد بن أويس وجلس بمسطبة مطعم الطير من الريدانية خارج القاهرة إلى أن قرب السلطان أحمد بن أويس ووقع بصره على المسطبة التي جلس عليها السلطان فنزل عن فرسه ومشى عدة خطوات فتوجه إليه الأمير بتخاص حاجب الحجاب بالديار المصرية ومن بعده الأمراء للسلام على ابن أويس فتقدم بتخاص المذكور وسلم عليه ووقف بإزائه وصار كلما تقدم إليه أمير ليسلم عليه يعرفه بتخاص باسمه ووظيفته وهم يقبلون يده واحدًا بعد واحد حتى أقبل الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس فقال له الأمير بتخاص‏:‏ هذا أمير مجلس وابن أستاذ السلطان فعانقه ابن أويس ولم يدعه يقبل يده‏.‏
ثم جاء بعده الأمير بكلمش العلائي أمير سلاح فعانقه أيضًا ثم من بعده الأمير أيتمش البجاسي رأس نوبة الأمراء وأطابك فعانقه ثم من بعده الأمير سودون الفخري الشيخوني نائب السلطنة فعانقه ثم الأمير الكبير كمشبغا الحموي أتابك العساكر فعانقه وانقضى سلام الأمراء فقام عند ذلك السلطان ونزل من على المسطبة ومشى نحو العشرين خطوة فلما رأى ابن أويس مشي السلطان له هرول حتى التقيا فأومأ أحمد بن أويس ليقبل يد السلطان فمنعه السلطان من ذلك وعانقه‏.‏
ثم بكيا ساعة ثم مشيا إلى نحو المسطبة والسلطان يطيب خاطره ويعده بكل جميل وبالعود إلى ملكه ويده في يده حتى طلعا على المسطبة وجلسا معًا على البساط من غير أن يقعد السلطان على مرتبته وتحادثا طويلًا ثم طلب السلطان له خلعة فقدم قباء حرير بنفسجي بفرو قاقم بطرز زركش هائلة فألبسه الخلعة المذكورة وقدم له فرسًا من خاص مراكيب السلطان بسرج ذهب وكنبوش زركش وسلسلة ذهب فركبه ابن أويس من حيث يركب السلطان ثم ركب السلطان بعده وسارا يتحادثان والأمراء والعساكر سائرة على منازلهم ميمنة وميسرة حتى قربا من القلعة‏.‏
هذا والناس قد خرجت إلى قريب الريدانية وامتلأت الصحراء منهم للفرجة على موكب السلطان حتى أدهش كثرتهم السلطان أحمد بن أويس فكان هذا اليوم من الأيام المشهودة‏.‏ ولما وصلا إلى قريب القلعة وأخذت العساكر تترجل عن خيولهم على العادة صار ابن أويس مواكبًا للسلطان حتى بلغا تحت الطبلخاناه من قلعة الجبل فأومأ إليه السلطان بالتوجه إلى المنزل الذي أعد له على بركة الفيل وقد جددت عمارته وزخرفت بالفرش والآلات والأواني فسلم ابن أويس على السلطان وسار إليه وجميع الأمراء في خدمته وطلع السلطان إلى القلعة‏.‏

فلما دخل ابن أويس إلى المنزل المذكور ومعه الأمراء مد الأمير جمال الدين محمود الأستادار بين يديه سماطًا جليلًا إلى الغاية في الحسن والكثرة فأكل السلطان أحمد وأكل الأمراء معه ثم انصرفوا إلى منازلهم‏.‏
وفي اليوم جهز السلطان إليه مائتي ألف درهم فضة ومائتي قطعة قماش سكندري وثلاثة أفراس بقماش ذهب وعشرين مملوكًا وعشرين جارية فلما كان الليل قدم حريم ابن أويس وثقله‏.‏ ثم في يوم الخميس عمل السلطان الخدمة بدار العدل المعروفة بالإيوان وطلع القان أحمد بن أويس المذكور وعبر من باب الجسر الذي يقال له باب السر وجلس تجاه الإيوان حتى خرج إليه رأس نوبة ومضى به إلى القصر فأخذه السلطان وخرج به إلى الإيوان وأقعده رأس الميمنة فوق الأمير كمشبغا الحموي أتابك العساكر‏.‏
فلما قام القضاة ومد السماط قام الأمراء على العادة فقام ابن أويس أيضًا معهم ووقف فأشار إليه السلطان بالجلوس فجلس حتى فرغ الموكب‏.‏ ولما انقضت خدمة الإيوان دخل مع السلطان إلى القصر وحضر خدمة القصر أيضًا ثم خرج الأمراء بين يديه حتى ركب وقدامه جاويشه ونقيب جيشه فسار الأمراء في خدمته إلى منزله‏.‏
ثم علق السلطان جاليش السفر إلى البلاد الشامية على الطبلخاناه فشرع الأمراء والمماليك وغيرهما في تجهيز أحوالهم إلى السفر صحبة السلطان ثم في حادي عشرين شهر ربيع الأول المذكور ركب السلطان من القلعة ومعه السلطان أحمد بن أويس إلى مدينة مصر وعدى النيل إلى بر الجيزة ونزل بالخيام ليتصيد فأقام هناك ثلاثة أيام وعاد وقد أذهل ابن أويس ما رأى من تجفل المملكة وعظمتها من ندماء السلطان ومغانيه وترتيبه في مجلس موكبه وأنسه‏.‏ ثم في سلخه قدم البريد من حلب بتوجه الأمير ألطنبغا الأشرفي نائب الرها كان وهو يوم ذلك أتابك حلب والأمير دقماق المحمدي نائب ملطية بعسكريهما وموافقتهما لطلائع تيمورلنك وهزيمتهما له بعد وفي يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر ابتدأ السلطان بنفقة المماليك لكل مملوك مبلغ ألفي درهم وعدتهم خمسة آلاف مملوك فبلغت النفقة في المماليك خاصة عشرة آلاف درهم فضة سوى نفقة الأمراء وسوى ما حمل في الخزائن وسوى ما تكلفه للقان أحمد بن أويس فيما مضى وفيما يأتي ذكره‏.‏

خطــــــاب تيمور لنك إلى السلطان الملك الظاهر
وبينما السلطان في ذلك قدم عليه كتاب تيمور يتضمن الإرداع والتخويف ونصه‏:‏ ‏"‏ قل اللهم مالك الملك فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ‏"‏‏.‏ اعلموا أنا جند الله مخلوقون من سخطه ومسلطون على من حل عليه غضبه لا نرق لشاك ولا نرحم عبرة باك قد نزع الله الرحمة من قلوبنا فالويل ثم الويل لمن لم يكن من حزبنا ومن جهتنا‏!‏ قد خربنا البلاد وأيتمنا الأولاد وأظهرنا في الأرض الفساد وذلت لنا أعزتها وملكنا بالشوكة أزفتها فإن خيل ذلك على السامع وأشكل وقال‏:‏ إن فيه عليه مشكلًا فقل‏:‏ ‏"‏ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ‏"‏ وذلك لكثرة عددنا وشدة بأسنا فخيولنا سوابق ورماحنا خوارق وأسنتها بوارق وسيوفنا صواعق وقلوبنا كالجياد وجيوشنا كعدد الرمال ونحن أبطال وأقيال وملكنا لا يرام وجارنا لا يضام وعزنا أبدًا لسؤدد منقام‏.‏
فمن سالمنا سلم ومن حاربنا ندم ومن تكلم فينا بما لا يعلم جهل‏.‏ وأنتم فإن أطعتم أمرنا وقبلتم شرطنا فلكم ما لنا وعليكم ما علينا وإن خالفتم وعلى بغيكم تماديتم فلا تلوموا إلا أنفسكم فالحصون منا مع تشييدها لا تمنع والمدائن بشدتها لقتالنا لا ترد ولا تنفع ودعاؤكم علينا لا يستجاب فينا فلا يسمع فكيف يسمع الله دعاءكم وقد أكلتم الحرام وطغيتم جميع الأنام وأخذتم أموال الأيتام وقبلتم الرشوة من الحكام وأعدتم لكم النار وبئس المصير‏:‏ ‏"‏ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا ‏"‏‏.‏
فبما فعلتم ذلك أوردتم أنفسكم موارد المهالك وقد قتلتم العلماء وعصيتم رب الأرض والسماء وأرقتم دم الأشراف وهذا والله هو البغي والإسراف فأنتم بذلك في النار خالدون وفى غد ينادى عليكم‏:‏ فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ‏"‏ فأبشروا بالمذلة والهوان يا أهل البغي والعدوان وقد غلب عندكم أننا كفرة وثبت عندنا والله أنكم الكفرة الفجرة وقد سلطنا عليكم الإله له أمور مقدرة وأحكام محررة فعزيزكم عندنا ذليل وكثيركم لدينا قليل لأننا ملكنا الأرض شرقًا وغربًا وأخذنا منكم كل سفينة غصبًا وقد أوضحنا لكم الخطاب فأسرعوا برد الجواب قبل أن ينكشف الغطاء وتضرم الحرب نارها وتضع أوزارها وتصير كل عين عليكم باكية وينادي منادي الفراق‏:‏ ‏"‏ هل ترى لهم من باقية ‏"‏ ويسمعكم صارخ الفناء بعد أن يهزكم هزًا ‏"‏ هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزًا ‏"‏ وقد أنصفناكم إذ راسلناكم فلا تقتلوا المرسلين كما فعلتم بالأولين فتخ

الفوا كعادتكم سنن الماضين وتعصوا رب العالمين ‏"‏ فما على الرسول إلا البلاغ المبين ‏"‏ وقد أوضحنا لكم الكلام فأرسلوا برد الجواب والسلام‏.‏

جواب السلطان الملك الظاهر يرسله إلى تيمور لنك
فكتب جوابه بعد البسملة الشريفة‏:‏ ‏"‏ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ‏"‏‏.‏
وحصل الوقوف على ألفاظكم الكفرية ونزعاتكم الشيطانية وكتابكم يخبرنا عن الحضرة الخانية وسيرة الكفرة الملائكية وأنكم مخلوقون من سخط الله ومسلطون على من حل عليه غضب الله وأنكم لا ترقون لشاك ولا ترحمون عبرة باك وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم فذاك أكبر عيوبكم وهذه من صفات الشياطين لا من شيم السلاطين وتكفيكم هذه الشهادة الكافية وبما وصفتم به أنفسكم ناهية ‏"‏ قل يا أيها الكافرون‏.‏ لا أعبد ما تعبدون‏.‏ ولا أنتم عابدون ما أعبد‏.‏ ولا أنا عابد ما عبدتم‏.‏ ولا أنتم عابدون ما أعبد‏.‏ لكم دينكم ولي دين ‏"‏ ففي كل كتاب لعنتم وعلى لسان كل مرسل نعتم وبكل قبيح وصفتم وعندنا خبركم من حين خرجتم أنكم كفرة ألا لعنة الله على الكافرين من تمسك بالأصول فلا يبالي بالفروع نحن المؤمنون حقًا لا يدخل علينا عيب ولا يضرنا ريب القرآن علينا نزل وهو سبحانه رحيم لم يزل فتحققنا نزوله وعلمنا ببركته تأويله فالنار لكم خلقت ولجلودكم أضرمت ‏"‏ إذا السماء انفطرت ‏"‏‏.‏
ومن أعجب العجب تهديد الرتوت بالتوت والسباع بالضباع والكماة بالكراع نحن خيولنا برقية وسهامنا عربية وسيوفنا يمانية ولبوسنا مصرية وأكفنا شديدة المضارب وصفتنا مذكورة في المشارق والمغارب إن قتلناكم فنعم البضاعة وإن قتل منا أحد فبينه وبين الجنة ساعة ‏"‏ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ‏"‏‏.‏ وأما قولكم‏:‏ قلوبنا كالجبال وعمدنا كالرمال فالقصاب لا يبالي بكثرة الغنم وكثير الحطب يغنيه الضرم ‏"‏ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ‏"‏ الفرار الفرار من الزوايا وطول البلايا واعلموا أن هجوم المنية عندنا غاية الأمنية إن عشنا عشنا سعداء وإن قتلنا قتلنا شهداء‏.‏ ألا إن حزب الله هم الغالبون‏.‏
أبعد أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين تطلبون منا طاعة لا سمع لكم ولا طاعة وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا قبل أن ينكشف الغطاء ففي نظمه تركيك وفي سلكه تلبيك لو كشف الغطاء لبان القصد بعد بيان أكفرتم بعد إيمان أم اتخذتم إلهًا ثان وطلبتم من معلوم رأيكم أن نتبع دينكم ‏"‏ لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا ‏"‏‏.‏
قل لكاتبك الذي وضع رسالته ووصف مقالته‏:‏ وصل كتابك كضرب رباب أو كطنين ذباب ‏"‏ كلًا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا إن شاء الله تعالى‏.‏ لقد لبكتم في الذي أرسلتم والسلام‏.‏ انتهى‏.‏
فعرض هذا الجواب على السلطان ثم ختم وأرسل إليه‏.‏
ثم في سادس شهر ربيع الأخر المذكور عرض السلطان أجناد الحلقة الذين عينوا للسفر وعين منهم أربعمائة فارس للسفر صحبة السلطان وترك الباقي بالديار المصرية‏.‏
ثم في سابعه خرجت مدورة السلطان من القاهرة ونصبت بالريدانية خارج القاهرة‏.‏
ثم في يوم الأربعاء تاسعه عقد السلطان عقده على الخاتون تندي بنت حسين ابن أويس وكانت قدمت مع عمها السلطان أحمد بن أويس ومبلغ الصداق ثلاثة آلاف دينار وكان صرف الدينار إذ ذاك ستة وعشرين درهمًا ونصف درهم وبنى عليها ليلة الخميس عاشره وهو يوم سفره إلى الشام‏.‏
وأصبح من الغد في يوم الخميس المذكور نزل السلطان من قلعة الجبل إلى الإسطبل السلطاني ثم خرج من باب السلسلة إلى الرميلة وقد وقف القان أحمد ابن أويس وجميع الأمراء وسائر العسكر ملبسين آلة الحرب ومعهم أطلابهم فسار السلطان وعليه قرقل بلا أكمام وعلى رأسه كلفتة وتحته فرس بعرقية من صوف سميك إلى باب القرافة والعساكر قد ملأت الرميلة فرتب هو بنفسه أطلاب الأمراء ومر في صفوفها ذهابًا وإيابًا غير مرة حتى رتبها أحسن ترتيب وصاحبها ينظر وأخذ يخالف في تعبئة الأطلاب كل تعبئة بخلاف الذي يتقدمها حفظت أنا غالبها عن الأستاذ الأتابك آقبغا التمرازي عن أستاذه تمراز الناصري النائب ولولا الإطالة والخروج عن المقصود لرسمتها هنا بالنقط‏.‏ انتهى‏.‏

السلطان الملك الناصر وتعبئة جيش المماليك فى مصر
فلما فرغ السلطان الملك الظاهر برقوق من تعبئة أطلاب أمرائه أخذ في ترتيب طلب نفسه وجعله أمام أطلاب الأمراء كالجاليش لكثرة من كان به وعبأه قلبًا وجناح يمين وجناح شمال ورديفًا وكمينًا وأمر الكوسات والطبول فدقت حربيًا‏.‏
ثم ترك جميع الأطلاب ومضى في خواصه إلى قبة الإمام الشافعي رضي الله عنه وزاره وتصدق على الفقراء بمال كثير خارج عن الحد‏.‏ ثم سار إلى المشهد النفيسي وزاره وتصدق به أيضًا وفي طول طريقه بجملة مستكثرة ثم عاد إلى الرميلة‏.‏
وأشار إلى طلب السلطان فسار إلى نحو الريدانية في أعظم قوة وأبهج زي وأفخر هيئة وأحسن ملبس جر فيه من خواص الخيل مائتا جنيب ملبسة آلة الحرب التي عظمت من الآلات المذهبة والمفضضة والمزركشة على اختلاف أنواعها وصفاتها التي تحير العقول عند رؤيتها‏.‏
ثم أشار لأطلاب الأمراء فسارت أيضًا بأعظم هيئة وقد تفاخر الأمراء أيضًا في أطلابهم وخرج كل طلب أحسن من الآخر حتى حاذوا القلعة فوقفوا يمينًا وشمالًا حتى سار السلطان في موكبه في غاية العظمة والأبهة وإلى جانبه القان أحمد بن أويس على فرس بقماش ذهب وبجانب ابن أويس الأمير الكبير كمشبغا الحموي ثم الأمراء ميمنة وميسرة كل واحد في رتبته حتى انقضى ممر السلطان وأمامه العساكر وخلفه ثم سارت أطلاب الأمراء تريد الريدانية شيئًا بعد شيء وسار السلطان حتى نزل بمخيمه بالريدانية وأقام بها أيامًا‏.‏ ثم في رابع عشره خلع على القاضي بدر الدين محمد بن أبي البقاء باستقراره قاضي قضاة الشافعية بديار مصر بعد عزل القاضي صدر الدين المناوي‏.‏
ودخل السلطان من الريدانية إلى القاهرة ومعه تغري بردي من يشبغا رأس نوبة النوب أعني الوالد والأمير قلمطاي من عثمان الدوادار الكبير وآقبغا اللكاش رأس نوبة ثان وجماعة أخر‏.‏ ثم قدم على السلطان بالريدانية ولد الأمير نعير ومعه محضر أن أباه أخذ مدينة بغداد وخطب ثم كتب السلطان بإحضار الأمير ألطنبغا المعلم من ثغر دمياط‏.‏
ثم خلع السلطان على الأمير سودون النائب ليقيم بالقاهرة في مدة غيبة السلطان وعلى الأمير بجاس ليقيم بالقلعة وعلى الأمير محمود الأستادار وعلى ولده وخلع على التاجر برهان الدين المحلي وعلى التاجر شهاب الدين أحمد بن مسلم وعلى التاجر نور الدين على الخروبي لكون السلطان اقترض منهم مبلغ ألف ألف درهم‏.‏
ثم في ثالث عشرينه رحل السلطان بعساكره وأمرائه من الريدانية بعد أن أقام بها نحو ثلاث عشر يومًا وفرق من الجمال في المماليك نحو أربعة آلاف جمل ومن الخيل ألفي فرس وخمسمائة فرس وحمل معه أشياء كثيرة مما يحتاج السلطان إليه منها خمسة قناطير من العاج والآبنوس برسم الشطرنج الذي يلعب به السلطان وسببه أنه كان إذا لعب بشطرنج وفرغ من لعبه أخذه صاحب النوبة وجدد غيره وأشياء كثيرة أخر من هذه المقولة‏.‏
ثم في ثامن عشرينه أرسل السلطان يطلب بدر الدين محمود الكلستاني فأخذ محمود المذكور من خانقاه شيخون فإنه كان من بعض صوفيتها وسار وهو خائف وجل لأنه كان من ألزام ألطنبغا الجوباني إلى أن وصل إلى السلطان‏.‏
وخبره أن السلطان كان ورد عليه كتاب من بعض الملوك بالعجمي فلم يعرف القاضي بدر الدين محمد بن فضل الله كاتب السر يقرؤه فطلب السلطان من يقرؤه فنوه بعض من حضر من الأمراء بذكر الكلستاني هذا فطلب لذلك وحضر وقرأه فأعجب السلطان قراءته فأمره بالسفر معه فسافر صحبة السلطان وصار ينزل مع الأمير قلمطاي الدوادار كأنه من بعض حواشيه فإنه كان في غاية من الفقر إلى أن وصل إلى دمشق كما سنذكره‏.‏
السلطان الملك الظاهر فى دمشق
وأما السلطان فإنه دخل دمشق في عشرين جمادى الأولى وأقام بها إلى أن أخرج عسكرًا إلى البلاد الحلبية في سابع عشر شهر رجب وعليهم الأمير الكبير كمشبغا الحموي والأمير بكلمش أمير سلاح والأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس وبيبرس ابن أخت السلطان الملك الظاهر برقوق ونائب صفد ونائب غزة كل ذلك والسلطان مقيم بدمشق في انتظار قدوم تيمورلنك‏.‏
ثم أمر السلطان للقان غياث الدين أحمد بن أويس بالتوجه إلى محل مملكته ببغداد فخرج من دمشق في يوم الاثنين أول شعبان من سنة ست وتسعين المذكورة بعد ما قام له السلطان بجميع ما يحتاج إليه وعند وداعه خلع عليه الملك الظاهر خلعة أطلسين متمرًا وقلده بسيف مسقط بذهب وكتب له تقليدًا بسلطنة بغداد وناوله إياه فأراد أحمد بن أويس أن يقبل الأرض فلم يمكنه السلطان من ذلك إجلالًا له وتعظيمًا في حقه وقام له وعانقه وودعه ثم افترقا وكان ما أنعم به السلطان الملك الظاهر على القان غياث الدين أحمد بن أويس عند سفره خاصة من النقد خمسمائة ألف درهم سوى الخيل والجمال والسلاح والمماليك والقماش السكندري وغير ذلك‏.‏
واستمر ابن أويس بمخيمه خارج دمشق إلى يوم ثالث عشر شعبان فسافر إلى جهة بغداد بعد أن أظهر الملك الظاهر من علو همته ومكارمه وإنعامه لابن أويس المذكور ما أدهشه‏.‏ قلت‏:‏ هكذا تكون الشيم الملوكية وإظهار الناموس وبذل الأموال في إقامة الحرمة مع أن الملك الظاهر لم يخرج من الديار المصرية حتى تحمل جملة كبيرة من الديون فإنه من يوم حبس بالكرك وملك الناصري ومنطاش ديار مصر فرقا جميع ما كان في الخزائن السلطانية وحضر الملك الظاهر من الكرك فلم يجد في الخزائن ما قل ولا كثر وصار مهما حصله أنفقه في التجاريد والكلف فلله دره من ملك‏!‏ على أنه كان غير مشكور في قومه‏.‏
حدثني غير واحد من حواشي الأسياد أولاد السلاطين قالوا‏:‏ ‏"‏ كنا نقول من يوم تسلطن هذا المملوك هذه الكعب الشؤم نشفت القلعة من الرزق وخربت الدنيا ‏"‏‏.‏ هذا وكان الذي يصرف يوم ذلك على نزول السلطان إلى سرحة سرياقوس بكلفة ملوك زماننا هذا من أول السنة إلى آخرها‏!‏ فلعمري هل الأرزاق قلت الأشرفي والأمير تمرباي الأشرفي وقطلوشاه المارديني وحبس الجميع بقلعة حلب‏.‏ وانفض الموكب والوالد واقف لم يتوجه فقال له السلطان‏:‏ لم لا تتوجه فقال‏:‏ يا مولانا السلطان أستحي أنزل من الناس‏.‏
يمسك أخي دمرداش نائب طرابلس وأتوق أنا نيابة حلب وما يقبل السلطان شفاعتي فيه فقال له السلطان‏:‏ قبلت شفاعتك فيه غير أنه يمكث في السجن أيامًا ثم أفرج عنه لأجلك لئلا يقال‏:‏ يمسك السلطان نائب طرابلس ويطلقه من يومه‏!‏ فيصير ذلك وهنا في المملكة فقال الوالد رحمه الله‏:‏ السلطان يتصرف في مماليكه كيف يشاء ما علينا من قول القائل ثم قبل الأرض ويد السلطان فتبسم السلطان وأمر بإطلاق دمرداش وحضوره فحضر من وقته فخلع عليه بأتابكية حلب عوضًا عن آقبغا الجمالي المستقر في نيابة صفد ثم قال له السلطان‏:‏ خذ أخاك وانزل فكانت هذه الواقعة أول عظمة نالت الوالد من أستاذه الملك الظاهر برقوق انتهى هذا الخبر‏.‏
والأخبار ترد على السلطان شيئًا بعد شيء من بلاد الشمال بعود تيمورلنك إلى بلاده والسلطان لا يصدق ذلك ويتقدم على لقاء تيمورلنك فلم يجسر تيمور على القدوم إلى البلاد الشامية مخافة من الملك الظاهر برقوق وتوجه إلى بلاده فلما تحقق السلطان عوده تأسف على عدم لقائه‏.‏
وخرج السلطان من حلب بعساكره في سابع محرم سنة سبع وتسعين وسبعمائة يريد دمشق فوصلها ولم يقم بها إلا أيامًا قليلة لطول إقامته بها في ذهابه وخرج منها بعساكره في سابع عشر المحرم المذكور يريد الديار المصرية بعد أن خلع على الأمير بتخاص السودوني حاجب حجاب الديار المصرية باستقراره في نيابة الكرك عوضًا عن الأمير شهاب الدين أحمد ابن الشيخ علي ونقل الشهابي المذكور إلى حجوبية دمشق الكبرى عوضًا عن الأمير تمربغا المنجكي بحكم قدوم تمربغا المنجكي إلى مصر صحبة السلطان‏.‏
وسار السلطان إلى أن وصل مدينة قطيا فأمسك مملوكه الأمير جلبان الكمشبغاوي قراسقل المعزول عن نيابة حلب وبعثه من قطيا في البحر إلى ثغر دمياط‏.‏ وسار السلطان من قطيا حتى وصل إلى ديار مصر في ثامن عشر صفر وطلع إلى القلعة من يومه بعد أن احتفل الناس لطلوعه وزينت القاهرة أيامًا غير أن الغلاء كان حصل قبل قدوم السلطان فتزايد بعد حضوره لكثرة العساكر‏.‏
ومن يومئذ صفا الوقت للملك الظاهر وصارت مماليكه نواب البلاد الشامية من أبواب الروم إلى مصر وأخذ السلطان يكثر من الركوب والتوجه إلى الصيد وعمل له الأمير تمربغا المنجكي شرابًا من زبيب يسمى التمربغاوي وأقبل السلطان على الشرب منه مع الأمراء ولم يكن يعرف منه السكر قبل ذلك‏.‏
ثم أنعم السلطان على الأمير فارس من قطلوجا الظاهري الأعرج بإمرة مائة وتقدمة ألف وولاه حجوبية الحجاب عوضًا عن بتخاص السودوني المستقر في نيابة الكرك وأنعم على الأمير نوروز الحافظي الظاهري بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية عوضًا عن الوالد وهو الإقطاع الذي كان أنعم به السلطان على جلبان نائب حلب‏.‏
ثم أنعم السلطان على الأمير أرغون شاه البيدمري بإمرة مائة وتقدمة ألف‏.‏ وأنعم السلطان أيضًا على كل من تمربغا المنجكي وصلاح الدين محمد بن محمد بن تنكز وصرغتمش المحمدي ال

ظاهري بإمرة طبلخاناه وأنعم أيضًا على كل من مقبل الرومي وآقباي من حسين شاه الظاهري وآق بلاط الأحمدي ومنكلي بغا الناصري بإمرة عشرة‏.‏

ثم بعد أشهر خلع السلطان على الأمير نوروز الحافظي الظاهري باستقراره رأس نوبة النوب عوضًا عن الوالد بحكم انتقاله إلى نيابة حلب وكانت شاغرة من تلك الأيام‏.‏ ثم قبض السلطان على الأمير محمود بن علي الأستادار المعروف بابن أصفر - عينه في صفر سنة ثمان وتسعين - وعلى ولده وعلى كاتبه سعد الدين إبراهيم بن غراب‏.‏
وخلع السلطان على قطلوبك العلائي أستادار الأمير أيتمش باستقراره في الأستادارية عوضًا عن محمود المذكور وأنعم السلطان عليه بإمرة عشرين واستمر محمود على إمرته وهو مريض محتفظ به‏.‏ وخلع السلطان أيضًا على سعد الدين إبراهيم بن غراب كاتب محمود باستقراره ناظر ديوان المفرد وهذا أول ظهور ابن غراب في الدولة الظاهرية‏.‏
واستمال السلطان ابن غراب ثم أنعم السلطان على جماعة من مماليكه بإمرة طبلخاناه وهم‏:‏ طولو من علي باشاه الظاهري ويلبغا الناصري الظاهري وشافي خجا الظاهري العثماني وقينار العلائي وأنعم أيضًا على جماعة بإمرة عشرة وهم‏:‏ طيبغا الحلبي الظاهري وسودون من علي باشاه الظاهري المعروف بسودون طاز وشقوب شاه الخازندار الظاهري ويشبك الشعباني الخازندار وتمان تمر الإشقتمري رأس نوبة الجمدارية‏.‏ ثم خلع السلطان على الأمير فارس الحاجب باستقراره في نظر الشيخونية وخلع على الأمير تمربغا المنجكي حاجبًا ثانيًا بتقدمة ألف‏.‏
الغلاء
وفي هذه الأيام عظم الغلاء وفقد الخبز من الدكاكين‏.‏
 





 ع

============================================================

 

 

 

 

 

Home | تيمورلنك والظاهر برقوق | برقوق ينظم الحكم | على باى وأغتيال قايتباى | موت الملك برقوق

This site was last updated 03/29/07