Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 التطهير

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
عيد الفصح- بيساح
عيد التجديد
عيد المظال
يوم السبت
أعياد اليهود
عيد الكفارة
التطهير
عيد رأس السنة اليهودية

 

 قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

طَهُرَ | طهارة | تَطْهيرًا


في ظل الشريعة الموسوية كان على أربعة أنواع:
(1) التطهير من النجاسة الناتجة من جثة:

(عدد ص 19 قابل 5: 2 و3) ولهذا الغرض كانت الحاجة إلى رماد بقرة أنثى. وكان يجب أن تكون البقرة حمراء وهو لون الدم الذي فيه الحياة وأن تكون بلا عيب ولم يستخدمها إنسان. وكانت تذبح خارج المحلة وينضح من دمها إلى جهة وجه خيمة الاجتماع وكانت البقرة تحرق مع خشب الأرز والزوفا والقرمز. وكان يجمع رماد البقرة ويحفظ خارج المحلة. وإذا كانت الحاجة إليه كان يمزج بماء حي ويدعى عندئذ هذا الماء " ماء نجاسة" وكان رجل طاهر يأخذ باقة من الزوفا وينضح بهذا الماء الإنسان النجس في اليوم الثالث واليوم السابع. وكان على من تدنس أن يغسل ثيابه ويستحم ليكون طاهرًا من الناحية الطقسية. وأما تدنس النذير الذي انقطع افترازه بمسه جثة فكان يستغرق وقتًا أطول لأن النذير مكرس بصورة خاصة بالنظر إلى الطهارة الطقسية. فبعد أسبوع من الانقطاع كان يحلق شعر رأسه وهو علامة نذره وفي اليوم الثامن كان يأتي بالتقدمات نفسها التي يقربها رجل تنجس بسيلان أو امرأة بعد وضعها (عدد ص 6: 9 - 12). وكان يتبع هذا ذبيحة إثم (عدد 12). وهي تهيئ اقتباله نذيرًا من جديد.

(2) التطهير من النجاسة الناتجة عن سيلان:

(لا 15 قابل 5: 2 و3). في اليوم السابع لانقطاع السيل كان يستحم النجس بماء حي ويغسل ثيابه فيطهر وفي اليوم الثامن كان يقدم للهيكل يمامتين أو فرخي حمام للكاهن فيعملهما الكاهن الواحد ذبيحة خطيئة والآخر محرقة. وأما النجاسة الناتجة عن الاتصال بشخص ذي سيل أو بأي شيء كانت تنجس الإنسان وتزول بالاغتسال بالماء وتبقى حتى المساء (لا 15: 5 - 11).

(3) تطهير الأم بعد ولادتها:

بعد انقضاء أيام النجاسة التي هي سبعة لأجل الذكر و14 لأجل الأنثى كانت تبدأ أيام التطهير فلا تمس فيها شيئًا مقدسًا لئلا تنجسه ولهذا السبب كانت تمنع من دخول الهيكل. وكانت أيام التطهير لأجل الابن 33 ولأجل الابنة 66 وبعدها كانت تأتي بحمل حولي محرقة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطيئة. وفي حال الفقر تأخذ يمامتين أو فرخي حمام محرقة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطيئة (لا 12: 8 ولو 2: 21 - 24).

(4) تطهير البرص:

(لا 14). كان المتطهر يتقدم في اليوم المعين عند باب المحلة وفيما بعد عند باب المدينة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وكان الكاهن يذبح عصفورًا طاهرًا بحيث يذبح العصفور على ماء حي في إناء من خزف. وكان يضع منضحة بربط باقة من الزوفا بخشبة من الأرز بواسطة خيط خيط قرمزي ويغمس المنضحة وعصفور حي في دم العصفور المذبوح على الماء الحي وينضح على المتطهر فيطهره ويطلق العصفور عدا الكثير من المراسم كانت تجري لتطهير البيت من البرص. وكان المتطهر عندئذٍ يعتبر طاهرًا فيغسل ثيابه ويحلق شعر رأسه ويستحم ويدخل إلى المحلة أو المدينة ولكنه يبقى خارج بيته سبعة أيام. وفي اليوم السابع كان يغسل ثيابه ويحلق شعر رأسه ويستحم ويطهر. وفي اليوم الثامن يتقدم إلى خيمة الاجتماع مع خروفين صحيحين ونعجة حولية وإذا كان فقير الحال فيكفي خروفًا وفرخي حمام أو يمام وتقدمه طعام ولَج زيت. وكان الكاهن يأخذ خروفًا واحدًا ويقدمه ذبيحة اثم ويأخذ الكاهن من دمه ويضعه على أذن المتطهر اليمنى وعلى إبهام رجله اليمنى وكان يردد العمل نفسه بالزيت بعد أن ينضح به قليلًا أمام الرب. وما يتبقى من الزيت في كف الكاهن يجعله على رأس المتطهر. ثم تكمل المراسم بتقديم ما تبقَّى من الخراف أو الحمام ذبيحة خطيئة ومحرقة.
بحث مستفيض آخر:

طَهُر طُهراً وطهارة، نقي من النجاسة والدنس، أو بريء من كل ما يشين. وطهَّر الشئ نقَّاه وخلصه من الدنس والعيوب . وهناك جملة كلمات عبرية تستخدم للدلالة على هذا المعنى، ولكن أكثرها استخداماً في العهد القديم هي كلمة "طاهر" (وهي نفس الكلمة في العربية) إذ تذكر هي ومشتقاتها أكثر من مائتي مرة، وتدل على الطهارة بأنواعها: الجسمية والطقسية والأدبية حسب القرينة ". فواضح مثلاً أنها تشير إلى الطهارة الأدبية في قول داود:"طهرني بالزوفا فأطهر.اغسلني فأبيض أكثر من الثلج " (مز 51: 7)، وهي تحمل مفهوم القداسة وبخاصة في العهد الجديد.

أولاً -مفهوم الطهارة في العهد القديم:

كانت للطهارة الجسمية أهمية كبيرة منذ أقدم العصور، فيذكر هيرودت أن كهنة قدماء المصريين كانوا يستحمون مرتين في أثناء النهار، ومرتين في أثناء الليل.

(1) 1 - الطهارة في الشريعة: وهي ترتبط على الدوام بالعلاقة مع يهوه والاقتراب إليه، وكانت تهدف إلى الانفصال الكامل عن عبادة الأوثان وكل ما يتصل بها (انظر مثلاً لا 19: 4، زك 13: 2 حيث أن "الروح النجس " أو بالحري "روح النجاسة" يشير إلى عبادة الأوثان ، كما يتجلي من القرينة).

وكانت الطهارة الطقسية لازمة للاقتراب إلى الله (لا 15: 31). ولم تكن الطهارة الطقسية منفصلة عن الطهارة الأدبية (انظر لا 19: 9-18)، بل كانت الاثنتان مرتبطتين إحداهما بالأخرى.

2- الطاهر وغير الطاهر:ولا يقتصر المعنى هنا على السلامة الجسمية، بل يمتد إلى المفهوم الديني، فالطهارة تمتد إلى كل جوانب الحياة، فالكتاب المقدس لا يفرق- في هذا الصدد - بين الجانب الروحي والجانب المادي، ولذلك قلَّما تميز الشريعة بين الطهارة الطقسية والطهاة الأدبية.

3- وفي شريعة الطهارة: (لا 17: 26… إلخ)ينطبق تعبير الطاهر وغير الطاهر على الأشخاص والحيوانات والأشياء التي لا حياة فيها.

(أ‌) الأشخاص: تحدث النجاسة بملامسة أشياء تعتبرها الشريعة غير طاهرة، مثل: جثة ميتة (لا 21: 1، انظر أيضاً 5: 2، عد 9: 6-10، 19: 13، 31: 19) أو دبيب (لا 22: 5 و6)، أو جثة حيوان (لا 11: 28)، وبخاصة الخنزير (تث 14: 8)، المرأة في طمثها (لا 15: 19)، أو بعد ولادتها لطفلها (لا 12: 1-5). وكان على الكهنة بصفة خاصة أن يتجنبوا كل ما يمكن أن ينجس، ليستطيعوا القيام بخدمتهم ( لا 21: 10-15-انظر حجي 2: 13).

وكان البرص يعتبر من أخطر مصادر التلوث ، ليس لخطورة المرض في ذاته فحسب، بل أيضاً لأنه كان يعتبر دليلاً على عدم الرضا الإلهي، ولذلك كان تطهير الأبرص يستلزم تقديم ذبيحة خطية وذبيحة محرقة إضافيتين (لا 14: 13).

كما كان يمكن أن تاتي النجاسة من الشخص نفسه، كما في حالة حدوث اضطجاع زرع (لا 15: 16،انظر أيضاً تث 23: 1).

كما كانت تحدث النجاسة بلمس بعض أشياء مقدسة كما في حالة لمس رماد البقرة الحمراء ، مما كان يستلزم غسل الثياب ورحض الجسد (عد 19: 7, 8).

(ب) الحيوانات: يرجع التمييز بين الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة، إلى أقدم العصور، فقد قال الله لنوح:"من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة ذكراً وأنثى" (تك 7: 2).

ويرى البعض أن التمييز بين الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة كانت تعتبر مقدسة عند بعض الشعوب الوثنية، مثلما كان يعتبر الخنزير - مثلاً - في كريت وبابل. ويبنون هذا الظن على القول: "ولا تسلكون في رسوم الشعوب الذين أنا طاردهم من أمامكم. لأنهم قد فعلوا كل هذه فكرهتهم" (لا 20: 23).

ولكن يبدو أن التمييز بين الحيوانات الطاهرة التي كانت الشريعة تسمح بأكلها، والحيوانات غير الطاهرة المنهي عن أكلها، كان مبنياً على الأسباب الآتية:-

(1) أسباب صحية: كانت الحيوانات التي تتغذي على القمامة تعتبر غير طاهرة لأنها تعيش على القاذورات والجيف المنتنة. وكذلك كانت الأسماك التي لا قشور لها ولا زعانف والتي هي أشبه بالحيات. وكثيراً ما تكون الصدفيات والقشريات سبباً في حدوث تسمم غذائي.

(2) الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة: لأنها تأكل لحوم ودم فرائسها. وكان أكل الدم محرماً تحريماً قاطعاً، لأن نفس كل جسد هي دمه (تك 9: 4، لا 3: 17، 17: 10-14، تث 12: 16 و 23-25، 15: 23).

(3) الحيوانات التي كان يستخدمها الوثنيون في عبادتهم أو في سحرهم، اعتبرت نجسة مثل الخنازير والكلاب والفئران والثعابين والحشرات مثل الخنافس وغيرها.

(4) الحيوانات التي تثير الاشمئزاز، والتي توصف بالقول: "كل دبيب يدب على الأرض، فهو مكروه للأكل. كل ما يمشي على بطنه، وكل ما يمشي على أربع مع كل ما كثرت أرجله" (لا 11: 41 و42).

(ج) الأشياء: كان فيها الطاهر والنجس مثل الأشخاص والحيوانات، فكل شيء مس إنساناً أو حيواناً نجساً، كان يعتبر نجساً. وفي حالة البرص كان يمكن أن تصاب الثياب (لا 13: 47) أو البيت نفسه (لا 14: 33-35).

وكل إنسان نجس حسب الشريغة، كان ينجس كل شيء يمسه من مقاعد أو فراش أو ثياب أو أواني خزفية … إلخ. وكل من يمس شيئاً من هذه، وكل نجاسة من الدرجة الأولى، كانت تقتضي إجراء طقوس تطهير على مدى سبعة أيام (لا 15: 1 و13- 15 و19 و24).أما النجاسة من الدرجة الثانية فكانت تستمر حتى المساء، فيغسل المتنجس ثيابه ويستحم بماء، فتزول عنه نجاسته (لا 15: 6-12, 16-18, 20-23).

حتى الأشياء المقدسة كان يمكن أن تتنجس ، ويلزم التكفير عنها. فكان يلزم التكفير عن القدس وعن خيمة الاجتماع وعن المذبح (لا 16: 16-20)، وعن الغطاء (كرسي الرحمة -لا 16: 15)، وعن حجاب القدس (لا 4: 6). كما كان يلزم إجراء طقوس التطهير لمن يجمع رماد البقرة الحمراء (عد 19: 10)، ولمن يرش ماء النجاسة (عد 19: 21).

(2) الطهارة الأدبية: كان " التمييز بين المقدس والمحلل، بين النجس والطاهر" (لا 10: 10) لا ينفصل تماماً عن الوصايا الأدبية في الشريعة، فكان سفك الدم جريمة أدبية ونجاسة طقسية (عد 35: 33 و34). وحيث أن سفك دم برئ كان يمس حياة المجتمع، كانت مسئولية تنفيذ العدالة، تقع على المجتمع (انظر تث 19: 10 و13، 21: 8 و9، 22: 8). ومما يسترعي الانتباه أن الوصية: "تحب قريبك كنفسك" جاءت في ثنايا وصايا طقسية (لا 19: 18). وكذلك الوصية الخاصة بمعاملة الغريب كالوطني (لا 19: 33, 34).

كما أن الزنا ينجس الإنسان (لا18:20) ويعاقب بالقتل رجماً (تث 22:22،انظرلا20: 10-12).كما أن ممارسة الشذوذ الجنسي كان رجساً عقوبته القتل (لا 20: 13، 16).

و يساوى العهد القديم بين الطهارة والاستقامة "الولد أيضا يعرف بأفعاله. هل عملة نقى (طاهر) ومستقيم؟" (أم 20: 11). كما يجمع بين الصفتين. "زكى (طاهر) ومستقيم" (أى 8: 6) مما يتضمن أن الطاهر مستقيم, والمستقيم طاهر.

(3) طقوس التطهير: لقد حرصت الشريعة على تحديد طقوس التطهير لكل حالة من حالات النجاسة سواء كانت طقسية أو أدبية. وتقوم جميعها على أساس أن النجاسة تؤدي إلى الانفصال عن الله القدوس. فلإزالة النجاسة واستعادة العلاقة، كان يجب القيام بطقوس محددة.

( أ) التطهير بالماء: والماء وسيلة طبيعية للتطهير، وكان يستخدم كثيراً لهذا الغرض. فكان هناك "ماء الخطية "لتطهير اللاويين للخدمة (عد 8: 7). و"ماء النجاسة" (عد 19: 9 و13 إلخ)، و"الماء الحي" (عد 19: 17 للتطهير في حالات معينة. وفي كل حالات التطهير الأخرى، كان الماء يلعب دوراً هاماً (انظر لا 6: 28، 8: 6، 14: 8 و9 و51 و52..إلخ ، وحزقيال 36:25).

(ب) دم الذبائح: كان التكفير عن الذنب يستلزم سفك دم، "فبدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب 9: 22). فكان دم الذبائح لازماً لاستعادة العابد لعلاقته بالله. وكان هرون وأبناؤه يمسحون بالدم عند تكريسهم للقيام بخدمتهم (لا 8: 23 و24). كما كان الدم يستخدم في حالة تطهير الأبرص (لا 14: 4-6). وكان دم ذبيحة الخطية يكفر عن هرون وبيته، وعن الشعب أيضا (لا 16: 11 و16).

(ج) رماد الذبائح: وبخاصة رماد البقرة الحمراء (عد 19: 11-13).

(د) خشب أرز مع قرمز وزوفا: في حالة تطهير الأبرص (لا 14: 4-6 و51) وكانت "الزوفا" عشباً له بعض الخصائص المطهرة، كما كان يستخدم لرش ماء التطهير (انظر مز 51: 7).

(ه) النار: وكانت من أهم عوامل التطهير. فكانت الأواني المعدنية تطهر بالنار (عد 31: 22 و23). ولمنع تعرض باقي خروف الفصح للنجاسة، كان يحرق بالنار (خر 12: 10)، وكذلك ما يفضل من لحم ذبيحة السلامة إلى اليوم الثالث (لا 7: 17). كما كانت ذبيحة الخطية عن الكاهن وعن كل الجماعة تحرق على مرمى الرماد خارج المحلة (لا 4:12 و21).

كما كانت عقوبة الخطايا الأدبية الشنيعة الحرق بالنار، كما في مضاجعة المحارم، وفي حالة ارتكاب ابنة كاهن خطية الزنا (لا 20: 14،21: 9)، وذلك لتطهير المجتمع من هذه النجاسة.

كما كان يجب تدمير الأوثان بحرقها بالنار، كما فعل موسى بالعجل الذهبي في البرية (خر 32: 20، تث 9: 21). وفي حالة ارتكاب سكان مدينة عبادة الأوثان، كان يضرب سكانها بالسيف، وتحرق المدينة وكل ما فيها بالنار، ولا تبنى مرة أخرى أبداً (تث 13: 12- 17).

ثانياً - مفهوم الطهارة في العهد الجديد:

يتركز مفهوم الطهارة في العهد الجديد عن الطهارة الداخلية، وهي لا تتأتى عن مجهود أدبي، بل بعمل نعمة الله في القلب، وقد قال الرب يسوع: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8)، وأنقياء القلب هم الذين نالوا غفران خطاياهم بالنعمة بالإيمان بالرب يسوع المسيح.

ولا يذكر التطهير الطقسي في العهد الجديد إلا بالارتباط بالشرائع والعوايد اليهودية. فبعد ميلاد المسيح، أحضره يوسف ومريم إلي الهيكل لإتمام طقوس التطهير حسب الشريعة ( لو 2:22، خر 13: 12و13، لا 12: 2-8). كما حدثت مباحثة من تلاميذ يوحنا المعمدان مع يهود من جهة التطهير (يو 3: 25). وكان في عرس قانا الجليل، أجران بها ماء "موضوعة هناك حسب تطهير اليهود" (يو2: 6). وأمر الرب الأبرص الذي شُفي أن يذهب ويري نفسه للكاهن، وأن يقدم عن تطهيره ما أمر به موسى شهادة لهم (مرقس 1: 44، لو5: 14، انظر لا 13: 49، 14: 2-20). كما أخذ الرسول بولس الأربعة رجال الذين كان عليهم نذر حسب الشريعة، وتطهر معهم إرضاءً لليهود الغيورين للناموس (أع 21: 17-26- انظر أيضا عد6:5). كما يذكر تطهير اليهود قبل الفصح (يو11:55).

ويستخدم الفعل ومشتقاته أيضاً على تطهير الجسد أو الشفاء من المرض (مت 8: 2و3، 10: 8، 11: 5، مرقس 1: 40-44، لو 4: 27، 5:21و22و7: 22، 17: 14 و17..إلخ). كما تستخدم للدلالة على التطهير بدم المسيح (انظر عب 1: 3، 2 بط 1: 9)، فحالما يؤمن الإنسان بالرب يسوع، يتطهر قلبه ويحصل على غفران خطاياه والتجديد بالروح القدس (أع 15: 9، 1 كو 1: 2، 6: 11، أف 5: 26، 1 يو 1: 7و9، وأيضاً يو 17: 17، 1تس 5: 23، عب 13: 2، فالتقديس يتضمن التطهير). وقد تستخدم للدلالة على الجانبين الجسدي والروحي (2كو 7: 1، تي 2: 14، عب 10: 2، يع 4:8).

(أ‌) الطاهر والنجس في أقوال الرب يسوع: كانت مسألة الطهارة الطقسية موضوع حوار هام بين الفريسيين والرب يسوع، فقد كان القسم السادس من "المشنا" اليهودية يتناول بالتفصيل كل ما يتعلق بهذا الموضوع. وكان أحد الأبواب يعالج كل ما يتعلق بغسل الأيدي . وباب آخر يعالج موضوع غسل الأواني، وهكذا . فمثلاً كان بائع الأواني يترك بضاعته في السوق دون حراسة، فيفترض أن أحد الأشخاص النجسين قد لمس بضاعته في غيبته، فكانت كل أوانيه تعتبر نجسة ويلزم تطهيرها من خارج. كما كان يمكن أن تتنجس الأطعمة والسوائل والأواني والأشخاص. ولم يكن الأمم وحدهم مصدراً للنجاسة، بل كان اليهودي، الذي يهمل مراعاة القواعد الفريسية بكل تدقيق، يعتبر مصدراً للنجاسة. وكان يمكن للنجاسة أن تنتقل عبر سلسلة من الحلقات تبعد كثيراً عن المصدر الأصلي للنجاسة (انظر حجي 2: 13).

وكان لابد لهذا الاهتمام بحرفية الناموس، أن يجعلهم يهملون أثقل الناموس، "الحق والرحمة والإيمان" (مت 23: 23). لذلك وصفهم الرب يسوع بأنهم عميان ومراؤون، ينقون خارج الكأس والصحفة، ويتغاضون عما بالداخل من اختطاف ودعارة (مت 23: 24 –26) وطالب بأن يبدأ بالتطهير من الداخل (مرقس 7: 14 –23). فبينما كان الفريسيون يجعلون كل همهم الطهارة الطقسية الخارجية، شدد المسيح على الطهارة الداخلية، طهارة القلب التي تتحقق بالتوبة والإيمان (مرقس 1: 4,15..إلخ) وهذه العملية لا تنتج عن إعادة التكيف سيكولوجياً، بل بالإيمان القلبي بالرب يسوع المسيح، فهي لا تنفصل عن شخص الرب يسوع المسيح (انظر يو 13:10،15:3).

(ب)الطاهر والنجس في تعليم الرسل: ويسود في تعليم الرسل تحويل النظر عن الخارج إلى الداخل كما في الأناجيل:

(1) – استخدام الماء في المعمودية: لا علاقة له بالتطهير الطقسي، فالمعمودية ليست "إزالة وسخ الجسد، بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح" (1بط 3 :21)، فالمعمودية علامة خارجية لموت المؤمن ودفنه وقيامته مع المسيح (رؤ 6: 4، غل 2: 20، كو2: 12 و20، 3: 1-3). كما أن الماء يرمز إلى كلمة الله التي يولد بها المؤمن ثانية (يو3: 5، يع1 : 18، 1بط 1: 23)، وبها يغتسل المؤمن من أدران العالم ويتنقى (يو13: 10، 15: 3، أف5: 26).

(2) الدم : لم يعد دم الذبائح على المذبح، بل دم المسيح الذي سفكه على عود الصليب.لم يعد دم حيوانات بل دم المسيح نفسه (عب 10: 4)، فدم يسوع المسيح ابن الله هو الذي "يطهرنا من كل خطية" (1يو1: 7و9). فذبيحة المسيح هي أساس غفران الخطايا، ويقين الإيمان، وتطهير القلب من ضمير شرير (عب 9: 13و14، 10: 12-22).

(3) مسئولية التطهير: انتقلت مسئولية التطهير من الكهنة في العهد القديم، إلى رئيس الكهنة العظيم في العهد الجديد، وهو الرب يسوع المسيح (انظر عب4: 14)، ولكن المؤمن لم يقف موقفاً سلبياً، إذ علينا أن "نطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح، مكملين القداسة في خوف الله" (2كو7: 1). ويقول يعقوب: "نقوا أيديكم أيها الخطاة، وطهروا قلوبكم يأذو الرأيين" (يع4: 8)، وذلك "في طاعة الحق بالروح" (1بط1: 22). كما أن من عنده رجاء بالمسيح "يطهر نفسه كما هو (المسيح) طاهر" (1 يو 3:3)

ويقول الرائي عن الواقفين أمام العرش وأمام العرس وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض: إنهم "الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم، وبيضوا ثيابهم في دم الخروف" (رؤ 7: 9و13و14).

(4) كلمة "مقدس" تحمل مفهوم كلمة "طاهر" (كما في العهد القديم): فالزوج "غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل " ولذلك فأولادهما مقدسون، أي غير نجسين (1كو7: 14) وليست هذه قداسة بالوكالة أو الوراثة، بل نتيجة الإيمان والصلاة (1بط 3: 1-3) وتعني أن العلاقة الزوجية تظل شرعية، والأولاد أولاداً شرعيين وليسوا نغولاً (عب 12: 8). كما أن جميع الأطعمة "تقدس بكلمة الله والصلاة" (أي تصبح طاهرة تي4: 3 - 5، تي1:15). ويجب اعتبار خليقة الله طاهرو(أع 10: 14، رؤ 14: 20). ولذلك يقول الرسول بولس: "كل ما يباع في الملحمة كلوه، غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير" (1كو10: 25).

(5)طهارة المؤمن: فبالإيمان يتطهر قلب المؤمن (أع 15: 9،2 كو 6: 6) بنعمة الله الغنية.

وفي نفس الوقت عليه مسئولية أن يحفظ نفسه طاهراً (1تي 5: 22) في سيرة طاهر (1بط 3: 2، انظر أيضاً 2بط 3: 11).
******
المراجع
(1) موقع ألأنبا تكلا
احواض الاغتسال الطقسي اليهودي
الصورة الجانبية أحد أحواض الإغتسال الطقسى فى وادى قمران كانت تستعملة الطائفة الأسينية
اكتشف علماء الآثار اثناء التنقيب بالقرب من جبل هيكل اورشليم نحو ١٠٠ حمّام او حوض للاغتسال الطقسي يعود تاريخها الى القرن الاول قبل الميلاد والقرن الاول بعد الميلاد.‏ ويذكر نقش يهودي يرجع الى القرن الثاني او الثالث بعد الميلاد ان مثل هذه الحمّامات كانت متوفرة «للزوار الذين هم بحاجة اليها».‏ كما وُجدت احواض اخرى في قسم من اورشليم كانت تسكنه العائلات الثرية والكهنوتية؛‏ فكل بيت تقريبا كان له حمّامه الخاص للاغتسال الطقسي.‏

كانت الحمّامات عبارة عن احواض مستطيلة الشكل تُنقَب في الصخر او تُحفَر في الارض،‏ وتُرصَف بالآجرّ او الحجارة،‏ ومن ثم تُطيَّن لمنع تسرب الماء منها.‏ وقد بلغت مساحة معظم هذه الاحواض حوالي ٨‏,١ في ٧‏,٢ متر،‏ وكانت تُنقل مياه المطر اليها بواسطة قنوات.‏ كما بلغ عمق المياه فيها ٢‏,١ مترا على الاقل،‏ ما جعل التغطيس الكليّ ممكنا عند الانحناء.‏ وفي وسط الدرج المؤدي الى الحوض كان يُبنى احيانا جدار منخفض يقسم الدرج الى قسمين.‏ ويُعتقد ان احد هذين القسمين كان مخصصا لنزول الاشخاص المنجَّسين الى حوض الاغتسال للتطهر،‏ في حين استُخدم القسم الثاني للخروج من الحوض،‏ وذلك للحؤول دون ان يتنجس المرء بعد تطهره.‏

لقد استُخدمت تلك الحمّامات من اجل التطهير الطقسي اليهودي.‏ فماذا شمل
شريعة موسى وتقاليد الاغتسال

أمرت الشريعة الموسوية على ان يكون شعب الله طاهرا روحيا وجسديا على السواء.‏ فالاسرائيليون كانوا يتعرضون لأشكال مختلفة من النجاسة وجب ان يتطهروا منها بغسل اجسادهم بالماء وكذلك بغسل ثيابهم.‏ —‏ لاويين ١١:‏٢٨؛‏ ١٤:‏١-‏٩؛‏ ١٥:‏١-‏٣١؛‏ تثنية ٢٣:‏١٠،‏ ١١‏.‏
وبما ان يهوه هو كليّ القداسة والطهارة،‏ أمر الكهنة واللاويين، بقع تحت طائلة الموت،‏ ان يغسلوا ايديهم وأرجلهم قبل الاقتراب من مذبحه.‏ —‏ (خروج ٣٠:‏١٧-‏٢١‏.‏)
ولكن يرى العلماء انه بحلول القرن الاول بعد الميلاد فرضت السلطات الدينية اليهودية على غير اللاويين ايضا الالتزام بمطالب التطهر الخاصة بالكهنة.‏ كما مارس الاسينيون والفريسيون الاغتسال الطقسي تكرارا.‏ يقول احد المراجع عن زمن يسوع:‏ «كان على اليهودي ان يتطهر طقسيا قبل الدخول الى جبل الهيكل،‏ قبل تقديم الذبيحة،‏ وقبل نيل الفائدة من التقدمة الكهنوتية،‏ اضافة الى امور اخرى ايضا».‏ وتقول النصوص التلمودية انه كان يُتوقع من المغتسلين ان يغطّسوا انفسهم في الماء كليا.‏

وبسبب اصرار الفريسيين على التطهير الطقسي انتقدهم يسوع.‏ فمن الواضح انهم مارسوا «معموديات متنوعة»،‏ بما فيها «معموديات كؤوس وأباريق وآنية نحاس».‏ وقال انهم تخطوا وصايا الله ليفرضوا تقاليدهم.‏ (‏عبرانيين ٩:‏١٠؛‏ مرقس ٧:‏١-‏٩؛‏ لاويين ١١:‏٣٢،‏ ٣٣؛‏ لوقا ١١:‏٣٨-‏٤٢‏)‏ اما الشريعة الموسوية فلا تأتي مطلقا على ذكر التغطيس الكليّ للجسد.‏
وهل المعمودية المسيحية نشأت  من الاغتسال الطقسي الذي كان يمارسه اليهود؟   الإجابة : ‏ كلا!‏
 كانت معمودية يوحنا مختلفة تماما عن الاغتسال الطقسي الذي كان شائعا عند اليهود ‏ فقد عُرف يوحنا بالمعمِّد،‏ وهذا دليل على ان عملية التغطيس التي قام بها كانت شيئا مختلفا.‏ حتى ان القادة الدينيين اليهود ارسلوا اليه وفدا ليسألوه:‏ ‹لِمَ تعمِّد؟‏›.‏ —‏ يوحنا ١:‏٢٥‏.‏
فقد كان التطهير الذي اقتضته الشريعة الموسوية يتكرر كلما تنجَّس العابد.‏ لكنّ معمودية يوحنا لم تكن كذلك،‏ ولا المعمودية التي اتّبعها المسيحيون لاحقا.‏ لقد كانت معمودية يوحنا دليلا على التوبة ورفض المسلك السابق.‏ ورمزت المعمودية المسيحية الى الانتذار لله.‏ وكان المسيحي يعتمد مرة واحدة فقط،‏ لا بشكل متكرر.‏

ليس هنالك أى تقارب بين الاغتسال الطقسي،‏ ‏الذي كان يجري في بيوت الكهنة اليهود وفي الحمّامات العامة بالقرب من جبل الهيكل،‏ وبين المعمودية المسيحية سوى تشابه ظاهري وهو إستعمال الماء فقط . فعمليتَا التغطيس المشار اليهما هنا تختلفان اختلافا تاما من حيث المدلول.‏

تمثّل المعمودية المسيحية «الطلب الى الله من اجل ضمير صالح».‏ (‏١ بطرس ٣:‏٢١‏)‏ وترمز الى نذر المرء نفسه كاملا ليهوه كي يخدمه كتلميذ لابنه.‏ والتغطيس الكلي في الماء هو رمز ملائم لهذا الانتذار.‏ فنزول الشخص تحت الماء يمثل موته عن مسلك حياته السابق،‏ وصعوده من الماء يمثل إحياءه لفعل مشيئة الله.‏

 

This site was last updated 03/12/16